close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ > ڪآن يآمآ ڪآن > للروايات المكتمله


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-14-2012, 07:53 AM   #41 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الواحد والثلاثون
"طعنة اخرى"

بدأ قرص الشمس رحلته نحو المغيب .. وبدأ في الغوص رويدا في اعماق البحر..ليكسو اللون الاحمر السماء تدريجيا.. وابتسم ذلك الشاب وهو يتابع هذاالمشهد الخالد بكل مشاعره واحاسيسه..وتنهد بحرارة قبل ان يلتفت الى تلك الفتاة التي تقف الى جواره وقال بابتسامة حالمة: اتعلمين انه كلما وقعت عيناي على البحر.. اتذكرك..
عقدت الفتاة ذراعيها امام صدرها لتحمي نفسها من برودة الجو وقالت بابتسامة: وكيف يمكن للبحر ان يذكرك بي؟..
قال وهو يلتقط نفسا عميقا: هادئ كهدوءك.. ولكن عندما تهب الرياح والعواصف نرى امواجه الغاضبة تحطم كل شيء امامها..
قالت وهي ترفع حاجبيها: واتعلم انه يذكرني بك كذلك ..
ابتسم حسام واكتفى بأن يتطلع اليها.. فقالت مها وهي تتنهد: يغريك بجماله وزرقته الصافية.. ولكن يغدر بك ما ان تصل الى اعماقه..
قال حسام وهو يتطلع اليها بدهشة ممزوجة بالألم: اهذا رأيك بي يا مها؟..
قالت مها وهي تزفر بحدة: ما رأيته منك يا حسام ليس بالبسيط ابدا ..
قال حسام وهو يتطلع اليها برجاء: الن تغفري لي خطأي ابدا ؟..
قالت مها وهي تبعد خصلات شعرها عن وجهها: لو لم اغفر لك لما جئت معك الى هنا اليوم..
قال حسام وهو يقترب منها قليلا: والا يمكنك النسيان؟..
قالت مها بابتسامة شاحبة وهي تلتفت بانظارها له: قريبا يا حسام.. الايام كفيلة بأن تجعلني انسى..
واردفت مغيرة دفة الحديث: لكن اتعلم بشأن ما قلته عني اني اشبه البحر في غضبه فربما تكون محقا بعض الشيء..
تطلع لها حسام بتساؤل فاستطردت: اتعلم بعد ان غادرت النادي في ذلك اليوم المشئوم.. وتركتني لنظرات احمد الشامتة .. عدت له و...
قاطعها حسام بعصبية: لا تنطقي اسمه على لسانك..
قالت مها وهي تلوح له بكفها لتهدئته: حسنا.. حسنا.. عدت اليه بعدها حتى احاول ان افهم منه سبب ما فعله واحمله ذنب ما حصل بيني وبينك.. ولكني سمعت منه كلماته الشامتة .. وبدأ في الحديث عنك بسوء.. ولم اشعر بنفسي الا وانا اصفعه..
قالت كلمتها الاخيرة وتطلعت الى كفها بحرج: وحتى هذه اللحظة لا اعرف كيف فعلت هذا.. لم اتجرأ يوما على ضرب احد فكيف اضرب ابن عمي واهينه.. ولكني وقتها لم اكن ارى امامي.. كل ما كان يهمني ان اصمته وبأي وسيلة ..
قال حسام وهو يتطلع اليها بنظرات مستغربة: انت يا مها.. انت صفعت احمد.. لو رأيتك بأم عيني لما صدقتك..
واردف مازحا: يبدوا انه يجب علي ان احذر منك هذه الايام..لقد بت اخشى منك..
قالت مها وهي ترفع كفها مداعبة: اتود التجربة؟..
قال حسام بحنان مفاجئ: ان كان هذا سيجعلك تغقرين لي حماقتي وتتناسينها..
قالت مها بتأثر: حسام ما الذي تقوله؟.. فالتقطع يداي قبل ان تتجرأ وتحاول ولو ايلامك..
قال حسام وهو يميل باتجاهها: ولأمت ان فكرت ان اتخلى عنك مرة اخرى..
قالت مها بحدة واستنكار: لا تقل هذا الكلام..
قال حسام بابتسامة وهو يحتضن كفها بين كفيه: اخبريني يا مها متى آتي لخطبتك بشكل رسمي من والدك..
اطرقت مها برأسها في خجل ومن ثم قالت ببعض الارتباك: بعد ان تنهي هذا الفصل الدراسي..
قال حسام وهو يزفر بحدة: الفصل الدراسي لا يزال في في منتصفه.. وانا ارهقت من الانتظار.. اريدك ان تكوني لي وحدي..
قالت مها بابتسامة واسعة وخجلة في ذات الوقت: وانا قد وعدتك .. اما ان اكون لك او لن اكون لسواك.. لكن ما يهمني الآن ان تنهي عامك الدراسي بدون ان تنشغل بأي شيء آخر .. حتى وان كان هذا الشيء هو انا..
قال حسام برجاء وهو يضع كفيه على كتفيها: مها سأخطبك بشكل رسمي الآن.. وعقد القران سيكون بعد انتهاء الفصل الدراسي.. ما رأيك؟..
هزت رأسها نفيا وقالت بشقاوة: لا..
قال حسام وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: انا المخطئ الذي اسألك.. استمعي الي سأتي نهاية هذا الاسبوع.. وستوافقين في الحال.. اتفهمين؟..
وضعت مها يدها عند خصرها وقالت بتحدي: واثق جدا اني ساوافق بهذه السرعة وكأني لم اصدق خبرا..ثم ان وافقت سيكون شرطي كما اخبرتك ..عقد القران سيتم اثناء الاجازة ..
قال حسام مبتسما: لا بأس.. المهم ان اضمن خطبتك بشكل رسمي من والدك وبالتالي ان تكوني زوجتي مستقبلا..
توردت وحنتي مها بحمرة الخجل وقالت وهي تلتفت عنه: حسام .. لقد تسلل الظلام دون ان نشعر بالوقت.. دعنا نعود الى النادي الآن..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قبل ان تبدأ الشمس رحلتها نحو المغيب.. وبالتحديد قبل نصف ساعة تقريبا..اشتدت قبضة مازن على اللجام حتى اوقف الحصان تدريجيا ومن ثم قال مبتسما وهو يتطلع الى ملاك: هل استمتعت بالرحلة عزيزتي؟..
قالت ملاك بابتسامة واسعة وسعيدة: كثيرا.. اتمنى لو نكررها مرة اخرى..
غمز مازن بعينه لملاك: سنكررها ان اردت ذلك..
قالت ملاك ببعض الارتباك وهي تداعب قماش تنورتها الطويلة: ولكن سأكون وحدي المرة القادمة..
ضحك مازن بمرح ومن ثم قال: كما تشائين..حتى وان اردت مني ان اغادر النادي بأكمله.. فسأفعل..
( ما الذي حدث في الدنيا؟.. مازن يستمع الى فتاة ويطيع اوامرها.. يا للمهزلة)..
التفت كليهما الى مصدر الصوت .. والى تلك الفتاة التي وقفت تتطلع اليهما بكل سخرية وحقد.. ونبرة صوتها الذي يحمل استهزاء العالم كله..جعل مازن يعقد حاجبيه بضيق وهو يتطلع اليها ويقول بصوت صارم: مازن لا يستمع الى أي فتاة ويطيع اوامرها .. الا اذا كانت هذه الفتاة هي زوجته.. اتفهمين ذلك جيدا يا ندى؟..
وخلف نظرات ملاك المتألمة تطلعت الى ندى بكل حزن ومرارة.. والى نظرات هذه الاخيرة التي تحمل لها كل الحقد والغضب ..وعلمت ان قلبها سيتلقى طعنة اخرى من جديد.. واقسى من سابقتها بكثير.. قد تجعل دماءه تفيض بين الضلوع..
وابتسمت ندى بمكر وهي تتطلع الى ملاك بنظرات حاقدة وقالت: ماذا بك يا مازن؟.. لم انت غاضب هكذا؟.. لقد كنت امزح.. اضافة الى ذلك اعلم انك مثال لرجل الشهم .. الذي يساعد من يشفق عليهم..
فهمت ملاك الرسالة التي ارادت ندى توصيلها اليها وانها ليست الا ممن يشفق عليهم مازن..في حين رمق مازن ندى بنظرة لا مبالية.. واسرع يهبط من على ظهر الجواد..
ومد ذراعيه لملاك قائلا بابتسامة: دعيني اساعدك..
وبينما هو كذلك شاهد ندى تقرب مقعد ملاك منهما وتقول بابتسامة مزيفة: وهذا هو مقعدها المتحرك..
قال مازن مبتسما وهو يلتفت الى ندى: منذ متى وانت تقدمين المساعدة؟..
قالت ندى بمرح: منذ هذه اللحظة..
في حين شعرت ملاك بانقباض في صدرها وهي ترى مازن يبتسم تلك الابتسامة لندى.. فآخر شخص تفكر ندى بمساعدته هي انا.. ولكن ربما تكون قد شعرت بالغيرة ليس الا مني .. لذلك لم تعاملني بشكل جيد.. ربما...
والتقطت نفسا عميقا قبل ان تدفع بنفسها من على ظهر الحصان.. ليلتقطها مازن بين ذراعيه ويساعدها على الجلوس على مقعدها.. وشعرت ملاك بالخجل مما حدث.. ولكن خجلها هذا قد تبخر وحل مكانه الضيق وهي ترى ندى تقترب من مازن وتقول وهي تعقد ذراعيها خلف ظهرها بدلال: مازن.. اردت ان اخبرك بشيء ما..
التفت لها مازن وقال متسائلا: ماذا؟..
اقتربت منه في شدة حتى ان عينا ملاك قد اتسعتا في دهشة من جرأتها.. وامسكت بكتفه متعمدة وهي تحاول بذلك ان تغيظ ملاك.. وقالت بصوت حاولت ان تجعله رقيقا قدر الامكان:في الحقيقة.. لقد وعدتني بأن تدربني على ركوب الخيل .. اليس كذلك؟..
قال مازن بعد تفكير: في الحقيقة يا ندى لدي موعد مع عمي بعد ساعة .. ولن يكفيني الوقت لان ادربك ومن ثم اذهب الـ...
قالت ندى وهي تسبل جفونها بدلال: اتقبل ان اغادر النادي وانا متضايقة؟.. ساعة واحدة وقت طويل ويمكنك تدريبي خلالها..
لكل منا حدا للصبر.. مقياس للاحتمال.. ولو تخطاه اوشك على الانفجار..هذا بالضبط ما كانت تشعر به ملاك وهي تطلع اليها بنظرات غاضبة.. ولو كانت النظرات تقتل لحولتها الى جثة هامدة منذ زمن..وهتفت بغتة بصوت حاد: اعدني الى المنزل ..
التفت لها مازن وقال وهو يرفع حاجبيه بدهشة: ماذا بك يا ملاك؟..
قالت ملاك بغضب: اريد ان اعود الى المنزل.. لا اريد البقاء هنا..
قال مازن بهدوء: انتظري قليلا فقط ريثما...
قاطعته ملاك بانفعال: الآن..
زفر مازن بحدة: فليكن الآن..
والتفت الى ندى ليقول: معذرة يا ندى.. سأدربك في يوم آخر ..
قالت ندى وهي تبتسم بدلال: لا بأس.. اهم شيء راحة ملاك ..
وما ان استدار مازن عنها حتى تحولت ابتسامتها الى سخرية وهي ترمق ملاك بنظرات منتصرة.. فها هي ذي قد خطت الخطوة الاولى في سبيل خطتها.. وستزيد الجرعة اضعافا في المرة القادمة.. حتىتضرب عصفورين بحجر .. تجعل مازن ينفصل عن ملاك دون رغبة منه بها.. وبالتالي تنتقم من ملاك و يكون مازن لها وحدها..
اما مازن فقد استغرب غضب ملاك المفاجئ.. فندى لم تقل أي كلمة تمسها الا في بداية حديثها.. فلم تغضب الآن؟.. وقال بهدوء وهو يميل نحوها: سأتصل بمها حتى تحضر الى النادي وبعدها سنمضي.. اتفقنا؟..
لم تجبه ملاك بل اشاحت بوجهها بعيدا بألم..وازداد استغراب مازن من تصرفها.. والتقط هاتفه ليتصل بمها .. وما ان سمع جوابها حتى قال: اهلا .. اين انت الآن؟.. عودا بسرعة.. الم اطلب منكما العودة بعد نصف ساعة فحسب؟.. حسنا يا مها ..حاولي فقط التفكير في الخروج مع حسام مرة اخرى وستندمين..
قالها وانهى المكالمة.. ومن ثم مال نحو ملاك وقال بابتسامة: سنغادر ما ان تصل مها..
قالت ملاك بصوت خافت: فلننتظرها في السيارة اذا..
قال مازن وحيرته تجاه تصرفات ملاك الغريبة تتضاعف: ولم كل هذا؟ ..
لم تجبه ملاك وان تطلعت اليه بنظرات راجية لتنفيذ مطلبها.. فقال مازن ووهو يعتدل في وقته : كما تشائين..
واتجه الى ما خلف مقعدها ليدفعه ويغادر النادي.. وهناك توقف عن السير امام السيارة ..وفتح اقفال السيارة بواسطة جهاز التحكم عن بعد.. ثم لم يلبث ان فتح باب السيارة الامامي لملاك وقال وهو يمسك كفها: سأعاونك حتى لا تتعبي نفسك و...
جذبت ملاك كفها من يده وقالت بصوت متحشرج: لا احتاج الى معاونة احد..
شعر مازن في تلك اللحظة ان من يراها امامه ليست ملاك التي يعرفها والتي قضى معها اكثر من شهر من الزمن ..ملاك التي يعرفها يغلب الخجل على تصرفاتها اغلب الاحيان .. اما من يراها الآن فلا تحمل على وجهها الا ملامح الضيق والغضب وتتصرف معه بكل جفاء..ورآها تحرك عجلات مقعدها الى الباب الخلفي وتفتحه.. قبل ان ترفع جسدها بكل تحدي عن المقعد المتحرك لترمي بثقلها على مقعد السيارة..
فامسك مازن بذقنه دلالة على التفكير والحيرة وقال وهو يميل باتجاهها ويمسك بباب السيارة ليمنعها من غلقه: لم كل هذا الآن؟.. اريد ان افهم.. هل اخطأت بتصرف ما معك؟..
عضت ملاك على شفتيها بألم وقالت بصوت متحشرج: اسأل نفسك ..
لم يخطر ابدا على بال مازن ان ما يحزن ملاك هو شعورها بالغيرة تجاهه.. لهذا فقد زفر بحدة قائلا: لو اخطأت اخبريني حتى اشرح تصرفي لك..
ولم ظلت ملاك على صمتها.. اغلق الباب بقوة وقال بعصبية وهو يتجه نحو الباب الامامي ويحتل مقعد السائق: كما تشائين ظلي صامتة هكذا.. وحزينة دون سبب او مبرر..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: ومن قال ان حزني بلا سبب ..
استدار مازن بجسده كله تقريبا لها وقال بعصبية اكبر: اذا اخبريني ما هو.. حتى افهم سبب تصرفاتك الغريبة هذه..
اجابته بكلمة واحدة وهي تطرق برأسها في الم: ندى..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: حسنا وما دامت ندى هي سبب حزنك هذا.. فلم تعامليني بهذه الطريقة الجافة؟..
قالت ملاك بصوت متقطع: لانك.. لانك.. تركتها تتصرف معك.. بكل حرية..
التقى حاجبا مازن باستغراب وقال متسائلا: ماذا تعنين بقولك؟ ..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه: اقترابها الشديد منك.. وتحدثها اليك بكل رقة.. وابتساماتها لك..
قال مازن وهو يمد ذراعه لملاك الجالسة في المقعد الخلفي .. ويدفع جبينها باصبعه : يالك من حمقاء.. ندى هي ابنة عمي.. ومعتادة على التعامل معي بهذه الطريقة..
التفتت ملاك له وقالت بعينان ترقرقتا بالدموع: لكنك الآن مرتبط.. يجب ان تفهم هي انك لم تعد كالسابق و...
قاطعها مازن قائلا بابتسامة: لا تقلقي انها لا تفكر بأي شيء مما يدور في رأسك الآن..
صاحت ملاك قائلة: انسيت عندما قالت لك انها قد رفضت الجميع من اجلك؟.. لم قالت هذا اذا لم تكن تفكر بك حقا؟ ..
قال مازن بمرح: ربما في السابق اما الآن فلا..
عقدت ملاك ذراعيها امام صدرها وتقوس فمها الى الاسفل دلالة على ضيقها وحزنها.. في حين قال مازن محاولا اضفاء بعض المرح: ما بالك يا ملاك؟.. لا تظني انك ستبدين اجمل ان بكيت..
لم يكد ينتهي من عبارته حتى سالت دموع ملاك بالفعل .. فارتفع حاجبا مازن باشفاق وقال وهو يمد لها يده بمنديل : لم البكاء الآن؟.. الامر لا يستحق.. صدقيني..
ازاحت كفه عنها وقالت بعناد: لا اريد شيء منك..
وعقب قولها فتح مها للباب المجاور لمازن وهي تقول باستغراب: ما الامر؟.. لم تجلس ملاك في الخلف؟..
واردفت مداعبة: هل تشاجرتما ام ماذا؟..
قال مازن بضيق: ربما ..شيء من هذا القبيل..
قالت مها وهي تبتسم لملاك التي سارعت بمسح دموعها قبل ان تنتبه لها مها: اذا استأذنك بأن احتل مكانك هذا اليوم..
قالتها وجلست على المقعد المجاور لمازن.. فقال مازن بضيق وهو يدفعها: الى الخارج هيا.. هذا المقعد مخصص لملاك فقط..
قالت مها بابتسامة واسعة: اولا ملاك لم تقل شيء عندما جلست عليه.. وثانيا كنت دائما من تجلس عليه عندما توصلني الى مكان ما..
واردفت بخبث: ام ان الوضع قد تغير الآن؟..
قال مازن ببرود: الى الخلف يا مها وبسرعة..
والتفت الى ملاك ليردف قائلا: وانت الاخرى.. تعالي لتجلسي في الامام..
قالت ملاك بتحدي: لا.. لن آتي..
قال مازن ببرود: والسيارة لن تتحرك ولو سنتيمتر واحد .. مادمت لا ترغبين في الجلوس في المقعد الامامي يا ملاك..
صمتت ملاك بعناد.. واشاحت بوجهها.. في حين قالت مها وهي تلتقط نفسا عميقا: وما ذنبي انا حتى اضيع بينكما هكذا؟.. اما ان توصلني يا مازن او اطلب من حسام ذلك..
قال مازن بسخرية: وهذا ما تريدينه.. اجلسي والا قطعت رجليك الآن.. الم تكتفي من البقاء معه؟..
مالت مها نحوه وقالت بهمس: دعك من حسام.. واخبرني.. ماذا جرى بينكما؟..
- سأخبرك فيما بعد..
قالت مها وهي تتثاءب وتسند رأسها لمقعد السيارة: اذا هيا انطلق بالسيارة..
اشار مازن الى ما خلفه وقال: ليس قبل ان تأتي ملاك وتجلس في المقعد الامامي..
قالت ملاك بعناد اكبر: لن آتي..
اما مها فقد التفتت لها وقالت برجاء: ارجوك يا ملاك.. انا اعلم ان مازن لن يهمه لو نبقى متوقفين بالسيارة هكذا لساعتين كاملتين..كوني اكثر طيبة منه.. وتعالي لتجلسي في الامام..اعلم انك ستأخذين برجائي.. ولن تخيبي ظني.. اليس كذلك؟..
تطلعت ملاك الى عينيها الراجتين ومن ثم قالت بصوت خافت: حسنا.. سأفعل ما تريدون..لأجلك فقط يا مها..
قالت مها وهي تبتسم ابتسامة واسعة : اشكرك كثيرا يا ملاك..واقدر لك تضحيتك الكبيرة في الجلوس بجوار اخي ..
قال مازن بحدة: الا ترين انك قد تجاوزت الحد؟.. ولتعلمي اني كما اصلحت بينك وبين حسام بامكاني ان اجعلكما تتشاجران من جديد..
قالت مها وهي تفتح الباب المجاور لها: لقد وعدني حسام بأنه لن يتخلى عني مجددا وسيحاول فهم الموضوع على شكله الصحيح مني قبل ان يتخذ أي قرار..
لم يهتم لها مازن ولما قالته.. كل ما كان يهمه في تلك اللحظة هومراقبة مغادرة ملاك لمقعدها الخلفي بكل طواعية بعد ان ترجتها مها.. لتجلس على مقعدها المتحرك المجاور لبابها والذي لم يعيده مازن لصندوق السيارة .. ومن ثم تتحرك بمساعدته الى حيث المقعد الامامي وترمي بثقل جسدها عليه.. وقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: مها.. اعلم اني سأتعبك.. لكن هلاّ وضعت المقعد في صندوق السيارة..
قالت مها مبتسمة وهي تقترب من مقعد ملاك: ابدا لايوجد أي تعب ..
قالتها ومن ثم طوت مقعد ملاك واستعدت لرفعه لولا تلك اليدين اللتين اقتربتا من المقعد ورفعاه قبلها.. ورفعت مها رأسها بدهشة من صاحب اليدين الذي التقط المقعد منها.. ومن ثم لم تلبث دهشتها ان تلاشت وقالت بابتسامة : كمال.. متى جئت الى النادي؟..
قال كمال بهدوء: منذ ساعة.. اطلبي من شقيقك ان يفتح صندوق السيارة..
قالت مها وهي تهز رأسها وتتجه لتفتح الباب الخلفي: وكأنه ليس شقيقك انت ايضا..
واحتلت المقعد الخلفي لتتحدث الى مازن قائلة: افتح صندوق السيارة..
فعل مازن ما طلبته.. فوضع كمال مقعد ملاك في صندوق السيارة.. واغلق هذا الاخير.. ومن ثم سار حيث يجلس مازن ومال باتجاه نافذته ..قبل ان يطرقها بطرقات خافتة.. ففتح له مازن النافذة وقال مبتسما: اهلا كمال..
قال كمال ببرود شديد: قدّ بحذر واهتم بمها وملاك جيدا..
قال مازن وهو يؤدي التحية العسكرية بمرح: حاضر سيدي الضابط.. هل من اوامر اخرى؟..
تطلع له كمال ببرود قبل ان يقول وهو يعتدل واقفا: وحاول ان تكون اهلا للثقة التي منحها لك الجميع..
مازن من سماعه وقال في سرعة: حسنا .. اراك فيما بعد.. الى اللقاء..
قالها وانطلق بالسيارة ..وبالرغم منه وجد نفسه يختلس النظرات الى ملاك الجالسة الى جواره..ملاك التي كانت تشعر بحزن شديد مما حدث..يومين فقط قد مضيا منذ يوم عقد قرانها على مازن..وحدث معها كل هذا مع رشا وندى.. الا يحق لي ان اشعر بسعادة كبقية الفتيات خلال هذه الايام التي لا تعوض؟.. ام ان السعادة ليست من نصيبي؟..
وكلما ابتسمت لدقائق.. عادت لتتألم لساعات.. اليس من حقها ان تبتسم دائما؟.. وهي التي لم تفكر في اذية احد.. حلمها الوحيد كان بزواجها من مازن وقد تحقق.. فهل هذا الخطأ الذي ارتكبته؟.. لم تشعر ان القدر لايزال يخفي عنها الكثير؟.. والكثير جدا.. وان ما رأته اليوم ليس سوى قطرة من بحر الآلام التي ستحياهاوستتذوق مرارتها و...
( اذا فقد جئت للجلوس بجواري لاجل مها فقط)
التفتت ملاك بحدة عندما ايقظها الصوت من شرودها.. وتطلعت الى مازن الذي قال عبارته السابقة.. ومن ثم لم تلبث ان اشاحت بوجهها عنه.. فقال مازن وهو يمسك بكفها متعمدا: لم لا تتحدثين؟.. اذا لاجل مها فقط.. وانا لا اهمك..
جذبت ملاك كفها واطرقت برأسها بمرارة.. فقال مازن بحيرة واشفاق: ملاك مابك؟.. هل آلمك وجود ندى معي الى هذه الدرجة؟..
قالت ملاك وهي تتنهد: انت من كان مع ندى ولهذا لن تهتم بمشاعر أي شخص آخر..
قال مازن متسائلا: لم افهم..
اسرعت مها تقفز من مقعدها لتقول وهي تلتفت الى مازن: بمعنى آخر يا شقيقي العزيز.. ان وجودك مع ندى.. يجعلك تنسى ان ملاك هي زوجتك و انه يجب عليك ان تراعي شعورها.. ولا تبقى مع أي فتاة اخرى سواها.. الا تعرف يا اخي ان هذه هي الغيرة؟ ..
التفت مازن الى ملاك وقال بابتسامة واسعة: احقا تشعرين بالغيرة علي؟..
قالت مها وهي تغمز بعينها له: هذا لا شك فيه..
اما ملاك فلم تجب.. فمن جانب كان ارتباكها يسيطر عليها.. ومن جانب آخر كانت تشعر بالالم لأن عليها الآن ان تواجه ندى ورشا من اجل ان يكون مازن لها وحدها ..وعليها ان تواجههما بمفردها ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع فؤاد الذي كان يجلس على احدى طاولات مطعم (القصر) بضيق الى ساعة يده..واخذ يتلفت حوله مرارا وتكرارا لعل الوقت يمضي قليلا.. وقام بنداء النادل ليطلب له كوب من القهوة.. ومن ثم عقد حاجبيه بضيق وهو يلمح مازن اخيرا يتقدم من طاولته ويقول وهو يحتل المقعد المواجه له: عذرا يا عمي ان تأخرت.. لفقد عدت من النادي للتو .. واوصلت مها وملاك الى المنزل و...
قاطعه فؤاد قائلا: لا يهم.. وحاول ان تكون دقيقا في مواعيدك في المرة القادمة..
احضر النادل في تلك اللحظة كوب القهوة ووضعه امام فؤاد.. وسأل مازن قائلا: اتود ان تشرب أي شيء يا سيد؟..
قال مازن بهدوء: كوب من الشاي..
اومأ النادل برأسه ومضى في طريقه.. في حين قال فؤاد وهو يرتشف قليلا من القهوة: مبارك..
قال مازن وهو يبتسم بزاوية فمه: اشكرك وان جاءت المباركة متأخرة بعض الشيء..
وضع فؤاد كوبه على الصحن المخصص له.. وقال بهدوء متجاهلا عبارته: كيف هي احوالك مع ملاك؟..
قالت مازن بابتسامة واسعة وهو يتعمد ان يبدي الفرحة على ملامح وجهه: سعيد جدا واكثر مما تتصور..
قال فؤاد بسخرية: ربما الاملاك والثروة هي التي تجعلك تشعر بهذه السعادة..
خشى مازن ان يكون فؤاد يعلم بأن جميع املاك خالد قد سجلت باسم ملاك.. فقال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: ما الذي تعنيه؟..
قال فؤاد بنظرة ماكرة: اعني يا ابن اخي.. انك لم تتزوج ملاك من اجل جمالها او نسبها بل تزوجتها لسبب واحد فقط.. حتى تصبح املاك خالد في يدك وخصوصا وانه الآن في غيبوبة.. ومن يدري ربما ترثها مستقبلا كذلك..
شعر مازن بالراحة لان عمه لم يعلم بالامر..وصل النادل في تلك اللحظة ووضع كوب الشاي امام مازن ومن ثم انصرف .. في حين قال مازن بابتسامة واثقة : سواء تزوجتها لجمالها او لمالها .. فهذا امر لا يهم.. المهم الآن انني قد تزوجتها وانتهى الامر..
قال فؤاد وهو يميل له وبابتسامة خبيثة: لدي عرض افضل لك ..املاك ابنة عمك ربما لن تحصل منها على أي شيء.. فلهذا سأقدم لك عرضا اكثر ضمانا..ولن يمكنك رفضه..
قال مازن وهو يعقد ذراعيه امام صدره: وها انذا استمع الى عرضك هذا..
وارتشف فؤاد القهوة وصمت لثواني ومن ثم قال وهو يتطلع الى عيني مازن مباشرة وبرزانة: اعلم جيدا انك تحلم بالعمل في احدى الشركات السياحية بدلا من شركة والدك التجارية والتي يرغمك بالعمل فيها.. لهذا اضمن لك عمل في افضل الشركات السياحية ان اردت وفي منصب لا يحلم به شاب في مثل سنك..
تطلع له مازن بدهشة.. فلم يتوقع ابدا ان العرض الذي سيقدمه عمه .. سيتعلق بتحقيق احد احلامه.. وهذا العرض كما قال عمه .. عرض لا يمكنه رفضه.. وكأن عمه قد علم بما يعانيه حقا وبرغبته في العمل في المجال الذي يحب..
وقال مازن اخيرا بتردد: والمقابل؟؟..
قال عمه وابتسامة ماكرة تتراقص على شفتيه: شيء يعد بسيطا جدا امام العرض الذي عرضته عليك..
واردف ونظرة خبيثة تلمع في عينيه: ورقة انفصالك عن ملاك ..
قال مازن وعيناه متسعتان بصدمة: ماذا؟.. اجاد انت فيما تقول؟ ..
قال فؤاد ببرود: كل الجدية.. والقرار في يدك وحدك.. اما ان تضمن لنفسك وظيفة تحلم بها.. او تبقى زوجا لفتاة عاجزة لن تنفعك في شيء..
قال مازن وهو يحدجه بنظرة ثاقبة: ومادامت لن تنفعني في شيء كما تقول.. فلم مصر على طلاقي منها؟..
قال فؤاد بجدية كاذبة: في الحقيقة.. ملاك تحتاج الى رعاية خاصة وانا اعلم جيدا انك لن تستطيع توفير مثل هذه الرعاية لها.. لهذا لو تزوجها احمد فسيوفر لها كل ...
قاطعه مازن بحدة: لا.. لن انفصل عنها..
قال فؤاد وهو يميل باتجاهه وبلهجة اقناع: فكر جيدا يا مازن.. ولاتدع ملاك تتسبب في خسارتك لحلمك.. ستحصل على الوظيفة التي تحلم بها دوما.. ورصيد ضخم سأضعه لك في حسابك بعد ان تنفصل عن ملاك مباشرة.. فما هو رأيك؟..
تطلع له مازن وقال وهو يكور قبضتيه في شدة: هل ملاك غالية عندك الى هذه الدرجة؟..
قال فؤاد بابتسامة وحشية وهو يتذكر ان خالد قام بتسجيل نصف الشركة باسم ملاك وهم الذين احق بها من هذه الاخيرة: اكثر مما تتصور..
قل مازن قبل ان يتراجع في قراره: آسف يا عمي لن يمكنني الانفصال عن ملاك او...
قال فؤاد ببرود: والسيارة التي تريد ايضا .. فما هو قولك؟..
قال مازن بدهشة: وكيف علمت بأمرها؟..
قال فؤاد بغرور: لا تقل لي انك نسيت من يكون عمك..
قال مازن بتردد: لكن يا عمي لا يمكنني ان...
قاطعه فؤاد من جديد وقال باهتمام زائف: مازن.. لا تضيع هذه الفرصة من بين يديك.. كن اكثر عقلانية وفكر بعقلك قبل مشاعرك.. ملاك انسانة عاجزة وبحاجة الى رعاية خاصة.. لن يمكنك التعامل معها.. وستضطر لتحمل مسئوليتها الى الابد.. وان كنت تفكر بأملاك والدها.. فربما يستيقظ خالد من غيبوبته وعندها لن تحصل على قطعة نقدية واحدة.. لهذا انصحك منذ الآن ان تفكر جيدا ومليا فيما قلته.. فالفرص لا تتكرر..
صمت مازن لفترة زادت على الدقيقتين.. وغرق في تفكير عميق.. لا تهمه الاموال او السيارة .. بقدر ما تهمه الوظيفة التي حلم بها طويلا .. كما وان عمه شخص يعرفه اغلب رجال الاعمال.. وربما يحصل على منصب كبيرفي مجال العمل.. ولو انفصل عن ملاك يمكنه ان يحميها كذلك وهي ...
شعر بتشويش افكاره وذهنه.. وعقد حاجبيه بقوة وهو يحاول ان يتخذ قرارا ما.. لا يمكنه ان يرفض هذه المغريات التي عرضها عمه عليه.. وفي الوقت ذاته لا يمكنه ان يتخلى عن ملاك وهي مسئولة منه وامانة في عنقه.. ثم ماذا ستقول ملاك لو انفصل عنها هكذا ودون سبب معين؟.. وهي التي تثق به و...
اسرع ينهض من مقعده ويقول لعمه: سأفكر في الامر يا عمي ومن ثم سأخبرك بحوابي..
قال عمه فؤاد بانتصار وهو يرى انه تمكن من التأثير على مازن بعرضه: فليكن.. فكر من الوقت ما شئت ولكن لا تتأخر علي بجوابك.. واتمنى ان يكون هذا الجواب هو ورقة انفصالك عن ملاك..
لم يجبه مازن.. بل اسرع يخرج من المكان.. وهو غير قادر على التفكير بالشكل السليم.. تاركا خلفه كوب الشاي الذي قام بطلبه والذي لم يرتشف منه رشفة واحدة بعد ما طلبه عمه فؤاد منه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 07:17 AM   #42 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثاني والثلاثون
"فضول

كانت الرياح تهب بشدة عند المساء .. وخصوصا بعد ان كسى اللون الاسود السماء..وحل الظلام على جميع الارجاء .. وشعرت تلك الفتاة التي تقف في احد اركان حديقة منزلهم بالبرد وضمت معطفها الى صدرها لتدفء نفسها ..واشتدت الرياح اكثر لتجعل جسد تلك الفتاة يقشعر ..
والتفتت الى الفتاة التي تجلس على مقعد متحرك مجاور لها وقالت وهي تشعر بأن اسنانها تكاد تصطك من شدة البرد: ملاك.. فالندخل .. الجو بارد..
قالت ملاك بابتسامة وهي تشعر بالسعادة من النسيم البارد الذي اخذ يداعب شعرها ووجنتيها: ادخلي ان شئت يا مها.. اما انا فسأبقى ..
قالت مها وهي ترتجف من البرد: كيف تحتملين كل هذا البرد؟ .. فلندخل..
قالت ملاك وهي تلتفت لها: لا تكترثي للجو البارد.. وتطلعي حولك..
قالت مها وهي تضم المعطف الى جسدها اكثر: الى ماذا اتطلع؟.. اني ارتجف من شدة البرد..
ضحكت ملاك وقالت: لم يرغمك احد على البقاء.. فبدلا من وقوفك هذا وانت تكادين ان تتجمدي .. ادخلي الى المنزل..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: لن اتركك وحدك..
قالت ملاك مبتسمة: لن يحدث لي أي شيء فـ...
بترت ملاك عبارتها عندما شعرت بقطرة مطر تسقط على كفها.. وتطلعت اليهاوهي ترفع حاجبيها.. ومن ثم ابتسمت بسرور قائلة: انها تمطر..
قالت مها في سرعة وهي تتجه الى ما خلف مقعد ملاك: فلندخل اذا..
قالت ملاك باصرار: لا.. اريد ان ابقى تحت المطر لفترة من وقت..
قالت مها بحدة: امجنونة انت؟.. ستصابين بالبرد والزكام..
قالت ملاك بشرود: اريد ان استعيد ما حدث في الماضي وانا اجلس مع ابي تحت المطر..
قالت مها بضيق: استعيديه وانت داخل المنزل..
قالت ملاك بعناد: لا.. اريد البقاء..
قالت مها بحدة: يالك من عنيدة..
ولم تلبث ان شعرت بقطرات المطر.. تتساقط على كتفيها ووجهها.. فأسرعت مها تدفع مقعد ملاك .. فقالت هذه الاخيرة وهي تمسك بعجلات مقعدها وتوقف سيره: قلت لا اريد الدخول..
( مها.. ملاك.. ما الذي يبقيكم هنا في هذا الجو؟.. ادخلا الى المنزل حالا)
تطلعت مها الى قائل العبارة ومن ثم قال بحنق: فل هذا لزوجتك ..
قال مازن وهو يدخل كفيه في جيبي سترته: وماذا بها زوجتي؟ ..
قالت مها وهي تضع كفها على رأسها لتحميه من قطرات المطر: ترفض الدخول الى المنزل وتصر على البقاء تحت المطر..
قال مازن وهو يقترب من ملاك وابتسامة مرحة تتراقص على شفتيه: هذا غير معقول.. لابد وانك تمزحين يا مها..
قالت مها بحنق واستنكار: امزح؟؟.. فلتدخلها الى المنزل ان استطعت اذا..
قالت عبارتها واسرعت تحتمي في ركن ما من الحديقة من قطرات المطر.. في حين تقدم مازن من ملاك وقال بابتسامة: هيا لندخل يا ملاك..
ملاك التي لا تزال تشعر بالضيق مما حدث في النادي.. لم تجبه وتطلعت الى السماء بحالمية .. فقال مازن وهو يضع يده على كتفها: ان كنت تريدين ان تبقي تحت المطر فسأحضر لك مظلة لتحميك من...
قالت ملاك وهي تقاطعه: وما الفائدة اذا؟..
تنهد مازن وتحرك الى ما خلف مقعدها.. ليهم بدفعه.. ولكن ما ان شعرت به ملاك حتى امسكت بعجلتي مقعدها.. وقالت بحدة: لن اتحرك من مكاني..
قال مازن وهو يتطلع اليها: لم انت عنيدة هكذا؟..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: هذا شأني..
في حين اردف مازن دون ان يهتم بعبارتها: وتضطريني احيانا لفعل ما لا اريد فعله..
لم تعره ملاك انتباها.. لكنها لم تلبث ان شهقت بحدة..والتفت الى مازن بدهشة الذي حملها بين ذراعيه بالرغم منها.. فهتفت ملاك قائلة: انزلني.. انزلني..
قال مازن وهو يسير مسرعا بابتسامة: لا..
شعرت ملاك بالغيظ من ابتسامته وكأنه يسخر منها بهذه الابتسامة ويستهزأ بها.. فكورت قبضتيها واخذت تضربه على صدره قائلة بانفعال: قلت لك انزلني.. الآن انزلني..
قال مازن وهو يدفع باب المنزل بقدمه: بداخل المنزل.. سأفعل ما تريدين..
واصلت ملاك صراخها وضربها لصدره بكل قوة.. ومازن بدى كالجبل الشامخ الذي لا تهزه الرياح..لم يأبه لضرباتها التي لم تكن تؤثر فيه وهتف بها قائلا: يكفي صراخا يا ملاك.. ما افعله لمصلحتك..
ومن ثم لم يلبث ان اجلسها على اريكة بالردهة.. فقالت ملاك وهي تطرق برأسها في حنق: لم تفعل هذا بي؟ .. لم؟..
قال مازن مستغربا: لم اكن اريد لك ان تصابي بالبرد.. كنت افكر بك حينــــ...
قاطعته ملاك بحدة وهي ترفع رأسها له: اخبرتك بأني لا اريدك ان تحملني مرة اخرى .. اشعر حينها وكأني .. وكأني...
واختنق صوتها .. ولمعت عيناها بالدموع.. فقال مازن باشفاق وهو يجلس الى جوارها: لم افعل ما يستحق البكاء الآن؟.. لم اصبحت رقيقة المشاعر هذه الايام.. اقل شيء يبكيك..
قالت ملاك بألم وهي تشيح بوجهها عنه: انا هكذا منذ ان كنت طفلة..
(( انا لست طفلة))
(( كمال دعها وشأنها))
((واتمنى ان يكون هذا الجواب هو ورقة انفصالك عن ملاك))
((صدقني يا مازن ان تسببت في حزنها في يوم فسأقف انا في وجهك.. لا تنسى انه لم يعد لديها سوانا في هذه الدنيا.. عاملها بكل رفق وطيبة.. وضعها في عينيك.. لو جاءت يوم لتشتكي منك فسيكون حسابك عسيرا..))
((على العكس.. انا اثق بك))
((ملاك امانة في عنقك يا مازن.. دافع عنها ان حصل لي مكروه..))
كل هذا دار في رأس مازن وهو يجلس الى جوار ملاك.. وشعر بالتوتر يسيطر على جسده..والده امنه على ملاك.. ووثق به.. وعمه خالد امنه على ابنته واعتبره مصدر الحماية لها..وهذا الملاك الرقيق ايضا قد وثق به.. فهل يكون جزاءها الخيانة والغدر.. ان يحطم قلب هذا الملاك دون شفقة منه اور حمة.. هذا الملاك التي لم يرى ابتسامتها السعيدة الا عندما تكون معه.. هل يستطيع ان يكون انانيا ويحطم احلامها ليحقق احلامه هو؟ ..يجعلها تتألم حتى يبتسم هو.. لا .. لن يستطيع..كيف له ان يفعل ؟..وهو الذي كلما وقعت عيناه عليها شعر ان العالم لا زال يحمل البراءة والحب والقلب الابيض النقي..
ووجد نفسه يبتسم بحنان وهو يتطلع الى ملاك ويدير وجهها اليه ومن ثم يقول بحنان: لن افعل الا ما تريدينه بعد الآن..
تطلعت له ملاك بتوتر.. في حين شعرهو بمشاعر غامضة سيطرت عليه وجعلته يتحسس وجنة ملاك بكل حنان ورقة .. وخفق قلب ملاك بقوة.. وهي تتطلع اليه بدهشة .. ثم لم تلبث ان شعرت بأن وجهها يكاد يحترق من شدة الخجل والاحراج.. وانفاسها اخذت تتوتر وخفقات قلبها تشعر بأنها باتت مسموعة لمازن.. وعلى الرغم من هذا شعرت بمشاعر جميلة تسيطر عليها.. وتجعلها تشعر بسعادة من لمسة مازن لها.. وتغمض عينيها وهي تترك لمشاعرها العنان..
واخيرا انتبه مازن لما يقعله .. فابعد كفه بهدوء.. وهو يشعر بالحيرة من تصرفه هذا.. وقال بابتسامة باهتة: اتريدين ان تجلسي تحت المطر حقا؟..
فتحت ملاك عينيها وتوردت وجنتاها بخجل.. ومن ثم اومأت برأسها وهي تزدرد لعابها..فنهض مازن من مكانه وقال: انتظريني للحظة ..
وابتعد عنها بخطوات متوترة بعض الشيء.. في حين تابعته ملاك بنظراتها ورفعت كفها لتتحسس وجنتها وهي تشعر بارتجافة تسري في اطرافها كلما تذكرت ماحدث.. وشعور جميل بات يسيطر على كيانها كله و...
( ما هذا الفيلم العاطفي الذي حدث قبل قليل؟..)
رفعت ملاك رأسها الى صاحبة الصوت وازدردت لعابها .. لتسيطر على ارتباك جسدها..وقالت بارتباك وصوت اقرب الى الهمس: ماذا حدث؟..
جلست مها الى جوارها وقالت بخبث: فلتصطنعي الغباء علي الآن..تعلمين اني اعني ما حدث امام عيني.. من رؤيتي لمازن وهو يحملك في الحديقة الى...
قاطعتها ملاك بارتباك: هو من فعل..
قالت مها بخبث اكبر وهي تميل نحوها: ويبدوا انك سعيدة بما فعل..
ارتبكت ملاك بشدة وتوردت وجنتيها بحرج وخجل.. وانقذها من هذا الموقف وصول مازن الى حيث تجلس وهو يدفع مقعدها المتحرك الى جوارها ويقول مبتسما: فلتجلسي عليه حتى آخذك للجلوس تحت المطر..
قالت مها باستنكار: مازن.. ماذا تقول؟.. بالكاد دخلت الى المنزل.. وتريد ان تخرجها منه مرة اخرى..
قال مازن وهو يغمز بعينه: لا يهون علي ان ارى ملاكي حزينة او متضايقة..
تلفتت مها بينهما ومن ثم قالت وهي تنهض من ماكنها: يبدوا ان موقعي خطأ بينكما.. سأغادر الى غرفتي.. وان احتجتما الى شيءفاستدعوني..
قال مازن بسخرية: لن يحتاجك احد.. اذهبي..
وما ان صعدت مها الى غرفتها حتى اسرغ مازن يقول: هيا يا ملاك.. فلتجلسي على مقعدك..
قالت ملاك متسائلة: والى اين ستأخذني؟..
قال مبتسما: الى مكان يمكنك فيه الاستمتاع بقطرات المطر وفي الوقت ذاته احميك من الاصابة بأي مكروه..
لم تعرف ملاك هذا المكان الذي يعنيه.. لكنها استسلمت لطلبه.. ورفعت جسدها لتلقي به على مقعدها المتحرك ..وتحرك مازن بالمقعد الى حيث غرفة الجلوس.. وكلما تقدم اكثر كلما ازدادت حيرة ملاك .. الى ان وصل الى باب الشرفة.. فقال وهو يفتحه: تفضلي آنسة ملاك.. هذه الشرفة الوحيدة بالمنزل الذي لا تصلها قطرات المطر بشكل كبير..
تحركت ملاك بمقعدها وشاهدت الشرفة التي كانت تطل على حديقة المنزل..فتلفتت حولها ومن ثم الى مازن وقالت: يبدوا وان هذا المكان لا يصله المطر المنهمر كما...
قاطعها مازن وهو يدفع مقعدها الى الامام قليلا: وهكذا..
شعرت ملاك بقطرات المطر بدأت تبلل شعرها وكتفيها وابتسمت ابتسامة واسعة لتقول: افضل بكثير.. اشكرك يا مازن.. اشكرك..
تطلع مازن الى ملاك بألم.. وهذه الاخيرة غير منتبهة له وتستمتع بقطرات المطر.. وقال متحدثا الى نفسه: ( علام تشكريني يا ملاك؟.. على تفكيري بعرض عمي المغري.. او على ترددي في الانفصال عنك لتحقيق احلامي.. لم اشعر بالتردد لأخذ قرار ما الا مرتين يا ملاك .. اولهما كان قرار ارتباطي بك.. وثانيهما الانفصال عنك.. ولأول مرة احتقر نفسي لأني اشعر بأني انسان نذل وجبان.. انسان يفكر بالوصول الى احلامه عن طريق تحطيم احلام الآخرين.. انسان يفكر بالسعادة على حساب آلام الآخرين.. صدقيني يا ملاك .. لأول مرة في حياتي اشعر بأن احلامي وسعادتي لم تعد تهمني.. فنظرة واحدة من عينيك تجعلني انسى من هو مازن امجد .. واتذكر فقط اني زوج لهذا الملاك الرقيق الذي يجلس الى جواري)..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
شعر عادل بالملل من ابنه الذي لا يكل او يمل من كثرة الحديث اليه عن مها ورغبته في الزواج منها وهما يجلسان في ردهة المنزل.. ويحاول اقناعه بشتى الطرق للموافقة على هذا الزواج.. وهز رأسه وقال بضيق: والخلاصة الآن..
قال احمد في سرعة: اريد ان اتزوجها يا والدي.. فما الذي يدعوك للرفض؟..
قال عادل بحنق: ليس الوقت مناسبا لهذا.. ففؤاد يخطط لانفصال ملاك عن مازن وبالتالي سيتم عقد قرانها عليك..كما وانك لا تزال صغيرا على تحمل مسئولية الزواج..
قال احمد في سرعة: لقد بلغت الواحد والعشرون عاما.. ولا اظن ان سني غير مناسب للزواج..
واردف بتفكير: ثم ان زواجي بمها افضل بكثير الآن من زواجي بها بعد ان اتزوج ملاك..
تطلع له والده وقد شد انتباهه ماقاله احمد فقال متسائلا: وكيف ذلك؟..
قال احمد وهو يعقد كفيه امام وجهه: بمعنى اني لو تزوجت بمها الآن فلن يمانع عمي امجد لأنها ستكون الزوجة الاولى لي.. وبعدها يمكنني ان اتزوج من ملاك تحت الضغوطات التي ستفرضه عليه انت وعمي فؤاد.. اما لو اني تزوجت ملاك.. ومن ثم طلبت الزواج من مها فبالتأكيد والدها سيمانع وحتى ان كان ذلك تحت ضغوطات معينة.. فمها هي ابنته وتهمه مصلحتها .. ولكن ملاك هي ابنة عمي خالد ولا اظن انه سيهتم بها بقدر ما سيهتم بمستقبل ابنته..
عقد عادل حاجبيه بتفكير عميق.. وظل صامتا لدقائق ومن ثم قال بهدوء: حديثك مقنع بعض الشيء.. دعني افكر في الموضوع قليلا.. وبعدها سأذهب لخطبة مها لك..
قال احمد بلهفة: متى؟..
قال عادل بحزم: بعد يومين او ثلاثة.. ولن اذهب اليهم قبل هذا الوقت..
قال احمد بابتسامة ساخرة: لا بأس المهم ان تكون مها لي في القريب العاجل..
واردف متحدثا الى نفسه: ( وسنرى يا حسام كيف ستسامحها بعد ذلك وكيف ستصدق أي حرف مما ستقول.. وانت يا مها.. اعدك بأن اعيد اهانتك لي اضعافا.. وان تأتي الي وتترجيني بكل ذل لكي اتركك وانفصل عنك.. ولكن ذلك سيكون ابعد من النجوم بالنسبة لك)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
رقص قلب مها فرحا وهي تستمع الى كلمات حسام التي قالها قبل قليل.. وتوردت وجنتيها بخجل وهي تقول: حقا يا حسام؟.. والداك سيأتون غدا الى منزلنا لخطبتي..
قال حسام مداعبا: لا كانت مجرد مزحة.. وماذا تظنين اذا؟.. لقد اخذت الح على والدتي ووالدي حتى شعروا بالضجر مني وطردوني خارج المنزل وهم يهتفون (اذهب لتتزوج مها الآن ان اردت)..
قالت مها وهي تبتسم: اذا فقد طردت بسببي..
قال حسام بمرج: اجل وانا اهيم على وجهي الآن في الشوارع بحثا عن منزل..
قالت مها وبتسامتها تتسع: ولم تبحث وامامك منزلنا؟..
قال حسام وهو يبتسم: اخشى ان يطردني والدك كذلك ان اتيت اليه واخذت الح عليه بالزواج منك..
ضحكت مها بمرح فقال حسام مردفا: او ربما يطردنا انا وانت من المنزل ويصرخ فينا ان نتزوج الآن ان اردنا.. المهم ان نتركه وشأنه ..
قالت مها بدلال: من قال ان والدي يستغني عن وجودي في المنزل؟ ..
قال حسام بحنان: ومن قال ان بامكاني الاستغناء عنك بعد الآن؟..
شعرت مها بالاحراج وقالت بخجل : حسام..
قال حسام بحب: قلبه وعقله وروحه ..
قالت مها بارتباك وهي تشعر بأن نبضات قلبها باتت مسموعة لكل من في المنزل: اراك في الغد..
قال حسام بخبث: وستكونين خطيبتي حينها.. ولا شأن لأحد بك..
ادركت مها انه يحاول احراجها فقالت بخبث: و ربما لا يوافق والدي على هذه الخطبة..
قال حسام بحنق: بل سيوافق.. رغما عن الجميع..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها: أأصبح الزواج هذه الايام بالاجبار؟..
قال حسام وهو يفكر: اتعلمين وجدت الحل؟..اذا رفض والدك.. فسأصوب مسدسي الى رأسك.. فإما ان يوافق او اقتلك..
واردف بمرح: وان اختار الخيار الثاني فلاذنب لي حينها..
قالت مها باستنكار مصطنع: ماذا؟..
اسرع حسام يقول : لكني سأطلق الرصاص على رأسي اولا فإما ان نعيش معا او نموت معا..
قالت مها بضيق: أي حديث هذا عن الموت تقوله بعد ان اخبرتني بخبر خطبتك لي.. الم تجد حديثا افضل؟..
قال حسام بابتسامة واسعة: بلى وجدت.. احبك يا مها.. اعشقك.. نبضات قلبي باتت تهتف باسمك..وعيناي تشتاقان لرؤياك .. و...
قالت مها بابتسامة مداعبة: تحدث عن الرصاص والمسدسات افضل...
ضحك حسام وقال وهو يرمي بنفسه على فراشه: اذا في الغد..سآتي لخطبتك.. واياك والتفكير.. ستوافقين على الفور..
ضحكت مها قائلة: حقا.. وكأني لم اصدق ان شابا قد أتى لخطبتي..
قاطعها صوت طرقات على الباب وصوت مازن يقول وهو يفتح الباب: اخبري حسام ان يكف عن مغازلاته لك.. وانت الاخرى اسرعي بالنزول.. العشاء جاهز..
ابعدت مها الهاتف عن اذنها قليلا ومن ثم قالت بحنق: حسام ليس مثلك.. على الاقل هو صادق في مشاعره ولا يكذب على ...
قاطعها مازن وهو يتقدم منها ويختطف الهاتف من كفها: كفاك ثرثرة ..
قالت مها باستنكار وضيق: اعد الي الهاتف..
لم يهتم مازن بما قالته وقال متحدثا الى حسام: دع اختي وشأنها ولا تتصل بها مرة اخرى..
قال حسام بابتسامة: لكنها خطيبتي..
رفع مازن احد حاجبيه بسخرية وقال: لم ارك تأتي الى منزلنا لخطبتها بشكل رسمي بعد..اظن ان بعدها بأمكاني ان اطلق على مها اسم...
واردف مقلدا لهجة حسام: خطيبتك...
قال حسام بخبث: لم اشعر انك بدأت تشعر بالغيرة من علاقتي بمها؟ ..
قال مازن بسخرية: اجل لدرجة اني لن اسمح لك بالحديث اليها الا يوم عقد القران..
- حاول ان استطعت.. سأختطفها واهرب حينها..
قال مازن بدهشة مصطنعة: وايضا يعترف.. سأبلغ والدي منذ الآن بأنك خطر على مها.. ما الذي يضمن لنا بأنك لن تختطف احد ابناء الجيران مستقبلا اذا لم يلبِ رغبتك؟..
قال حسام مبتسما: لا شأن لك حينها انا ومها من سنتفاهم..
قال مازن بسخرية: على من يربي الابن الذي اختطفته..
واردف قائلا: استمع الي.. غدا ان جئت وخطبتها بشكل رسمي ووافقت مها ووالدي.. وانا وكمال طبعا ..على الرغم من اني لا اضمن لك موافقتي..ولكن ان حدث ذلك فبعدها بامكانك الحديث الى مها كما تشاء.. والآن اتركها لتتناول طعام العشاء.. الا تشعرون بالملل من بعضكم ابدا؟ ..
قال حسام بخبث: اذا شعرت انت بالملل من ملاك .. حينها سأشعر بالملل من مها..
قال مازن في سرعة: دمك ثقيل.. الى اللقاء الآن..
في حين قالت مها بحنق وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: من سمح لك ان تتحدث مع حسام بهذه الطريقة..
قال مازن بغرور: انا سمحت لنفسي..واتبعيني لنتناول طعام العشاء..
قالت مها وهي تشير له بكفها: انتظر .. اود ان اتحدث اليك اولا..
قال مازن متسائلا: بشأن؟..
تطلعت له مها بنظرة ثاقبة ومن ثم قالت: ما حدث اليوم..
قال مازن وهو يحتل مقعد يهتز للامام والخلف: وماذا حدث اليوم؟..
قالت مها وهي تميل نحوه: انت تعلم ما حدث جيدا.. لا تظن اني سأصمت على ما فعلته بملاك.. ومرة اخرى ان اردت لقاء صديقاتك فلا يجب ان يكون لقاءك بهن امام ملاك..
قال مازن وهو يهتز بالمقعد بهدوء: الامر ليس كما فهمته.. رشا هي من جاءت الي..و...
قاطعته مها وقالت وهي تضيق عينيها: ومن رشا هذه؟.. صديقة جديدة؟ ..
قال مازن في سرعة: زميلة لي في النادي وتعرفت عليها قبل عقد قراني على ملاك.. المهم انها جاءت الي حتى تبارك لي بحسب ما قالته..وبعدها فوجئت بها تقول كلمات مثل ان زوجتك فتاة عاجزة وانني لم اتزوجها الا شفقة مني..
قالت مها وهي تعقد حاجبيها: وكيف تسمح لها بقول مثل هذا عن ملاك؟..
قال مازن وهو يهز كتفيه: ومن قال اني سمحت لها.. لقد اوقفتها عن مواصلة حديثها وطلبت منها مغادرة المكان..
قالت مها بسخرية: اذا فلقد حطمت قلب رشا هذه حينها..
واردفت قائلة بتفكير: ولكن ما اذاكره ان ملاك قد ذكرت اسم ندى عندما كنا في السيارة ولم تذكر اسم رشا هذه ابدا..
قال مازن وهو يغمض عينيه ويعود بذهنه الى ماحدث قبل ساعات: ذلك لأني استطعت اقناع ملاك بأن رشا كانت تشعر بالغيرة منها وتريد مضايقتها بشتى السبل.. اما ندى فلم تحاول مضايقة ملاك .. بل على العكس لقد ساعدت في احضار المقعد لملاك..
قالت مها باستغراب: ندى تساعد.. لابد انها تريد من وراء هذه المساعدة شيئا..
واردفت قائلة: حسنا اكمل لي ما حصل..
قال مازن وهو يمط شفتيه ويفتح عينيه: وكعادة ندى عندما تتدللل.. اقتربت مني وامسكت بكتفي حتى تترجاني..
قالت مها وهي تضع كفها تحت ذقنها: وكل هذا وتريد من ملاك ان تصمت.. صدقني لو كنت في مكانها ورأيت فتاة تقترب من زوجي فقط.. لأقمت الدنيا واقعدتها..
قال مازن ساخرا وهو يترك لجسده الاهتزاز مع المقعد: اذا فقد ضمنا ان تعودي الى منزلنا بعد شهر واحد من زواجك بحسام..
قالت مها بحنق: مازن انا لا امزح.. ان كنت قد قبلت بملاك زوجة لك فعليك مراعاة شعورها.. وحاول ان تغير من طباعك لأجلها.. والا اتركها لتعيش حياتها.. وان كان الامر يتعلق بحماية املاكها.. فهي اهم من أي ثروة قد تحميها.. اسمعني يا مازن هذه المرة كانت ردة فعل ملاك هو الحزن لكونها قد رأتك مع فتاة فقط.. فماذا لو علمت انك صديق لكل فتاة في النادي.. ماذا ستكون ردة فعلها حينها؟..
قال مازن وهو ينهض من مجلسه: مها ارجوك.. انا لم احاول ان افعل أي شيء قد يؤذي مشاعر ملاك.. هما من قاما بملاحقتي.. فما ذنبي؟..
قالت مها وهي تتطلع اليه بحدة: ذنبك انك تركت لهم المجال مفتوحا لفعل ما يريدون.. ذنبك انك رافقت هذه وتلك..ذنبك انك تزوجت ملاك ونسيت انك الآن زوجا وعليك ان تحترم مشاعر زوجتك..
التقط مازن نفسا عميقا ومن ثم قال : سأذهب لتناول طعام العشاء ان اردت فاتبعيني..
قالها ومضى في طريقه.. واسرع يهبط درجات السلم وهو يقول متحدثا الى نفسه بتوتر: ( مابك؟ .. آلمتك الحقيقة عندما اظهرتك على حقيقتك.. شعرت بالضيق عندما علمت انك انت المذنب ولا احد سواك..وعلى الرغم مما قالته رشا من كلمات قاسية لكنها صدقت في امر واحد.. لقد تزوجت من ملاك شفقة بها.. وليس لأي سبب آخر.. هذا الملاك الرقيق الذي خشيت ان تقع في قبضة عمي فؤاد او عادل.. وقعت في قبضتي انا.. واخشى يوما ان احطمها بقبضتي ذاتها التي احميها بها دون ان اشعر)...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جالسة في حقل اخضر يكتسي بالزهور.. وتتلفتت حولها بكل سعادة .. واشعة الشمس تنعكس عن مقعدها المعدني.. واقتربت من احدى تلك الازهار الحمراء.. لتقرب كفها منها ومن ثم تقطفها.. وما ان فعلت.. حتى تأوهت بألم.. وشعرت بالدماءقد سالت على اصابعها..
وسمعت صوته القادم من اعماق بئر سحيقة وهو يهتف بها ( ملاك تعالي الي)
تطلعت ملاك الى قدميها وقالت بحيرة (لا استطيع)
اقترب منها ذلك الشاب وقال بابتسامة (بل تستطيعين.. فقط تعالي الي)
قالت ملاك وهي تتطلع الي قدميها بألم ( لكن قدماي...)
قاطعها صاحب ذلك الصوت وهو يمسك بكفيها ويرفعها عن المقعد.. ليجعلها تقف على قدميها .. فقالت مبتسمة بسعادة (انا اقف يا مازن.. اقف..)
قال مبتسما بحنان (الم اقل لك؟)
ابتسمت له بسعادة ومن ثم رأته يغادر ويتركها وحيدة .. فهتفت به قائلة (الى اين تذهب؟..)
قال وهو يتطلع اليها ( انا افعل ما تردين)
قالت ملاك برجاء( بل اريدك ان تبقى معي)
وكأنه لم يستمع لعبارتها فقد مضى في طريقه تاركا اياها .. وصرخت ملاك قائلة منادية اياه (انتظر يا مازن.. لا تذهب.. مازن)
وفجأة فتحت ملاك عينيها على اتساعهما وهي تستيقظ من نومها .. وشعرت بضيق شديد وبشيء يجثم على صدرها وهي تتذكر نهاية الحلم.. وتنهدت بحرارة وهي تلتفت لترى الساعة المجاورة لفراشها والتي تشير عقاربها الى الخامسة صباحا..
التقطت نفسا عميقا.. وهي تحاول ابعاد ذكرى الحلم عن ذهنها.. انها المرة الثانية التي ترى فيها ذات الحلم في منامها.. فهل يكون رؤيا يا ترى؟..
وحاولت بجهد ان تعود الى النوم من جديد.. ولكن كان نصيبها هو التفكير في مجريات الحلم.. ولكي تمنع نفسها من التفكير.. نهضت معتدلة من فراشها.. وامسكت بيد المقعد المتحرك لتجذبه الى جوار فراشها.. ومن ثم ترمي بثقلها عليه.. واخيرا حركت عجلات مقعدها الى حيث نافذة الغرفة.. وتطلعت بابتسامة سعيدة الى ضوء الشمس الذي اخذ يشق طريقه في الظلام.. معلنا انتصار النهار على الليل في هذه المعركة الابدية.. وبدد ضوءها الذهبي السواد الذي يعم الارجاء.. ليحل مكانه نورا ابيض انتشر على المساحة الممتدة امام ناظري ملاك ..
وابتسمت ملاك وهي تضع كفيها على النافذة..وتراقب بشغف هذا المشهد.. وتتطلع بابتسامة الى ارض الحديقة التي يكسوها الثوب الخضر.. والتي تزينها الزهور بجميع ارجاءها..تماما كما الحقل الذي رأته في حلمها.. والذي كانت تعم الزهور ارجاءه...
وبينما هي تراقب الحديقة .. والى ما اضفى المطر على الارض من خضرة وحياة.. شعرت بالبرد يرجف اطرافها.. فتوجهت الى خزانتها لتلتقط منها معطفا دافئا.. ومن ثم ترتديه.. وبينما هي كذلك لمحت بجانب من جوانب الخزانة رواية (حب الى الابد).. فالتقطتها وارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة وهي تتصفح الرواية وتصل الى آخر ما قرأته..
والتهمت عيناها السطور وهي تكمل ما بدأته .. وسيطرت احداث الرواية على ذهنها وجعلتها منشدة لها بكل حواسها.. فلم تنتبه الى مرور الوقت.. والى تلك الطرقات التي سمعتها على باب غرفتها.. لتجد نادين امامها تقول بابتسامة: آنستي .. هل استيقضت؟..
انتفضت ملاك من الصوت الذي اخترق تأملاتها.. والتفتت الى نادين قائلة: اجل منذ قليل..
قالت نادين بهدوء: اذا سأعد لك طعام الفطور..
- لا يزال الوقت مبكرا..
قالت نادين بحيرة: انها العاشرة.. الن تتناولي طعام الافطار كعادتك في هذا الوقت اليوم؟..
قالت ملاك بدهشة: ماذا؟.. العاشرة؟.. لم انتبه لمرور الوقت..
واردفت قائلة: بلى اعدي الفطور.. سأستبدل ملابسي ومن ثم سألحق بك لتناوله..
اومأت نادين برأسها ومن ثم انصرفت مغادرة الغرفة.. في حين التفتت ملاك الى طائرها وقالت بابتسامة : خمس ساعات قد مرت وانا لم اشعر بالوقت.. االى هذه الدرجة جذبتني احداث الرواية يا مازن ؟..
ومن ثم اردفت قائلة: لكن لايزال ذكرى ذلك الحلم في رأسي.. واكذب ان قلت انه غاب عن تفكيري لحظة واحدة.. اريد ان اعلم لماذا ذات الحلم قد تكرر لي مرتين؟.. ولم في هذه المرة قد رأيت مازن يرحل يتركني؟..يا الهي احمه ارجوك من كل شر..
سمعت صوت تغريد الكناري..فقالت بابتسامة باهتة: اعلم اني مقصرة في حقك وقد أخذت اهتم بنفسي وبمازن اكثر منك.. لكن صدقني ستكون معي دائما.. انت و ..ابي ..
توجهت بعدها لتجهز نفسها .. ومن ثم تطلعت الى نفسها في المرآة وهي تمشط شعرها الاسود الذي ينساب بنعومة على كتفيها.. وبغتة سمعت طرقا على الباب.. فقالت في سرعة: قادمة يا نادين .. دقائق فقط..
جاءها صوت مها وهي تقول: أي نادين؟.. انها انا..
اسرعت ملاك تتوجه بمقعدها نحو الباب وتفتحه قائلة بخجل: عذرا لقد ظننتك نادين..
قالت مها مبتسمة: لم يحدث شيء.. لقد جئت الى هنا حتى اتحدث اليك قليلا..
التفتت لها ملاك وقالت بابتسامة باهتة: انا اسمعك..
قالت مها وهي تتطلع اليها بحيرة: مابك؟..
مرت ذكرى الحلم امام عينيها كشريط سينمائي.. فهزت رأسها لتبعده عن ذهنهاوقالت : لا شيء..
واردفت قائلة:ادخلي.. لم تقفين عند الباب؟..
اتجهت مها لتجلس على طرف الفراش ومن ثم قالت:سأسألك سؤالا يا ملاك.. واجيبيني عليه بصراحة..
شعرت ملاك بالقلق من سؤالها وقالت: سأفعل بالتأكيد..
قالت مها وهي تتطلع اليها: كيف يعاملك مازن؟.. اعني هل انت مرتاحة معه؟.. وهل يتجاهل وجودك ان ذهب الى النادي او أي مكان آخر؟..
ابتسمت ملاك وقالت وهي تهز رأسها نفيا.. ووجنتيها قد توردتا بحمرة الخجل: يعاملني افضل مما اتمنى.. انه يهتم بي اكثر مما اهتم انا بنفسي .. اشعر بحنانه في كلماته ونظراته الي.. كلمة مرتاحة بسيطة على ما اشعر به.. عندما اكون مع مازن اشعر بأن الدنيا قد ابتسمت لي ومنحتني السعادة على طبق من ذهب..
قالت مها متحدثة الى نفسها وفي عينيها نظرة تجمع ما بين الحنان والاشفاق: (كل هذا تحملينه بقلبك يا ملاك.. لو يعلم مازن فقط بكل هذه المشاعر التي تحملينها له..لما فكر بالزواج بك لمجرد حمايتك من طمع عمي فؤاد.. لفكر الف مرة قبل الاقدام على هذه الخطوة التي يتلاعب فيها بمشاعرك دون ان يشعر ..ثم كيف له ان يجد قلبا كقلب ملاك يحبه الى هذه الدرجة ويفكر بغيره.. سيكون احمقا بحق لو فعل)..
وقالت متحدثة الى ملاك وهي تريد ان تعرف طريقة تعامل مازن معها عندما يكون بالنادي: وبالنادي؟...
اجابت ملاك قائلة بابتسامة: يظل معي طوال الوقت .. يتحدث الي في أي شيء ولا نشعر بمرور الوقت ونحن نتحدث..
همت مها بالقاء سؤال آخر لولا ان ارتفعت طرقات متتابعة على الباب.. فقالت ملاك بصوت اقرب الى الهمس ويحمل كل مافي قلبها من حب: مازن..
ارتفع حاجبا مها بدهشة عندما سمعتها.. وسمعت في تلك اللحظة صوت مازن يقول: ملاك.. هل يمكنني الدخول؟..
قالت مها بخبث: وايضا تحفظين صوت طرقاته..
قالت ملاك مبررة: لا احفظها .. ولكن مازن الوحيد الذي يطرق الباب بطرقات متتابعة وسريعة..
تطلعت مها بخبث الى ملاك.. وفي تلك اللحظة فتح مازن الباب وقال بضيق: ستتركوني انتظر على الباب طويلا وتتبادلان انتما الاحاديث..
قالت مها بابتسامة ساخرة: لا اعرف كيف تنتظر وقد دخلت الى الغرفة وانتهى الامر..
قال مازن وهو يلتفت الى مها: لم يحدثك احد لهذا اصمتي..
واستند بكفه على الباب وقال مبتسما وهو يلتفت الى ملاك: هل ادخل؟..
قالت ملاك بخجل: بالتأكيد..
سار بخطوات هادئة الى ان جلس على مقعد قريب من ملاك وهناك قال: فيم كنتما تتحدثان قبل وصولي؟..
قالت مها وهي تسند ذقنها الى كفها: عنك..
قال مازن وهو يلتفت الى ملاك: حقا؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا بخجل.. وفي تلك اللحظة انطلق هاتف مازن بالرنين.. فالتقطه من جيب بنطاله ومن ثم تطلع الى الاسم الذي يضيء على شاشته قبل ان يقطع الاتصال.. ويجعله على الوضع الصامت.. ويرميه الى جواره.. فقالت مها متسائلة: من كان المتصل؟..
قال مازن ببرود: شخص تافه.. لا شأن لك به..
واردف قائلا: الن تغادري لتناولي طعام الفطور يا مها؟..
استلقت مها على الفراش وقالت بخبث: ليس قبل ان تتناوله انت..
قال مازن بخبث بدوره: ستغادرين او اقوم بطرد حسام هذا اليوم ..
وكأن كهرباء قد صعقت جسد مها.. فقد نهضت من مكانها بغتة وقالت مرددة: حسام .. سيأتي اليوم.. كيف نسيت هذا؟..
قال مازن بسخرية: اجل اسرعي واجهزي له منذ الآن..
قالت مها وهي تنهض من مكانها : دون ان تقول ذلك.. كنت سأفعل..
وما ان خرجت مها حتى قال مازن: واخيرا..
والتفت الى ملاك ليردف بابتسامة: كيف حالك اليوم عزيزتي؟ ..
عاد الحلم ليمر امام ناظريها وخصوصا عندما تركها مازن ومضى في طريقه..ولكنها قالت وهي تنتزع نفسها من افكارها: بخير..
قال متسائلا: الست بحاجة الى شيء؟..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: لا شيء .. اشكرك..
انتقلت انظار مازن الى الطائر الموجود بالقفص عندما سمع تغريده.. وقال وهو يغمز لها بعينه: وكيف حال مازن الآخر؟..
قالت ملاك وهي تلتفت الى الطائر بدورها: اظن اني قد اهملته هذه الايام.. وانشغلت عنه..
قال مازن وهو يميل نحوها وبصوت خافت: بي؟..
اسرعت ملاك تبعثر نظراتها وتقول بارتباك: بكل ما حدث و.. بك ايضا..
لم يستمع مازن لكلمتها الاخيرة اثر نداء والده له.. فقال بضيق: قبل قليل مها والآن والدي.. يبدوا واني لن استطيع الجلوس معك لوحدنا قليلا..
ونهض من مكانه مردفا: سأذهب لأرى ما يريده والدي واعود اليك..انتظريني..
اومأت ملاك برأسها.. ورأته يتجه نحو باب غرفتها ليغادرها ..وفي اللحظة ذاتها التفتت لترى هاتفه الذي تركه على المقعد يضيء معلنا اتصال ما.. وكادت ملاك ان تهتف بمازن.. ولكن النداء لم يتجاوز حلقها.. فقد احست بفضول لتعلم من هو المتصل الذي لم يجبه مازن..
وحركت عجلات مقعدها قليلا.. لتلتقط الهاتف المحمول وتتطلع اليه بفضول وتوتر.. وشعرت بارتجاف اناملها وهي ترفع ناظريها الى اسم المتصل.. والتي لم تكن سوى (حنان)..
شعرت بالدهشة والغيرة في الآن ذاته من اسم المتصلة والتي يضيء اسمها على شاشة هاتف مازن..وضغطت زر الاجابة على الهاتف بدافع الغيرة هذه المرة وليس الفضول..وقبل ان تنطق بحرف واحد.. سمعت صوت حنان يأتيها وهي تقول في سرعة: حبيبي مازن ..ماذا بك؟.. ماذا جرى لك؟.. لماذا لا تجيب على اتصالاتي؟..قلقت عليك كثيرا.. اخبرني أأنت بخير؟..
الم يقولوا ان " الفضول قتل القط".. وها هو ذا يقتل قلبا بريئا لا ذنب له سوى انه احب وتعلق بانسان لا يستحق.. و لا يعرف معنى الحب..



 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 07:47 AM   #43 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثالث والثلاثون
"صدمة"

حركت ملاك عجلات مقعدها قليلا.. لتلتقط الهاتف المحمول وتتطلع اليه بفضول وتوتر.. وشعرت بارتجاف اناملها وهي ترفع ناظريها الى اسم المتصل.. والتي لم تكن سوى (حنان)..
شعرت بالدهشة والغيرة في الآن ذاته من اسم المتصلة والتي يضيء اسمها على شاشة هاتف مازن..وضغطت زر الاجابة على الهاتف بدافع الغيرة هذه المرة وليس الفضول..وقبل ان تنطق بحرف واحد.. سمعت صوت حنان يأتيها وهي تقول في سرعة: حبيبي مازن ..ماذا بك؟.. ماذا جرى لك؟.. لماذا لا تجيب على اتصالاتي؟..قلقت عليك كثيرا.. اخبرني أأنت بخير؟..
الم يقولوا ان " الفضول قتل القط".. وها هو ذا يقتل قلبا بريئا لا ذنب له سوى انه احب وتعلق بانسان لا يستحق.. و لا يعرف معنى الحب..
أي صدمة شعرت فيها ملاك في تلك اللحظة.. أي خناجر طعنت قلبها وهي تسمع فتاة تتصل بمازن وتقول له (حبيبي) بكل جرأة .. ملاك التي احبته طوال عمرها لم تتجرأ حتى بعد عقد قرانها عليه بأن تنطق بهذه الكلمة.. فكيف لهذه الفتاة التي لا يربطها به أي صلة قرابة او رباط رسمي..ان تقول هذه الكلمة ..
وعلى الرغم من الالم الذي يعتصر قلبها وجدت ملاك نفسها تقول بعصبية: من انت؟..
قالت حنان وان استغربت من صوت ملاك في البداية: بل من انت؟.. لقد اتصلت بمازن.. فمن تكونين؟..
التقطت ملاك نفسا عميقا وقالت بحزم: زوجته..
بهتت حنان للوهلة الاولى بعد علمت ان من حدثتها هي زوجة مازن..ولكنها شعرت بحقدها على ما فعلها بها مازن كل تلك الشهور وتلاعبه بها ينصب على ملاك.. وعلى ما تسبب لها من الم ومعاناة عندما تركها دون ان يهتم بعدما احبته.. وقررت انه من المستحيل ان تترك ملاك تفوز بمازن.. فكما تألمت هي عندما تركها مازن..يجب ان تتألم ملاك ايضا وتذيقها من ذات الكأس الذي تجرعته.. فمن تكون ملاك حتى تحظى بمازن لها وحدها؟..
وقالت منحدثة بحقد: انت زوجته العاجزة اذا..
طعنات متواصلة الى قلب ملاك الجريح الذي لا زال ينزف ودماءه لم تجف بعد..واردفت حنان بقسوة وبلا رحمة على قلب ذلك الملاك الرقيق:والذي تزوجها لمجرد شفقة منه عليها .. وما ان يمضي بعض الوقت حتى يتركها ويرميها كأي كأس ماء فرغ من شربه..
قالت ملاك بصوت مختنق .. وبدموع تنذر بسقوطها في أي لحظة: اصمتي.. انت كاذبة..
قالت حنان وهي تضحك بسخرية: كاذبة؟.. ولم اكذب يا عزيزتي؟..يبدوا وانك لا تعرفين مازن جيدا.. مازن يا عزيزتي هو رفيق كل فتاة في النادي.. بل واكثر من ذلك .. ان رأيت مازن في حفلة او مكان ما.. من المستحيل ان لا تريه مع فتاة..
قلات ملاك بانفعال وقد انتصرت دموعها عليها لتسيل على وجنتيها بكل مرارة: اصمتي .. لا اريد سماع المزيد.. انت كاذبة ..لا اصدق حرفا واحدا مما تقولين.. مازن ليس هكذا .. انا اعرفه اكثر من أي شخص آخر في هذا العالم ..
قالت حنان بسخرية واستهزاء: اذا لا زلت لا تصدقين.. فعلا كما يقُال عنك.. مجرد ساذجة لا تعرف أي شيء مما يدور حولها.. استمعي الي اذا لتعرفي الدليل على كل ما قلته.. مازن لا يهتم بك ولا تفكري في هذا ابدا.. لديه المئات من الفتيات الفاتنات واللاتي لا يعانين أي عجز مثلك .. فأخبريني ما الذي سيجعله يهتم بفتاة مثلك؟؟.. ساذجة وعاجزة في الآن ذاته...
ارجوك يكفي.. يكفي ما اتلقاه من طعنات .. يكفي جروحا وآلام.. لم اعد استطيع ان احتمل.. الدموع تحجب الرؤية عن عيناي.. وقلبي يبكي بدموع من دم.. الى متى ستظل تبكي يا قلب؟.. الى متى؟.. اليس من حقك ان تشعر بالسعادة الا لدقائق وبعدها تعود وتتألم؟..
وقالت حنان وهي تشعر بالانتصار وهي تستمع الى صوت نحيب ملاك وشهقاتها: والدليل بين يديك.. ابحثي في هاتفه في (صندوق الوارد) .. وايضا (الرسائل المرسلة).. ولن تجدي دليل واحد فقط.. بل العشرات منها.. فاستمتعي.. الى اللقاء عزيزتي..
واردفت بخبث: ولا تنسي ان تخبري مازن ان حبيبته حنان قد اتصلت.. وداعا ايتها العاجزة..
ضغطت ملاك على الهاتف المحمول بكل قوتها.. بكل الم وعذاب.. بكل مرارة تعتصر قلبها لتجعل دموعها تتساقط دون استئذان.. وارتجفت كفاها وصوتها وهي تهمس قائلة وتقول بلهجة لم تقنعها هي نفسها: هذه الفتاة تكذب.. اجل .. مازن قال هذا.. قال انهن يشعرن بالغيرة مني لهذا يردن مضايقتي بكل طريقة.. اجل هذه هي الحقيقة.. وما قالته هذه الفتاة كذب ..
وتطلعت الى الهاتف الذي بين يديها وهي تقول من بين شهقاتها: لكنها بدت واثقة مما تقول.. وكأنها تعلم مسبقا ان ما تقوله هو الصدق.. لكن لن افعل شيئا سوى ان اتأكد .. انا اعلم مسبقا ان مازن ليس كما وصفته.. وانه انسان حنون وصادق.. طيب القلب و...
بترت عبارتها وازدردت لعابها مرتين متتاليتين.. لعلها تطفأ اللهيب المشتعل بقلبها..وبتردد وبقلق كبير اخذت تضغط زر فتح صندوق الوارد.. فما ستقرأه من رسائل قد يبنى عليه مستقبلها وحياتها..
التقطت نفسا عميقاحاولت ان تملأ به رئتيها.. قبل ان تتطلع الى الرسائل الموجودة بصندوق الوارد.. واتسعت عيناها بصدمة.. فأغلب تلك الرسائل كانت مرسلة من فتيات.. ندى.. رشا.. حنان.. غدير.. وغيرهن الكثير.. وشعرت بقلبها يخفق بلوعة وهي تفتح احدى رسائل ندى وتقرأ كلماتها التي كانت تقول (مازن.. اشتقت اليك كثيرا.. متى ستأتي الى النادي؟)..
ازداد ضغطها على هاتف مازن المحمول وهي تحاول ان تجد مبررا لكل ما تقرأ.. وفتحت رسالة اخرى لعلها تكون ابسط من سابقتها وكانت مرسلة من رشا تقول فيها ( عزيزي.. اشكرك على هديتك .. وكلماتك الرائعة التي كانت كالبلسم لقلبي)..
وكلما كانت تقرأ رسالة مرسلة من احداهن تشعر بقلبها يكتوي بنار .. نار الغيرة.. نار الغضب.. نار الكره.. شعرت بالكره تجاه مازن يتولد تجاهه في لحظة.. وهي تعيد كل ما اصابها بسببه وبسبب صديقاته..وقالت بصوت مرتجف وبقلب يعتصر بكل حزن وندم على حبه لشخص مثل مازن: اذا فقد كان يخدعني.. كان يكذب علي.. اهتمامه بي كان شفقة لا اكثر.. طلب الزواج مني لانه يشفق على عاجزة مثلي.. وانا الحمقاء التي احبته بكل اخلاص والتي صدقت كل ما كان يقوله..كنت اعتبره انبل شخص في العالم واكثرهم حنانا لي بعد والدي.. لكني غبية .. لاني صدقت كاذب مثله..خدعني وحطم قلبي دون رحمة..
ووجدت نفسها ترمي بالهاتف بقوة على الحائط وتقول بصوت اقرب الى الصراخ: اكرهك يا مازن.. اكرهك..
وبكى قلبها الجريح بدموع من دم.. وسالت تلك الدماء على قلب احب بكل صدق وكان نصيبه الزيف والخداع.. تماما كما انجرحت اناملها وسالت دمائها بغزارة بحلمها ذاك عندما حاولت قطف زهرة الحب...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قبل ربع الساعة من الاحداث.. وبعد ان خرج مازن من غرفة ملاك اثر نداء والده.. توجه الاول الى هذا الاخير في الردهة .. وقال بابتسامة هادئة وهو يقف الى جوار والده الذي يتخذ مجلسه على الاريكة: هل ناديتني يا والدي؟..
قال امجد بهدوء وهو يشير على المقعد: اجل.. اجلس..
جلس مازن بجوار والده على الاريكة.. فقال امجد بهدوء: لقد اتصل بي اليوم خالك .. والد حسام ..ويريد ان يأتي هو وابنه هذا المساء..
مازن فهم الامر تقريبا ولكنه قال متسائلا حتى لا يعرف والده انه قد علم بالامر قبله: بشأن ماذا؟..
قال امجد وهو سند رأسه لمسند الاريكة: لست اعلم.. قال انه سيخبرني بالموضوع عندما يأتي مساءا.. هو وابنه.. وبصراحة استغربت هذه الزيارة..فليس بالعادة ان يزورني خالك الا فيما ندر او في المناسبات..
قال مازن مبررا: ربما يكون الامر مهما..
قال امجد وهو يهز كتفيه: ربما..
واردف قائلا وهو يلتفت الى مازن ويقول بصرامة: لهذا.. لا تغادر اليوم المنزل .. لا انت ولا كمال.. اريد ان تكونا في استقبالهما..
اومأ مازن برأسه وقال: لن اغادر كما تأمر يا والدي ..وسأبلغ كمال ايضا ..
واردف قائلا: ايمكنني ان اذهب الآن؟..
حدجه والده بنظرة ثاقبة ومن ثم قال: اذهب..
ابتسم مازن وهو ينهض من مكانه ويتجه الى غرفة ملاك التي كانت في نهاية الردهة.. ويطرق بابها في سرعة ليقول وهو يفتحه: عذرا يا عزيزتي ان كنت قد تأخرت عليك فـ...
تلاشت الكلمات الباقية من على طرف لسانه.. وتبخرت اية كلمات بذهنه عندما تطلع الى ملاك الجالسة على مقعدها وتحدجه بنظرة لأول مرة يراها في عينيها.. نظرة تعبر عن الحقد والكره.. وتقدم منها مازن وقال بقلق: ملاك.. ماذا بك؟..
رفعت ملاك رأسها اليه وقالت بنظرة تجمع ما بين الالم والكره: لماذا؟..
ارتفع حاجبا مازن باستغراب شديد وقال : لماذا ماذا يا عزيزتي؟ ..
هتفت ملاك فجأة بانفعال: لماذا خدعتني؟ ..لماذا كذبت علي؟ ..لماذا جعلتني احيا في حلم جميل ومن ثم قتلتني دون شفقة بي او رحمة؟.. ماذا فعلت لك؟ .. فيم اذنبت؟ ..
بهت مازن من انفعالها وقال بدهشة : ما الذي تقولينه؟..
قالت ملاك بصوت اقرب الى الصراخ: لم تزوجتني؟.. لقد كنت اعيش بهدوء.. فلم ظهرت في حياتي؟ .. لم احطني بحنانك واهتمامك ؟.. وبعد ان اصبحت كل شيء في حياتي جئت لتقتلني بكل قسوة.. اخبرني لماذا؟..
قال مازن بذهول وهو يهبط الى مستوها ويمسك كتفيها بقوة: ملاك .. ما الذي جرى لك؟؟.. لقد تركتك وانت على ما يرام.. فما الذي حدث؟.. ما الذي جعلك تنطقين بكل هذه التفاهات؟..اي خداع او قتل تتحدثين عنه؟..
قالت ملاك بانفعال وهي تبعد كفيه عن كتفيها: اسأل حنان .. اسأل حبيبتك.. لقد اخبرتني بكل شيء..اخبرتني انك مخادع وكاذب.. انك لم تتزوجني الا شفقة بي.. وبعدها ستتركني وتتخلص مني عندما تشعر بالملل..
قال مازن بحدة: وصدقتيها بكل هذه السهولة.. حنان هذه كاذبة .. هي من تحبني.. ولكني لم اهتم بها في يوم.. لهذا تريد التفريق من بيننا..
قالت ملاك ودموعها تسيل على وجنتيها بكل الم ومرارة: يكفي اكاذيب.. ارجوك لم اعد احتمل خداعك.. لقد قرأت كل الرسائل الموجودة بهاتفك.. وعلمت أي شخص تكون .. فدعني وشأني ارجوك.. لا اريد ان اراك بعد الآن..
قال مازن وعيناه متسعتان بذهول: أي هراء تتفوهين به؟.. والرسائل التي تتحدثين عنها هن من كانوا يرسلونها الي وذلك قبل ان اعقد قراني عليك..و....
بتر عبارته اثر ملاك التي صرخت بهستيرية: قلت لك اخرج خارجا.. لا اريد ان اسمع أي شيء مما تقوله .. يكفي خداعا..
قال مازن وهو يمسك كتفيها بقوة: ملاك يكفي.. صدقيني .. لست اكذب في شيء.. اقسم لك اني لم اتزوجك شفقة بك او...
ملاك التي كانت دموعها تسيل دون توقف ..صرخت في وجهه بغضب قائلة: قلت اخرج خارجا.. لا اريد رؤيتك او سماع صوتك.. كلكم كاذبون ومخادعون.. كلكم .. لقد ظننت ان هناك شخص آخر غير ابي يعرف معنى الصدق والحب.. لكني قد اخطأت ـ.. لاني كما قالت عني ساذجة .. وعاجزة..
قال مازن بعصبية: من وضع في رأسك هذا الكلام؟ .. لا تهتمي بكلام حنان فهي مجرد تافهة..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه بنظرة قاسية: وانت.. انت مخادع.. كاذب.. اكرهك يا مازن .. اكرهك..
لم يعلم مازن لم في تلك اللحظة شعر بقسوة تلك الكلمة.. ووقعها على اذنيه.. وقلبه الذي اعتصر الما لسماعها.. وقال وهو يتطلع اليها: انت لا تعرفين ان تكرهي يا ملاك.. انت تجسدين معاني الطيبة والقلب الابيض والحب والتسامح.. فكيف لك ان تعرفي معنى الكره؟..
قالت ملاك بصوت منفعل: الفضل يرجع لك..
وصرخت مردفة: دعني وحدي لا اريد ان اراك..
في تلك اللحظة كانت مها تهبط على درجات السلم واستغربت من صوت الصراخ المنبعث من غرفة ملاك.. وفتحت الباب لتقول باستغراب: ما الذي يجري هنا؟..
شاهدت مازن يحاول تهدئة ملاك بشتى الطرق وتلك الاخيرة تصرخ وتبكي بهستيرية.. فتقدمت وقالت بذهول ممزوج بالخوف: ما الذي جرى؟..
التفت مازن لها في سرعة وقال بتوتر: جئت في وقتك يا مها.. ارجوك اخبريها ان حنان مجرد كاذبة.. وانها لا تريد الا التفريق من بيننا..
اشارت ملاك الى الباب وقالت بصوت متحشرج: اخرج.. لا اريد سماع شيء .. كلكم تكذبون.. كلكم ..
قالت مها بهدوء: ملاك.. لست اكذب عليك.. حنان حقا كانت تلاحق مازن بين الفينة والاخرى.. حتى يمنحها ...
التفتت له ملاك وقالت بعينين دامعتين: انت ايضا تكذبين.. لقد كنت تعرفين ان شقيقك مازن يعرف مئات الفتيات غيري.. ولكنك اخفيت عني ذلك.. ظننت اني غبية لن اعلم ذلك في يوم ما..
شعرت مها بالندم والالم .. لانها كانت سببا قريبا او بعيدا في ما يحدث الآن لملاك.. فلو اخبرتها بالحقيقة.. فربما ملاك لم تكن لتوافق على مازن.. وحينها قد يتغير الكثير ..في في حين اردفت ملاك وصوتها يكاد يفطر اقسى القلوب وهي تلتفت الى مازن: اذهب اليهن.. فماذا تريد بعاجزة مثلي؟..
قالتها وهي تضرب ساقيها بقبضتيها في قهر.. فأمسك مازن كفيها وقال بصوت عالي: يكفي يا ملاك .. يكفي..لا تفعلي بنفسك هكذا.. اهدئي فقط.. وسأفهمك الامر..
شعر بكفي ملاك يرتجفان بين يديه.. وبكلماتها تتقطع وهي تقول بصوت مختنق: لن اصدق أي شيء مما تقول.. لن اكون ساذجة.. بعد الآن..
قال مازن بقلق وهو يرى شحوب وجهها: ملاك اهدئي..سأفعل كل ما تريدين لكن اهدئي اولا..
قالت ملاك وهي تشعر بارتجافة جسدها كله وبالبرودة تسري في اطرافها:اخرج .. لا اريد رؤيتك..
التفت مازن الى مها وقال وهو يلمح الخوف في عينيها: مها .. اتصلي بأي طبيب حالا..
اومأت مها برأسها في توتر وخوف.. واسرعت تغادر الغرفة .. فقال مازن وهو يمسك يدي ملاك في قوة: اهدئي الآن يا ملاك .. من اجلي..لا بل من اجل والدك.. اهدئي.. لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من عينيك وحتى انا..
قالت ملاك وهي تشعر بانهاك بدأ يسيطر عليها وبارتجافة جسدها تزداد: ومن قال اني ابكي بسببك.. انا ابكي بسبب ماحدث لي.. لم اتخيل انه يوجد بشر مثلك.. يخدعون ويتلاعبون بمشاعر شخص لم يحاول اذيتهم في شيء.. بل على العكس...
بترت عبارتها وازدردت لعابها بتعب واردفت وهي تتطلع الى مازن بعينين تعبران عن اشد واقسى انواع الحزن: لقد كنت في نظري مصدر الامان.. مصدر الحنان .. لقد كنت تخفف من احزاني وآلامي.. لكنك الآن...
وهتفت مستطردة بألم ومرارة : لكنك الآن اصبحت مصدر آلامي.. فإلى من الجأ؟..
قال مازن باشفاق وحنان: يكفي يا ملاك..ارجوك اهدئي.. كلماتك تقطع قلبي.. لم اقصد ان اكون سببا في آلامك او...
قاطعته ملاك وقالت وكأنها لم تسمعه.. وشحوب وجهها يزداد.. وشعرت بأن جفنيها بدآ يتثاقلان: لقد رسمت لك في ذهني صورة القلب الحنون والابتسامة الرائعة التي تدخل الفرح الى قلب كل من يراها.. لقد كنت اراك دائما ملجئ الامان.. لكنك حطمت هذه الصورة بيديك يا مازن.. وبلا ادنى اهتمام..
قال مازن وهو يتطلع الى عينيها مباشرة وبقلق عليها: سأكون لك كذلك دائما يا ملاك..سأكون لك الصدر الحنون الذي تشكين عليه آلامك.. وملجئ الامان الذي تحتمين فيه من أي خوف.. لن اسمح لأي شخص بأن يفرق بيننا.. هم يكذبون .. لا تصدقيهم.. لقد تغيرت يا ملاك.. اقسم لك.. منذ ان رايتك وانا اشعر بأنك ستغيرين حياتي وتقلبينها رأسا على عقب بطيبتك وبرائتك وحنانك ورقة قلبك..
ابتسمت ملاك ابتسامة استغرب منها مازن وقالت: لو كنت قلت لي هذا قبل ساعة واحدة فقط.. لكنت صدقتك .. ورقص قلبي فرحا لسماع هذه الكلمات منك.. لكني الآن .. اكرهك.. اكرهك.. ولم يعد بامكاني ان اصدقك ..
"اقسى انواع الجروح..هو ان تُجرح ممن تحب"
واردفت بصوت متهالك: مازن انت.. انت كنت .. كنت كل شيء..في حياتي.. اما الآن فقد اصبحت لاشيء.. لاشيء..
في هذه المرة الطعنات كانت موجهة لقلب مازن الذي شعر بالالم والدهشة من الكلمات التي تخرج من بين شفتي الملاك الذي يجلس امامه.. وادرك في تلك اللحظة أي جرح قد سببه لها.. الآن اصبحت تراه احقر انسان في الوجود.. انسان نذل وحقير .. يتلاعب بمشاعر الآخرين بلا ضمير..
ووجد الملاك الذي امامه يتهالك.. لتغمض عيناها بتعب وتسيل دمعة تعبر عن العذاب الذي تحياه على وجنتيها.. ومن ثم يسقط جسدها على صدر مازن دون شعور منها..
ولما شعر مازن بأنها غائبة عن الوعي..وانها لم تعد تشعر بالواقع المرير الذي تحياه.. احاط جسدها بذراعيه بكل حنان.. وقال وهو يشعر بحجم المعاناة الذي مرت بها: انا آسف يا ملاكي .. لقد اخطأت في حقك كثيرا.. صفيني كما تشائين.. لكن لا تقولي انك تكرهيني.. اعلم ان قلبك لم يعرف الكره في يوم.. اغفري زلة انسان احمق.. لم يعرف قيمة الملاك الذي معه.. اغفري لي يا ملاك.. فلم اعد استطيع الابتعاد عنك او تخيل الحياة بدونك..
وحمل جسدها الصغير بين ذراعيه.. ليرقدها على فراشها.. ويغطي جسدها بالغطاء بكل حنان.. وهو يشعر بالندم على كل ما سببه لها من آلام..ومسح على شعرها الاسود قبل ان يبعد كفه عنها ويقول وهو يكور قبضته في الم : انا السبب في كل ماحدث لك يا ملاك.. انا..
والقى عليها نظرة حانية ولمح في تلك اللحظة ان قطرات العرق بدأت تتجمع على جبينها.. فمد كفه ليتحسس جبينها ومن ثم قال بتوتر: حرارتها مرتفعة..
وعقب قوله دخول مها الى الغرفة التي قالت: لقد قال الطبيب انه سيحضر بعد دقائق فقط و...
اشار لها مازن بالصمت وقال بصوت خافت: لقد نامت للتو..
قالت مها بخوف: كيف حالها؟..
قال مازن بتوتر وهو يتطلع الى ملاك: حرارتها مرتفعة.. لا اعرف ان كان ذلك بسبب الجو المتغير.. او بسبب الصدمة التي مرت بها..
قالت مها متسائلة: ما الذي حدث بالضبط؟..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بتوتر: لست اعلم ما حدث بالضبط.. سأخبرك بكل شيء بالخارج.. دعينا نتركها لترتاح الآن..
اومأت مها برأسها وسارت معه لتغادر الغرفة وحينها لمح مازن هاتفه الذي فتح غطاءه وسقطت منه البطارية.. فمال بجسده ليلتقطه وهو يتنهد.. ومن ثم يغادر الغرفة مع مها.. وقبل ان يغلق الباب القى نظرة اخيرة على جسد ملاك الممد على الفراش.. واعتصرت قلبه قبضة باردة.. وشعر بالمرارة وهو يغلق الباب ويقول لمها: اطلبي من نادين ان تبقى معها بالغرفة ومن ثم تعالي الى غرفتي حتى نتحدث بهدوء واخبرك بكل شيء فهمته منها..
قالت مها مغمغمة: فليكن..
ابتعدت عنه ..وسارت الى حيث غرفة نادين لتطرق الباب .. ولكن نادين لم تكن في غرفتها.. ولمحت مها تطرق باب غرفتها فجاءتها لتقول متسائلة: ما الامر آنسة مها؟..
قالت مها بقلق وهي تلتفت لها: ملاك..
قالت نادين بحيرة: لقد اعددت لها الفطور.. هل تريد أي امر آخر؟..
التقطت مها نفسا عمبقا ومن ثم قالت: انها متعبة في غرفتها.. اذهبي للبقاء معها ريثما يأتي الطبيب..
شهقت نادين قائلة بخوف: مابها؟..
قالت مها بارتباك: حرارتها مرتفعة..
قالت نادين في سرعة وتوتر: سأذهب اليها في الحال..
شعرت مها في تلك اللحظة بخوفها يزداد على ملاك.. لم تعرف ما حدث تماما.. لكنها كانت تعلم ان السبب هي حنان .. شيء ما قالته هذه الاخيرة لملاك.. جعل حالتها النفسية تسوء الى هذه الدرجة..عن مازن.. او عن عجزها.. لا تعلم بالضبط و...
طردت تلك الافكار من ذهنها وهي تصعد درجات السلم ..وبينما هي كذلك.. شعرت بشخص يقف امامها مانعا اياها من المرور.. فرفعت رأسها اليها وما ان فعلت حتى قال: ماذا بها ملاك؟..
قالت مها وهي تتنهد: لا شيء .. دعني امر يا كمال..
تطلع لها كمال بنظرة باردة وقال:اظن انك سمعت سؤالي جيدا.. اخبريني ماذا جرى لملاك؟..
قالت مها بارتباك وهي تشيح بنظراتها: أأ.. حرراتها مرتفعة قليلا..
عقد كمال حاجبيه بحدة.. وبان على وجهه ملامح الضيق.. ومن ثم قال وهو يميل نحوها: وايضا؟..
لم تجبه مها.. فقال وهو يمسك ذراعها: اجيبي يا مها.. لقد سمعت صوت بكاءها وصراخها.. فما الذي حدث لها؟..
قالت مها وهي ترفع رأسها اليه: صدقني لا اعلم.. انا ايضا سمعت صوت صراخها مثلك.. فذهبت الى غرفتها وهناك ما ان رآني مازن حتى طلب مني ان اخبرها بأن حنان كاذبة.. وانها تريد التفريق بينهما ..
قال كمال وهو يضيق عينيه: اذا مازن ورفيقاته هم السبب فيما اصابها..
واردف قائلا: اكملي ..وماذا حدث بعد ذلك؟..
زفرت مها بحدة وقالت: بدأت ملاك بالصراخ وهي تتهمنا جميعا بأننا خدعناها واننا كنا نكذب عليها .. وبعدها طلب مني مازن الاتصال بطبيب ما عندما شاهدها في حالة هستيرية.. ففعلت ما طلب مني.. وعندما عدت اليه مجددا.. وجدت ملاك تنام على فراشها باعياء.. هذا كل ما اعرفه .. صدقني..
ترك كمال ذراعها وقال بغضب: لو اصيبت ملاك بأي مكروه .. فسيدفع شقيقك الثمن غاليا..
تطلعت له مها بدهشة في حين تركها هو ومضى في طريقه .. ومن ثم لم تلبث ان هزت رأسها بحيرة وهي تكمل صعودها لدرجات السلم.. وقبل ان تذهب الى غرفة مازن .. ذهبت الى غرفتها واتجهت الى هاتفها لتلتقطه.. ولكن استدعى انتباهها عدد المكالمات التي لم يتم الرد عليها.. كانت سبع مكالمات وكلها من حسام..
وابتسمت ابتسامة باهتة لتقول متحدثة الى نفسها: ( يبدوا واني في غمرة الاحداث التي جرت اليوم.. نسيت انك ستأتي لخطبتي هذا المساء يا حسام)..
وكادت ان تتصل به.. لكن رنين هاتفها قد سبقها .. فاجابت عليه بعد ان عرفت هوية المتصل: اهلا حسام ..كيف حالك؟ ..
قال حسام بحدة: في اسوأ حال.. أي برود تملكين يا مها؟ .. منذ ساعة وانا اتصل بك دون جواب.. قلبي يكاد يتوقف من شدة القلق والخوف عليك..
قالت مها بابتسامة شاحبة: لا تقلق انا بخير..
قال حسام عندما انتبه لرنة صوتها المتغير: مها.. هناك امر ما قد جرى..اخبريني هل الجميع بخير؟..
قالت مها مجيبة وهي تجلس على طرف فراشها: اجل الجميع بخير ..لكن ملاك متعبة قليلا.. عذرا لاني لم اجبك قبل قليل.. فقد كنت معها و...
قاطعها حسام قائلا بحنان: لا تعتذري.. لقد قلقت عليك ليس الا.. واتمنى ان تتعافى ملاك قريبا..
قالت مها بحزن: لا اظن..
- لم تقولين هذا؟..
قالت مها بأسى: قد يشفى المرء من مرضه الجسدي.. لكن كيف يمكن له ان يشفى من مرضه النفسي؟..
قال حسام بهدوء: لكل داء دواء.. وان كانت ملاك متضايقة من امر ما.. فحاولي ان توضحيه لها على حقيقته بأبسط طريقة .. وكذلك حاولي مواستها قدر الامكان والتخفيف عنها ..
ابتسمت مها وقالت: أي طبيب نفسي اعرف..
قال حسام بغرور مصطنع: المشكلة انك لا تقدرين امكانياتي ..
واردف قائلا بابتسامة حانية: والآن يا حبيبتي اخبريني ما هو شعورك هذا اليوم؟..
قالت مها بخجل: بكل تأكيد سعيدة.. اشعر بأني في حلم واني سأستيقظ في اية لحظة من كل هذه السعادة التي اشعر بها..
قال حسام بتأنيب: عدنا للأحلام من جديد..
ضحكت مها ضحكة قصيرة ومن ثم قالت: لا.. لن يكون هناك احلام بعد الآن.. بل هو واقع جميل سنحياه معا والى الابد..
قال حسام بابتسامة: اجل هكذا..
قالت مها عندما تذكرت مازن الذي ينتظرها في الغرفة: حسام.. انا مضطرة الآن للذهاب.. سأتصل بك فيما بعد..
قال حسام بحنان: حسنا.. واهتمي بنفسك عزيزتي..
قالت مها بحب:وانت كذلك.. والآن الى اللقاء..
- الى اللقاء واراك مساءا..
اغلقت مها الهاتف وهي تشعر بحب حسام قد استولى على مشاعرها وكيانها كله.. اصبح كالهواء الذي تتنفسه الذي لا يمكن لها ان تمضي ثانية دون ان تتذكره او تتحدث اليه..كالدماء التي تسري في عروقها..فقد اصبح حسام جزءا لا يتجزأ منها ومن حياتها..
نهضت مها من مكانها.. واتجهت الى غرفة مازن..وهناك طرقت باب غرفته مرتين متتاليتين دون اجابة.. وعاودت الطرق.. لكن لم تجد أي جواب.. وتطلعت الى الباب في حيرة.. ومن ثم لم تلبث ان فتحت قائلة: مازن .. أخرجت من...
بترت مها عبارتها.. عندما لمحت مازن يجلس على طرف فراشه.. لا.. لايمكنها ان تقول ان هذا هو مازن الذي تعرفه .. مازن الذي تعرفه لا تفارق الابتسامة شفتيه.. ويواجه أي مشكلة او صعوبات بسخرية او تحدي .. مازن الذي يفتعل أي شجار بينه وبينها حتى يتسلى قليلا بمضايقتها..
اما من امامها فقد كان ابعد ما يكون عن مازن الذي تعرف .. كان يجلس على طرف الفراش وينظر الى الفراغ.. وهو يطرق برأسه في مرارة.. وذراعاه تسندان رأسه وكأنه يحمل هموم العالم كله.. وقالت باشفاق: مازن.. مابك؟..
التفت لها مازن بهدوء وقال: متى دخلت الى الغرفة؟.. لم انتبه اليك..
قالت مها وهي تقترب منه وباهتمام قائلة:لا اظنك ستنتبه الى شيء وانت في هذه الحال.. اخبرني ما بك؟.. وماذا بها ملاك؟..
ابتسم مازن بسخرية مريرة وقال: ملاك؟.. لقد قالت انها تكرهني.. ولم تعد تريد ان تراني مجددا..
قالت مها وهي تهتف بصوت اقرب الى الرجاء: اخبرني ما حدث بينك وبينها حتى يحدث كل هذا..
اخبرها مازن بما حدث وما فهمه باختصار شديد.. ومها تستمع اليه وقلبها يشفق علىحالة ملاك التي لم تحتمل مثل هذه الصدمة ..واعقب قوله قائلا: صدقيني يا مها.. الرسائل التي رأتها في هاتفي كانت منذ اسبوع .. أي قبل عقد قراني عليها..
قالت مها بحدة: ولم لم تمسحها اذا؟..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: لم اتوقع ان تراها ملاك في يوم..
قالت مها وهي تمط شفتيها: لهذا السبب لم تقم بمسحها.. لأنك ظننت ان ملاك لن تراها.. ياله من مبرر!..على الاقل عليك ان تفهم انك الآن انسان متزوج عليك ان تقطع أي صلة لك بالماضي ..
قال مازن بصدق: اقسم لك يا مها.. لم تعد أي فتاة تهمني كالسابق.. لم اعد الاحق الفتيات واحاول الحصول على صداقتهن.. هذه الايام اجد نفسي.. لا اهتم بأي فتاة فاتنة تراها عيناي.. وكلما حاولت التفكير في فتاة ما.. ارى ملاك تخطر على ذهني.. لاتوجد فتاة قبلها سيطرت على تفكيري بهذه الطريقة.. ولا فتاة أثرت في مشاعري كل هذا التأثير.. شعوري تجاهها ليس شفقة.. كل ما افعله افعله لاني اريد ذلك.. اريد ان اهتم بها.. اريد ان احنو عليها.. اريد ان ارى ابتسامتها وارى نظرات الخجل في عينيها.. لم افكر يوما في ان اكون سببا لحزنها.. وهل تصدقيني ان قلت لك ان شعرت بحزن والم فظيع؟.. لأنها قالت لي اني كنت كل شيء في حياتها .. والآن لا شيء..
وقال وهو يزفر بحرارة مردفا :أخبريني يا مها.. ما الحل في رأيك؟ ..
قالت مها وهي تهز رأسها: لست اعرف.. لقد حذرتك يا مازن مرارا.. لكن انت لم تكن تستمع الي.. لو صارحتها قبلا.. لكن الوضع افضل بكثير من معرفتها من تلك الحقيرة حنان.. لا تعرف أي سموم بثتها في اذني ملاك الآن..
واردفت قائلة: ولا تنسى ان ملاك ليست لديها اية خبرة بنفوس البشر واطباعهم.. وكانت هذه اقوى صدمة قد مرت عليها وهي تظن ان الانسان الذي وثقت به وارتبطت به قد خدعها..
نهض مازن من مكانه وقال بحدة:لم اعد احتمل.. انت تزيدين الامر صعوبة.. فلنذهب لها .. فربما يأتي الطبيب بعد قليل..
نهضت مها من مكانها وهي تقول: اتتوقع ان ادافع عنك مثلا؟ ..او اقول ان ملاك لم يكن لديها حق بوصفك بالكاذب والمخادع .. او اقول انها قد بالغت فيما فعلته وانه يجب عليها ان تسامحك وتغفر لك خداعك لها..
قال مازن وهو يتطلع الى خاتم الخطبة الذي يحتل اصابعه: انا لم اقل هذا ولكن على الاقل تمنحني فرصة لاشرح موقفي لها..
قالت مها وهي تحدجه بنظرة حانقة: ما رأته بعينيها لا يحتاج الى شرح.. رسائل من فتيات يبثنك فيها الاشواق والحب..
هز مازن رأسه ومن ثم التفت عنها ليمضي في طريقه الى باب الغرفة ومها بدورها تبعته وغادرت الغرفة..ليهبطا الى الطابق الاسفل ويتوجهان الى غرفة ملاك.. وهناك شاهدت مها نادين وكمال اللذين ينتظران خارج غرفة ملاك.. فقالت مها متسائلة: هل جاء الطبيب؟..
التفتت نادين الى مها وقالت: اجل.. وهو معها في الغرفة الآن..
اما كمال فقد رمق مازن بنظرة تحمل كل معاني الغضب المكبوت بداخله.. واستغرب مازن من تلك النظرة وان لم يلتفت لها.. وانتظر بقلق خروج الطبيب..
افكارهم كانت مختلفة في تلك اللحظة.. بين كمال الذي يشعر بالغضب على مازن.. ومها التي تشعر بالقلق على ملاك.. ومازن الذي يشعر بالندم لما حدث لهذه الاخيرة بسببه ..ولكن كان يجمعهم خوفهم على ملاك وترقبهم لخروج الطبيب حتى يستفسروا منه عن حالتها..
وما ان خرج الطبيب حتى تعلقت به نظرات الكل.. وسأله مازن قبل الجميع قائلا: كيف حالها الآن ايها الطبيب؟..
قال الطبيب وهو يبتسم بهدوء ليطمئنهم: لا تقلقوا.. اعصابها متعبة قليلا.. وحرارتها مرتفعة فيبدوا انها تعرضت للجو البارد لفترة.. وستشفى باذن الله اذا لازمت الفراش ليومين وداومت على هذا الدواء..
قالها وهو يسلم مازن الورقة التي خط عليها اسم الدواء.. فقالت مها وهي تلتفت الى مازن بضيق: لابد وانها قد اصيبت بالحمى لكونها قد تعرضت للهواء البارد بالامس عندما اخذتها الى الشرفة..
قال مازن وهو يتنهد: هي من ارادت ذلك..وكل ما فعلته اني لبيت رغبتها.. انت لم تريها كيف كانت متضايقة عندما ادخلتها الى المنزل وحرمتها الجلوس تحت المطر كما كانت تتمنى..
واردف قائلا متحدثا الى الطبيب: شكرا لك يا ايها الطبيب.. واتعبناك معنا..
قال الطبيب بهدوء: لاشكر على واجب يا بني..
التفت مازن الى نادين وقال: اوصليه يا نادين..
اومأت نادين برأسها.. وسارت مع الطبيب مبتعدة عنهم.. في حين تقدم كمال من مازن وعيناه تحملان كل قسوة وغضب: الطبيب قال انها كادت ان تصاب بانهيار عصبي بسبب ما جرى لها عندما جاء.. فما الذي فعلته بها؟..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: لم افعل شيئا..
انقض كمال على ياقة قميصه ليقربه منه ويقول وغضبه يتضاعف: ما الذي فعلته بها؟..اجبني..
قال مازن وعيناه تتسعان بدهشة وهو يمسك بكف كمال ويحاول ابعادها عن ياقة قميصه: كمال.. هل جننت؟.. ابعد يدك عني..
قال كمال وهو يهتف بثورة ويتطلع اليه بعينان تقدحان شررا: لن اتركك قبل ان تخبرني ما الذي فعلته بملاك حتى اوصلتها الى هذه الحال؟..
مها التي توترت مما تراه امامها قالت بتردد: كمال.. مازن شقيقك الاكبر.. وعليك ان تحترمه وتـ...
قاطعها كمال بقوة وهو يشد من قبضته على ياقة قميص مازن: فليتعلم هو اولا احترام الآخرين ومشاعرهم.. قبل ان تطلبي مني ان احترمه..
ابعد مازن كف كمال عنه وقال بعصبية: لست اسمح لك.. اتفهم..
قال كمال بانفعال وهو يكور قبضته : لا يهمني ان سمحت لي ام لم تسمح.. ما يهمني ان لا تصاب ملاك بأي مكروه.. والا فالويل لك..
قال مازن بغضب: ملاك بخير.. ما حدث بيننا سوء تفاهم.. ثم لا تنسى انها زوجتي.. وانه ليس من حقك ان تتدخل بيننا ..
قال كمال وهو يحدجه بغضب ومن ثم يلتفت عنه: سنرى ان كان لي الحق في الدفاع عنها ام لا..
قالها وسار مبتعدا عنه .. وهو يتجه الى بوابة المنزل الرئيسية.. في حين قال مازن وهو يزفر بحدة ويلتفت الى مها: سأذهب لأحضار الدواء لها.. ابقي بجوارها..
اومأت مها برأسها.. وهم مازن بالابتعاد عن المكان لكنه توقف وعاد ليلتفت الى مها ليقول بصوت حاني: واهتمي بها جيدا ..
ابتسمت مها له مطمئنة.. وشاهدت مازن يبتعد عنها.. بخطوات مسرعة.. وكأنه يخشى ان يتأخر في احضار الدواء لملاك..وابتسمت ابتسامة شاحبة لتقول متحدثة الى نفسها : ( اخيرا بدأت اشعر ان الحجر قد لان.. وان قلبك الذي اغلقته عن حب ملاك.. بدأ ينبض لها.. لست الومك ..فمن يستطيع ان يعرف ملاك ولا يحبها؟.. ولكن...)
قطعت افكارها وهي تدخل الى غرفة ملاك.. وتتجه نحو فراشها.. واكملت حديثها مع نفسها قائلة وهي تتطلع الى وجه ملاك الشاحب: ( ولكن.. كيف يمكن لملاك ان تتخطى كل ما جرى لها..وتغفر لك ما سببته لها من صدمة ومعاناة ..و ايضا..)
عادت لتقاطع افكارها وهي تجذب مقعدا وتجلس الى جوار فراش ملاك .. وتنهدت بقوة وهي تتطلع الى ملاك بنظرة مشفقة .. ومن ثم تقول مستطردة بافكارها: ( ولست اعلم ان كان ما افكر به صحيح ام لا.. وان كان هذا من حسن حظك او سوءه.. ولكني شعرت اليوم .. انك قد حزت على حب اخوين.. احدهما احبك حب صامت لم يتمكن من التعبير عنه .. والآخر اغلق قلبه امام حبك.. لأنه كان ينظر لك كعاجزة.. وعاد ليفتحه لك ولكن متأخرا جدا..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 07:52 AM   #44 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الرابع والثلاثون
"ذنب لم ترتكبه"

(والدي.. لقد تأخرنا كثيرا.. اسرع من فضلك)
قالها حسام وهو يهتف بصوت عالي بعض الشيء و يقف عند اسفل الدرج.. مناديا والده من الطابق الاعلى..فابتسمت والدته التي خرجت من المطبخ.. واقتربت منه لتقول: رويدك يا حسام.. لن تهرب مها ..
التفت حسام الى والدته وقال بكلمات سريعة: لكننا قد تأخرنا على موعدنا عشر دقائق..
ابتسمت والدته بحنان ووضعت كفها على كتفه لتقول: لقد انتظرت هذا اليوم طويلا يا حسام..اليوم الذي اراك فيه عريسا .. ولقد تمنيت ان تكون زوجتك افضل الفتيات.. واني سعيدة لانك اخترت مها.. فمها هي ابنتي وانا من قمت بتربيتها بعد ان تركت والدتها المنزل.. ومنذ ان كنتما طفلين .. واراكما تلاعبان سويا.. حتى تمنيت ان تكون مها من نصيبك.. وحمدلله الذي حقق لي هذه الامنية ..
التقط حسام كف امه ليقبلها بكل حب ومن ثم يقول لها: والعقبى لأن تري مها بفستان الزفاف.. تقف بجوار ابنك الوسيم..
ابتسمت له والدته وقالت : ولا تنسى ان مها هي ابنتي.. وان عقابك سيكون عسيرا لو ضايقتها بكلمة..
قال حسام بمرح: منذ الآن تهدديني من اجل مها يا امي..
قالت والدته وهي تتطلع اليه: باذن الله ستكون من نصيبك يا بني ويوفقك معها في حياتكما..
سمعا في تلك اللحظة صوت والد حسام يقول وهو يهبط من اعلى الدرج: علمي ابنك عدم الاستعجال.. لقدازعجني بنداءاته ..
قال حسام وهو يلتفت الى والده بمرح: وكأنك انت العريس يا والدي.. ساعة لكي تجهز..
رمقه والده بنظرة باردة ومن ثم قال: يبدوا واني سأتراجع عن قراري بخطبة مها لك..
اسرع حسام يقول ليحسن موقفه: تبدوا انيقا جدا يا والدي اليوم .. بالتأكيد ستخطف مني الاضواء..
قال والده بابتسامة وهو يدفعه بخفة: سر امامي.. وكفاك مجاملة من اجل مها..
قال حسام مبتسما: مها تستحق ان افعل أي شيء من اجلها..
قالت والدته وهي تراقبه بعينيها ينصرف مع والده: فليجعل الله تعالى مها من نصيبك يا بني.. ويرسم لك السعادة في حياتك دائما..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
وضعت مها اللمسات الاخيرة من زينتها .. وتطلعت الى نفسها للمرة المائة وهي تتأكد من فستانها واناقتها.. تصفيفة شعرهاوزينتها .. تريد ان تكون في ابهى حلة واجمل فتاة في عيني حسام هذا اليوم..
كانت ترتدي فستانا يجمع بين زرقة السماء وبياض الغيوم بدرجات بسيطة.. جعلت مها تبدوا في منتهى الرقة والنعومة.. وزينت اذنيها بحلق فيروزي ورقبتها بقلادة تحمل احجار فيروزية كذلك.. اما شعرها فقد رفعته بأكمله بتصفيفة شعر زادتها جمالا..
وشعرت بخفقات قلبها المتوترة.. اليوم هو يوم مهم في حياة أي فتاة.. لكنها ليست أي فتاة.. اليوم سيتحدد مصيرها وسترتبط بالانسان الذي تحب..وتسارعت تلك الخفقات وهي تتخيل اصبعها يحمل خاتم خطوبة حفر عليه اسم حسام..
ومن ثم تتخيل نفسها ترتدي فستان الزفاف الابيض وتقف الى جواره في حفل الزفاف..والابتسامة تعتلي شفتيها.. وحسام الذي يقف الى جوارها يبتسم لها بكل حنان وحب.. ويلتقط كفها ليحتضنها بين كفيه بحب و.. .
(مها.. ايتها البلهاء.. لم لا تجيبين؟..)
انتفضت وهي تستيقظ من افكارها على صوت مازن الذي جاءها من عند الباب.. وقالت وهي تضع كفها عند خصرها بكل حنق: لم تصرخ هكذا؟..
قال مازن وهو يدلف الى الغرفة: وانت لم لا تجيبين؟.. لقد طرقت الباب لعشر مرات..
قالت مها وهي بضيق: لم اسمع..
دفع مازن جبينها باصبعه وقال بابتسامة خبث: دعي عقلك في رأسك قليلا.. بدلا من ان يغادر مع حسام دائما..
توترت مها.. لكنها قالت محاولة اخفاء توترها: ماذا تريد الآن؟..
قال مازن مبتسما: اريد ان اخبرك.. بأن الشخص الذي غادر اليه عقلك ليس بعيدا.. فهو ينتظرك بالاسفل.. وفي غرفة الجلوس تحديدا..
شهقت مها وقالت: حسام هنا؟.. لم اجهز بعد..
قال مازن وهو يتطلع اليها: كل هذا ولم تجهزي بعد.. ماذا تريدين ان تفعلي بنفسك ايضا؟..
قالت مها في سرعة وهي تتطلع الى وجهها في المرآة باهتمام: لا شأن لك.. غادر ودعني اكمل ما بدأته..
لم يغادر مازن بل اقترب منها اكثر وقال بصوت متردد وقلق: كيف حالها؟..
ظهرت نظرة الالم في عيني مها وقالت: نائمة والارهاق يبدوا واضحا على وجهها.. نادين معها الآن و بالكاد منحتها دواءها قبل ساعة..
قال مازن بابتسامة شاحبة: سأذهب لأطمئن عليها..
قالها وغادر الغرفة في حين قالت مها مبتسمة باشفاق: يبدوا انك لا تشعر بقيمة مالديك يا مازن.. الا اذا شعرت بخطر فقدانه يتربص حولك..
وبينما هي كذلك.. سمعت رنين هاتفها الذي جعلها تستيقظ من افكارها..لتسير الى حيث هو ومن ثم تلتقطه.. وما ان رأت اسم حسام يضيء على شاشته.. حتى قالت مجيبة بصوت متلهف: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال حسام بصوت اقرب الى الهمس: لقد حضرنا جميعا .. وانت يا حضرة الاميرة لم تغادري غرفتك حتى الآن..
قالت مها مبتسمة بدلال: وماذا افعل؟.. احاول ان ابدوا اليوم اجمل الفتيات..
قال حسام بحنان: انت جميلة في نظري وهذا كافي..
قالت مها بابتسامة: ووالدك ووالدتك؟.. الا يفترض بي ان اكون جميلة امامهم؟..
- بلى ولكننا ننتظرك هنا.. فلا تتأخري..
قالت مها بمرح: اصبر قليلا.. الا يمكنك ان تحتمل دقائق فقط حتى تراني..
قال حسام بصوت خافت ومرح: وساعات ايضا..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها: حقا؟.. اذا قلتنتظر لساعتين بالاسفل..
اسرع حسام يقول: بالتأكيد انت تتمنين رؤيتي وانا اتحرق شوقا لرؤيتك .. وعندها ساصعد الى غرفتك ولن يهمني احد ابدا..
قالت مها وهي تضحك: مع انك لن تستطيع.. ولكن ان فعلتها فلن تكون الا مجنونا في نظر الجميع..
قال حسام بحنان: ومن قال اني لست مجنونا بحبك يا حبيبتي..
صمتت مها وهي تشعر بخفقات قلبها المتسارعة.. وتوردت وجنتاها بخجل.. فقال حسام مردفا بابتسامة: هيا.. اريد ان اراك بعد دقيقة فقط معنا بغرفة الجلوس..
قالت مها وهي تبتسم بخجل: فليكن.. سأنزل الآن..
قال حسام وهو يتطلع الى ساعته بمرح: اراك بعد دقيقة من الآن الى اللقاء..
- الى اللقاء..
قالتها مها وانهت المكالمة لتتجه الى حذائها وترتديه.. قبل ان تغادر الغرفة وتهبط درجات السلم بهدوء.. وما ان وصلت الى الطابق الارضي.. حتى سقطت نظراتها على باب غرفة ملاك.. فاتجهت اليه وطرقته طرقات خافتة.. ومن ثم فتحت الباب وتقدمت من مازن الذي كان يقف بجوار المقعد الذي تجلس عليه نادين ويعقد ذراعيه امام صدره وهو يتطلع الى وجه ملاك الشاحب ويستمع الى صوت انفاسها المتعبة بكل ألم..
فقالت مها وهي تضع كفها على كتفه: كيف حالها الآن؟..
قال مازن بقلق وخوف واضح: الحرارة لا تكاد تنخفض ابدا .. اخشى ان تؤثر الحمى عليها..
قالت مها لتطمئنه: الطبيب قال انها بحاجة لان تلازم الفراش ليومين وبعدها ستتحسن حالتها..
قال مازن وهو يلتفت الى مها ويبتسم ابتسامة شاحبة: اتمنى هذا من كل قلبي..
قالت مها بابتسامة: والآن هل ستترك الضيوف وحدهم؟.. بعد ان يغادروا يمكنك ان تبقى مع ملاك بقدر ما تريد..
قال مازن وهو يتطلع اليها بخبث: لان الضيوف هم حسام ووالديه.. فلا تريدين ان تتأخري عليهم ولو لدقيقة..
قالت مها بضيق: مازن.. لا تكن سخيفا ولنذهب الـ...
قاطعها مازن قائلا وهو يلتفت عنها: اذهبي انت.. سأتبعك انا بعد قليل..
القت مها نظرة اخيرة على ملاك.. قبل ان تمضي في طريقها وتغادر الغرفة.. اما مازن فقد اقترب من فراش ملاك ووضع كفه على جبينها ومن ثم قال بقلق: حرارتها لا تنخفض ابدا.. امنحتيها الدواء قبل ساعة حقا يا نادين؟..
قالت مادين وهي تومئ برأسها وبقلق مماثل: اجل يا سيد مازن..
امسك مازن بكف ملاك وضغط عليه بحنان وقلق.. ومن ثم قال وهو يتحدث لى نادين: ربما تفيدها الكمادات الباردة..
قالت نادين وهي تنهض من مكانها: سأقوم باحضارها حالا ..
قالتها وعينا مازن تراقبها حتى غادرت الغرفة .. وهنا مسح مازن على شعر ملاك بكل حنان ومن ثم همس لها قائلا وفي عينيه نظرة تحمل حنان الدنيا بأكمله: ملاك .. عزيزتي.. انت ستفيقين.. وستكونين بخير .. اليس كذلك؟.. واعرف انك ستسامحيني وسنحيا معا في سعادة الى الابد..
انتبه مازن في تلك اللحظة الى كلمته "الى الابد".. عندما عرض عليه والده الزواج من ملاك.. رفض في شدة..وادعى انه لن يستطيع تحمل مسئوليتها وانه يريد الزواج بغيرها.. ولكنه الآن يتحمل مسئوليتها بكل ما تحتاج اليه وما لا تحتاج اليه.. وكأن ما يقوم به .. يقوم به بلا ارادة او شعور.. او ربما لهدف معين..
احتضن كفها الصغيرة بين كفيه واردف قائلا: اعلم ان قلبك الابيض الذي لم يعرف الكره في يوم.. سيسامحني .. ليعود كل شيء كما كان.. واعود لأرى في عينيك الخجل كلما التقت نظراتنا..وارى البسمة على شفاهك كلما كنا معا.. ملاك انا لم اعد استطيع رؤيتك وانت في هذه الحال.. اريدك ان تنهضي وتبتسمي بكل رقة وبراءة.. لتمنحي الدنيا معنى للخير والتفاؤل..
ورفع كفها ليقبلها ومن ثم يهمس قائلا: ستكونين بخير يا ملاكي.. انا اثق بهذا.. واشعر به..
ولم تمضي لحظات حتى كانت نادين قد دخلت الى الغرفة.. لتضع بجاور فراش ملاك.. وعاءا يمتلأ بالماء البارد.. وبجواره بضع مناديل.. فقال مازن لنادين وهو يترك كف ملاك بهدوء ويغطيه بالغطاء: اهتمي بها .. وان احتجت الى شيء فأخبريني.. سأكون في غرفة الجلوس..
اومأت نادين برأسها وهي تجلس على المقعد وتغمس احد المناديل في الماء البارد ومن ثم تضعه على جبينها.. وسمع مازن في تلك اللحظة صوت انات ملاك.. وكأنها متضايقة من هذه البرودة التي عكرت راحتها.. فرفع رأسه الى نادين قائلا: انها متضايقة..
قالت نادين بابتسامة شاحبة: اعلم.. ولكن عليها ان تحتمل حتى تشفى..فجسدها الآن في امس الحاجة للبرودة حتى تنخفض حرارته قليلا..
قال مازن وهو يشعر بغصة في حلقه لكونه السبب في كل ما يجري لها تقريبا: طمانيني عليها ان انخفضت حرارتها..
- سأفعل..
سار مازن بخطوات بطيئة مبتعدا.. وشعر بأنه قد فقد شيئا مهما جدا عندما غادر الغرفة وترك ملاك خلفه.. اراد ان يعود لها.. ولكن.. عليه ان يستقبل الضيوف لأجل مها على الاقل.. ومن ثم سيعود الى ملاك ما ان يجد الفرصة..
سار بخطوات هادئة الى غرفة الجلوس وهناك شاهد حسام مع والده ..وفي الجهة المقابلة.. كان يجلس امجد وبجواره مها.. وعلى مقعد مستقل كعادته كان يجلس كمال.. فقال مازن بابتسامة وهو يتطلع الى والد حسام : اهلا بك في منزلنا يا خالي..انرت المنزل بوجودك..
قال والد حسام بابتسامة هادئة : المنزل منير باصحابه..
احتل مازن مجلسه.. وفي تلك اللحظة قال امجد بهدوء: كيف حال العمل معك يا سامي – والد حسام- ؟..
قال سامي وهو يسند ظهره لمسند المقعد: على خير ما يرام..
التفت حسام الى والده ونظر اليه برجاء.. وكأنه يطلب منه ان بتعجل في الدخول الى الموضوع.. فابتسم والده عندما فهم نظراته ومن ثم قال: في الحقيقة لقد جئناك اليوم يا امجد في موضوع مهم .. سيقرب بيننا وبين عائلتينا بشكل اكبر..
عقد امجد حاجبيه في حدة.. في حين ابتسم حسام وهو يتطلع الى مها بكل حب.. مها التي اطرقت برأسها في خجل شديد.. وعقدت كفيها بتوتر.. اما مازن فقد ابتسم برضا.. وكمال لم تكن ردة فعله واضحة لأحد..
واردف سامي قائلا: بشكل اوضح.. لقد جئنا اليوم لنطلب يد ابنتنا مها.. لابني حسام..
خفق قلب مها بقوة وسعادة وهي تسمع هذه العبارة.. ومع انها كانت تتوقعها الا انها كان وقعها على اذنيها مختلفا.. فقد شعرت بنفسها تحلق في السماء من السعادة.. وبأن قلبها يكاد يرقص طربا .. لا تكاد تصدق انها سترتبط بمن تحب اخيرا ..
اما مازن فقد كان في تلك اللحظة مشغول البال على ملاك فقال مبتسما وهو يلتفت الى حسام وهو ينوي انهاء الامر: نحن لن نجد افضل من حسام يا خالي ليكون...
قاطعه صوت امجد في تلك اللحظة وهو يقول: معذرة يا سامي.. لكن مها لا تزال صغيرة على الزواج..
كانت صدمة للجميع بلا استثناء.. صدمة لحسام الذي اتسعت عيناه في قوة وهو يتطلع الى زوج عمته.. وصدمة لسامي الذي لم يتوقع الرفض..وصدمة لمازن الذي تطلع الى والده واستغرب رده.. وصدمة قوية لمها التي كانت ترسم احلاما وردية في ذهنها.. وحطمها والدهابعبارته الاخيرة..
وقال سامي مستفسرا: لماذا يا امجد؟.. مها ليست صغيرة ابدا.. انها ستدخل عامها العشرون بعد اشهر قليلة فقط.. وكثير من الفتيات تزوجن في عمرها..
قال امجد بنظرة باردة: لكني اراها صغيرة.. وهذا يكفي..
قال سامي بهدوء وهو يحاول اقناع امجد فهو يعلم جيدا كيف ان ابنه قد ارتبط بمها منذ الصغر: صحيح ان حسام لم يكمل دراسته بعد .. لكنه سيتخرج قريبا.. وسيتوظف بسرعة نظرا لتخصصه المطلوب.. ان كانت تلك هي المشكلة..
قال مازن في سرعة وهو يعاول تحسين موقف والده: بالتأكيد والدي لم يعني حسام بل ربما يظن ان مها لا تزال صغيرة على الزواج و...
قاطعه امجد وهو ينهض من مكانه قائلا: عذرا يا سامي.. أنا آسف لأني لن البي مطلبك.. فمها لا تزال صغيرة.. وانا الاعلم بمصلحتها..
شعرت مها بغصة مريرة تملأ حلقها وبالدموع تترقرق في عينيها .. وتطلعت الى والدها بتساؤل.. وفي عينيها سؤال تود ان تهتف به.. لماذا؟.. لماذا الرفض يا والدي؟.. وانا التي عشت مع حسام طوال ايام حياتنا.. كبرنا معا وكبر حبنا معنا.. فلم الرفض الآن؟.. لم؟؟..
اما حسام فقد شعر بقوة الصدمة التي كانت اشبه بعدم التصديق.. فقال متسائلا: عمي انا مثل ابنك .. لقد كنت مع مها دائما.. وكنت تراني العب معها في ارجاء هذا المنزل الواسع.. وكنت تعلم ان الحب سيربط بين قلوبنا في يوم.. وسيجعلني اتخذ هذه الخطوة لأتوج الحب بالزواج..
قال امجد بعصبية: وكيف لي ان اعلم بما سيحدث مستقبلا؟ .. ان كنت احببت ابنتي في يوم.. فحاول نسيانها ولينتهي الامر..
كور حسام قبضته في الم ومرارة.. وهو يرى ان حلمه وامنية حياته التي رسمها مع مها.. تكاد تتلاشى كذرات الغبار مع كلمات امجد التي حطمت امله بالارتباط بحب حياته.. الحب الذي عاش حياته لأجله.. ولأجل ان تكون مها له وحده..
و نهض سامي من مكانه وقال وهو يتنهد: لم الرفض يا امجد.. لا ارى أي داع له.. وان كان بسبب صغر سن مها كما تقول .. فعلى الاقل يمكن ان تكون مجرد خطبة او عقد قران الآن.. حتى يمكن لهما ان يواجها الناس برباط رسمي و...
قاطعه امجد قائلا بحدة: لا اريد لشيء ان يؤثر على دراستها..
واردف قائلا ببرود: الزيارة انتهت..
كمال الذي ظل صامتا طوال الوقت يرقب هذا الموقف.. يراقب كيف يقوم والده بطرد خاله من المنزل امام عينيه.. قال وهو يقف ويتطلع الى خاله وحسام بهدوء: العذر منكما.. بالتأكيد والدي لم يقصد.. سأتفاهم معه واحاول ان اصلح الموضوع..
قال سامي ببرود وهو يتطلع الى حسام الذي نهض من مكانه بصدمة: لقد فهمنا الامر.. والدك لا يرانا في مستوى عائلته.. ويريد زوجا لابنته.. في مستوى عائلته الراقية..
وقال بحدة وهو يلتفت الى حسام: هيا فلنذهب..
مها التي تابعت حسام بعينون دامعة وهو يغادر امام عينيها.. وقد اهين من والدها وطرد من منزله.. قالت وهي تلتفت لوالدها بكل مرارة والم: لماذا يا والدي؟.. لماذا؟..
قال امجد ببرود: انا اعلم بمصلحتك اين تكون.. ومع من..
قال مازن بعصبية: لا تقل يا والدي ان السبب هو ما قلته او ما قاله خالي.. فمها ليست صغيرة على الزواج.. وانا لا اظن ان رفضك للزواج لأن عائلة خالي ليست بالمستوى المطلوب.. فلديهم ثروة لا بأس بها .. وان كنت تفكر بالـ...
قاطعه والده بغضب: اصمت.. لست احتاج لشرح اسباب رفضي لك..
قال كمال فجأة: بل يجب عليك ذلك يا والدي..
التفت امجد الى كمال وقال بعصبية: نعم.. لم اسمع.. اظن اني انا والدكم وليس العكس.. ولا يمكن لأحد ان يجبرني على ما افعل..
قال مازن وهو يتطلع الى مها التي كانت دموعها تسيل على وحنتيها بكل الم وحرقة.. وقد اخفت وحهها بين كفيها: اذا تعلق الامر بمصير احدنا وحياته ومستقبله وسعادته.. فمن واجبك حينها يا والدي ان تخبرنا بسبب رفضك..
قال امجد ببرود: مها ابنتي وستحترم رأي والدها ولن تفعل الا ما يرضيه..
قال كمال بهدوء: ولكن ستحيا في جحيم بالمقابل.. بين عذاب حبها لحسام.. وبين تلبية رغبتك..
اما مازن فقد قال برجاء: اخبرنا يا والدي السبب الحقيقي على الاقل.. فربما حينها نقتنع بوجهة نظرك..
نقل امجد نظراته بينهم جميعا ومن ثم قال بضيق: فليكن.. ولكن لتعلموا اني لن اقول اسبابي الا لأني اريدكم ان تفهموا موقفي وتقدروه..
مها ابعدت يديها عن وجهها في تلك اللحظة وتطلعت لى والدها بكل رجاء.. وهي تريد ان تعلم بسبب رفضه هذا.. في حين اردف والدها قائلا: والدتكم قد تركتكم وانتم لا تزالون صغارا.. اكبركم كان قد اكمل عامه العشرون واصغركم كانت مها التي لم تكمل عامها الخامس عشر بعد.. طلبت مني الانفصال وتركتكم جميعا دون ان تهتم.. تركتني لأجل ابن عمها الذي تحب.. انا لم اخبركم بهذا حتى لا اشوه صورة والدتكم امامكم ولكن هذه هي الحقيقة..وتريدوني بعد كل هذا ان ازوج ابنتي لابن شقيقها .. هذا هو المحال بعينه..
قال مازن بعدم تصديق: ابدا يا والدي.. والدتي طلبت الانفصال لكثرة المشاكل بينكما.. وهي لم تتزوج من ابن عمها الا بعد عام كامل .. ولو كانت تحبه كما تقول لما انتظرت كل هذه الفترة.. وتركتنا لأنها لم ترد لنا ان نحيا الا افضل حياة وهي تعلم انها لن توفر لنا مستوى المعيشة التي نحياها معك ..
قال امجد بخشونة: هراء.. لم ترد ان تجعل الشكوك تحوم حولها .. فتزوجت ابن عمها بعد عام.. وتركتكم لانها تريد ان تتخلى عن المسئولية..
قال كمال في تلك اللحظة:وما ذنب مها؟.. ما ذنبها لتدفع ثمن ذنب لم ترتكبه؟.. لتتحمل نتيجة خطأ لم تشترك فيه..
قال امجد وهو يسير بخطواته مبتعدا قليلا: كما احبته يمكنها ان تنساه..
مها التي كانت تسمع كل هذا قالت بمرارة وبصوت متحشرج: اتظن ان النسيان بكل هذه السهولة يا والدي؟.. اتظن انه يمكن لي ان احب كل هذا الحب الذي عاش معي منذ الطفولة.. وكبر معي انا وحسام ومن ثم انساه.. اتظن ان هذا سهلا؟..
قال امجد ببرود: انا اعلم بمصلحتك يا مها.. فحاولي ان تنسي حسام..
قال مازن بقوة : انت بذلك تعيد الماضي يا والدي .. تعيد الماضي الذي نرفضه جميعا..
التفت له والده فاردف مازن قائلا : لو كان ما تقوله صحيحا بشأن والدتي.. فمها ستفعل المثل في يوم.. لن تحتمل ان تعيش مع انسان وقلبها مع انسان آخر.. وستطلب من زوجها الانفصال تاركة خلفها كل شيء..
قال امجد بقسوة: اتظن ان مها مثل والدتك؟.. لا .. فمها انا الذي قمت بتربيتها افضل تربية.. ولن تفعل الا ما يرضيني..
نهضت مها من مكانها وقالت بعيون دامعة : قد افعل ما يرضيك يا والدي.. ولكن اعلم حينها اني اقتل نفسي ببطء.. فحب حسام يجري بدمي.. ولن يمكن لشخص ان ينتزعه من قلبي الا لو انتزع قلبي من مكانه .. لقد كنت انتظر هذا اليوم يا والدي .. اليوم الذي سأرتبط فيه بحسام.. وكنت احلم فيه دائما..
واردفت وهي تهتف بصوت باكي ومنفعل: لكني كنت اعلم ان كل هذا حلم وسأستيقظ منه ذات يوم.. كنت اعلم ذلك جيدا..ودائما ما كنت اقول لحسام ان حبنا اشبه بالاحلام.. وها انذا قد استيقظت من احلامي.. لاتطلع للواقع المرير الذي حطم احلامي بكل قسوة..
قالتها وانطلقت مسرعة لتغادر غرفة الجلوس.. تاركة خلفها قلوب حزينة لحبها الذي لم يكتب له ان يرى النور.. وحتى قلب والدها نفسه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(حسام بني.. ارجوك افتح الباب.. لا تغلق على نفسك هكذا)
قالتها والدة حسام بحزن والم على ابنها وعلى حاله الذي تغيرت تماما.. فقد غادر المنزل بابتسامة سعيدة وهو ينشر المرح في نفوس الجميع.. وعاد اليه بعيون حزينة وبقلب مجروح.. ليدخل الى غرفته ويسجن نفسه فيها.. وهو يرفض الخروج منها او الحديث لى أي شخص كان..
اما حسام فقد كان يتطلع الى نصف القلب الذي يحتل كفه .. وهو يشعر بفبضة بادرة تعتصر قلبه وروحه.. وهو يتذكر كلمات والد مها ورفضه له كزوج لابنته ..لماذا؟..لماذا يرفض؟.. اكما قال والده لانه لا يراه في مستوى عائلتهم ام ماذا؟.. لقد كان دائما مع مها..فلم لم يمنعه عنها قبل ان يقع أسيرا لحب تلك المخلوقة المرحة والرقيقة؟.. لم تركه ليمرح معها..يتحدث اليها.. يحيا كل لحظات حياته بقربها.. ومن ثم يطلب منه بكل سهولة ان ينساها؟.. هذا هو المستحيل بعينه..
وتطلع الى نصف القلب الذي بين اصابعه ليضغط عليه بكل قوة وهو يقول متحدثا الى نفسه بألم: ( احلامنا جمحت بنا بعيدا يا مها.. حتى اننا كنا متأكدين من موافقة الجميع على هذا الزواج ..وفي النهاية صدمنا بالواقع المر وبرفض والدك على الزواج.. آه لو استطيع ان اختطفك لنتزوج ومن ثم نرحل بعيدا عن هذا العالم.. انا وانت فقط..بعيدا عن الجميع..وعن كل المشاكل .. لنحيا في سعادة وفرح الى الابد)..
ووجد قدماه تقودانه الى البوم الصور ليتصفحه ويستعيد ذكريات الماضي والطفولة التي قضاها الى جوار مها.. وقال وهو يشعر بغصة في حلقه: ليتنا لم نكبر يا مها.. وعشنا طوال حياتنا اطفال.. لننعم بقرب بعضنا دون ان يحاسبنا احدهم .. ولأكون معك الى الابد.. ونحيا في عالم عنوانه المرح والسعادة وننسى معاني الحزن والعذاب..
سمع في تلك اللحظة طرقات والدته تتكرر وهي تقول برجاء وبصوت حزين: حسام ارجوك افتح الباب.. لا تجعلني اقلق عليك هكذا..
تقدم سامي من خلفها وقال بهدوء: اتركيه لوحده الآن.. هو لا يريد الحديث الى احد حتى لا يبدوا امامنا شخصا ضعيفا.. يريد ان يسكب احزانه لوحده.. ويخفف عن نفسه بنفسه..
صمتت والدة حسام للحظات ومن ثم قالت بحزن: لكني قلقة عليه..
قال سامي بهدوء: لا تقلقي عليه.. سيكون بخير غدا وسيستطيع ان يتجاوز الازمة التي يمر بها..
لكن والده كان مخطأً تماما.. فان كان حسام حقا يستطيع ان يتجاوز أي ازمة تمر به.. فلن يكون قادرا على تجاوز مثل هذه الصدمة التي كانت اشبه بالعاصفة التي ستدمر كيانه واحلامه وحياته..فحب مها كان هو الهدف الذي يحيا لاجله..وصدمة رفض والدها قد زلزلت كيانه.. وجعلته اشبه بشخص محطم.. فاقد للامل ولا رغبة له في الحياة..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ليس حسام وحده الذي قرر ان يسجن نفسه تلك الليلة ليسكب احزانه وهمومه بعيدا عن أي شخص.. مها ايضا كانت تبكي بكل الم ومعاناة وعذاب يسكن قلبها على حبها الضائع الذي حطمه والدها دون شفقة منه.. وهي تضغط على وسادتها بكل قوة وكأنها تريد ان تمزقها بين يديها.. وتنقل اليها كل العذاب الذي تشعر به..
ومازن الذي شعر بشفقة على مها بعد انصرافها من المكان .. لحق بها وسمع صوت نحيبها يأتيه من الغرفة.. فقال وهو يطرق الباب باشفاق: مها افتحي الباب.. اود التحدث اليك..
قالت مها بصوت متحشرج: دعوني وحدي لا اريد ان ارى احدا او اتحدث الى احد..
قال مازن بصوت اقرب الى الرجاء: اسمعيني فقط.. ساحاول اقناع والدي .. صدقيني.. لن اصمت على ما حدث.. فقط افتحي الباب حتى نتفاهم..
قالت مها وصوت نحيبها يتعالى: منذ متى كان ابي يقتنع بما نقوله؟.. منذ متى كان يأخذ برأي احدنا؟.. كان يتصرف كما يشاء ولا يهتم بنا.. واليوم ها هو ذا قد طرد حسام من المنزل وداس على حبي وقلبي بلامبالاة..
تنهد مازن بقوة ومن ثم قال وهو يشعر بالالم على ما اصاب شقيقته: سأحاول يا مها.. صدقيني سأحاول اقناعه.. فقط افتحي الباب حتى نتفاهم.. وكفي عن البكاء..
صرخت مها بقوة وهي تقول: دعني وحدي يا مازن.. لا اريد ان اسمع شيء في هذه اللحظة..
قال مازن بهدوء: حسنا يا مها انا ذاهب وان احتجت الى أي شيء فاخبريني..
اما مها فقد كانت تعتصر وسادتها بين يديها وتقول بصوت مختنق: لا اريد احدا.. لا اريد ان اسمع المزيد.. يكفيكم ما فعلتموه بي حتى الآن.. انا اموت ببطء دون ان يشعر بي أيا منكم ..اين انت يا حسام؟.. تعال وخلصني من هذا العذاب ..
مازن الذي سمع كلمات مبعثرة من عبارتها الاخيرة.. هز رأسه بحزن قبل ان يبتعد عن باب غرفتها.. وبينما هو كذلك تطلع الى كمال الذي يقف امامه والذي قال متسائلا: لم تقبل فتح الباب لك .. اليس كذلك؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم تنهد قائلا: اجل.. ولست اعلم لم رفض والدي زواجها من حسام من اجل سبب تافه كالذي ذكره..
قال كمال بهدوء: ربما يكون بالنسبة لك سبب تافه.. ولكن في نظر والدي ليس كذلك.. خصوصا وانه هو الذي انجرح من والدتي وتألم من تصرفها.. لهذا فهو لا يريد أي ارتباط او تقارب يتم بينه وبين عائلة والدتي..
قال مازن وهو يلتفت الى باب غرفة مها: ولكن ماذنب مها؟..ماذنبها لتتألم وترى حلمها يتحطم امام عينيها؟.. وكل هذا بسبب ان حسام من عائلة والدتي..
قال كمال ببرود: كثيرون يتألمون من اجل اسباب تافهة.. دون ذنب اقترفوه..ولكن لا احد يشعر بهم..
ضيق مازن عينه وقال متطلعا الى كمال: ماذا تعني بقولك هذا؟..
لم يجبه كمال وظل صامتا وهو يتطلع اليه بكل برود..في حين مضى مازن في طريقه الى حيث درجات السلم..وما ان خطى اول خطوة في طريقه لهبوطه الى الطابق الاسفل حتى فاجأه صوت كمال الذي قال: كيف حالها الآن؟..
التفت له مازن.. وعلم انه يعني ملاك بقوله.. فقال مجيبا: ستكون بخير باذن الله..
والتفت عنه ليكمل نزوله الى الطابق الارضي.. ومن ثم يتوجه الى غرفة ملاك.. وفتح بابها بهدوء ليدلف الى الداخل.. ويقترب من نادين التي كانت تراقب ملامح ملاك بكل قلق وتوتر وقال متسائلا: الم تتحسن بعد؟..
هزت نادين رأسها نفيا وقالت: لا اعلم ماذا جرى لها؟.. الحرارة لا تنخفض ابدا.. اخشى ان تصاب بمكروه..
قال مازن بقلق: لا تيأسي.. ستكون بخير غدا باذن الله..
واردف قائلا وهو يلتفت الى نادين: اذهبي لترتاحي يا نادين.. فأنت معها منذ الصباح ..
قالت نادين باصرار: لا سأبقى بجوار ملاك.. سأهتم بها طوال الليل ولن افارقها لحظة..
قال مازن بابتسامة شاحبة: سأبقى معها انا طوال الليل.. اذهبي انت لترتاحي وتحصلي على قسط من الراحة..
قالت نادين بتردد: لكن يا سيد مازن...
قال مازن مقاطعا اياها: على الاقل لساعات حتى تستردي نشاطك.. وانا لن افارق ملاك حتى الصباح..
قالت نادين وهي تشعر بتردد من ان تترك ملاك وحدها: حسنا اذا.. هذا هو دواءها وامنحه لها بعد اربع ساعات من الآن.. والكمادات الباردة حاول ان تغيرها لها كل ربع ساعة تقريبا او كلما شعرت بأنها قد فقدت برودتها.. وكذلك .. ملاك لم تقبل ان تتناول شيء منذ الصباح واكتفت بكأس من العصير.. فلو اقنعتها بتناول شيء .. سأكون شاكرة لك ..
قال مازن بابتسامة باهتة: شكرا على نصائحك وتعليماتك يا نادين .. سأتذكرها.. اذهبي انت ولا تقلقي عليها..
اومأت نادين برأسها ونهضت من مكانها.. ومن ثم لم تلبث ان قالت: لا تتردد في ايقاظي ان احتجت الى شيء..
اومأ مازن برأسه وتابعها بنظراته حتى انصرفت.. ومن ثم لم يلبث ان احتل مكانها على المقعد المجاور لملاك..وقال بخفوت وهو يمسك بكف ملاك ويمسح على شعرها: آسف عزيزتي ان كنت قد تأخرت عليك.. ولكن حدثت امور طارئة اضطرتني الى ذلك.. ولولا ذلك لكنت جئتك جريا بعد دقيقة واحدة.. فقد اشتقت اليك كثيرا..
سمع صوت انات تصدر من بين شفتي ملاك.. فقال بصوت حاني: سلامتك يا عزيزتي..وآسف على كل ما جرى لك بسببي..
ارتفعت صوت انات ملاك هذه المرة بشكل ملحوظ.. جعل مازن يتطلع الى وجهها بقلق والى قطرات العرق التي انتشرت عليه وقال بتوتر: ملاك.. ماذا بك؟..
ولم يلبث ان ابعد عن جبينها المنديل البارد.. وتحسس جبينها بظهر كفه.. لكنه لم يتمكن من معرفة درجة حرارتها الفعلية بسبب البرودة الذي اكتسبه جبينها من الماء البارد.. فعاد ليتحسس رقبتها ووجهها.. ومن ثم قال في توتر: يا الهي ..الى متى ستظل حرارتها في ارتفاع؟.. الن تنخفض ابدا؟ ..
وبينما هو كذلك.. يتطلع الى وجه ملاك الشاحب بكل خوف..ويستمع الى صوت اناتها المتواصلة.. شعر فجأة بكفها الصغيرة تضغط على كفه التي تحتضن كفها بضعف.. فانتقلت انظاره الى كفه وقال بلهفة: ملاك .. تحدثي يا ملاك.. ان كنت تشعرين بوجودي الى جوارك.. قولي أي شيء .. لكن لا تصمتي.. قلبي يكاد يتوقف خوفا عليك.. اريد ان اشعر انك بخير يا عزيزتي.. ارجوك تحدثي ..
عقدت ملاك حاجبيها في شدة وكأن شيء ما يضايقها في نومها.. ومن ثم تأوهت .. قبل ان تبدأ اعراض الحمى بالظهور عليها.. لتبدأ في هلوستها قائلة بصوت خافت جدا: امي تركتني .. وابي كذلك.. كلهم يذهبون ويتركوني وحيدة .. لماذا يذهبون؟.. جميع من احبهم يذهبون ويتركوني ..
شعر مازن بالصدمة من كلماتها..وبألم يعتصر قلبه على الرغم منه.. وضغط على كفها ليقول وهو يتطلع اليها: ملاك.. لا تقولي هذا.. لن يتركك احد بعد الآن..
ملاك التي لم تعد تشعر بشيء حولها.. فتحت عينيها بكل تعب.. لتتطلع الى مازن وتقول باعياء: لن تتركني يا مازن .. اليس كذلك؟..
قال مازن بصدق وهو يحتضن كفها بين كفيه .. ويتطلع الى عينيها بحنان: لن افعل يا ملاكي.. كيف اتركك وقد اصبحت شيئا مهما في حياتي.. لن اتركك ابدا ما حييت ..هذا وعد مني..
منحته ملاك ابتسامة شاحبة.. قبل ان تعود وتغمض عينيها بتعب ..اما مازن كان يعلم ان ملاك لم تكن في وعيها والا لما منحته حتى نصف تلك الابتسامة.. ولما تحدثت اليه من الاساس وهو السبب فيما اصابها.. ولكنه حاول التخفيف عن نفسه قليلا.. فملاك قد تحدثت اليه على الاقل..حتى وان كان ذلك دون شعور منها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 08:13 AM   #45 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الخامس والثلاثون
"ذكريات"

( هيا اركل الكرة يا كمال.. ماذا تنتظر؟)
قالها ذلك الفتى الذي تجاوز عمره الثلاث عشرة ربيعا وهو يتحدث الى اخيه الذي يقف امامه بكل استعداد ويقول بصوت عالي: هل انت جاهز لصد الكرة يا مازن؟..
قال مازن بضيق: اجل يا كمال.. اركلها..بسرعة فقد بدأت اشعر بالحر..
تراجع كمال الفتى ذا الاحد عشرة عاما .. ومن ثم لم يلبث ان تقدم في سرعة وركل الكرة بكل مالديه من قوة ..لتنطلق الكرة وتشق الهواء في سرعة.. ومازن الذي تابعها بعينه استطاع ان يصدها ويلتقطها بين كفيه بكل مهارة.. فقال كمال باستنكار وهو يراه قد امسك الكرة: هكذا لن تخسر ابدا..
قال مازن مبتسما بغرور: بكل تأكيد لن اخسر.. فلا يمكن لركلة سهلة كركلتك ان تدخل في مرماي..
قال كمال بسخرية: من تظن نفسك؟..
هم مازن بقول شيء ما.. لولا ان لمح في تلك اللحظة تلك الطفلة الجالسة على مقعد متحرك.. وتتطلع الى الحديقة حولها بتوتر وخوف.. فالتفت الى كمال ليقول له: لحظة واحدة.. سأذهب وارى من تكون هذه الطفلة؟..
قال كمال وهو يلتفت الى حيث ينظر مازن: وما شأننا بها؟..
لم يجبه مازن .. بل اسرع الخطى الى حيث تجلس تلك الطفلة..وقال مبتسما وهو يراها تمسك دميتها بكل قوة وكأنها تخشى ان يأخذها احدهم من بين يديها: من انت؟..
انتفض جسد الطفلة بخوف..وسقطت الدمية من بين يديها.. فتطلع اليها مازن باشفاق والتقط الدمية التي سقطت على الارض ليمنحها اياها قائلا: خذي دميتك..
تطلعت له الطفلة بعينين متوترتين وقالت: شكرا لك..
قال مازن وهو يضع الكرة على الارض: لكن لم تخبريني بعد.. من انت؟..
قالت الطفلة ببراءة: انا اسمي ملاك..
قال مازن مبتسما: وانا مازن.. هل جئت الى هنا وحدك؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا جئت مع ابي..
قال مازن متسائلا: واين هو الآن؟..
اشارت ملاك الى المنزل وقالت: لقد دخل الى المنزل.. وقد طلبت منه ان يتركني في هذه الحديقة الجميلة..
قال مازن بابتسامة: اليس لديكم حديقة مماثلة؟..
قالت ملاك وهي تتطلع حولها بلهفة طفلة قد وجدت مكانا كانت تتمناه: لدينا حديقة ولكن ليست جميلة كهذه.. او كبيرة كهذه..
قال مازن وهو يتطلع اليها: اذا تعالي العبي معنا..
قالت ملاك بحيرة: العب ماذا؟..
عاود مازن امساكه للكرة وقال مبتسما: كرة القدم..
فاجأه صوت كمال الذي جاء من خلفه وهو يقول: مازن تعال لنكمل اللعب..
قال مازن وهو يبتسم لملاك: انتظر فربما ملاك تريد ان تلعب معنا ايضا..
رمقها كمال بنظرة ضيق ومن ثم قال: لا نحتاج لأن تشاركنا اللعب طفلة مثلها..
تطلعت له ملاك وقالت بغضب طفولي: انا لست طفلة..
قال مازن مهدئا الوضع: كمال دعها وشأنها..
ومن ثم لمح عمه خالد الذي خرج من المنزل فقال : يبدوا انك ستغادرين الآن.. فأظن ان اباك قد خرج..
التفت ملاك الى والدها وابتسمت له بكل حب .. وبادلها هو ابتسامة حانية ومحبة .. قبل ان يقترب منها ويقول وهو يربت على رأسها: سنذهب الآن يا ملاكي..
ولم يهتم بمازن الذي ابتعد عن ملاك قليلا ليفسح المجال لوالدها بدفع مقعدها.. وان لاحقها مازن بنظراته ورآها تلتفت له قبل ان تغادر وتبتسم له.. فابتسم مازن بدوره وهو يلوح لها بكفه مودعا.. وكان آخر ما رآه هو ابتعاد تلك الطفلة الصغيرة مع والدها خارج المنزل.. دون ان يعلم ان تلك الطفلة الصغيرة.. ستكبر وستعود الى المنزل في يوم ..لتضطره الظروف وتجبره على الزواج بها.. ومن ثم تجد نفسها وقد احتلت اهم مكان لدى مازن.. قلبه...

فتح مازن عينيه وهو يشعر بتعب في ظهره من نومه المتواصل على المقعد.. وتطلع الى ملاك التي تنام بهدوء على الفراش المجاور .. قبل ان يمدد ذراعيه قليلا وهو يشعر بتعب في ارجاء جسمه .. وفي تلك اللحظة فقط انتبه الى ضوء الشمس الذي تسلل من بين الستائر.. واسرع يتطلع الى ساعة يده .. ومن ثم قال وهو يهمس لنفسه بقلق: لقد قالت لي نادين ان امنحها الدواء بعد اربع ساعات.. والآن قد مرت خمس ساعات.. يالي من احمق.. كيف سمحت للنوم بالسيطرة علي.. وتركت نفسي اغط في نوم عميق.. دون انتبه الى موعد دواء ملاك..
ما لا يعرفه مازن ان ملاك لم تكن نائمة بل كانت تتظاهر بالنوم.. فقد استيقظت قبل نصف ساعة..وتطلعت حولها بتوتر وارهاق وهي تشعر بأن قطرات العرق قد انتشرت في جسدها كله ..فكادت ان تعتدل في جلستها لتنهض من فراشها وتذهب الى دورة المياه لتستحم.. لولا ان لمحت مازن في تلك اللحظة .. وهذا الاخير ينام على المقعد المجاور لفراشها وسترته على كتفيه ويعقد ساعديه امام صدره كوسيلة لتدفئة نفسه..
وتبخرت أي رغبة من ذهنها.. واحداث الامس تمر امام عينيها كشريط سينمائي..لماذا جاء اليها؟.. لماذا يجلس الى جوارها؟ .. اليعيد اليها ذكرى الامس؟.. ذكرى الخناجر التي طعن بها قلبها ..ام ذكرى الدموع التي سكبتها على كذبه وخداعه وخيانته لحبها؟..
قلبها الذي لم يحب شابا سواه ولم ينجذب الى شخص كما انجذب اليه.. خدعها باهتمامه وحنانه الزائفين ليجعلها تقع اسيرة حبه.. ومن ثم تكون كالكثيرات اللاتي عرفهن .. يرميها اذا شعر بالملل والضجر منها..
واشاحت بوجهها بعيدا لتغمض عينيها بألم وتتظاهر بالنوم.. فاذا استيقظ ورآها نائمة.. سيغادر الغرفة بالتأكيد حتى لا يسبب أي ازعاج..
وبعكس توقعات ملاك.. كان مازن يشعر بالقلق عليها .. وخصوصا وانه اهمل موعد دوائها.. فاقترب منها ليتحسس جبينها ويتأكد من درجة حرارتها.. وفي تلك اللحظة لم تحتمل ملاك قربه منها.. فابعدت يده عن جبينها واشاحت بوجهها بعيدا عنه.. فقال مازن بدهشة: ملاك.. أأنت مستيقظة؟..
صمتت ملاك واغمضت عينيها في قهر.. فقال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: اعذريني .. فقد نسيت موعد دوائك..فقد كان يجب...
قاطعته ملاك قائلة بحدة: اخرج.. لا اريد ان اراك..
قال مازن بابتسامة شاحبة: فليكن يا عزيزتي سأخرج..
قالها ونهض من مكانه ليلقي عليها نظرة اخيرة.. ويبتسم لها بكل حنان.. واستغربت ملاك من نهوضه وخروجه بهذه السرعة وهو بالامس قد رفض الخروج متجاهلا صراخها وبكاءها ..
لكنها لم تهتم كثيرا.. ونهضت معتدلة في جلستها.. كانت تريد ان تجلس على مقعدها المتحرك.. لكنه كان بعيدا نسبيا عنها.. فحاولت تقريب جسدها منه.. وبينما هي كذلك سمعت صوت طرقات على الباب.. وصوت نادين وهي تقول: آنسة ملاك .. هل يمكنني الدخول؟..
تنهدت ملاك وشعرت بالراحة لان نادين ستساعدها على الجلوس على مقعدها .. وقالت في سرعة: ادخلي يا نادين..
فتحت نادين الباب ودلفت الى الغرفة وهي تقول: لقد طلب مني السيد مازن البقاء معك ريثما...
قاطعتها ملاك قائلة بحدة: لا اريد سماع شيء عن مازن.. فقط ادفعي المقعد قليلا..
استجابت نادين لطلب ملاك وتوجهت لتدفع المقعد وتقربه منها.. فرفعت ملاك جسدها بكل ما تملك من قوة.. ورمته بكل ارهاق على المقعد.. فقالت نادين بقلق: آنستي.. انت متعبة.. هل تناولت دوائك؟..
تذكرت ملاك كلمات مازن.. وهزت رأسها نفيا.. فقالت نادين في سرعة: سأحضر لك شيء لتتناوليه ومن ثم ستتناولين دوائك..
( لا داعي لذلك يا نادين)
التفتت نادين الى مصدر الصوت ورأت مازن وهو يحمل صينية تحوي على بعض اطباق الطعام وكأس من العصير وقال بابتسامة تحمل بعض الارتباك وهو يضع الصينية على طاولة الغرفة: لقد استغربت الخادمات دخولي الى المطبخ عندما ذهبت لاحضار افطار لملاك.. لانها المرة الاولى التي افكر فيها ان ادخل اليه..
واردف وهو يلتفت الى ملاك ويغمز لهابعينه: وكل هذا من اجل ملاك.. ارأيت كيف يدللك مازن؟.. لقد خاطر ودخل المطبخ من اجلك..
اشاحت ملاك بوجهها بعيدا وقالت بغضب: لا اريد شيئا منك.. غادر الغرفة الآن..
قال مازن وهو يقترب منها وبلهجة حانية: عزيزتي.. دعيني افهمك كل شيء.. الرسائل التي رأيتها في هاتفي المحمول كانت قبل فترة طويلة..وقبل ان اعقد قراني عليك حتى..
قالت ملاك بسخرية مريرة: وتركتها في هاتفك للذكرى .. لكي تتذكر كل فتاة ارسلت لك رسالة في يوم.. اليس كذلك؟..
قال مازن وهو يهز رأسه نفيا: ابدا.. لكني لم اعتد على مسح الرسائل.. ولو بحثت في هاتفي اكثر لوجدت ان هناك العديد من الرسائل التي لا معنى لها في هاتفي ..ولأني لست معتاد على حذفها..
التفتت له ملاك وقالت بنظرة قاسية: كرسائل الحب والغرام التي رأيتها في هاتفك ..
قال مازن بلهجة اقرب الى الرجاء: ملاك.. صدقيني.. علاقاتي تلك كانت بالماضي فقط.. اما الحاضر فهو معك انت..
التفتت له ملاك وقالت بجفاء: لم اعد تلك الساذجة التي تحسبها يا مازن.. لقد فهمت ان البشر من حولي ليسوا سوى مخادعين.. كاذبين .. جميعكم كذلك.. ترتدون اقنعة لتخفوا حقيقتكم عن بعضكم البعض.. اقنعة تحمل معاني الطيبة والصدق والاخلاص .. لكن عندما تسقط تلك الاقنعة تتضح الحقيقة المرة.. بأنكم لستم سوى مخادعون.. تخدعون في اعمالكم .. تخدعون في مناسباتكم.. وتخدعون الناس من حولكم .. وحتى انفسكم تخدعونها بعلمكم او بدون علم منكم..
تطلع لها مازن بدهشة ومن ثم قال بقوة: ابدا يا ملاك.. الناس ليسوا هكذا والدليل ان والدك ليس كذلك.. ومها ايضا.. ربما اكون انا المخطئ لأني لم الغِ الماضي من حياتي.. ولكنه يظل ماضي لا شأن لي به.. صدقيني يا...
قاطعته ملاك وهر تحرك عجلات مقعدها وتتحدث الى نادين: جهزي لي ملابس لكي استحم..
اومأت نادين برأسها واتجهت الى الخزانة.. فقال مازن وهو يقترب منها اكثر..ويمد كفه ليتحسس جبينها..امام نظرات ملاك المستنكرة.. ومن ثم قال مبتسما: اقلقتني عليك بالامس.. حمدلله لقد انخفضت درجة حرارتك اليوم..
قالت ملاك بحدة: وماذا يهمك انت؟.. ان كانت شفقة منك .. فاعلم اني لست احتاج الى شفقة من احد..
اشار مازن الى صدره ومن ثم قال بهدوء: ملاك انا زوجك ومن واجبي الاهتمام بك و...
قاطعته ملاك مرة اخرى هاتفة بصوت منفعل: لا اريد سماع شيء.. فقط اخرج.. لقد ذقت ذرعا بكذبك..
التفت مازن الى نادين وتنهد قائلا: نادين انا سأغادر الآن.. ولكن اخبريني ان رفضت ملاك تناول طعامها او دوائها..
قالت لماك بعصبية بالرغم منها: اهتم بنفسك فقط.. فلست طفلة امامك..
قال مازن بابتسامة حانية: بل انت طفلة.. وستظلين كذلك.. صغيرتي التي آذيتها بيدي دون ان اشعر.. فأعذري احمق مثلي يا ملاك..
قالها واستدار عنها.. كادت ملاك ان تهتف به لتسأله عن معنى عبارته.. لكنها آثرت الصمت.. في حين قالت نادين باشفاق ما ان غادر: اعلم انه ليس من حقي التدخل في مشاكلك مع السيد مازن .. ولكنه حقا كان خائفا عليك بالامس.. لقد طلب مني ان اذهب لانام.. وهو ظل معك طوال الليل ..حتى انه لم يحظى بالراحة حتى الآن..
قالت ملاك ببرود: لقد كان نائما عندما استيقظت من نومي..
واردفت قائلة: ولا يهمني مازن ابدا.. فلا تحدثيني عنه.. اريد ان انسى ولو لوقت قصير ما اصابني منه..
واختنق صوتها وهي تنطق بعبارتها الاخيرة.. واحترمت نادين رغبتها.. فاقتربت منها لتمنحها ملابسها.. في حين حركت ملاك عجلات مقعدها وقالت بحزن: ولو طلب رؤيتي فلا تسمحي له.. لا اريد ان اراه بعد الآن ابدا..
صمتت نادين وهي تراقب ملاك .. ومن ثم تنهدت في قوة .. وهي تشعر ان ملاك قد تغيرت.. اصبحت انسانة عدائية.. لم يكن من عادتها الصراخ في وجه احد.. او حتى تجاهل احد..لم يكن من عادتها ان تحمل لهجتها كل هذه القسوة.. او كلماتها كل هذا الحقد.. االى هذه الدرجة قد اثر عليها خلافها مع السيد مازن؟.. وجعلها تأخذ موقف من جميع الناس.. ترى ما الذي فعله حتى يجعلها تتغير الى هذه الدرجة وتصبح فتاة عدائية مع الجميع؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
فتحت مها عينيها لتشعر بصداع عنيف يكتنف رأسها ويسبب لها آلام شديدة.. وشعرت بحرقة في عينها.. وآثار الدموع الجافة لا تزال على وجنتيها.. كيف لا وهي قد امضت الليل بطوله تتذكر كل موقف جمعها بحسام.. وتتذكر اخيرا موقف والدها معه وكيف انه اصبح بعيد المنال عنها..
احلامها.. امنياتها.. طموحتها.. كلها رسمتها مع حسام.. وكيف سيجمع القدر بين قلبيهما عندما يتزوجان؟ .. لكن كل هذا ذهب ادراج الرياح.. كحبات رمل ذهبت مع الرياح بكل خفة لتتلاشى من الوجود.. ولا يعرف احد موقعا لها.. فهل سيكون لحبها المصير ذاته؟.. سيتلاشى امام المشاكل التي تواجهه ام سيصمد كجبل شامخ.. وشعرت بالقهر وهي تتذكر كيف ان والدها قد طرد حسام ووالده من المنزل امام عينيهاو...
تنهدت بقوة وهي تنهض من مكانها وتعتدل في جلستها.. ومن ثم تضم ركبتيها الى صدرها لتقول بصوت متحشرج: ماذا علي ان افعل الآن؟.. استسلم لرغبة والدي.. وادفن الحب الذي عشته مع حسام لسنوات طوال.. ام ارفض كل شيء واواجه والدي لأخبره بأن حسام هو كل شيء في حياتي.. وانه لو ابتعد عني فهذا معناه موتي الاكيد.. سأخبره كذلك اني لو لم اتزوج حسام فلن اكون لسواه.. اليس هذا هو الوعد الذي قطعته لك يا حسام؟.. وها انذا سأنفذه.. ولكن...
اسرعت تنهض من مكانها وتوجهت الى دورة المياه.. وتطلعت الى وجهها في مرآتها ومن ثم ابتسمت لنفسها بسخرية مريرة: يبدوا ان الهموم تجعل الانسان يتقدم في العمر حقا..
وغسلت وجهها على عجل.. قبل ان تتوجه الى حيث هاتفها المحمول وتقول بصوت مبحوح من كثرة البكاء: علي ان اطمئن على حسام اولا.. وما هي احواله؟..
وضغطت ازرار الهاتف باصابع مرتجفة.. ومن ثم وضعت الهاتف على اذنها لتدرك انه اغلق هاتفه.. مانعا أي اتصال بينه وبين العالم من حوله..وعضت على شفتيها بالم ودموعها تعود لتتجمع في عينيها.. وقالت بصوت مختنق وهي تبعد الهاتف عن اذنها: اتحملني انت الآخر ذنب لم ارتبكه يا حسام؟..
وضغطت على هاتفها بقوة وهي تردف وغصة مرارة والم بحلقها: ليتني لم اكن ابنة امجد.. ليتني لم اكن ابنته..
وسمعت في تلك اللحظة صوت طرقات على الباب فقالت بعصبية: اذهبوا بعيدا.. لا اريد رؤية احد..
قال مازن الذي يقف خلف الباب: مها.. افتحي الباب.. اريد الحديث اليك لدقائق فقط.. انه امر يتعلق بملاك وبك ايضا..
رفعت مها رأسها الى الباب.. وتطلعت اليه لوهلة. . قبل ان تسمح دموعها وتتجه اليه..وتفتحه ببطء قائلة: ماذا تريد؟..
قال مازن وهو ينظر لها من فرجة الباب الضيقة باشفاق: هل يمكنني الدخول؟..
تركت له الباب مفتوحا ودخلت الى الغرفة.. فخطا مازن بخطوات متوترة بعض الشيء وقال وهو يتطلع اليها: مها .. كل شيء سيحل.. فقط لا تفعلي بنفسك هكذا..
كورت مها قبضتيها في الم واطرقت برأسها لتقول بحزن: كيف سيحل؟.. اخبرني كيف؟..
وضع كفه على كتفها وقال وهو يتنهد: فقط لا تفقدي الامل.. سأحاول انا مع والدي.. وكمال كذلك.. وانت كذلك حاولي معه..
رفعت رأسها اليه وقالت بمرارة: على من تكذب؟.. والدي لا يستمع الى احد سوى نفسه..
قال مازن برجاء: قد يستمع الى احدنا لو حاولنا معه.. لا تيأسي يا مها.. وليكن املك بالله كبيرا..
قالت مها وهي تزفر بحدة: ونعم بالله..
واردفت قائلة: صحيح.. ما اخبار ملاك؟..
قال مازن وهو يبعد كفه عن كتفها: لقد استيقظت ولكن...
قالت مها بقلق: ولكن ماذا؟..
قال مازن بسخرية مريرة: ترفض رؤيتي.. ولا تريد ان اتحدث اليها او ابقى معها.. لقد اصبحت بالنسبة لها شخصا لا يطاق.. شخصا مخادعا وخائنا..
قالت مها بابتسامة شاحبة: سأحدثها لأجلك واخبرها بالحقيقة كلها..
قال مازن بلهفة: حقا؟..
اومأت مها برأسها وقالت: لكن بشرط..ان لا تكرر افعالك هذه مرة اخرى.. وان ترمي هاتفك هذا في القمامة وتشتري هاتفا جديدا لتبدأ به حياتك الجديدة..
قال مازن بابتسامة واسعة: دون ان تقولي ذلك كنت سأفعل.. وعندما تذهبين الى ملاك اخبريها اني قد تغيرت.. اخبريها اني بحاجة اليها لتكون الى جواري الى الابد.. اخبريها اني لم اعد ارى فتاة سواها واني...
قاطعته مها لتقول بابتسامة حانية: وانك غارق في حبها حتى النخاع.. اليس كذلك؟..
ارتبك مازن بشدة.. وبغثر نظراته بعيدا.. حب؟.. احقا عرف الحب طريقه الى قلبه؟..وحب من؟.. ملاك؟.. مشاعره تجاهها لايعرف تفسيرا لها.. اعجاب.. حنان واهتمام .. حاجة الى وجودها معه.. وافتقادها اذا ابتعدت عنه.. اهذا هو الحب يا ترى؟..
ولم يعلق مازن في حين قالت مها وهي تتطلع اليه: سأذهب اليها بعد قليل وسأحدثها بكل...
في هذه المرة قاطع حديث مها صوت رنين هاتف مازن المحمول..فالتقطه هذا الاخير من جيبه.. وما ان رأى اسم المتصل حتى قال بضيق وهو يبتعد خارجا من غرفة مها: عن اذنك ..
قالها وغادر الغرفة ليتوجه الى غرفته.. واستغربت مها هذا الاتصال الذي رسم ملامح الضيق على وجه مازن.. لكنها قررت سؤاله عنه بعد قليل.. وتحركت الى خزانتها لتأخذ لها ملابس تستبدل بها التي ترتديها.. وتطلعت الى نفسها بمرارة.. هذا الفستان التي كانت ترتديه من اجل حسام.. وليوم خطبتها ..لم يعد كذلك..لقد اصبح فستان مثقل بالهموم والآلام.. كان شاهدا على كل ما حدث وشاهدا على دموعها التي ذرفتها بكل مرارة بالامس.. حتى انها لم تأبه باستبادله وغطت في النوم بعد معاناة و تعب نفسي شديد..
واستبدلت ملابسها على عجل.. لتغادر بعدها الغرفة.. وتهبط الى الطابق الاسفل حيث ملاك.. وعلى الطرف الآخر كان مازن يتحدث عبر الهاتف قائلا بضيق: بخير يا عمي..اخبرني ما سر اتصالك؟..
قال فؤاد عبر الهاتف وهو يلتقط مفتاح سيارة بين يديه بانتصار: لم تتصل بي حتى الآن لهذا اردت ان استعجل ردك..
قال مازن متعمدا ببرود: بشأن؟..
قال فؤاد بمكر: لا اظن انك نسيت بهذه السرعة.. وظيفة احلامك.. ومبلغ ضخم في البنك.. والسيارة التي تمنيت الحصول عليها..
قال مازن بهدوء شديد: في الحقيقة ارى انه من الافضل لك ان توفر نقودك يا عمي.. فربما يحتاجها غيري..
شعر فؤاد بالصدمة من عبارته.. وقال متسائلا بحدة: ماذا تعني؟ ..
قال مازن بحزم: اعني انني ارفض.. ارفض عرضك هذا..
قال فؤاد وهو يعقد حاجبيه: لا تتسرع يا مازن.. انت بهذا تضع احلامك وطموحاتك كلها بكفة.. وملاك بعجزها في كفة اخرى..
قال مازن وهو يتطلع الى نقطة وهمية: اتعلم يا عمي ما هي مشكلة كل انسان في هذه الدنيا؟.. انه يضعف امام مغريات الحياة بكل سهولة.. ويتخلى عن الكثير من الاشياء لاجلها.. ولكن من لديه عزيمة وقوة على تحدي تلك المغريات يستطيع ان يتخطاها دون ان يلتفت لها حتى..
عمه فؤاد وهو يحاول ان يتظاهر بالبرود: افهم من كلامك هذا انك ترفض عرضي من اجل ملاك..
قال مازن بصدق: اجل من اجلها.. فلا يمكن لكل نقود العالم ان تعوضني عن هذا الملاك الطاهر..
قال فؤاد بسخرية واستهزاء: لقد اختلف حديثك يا مازن.. في آخر مرة كنت مترددا .. وقلت انك ستفكر في الامر.. اما الآن فأراك واثقا مما تقول.. قل لي ما السبب يا ترى؟.. اهو الطمع في شركة خالد؟.. اوربما اني اتخيل وارى قلب مازن قد بدأ يخفق لحب فتاة عاجزة..
قال مازن بعصبية: ربما تكون ملاك عاجزة.. ولكن تذكر يا عمي ان لكل منا نواقصه.. فصحيح ان ملاك قد حرمت من نعمة السير.. ولكنها افضل من آلاف الفتيات اللاتي ينعمن بهذه النعمة.. ملاك فتاة رائعة بقلبها الابيض .. باخلاقها العالية.. بشخصيتها البريئة.. برقتها وحبها للناس.. ملاك فتاة قلما تراها في هذا العالم.. بل ارى نفسي محظوظا لاني ارتبطت بفتاة مثلها.. ولن اسمح لمخلوق ان يفرقنا.. وخصوصا احمد ذاك الذي لا يفكر الا بالمال والثروة.. يريد ان يتزوجها ليحطمها ويجعل قلب ذلك الملاك يتألم .. ونراها جميعا تذبل يوما بعد يوم ..لا يا عمي .. مستحيل ان افكر بهذه الطريقة.. مستحيل ان اتركها لكم او لأحمد لتكونون سببا في مضايقتها حتى ..
قال فؤاد وهو يحاول التحكم باعصابه: وايضا تعرف بكل شيء.. حسنا اذا لقد اردنا ان ينتهي الامر كله بشكل ودي.. لكن يبدوا وانك محب للمشاكل.. ليكن اذا.. فلتهنئ انت مع ملاك..وانتظر نتيجة ما جنته يداك..
قالها واغلق الهاتف .. فقال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بعصبية: لست انا الذي يتخلى عن ملاك.. لست انا.. فليفعلوا بي ما يفعلوه.. ولكني لن اترك ملاك لتتضايق بكلمة واحدة منهم.. انا المسئول عن ملاك وانا من سيدافع عنها.. ولو تطلب الامر ان أفديها بروحي..
ربما تستغربون طريقة حديث مازن.. وكلماته التي اصبحت مليئة بالمشاعر والعاطفة تجاه ملاك.. ولكن استطيع ان اخبركم بأن لم يكن مازن الذي يتحدث في تلك اللحظة.. بل قلبه.. قلبه الذي ظل مغلقا لفترة طويلة.. وعاد ليفتحه لملاك عندما شعر انه من الممكن ان يفقدها في يوم.. و اتخذ عهدا على نفسه ان يحميها بحياته ورحه ان تطلب الامر..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قبل فترة من الوقت.. وبالتحديد حين كانت مها تهبط درجات السلم وتتجه الى غرفة ملاك..طرقت باب غرفة هذه الاخيرة بهدوء.. وجاءها صوت نادين من الداخل وهي تقول: من؟..
اجابتها مها قائلة: انها انا مها.. هل يمكنني الدخول؟..
التفتت نادين الى ملاك وقالت لها : انها مها..
صمتت ملاك لبرهة ومن ثم قالت: دعيها تدخل..
اتجهت نادين الى الباب لتفتحه قائلة: تفضلي بالدخول آنسة مها..
دخلت مها الى الغرفة ومن ثم قالت بابتسامة مصطنعة: ما هذا يا ملاك؟.. منذ متى كنت تغلقين الباب على نفسك؟..
قالت ملاك ببرود: منذ هذه اللحظة..
جذبت مها مقعدا لها لتجلس بجوار ملاك التي تجلس بجوار الطاولة الصغيرة الموجودة بالغرفة: اخبريني كيف حالك الآن؟..
قالت ملاك وهي تلتقط قطعة من الكعك وتتناولها: بخير..
قالت مها وهي تتنهد: حمدلله لقد قلقت عليك بالامس ولم اتركك الا عندما...
بترت عبارتها ولمعت نظرة الحزن في عينيها وهي تطرق برأسها.. فتساءلت ملاك قائلة: عندما ماذا؟..
قالت مها وهي ترفع رأسها بشحوب: الا عندما جاء خالي مع حسام لخطبتي..
قالت ملاك بلهفة: صحيح لم تخبريني .. متى سيتم اعلان خطوبتكما بشكل رسمي او ...
قاطعتها مها قائلة وهي تهز رأسها نفيا وغصة مرارة تملأ حلقها: لن يكون هناك خطوبة يا ملاك..لقد رفض والدي حسام..
سقطت قطعة الكعك من يد ملاك وقالت بذهول وعيناها متسعتان: رفض؟؟.. ولم رفض؟؟..
قالت مها بشحوب وبصوت حاولت ان تجعله طبيعيا قدر الامكان: انها قصة طويلة.. سأخبرك بها فيما بعد..
واردفت في سرعة قبل ان تسألها ملاك عن المزيد وتعيد لها آلام الامس : ملاك.. اريد ان اتحدث معك بهدوء في أمر يخص مازن.. وسأخبرك بكل الحقيقة دون ان اخفي عنك شيئا..
تطلعت لها ملاك بنظرة تحمل الالم والعتاب ومن ثم قالت: الم تخفي عني الحقيقة بالماضي؟.. فما الذي يدعوك لاخباري بها الآن؟ ..
قالت مها بحزن: ربما اكون قد اشتركت في كوني سببا للصدمة التي مررت بها.. لكني كنت اخشى عليك في ذلك الوقت وانا ارى السعادة ترتسم في عينيك.. وينبض بها قلبك المحب لحنان مازن واهتمامه..كنت اخشى عليك ان تعلمي بالحقيقة وان اطفئ السعادة التي رأيتها في عينيك والتي ينبض بها قلبك.. لم اكن اريد لك ان تصدمي بمن...
قاطعتها ملاك قائلة والدموع تترقرق في عينيها: وها انذا صدمت الآن .. فما الذي استفدته ؟.. لو كنت اخبرتني بما حدث سابقا فعندها سيكون وقع الخبر ابسط علي.. صحيح اني سأصدم لكن لن تكون صدمتي بهذا الشكل وانا اجد مازن قد اصبح زوجي الآن وان ما فعله يعد خيانة لهذا الزواج .. على الاقل كنت سأشعر حينها بالمرارة لأنه لم يلتفت لي وسيكون الحزن هو رفيقي الدائم كما اعتدت..
قالت مها وهي تزدرد لعابها: دعك من الماضي يا ملاك.. انت الآن زوجة لمازن.. وعلي ان اوضح لك الحقيقة واشرحها لك حتى لا تظلمي مازن..
قالت ملاك بتهكم ومرارة: اظلمه؟.. من يظلم من يا مها؟.. هو من ظلمني بخداعه وخيانته ام انا التي فعلت؟..
قالت مها بهدوء: نحن لا نتحاسب الآن يا ملاك.. ودعيني اخبرك بكل شيء منذ البداية..لقد كان مازن انسانا ذو علاقات متعددة لا استطيع انكار هذا.. وقد كان يود دائما التعرف على فتاة جديدة تملأ وقته وحياته.. ولكن لم يحاول في حياته ان يعد أي واحدة منهن بوعد خاص.. لقد كانت هناك حدود لعلاقته بهن.. ولم تحرك أي منهن شعرة منه.. الى ان رآك..
واردفت وهي تبتسم لملاك بحنان: لقد كنت الوحيدة الذي اجبرت مازن على ان يعبر عن مشاعره بكل صدق دون تكلف او مجاملة.. لقد كان يسأل عنك بشكل دائم وكانت ملامح اللهفة والصدق في عينيه.. كان اهتمامه وحنانه بك صادقين.. انت الوحيدة التي استطعت ان تذيبي جليد قلبه الذي لم يعرف الحب في يوم.. انت الوحيدة التي اختارك يا ملاك لتكوني شريكة حياته..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بألم: لقد قالت انه لم يتزوجني الا شفقة بي.. وانه سيرميني بعد ان يشعر بالملل ..
قالت مها في سرعة: لا تصدقيها.. انه لم يتزوجك شفقة بك.. والا لمحت ذلك بنفسك في تصرفاته معك.. فمازن كالكتاب المفتوح الذي تستطيعين ان تقرئيه بكل سهولة لتعرفي ما به..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: لكنت قد علمت اذا بعلاقاته المتعددة مع المئات غيري..
قالت مها وهي تتطلع اليها وتبتسم ابتسامة باهتة: لو كنت قد بحثت في هاتفه بشكل جيد.. لاكتشفت انه لم يرسل أي رسالة لاي فتاة بعد عقد قرانك عليه.. وان كان هناك من يرسل فهن رفيقاته..مازن لم يعتد على مسح أي رسالة من هاتفه.. وحتى الرسائل التي تحوي كلمات اعتيادية كـ "نعم" و"حسنا".. ستجدينها بين الرسائل..صدقيني يا ملاك.. مازن قد تغير بسببك انت وحدك..
قالت ملاك وهي وهي تفتح قفل قلادتها التي يحتلها حرف m"":لا يمكن لانسان ان يتغير بين ليلة وضحاها..
واردفت وهي تخلع القلادة من حول رقبتها وتمد يدها لتقول لمها بألم: سلميها له..
هزت مها رأسها نفيا وقلبها يكاد ينفطر من الحزن الذي تراه في عيني ملاك.. وكأن لم يكفيها حزنها هي لتتحمل آلام غيرها.. ودفعت يد ملاك بهدوء وهي تجعلها تطبق على القلادة قائلة: كلا يا ملاك.. مازن سيتضايق ويتألم ان رآك قد خلعت القلادة التي جمعت بينكما..
قالت ملاك بحدة ومرارة: ولم انا وحدي من يجب عليها ان تتألم؟ .. فليتألم هو ايضا ان كان سيشعر بالحزن حقا ان رآني لم اعد ارتديها..
تطلعت مها الى عينيها مباشرة وقالت: ملاك ان كنت قد صدقت كلمات حنان وان مازن قد تزوجك شفقة بك.. فما الذي يجبره على الشعور بكل هذا الخوف من اجلك وهو يراك بالامس مصابة بالحمى وطريحة الفراش؟.. ما الذي يجبره على قضاء الليل بطوله الى جوارك؟.. لو كان يشفق عليك كما تقولين لترك هذه المهمة لنادين.. ولم يهتم هو الا بسؤالها عن احوالك..
قالت ملاك وهي تتنهد بمرارة: احساسه بالذنب لانه كان سببا في كل ما اصابني..
صمتت مها باستسلام.. ومن ثم قالت: حسنا لن احاول اقناعك اكثر من هذا.. لكن على الاقل سأطلب منك ان تسمحي لمازن بشرح موقفه لك.. فربما حينها تعلمين ان شعوره تجاهك ليس شفقة .. وان علاقاته قد انتهت..
قالت ملاك وهي تكور قبضتيها والتي تطبق احداهما على القلادة: لا اريد ان اراه.. يكفيني ما اصابني بسببه..
قالت مها وهي تتطلع اليها بحيرة: لم اعهدك قاسية القلب يا ملاك.. لقد كنت دائما بالنسبة لي رمزا للتسامح والقلب الابيض..
قالت ملاك بسخرية مريرة: وكان مازن بالنسبة لي رمزا للصدق والوفاء والحب والحنان.. ولكن هذا الرمز تحطم .. ومعه قد تحطمت انا.. واختفى من حياتي ما يسمى بالطيبة والتسامح ..
ابتسمت لها مها وقالت بحنان: ابدا.. من قال ان الطيبة والتسامح قد اختفتا من حياتك.. والا حينها لن ارى ملاك امامي.. بنظرتها البريئة وقلبها المحب لجميع الناس..
صمتت ملاك ولم تعلق وزفرت بحرارة وهي تشعر ان هذه الزفرة قد حملت آلامها ومعاناتها كلها..فنهضت مها من مكانها وقالت بهدوء: ملاك .. سامحي مازن وامنحيه الفرصة ليعبر بها عن مشاعره تجاهك.. فحينها كلاكما ستشعران بالراحة والسعادة..
والتفتت عنها لتتجه الى الباب.. وفجأة توقفت لتلتفت الى ملاك وتقول بابتسامة: صحيح لقد نسيت.. لقد اوصاني مازن على ايصال رسالة اليك..
التفتت لها ملاك وانصتت لها باهتمام.. فقالت مها وهي تحاول تقليد طريقة مازن في الحديث: لقد قال لي ..عندما تذهبين الى ملاك اخبريها اني قد تغيرت و اني بحاجة اليها لتكون الى جواري واني لم اعد ارى فتاة سواها في حياتي..
واردفت قائلة: هذا ما قاله لي وطلب مني ان اوصله لك.. واتمنى ان تفكري جيدا وتمنحيه فرصة ليشرح لك موقفه..
والتفتت عن ملاك لتغادر الغرفة.. تاركة هذه الاخيرة.. في حيرة من امرها..غارقة في تفكير عميق بكل كلمة نطقتها مها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هل شعرت ذات مرة باحساس فقد اغلى الناس على قلبك -لاقدر الله-؟.. هل شعرت حينها بأنك قد اصبحت شخصا تائها لا هدف له بالحياة؟.. هل شعرت بأن لم تعد لك رغبة في العيش وانك اصبحت تتمنى الموت لعله يكون راحة لك من كل هذا العذاب؟..
هذا كان شعور حسام بكل اختصار وهو يجلس على طرف فراشه ويدفن وجهه بين كفيه بكل الم.. ولم تذق عيناه النوم الليل بطوله وكلمات امجد تتكرر في ذهنه.. جعلته يشعر بمرارة لا حدود لها وبحزن يكاد يسيل الدمع من عينيه ..وتنهد بكل معاناة في داخله.. وهو يرى ان احلامه قد انتهت منذ هذه اللحظة.. وان سبب بقائه على قيد الحياة قد تلاشى.. لقد كان يرى مها سببا لسعادته .. سببا لنجاحه في الدراسة.. كانت هي الدافع الذي يجعله يدرس بكل جد حتى يحصل على وظيفة بعدها.. ويكون اهلا للزواج بها .. لكن.. بعد ماذا؟.. هي لن تكون له..وهو لن يكون لها.. ما الذي يدعوه لرسم الابتسامة على شفتيه ومصدر السعادة لم يعد له وجود؟..ما الذي يدعوه للنجاح في الدراسة ومن كانت تدفعه لذلك لن تكون له؟..
وتنهد بكل حزن وهو ينهض من مكانه ويحاول تبديد جو الحزن الذي اصبح يتذكره كلما خطرت مها على ذهنه.. وتوجه الى دورة المياه الملحقة بغرفته لكن قبل هذا سمع صوت طرقات على الباب.. جعلته يقول بصوت يعبر عن كل الالم الذي يشعر به: من؟
جاءه صوت والدته وهي تقول برجاء: حسام .. بني.. افتح الباب ارجوك..
قال حسام بصوت حزين: امي.. دعيني وحدي ارجوك..
قالت والدته برجاء: اريد ان اطمأن عليك يا حسام.. ارجوك افتح الباب..
صمت حسام ولم يجب.. وصمتت والدته كذلك وكأنها لم تعد تقف خلف الباب.. فعلم حسام انها قد غادرت بعد ان يأست من انه سيفتح الباب لها.. وزفر بحدة وهو يمسح جبينه بارهاق.. وفجأة عادت الطرقات الى الباب من جديد وصوت والدته تقول بنبرة مختلفة هذه المرة لم يستطع حسام تفسيرها: حسام .. افتح الباب..
قال حسام برجاء: امي ارجوك.. اريد ان ابقى لوحدي قليلا ..
قالت والدته في سرعة: مها على الهاتف.. تريد الحديث اليك بأمر هام كما تقول..
مها!!.. تتصل به الآن؟.. لماذا؟.. لا يريد ان يزداد الامر صعوبة عليه يريد ان يتراجع وينسحب من حياتها.. لكن هل هذا ممكن وهي تعيش بداخلك يا حسام؟.. بين نبضات قلبك وروحك..انك تشعر بأن مها باتت تجري في عروقك مجرى الدم.. وانها اصبحت كالانفاس التي بها تحيا.. فهل من الممكن ان تنسحب من حياتها الآن بعد كل تلك السنوات التي قضيتماها معا؟.. بحلوها ومرها وا...
بتر افكاره صوت والدته وهي تعود لتطرق الباب قائلة: مها تقول ان الموضوع يتعلق بمصير حياتكما.. ارجوك افتح وتحدث اليها.. فربما يكون والدها قد تراجع في قراره..
عاد الامل لينبض في قلب حسام..وكأن الحياة قد عادت اليه بعد موت مؤكد.. وتسارعت نبضات قلبه وهو ينطلق مسرعا الى الباب ليفتحه ويهتف بوالدته بكل اللهفة التي في اعماقه: احقا يا امي؟ ..
ارتبكت والدته امام نظرات حسام التي تحمل الامل واللهفة وقالت بتردد: لست اعلم.. لكن ربما يحدث ما لا يخطر على ذهننا.. تحدث اليها.. واعلم ماذا تريد منك..
وكأن كلمات والدته قد لمست وترا حساسا لديه.. فقد حركت فيه الامل على ان ما قالته قد يتحقق وان من الممكن ان تكون الليلة الماضية بكل ما شعر بها من عذاب ومعاناة مجرد كابوس وسيستيقظ منه قريبا .. فانطلق الى الردهة الى حيث هاتف المنزل.. ليلتقط سماعته ويجيبه قائلا بكل اللهفة والامل التي يخفق بهما قلبه: مها.. انا حسام.. اخبريني ما الذي جرى؟ .. اخبريني يا مها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 08:22 AM   #46 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السادس والثلاثون
" اعترافات "

عاد الامل لينبض في قلب حسام..وكأن الحياة قد عادت اليه بعد موت مؤكد.. وتسارعت نبضات قلبه وهو ينطلق مسرعا الى الباب ليفتحه ويهتف بوالدته: احقا يا امي؟..
ارتبكت والدته امام نظرات حسام التي تحمل الامل واللهفة وقالت بتردد: لست اعلم.. لكن ربما يحدث ما لا يخطر على ذهننا.. تحدث اليها.. واعلم ماذا تريد منك..
وكأن كلمات والدته قد حركت فيه الامل على ان ما قالته قد يكون صحيحا.. فانطلق الى الردهة الى حيث هاتف المنزل.. ليلتقط سماعته ويجيبه قائلا بكل اللهفة والامل التي يخفق لهما قلبه: مها.. انه انا حسام.. اخبرني ما الذي جرى؟ .. اخبريني يا مها..
ارتبكت مها امام اندفاعه وكأنه كان ينتظر منها ان تخبره بأن ما حدث بالامس لم يكن حقيقة..وقالت ببعض الارتباك: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال حسام في سرعة: بخير.. بخير.. اخبريني انت ما سر اتصالك بي؟..
قالت مها وهي تلتقط نفسا عميقا: للاطمئنان عليك..
ارتفع حاجبا حسام بدهشة ومن ثم لم يلبث ان قال باحباط: فقط؟؟.. اأتصلت بي من اجل الاطمئنان علي فحسب؟..
قالت مها وهي تتنهد: لا هناك سبب آخر ايضا..لقد اتصلت لاعتذر لك عن تصرف والدي معك بالامس اولا.. ولكي اطمئن عليك ثانيا.. وكذلك لكي اخبرك باقتراح اقترحه علي مازن..
قال حسام بدون اهتمام خصوصا بعد ان علم ان مها لم تتصل له لتخبره ان والدها قد تراجع عن قراره .. لهذا لم يعد أي شيء يهمه بعد الآن: وما الذي اقترحه مازن؟..
داعبت مها خصلات شعرها بتوتر ومن ثم قالت: لقد اقترح علي ان يحاول اقناع والدي من اجلي.. سيحاول معه هو وكمال.. وانا ايضا سأحاول ان افعل المستحيل ليتراجع عن قراره..
قال حسام بسخرية مريرة: واتظنين ان والدك من السهل اقناعه؟ .. بما انه قد قرر امرا ما فمن المستحيل ان يتراجع عن قراره هذا ولو على قطع رقبته..
قالت مها في سرعة واضطراب: لكني ابنته.. والقرار الذي اتخذه يحدد مصيري انا واهم من أي قرار آخر اتخذه في حياته .. لهذا .. قد يغير رأيه..
زفر حسام وقال وهو يمسك جبينه بتعب: ربما يا مها.. لكن لا يوجد شيء مؤكد..
قالت مها والدمع يترقرق في عينيها: وماذا عساني ان افعل يا حسام؟.. ليس بيدي سوى المحاولة على تغيير رأيه..
مرت لحظة صمت بينهما .. سرعان ما قاطعها حسام وهو يقول متسائلا وقبضة باردة تعتصر قلبه : والدك لم رفضني يا مها؟.. اخبريني لماذا؟..الأن مستوى عائلتنا ليست في مستوى عائلتكم حقا؟..
بارتباك شديد قالت مها وهي تكاد تبكي: لأنك ابن سامي وانا ابنة امجد..
قال حسام بحيرة شديدة: ماذا تعنين يا مها؟.. اوضحي بالله عليك.. لا تتحدثي بالالغاز ارجوك..
مسحت مها دموعها التي خانتها وسالت على وجنتيها بحرقة: لأن والدتي كانت خالتك كما يقول.. وقد تركته وتركتنا جميعا لأجل ابن عمها.. لهذا لا يريد ان يتقرب من عائلة والدتي مرة اخرى..
قال حسام بصدمة وعيناه متسعتان على آخرهما: وماذنبي انا؟ .. ماذنبك انت؟.. ما ذنب حبنا ليموت ويدفن دون ان يرى النور؟.. هذا الحب الذي عاش معنا لعشر سنوات او ربما اكثر .. بهذه السهولة يريدنا ان نرميه خلف ظهورنا ونواصل حياتنا ؟.. بهذه السهولة؟..
لم تجب مها وهي تشعر انها لو نطقت كلمة اخرى فستبكي في الحال.. اما حسام فقد قال فجأة بشرود: اتعلمين يا مها ماذا اتمنى في هذه اللحظة؟..
ازدردت مها لعابها لعلها تبتلع غصة المرارة التي بحلقها وقالت بصوت مبحوح: ماذا؟..
قال حسام وهو يبتسم ابتسامة حالمة: اتمنى لو استطيع المجيء الى منزلكم لأخطفك على حصان ابيض كفصص الاساطير ..لنتزوج ونعيش بعيدا عن المشاكل .. بعيدا عن الناس.. ونحيا في سعادة الى الابد.. انا وانت فقط..
خفق قلب مها في عنف لكلماته.. وشعرت بالدموع تحجب الرؤية امام عينيها وقالت بصوت مختنق: انها امنيتي انا الاخرى يا حسام..لكننا نحيا في واقع.. علينا ان نتحدى تلك المشكلات التي تواجههنا بدلا من الهرب بعيدا عنها..
تنهد حسام وقال بمرارة: ليت في يدي ما افعله.. لكنت اول من يأتي الى والدك ويجبره على اتمام الزواج..
قالت مها برجاء: حاول معه يا حسام.. ارجوك.. وانا الاخرى سأحاول معه.. من اجل الحب الذي جمع بيننا..
قال حسام بهدوء: سأحاول يا مها.. اعدك اني سأحاول معه ..من اجلك ومن اجل الحب الذي يخفق به قلبينا..ولن استسلم امام رفضه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
طرقات تكررت للمرة الثالثة هذا اليوم على باب غرفة ملاك .. وصوت صاحبها يقول: ملاك.. انا مازن.. هل يمكنني الدخول؟..
التفتت ملاك الى نادين وقالت لها بحنق: الم اطلب منك ان تخبريه بأن يذهب واني لا اريد رؤيته..
قالت نادين وهي تتطلع الى ملاك بتردد: لقد اخبرته.. لكنه يعود رغم هذا بين الحين والآخر.. يقول انه يريد الحديث اليك في امر مهم..
ومازن من خلف الباب الذي ثارت اعصابه بسبب ملاك التي تمنعه حتى من ان يشرح موقفه لها.. وطرق الباب بقوة اكبر ليقول: ملاك افتحي الباب..
جاءه صوت ملاك تقول بصوت عالي: لا اريد رؤيتك.. دعني وشأني..
قال مازن بعصبية: سأحطم الباب يا ملاك ان لم تفتحيه الآن..
قالت ملاك هاتفة بحدة: افعل ما تشاء .. لن افتح الباب..
عقد مازن حاجبيه بعصبية وقال: فليكن يا ملاك..
وابتعد عن باب غرفتها ليهتف بالخادمة التي اسرعت نحوه فقال في سرعة: الديك مفتاح احتياطي لباب غرفة ملاك؟..
قالت الخادمة وهي تومئ برأسها: اظن ذلك يا سيدي..
قال مازن بحدة: اذا اسرعي واحضريه..
غمغمت الخادمة قائلة: حاضر سيدي..
واسرعت تبتعد عن المكان.. في حين قال مازن وهو يمرر اصابعه بين شعره : فليكن يا ملاك.. ستسمعيني بالرغم منك .. لن اسمح لك بأن تبتعدي عني وترفضي ان اشرح موقفي لك حتى ..واكون في نظرك مجرد مخادع وكاذب.. يجب ان تدركي كل شيء.. وتسامحيني على ما اقترفته يداي.. اجل يجب ان تسامحيني.. لان حياتي بعيدا عنك لم تعد تعني لي أي شيء..
اما بداخل الغرفة..فقد امسكت ملاك بذراع نادين وهي تشعر بقلق ما يتسلل الى قلبها.. فقالت نادين وهي تلتفت الى ملاك بحيرة: مابك آنستي؟..
وقبل ان تهم ملاك بقول أي شيء.. سمعت صوت مفتاح يدور في ثقب الباب.. فشدت ملاك قبضتها على ذراع نادين التي استغربت هذا الشخص الذي يحاول فتح الباب..
وبعتة فتح الباب .. ليطل من خلفه مازن .. ونظراته مسلطة على ملاك.. وهذه الاخيرة شعرت بقلبها يخفق بقوة وعنف.. والتوتر قد بلغ منها مبلغه.. واخيرا قال مازن ببرود: نادين دعينا وحدنا ..
قالت نادين بهدوء وهي تنقل نظراتها بينهما: حسنا يا سيد مازن ..
تمسكت ملاك بذراع نادين وقالت: نادين لن تخرج.. اتفهم؟ ..
قال مازن وهو يزفر بحدة: اريد ان اتحدث معك لوحدنا يا ملاك .. ولا اظن اني في يوم قد سببت لك الخوف الذي يجعلك ترفضين ان نبقى لوحدنا بعض الوقت..
واشار لنادين بعينه.. فقالت نادين بارتباك: سأغادر آنستي.. وسأعود بعد دقائق فقط..
تركتها ملاك لتذهب وتغادر الغرفة.. فاقترب مازن من ملاك وقال وهو يهبط الى مستواها ويجلس على ركبة واحدة في مواجهتها: ملاك عزيزتي.. كل ما اطلبه منك هو ان تستمعي الي حتى النهاية ولا تتسرعي في حكمك علي..
اشاحت ملاك بوجهها عنه وقالت: لقد دخلت الى غرفتي دون رغبة مني .. فلا تظن اني سأستمع الى ما ستقوله برغبة مني..
قال مازن وهو يمسك بكفها: صدقيني يا ملاك .. لم ادخل الى الغرفة بالرغم منك الا بعد ان قطعت أي سبيل بيني وبينك للحديث معك.. انك حتى تتناولين طعام الغداء والعشاء في غرفتك ..
قالت ملاك وغصة مرارة تملأ حلقها: لا اريد ان اراك.. اريد ان انساك.. اريد ان انسى الحزن والعذاب الذي سببته لي..
قال مازن وهو يضغط على كفها بحنان.. وهو يشعر بالراحة لأنها بدأت تتجاوب معه.. وان شعر بالندم لكونه كان سببا في معاناتها: سأخبرك بكل شيء.. واعلم انك حينها ستسامحيني لان قلبك يسع العالم كله بطيبته..
التفتت له ملاك وقالت بعينين تترقرق فيهما دموع الالم: وبم نفعتني هذه الطيبة سوى انها قد جعلتني ابدوا ساذجة امام الجميع؟.. واني مجرد حمقاء تخدع بسهولة..
مد مازن كفه ليمسح دموعها بحنان وقال: ابدا يا عزيزتي.. لست ساذجة او حمقاء.. الناس من حولك كذلك لانهم لا يقدرون طيبة قلبك ونقاءه..
التقطت ملاك نفسا عميقا.. دون ان تنبس ببنت شفة..فقال مازن وهو يخرج من جيبه هاتفا محمولا: انظري يا ملاكي..
تطلعت ملاك الى الهاتف المحمول ومن ثم قالت بالامبالاة: وماذا افعل بهاتفك؟..
قال مازن وهو يقتح قائمة الاسماء: انظري بنفسك.. لقد مسحت رقم كل فتاة لدي.. فيما عدى مها بالطبع..
قالها مبتسما.. في حين تطلعت ملاك الى هاتفه غير مصدقة.. ومن ثم لم تلبث ان عقدت حاجبيها قائلة: اسم ندى موجود ايضا ..
قال مازن بابتسامة: انها ابنة عمي.. ولهذا تركت رقمها في هاتفي وليس لسبب آخر..
قالت ملاك بصوت مختنق: لقد قرأت رسائلها.. كانت تبثك اشواقها ومشاعرها في رسائلها لك..
تطلع لها مازن بحنان ومن ثم قال: فليكن..
وضغط زر مسح اسم ندى من هاتفه.. واردف قائلا وهو يفتح قائمة الرسائل بهاتفه: وهاهي ذي الرسائل الموجودة بهاتفي..
تطلعت ملاك باستغراب الى شاشة هاتفه الذي كتب عليها (فارغ) .. فقال مازن بابتسامة مرحة: لقد تخلصت منها جميعا ..وكذلك قمت بشراء رقما جديدا لي..
واردف وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: وكل هذا لاجلك وحدك يا ملاكي..
ارتبكت ملاك امام نظراته.. وعاد قلبها ليخفق في قوة.. وامتدت كف مازن لتمسح على شعرها وهو يقول : ملاك سامحيني ارجوك.. اغفري لي حتى يعود كل شيء بيننا كما كان ..
تطلعت له ملاك بابتسامة باهتة.. وكادت في تلك اللحظة ان تغفر له كل ما مضى .. ان تبدا معه من جديد.. ما دام قد ادرك خطأه وقرر ان يصلح ما اقترفته يداه.. ورفعت رأسها له.. ولكن هذه المرة لم ترى في عيناه نظرات الحنان التي كانت تراها فيها منذ قليل.. بل كانت تحمل نظرات الغضب وهو يتطلع الى رقبتها ويقول بعصبية: اين القلادة؟..
لوهلة استغربت ملاك من حديثه ومن ثم فهمت انه يعني القلادة التي اهداها لها .. فقالت بتردد: لقد خلعتها..
قال مازن متسائلا بحدة: ولم؟..
قالت ملاك وهي تتنهد: لان كل ما بيننا قد انتهى..
نهض مازن من مكانه واقفا وقال بغضب: لا لم ينتهي شيء ..ليس من حقك ان تنهي أي شيء من بيننا.. انا زوجك.. اتفهمين؟ .. زوجك..
قالت ملاك وهي ترفع له رأسها وغمغمت بمرارة: زوجي الذي خدعني واستغل طيبتي.. زوجي الذي يعرف مئات الفتيات غيري.. زوجي الذي خان هذا الزواج الذي يربطنا..
قال مازن بحنق: اخبرتك مائة مرة وسأعيدها على مسامعك مرة اخرى.. لم يكن يربطني شيء بأولئك الفتيات.. لم تكن الا صداقة او زمالة في النادي.. واقسم على هذا..
قالت ملاك وهي تهتف بصوت عالي بعض الشيء: والرسائل؟..
قال بحدة: لا ذنب لي فيما يرسلونه.. لقد مسحت كل الرسائل وغيرت رقم هاتفي لاجلك.. وقررت ان ابدأ بداية جديدة معك.. وانت تقولين بعد هذا ان كل شيء قد انتهى من بيننا.. لا يا ملاك.. لم ينتهي شيء.. ولن ينتهي..
قالها وغادر الغرفة بخطوات غاضبة..في حين تنهدت ملاك وهي تحرك عجلات مقعدها قليلا.. وتتجه الى الادراج وتفتح احدها.. لتلتقط منه قلادة من الماس يحتلها الحرف "m".. وقالت: لقد انتبه لعدم وجودها حقا وانا التي ظننت انه لن يتذكرها اساسا.. يبدوا ان الامر يهمه حقا.. وربما اعني له شيء في حياته.. ربما يبادلني مشاعري ..مشاعري؟؟ .. الا زلت تحبينه يا ملاك على الرغم من كل ما فعله بك؟.. لست اعلم.. كل ما اعرفه هو اني لا اريد الابتعاد عن مازن ابدا..
وتطلعت قلادتها ذات القلب المتأرجح والتي تختل رقبتها وقالت وهي تداعبها: اخبريني ماذا افعل يا ابي؟.. ااسامح مازن؟..
سمعت صوت تغريد الطائر في تلك اللحظة فقالت بابتسامة باهتة: اترى انه يجب علي ان امنحه فرصة حقا يا مازن؟..
عاد الطائر ليغرد.. وينشر الحانه العذبة في كل ارجاء الغرفة.. فخفق قلب ملاك بالرغم منها وهي تقول: فليكن يا مازن.. سأمنحه فرصة.. ولكنها ستكون الاخيرة ..
وتطلعت الى القلادة التي جلبها لها مازن.. وفتحت قفلها لترتديها من جديد.. وقلبها يخفق بقوة وخوف من اتخاذها لهذا القرار.. بفتح صفحة جديدة مع مازن...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
حاول مازن السيطرة على اعصابه طوال الطريق من منزله.. كان يفكر في أي شيء ليبعد عن ذهنه تلك القلادة الوحيدة ذات القلب المتأرجح التي تحتل رقبتها.. بكل سهولة تقول ان كل شيء قد انتهى بينهما.. لهذا خلعت القلادة التي اهديتها لها.. لكن القلاد ة الاخرى لم تفارقها قط.. لم؟.. ممن هي؟..
وزفر بعصبية وهو يتوقف بالسيارة في احد المواقف.. بعد ان اكتشف انه قد جاء الى النادي دون شعور منه..وخرج من السيارة ليسير بخطوات هادئة ويدخل الى النادي لعله يغير من جو الهموم الذي يعيشه هذه الايام..
وسار بين اقسام النادي بخطوات هادئة وبذهن مشوش سيطرت عليه الافكار.. وصورة ملاك لا تكاد تفارق مخيلته.. والموقف الاخير يتكرر في ذهنه.. وركل حجرا بقهر وهو يتطلع الى قسم الفروسية التي قادته قدماه اليه.. وتنهد بقوة وهو يمسك بالسورالذي يحيط بحلبة السباق.. قبل ان يبتسم بشرود وهو يتذكر الموقف الذي جمعه مع ملاك هنا.. يتذكر ركوبها الى جواره على ظهر الجواد.. وحديثهما معا.. تورد وجنتيها بخجل من كلماته.. برائتها التي تطغى على ملامحها و...
( مازن؟.. لا اصدق عيناي.. واخيرا تواضعت وجئت الى النادي) ..
التفت مازن الى مصدر الصوت وتطلع بهدوء الى رشا التي تسير بدلال مبالغ فيه وهي تتقدم منه ومن ثم تقول بابتسامة مردفة: لم ارك منذ ايام .. ما الذي جرى؟.. حتى هاتفك لم يعد يستقبل أي مكالمات خلال اليومين السابقين..
قال مازن وهو يلتفت عنها: اعلم فهو مفصول عن الخدمة..
قالت رشا وهي تقترب منه : وسبب عدم مجيئك الى النادي؟..
تطلع مازن الى حلبة سباق الخيل وقال: لقد كانت ملاك مريضة فظللت الى جوارها بالمنزل..
جلس الى جوار تلك العاجزة ولهذا لم يأتي الى النادي.. ايترك النادي من اجلها؟..ياله من سبب!.. والتفتت اليه قائلة : وماذا عن هاتفك؟..
قال وهو يهم بالابتعاد عنها: ربما افكر في اعادة الخط اليه قريبا..
ومضى في طريقه مبتعدا.. وعينا رشا تتابعانه في دهشة.. ابدا ليس هذا هو مازن.. ربما يكون شخص ما يشبه.. لكن ليس هو مازن الذي تعرفه.. ليس هو..
ومازن الذي انطلق الى الاسطبل ليخرج جواده منه ويمتطيه.. وبنطلق به شاقا الرياح .. غير آبه لكل ما حوله.. كل ما يهمه ان يحاول ان ينسى همومه.. احزانه.. ينسى مافعله هو بملاك وكان سببا فيما اصابها.. ينسى انه كان سببا في معاناتها .. وينسى كذلك ما فعلته هي به.. ينسى كلماتها القاسية التي وجهتها له.. كلماتها الجارحة.. وخلعها للقلادة التي جمعت بينهما يوم عقد القران.. اكان يستحق منها كل ذلك حقا؟..
واوقف جواده فجأة.. ليهبط من على ظهره.. وهو يفكر في القلادة ذات القلب المتأرجح من جديد.. ممن هي؟.. اكان لملاك اقرباء غيرهم؟..لقد قالت انه شخص غالي على قلبها.. ربما يكون ابن خالها مثلا.. لكن لم يسمع من والده ان لوالدة ملاك اشقاء او شقيقات..
ربما كان تفكير مازن سطحيا بعض الشيء.. فقد فكر في جميع من يعرفهم او لا يعرفهم.. فكر في شخص في سنها او اكبر منها بقليل قد يكون اهدى لها هذه القلاة.. ونسي اغلى الناس على قلبها.. والدها!..
وسار وهو يمسك لجام الجواد ليدخله الاسطبل.. لكنه توقف بغتة على باب الاسطبل عندما سمع احد ما يتحدث وميز صوته في سرعة.. كان شقيقه كمال يتحدث الى جواده وهو يعلم جيدا انه يتحدث الى نفسه .. لكنه كان يبجث عن أي وسيلة ليفضفض بها عن كل ما بداخله.. وارهف مازن سمعه .. وهو يسمع كمال يقول في تلك اللحظة: اعلم ان ما فعلته يعد خطأ وان مازن هو شقيقي الاكبر.. لكن يداي هما اللتان تحركتا حينها لتنقض عليه.. بعد ان علمت ان ما اصاب ملاك كان بسببه.. وبسبب علاقاته..
وتنهد وهو يردف: كنت اعلم ان امرا كهذا سيحدث في يوم.. كنت اعلم ان ملاك ستصدم بسبب علاقاته يوما ما لكونها جاهلة لما يدور حولها.. تجهل كل شرور العالم.. فقد اجتمع في قلبها معاني الخير والطيبة ..الحب والنقاء..
وربت على عنق جواده وهو يستطرد: اتصدق؟.. عندما رأيتها اول مرة في منزلنا كنت اشعر انها مجرد دخيلة عليه .. مجرد فتاة كغيرها.. لكن مع الوقت عرفت حقا من تكون .. وانها اسم على مسمى .. وبدأت نظراتي تجاهها تتغير.. بدأت اراقب حركاتها .. استمع الى كلماتها التي تحمل كل براءة الدنيا..ولكن اتعلم ما الذي كان يحدث حينهاوكان يجعل النار تشتغل بصدري بكل غضب؟..
وزفر بحدة قائلا بألم: لم تكن تراني هي او تفكر بي.. لم تكن حتى تلمح نظراتي المسلطة عليها.. فقد كانت تتطلع الى مازن طوال الوقت.. تبتسم اذا وجدته يبتسم.. تعبس اذا وجدته قد غضب.. تتطلع اليه بحنان كلما التفت لها وتطلع اليها.. وانا الذي كنت اتمنى نظرة واحدة من عينيها لم تكن تراني او تأبه بي حتى .. وانا من كان يجلس على مقربة منها طوال الوقت ..
كل هذا ومازن يستمع الى كل هذه الاعترافات مبهوتا عند باب الاسطبل.. هذه الاعترافات التي اخذت تتدفق من بين شفتي كمال.. اعترافات قد كتمها هذا الاخير في صدره ولم يسمح لأحد ان يعرف عنها شيئا..
وداعب كمال رقبة جواده من جديد وهو يقول بابتسامة باهتة: قد تقول لي انك ما دمت تشعر بكل هذا تجاهها..فلم لم تعترف لها؟.. لم ظللت صامتا طوال تلك المدة؟.. والآن فقط استطيع ان اخبرك السبب.. فكما قلت لك هي لم تكن تراني ابدا.. لم تكن تنظر الي.. وصدقني مازن هو الذي تربع في قلبها لوحده دون ان يسمح لأي شخص آخر ان يشاركه مكانه.. حتى في قلب ملاك قد فرض أنانيته !..
واكمل قائلا وهو يتنهد: وجدت نفسي اشعر بغيرة من شقيقي .. اشعر انه قد حصل على كل شيء.. وحتى الفتاة الوحيدة التي احببتها استطاع ان يختطف قلبها ويستحوذ عليه.. ربما باهتمامه المبالغ فيه لها.. وربما لاني انا الذي لم يحاول ان احسن صورتي تجاه ملاك حتى .. لكن صدقني.. كلما كنت اراها مع مازن او تتحدث عنه.. لا استطيع الا ان ارمقها بتلك النظرات القاسية.. مع اني اريد ان اهتف بها انها قد ملكت قلبي وكياني وروحي.. اريد ان اهتف بها ان تنسى مازن.. وتلتفت الي انا.. انا الذي احببها بصدق.. وكنت افكر بالتقدم لخطبتها حقا من والدها .. لولا ما حدث..
والتقط نفسا عميقا ومن ثم ازدرد لعابه وهو يواصل في اعترافاته: لم اكن اتوقع ان يحاول والدي حل المشكلة بزواجها من احدنا.. ولم اكن اتوقع ان يختار مازن لانه الاكبر فقط.. لقد كرهت ان اكون الاصغر حينها وتمنيت لو ان والدتي قد انجبتني قبله لتكون ملاك لي انا..وعندما ثرت واخبرته اني اريدها زوجة لي .. اخبرني ان شقيقي احق بها مني لانه انهى دراسته ولديه وظيفة فقط.. وشقيقي الاكبر اتهمني اني طامع في اموالها.. وانا الذي كنت طامع في حبها لا اكثر ولا اقل.. لكني كنت اعلم انها ستختاره هو عندما خيرها والدي بيننا .. لهذا انسحبت من حياته وحياتها.. لكن.. لم اكن استطيع ان اقف متفرجا وانا ارى ملاك تتألم بسببه.. لم اكن استطيع..
(لماذا لم تخبرني؟)
التفت كمال الى مصدر الصوت في قوة .. وكأننه لم يتوقع ان يتواجد احد معه في تفس المكان او يستمع الى ما يقوله.. ومازن الذي قال عبارته السابقة.. لم يحتمل الصمت اكثر من هذا.. وقرر ان يتحدث الى شقيقه الذي كان سببا في احزانه ذات يوم دون ان يعلم.. يا ترى يا مازن كم شخص تسببت في احزانه دون ان تعلم؟!..
وتطلع له كمال ببرود شديد قبل ان يقول: منذ متى وانت واقف هنا؟..
قال مازن وهو يتقدم منه: لا يهم .. المهم اني علمت بكل شيء.. اخبرني .. لماذا لم تخبرني بذلك من قبل؟.. لماذا لم تخبرني بأنك تـ...؟
وتوقفت الكلمات على الشفاه دون ان يستطع مازن ان يخرجها من بينها.. فقال كمال مكملا لعبارته: انني احب ملاك .. اليس كذلك؟..
وترك جواده ليتقدم من مازن قائلا: ومن قال اني لم اخبرك؟.. الم اعترف لك اني احبها في اليوم الذي علمت به انك ستتزوجها لحماية ملاك من عمي عادل وابنه؟.. وماذا فعلت انت حينها سوى انك قد سخرت مني واستهزأت بما قلته؟.. واتهمتني بأني طامع في ما تملكه لا غير..
عقد مازن حاجبيه وقال بحزم: لو كنت قد اعترفت لي بصدق لما كذبتك.. لكن انا من دفعك لذلك الاعتراف يومها ..ولهذا شككت بالامر.. لقد ظننت انك تحاول التمثيل علينا حتى نوافق ان ترتبط بملاك.. كمال لو كنت تحبها حقا.. لكنت قد اخبرتني وحاربت الجميع لأجلها..
قال كمال وهو يبتسم بزاوية فمه بمرارة: ولماذا احارب من اجل فتاة لا تحمل لي أي ذرة مشاعر؟.. لو كانت تبادلني المشاعر لما تأخرت في ذلك.. لكنها تحب شخصا آخر.. ولم اعد اعني لها أي شيء الآن..
قال مازن متسائلا: من تعني بالشخص الآخر الذي تحبه؟..
قال كمال بسخرية: اانت اعمى يا مازن؟.. طوال هذا الوقت لم ترى أي شيء او تشعر بشيء..
صمت مازن وهو يتذكر كلمات كمال التي قالها منذ قليل بأن ملاك كانت تراقبه هو طوال الوقت..وانها قد حصل على قلبها.. املاك تحبه حقا؟؟.. ام ان هذا مجرد احساس من كمال؟..
في حين سار كمال وهو يخرج من الاسطبل وتوقف بحوار مازن ليقول: ثم من قال اني لو اعترفت لك بحبي لها كنت ستسمح لي بالزواج بها؟.. لقد شعرت بالغضب وانفعلت لمجرد انك شعرت انها من الممكن ان تكون لسواك.. فتفكيرك الاناني هذا كان ينص على ان ملاك اما ان تكون لك اوانها لن تكون لأحد لآخر ..ربما تكون مغرورا او ربما لكبريائك لا تريد ان تعترف بالحقيقة التي تخفيها عن نفسك ذاتها .. بأن ملاك قد احتلت هذا المكان..
قالها واشار الى صدر مازن في موضع قلبه تماما.. وابتسم له بهدوء.. قبل ان يمضي في طريقه.. تاركا مازن يقف كالتمثال الجامد وهو لا يستطيع الحركة او حتى التفكير بشيء من شدة صدمته...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
غرق امجد في اعماله والملفات المكومة امامه حتى انه لم ينتبه الى صوت طرق الباب..والى صوت سكرتيره وهو يدلف الى مكتبه ويقول بهدوء: سيد امجد. هناك من يريد مقابلتك.. ويقول انه من العائلة..
رفع امجد رأسه بحدة الى سكرتيره وقال بحدة: كيف تدخل دون ان تطرق الباب؟..
قال السكرتير بارتباك: لقد طرقته يا سيدي.. لكن يبدوا انك كنت مشغولا ولم تنتبه لـ...
قاطعه امجد قائلا وهو يشير له بالصمت: قل ما تريد بسرعة.. فلدي عمل كثير..
قال سكرتيره بهدوء وقد اعتاد شخصية امجد: هناك شخص ما ينتظرك بالخارج.. ويقول انه قريبك..
عقد امجد حاجبيه وقال: وما اسمه؟..
صمت السكرتير لبرهة ومن ثم قال: حسام.. حسام سامي ..
اتسعت عينا امجد في دهشة واستغراب شديدين وقال مستفسرا: أأنت متأكد؟..
قال السكرتير مجيبا: هو من اخبرني بأسمه وسلمني بطاقته ايضا..
عقد امجد حاجبيه بتفكير.. واطرق رأسه لثواني.. قبل ان يرفعه للسكرتير ويقول ببرود: دعه يدخل..
اومأ السكرتير برأسه.. قبل ان ينصرف ويغادر المكتب .. ولم تمض لحظات حتى كان الباب يفتح من جديد ويدلف منه حسام.. الذي تقدم بخطوات متوترة الى حيث مكتب امجد ورأى هذا الاخير يقف ويبتسم ابتسامة نستطيع القول عنها انها باردة الى ابعد حد..
ومد حسام كفه الى امجد بيقول وهو يصافحه: كيف حالك يا عمي؟..
قال امجد وهو يشير له على المقعد: بخير .. اجلس..
اتخذ حسام مجلسه والتفت الى امجد ليقول بهدوء: ربما تكون تعلم بسبب مجيئي لك المكتب..
تطلع له امجد منتظرا تفسيرا.. فاردف هو قائلا بابتسامة باهتة: سأدخل في الموضوع مباشرة..انه يتعلق بي انا ومها..فقد كنا لبعضنا منذ الصغر.. وكنت ترانا معا دائما في المناسبات ولم تعارض.. ولقد كنت تقول لي دائما انني ابنك الرابع ..والوحيد الذي يمكن ان يفهم مها اكثر من شقيقيها الآخرين.. فلم رفضت زواجي بها الآن؟..
قال امجد وهو يعقد اصابع كفيه امامه: لقد كنت اراك شقيفا لهم.. ولم اتوقع ان يتطور الامر لأكثر من ذلك.. واما سبب رفضي.. فأظن ان مها قد سبقتني واخبرتك به..
قال حسام بحيرة شديدة: لكنه سبب غير مقنع.. الأني ابن خالها فقط.. عمي لا يمكن للانسان ان يحكم على الناس لقرابتهم من شخص ما.. ويمنع ان يتقرب لهم .. لمجرد انهم اقرباء لذلك الشخص..
عقد امجد حاجبيه وقال: اشعرت يوما ما بشعور الخيانة؟..
بهت حسام من السؤال وتطلع الى امجد الذي اردف: ان شعرت به فستعرف حينها لم رفضت ان اتقرب من هذه العائلة اكثر..
- لكني كنت ابنك دائما..
- ولا زلت.. لكن انزع زواجك من مها من رأسك ان كنت تريد ان تظل علاقتك بأسرتي كما كانت..
قال حسام ببعض العصبية: ولم كل هذا؟.. لم تحرمني انا ومها من ان نتوج حبنا بالزواج ؟.. لم؟.. وقد اصبحت تعني لي كل شيء..
واردف قائلا وهو يشعر بغصة في حلقه: صدقني يا عمي.. ان فرقتنا انا ومها.. فلن يكون مصير كلينا الا العذاب والالم والحزن اللانهائي.. سترى مها تتعذب امام ناظريك.. بسبب قرارك هذا الذي اتخذته..
قال امجد بهدوء شديد: مها ابنتي وانا الذي قمت بتربيتها.. اعرف انها سترضخ لما اقوله..ومن ثم يمكنها ان تنساك مع الوقت..
قال حسام وهو يهز رأسه نفيا: ابدا.. لن يمكنها ذلك.. اتعرف لم؟ .. لأن حبنا قد حفر في قلوبنا وكبر معنا .. اصبح جزءا منا ويجري في عروقنا مجرى الدم..
قال امجد بحدة: يكفي لا احتاج لان تخبرني عن مشاعرك تجاه ابنتي .. كل ما احتاجه هو ان تبعد ابنتي عن ذهنك وتتركها وشأنها..
تطلع له حسام قوال بحزم: ان استطعت انت نسيان زوجتك ومافعلته بك..فحينها ربما استطيع ان انسى مها للحظات فقط.. لكن ستظل في قلبي الى الابد..
قال امجد وهو يكور قبضته: قراري لن اتراجع عنه.. مهما حدث..
قال حسام بحدة وانفعال: انت بهذا تقتل مها يا عمي.. تقتل ابنتك وتقتلني معها..
قال امجد بعصبية: يكفي ما قلته وغادر الآن.. لا اريد سماع كلمة أخرى منك..
نهض حسام من مكانه وقال وهو يرمق امجد بنظرة اخيرة تحمل معنى الغضب .. الظلم والقهر: تذكر يا عمي ان بيديك قد قتلت ابنتك.. وان بيديك هاتين قد قتلت ابنا كان لك في يوم ..
واسرع يغادر المكان ويغلق الباب خلفه في قوة.. وزفر امجد بحرارة وهو يستند الى مسند مقعده..وتدور في رأسه افكار عديدة .. جعلته يغرق في حيرة واضطراب ويتناقض مع نفسه.. واخيرا سمع صوت رنين هاتف المكتب الذي جعله يرفع سماعته ويقول ببرود: من المتحدث؟..
سمع صوت المتحدث للحظات ومن ثم اردف قائلا بابتسامة باهتة: اوصلتك الاخبار بهذه السرعة؟.. اجل لقد زارني منذ قليل وطلب مني ان اغير رأيي..
صمت مرة اخرى وهو يستمع الى محدثه ومن ثم اكمل بتوتر: لا تقلق.. كما وعدتك.. مها لن تكون الا لابنك يا عادل ..
وكشف القدر عن لعبة غريبة اخذ يلعبها بأبطالنا..ما بين حب تحول الى كره وبين شفقة تحولت الى حب.. وما بين ابوة تحولت الى ظلم وقرابة تحولت الى حب المال والذات .. ولكن يبقى القدر عاجزا عن حل هذه المعضلة الصعبة او تفسيرها حتى..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 08:37 AM   #47 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السابع والثلاثون
"أمل"

ابتسمت مها وهي تتطلع الى ملاك من عند الباب..التي ارتسمت ابتسامة شاردة على شفتيها وهي تتطلع الى طائرها.. واقتربت من ملاك بخطوات هادئة وقالت وهي تضع يدها على كتفها: فيم تفكرين؟..
التفتت لها ملاك وقالت بابتسامة شاحبة: افكر في ابي.. لم اذهب له منذ ثلاثة ايام بسبب ماحدث لي..
قالت مها وهي تتطلع اليها بحنان: سآخذك اليه اليوم ان شئت..
قالت ملاك بلهفة :حقا ستفعلين؟.. ومتى سيكون ذلك؟..
ابتسمت مها وهي تتطلع الى فرحتها وقالت وهي تصطنع التفكير: ربما.. عند الساعة الـ...
( انا سآخذك الى هناك)
التفتت كلاتهما الى مصدر الصوت.. وشعرت مها بالقلق وهي ترى مازن يتقدم وعلى وجهه علامات الجمود.. في حين خفق قلب ملاك في توتر.. وهي تتطلع الى نظرة التأنيب التي يرمقها بها ..
وظلت ملاك صامتة وهي تراه يقترب منها ويقول بلهجة تحمل الكثير من الغضب: بشرط واحد..
تطلعت له مها باستغراب من طريقة حديثه هذه.. في حين استطرد هو قائلا وهو يمسك بالقلادة ذات القلب المتأرجح الذي تحتل رقبتها على حين غرة منها: ان تخبريني من يكون الشخص الذي اهداك هذه القلادة..
تطلعت له ملاك بعينين تحملان الاستنكار وقالت بتأنيب: ومن تظنه يكون؟..
قال مازن بحدة: انه كمال .. اليس كذلك؟..
ارتفع حاجبا ملاك بدهشة .. وتطلعت اليه بصدمة.. فقالت مها بحدة: أي قول تقوله؟.. أي كمال هذا الذي سيهدي...
اشار لها مازن بالصمت .. وقال بلهجة منفعلة: اجيبي .. انه كمال .. صحيح؟..
ابعدت ملاك يده عن القلادة وقالت بابتسامة ساخرة و مريرة: لقد انقلبت الادوار اذا؟.. اصبحت انت تشك في تصرفاتي .. وانا التي يجب ان تفعل بعد ان رأت الدليل القاطع على خيانتك بعينيها .. ومع هذا قد قررت ان ابدأ صفحة جديدة معك وارمي الماضي خلفي..
في تلك اللحظة فقط قد انتبه مازن الى قلادته التي اهداها لها في يوم عقد القران.. والتي عاودت ارتدائها من جديد بعد كل ماحدث بينهما.. وشعر بقلبه يرق تجاهها..في حين اردفت هي قائلة وهي ترفع رأسها اليه بكل ثقة: وليس ذنبي ان كنت اعمى او سريع النسيان.. فمنذ اول يوم جئت فيه الى هنا كنت ارتدي هذه القلادة.. قبل ان ارى كمال او اراك او ارى سور منزلكم حتى..
قال مازن متسائلا في صوت اقرب الى الرجاء: اذا ممن هي؟.. لم استطع التركيز وانا اقود السيارة الى هنا..وكل تفكيري مع الشخص الغالي على قلبك كما اخبرتني مسبقا والذي اهداك هذه القلادة..
تطلعت مها للموقف بتعجب.. فبعد ان كان مازن هو الذي يمسك زمام الامور .. اصبحت ملاك الآن كذلك.. تتحدث بكل ثقة.. مدافعة عن نفسها وعن حقها بكل قوة.. حقا لقد تغيرت يا ملاك..
ارتجفت شفتا ملاك وقالت بصوت اقرب الى الهمس: اجل هو كذلك.. احب الناس على قلبي.. اقربهم الى نفسي.. حياتي كلها.. هو الماضي والحاضر والمستقبل.. احن الناس علي.. والوحيد الذي احبني بصدق..
واردفت ودمعة حزينة تسيل على وجنتيها: انه ابي...
أي موقف الا هذا الموقف.. أي مكان الا هذا المكان.. هذا الموقف السخيف الذي اضع نفسي فيه لمجرد شكوك لا محل لها.. لمجرد الغيرة التي اعمت عيني.. وجعلتني اشك في هذا الملاك الطاهر.. وانا الذي يجب ان احاسب نفسي على كل ما فعلته.. احاسبها هي على لاشيء.. يالي من احمق.. كلما حاولت ان احسن صورتي امامها.. ارى نفسي اسقط من عينيها اكثر واكثر .. حقا انا لا استحق ملاكا بريئا مثلها..
وقال بعد دقيقة صمت رانت على المكان: ملاك..انا.. آسف.. سامحيني ارجوك..اعلم اني مجرد احمق.. يرى عيوب الناس وينسى عيوبه هو..ملاك صدقيني انها الغيرة التي جعلت اشك بك.. انا حقا آسف..
مسحت ملاك دموعها وقالت بصوت مختنق: اريد ان اعود الى منزلي .. الى ابي.. الى الهدوء الذي كنت اعيشه.. لا اريد ان ابقى هنا معك.. انت.. لا تحب سوى نفسك.. تشك بي انا .. وانا التي قررت ان ابدأ معك حياة جديدة بعد كل ما فعلته بي .. كنت مجرد ساذجة حمقاء عندما اتخذت ذلك القرار ..
اقتربت منها مها وقالت وهي تهبط الى مستواها وتحيط كتفيها بذراعها: ملاك اهدئي.. ارجوك.. اهدئي .. مازن لم يقصد .. لقد اعمته الغيرة عن رؤية الحقيقة التي هو متأكد منها..
اما مازن فقد ابتسم بمرارة ومن ثم قال وهو يلقي نظرة حانية على ملاك: سآخذك الى والدك.. الآن اردت.. فقط اجهزي ..
قالت ملاك بصوت متقطع : لا اريد.. الذهاب معك الى ..أي مكان.. دعني وحدي..
تطلع مازن الى مها بنظرة رجاء على امل ان تقنعها.. فهزت مها كتفيها بمعنى انها ستحاول.. ومضى مازن مبتعدا تاركا الدمع يسيل على الخد بكل حرقة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ابتسم عادل وهو يغلق سماعة الهاتف ويلتفت الى فؤاد الذي يجلس على مقعد مواجه لمكتبه.. ويجلس في مواجهته احمد.. وقال بكل ثقة: كما اخبرتك.. لن يتمكن شخص من تغيير رأيه ابدا..
قال فؤاد بحدة: على الاقل حتى لا نلدغ من الجحر مرتين.. ففي المرة السابقة عندما تأخرنا تزوجت ملاك من مازن.. ولا اريد ان تتزوج مها من شخص آخر ايضا..
مال عادل نحوه قليلا وقال متسائلا: ولم تهتم بزواج مها من احمد الى هذا الحد؟..
قال فؤاد وهو يكور قبضته: حتى يكون احمد بجوار ملاك وعائلة امجد.. يفهم كل صغيرة وكبيرة تحدث.. وكل ما يدور من خلف ظهورنا ..وخصوصا تلك التي تعني ملاك وشركة خالد..
قال عادل مبتسما بمكر: لست سهلا يا فؤاد..
في حين قال احمد مبتسما بانتصار: ليس المهم السبب.. المهم ان اتزوج مها في اقرب فرصة..
والتفت الى والده مردفا: متى سنذهب لخطبتها يا والدي؟..
قال عادل وهو يمط شفتيه : غدا كما اخبرتك..
قال احمد بلهفة وسرعة: ولم ليس اليوم؟..
التفت عنه عادل وقال متجاهلا سؤاله: لم تخبرني يا فؤاد..بم اجابك مازن بعد العرض الذي قدمته له؟.. وافق بالتأكيد اليس كذلك؟ ..
تذكر فؤاد مادار بينه وبين مازن في المرة الاخيرة وقال ببعض العصبية: لقد كان مترددا آخر مرة.. وقد توقعت موافقته.. لقد رأيتها صريحة في عينيه وهو يجد ان الوظيفة التي حلم بها اصبحت بين يديه.. ولكن لم يستطع التصريح بها.. وتركته ليفكر قليلا لعله يمنحني موافقته.. لكن ما حدث انه قد رفض رفضا قاطعا..
اتسعت عينا عادل وردد بدهشة: رفض؟؟.. وكيف رفض عرضا مغريا كا الذي قدمته؟..
قال فؤاد بسخرية: ليس هذا فقط.. بل لقد دافع عن تلك العاجزة بكل قوة.. وكأن تلك الساذجة اصبحت شيء ثمين لا يمكنه الاستغناء عنه..
قال عادل باهتمام وتساؤل: وما الذي ستفعله الآن؟..
امسك فؤاد بذقنه وقال وقد تغضنت ملامحه: لست اعلم.. لكن .. صدقني سأجد الحل عما قريب.. ملاك لن تظل زوجة مازن هذا لوقت طويل..واقسم على هذا..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
لم يكن اقناع ملاك بأن يصطحبها مازن الى والدها بالامر السهل .. لقد حاولت معها مها طويلا وكذلك مازن الذي حاول ان يوضح موقفه لها.. وبعد نقاش طويل رضخت ملاك على ان تكون مها معها طوال طريقها من والى المستشفى.. ولم يجد مازن او مها بديلا عن الموافقة.. وانطلقت بهما السيارة اخيرا الى المستشفى..
في هذه المرة جلست ملاك في المقعد الخلفي ولم يستطع مازن الاعتراض.. فهو يحمد الله انها قد وافقت على المجيء معه فحسب ..وتلفتت مها بينهما بتوتر..وهي ترى الجو المكهرب بينهما.. وتنهدت بحرارة بدورها.. وذهنها منشغل بحسام وما قد يكون قد فعله لو تحدث الى والدها..
واخيرا توقفت السيارة في احد مواقف المشفى.. وكان مازن هو اول من غادرها..ليتجه الى الصندوق الخلفي ويخرج المقعد المتحرك منه.. ومن ثم يفرد المقعد ويفتح الباب المجاور لملاك ويقول بابتسامة: هل يمكنني المساعدة؟..
قالها ومد كفه لها.. وتجاهلت ملاك يده الممدودة.. ورفعت ثقل جسدها والقت به على مقعدها المتحرك..فتطلع لها مازن باستغراب ومن ثم لم يلبث ان ابعد كفه الى جواره بألم ..واكتفى بأن يمسك بمقبضي مقعدها ليدفعها.. لكنها فاجأته عندما قالت: مها .. ادفعي انت المقعد من فضلك..
اقتربت مها منهما بعد ان غادرت السيارة.. وتطلعت الى مازن .. الذي شد على مقبضي المقعد بقبضتيه بكل قوة..ومن ثم لم يلبث ان ابتعد بكل عصبية.. فتقدمت مها ودفعت مقعد ملاك بدلا من مازن ..
ولم تمض دقائق حتى كانت ملاك قد وصلت الى غرفة والدها .. ورأت ممرضة تخرج منها قبل ان تدلف اليها هي..فأسرعت تهتف بها: لو سمحت .. كيف حال.. ابي اليوم؟..
قالت الممرضة بهدوء شديد: كما هو.. لا تطور في حالته ..
عتصر الالم قلب ملاك.. واطرقت رأسها في حزن ومرارة.. فاسرع مازن يقول لمها: فلندخل..
دفعت مها مقعد ملاك وفتح مازن الباب لهما ليدلفا الى الداخل.. وتبعهما هو..وحركت ملاك عجلات مقعدها في سرعة لتتجه الى ذلك السرير الذي يغرق والدها عليه في غيبوبة عميقة.. وابتسمت مها باشفاق وحنان.. وهي ترى لهفتها على والدها وهي تتجه اليه وتلتقط كفه بين كفيها لتقول بشوق وحب: ابي.. اشتقت اليك كثيرا..
جلست مها في المقاعد الموجودة بالغرفة وجلس مازن على المقعد المجاور لها وعيناه معلقتان على ملاك .. التي كانت تقول في تلك اللحظة وهي تقرب كف والدها من وجنتها: ابي انا بحاجة اليك.. اكثر من أي وقت مضى.. بحاجة الى حنانك وحبك.. لتعوضني عن كل ما فات.. لتنسيني احزاني وآلامي.. ارجوك .. عد الي.. لا اريد أي شيء آخر من هذه الدنيا سوى ان تعود الي من جديد.. ابي..انا احتاجك..
وترقرقت الدموع في عينيها وهي تقول بصوت هامس لا يسمعه كلاها: ابي لقد تزوجت قبل ايام من مازن..وانا وانا.. اقضي معه ايام جميلة و..لقد عوضني الكثير..ولكن...
مسحت دموعها التي سالت على خدها دون شعور ومن ثم اردفت بصوت باكي: ارجوك ابي عد الي .. انا احتاج اليك .. ارجوك..الست ملاكك التي تنفذ لها كل ما تريد.. ارجوك عد الي..ار...
بترت ملاك عبارتها بغتة وانتقل بصرها الى يد والدها لتتطلع اليها بدهشة وذهول..وانتفض جسدها بقوة لحظتها.. لا لشيء الا لأن اصابع والدها قد تحركت.. حركة بسيطة جدا لم يلاحظها سواها...
وخفق قلبها في قوة وهي تتمنى ان لا يكون ما رأته مجرد حلم.. وهتفت قائلة : مازن.. مازن..
نهض مازن من مكانه في سرعة وتوجه نحوها ليقول بقلق: ما الامر يا ملاك؟..
قالت ملاك وهي ترفع رأسها له وبصوت بالكاد خرج من حلقها: ابي..
قال مازن وقد بلغ منه الخوف مبلغه: ما به؟..
قالت ملاك بكلمات مرتجفة: لقد تحرك.. اعني .. لقد تحركت اصابعه..
اتسعت عينا مازن بدهشة ونقل بصره بين يد والد ملاك وبينها وقال مستغربا: ربما انت تتوهمين..
اما مها فقد قالت بلهفة وهي تتجه الى ملاك في سرعة: اانت متأكدة؟ ..
قالت ملاك وهي تلتفت لها وتزدرد لعابها بتوتر: اجل.. لقد شعرت به .. اقسم على هذا..
قال مازن بتردد: فليكن .. سأنادي الطبيب ليرى الامر..
قالها وغادر الغرفة بخطوات متوترة بعض الشيء..اما ملاك فقد عادت بأنظارها الى جسد والدها الممدعلى الفراش وقالت وابتسامة تتراقص على شفتيها: ابي لقد تحركت اناملك .. اليس كذلك؟.. انا لم اكن اتخيل.. وانت استجبت لندائي وعدت الي ..اخبرهم ان هذا صحيح وحرك اناملك من جديد .. ارجوك ..
ولكن انامل والدها ظلت مفرودة دون ادني حركة.. فربتت مها على كتفها وقالت: عندما يحضر الطبيب سيخبرنا بحالته.. لا تقلقي..
ران الصمت عليهم لدقائق.. وفجأة وسط هذا الصمت.. تعالى رنين هاتف مها المحمول ليبدد جو الصمت الذي سيطر على المكان.. واسرعت مها تلتقط هاتفها من حقيبتها.. وتبتعد مغادرة الغرفة..وتوقعت ان يكون حسام المتصل.. لكن توقعها هذا قد خاب عندما رأت شاشتها تضيء باسم احمد.. شعرت بالحقد تجاهه.. والشيء الوحيد الذي فعلته هو انها رفضت هذه المكالمة.. ولكن الرنين عاد من جديد بكل اصرار.. وللمرة الثانية عاودت رفض المكالمة وهي تضغط على الهاتف قائلة من بين اسنانها وبصوت يحمل كل الحقد الذي في قلبها: ماذا يريد مني هذا الحقير؟..بالتأكيد مخطط خبيث من مخططاته..
ولم تمض لحظات حتى عاد رنين الهاتف.. لكن هذه المرة كان رنينا يعلن وصول رسالة قصيرة..وشعرت مها بشعور ينبأها انها من احمد عندما فقد الامل في اجابتها عليه.. وفتحت الرسالة وقرأت سطورها التي كانت تقول (قريبا ستدفعين الثمن)..
شعرت مها بالصدمة من الكلمات التي ارسلها لها وماذا يعني بها.. وعن أي شيء يتحدث؟.. أيعني انني سأدفع ثمن ذلك اليوم عندما صفعته دون شعور مني؟.. ايحاول تهديدي هذا الحقير؟ ..
كادت ان تعاود دخولها للغرفة .. لكن خطر على ذهنها حسام بعتة.. جعلها تتخذ مجلسها على احد مقاعد الانتظار وتتصل به..وسمعت الرنين يستمر لنصف دقيقة ومن ثم ينقطع.. واستغربت ذلك.. ليجعلها تعاود الاتصال من جديد .. وفي هذه المرة اجاب حسام عليها قائلا بصوت لمحت فيه الانكسار: اهلا مها..
قالت مها بقلق: حسام.. ما بك؟.. لم لا تجيب على الهاتف؟..
التقط حسام نفسا عميقا ومن ثم قال: اجيبك لم؟.. وماذا استطيع ان اقول لك لو اني اجبتك؟..
قالت مها بدهشة: حسام.. ماذا تقول؟.. ما الذي تعنيه بقولك هذا؟..
تنهد حسام بألم وقال بغتة: لقد ذهبت اليوم الى الشركة حتى ارى والدك..
وعلى الرغم من ان مها قد لمحت في صوته رنة الالم الا انها قد تمنت ان تخيب كل توقعاتها وان يكون والدها قد غير رأيه ووافق على ارتباطهما.. فقالت بلهفة يشوبها بعض القلق: وماذا قال؟ ..
قال حسام وقلبه يعتصر الما كلما تذكر كلمات امجد له: قال انك ستنسيني مع الوقت.. لهذا علي ان ابعدك عن ذهني واتنحى عن طريقك.. فهو يعرف مصلحتك اكثر مني.. وقال ان قراره هذا لن يتراجع عنه مهما حدث.. لم يعلم حينها انه كان يقتلني بكلماته وهو يمنع هذا الارتباط بشتى السبل..
كان قلب مها يبكي بدموع الم تضاهي تلك التي تسيل على وجنتيها.. وقالت بصوت مختنق:انا لن انساك ابدا ما حييت.. الا لو اقتلعوا قلبي من صدري.. لكن حقا اريد ان اعرف.. لم يمنع والدي هذا الزواج؟.. لم؟.. لم اعهده قاسيا الى هذه الدرجة ..
قال حسام وهو يتنهد: لا يريد لعائلتنا ان تكون قريبة منه..
هتفت مها قائلة بصوت منفعل: هذا ليس سببا مقنعا ابدا..
وانتبهت لنفسها فجأة انها تجلس في المستشفى وبين مرضى واطباء.. فشعرت بالحرج من نفسها ومسحت دموعها وقالت بصوت منخفض: لكن صدقني يا حسام لن اصمت.. سأحاول انا معه وكذلك مازن وكمال حتى يغير رأيه .. لن اسمح له ان يتخذ قرار مصيري في حياتي كهذا.. لن اسمح له..
قال حسام وهو ويغمض عينيه بألم: لا اظنه سيتراجع عن قراره ..
قالت مها بحزم: عندها انا من سيقف في وجهه.. ولو تطلب الامر.. ان أترك المنزل بأكمله..
قال حسام بدهشة واستغراب: والى اين ستذهبين بعدها؟..
قالت مها بقهر: أي مكان.. المهم ان لا اكون مع ابي ولا يتحكم بمصيري كما يشاء..
واردفت قائلة: حسام.. انا مضطرة لانهاء المكالمة الآن.. فأنا في المشفى مع ملاك في زيارة لوالدها.. اهتم بنفسك جيدا..
قال حسام بحنان: وانت كذلك.. وطمأنيني على احوالك..
- سأفعل .. الى اللقاء..
انهت مها الاتصال بعد ان سمعت صوته يودعها.. وتوجهت الى غرفة والد ملاك وذهنه قد بدأ بالتفكير في طريقة لاقناع والدها.. وشاهدت بالداخل مازن وايضا الطبيب.. وملاك التي تتطلع الى الوضع بقلق شديد.. فقالت هامسة وهي تقترب من مازن: ماذا قال الطبيب؟..
قال مازن وهو يهز رأسه: لا شيء حتى الآن.. لا يزال يفحص حالته..
مرت دقائق والطبيب يفحص الاجهزة ومن ثم يعاود فحص جسد خالد الممد.. ومن ثم يمسك يده منتظرا منه ردة فعل.. واخيرا التفت الى ملاك وقال متسائلا: هل انت متأكدة انه قد حرك اصابع يده؟..
اومأت ملاك برأسها وقالت وهي لا تزال تحت تأثير لهفتها وفرحها بما حدث: اجل.. اجل.. لقد كنت اتحدث اليه .. وكنت امسك بيده حينها.. وشعرت فجأة باصابعه تضغط على يدي..
قال الطبيب وهو يهز رأسه بحيرة: لست اعلم ما الذي حدث.. فكل الاجهزة المتصلة بجسده لا تشير الى أي تطور في حالته ..
قالت ملاك وهي تهتف في سرعة: لكن اصابعه تحركت .. اقسم على هذا..
قال الطبيب بهدوء: ربما مجرد انقباض في عضلاته.. او ربما انت من حرك اصابعه بكفك دون ان تشعري..
عقدت ملاك حاجبيها وتقدمت بمقعدها من كف والدها لتمسكها بأحد كفيها ومن ثم تهمس لوالدها قائلة: ابي.. انا ملاك يا ابي.. اجب علي.. حرك اصابعك ان كنت تسمعني .. ارجوك..
لكن لا استجابة.. فقال الطبيب بابتسامة مشفقة: ارأيت؟ .. ربما مجرد انقباض في العضلات..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: لا ابدا.. ابي كان يشعر بوجودي الى جواره ولهذا حرك اصابعه ليمسك بكفي .. يريد ان يشعرني انه معي دائما وانني في امان..
تطلع لها الطبيب مشفقا ومن ثم قال: سنتابع نحن حالته .. لا تقلقي ..
واردف قائلا وهو يتوجه خارجا من الغرفة: بالاذن..
غادر الطبيب الغرفة دون ان يمنح قلب ملاك المتلهف أي امل في شفاء والدها.. وهي التي كانت تشعر بالسعادة لانه سيفيق قريبا.. ماتت السعادة في قلبها قبل ان تشعر بلذتها.. وتنهدت بقلب متألم يعتصر الحزن والخوف..
وشعرت بكف تربت على كتفها .. والتفتت الى صاحب اليد والذي كان مازن والذي يتطلع اليها بابتسامة حانية ..وقالت برجاء: لقد تحركت اصابعه..انا واثقة.. لقد رأيته يحرك اصابعه كما اراك امامي الآن.. صدقني.. صدقوني جميعا..
قال مازن وابتسامته الحانية لا تزال على شفتيه: انا اصدقك ..ومتأكد من كل كلمة نطقت بها..
قالت ملاك وهي مستمرة في رجاءها: اذا اخبر الطبيب بذلك .. اخبره ان يعاود فحص ابي.. ربما يكون هناك امل في نهوض والدي او...
بترت عبارتها دون ان تجد ما تكمله بها.. فقال مازن باشفاق: ملاك.. الطبيب لا يستطيع ان يمنحك معلومات هو غير واثق منها لانه يعتمد في ذلك على اشياء ملموسة.. أي على الاجهزة التي تلاحظ حالة والدك طوال 24 ساعة وما دام لم يرى أي تقدم منها .. فلن يصدق أي شيء آخر..
في حين قالت مها بابتسامة باهتة: لكنه نسي ان الله تعالى قادر على كل شيء.. وان من الممكن بقدرته ان ينهض والدك دون ان تدرك هذه الاجهزة الجامدة شيئا..
خفق قلب ملاك وعاد الامل ليتجدد في قلبها.. لترسم اعذب ابتسامة رآها مازن على شفتيها وتقول: ونعم بالله..
والتفتت لمها لتقول : اشكرك يا مها على ما قلتيه.. انا اشعر بقليل من الراحة الآن..
وعادت لتلتفت لمازن وتقول بتردد: واشكرك انت كذلك يا مازن ..
تطلع مازن الى عينيها مباشرة.. وابتسم ابتسامة واسعة حملت في قلبه من مشاعر.. وهم بقول شيءلكن...
((ملاك ستظل حبيسة مقعدها الى الابد؟))
((والدها هو المسئول عن هذا الامر وليس نحن))
(( اعلم.. وبكل تأكيد فوالدها مستعد لأن يدفع لها كل مايملك من مال لكي تشفى من عجزها هذا..وبما ان ملاك لازالت عاجزة .. فهذا يعني انه لم يجد وسيلة حتى تشفى من عجزها هذا حتى الآن))..
((معك حق..))
(( ما اريد معرفته يا والدي.. هو متى هي آخر مرة اخذها والدها من اجل ان يجد علاجا لحالتها هذه؟..))
((هذا السؤال ستجيبك عنه ملاك وحدها..ولكن لماذا تسأل سؤالا كهذا؟))..
(( الم تعرف بعد لماذا يا والدي؟.. ان العلم يتقدم باستمرار ومن يدري.. ربما وجدت املا يقود ملاك الى الشفاء..))
اتسعت عينا مازن في قوة .. من كل ما جال في ذهنه من ذكرى مضى عليها اكثر من شهر كامل.. كيف غاب عن ذهنه امرا كهذا؟.. وهو الذي يصف نفسه انه المسئول عن ملاك وكل ما يخصها.. ينسى امرا مهما كهذا..امرا قد يتعلق في شفاءها..
وتطلع الى ملاك ومها بنظرة غامضة قبل ان يقول في جدية: انتظراني قليلا عند مقاعد الانتظار.. سأذهب لدقائق واعود اليكم..
تطلعت له مها باستغراب وهو يسرع في خطواته مغادرا الغرفة .. وتطلعت مها الى ملاك متسائلة: تريدين البقاء لوقت اطول ام نغادر؟..
تطلعت ملاك الى والدها بنظرة طويلة عبرت عن معاني الحب والشوق والحرمان.. وخاطبته بحوار طويل لم يسمعه احد..والتفتت الى مها اخيرا لتقول وهي تتنهد: فلنغادر..
امسكت مها بمقبضي مقعد ملاك ودفعت المقعد بهدوء لتغادرا كلتاهما.. دون ان تنتبه اي منهما على كف خالد التي تحركت اناملها لمرة اخرى بوهن شديد…
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
صوت رنين مستمر بدد الهدوء الذي كان يسيطر على الغرفة منذ لحظات.. وجعل ذلك الشخص الغارق في النوم.. ينزعج منه ليفتح عينيه وبنهض من مكانه ويغلق المنبه بعينين نصف مفتوحتين..ومن ثم تعود به الذاكرة الى احداث الامس وعندما توجه الى احد اطباء المخ والاعصاب خاصة ..
كان حينها قد دخل الى مكتبه بعد ان طرق الباب.. وقال بهدوء: لو سمحت ايها الطبيب..هل يمكنني ان آخذ من وقتك دقائق ام انك مشغول الآن؟..
عقد الطبيب حاجبيه وقال بحيرة: لحظات فقط.. تفضل بالجلوس ..
احتل احد المقاعد.. ورأى الطبيب وهو ينادي احد الممرضات ويطلب منها ان لا تدخل عليه اي مريض لدقائق فقط.. ومن ثم عاد الى مكتبه وجلس خلفه ليقول بابتسامة هادئة: كيف اخدمك؟..
التقط نفسا عميقا ومن ثم قال: انا ادعى مازن ولدي ابنة عم مصابة بالشلل منذ الصغر اثر حادث سيارة..
عقد الطبيب حاجبيه وقال مستفسرا: حسنا يا سيد مازن.. اخبرني .. اين موقع الشلل بالضبط؟..
قال مازن وهو يحاول التذكر: حسبما اذكر انها اصيبت بالعمود الفقري.. وذلك حرمها من السير على قدميها مدى الحياة ..
قال الطبيب بهدوء: لو كنت تستطيع احضرها الى هذا القسم غدا..قسم المخ والاعصاب.. حتى استطيع اخذ فكرة شاملة عن طبيعة الاصابة ومدى الضرر..
واردف قائلا وهو يبتسم: ولا تقلق فهناك امل جديد لمرضى الشلل..قد اكتشفه العلماء حديثا..فقد توصلوا الى معرفة كيف تستعيد الفئران قدرتها على المشى بعد تعرضها للاصابة فى العمود الفقري .. واظهر البحث الذى نشر فى دورية نيتشر مديسين أن المخ والعمود الفقري لديهما القدرة على اعادة تنظيم وظائفهما بعد إصابة العمود الفقري لاستعادة الاتصال الضرورى بين الخلايا للمشي.. بصورة تدريجية خلال فترة من ثمانية إلى عشرة اسابيع..
استمع اليه مازن باهتمام شديد في حين التقط الطبيب نفسا عميقا وهو يستطرد: وقال العلماء إنه عقب التعرض إلى اصابة جزئية فى العمود الفقرى فإن المخ والعمود الفقرى يعيدان تلقائيا تركيب شبكة وصلات تسيطر على حركة المشي حتى فى ظل غياب الممرات السريعة والمباشرة للاعصاب التى تربط المخ عادة بمركز حركة المشي فى العمود الفقري السفلي في الشخص الطبيعي.. فإن الرسائل تستطيع ان تسلك طرقا جانبية اخرى حول الاصابة..كما قال الباحثون إنه يمكن نقل الرسائل عبر عدد من الوصلات الاقصر بدلا من استخدام الطرق العصبية الرئيسية لايصال اوامر المخ لتحريك الأرجل..
*( كل ما ذكر حقائق علمية.. ولمن يرد التأكد او الاطلاع..على هذا الموقع
http://www.rtv.gov.sy/?d=23&id=30640 )*
خفق قلب مازن بقوة.. وارتسمت على شفتيه ابتسامة عبرت عن كل مافي قلبه من امل وسرور وقال بفرح: حقا؟.. اذا هناك امل في شفاء ملاك..
قال الطبيب بابتسامة وهو يرى فرحة مازن: اولا دعني ارى المصابة حتى اصل الى ممارسة النوع الصحيح من التدريب التأهيلي التي تحتاجه..وبعدها سأقرر..
قال مازن بابتسامة واسعة وسعيدة وقلبه يخفق بقوة: لا اعرف كيف اشكرك..
قال الطبيب بابتسامة: لم افعل ما يستحق الذكر في الوقت الحالي .. لكن اتمنى ان يكون لي دور في شفاء ابنة عمك باذن الله..
ابتسم مازن وهو ينهض من مكانه ويمد يده مصافحا للطبيب وهو يقول: يكفي الامل الذي قد تعيد فيه الابتسامة والسعادة الينا جميعا..
ابتسم له الطبيب وقال بهدوء: اراك غدا اذا..
اومأ مازن برأسه وهو يبتسم ومن ثم يقول مودعا: مع السلامة ..
قالها وغادر غرفة المكتب وقلبه ينبض بأمل وفرحة جديدة.. لم يتخيل ان يشعر بها في يوم من الايام..

افاق مازن من ذكرياته وقال مبتسما وهو يدس اصابعه بين شعره : ولكن من يستطيع اقناع ملاك الآن؟..من يستطيع اقناعها وهي تكاد تكون فاقدة الامل بكل تأكيد بعد ان اخذها والدها الى العديد من المستشفيات؟..
وهز كتفيه وقال وهو يتطلع الى المنبه الذي لم تتجاوز عقاربه الثامنة بعد: يا ترى هل تكون مستيقظة الآن؟..
دعونا نترك مازن قليلا.. ونبتعد عن غرفته لنتوجه الى الطابق الاسفل .. والى تلك الغرفة التي في آخر الممر تقريبا.. والذي راود ملاك الفضول لدخولها.. وخصوصا وانها الغرفة الوحيدة التي لم تدخل اليها او تراها حتى منذ مجيئها الى منزل عمها..
وامتدت كفها لتقبض على مقبض الباب وهي تتمنى بداخلها ان لا تكون مقفلة.. وابتسمت بهدوء وهي ترى امنيتها قد تحققت وان الباب كان مفتوحا.. وحركت عجلات مقعدها لتدخل الى الغرفة.. ومن ثم لم تلبث ان ارتفع حاجباها باعجاب وهي تتطلع الى الغرفة التي لم تكن تحوي بداخلها سوى طاولة مستديرة الشكل نقش عليها بعض الاشكال الهندسية وحولها مقعدين.. وساعة كبيرة الحجم وسجادة فاخرة في منتصف الغرفة..وبعض اللوحات الفنية التي احتلت احد جدران الغرفة .. واخيرا ذلك الشيء الذي ولد الاعجاب في قلب ملاك وهو ( البيانو)..
ابتسمت ملاك ابتسامة واسعة وهي تتقدم منه ومن ثم تفتح الغطاء الذي يخفي مفاتيحه.. وشعرت ببعض الغبار الذي لوث اصابعها.. واستغربت عدم تنظيف أي من الخادمات لهذا البيانو .. ونفضت يديها ومن ثم ضغطت على احد المفاتيح.. وابتسمت باستمتاع وهي تستمع الى الموسيقى العذبة.. وتذكرت لحن لـ (بتهوفن).. قام بتعليمها اياه والدها قبل عامين على آلة بسيطة وليست كهذه..
وبدات اناملها بالعزف.. وهي تحاول قدر الامكان ان تتذكر خطوات ضغطها للمفاتيح..وان لا تخطئ وتفسد هذا اللحن..وتملكت حواسها تلك الالحان حتى نسيت كل ما حولها ..
وعلى درجات السلم استغرب كمال تلك الالحان المنبعثة من البيانو والذي لم يحاول احد لمسه منذ خمس سنوات.. واستغرب هذا الشخص الذي تجرأ على الدخول الى تلك الغرفة التي تحتل نهاية الممر.. وهبط درجات السلم ليتوجه الى تلك الغرفة ومن ثم ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يلمح ملاك تعزف على البيانو بمهارة وبكل مشاعرها واحاسيسها..
واستمع اليها وهو يقف عند الباب وهو يشعر بمشاعره تتأجج بداخله .. وبالحانها تدغدغ قلبه.. وما ان توقفت ملاك عن العزف دون ان تدرك وجود احد معها في الغرفة.. حتى ارتفع صوت تصفيق من خلفها.. وشهقت بخوف وهي تلتفت الى هذا الشخص .. ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت ابتسامة باهتة وهي ترى كمال يقترب منها ويقول: لقد كان عزفك رائعا..
قالت ملاك ببعض الارتباك: اشكرك..
سألها قائلا: ومن اين تعلمت العزف؟..
اغلقت ملاك غطاء البيانو وقالت بابتسامة شاردة: ابي.. لقد علمني هذا اللحن ولحن آخر ايضا فقط..
قال كمال بهدوء وهو يتلفت في ارجاء الغرفة: اتعلمين لم يجرأ احدنا على دخول هذه الغرفة منذ خمس سنوات.. وحتى الخدم يكتفون بتنظيفها مرة واحدة كل اسبوعين وحسب..
تساءلت ملاك وهي تلتفت له قائلة: ولماذا؟..
قال كمال وهو يدخل كلتا كفيه في جيبي سترته: لانها كانت الغرفة التي تقضي فيها والدتي معظم وقتها.. وما ان غادرت المنزل حتى لم يعد احدنا يريد دخولها لتجديد الذكريات ..
قالت ملاك وهي تطلع اليه بنظرة الم: لكن والدتكم لا تزال على قيد الحياة..
هز كمال كتفيه وقال: اعلم ولكننا لا نراها ..
واردف قائلا وهو يبتسم: صحيح..كيف هي احوال والدك؟ ..
تنهدت ملاك وقالت: كما هو.. وبالامس فقط.. قد تحركت انامله بين يدي..لكن لم يصدقني الطبيب .. وظن اني اتهيأ..
تطلع لها كمال وقال : ربما لانه لم يرى ذلك بعينه.. فالاطباء ليس من عادتهم ان يثقوا بأي حديث ما دام لا يوجد لديهم دليل عليه..
اومأت ملاك برأسها وقالت: مازن قال هذا ايضا..
قال كمال فجأة: هل اطلب منك طلبا؟..
ابتسمت ملاك وقالت: بكل تأكيد..
قال مبتسما: اعزفي لي لحنا آخر و...
وماتت الابتسامة التي على شفتيهما وهما يتطلعان الى ذلك الشخص الواقف عند الباب ويتطلع اليهما بعينين غاضبتين.. شعر كلاهما بالدهشة من مازن ونظراته اليهما وكأنهما قد ارتكبا جرما ما..
اما مازن فقد شعر بشعور يجعل غضبه يتضاعف وهو يرى كمال امامه والذي اعترف له بالامس فقط انه يحب زوجته ..وكان من الممكن ان يفعل أي شيء لولم يتمالك اعصابه.. وظل واقف مكانه.. وهو ينقل بصره بينهما وشعور واحد اخذ يتضاعف في اعماقه.. شعور يطلق عليه اسم .. الغيرة..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 08:42 AM   #48 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثامن والثلاثون
"التضحية ام الانانية؟"


نقل مازن بصره بينهم لفترة دامت الدقيقة.. وهو يحاول ان يتمالك اعصابه قدر المستطاع.. ويحاول ان يبدوا هادئ الاعصاب وخصوصا امام ملاك.. واخيرا قال وهو يتقدم ويدلف الى الغرفة وعيناه تستقران على ملاك: هل يمكنني الحديث معك لوحدنا يا ملاك؟..
قالت ملاك بهدوء: تحدث.. لا احد غريب هنا..انه كمال شقيقك ..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه وبلهجة لمحت فيها ملاك العصبية: لكني اريد ان اتحدث معك لوحدنا .. دون مشاركة من احد ..
ارتفع حاجبا ملاك باستغراب.. في حين التفت له كمال وقال وهو يتطلع له بنظرة باردة: كان بامكانك ان تطلب مني الخروج بدلا من هذه المقدمة الطويلة ..
واردف قائلا وهو يلقي نظرة اخيرة على ملاك: بالاذن..
تمنى مازن لحظتها ان يكون بلا قلب او مشاعر حتى لا يشعر بكل هذه الغيرة التي بدأت تسيطر على كيانه كله وتجعله يتعذب بنارها وهو يرى كمال يلقي نظراته الاخيرة على ملاك ..
وقطعت ملاك افكاره لتقول متسائلة: والآن ما هو الشيء المهم الذي اردت قوله لي؟.. هل هو شك في ان تكون هناك علاقة بيني وبين كمال؟.. ام يا تراه يكون شخص آخر هذه المرة؟..
تطلع لها مازن بنظرة تأنيب وقال وهو يتنهد: لا هذا ولا ذاك.. لست احمقا لأشك بملاك مثلك..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه بطرف عينها: لكنك فعلتها في المرة الماضية.. والآن ايضا كنت تتطلع الي بغضب لوجودي مع كمال ..
قال مازن في حدة: ذلك لأن كمال ...
وبتر عبارته عندما شعر بفداحة ما كاد ان يصرح به..ومرر اصابعه بين شعره لعله يخفف من توتره وعصبيته.. فقالت ملاك متسائلة : ما به كمال؟..
قال مازن بهدوء وهو يجذب له مقعدا ويجلس الى جوارها: دعينا من كمال ومن أي شخص آخر ..لقد جئت اليك لاتحدث معك في موضوع يعنيك وحدك..
قالت ملاك بلامبالاة: وما تراه يكون؟..
قال مازن متسائلا باهتمام: متى آخر مرة ذهبت فيها الى المشفى للسؤال عن .. علاج لحالة الشلل التي تعانين منها؟..
تطلعت له ملاك بنظرة حملت الكثير من اللوم والالم وقالت : ولم تسأل؟..
تطلع لها مازن وقال برجاء: اخبريني .. وسأخبرك بعدها لم قد سألتك هذا السؤال..
قالت ملاك وهي تلتقط نفسا عميقا: قبل ثلاثة اعوام.. وحاول ابي معي ان يأخذني العام الماضي لكني رفضت بشدة لاني شعرت ان أي مشفى او عيادة سأذهب اليها سيجيبوني بالاجابة ذاتها (لا امل في شفاء العجز الذي تعانيه)..
شعر مازن بصعوبة موقفه بعد ما قالته.. لكنه اصر على ان يقنعها .. فمادام هناك امل ولو بنسبة ضئيلة.. لم لا تتمسك به وقد يكون سببا في شفاءها..وقال بحزم: بالامس عندما تركتك انت ومها وخرجت.. ذهبت حينها الى قسم المخ والاعصاب بالمشفى وسألت احد الاطباء عن حالتك.. وعندها اخبرني ان هناك امل لعلاجك..
قالت ملاك بصدمة: سألته عن حالتي؟.. ولم فعلت؟..
قال مازن وهو يبتسم ابتسامة شاحبة: لانك ابنة عمي وزوجتي .. ولانك كذلك غالية على قلبي..
اشاحت ملاك بوجهها عنه وقالت بألم: اهذه كذبة اخرى؟..
قال مازن وهو يمسك بكفها ويضغط عليها بحنان:ابدا.. ولست بحاجة لان اوضح انك انسانة غالية على قلبي ومهمة جدا في حياتي.. فأنت ترين ذلك بعينك في كل تصرفاتي..
لم تعلق ملاك وظلت مشيحة بوجهها.. فقال مازن وهو يبعد كفه عن كفها ويتطلع اليها: لا يهم الآن كل هذا.. ما يهمني هو ان تأتي معي الى المشفى حتى يراك الطبيب ويعلم مدى الضرر الذي اصاب العمود الفقري ومن ثم ...
قاطعته ملاك قائلة بلهجة قاطعة وهي تلتفت له : لا..
قال مازن بحيرة: ولم لا؟.. مادام الامل موجودا يا ملاك..
قالت ملاك بحزن وهي تطرق برأسها: لاني اعلم جيدا اني لو ذهبت الى هناك .. سيقول انه لا يوجد أي علاج لمن هم في مثل حالتي..لقد اخذني ابي الى مختلف المستشفيات واشهرها في العالم .. ولم يكن هناك أي امل في شفاءي.. فهل ستقنعني انت الآن اني سأجد الامل هنا؟..
قال مازن وهو يحاول اقناعها: لقد ذهبت الى هناك قبل ثلاث سنوات والعلم في تطور مستمر.. انظري حولك كم من مرض قد وجدوا علاجا له.. وكم من مرض استطاعوا ان يحصنوا البشر منه قبل ان يتضرروا منه.. فلم تيأسين الآن؟ .. تاركة خيبة الامل تسيطر عليك وتحرمك شعور ان تسيري على قدميك من جديد..
قالت ملاك بابتسامة ساخرة ومريرة: من قال اني سرت على قدمي قبلا حتى اشعر بهذا الشعور من جديد؟..
قال مازن وهو يشبك اصابعه وهو مستمر في محاولة اقناعها: ما اريد قوله هو ان تكوني كباقي الناس من حولك .. تسيرين كفتاة عادية .. وتتمتعين بكافة حريتك..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه بألم: بالتأكيد .. فأنت تراني الآن فتاة ناقصة .. يعيبها عجزها ولا تستطيع ان تقبل بها كزوجة لك ..
تنهد مازن وقال وهو يميل باتجاهها قليلا: ملاك .. قلتها سابقا وسأعيدها الف مرة اخرى.. لا احد من البشر حولك لديه صفة الكمال.. لكل منا نواقصنا.. وان كنت انت قد فقدت نعمة السير على قدميك.. فغيرك قد فقد ماهو اسوأ..
قالت ملاك وغصة في حلقها: لم افقد نعمة السير وحسب.. بل فقدت امي اولا التي لم ارها الا منذ ان كنت في الثانية من عمري والتي لا اذكر شيئا من ملامحها سوى في الصور.. وابي الذي كان احن الناس على قلبي غارقا الآن في غيبوبة لا اعلم متى قد ينهض منها.. و...
بترت عبارتها واردفت وهي تتطلع اليه باتهام: وشخص آخر.. قد فقدته عندما كذب علي وخدعني.. وانا التي كنت اعتبره كل شيء في حياتي بعد ابي..
فهم مازن انها تقصده.. وشعر بالالم من نظرات الاتهام التي توجهها له وقال وهو يبتسم لها بحنان: انت لم تفقديني يا ملاك.. ولا يوجد شخص يفقد انسانا وهو معه في كل لحظة ويتمنى سعادته وراحته..
واردف وهو يمد كفه لها: لهذا ارجوك ان تضعي يدك في يدي وتتمسكي بالامل ..لتأتي معي الى الطبيب الذي قد يكون له دور في علاجك بعد الله تعالى..
تطلعت له ملاك والى كفه المدودة بتردد ومن ثم قالت: واذا لم يجد علاجا لمن هم مثلي؟..
قال مازن بابتسامة مطمأنة: لا تستبقي الامور..اريدك فقط ان توافقي على الذهاب معي اليوم الى المشفى وبعدها قد تجدين علاجا تبدئين فيه حياة جديدة..
وللمرة الثانية نقلت ملاك بصرها بينه وبين يده المدودة لها.. ولم تعلم لم في تلك اللحظة خطر على ذهنها الحلم الذي تراه في نومها.. وهي ترى مازن يطلب منها ان تأتي اليه ومن ثم يساعدها على الوقوف وهو يمسك بيدها.. ربما لتشابه الموقف بين يد مازن المدودة اليها بالحلم وبالواقع الذي تعيشه الآن..
وقالت بغتة وهي تتطلع الى مازن: سآتي معك يا مازن.. سأتمسك بالامل وسارى الحياة بعينين متفائلتين.. لعلي استطيع ان اسير على قدمي للمرة الاولى في حياتي واواصل حياتي كباقي البشر..
قالتها وامسكت بكفه المدودة اليها .. فابتسم لها مازن ابتسامة واسعة وهو يشعر ان هذه ستكون بداية.. بداية لامل جديد ستحيا ملاك على ان يتحقق.. وبداية لصفحة جديدة بيضاء سيبدأها مع ملاك منذ هذه اللحظة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تلألأ نصف القلب الذهبي تحت اضواء تلك الغرفة الهادئة.. على الرغم من بعض قطرات الدمع التي بللته ..والتي كانت تسقط من عيني تلك الفتاة وهي تتطلع اليه بكل لوعة وعذاب..
كانت تتذكر كل لحظة جمعتها بمن اهداها نصف القلب هذا.. تتذكر كل ذكرى عاشتها معه منذ اكثر من عشر سنوات.. تتذكر خيوط الحب التي ربطت بين قلبيهما .. وجعلتهما شخصا واحدا لا اثنين.. وازداد انهمار دموعها مع كل ذكرى تخطر على ذهنها..وكل ذكرى تعيد لها رفض والدها من ان تجتمع مع الانسان الذي احبته وتعلقت به منذ الصغر..
وزفرت بكل حرقة.. زفرة حملت كل ما قلبها من آلام .. ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تعيد نصف القلب الى العلبة: من قال اني سأترك والدي يختار مصيري وحياتي.. ويرغمني على ما يريده هو.. والدي لم يفكر سوى في مصلحته هو ونسي سعادة ابنته..لهذا يجب علي ان اقنعه بما اريد .. يجب ..
ومسحت دموعها بأنامل مرتجفة .. قبل ان تنهض من مكانها وتغادر غرفتها.. لتتوجه الى الغرفة التي تحتل احد زوايا الممر بالطابق الاعلى.. وطرقتهاعدة طرقات.. قبل ان تسمع صوت شقيقها يقول من الداخل : من؟..
اجابته قائلة وهي تتنهد: مها.. هل يمكنني الدخول يا كمال؟ ..
قال كمال وهو يسرع بفتح الباب لها: بالتأكيد.. ادخلي..
خطت مها الى الداخل بخطوات مترددة وقلقة.. فقال كمال متسائلا وهو يغلق باب الغرفة خلفها: ماذا بك يا مها؟..
قالت مها وهي تلتفت الى كمال وبرجاء شديد: اريدك ان تأتي معي الى والدي الآن.. وتخبره ان رفضه لزواجي من حسام سيتسبب في تعاستي لمدى الحياة..
ابتسم لها كمال ابتسامة باهتة ومن ثم قال وهو يعقد ذراعيه امام صدره: ومن قال اني لم احدثه؟.. حاولت معه مرارا.. ولكنه مصر على موقفه.. وكأن شيء قوي بداخله يمنعه من الموافقة على زواجك من حسام..
قالت مها وغصة مرارة تملأ حلقها وتكاد تسيل الدمع من عينيها من جديد: اذا ما العمل؟.. استسلم واصمت حتى اتركه يتحكم بحياتي كما يشاء.. ثم الا تهمه سعادة ابنته؟..
هز كمال كتفيه ومن ثم قال: لا استطيع الاجابة على سؤالك هذا يا مها.. فاحيانا ارى والدي يهتم بنا كابناء.. واحيانا اخرى اراه لا يأبه بأي مسئوليات تعنينا..
قالت مها باصرار: اذا لم يهتم هو بنا او بمصلحتنا وسعادتنا.. فكل منا سيهتم بمصلحته.. ولن يهدأ لنا بال الا اذا حققنا ما نريده نحن وليس والدنا..
واردفت قائلة بحزم وهي تلتفت له: ستأتي معي لأتحدث معه.. ام اذهب اليه بمفردي..
قال كمال بابتسامة هادئة: بالتأكيد سآتي معك.. وسأحاول اقناعه على اتمام هذا الزواج الذي هو حلمك وحلم حسام ..
واقترب منها ليضع يده على كتفها ويسير الى جوارها حتى هبطا درجات السلم ..متجهين الى غرفة المكتب التي يقضي فيها امجد اغلب وقته.. وطرق كمال الباب قائلا: والدي.. هل يمكنني الدخول؟..
قال امجد من خلف الباب بضيق: ادخل..
دخل كمال الى غرفة المكتب ومن خلفه مها التي تحلت بالشجاعة لكي تستطيع ان تقف في وجه والدها من اجل حبها وسعادتها..وقال امجد وهو ينقل بصره بينهما: قولا ما جئتما من اجله .. فأنا مشغول جدا هذه الايام..
قالت مها بهدوء: اظن ان العمل ليس اهم منا يا والدي..
قال امجد وقد شعر بالضيق مما قالته: ولمن اعمل؟.. اخبريني.. اليس لأجلكم انتم؟..
قالت مها بصوت اختنق بالبكاء: المال ليس كل شيء.. نحن نحتاج اليك.. الى التفكير بنا.. الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة تخصنا.. والسعي الى سعادتنا..
ضيق والدها عينيه وقال : ما الذي تحاولين قوله يا مها؟..
التقطت مها نفسا عميقا ومن ثم قالت بثقة: انا موافقة على زواجي من حسام ..
قال امجد بحدة: اظن ان هذا الموضوع قد انتهى واخبرتك اني رافض زواجك من هذا الشاب..
قال كمال هذه المرة وهو يضع يده على كتف شقيقته ويحاول تهدئتها: ولم ترفضه؟.. اخبرني بسبب واحد يجعلك ترفض حسام كزوج لمها.. وان كان ما ذكرته عن والدتي.. فهو ليس بالسبب المقنع ابدا الذي يجعلك تمنع زواج مها من حسام وتقف في طريق سعادتها..
عقد امجد حاجبيه بقوة وقال بغضب: قلت لكما انا ارفض هذا الزواج ولن اتراجع عن قراري مهما حدث..
عضت مها على شفتها السفلى بمرارة ومن ثم قالت بعينان تملأها الدموع: لو حدث لي او لحسام أي شيء ستكون انت المسئول يا والدي.. ولو فكرت بأن اتزوج حسام دون علمك ستكون انت المسئول ايضا و...
قاطعها والدها بغضب وهو يضرب طاولة مكتبه بقبضته وينهض من مكانه واقفا: هذا لن يحدث.. لأن عمك قد خطبك لابنه وانا وافقت ..
تطلعت له مها بعدم فهم وقالت وخوف كبير بدأ يرجف قلبها: أي عم؟.. واي ابن الذي تتحدث عنه؟..
قال امجد بضيق: لا اظن ان لديك ابن عم سوى احمد..
تجمدت الدموع في عينيها تحت تأثير ما القاه والدها على مسامعها ورددت قائلة بذهول: احمد ابن عمي؟؟..
قال والدها بحنق: اجل هو.. لقد خطبك عادل لابنه مني وانا وافقت ..
تطلعت مها الى والدها في تلك اللحظة بصدمة وذهول.. لا تعرف بم تستطيع ان تصف شعورها في تلك اللحظة.. غضب وثورة .. خيبة امل واحباط.. حزن وعذاب.. دهشة وذهول ..او كل تلك المشاعر مجتمعة .. لسانها عاجز عن التعبير للرد على ما صرحه والدها لها منذ دقائق..
وتطلع كمال باشفاق الى شقيقته التي كانت الصدمة قد سيطرت على كيانها وجعلتها تكتفي بالنظر الى والدها بنظرات تجمع مابين الغضب والمعاناة.. فلم يكفيه ان يحرمها ممن تحب.. يزيد الجرعة اضعافا بتزويجها من شخص لا تطيفه ..
وقال بكل صرامة متحدثا الى والده: أي احمد هذا الذي وافقت عليه يا والدي؟.. احمد المستهتر الطائش.. ام احمد الذي لا يهمه في هذه الحياة شيء سوى حبه للمال والمظاهر.. انسيت تفكيره هو والده؟.. انسيت ما كان يود فعله بملاك؟..
قال امد بعصبية: انا لم انسى شيئا.. ولكن هذا لمصلحة العائلة اولا واخيرا.. مها ستتزوج من ابن عمها وستظل نقود العائلةلافرادها دون ان يدخل فيها أي شخص غريب..
- وحسام هو الغريب يا والدي.. اننا نعرف حسام اكثر مما نعرف احمد ذاته.. لقد عاش وسطنا وبيننا و...
(يكفي)
كانت هذه الكلمة من مها التي قالتها بغضب ودموعها تسيل على وجنتيها.. والتي لم تحتمل كل هذه الصدمات المتواصلة التي تتعرض لها..واكملت قائلة وقلبها يبكي الما: يكفي.. يكفي جميعكم.. يكفي تحكما بحياتي ومصيري.. انا بشر ومن حقي ان اختار حياتي.. من حقي ان اختار الانسان الذي سأشاركه حياتي الى الابد.. لم تفرض علي يا والدي انسان لا اريده.. لم ترفض انسان احبه بكل ذرة مشاعر في قلبي؟.. وتقبل بانسان اكرهه ولا اطيق رؤيته .. اتظن اني كقطع النقود؟.. تضعها اينما تشاء.. لا انا ابنتك .. وعليك ان تبحث عن السعادة لي اكثر من أي شخص آخر.. لا ان تقتلني للمرة الثانية دون ان تهتم.. انا اتعذب يا والدي .. لم لا تشعر بي؟.. انا لا ازال اصون العادات والتقاليد ولم افعل ما يمسها.. ولكن لو فعلت ذلك يوما.. فاعلم انك انت السبب..
ران الصمت على المكان الا من صوت شهقاتها وهي تدفن وجهها بين كفيها في مرارة.. وشعر كمال في هذه اللحظة انه انسان ضعيف جدا.. لم يتمكن من فعل شيء لشقيقته التي تتعذب امام عينيه وتعاني الامرين من كل ما يصيبها.. وحاول ان ينطق بأي كلمة قد تواسيها او تخفف عنها.. لكن ماذا عساه يقول؟.. كلمات العالم كلها مجتمعة قد لا تخفف عن ما تعانيه شقيقته في هذه اللحظة..
ووجد والده فجأة يترك مقعده خلف مكتبه ويتقدم من مها ليبعد كفيها عن وجهها ويقول بصوت هادئ: مها .. يكفيك بكاءا ..انا افكر بمصلحتك يا ابنتي..
قالت مها وهي تتطلع اليه بعتاب والم: لست اصدق هذا.. من يريد مصلحة شخص يفكر في سعادته.. لا تعاسته..
امسك بكفها بهدوء وسار الى جوارها حتى جلسا على الاريكة الطويلة الموجودة في آخر غرفة المكتب.. ومن ثم قال وهو يلتفت الى كمال: دعني مع مها قليلا.. سأتفاهم معها..
تطلع كمال الى والده للحظات ..ومن ثم لم يلبث ان التفت الى مها وقال بلهجة حانية: مها نحن اخوتك.. وسنكون معك دائما لتحقيق السعادة التي لطالما تمنينها..
واردف وهو يضغط على حروف كلماته: مهما كلفنا الامر ...
ومن ثم ادار ظهره وسار مغادرا غرفة المكتب..فقال امجد وهو يتطلع الى مها : امسحي دموعك .. فلا احب ان ارى ابنتي المدللة تبكي..
وكأن مها لم تسمعه فقد قالت برجاء: لا اريد احمد يا والدي .. لا اريده.. ارجوك.. افعل أي شيء بي .. الا ان تزوجني حمد ذاك..
قال امجد وهو يتنهد ويلتفت عنها: انا ايضا لا اريده ان يكون زوجا لابنتي الوحيدة .. لكن هذا لمصلحتنا جميعا..
قالت مها وهي تكور قبضتيها باألم: بل لمصلحتك انت فقط يا والدي..
قال امجد بحزم: بل لمصلحتكم انتم.. استمعي الى ما سأقوله لك .. وبعدها احكمي على الامر بنفسك.. لم ارد ان اخبرك بالسبب الرئيسي لرفضي حسام.. ولكن بما انك ترينني ابا ظالما فأنا مضطر لأوضح لك كل شيء..
التفتت له مها واستمعت اليه بانتباه.. فقال هو وهو يتطلع اليها للحظة ومن ثم يلتفت عنها مواصلا حديثه: ما اخبرتكم به بشأن والدتكم.. لم يكن كذبا بل هو حقيقة عانيت منها طويلا.. ولكن كان من الممكن ان اتغاضى عنها واتناساها من اجل حسام الذي اعتبره احد ابنائي حقا.. لكن حدث امر جعلني اغير تفكيري تماما وافكر بمصلحتكم جميعا وان كانت على حساب احدكم..
مسحت مها دموعها التي بللت وجنتيها وقالت بصوت مبحوح: وما الذي حدث وجعلك ترفض حسام؟..
صمت والدها وهو يتطلع اليها بنظرات متوترة .. ومها تنتظر منه ان يشرح اسبابه التي فرقتها عن احب الناس على قلبها.. وقد تجمعها مع اكثر شخص تكرهه ولا تطيق كلمة منه.. ولا تعلم لم مر على ذهنها تلك الرسالة القصيرة التي ارسلها لها بالامس..(قريبا ستدفعين الثمن)..
وارتجف قلبها بخوف وقلق من المستقبل المجهول الذي ينتظرها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي مازن وهو يلمح القلق الذي تسلل الى ملامح ملاك التي تنتظر دخولها على الطبيب في ردهة الانتظار.. وقال وهو يلتفت اليها: لم كل هذا القلق؟ ..
قالت ملاك وهي تتنهد: لاني اشعر بالخوف مما قد يقوله الطبيب ..اكاد اكون متأكدة بنسبة خمسة وتسعون في المائة انه سيقول انه لا وجود لعلاج لمن هم في مثل حالتي.. ولكني .. قد تمسكت بنسبة خمسة في المائة من الامل بعد ما سمعته منك .. لهذا انا خائفة ان تتبدد تلك النسبة الضئيلة ايضا التي اتمسك بها ..
ربت مازن على كفها وقال مازحا:كفى جبنا وكوني اكثر قوة يا صغيرتي..
رفعت ملاك احد حاجبيها وقالت بضيق بسيط: لست طفلة حتى تحدثني هكذا..
قال مازن مبتسما: اتعلمين؟.. انا اكبرك بسبعة اعوام.. أي انك تكونين طفلة بالنسبة لي..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه بنظرات حادة: ولم اذا فكرت ان ترتبط بطفلة ..
قال مازن مداعبا: لاني لم اجد سواها لارتبط بها..
قالت ملاك بغيرة واضحة: لديك ندى ورشا وحنان..لم لم تفكر ان ترتبط باحداهن فهن يناسبنك العمر؟..
قال مازن وهو يتطلع اليها ويصطنع التفكير: ان اردت الحقيقة.. فأنا لم افكر الارتباط باحداهن ..
ومال نحوها ليقول بهمس: لان فتاة ما قد شغلت تفكيري ومنعتني من التفكير بسواها..
ولأول مرة بعد كل ماحدث بينهما لمح مازن وجنتي ملاك تعود لتتورد بخجل .. وابتسم مازن بسرور وهو يتطلع اليها .. فقالت ملاك وهي تحاول اخفاء خجلها: ما الذي يجعلك تبتسم هكذا؟..
اتسعت ابتسامة مازن وقال: وهل يوجد سبب اكبر من ان تكون ملاكي قدسامحتني اخيرا؟..
تطلعت له ملاك وابتسامة خجلة تتراقص على شفتيها وقالت: لا تظن اني قد سامحتك بكل هذه السهولة..
قال مازن بخوف مصطنع: لا تقولي ان علي ان احتمل كل العذاب الذي قضيته عندما كنت ترفضين الحديث الي..
قالت ملاك مبتسمة وهي تهز كتفيها: ربما ..ولم لا؟..
قال مازن وهو يمد كفه ويمسك بالقلادة التي تحتل عنقها: لان هذه قد اثبتت لي انك قد قررت ان تسامحيني اخيرا .. وان تفتحي صفحة بيضاء معي و...
قاطعه بغتة النداء باسم ملاك وقد حان دورها للدخول على الطبيب.. فقالت ملاك بتوتر يكاد يرجف اطرافها: مازن انا خائفة..
قال مازن وهو ينهض من مكانه: لا تخافي .. سأكون معك..
ودفع مقعدها بهدوء الى غرفة الطبيب ليدخل اليها .. ووقع بصرها على ابتسامة الطبيب وهو يقول: اهلا بك يا مازن وانت كذلك يا آنسة..
ابتسم مازن واقترب من مكتب الطبيب الذي اشار له بالجلوس ومن ثم قال وهو يتطلع الى ملاك: كيف حالك؟..
قالت ملاك بصوت مرتبك وهي تتمسك بتنورتها بتوتر: بخير..
اما مازن فقد قال: هذه ابنة عمي التي حدثتك عنها.. وهي ليست ابنة عمي وحسب بل وخطيبتي ايضا..
ابتسم له الطبيب وقال وهو يتطلع الى الملف الذي امامه: سأسألك بعض الاسألة يا آنسة ملاك.. وارجو ان تجيبي عليها بدون ادنى حرج .. فأنا طبيبك الخاص الذي سيشرف على حالتك ..
أومأت ملاك برأسها دون ان تعلق..فقال الطبيب متسائلا: اخبريني يا ملاك.. متى اصبت بعجزك هذا؟..
قالت ملاك مجيبة: عندما كنت في الثانية من عمري..
قال الطبيب وهو يتطلع الى الملف الذي امامه ويدون بعض الملاحظات: نستطيع القول ان ذلك قد حدث قبل ستة عشرة عاما..حسنا.. وهل تم عرضك حينها على احد اخصائي الاعصاب والمخ اواحد اخصائي العلاج الطبيعي؟..
قالت ملاك وهي تعود بذهنها الى الوراء.. لعدة سنوات قد مضت: حسبما يقول ابي.. فبعد ان علم بالعجز الي اصابني.. اخذني الى عدة مستشفيات ولكن جميعم اجمعوا على انه لا توجد علاج لحالة الشلل الذي اعانيه.. حتى انه قال لي انه بعد عام من اصابتي قد اخذني الى الخارج لمستشفيات شهيرة دون أي امل في الشفاء..
تطلع لها الطبيب بتفهم.. في حين قال مازن وهو يحاول ان يزرع الامل في قلبها ويضاعفه: لكن هذا قد حدث قبل وقت طويل والعلم في تطور مستمر..
قال الطبيب بهدوء: معك حق.. ومتى كانت آخر مرة زرت فيها اخصائيا..
اجابته ملاك وعيناها على مازن الذي كان يحاول تشجيعها بنظراته: قبل ثلاثة اعوام..
قال الطبيب وهو يرفع رأسه لملاك: حسنا.. هل لديك أي صور توضح مدى الاصابة في العمود الفقري؟.. ام تحتاجين لعمل أخرى هنا؟..
سلمه مازن مظروف بني اللون وقال بهدوء: هذا هو ما طلبته..
فتح الطبيب المظروف ونقل بصره بين الصور التي اخذت لمنطقة العمود الفقري ومدى التضرر الذي اصابه.. ومن ثم قال:ان العجز الذي اصابك كان بسبب كسر بعض الفقرات في عمودك الفقري وضغطها على الحبل الشوكي.. مما سبب إصابة جزئية للحبل الشوكي.. أي أن جزءا معيناً من الحبل الشوكي مصاب وليس كله ..ونتيجة لذلك قد يكون هناك مقدار ضئيل من عدم الإحساس أو ضعف الحركة تحت موضع الإصابة.. اسفر عنها عدم مقدرتك على السير على قدميك من جديد..
واردف قائلا وهو يتطلع الى ملاك: وسأحاول اولا ان اختبر مدى استجابتك لاعادة التأهيل الذي ستخضعين له في العلاج الاولي ..
قالت ملاك متسائلة وهي لم تفهم نصف ما قاله: ما الذي تعنيه باعادة التأهيل؟..
ابتسم لها الطبيب وقال وهو يحاول الشرح: مجرد تدريبات وحركات ستقومين بها لارى مدى استجابة اعصاب قدميك للعلاج..
واردف قائلا: لكن اولا اريني كيف يمكنك الانتقال من مقعدك .. لهذا المقعد..
قالها وهو يشير على المقعد المجاور لمكتبه.. فالتفتت ملاك للمقعد المقصود ثم لم تلبث ان رفعت جسدها كعادتها بكلتا ذراعيها.. والقت بثقله على المقعد المجاور لنكتب الطبيب.. فهز هذا الاخير رأسه وقال برضا: جيد انك تستعملين عضلات يدك للانتقال من مكانك.. لكن اخبريني اتشعرين بأي الم حينها؟..
غمغمت ملاك قائلة: الم بسيط جدا عند آخر الظهر تقريبا..
قال الطبيب بهدوء: هذا بسبب الفقرات المكسورة..
والتفت لمازن قائلا: هل لك ان تنقلها الى ذلك السرير؟..
التفت مازن خلفه ليتطلع الى السرير الذي عناه الطبيب ..وابتسم قائلا وهو يومئ برأسه: بكل تأكيد..
واقترب من ملاك التي عادت لتجلس على مقعدها المتحرك.. ودفع مازن هذا الاخير حتى نهاية الغرفة الصغيرة.. حيث فراش الفحص..وقال وهو يميل باتجاه ملاك: اعلم انك لن تستطيعي ان تجلسي عليه بمفردك.. لهذا اسألك منذ الآن.. اتودين مساعدة مني انا ام من الطبيب؟..
قالت ملاك بارتباك: لست اعرف الطبيب لاطلب منه أي مساعدة ..
ابتسم مازن وقال: افهم من كلامك انك تطلبين مني انا المساعدة.. فليكن..
واردف بصوت هامس بعض الشيء: ولكن لا تصرخي وتقولي (مازن انزلني) ومن هذا الحديث.. فعندها انت من سينحرج..
ابتسمت ملاك بحرج وتوردت وجنتاها وقالت بتلعثم وارتباك: مازن ارجوك.. يكفيني ما انا فيه..
قال مازن مبتسما بمرح: فليكن.. لن افعل الا ما تريدينه ..اخبريني الآن ما الذي تريدينه بالضبط؟..
قالت ملاك وهي تتحاشى النظر اليه حتى لا تشعر بخرج وارتباك اكبر: ساعدني لان اجلس على السرير..
مال مازن نحوها وابتسامته لا تزال على شفتيه وحملها بين ذراعيه ليجلسها على الفراش.. وابتعد عنها قائلا بابتسامة مرحة: نُفذ الامر يا ملاكي..
تطلعت له ملاك بنظرة مرتبكة.. في حين تقدم منهما الطبيب وقال بهدوء:لا تقلقي يا ملاك.. انا سأختبر اعصاب قدميك فحسب ..
تنحى مازن جانبا تاركا الطبيب يتقدم من ملاك وينحني باتجاه احد قدميها..ويحاول تحريك ساقها فاردا اياها ومن ثم يعاود ثنيها.. وقال وهو يتطلع الى ملاك متسائلا: بم تشعرين؟..
قالت ملاك وهي تهز رأسها: لا شيء..
طلب منها ان تخلع حذائها ومن ثم قال: حاولي تحريك اصابعك.. ولو حركة بسيطة جدا..
حاولت ملاك مرارا وتكرارا ومن ثم قالت بشحوب: لا استطيع ..
قال مازن برجاء: حاولي يا ملاك..
عادت ملاك لتحاول وهي تبذل اقصى ما تستطيع من طاقة ومن ثم قالت وهي تتنهد: صدقني لا استطيع..
طلب منها الطبيب ان تضع ساقيها على طول الفراش ومن ثم قال: سأثني وافرد ساقيك.. انها مجرد تمارين لعضلات رجلك..
راقب مازن الطبيب الذي يقوم بعمله.. وملاك التي كانت بذل اقصى ما تستطيع من طاقة معه.. راقبها بكل حواسه وهو يراها تحاول تنفيذ كل ما يطلبها منها الطبيب وهي لاتزال متمسكة بالامل ان تستجيب اعصاب رجلها لأي حركة ..
اما ملاك فقد كان ذهنها بالحلم الذي يراودها احيانا اثناء نومها.. والذي يجعلها تتمسك بالامل اكثر واكثر.. كلما تذكرت وقوفها على قدميها وابتسامة مازن الحانية وهو يتطلع اليها حينها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت مها الى والدها بترقب الذي كان يسرد عليها تفاصيل ما حدث قبل ايام .. وقال بلهجة تحمل بعض الاسى والحسرة: كنت سأقبل بحسام يا مها .. صدقيني .. لولا ذلك الاتصال الذي جاءني قبل اسبوع تقريبا.. فلقد اتصل بي عادل ليخبرني انه يريدك زوجة لابنه..وعندما رفضت ذلك بحجة ان ابنه لم ينهي دراسته.. قال ان ذلك ليس عذرا لانه سينهيها طال الزمان او قصر وهو ابن عم لك واحق بك من أي شخص آخر..
قالت مها بحدة وهي تزفر بألم: ما هذا المنطق؟.. يجب علي ان اتزوج ابن عمي لانه ابن عمي فقط.. وليس لاني اريده مثلا ..
قال والدها بهدوء: لست مع هذا المنطق ابدا.. ولكن ما حدث هو اني قد رفضت واخبرته انك لا تزالين صغيرة.. وعندها هددني بطريقة غير مباشرة بقوله.. اني اذا لم اقبل زواج احمد بك..سيتخذ اجراء لن يعجبني.. هو وفؤاد..وهذا يعني انه يشير بأنه سيسحب رأس ماله ورأس مال فؤاد من الشركة والذي يعد ثلثي ميزانية الشركة.. وعندها ستكون الشركة في خطر .. وقد...
صمت قليلا ومن ثم قال وهو يلتفت لها بحزن: وقد تتعرض الشركة للافلاس بعدها ..
قالت مها بصدمة: ماذا؟.. الافلاس؟..
اومأ برأسه وقال وهو يلتفط نفسا عميقا: لهذا وضعت سعادتك بكفة.. وسعادتكم جميعكم في كفة.. بما فيكم ابنة عمك ملاك التي اصبحنا مسئولين عنها.. ورجحت كفة اخوتك.. ولهذا قررت ان اكون قاسيا عليك لأجلكم جميعا.. ومن اجل الحياة التي تعيشونها.. لا اريد ان اكون ظالما يا مها .. لا بالنسبة لك ولا بالنسبة لاخوتك.. لهذا اردت ان اوضح لك السبب الذي سيجعلك تعذرين والدا اختار سعادة ابناءه جميعا على سعادة احدهم..
لم تعرف مها ماذا تقول او كيف تتكلم؟..اي كلمات تستطيع قولها لوالدها.. تقول له بكل بساطة فلتضيع شركاتك وتعب كل هذه السنين من اجل سعادتها هي وحسام؟!.. ام تقول له ان باستطاعتي ان اقتل نفسي وارتبط بانسان لا اطيقه من اجلكم؟!.. كلا الحلان مرين.. وكل حل امر من الثاني.. وعليها ان تختار.. اسرتها ام حبها؟ .. وقوفها الى جوار والدها واهلها ام انانيتها برغبتها في ان تكون لمن تحب؟ .. دون ان تهتم بوالدها وشركاته واشقاءها ..
واجابت دموعها التي ترقرقت في عينيها بكل مرارة.. فقال والدها متسائلا بحنان: لم البكاء الآن يا مها؟.. لقد اخبرتك باسبابي حتى تعذري اباك في ظلمه لك..
التفتت له مها وقالت بصوت مختنق ودموعها تصارع لان تسيل على وجنتيها: الا يوجد حل يا والدي؟.. الا يوجد حل لنتخلص من تهديدهم لنا؟.. في كل مرة رغبوا فيها بشيءمنك.. هددوك برأس مالهم في الشركة..
قال امجد بشحوب: هناك حل..
قالت مها بكل لهفة في اعماقها وهي ترى امامها بارقة امل قد تبدد الكابوس الذي تحياه: وما هو؟..
تنهد والدها ومن ثم قال: ان يشاركني احدهم ولو بنصف المبلغ الذي سيسحبه عادل وفؤاد..وبالتالي استطيع تعويض الخسارة التي ستتعرض لها الشركة..
قالت مها وهي تحاول جاهدة التفكير: اطلب ذلك من اصدقائك او من تعرفهم من رجال الاعمال..و فكر في بيع عماراتك ..
- كل من تعرفينهم من اصدقاء او رجال اعمال.. لن يمنحوني قطعة نقدية واحدة مادام فؤاد وعادل غير موافقين.. فهذين الاخيرين لهما كلمتهما في عالم رجال الاعمال.. هذا غير ان بيعي لجميع العمارات التي امتلكها.. لن يغطي الا ربع المبلغ..
التفتت عنه مها وقالت بصوت اشبه بالهمس ودموعها قد انتصرت لتسيل على وجنتيها بكل حرقة: اذا الحل الوحيد هو ان اقتل نفسي لتعيشوا انتم..
وضع والدها يده على كتفها وقال بهدوء: مها انا واثق في انك ستفكرين جيدا وستختارين مصلحة والدك.. وواثق ايضا انك ستغفرين لي ظلمي هذا – ان كنت ترينه كذلك- في يوم ..
قالت مها بقلب قد سالت دماءه بعد ان اكتفى من الطعنات: سأفكر جيدا وبعدها.. سأخبرك بقراري..
ونهضت من مكانها لتقول وهي تغمض عينيها بألم: حتى وان كان هذا على حساب كل لحظة جميلة احسست بها في حياتي..
وكورت قبضتيها بحزن كبير ومرارة اكبر.. وهي تنطلق مغادرة غرفة والدها.. وراقبها هذا الاخير وقال وهو يتنهد: سا محيني يا مها.. سامحيني يا ابنتي ..هذا ليس من اجلي .. بل من اجلكم انتم..
وعاد ليتنهد بحرارة وهو يتمنى لو يستطيع ايجاد حل ينقذه من سيطرة عادل وفؤاد.. ويعيد البسمة الى شفاه ابنته.. التي اصبح الحزن والالم هما رفيقيها منذ ان علمت بأن حسام لم يعد لها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 09:02 AM   #49 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء التاسع والثلاثون
"النور.. اخيرا"

احاديث متفرقة كانت تجمع بين الناس في ردهة الانتظار بالمشفى.. وكل شخص فيهم ينتظر دوره بفارغ الصبر.. واخيرا فتح ذلك الباب الذي اطل منه شاب فارع القوام و يتحلى بوسامة محببة.. ويرتدي زي يدل على ثرائه.. وكان يدفع مقعدا متحركا تجلس عليه فتاة بريئة الملامح والجمال.. شعرها الاسود الطويل اكثر ما يميزها وهو يخلق لوحة فنية رائعة مع لون بشرتها الناصعة البياض.. ليزيد جمالها البرئ روعة ..
وتحدث اليها ذلك الشاب وقال وهو يميل نحوها بهدوء:كيف حالك الآن؟.. واتشعرين بأي تحسن؟..
قالت الفتاة مبتسمة: لا.. ماذا كنت تظن ان اجري منذ اول يوم لي في الكشف فحسب؟..
رفع الشاب حاجبيه وقال بابتسامة: كأني المح سخرية مما قلته ..
ضحكت الفتاة وقالت: كلا.. ولكنك تريد ترى نتيجة ايجابية منذ اليوم الاول..
قال الشاب في سرعة: ذلك لاني اريدك ان تتعافي يا ملاك.. ليس لاجلي بل لأجلك انت.. اريد ان اراك سعيدة الى الابد ..
قالت ملاك بنظرة شاردة: واذا لم يكن هناك أي نتيجة او استجابة ولم اتعافى.. ما الذي ستفكر فيه من ناحيتي يا مازن؟ ..
قال مازن باستغراب: ما الذي تعنينه بقولك هذا؟..
قالت ملاك وهي تلتفت له نصف التفاتة: اعني انك بكل تأكيد على امل ان اشفى من ما اعانيه من عجز .. ولكن ماذا لو لم اشفى؟ .. ما الذي ستفعله حينها؟..
توقف مازن عن السير ليضغط زر المصعد ومن ثم قال بابتسامة شاحبة: وما الذي ترينني افعله الآن؟.. لقد اخبرتك قبل قليل وسأعيدها على مسامعك.. كل ما افعله لاجلك انت يا ملاك .. صدقيني .. لا يهمني ان تقفي على قدميك بقدر ما يهمني ان ارى في عينيك فرحة شفاءك..
عقب قوله وصول المصعد.. فدقع مازن ملاك الى داخله ودخل اليه من خلفها.. فقالت ملاك بنظرات متوترة: احقا يا مازن؟.. لن يختلف شيء لو لم اتعالج؟..
عقد مازن ذراعيه امام صدره واستند الى جدار المصعد.. ومن ثم تطلع اليها قائلا: انا عرفت ملاك التي امامي الآن.. عرفتها بكل صفة جميلة جذبتني اليها.. عرفتها بعنادها وبرائتها .. عرفتها بابتسامتها وخجلها.. ولهذا لا اريد سوى ملاك هذه .. سواء وقفت على قدميها من جديد ام لا.. فلا يهمني الا ان تكون هي بشخصيتها وبروعتها..
تطلعت اليه ملاك بنظرة جمعت ما بين الحب والامتنان.. لهذا الشخص الوحيد الذي نبض له قلبها ..وارتسمت ابتسامة خجلة على شفتيها لتعبر عن احراجها لما قاله.. وتطلع اليها مازن بنظرات حانية جعلت نبض قلبها يتسارع.. وحمدت الله في تلك اللحظة ان باب المصعد قد فتح لتتهرب من الارتباك الذي اصابها .. واقترب مازن من مقعدها بهدوء ليدفعه ويخرج معها من المصعد ..ليتوجه الى مواقف السيارات حيث سيارته.. وقال محاولا تبديد الصمت الذي غلفهم طوال خمس دقائق: ملاك..
قالت ملاك دون ان ترفع رأسها اليه: اجل..
قال بابتسامة هادئة: انتظريني في السيارة لدقائق فقط.. سأذهب واعود اليك..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا..ولكنها تساءلت قائلة:والى اين ستذهب؟..
اقتربا في تلك اللحظة من سيارة مازن.. فاحتلت ملاك مقعدها وابتسم لها مازن وقال وهو يمسك بكفها بحنان: لحظات واعود يا ملاكي..
ابتسمت له ملاك.. وترك هو كفها قبل ان يغلق الباب .. ويفتح صندوق السيارة ليضع فيه مقعد ملاك.. ومن ثم يسرع مبتعدا .. ولاحقته ملاك بنظراتها لعلها تعلم وجهته.. لكن بصرها لم يمتد الا لبضع دقائق ومن ثم اختفى مازن من امام ناظريها..
وتلفتت حولها لتشغل نفسها بأي شيء.. ولم تجد سوى ورقة مطوية مرمية في دُرج السيارة..فالتقطتها وفتحتها لتقرأها وتجد انها مجرد فاتورة لشراء بعض الادوات التي تخص السيارة .. وعادت لتتلفت حولها وترى من عبر النافذة الى الناس المنشغلة بحياتها.. وكل فرد منهم يريد تحقيق ما جاء اليه..
وشردت بذهنها بعيدا دون ان تنتبه لاقتراب مازن من السيارة من جديد.. وفتحه للباب المجاور لها.. وشعرت بغتة بأنامل تداعب وجنتها..فالتفتت في سرعة الى صاحبها ومن ثم لم تلبث ان زفرت بحدة قائلة: اخفتني..
ابتسم لها مازن وقال: فيمن كنت تفكرين؟..
قالت بابتسامة لتغيظه وترى ردة فعله: كنت افكر في ..كمال..
عقد مازن حاجبيه بضيق.. والتفت عنها بحنق.. فقالت ملاك بحيرة: مازن لقد كنت امزح.. لا تقل انك قد صدقت ما...
قاطعها مازن في سرعة وهو يلتفت لها: اذا كنت تحملين لي أي مشاعر في قلبك.. فأرجوك.. لا تتحدثي عنه امامي..
قالت ملاك باستغراب: انه شقيقك ..
قال مازن برجاء: ارجوك يا ملاك.. لست اطلب الكثير..
تنهدت ملاك وقالت : فليكن.. لكن لم تخبرني .. الى اين ذهبت؟..
قال مازن وهو يتطلع اليها: اغمضي عينيك اولا..
قالت ملاك وهي ترفع حاجبيها: ولماذا؟..
هز مازن كتفيه وقال: لانها مفاجأة.. هيا اغمضي عينيك ..
اغمضت ملاك عينيها كما طلب منها وقالت بابتسامة: لنرى ما هي هذه المفاجأة التي تطلب ان اغمض عيني لأجلها..
قال مازن بسخرية: كل ما تحبين من انواع الحشرات..
شهقت ملاك بقوة وفتحت عينيها قائلة: لابد وانك تمــ...
بترت عبارتها على مرأى الهاتف المحمول الذي يحمله مازن على مقربة منها وقال مبتسما: ما رأيك؟..
تطلعت اليه بدون فهم.. كان صغير الحجم يجمع ما بين اللون الوردي والرمادي..وكان صغر حجمه يجعل الناظر له يرغب في لمسه والامساك به.. واقتربت يد ملاك لتلمس شاشته وقالت وابتسامة تتراقص على شفتيها: جميل جدا.. لكن لا اظنه يناسبك..
ضحك مازن وقال: ومن قال انه لي..امسكيه فقط ..
امسكت به ملاك واخذت تقلبه بين يديها وتتفحصه.. فقال مازن مردفا وهو يميل نحوها: انه لك..
التفتت له ملاك وقالت بدهشة كأنها لم تتوقع ما قاله: لي انا؟..
اومأ مازن برأسه وقال بحنان: بلى لك..الم ترغبي في الحصول على احد الهواتف المحمولة؟..
التفتت عنه ملاك وقالت بحيرة واستغراب: بلى ولكن.. تحدثت في هذا الامر مع ابي.. ولم يعلم به مخلوق سوانا..
قال مازن وهو يحرك اصبعه السبابة نفيا:مخطأة.. لقد تحدثت بذلك امامنا جميعا..
قالت ملاك واستغرابها يزداد: متى؟؟..
قال مازن بصوت خافت وكأنه لا يريد تذكريها بالحادث المؤلم: قبل ان يصاب والدك بما اصاب به.. وفي المشفى عندما ذهبنا اليه جميعا.. تحدثت اليه واخبرك انه قد جلب لك الهاتف الذي طلبته.. وحينها قلت انك لا تريدين أي شيء سواه هو.. هل هذا ما حدث ام انا مخطئ؟..
ومع ان مرور هذه الذكرى قد اعاد على ملاك الحزن.. لكنها قالت في سرعة وبابتسامة شاحبة: كيف تذكر كل ذلك؟.. لم اكن اتوقع ان ذاكرتك بهذه القوة؟..
وتطلعت الى الهاتف الذي بين يديها ومن ثم التفتت له لتقول بامتنان: لا اعرف كيف اشكرك يا مازن..كان شرائك لهذا الهاتف.. مفاجأة لي حقا..
قال مازن مبتسما وهو يدير محرك السيارة وينطلق بها: ان اردت شكري.. فيمكنك ذلك..
- وكيف؟..
قال بمرح : اتصلي بي يوميا بهذا الهاتف..
قالت ملاك بابتسامة واسعة: يكفي انك تراني في منزلكم طوال اليوم تقريبا..كذلك اتصل بك ايضا وانت خارج المنزل ..ستمل حقا حينها..
قال مازن وهو يغمز لها: اذا لم تتصلي بي ..سأتصل انا بك..
لم تسمع ملاك ما قاله تقريبا.. فقد كانت منشغلة بهذا الجهاز الصغير الذي بين يديها..وظلت تعبث بكل زر فيه.. وترى كل قائمة موجودة فيه.. واثار انتباهها قائمة الاسماء الذي كانت فارغة الا من اسم مازن.. وابتسمت ابتسامة واسعة وهي تفكر في هذا الشاب الجالس بجانبها.. الهذه الدرجة اهتم بتسجيل اسمه في هاتفي؟..
اما مازن فقد توقف امام المنزل والتفت اليها قائلا وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة وهو يراها تتفحص الهاتف بكل حواسها: ملاك.. لقد وصلنا..
تساءلت ملاك قائلة دون ان تنتبه لما قاله: هه.. ماذا تقول؟..
قال مازن وهو يرفع من نبرة صوته قليلا لعلها تنتبه له: اقول اننا قد وصلنا ..
قالت ملاك دون ان ترفع عينيها له: حسنا ..حسنا..
وعادت لتتطلع الى الهاتف من جديد.. وشهقت بغتة عندما جُذب الهاتف من بين يديها وصوت مازن يقول: لم اشترِ لك الهاتف حتى تنسي وجودي..
التفتت له ملاك وقالت متسائلة بابتسامة: لم اسمك هو الوحيد الذي قمت بحفظه بهاتفي؟..
قال مازن بغرور: لانه الاهم..واي اسم آخر يمكنك ان تحفظيه انت متى شئت..
قالت ملاك وهي ترفع احد حاجبيها: واثق جدا..
قال مبتسما: دعينا من هذا واخبريني.. الديك أي شيء غدا مساءا؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا.. لم؟..
قال وابتسامته تتسع: لانك مدعوة على العشاء مع اوسم شاب في المدينة..
قالت ملاك مازحة: واين هو؟.. انا لا اراه..
قال مازن بسخرية: لانك تتلفتين حولك.. ولا تنظرين امامك ..
نظرت اليه ملاك وقالت مبتسمة: وها انذا الآن انظر امامي ..فأين هو؟..
امسك مازن ذقنها ليرفع وجهها اليه ويتطلع الى عينيها مباشرة ويقول بصوت هامس: الم تريه بعد حقا؟..
ارتبكت ملاك في شدة.. واضطربت ملامحها لتجعلها تبعثر نظراتها يمنة ويسرة لعلها تهرب من نظرات مازن التي تحاصرها .. وعاد صوت مازن ليقول بهمس ارجف جسدها: هل رأيته الآن يا ملاك؟..
قالت ملاك ووجنتيها تتوردان بحمرة قانية: ارى امامي مازن.. لا يهمني ان كان اوسم شاب في المدينة ام لا .. مايهمني انه هو وحسب..
ارتسمت ابتسامة حانية وواسعة على شفتي مازن وقال متسائلا بلهفة: ملاك.. هل...
قاطعته ملاك قائلة بارتباك وهي تشيح بوجهها لتخفف من ارتباكها وتستطيع التنفس بشكل منتظم: انزل لي مقعدي يا مازن.. حتى ادخل الى المنزل..
قال مازن في سرعة ولهفة: اخبريني اولا.. ماهو شعورك تجاهي؟..
التفتت له ملاك بدهشة وحيرة وقد استغربت سؤاله.. ولكنها عادت لتشيح بوجهها قائلة وهي تطرق برأسها: ليس قبل ان اعرف ماهو شعورك تجاهي انا..
قال مازن وهو يتطلع اليها: الم تعرفي بعد ماذا تعنين لي يا ملاك؟..
قالت ملاك بألم: لم اعد اعرف أي شيء بعد ما حدث..
قال مازن وهويتنهد:يبدوا وانك لن تنسي هذا الموضوع ابدا..
وهبط من السيارة بعد ان فتح صندوقها الخلفي..ليخرج مقعد ملاك منه و يتنهد وهو يتطلع اليه.. وهو يتمنى في اعماقه لو يستطيع تحطيم هذا المقعد ليرى ملاك تسير على قدميها من جديد..
وملاك شعرت انه قد تضايق مما قالته.. لكن كيف لها ان تنسى؟.. اصعب جرح هو جرح الخيانة .. ومن اكثر شخصا تعشقينه بكل ذرة في كيانك..هذا الجرح الذي تظل دماءه تنزف بكل الم ومرارة دون ان تبرئ يوما ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تسللت اشعة الشمس بكل تمرد من بين ستارة النافذة لتنشر نورها الذهبي على ارجاء تلك الغرفة التي لم يسمع فيها أي صوت عدى شهقات من على ذلك الفراش.. ولو اقتربنا قليلا لعرفنا ان مصدر تلك الشهقات كانت فتاة اخفت وجهها بين ركبتيها وهي تضمهما الى صدرها بكل حزن والم وحرقة..
ورفعت وجهها عن ركبتيها لنرى ان وجهها قد بات غارقا بالدموع.. وان بدت ملامح الاسى والعذاب وكأنها جزء من ملامحها .. تشرح فيه معاناة هذه الفتاة وما تشعر به في تلك اللحظة .. ونطقت بكلمة واحدة لم يسمعها أي احد.. قالت بصوت اشبه بالهمس وبكل حرقة في قلبها: لماذا؟..
وعادت لتدفن وجهها بين ركبتيها لتقول بصوت باكي: لماذا انا؟.. لماذا انا من عليها ان تموت ليحيا الجميع؟.. لماذا انا من عليها ان تضحي وتعيش في شقاء ليسعد الجميع؟.. لماذا؟.. اليس من حقي ان احيا وافرح انا الاخرى؟.. الست بشرا من لحم ودم.. ومن حقي ان اختار الشخص الذي ارتبط به بدلا من ادفن نفسي مع اكثر شخص احقد عليه .. اخبروني لماذا؟..
وطوقت رجليها بذراعيها لتقول بصوت مختنق: وانت يا حسام .. وانت.. ما الذي ستفعله لو قبلت بهذا الزواج؟.. ستنساني مع مرور الوقت .. ام انك ستتعذب في اليوم الف مرة كما اتعذب انا.. حسام .. انا اريدك انت.. لقد وعدتك ان لا اكون لسواك.. لكن ماذا عساي ان افعل؟.. وانا اجد مصير الجميع بين يدي الآن.. مصير والدي واشقائي في يدي.. فاما ان اتخلى عنهم جميعا واكون انانية في نظرهم.. واما ان اضحي لأجلهم واكون خائنة في نظرك.. اخبرني يا حسام .. فأنت الوحيد الذي يمكنه ان ينصحني.. ماذا افعل الآن؟.. ماذا؟..
وتطلعت الى ساعة المنبه التي كانت عقاربها تشير الى الخامسة فجرا وهي لم يغمض لها جفن حتى الآن.. كيف تنام وقد يكون يوم اعدامها قريبا جدا.. كيف يغمض للمظلوم جفن وهو سيتلقى عقابا قاسيا على جريمة لم يرتكبها؟..ليت قلبي لم يخفق بحبك يا حسام.. وليته لم ينبض بكرهك يا احمد.. ليتني لم اكن بشرا بل مجرد تمثال لا يشعر بشيء مما حوله..
وبين افكارها تلك.. وجدت اناملها تمتد لتمسك بهاتفها المحمول.. وترسل رسالة قصيرة منه.. رسالة صبت فيها حقدها وكرهها .. وارسلتها لاحمد.. رسالة كانت كلماتها تقول..(ستندم على اليوم الذي فكرت فيه مجرد تفكير بقرارك الاحمق هذا)..
لقد هددها احمد سابقا انه سينتقم منها على مافعلته به ..ولكنه لم ينتقم وحسب.. بل دمرها.. حطمها .. أحالها إلى هشيم.. بقايا فتاة .. ببقايا جسد وروح..
ودون أي احساس منها.. وجدت اناملها تضغط على ازرار رقم حسام..وكأنها تطلب منه ان يمنحها بعض القوة لكي تستطيع ان تصبر على ما تعانيه.. دون ان تدرك ان حسام هو الذي يحتاج لمساندتها في تلك اللحظة ليرتاح مما يعانيه من من عذاب ..وجاءها صوته القلق المجهد في طياته ليعبر لها عما يعانيه في تلك اللحظة وهو يقول:ماذا بك يا مها؟.. لم تتصلين في هذا الوقت؟.. هل حدث شيء ما؟..
وكادت مها تتراجع من التصريح له بما حدث وهي تستمع الى صوته المتعب.. فهو حقا ليس بحاجة لمضاعفة همومه بمثل هذا الخبر الذي سيكون وقعه اشبه بالصاعقة التي ستصعق كيانه وتزلزل مشاعره .. وقالت وشفتيها ترتجفان ودموعها تنذر بالسقوط من جديد: هل .. هل ايقظتك؟..
قال حسام بسخرية مريرة: لم انم حتى استيقظ..
قالت مها وهي تزفر بحرارة: ومن يستطيع النوم في ظل هذه الظروف؟..
قال حسام متسائلا فجأة: ما الذي دعاك للاتصال بي في هذا الوقت يا مها؟.. بالتأكيد قد حدث امر ما..فأنت لن تتصلي الا لو كان الامر مهما جدا..
ارتجفت شفتا مها مرة اخرى وقالت بصوت يقطر الما ومرارة: انا بحاجة اليك يا حسام.. انهم يريدون قتلي.. يريدونني ان اموت ليعيشوا هم بسعادة..
لم يتوقع حسام ان تتفوه بكلمات كهذه..فقال بخوف وقلق بالغين:من هم يا مها؟.. من هم الذين تتحدثين عنهم؟.. من هم الذين يفكرون بقتل حبيبتي الغالية؟.. من هم؟..
قالت مها ودموعها تساقطت من تأثير كلماته:يريدوني ان ادفن نفسي حية ليعيشوا هم بكل سعادة وهناء..
قال حسام وقد بلغ الخوف منه مبلغه: من هم يا مها؟.. اخبريني من هم؟..
لم تعلق مها ولم يسمع حسام على الطرف الآخر الا صوت شهقاتها.. فقال بعصبية ولدتها خوفه عليها: اخبريني يا مها او اقسم ان آتي اليك الآن..
اسرعت مها تقول وهي تمسح دموعها: لا .. ارجوك لا تفعل.. انها الخامسة والنصف.. ماذا سيظنون بك لو اتيت؟..
قال حسام وهو يعقد حاجبيه : اذا اخبريني انت..
تعثرت الكلمات على شفتيها.. وترددت قبل ان تخرج من بينها لتصف عبارة كانت اشبه بالخناجر التي طعنت قلب حسام بكل قسوة: يريدون تزويجي احمد..
كانت الصدمة التي تلقاها حسام من كلماتها جعلت لسانه ينعقد وعقله ينشل عن التفكير بأي شيء..جعلته يشعر ان انفاسه قد توقفت في تلك اللحظة وقلبه توقف عن النبض..فلم يعد له حاجة لأن يعيش بعد هذه القنبلة التي قذفتها مها في وجهه ..
وشعرت مها بالخوف عليه وهي تراه صامت هكذا دون ان ينطق بحرف واحد..وقالت بصوت ارتجفت فيه كلماتها: حسام.. هل انت معي؟.. حسام.. لم لا تتحدث؟..
واخيرا نطق حسامقائلا بكلمات مقتضبة وجامدة شعرت مها معها ان الروح قد سلبت منه : ذلك الوغد الحقير..سحقا له..
قالت مها بصوت متحشرج وهي تحاول مسح دموعها التي لا تتوقف: انا بحاجة اليك.. اخبرني ماذا افعل؟..
قال حسام متسائلا فجأة: وهل تفكرين في امر غير الرفض اساسا؟..
قالت مها وهي تغمض عينيها بمعاناة: انت لا تعلم الجحيم الذي احيا فيه.. لو رفضت سأكون انانية في نظر الجميع وان وافقت سأكون خائنة في نظرك..
قال حسام والنار تسعر بصدره: ارجوك يا مها اوضحي.. بالله عليك قبل ان اجن..
اخبرته بالامر بكلمات مقتضبة..واكملت قائلة وهي تعتصر الهاتف بين اناملها لعلها تفرغ بعض من الحزن الذي تعاني منه: لهذا اخبرتك اني سأكون انانية في نظرهم لو اني رفضت هذا الزواج..فتاة لا تحب سوى نفسها ومصلحتها متجاهلة اسرتها واقرب الناس اليها.. ولو فكرت بالموافقة.. قسأدفن حية مع اكثر شخصا ابغضه .. وستراني انت دائما كفتاة خائنة..
ولما لم تجد ردا منه قالت وهي تحاول التقاط انفاسها: حسام.. انا وعدتك اني لن اكون لسواك.. لكن...
صمتت ولم تكمل.. فأكمل حسام عنها قائلا : لكن الظروف احيانا ترغمنا على نقض وعودنا.. اليس هذا ماتريدين قوله؟..
همت بقول شيء ما.. ربما لانها تريد ان توضح له موقفها.. ولكنه قال بصرامة: مها.. انا اعلم جيدا انك كثيرا ما ضحيت بنفسك من اجل غيرك.. ولكن انت لن تضحي بنفسك وحدها هذه المرة.. بل ستضحين بي انا ايضا..
فاضت الدموع من عيني مها وقالت بصوت باكي وبقلب مجروح: حسام انا .. احبك.. لا اريد ان اكون لسواك.. صدقني يا حسام.. الموت عندي اهون من ازف ليوم اعدامي..
قال حسام بابتسامة مريرة: لو نطقت بكلمة الحب هذه قبل ساعة فقط.. لربما كنت حلقت من السعادة.. ولربما لم استطع ان اعبر عن مشاعري لك.. ولربما نسجت معك احلاما مشتركة.. اما الآن.. فلم اعد اشعر بأية سعادة لسماعها .. بل على العكس.. لقد زدت جروحي وآلامي بقولها .. جرحا والما آخرين- وكأن هذا ما ينقصني- وانا اجدك تزفين الي خبر تزويجك من احمد.. وموافقتك المبدئية عليه..
هتفت مها بصوت حاد: اخبرني انت ..اخبرني ماذا عساي ان افعل وانا اجد مصير اسرتي بين يدي؟.. لا استطيع التضحية بهم من اجل سعادتي..
قال حسام بحنق ومرارة وهو يتنهد: ولكنك تستطيعين التضحية بي انا.. فلأمت انا .. فلن يهم ذلك كثيرا..
صاحت مها بصوت باكي ومنفعل: لو لم اكن اهتم بك كما تقول.. لما اتصلت بك وطلبت سماع رأيك..
قال حسام وهو يزفر بحدة ويحاول السيطرة على اعصابه ومشاعره: رأيي لن يعجبك .. ربما تقولين عنه رأي من شخص اناني.. ولكني على العكس من ذلك.. انا شخص يفكر بمنطقية لهذا اقول لك ان لا تضحي من اجل اسرتك.. وان ترفضي هذا الزواج..
اتسعت عينا مها وقالت بصدمة : ماذا تقول؟.. هذا لانها اسرتي وليست...
قال حسام بحدة مقاطعا اياها: قبل ان تطلقي أي احكام.. احب ان اوضح لك بأن قراري هذا ليس لانها اسرتك او اسرتي.. بل لان عميّك فؤاد وعادل.. قد استغلوا نقطة الضعف في والدك واصبحوا يهددونه بها.. ولكن لو واجههم كما فعل عمك خالد.. لما استطاعوا التحكم بكم ابدا..
قالت مها بصوت مرتجف: ولكن .. والدي قد يفلس..
- ذلك لان والدك قد ترك لهم الحبل على القارب.. ليتصرفوا بأمواله كما يشاؤون وليحولوا ارباح شركته لهم ويحضى بالربح القليل..
قالت مها بحزن: انا لا افهم كل هذا.. كل ما افهمه ان عائلتنا قد تفلس..لو رفضت هذا الزواج..
قال حسام بقسوة: اذا اقبليه.. وانسي عاشقا ابلها فكر بالارتباط بك في يوم..
واردف بصوت غاضب تغلب عليه اللوم والالم: وداعا يا.. ابنة العمة..
شعرت مها بانقباض في صدرها فجأة جعلها تهتف: انتظر يا حسام..
لكنه كان اغلق الهاتف.. وانهى الوسيلة الوحيدة التي كانت توصلهما ببعضهما دائما.. وانهارت مها مرة اخرى.. انهارت وهي ترى نفسها تفقد الكثير .. فقدت حلمها بالارتباط بمن تحب.. فقدت رغبتها في الاختيار لمن تراه شريك حياتها.. فقدت كرامتها بالزواج من شخص تكرهه .. وهاهي الآن تفقد اغلى الناس على قلبها.. حبها الاول .. والاخير..
وسقطت على الارض لتغرق في بكاء مرير وهي تخفي وجهها بين كفيها.. لعلها تستيقظ من هذا الكابوس..او لعلها تختفي من هذا العالم دون رجعة..
((مها.. لا تبكي))
انتفض جسدها لسماع هذه العبارة.. وتجمدت الدموع في عينيها وقلبها يخفق بقوة وهي تستمع الى ذلك الصوت.. لانها تعلم يقينا ان لا احد معها في الغرفة..
ابعدت كفيها عن وجهها.. لتلمح طيف ذلك الطفل وهو يبتسم لها ابتسامة حانية ويقول: ( لا تبكي.. ارجوك.. دموعك تحزنني)..
هذا .. هذا ليس مجرد طفل.. بل هو حسام!.. حسام عندما كان في العاشرة من عمره.. اعرفه اكثر مما اعرف نفسي.. وتطلعت اليه بدهشة.. قبل ان تراه يتطلع اليها وفي عينيه تلك النظرة الحانية.. وامتدت كفها لعلها تستطيع الامساك بذلك الطيف.. لعلها تلمسه وتشعر بوجوده بعد ان حرمت من لمس حبها والشعور بوجوده..
وتلاشى الطيف مختفيا في العدم كما جاء.. وهمست مها قائلة والدموع تعود الى عينيها: لا تذهب.. ارجوك ابقى معي..
ولكنه كان مجرد صنع من اوهامها.. كحبها الذي كان اشبه بالوهم والذي لم يرى النور يوما..وهتفت قائلة بصوت باكي: لماذا تذهب وتتخلى عني انت ايضا يا حسام؟ .. لقد تخلى عني الجميع.. فلم تفعلها انت ايضا؟.. انا بحاجة لك اكثر من أي وقت مضى.. لماذا تتركني وحيدة الآن؟ .. لماذا؟..
وعادت الدموع لتتجمع في تلك العينين وكأنهما قد اصبحتا جزءا منهما.. وعاد القلب ليكتوي بنارا امر من أي نار هذه المرة.. نار فقد حبيب القلب والروح..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(لماذا يا والدي؟)
قالها احمد وهو يتحدث الى والده .. الذي زفر بحدة وهو يلتفت له..وقال بضيق وملل: لماذا ماذا؟..
قال احمد متسائلا بقهر: لماذا تم تأجيل الموعد؟..
التفت له والده وقال بحدة: عن أي موعد تتحدث؟.. تحدث بشكل مباشر دون مقدمات..
قال احمد وهو يكور قبضته وبنظرة حادة: موعد خطبة مها..
قال والده ببرود: اتصل عمك وطلب تأجيل الموعد لظروف طرأت ..
قال احمد بغيظ: انا اعرف تلك الظروف.. لابد وانها مها التي اجبرته على تأجيل الموعد..
قال والده بلامبالاة: ولم؟..
صمت احمد ولم يجب.. واكتفى بالقاء نظرة على الرسالة التي وصلت الى هاتفه صباحا.. والتي قرأها عندما استيقظ.. واكفهرت ملامحه مع كل حرف يقرأه.. وقال بصوت هامس من بين اسنانه: سنرى من سيندم يا مها.. انا ام انت؟..
ولمح بغتة ندى التي كانت تهبط من على درجات السلم .. فالتفت لها وقال: الى اين؟..
تابعت خطواتها دون ان تلتفت له وقالت: الى النادي..
قال متسائلا: ولم؟..
التفتت له وقالت وهي ترفع حاجبيها باستغراب مصطنع: ومنذ متى تهتم ان كنت ذاهبة الى مكان ما ؟..ولم اذهب اليه؟..
قال احمد وهو يتقدم منها: منذ هذه اللحظة ووقتما اشاء.. اخبريني لماذا تذهبين الى النادي؟..
قالت ندى بملل وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ولماذا سأذهب في رأيك؟ .. بالتأكيد حتى امارس هوايتي المفضلة هناك .. التنس..
- حسنا اذا لدي رسالة اريد منك ان توصليها الى مها..
تأففت ندى بصوت مسموع ومن ثم قالت: ولم لا تتصل بها؟..
قال احمد وهو يلقي نظرة على هاتفه الذي استقر في قبضته: لو كانت تجيب على مكالماتي لما طلبت منك شيئا..
قالت ندى وهي تزفر بحدة: حسنا قل وخلصني..
قال وهو يميل نحوها قليلا وبنظرة حادة: اخبريها بأنها لم ترى شيء بعد.. واني لو اضطررت ان ادوس على قلبي للانتقام منها لما ترددت .. وان كرامتي فوق كل شيء..
قالت ندى وهي تتطلع الى ساعتها عندما صمت بغتة: انتهيت؟..
وقبل ان يجيب قالت وهي تدير ظهرها له: سأوصل لها رسالتك لو رأيتها.. وان كنت اعلم اني لن اراها..
قال متسائلا باهتمام: ولم؟..
هزت ندى كتفيها وقالت:مضى اسبوع تقريبا منذ آخر مرة رأيتها في النادي.. لم تعد تأتي الىهناك.. ولست اعرف السبب.. بالاذن..
قالتها وانصرفت دون ان تمنحه أي فرصة ليسالها عن أي شيء آخر.. اما احمد فقد قال وعقله منشغل بالتفكير: اذا لم تعد تذهب الى النادي.. ربما هي صدمة معرفتها بخبر خطبتي لها.. لم تري شيء بعد يا مها.. ولم تعرفي من يكون احمد.. وستندمين اشد الندم على اليوم الذي تجرأت فيه واهنتي كرامتي ..وسيكون ذلك قريبا جدا.. والايام ستثبت لك ذلك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الظلام يغلف كل ما حوله.. واللون الاسود هو لون كل شي واللاشيء.. وصوت قادم من اعماق بئر سحيقة يتردد باستمرار ..((ابي انا بحاجة اليك))..(( ارجوك عد الي)) ..انه يعرف هذا الصوت ويستطيع تمييزه من بين ملايين الاصوات انه صوت ملاكه الوحيد..
لكن لم الظلام يغلف كل شيء؟.. اين هو؟.. يريد ان يرى ملاكه.. يريد ان يشعرها بأنه قريب منها.. بأنه الصدر الحنون الذي لن يتخلى عنها ابدا..بأنه ملجئها ومن سيحميها من شرور هذا العالم بأسره.. يريد الخروج من هذا المكان ..وبأية وسيلة كانت ..
دعونا نترك خالد قليلا وصراعه مع عقله الباطن.. وننتقل لنرى كفيه على مسافة قريبة جدا.. بالتأكيد انتم ترون الآن تلك الحركة الواهنة في انامله.. ولتنقلوا ابصاركم الى قدميه لتلحظوا تلك الحركة البسيطة فيهما.. خالد الآن في صراع متواصل ومستمر مع عقله الباطن.. يحاول فيه انتزاع نفسه من هذه الغيبوبة التي سيطرت عليه لفترة قاربت الشهر..
ولنعد الآن الى خالد الذي لا يزال يعاني من ذلك الصراع..والذي اخذت الافكار تحوم في رأسه وتسبب له صداع شديد .. اخذ يشتد ويضاعف آلام رأسه.. ولكن لابد له ان يعود لابنته الغالية..لابد ان يخرج من هذا المكان الذي كل ما فيه يتميز بلون واحد هو الاسود.. هل اصيب بالعمى يا ترى؟ ..
يريد فتح عينيه .. ولكن لم يشعر ان جفنيه اصبحا يزنان اطنانا من الحديد؟.. وان فتحهما يعد ضربا من المستحيل.. لكن لا .. ملاكه تنتظره.. ابنته تريده الى جوارها.. يجب ان يكون معها.. يجب ان يفتح عينيه.. يجب ان يقهر هذا المستحيل ويكون معها..
واخذ جفناه بالارتجاف.. وهو يحاول ان ينزع نفسه من تلك الغيبوبة.. واخذ نشاط جهاز ضربات القلب والمخ يزداد فجأة.. وخالد لا يزال يقاوم باستماته و...
وبغتة..
قهر خالد ذلك المستحيل ليفتح عينيه ويتطلع الى ما حوله بعدم استيعاب او فهم.. الالوان عادت لتضفي حياة على الاشياء .. اختفى اللون الاسود مما حوله.. وها هو ذا يرى النوراخيرا .. وهو يتسلل من النافذة ويؤلم عينيه..وهمس بكلمة بالكاد قد خرجت من بين شفتيه.. قال بصوت واهن: ملاك..
ولكن صداع عنيف ذلك الذي اخذ يكتنف رأسه.. جعله يعيد اغماض عينيه بالرغم منه.. لعله يجد بعض الراحة من هذا الصداع.. ليغرق في النوم..أ وربما في الغيبوبة من جديد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 09:12 AM   #50 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الاربعون
"صورة"

تطلع مازن بحنان الى ملاك التي كانت تحاول باستماتة بذل كل الجهد..في تدريبها التأهيلي لأطرافها.. وعلى الرغم من ملامح الالم على وجهها الا انها كانت تحاول اظهار الشجاعة بكل عزيمة واصرار.. ولاحظ في تلك اللحظة قطرات العرق التي اخذت تتجمع على جبينها.. ونقل بصره بين ملاك وساعة يده وعلم مقدار المجهود الذي بذلته هذا اليوم.. وسمع الطبيب يقول في تلك اللحظة: هل تشعرين بأي شيء الآن؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا شيء سوى التعب..
ابتسم الطبيب وقال: حسنا سأسألك سؤالا اخيرا.. هل حاولت الوقوف على قدميك من قبل؟..
قالت ملاك نافية: ابدا.. ولم افكر في ذلك حتى..
- ولو طلبت منك ان تجري تدريبات قد تساعدك في الوقوف على قدميك.. فهل ستحاولين ادائها؟..
قالت ملاك وهي تومئ برأسها: بلى ولكني اشعر بالتعب اليوم ..ولا اظن ان لدي القدرة على المواصلة..
قال الطبيب بهدوء: فليكن غدا سأكمل التدريب معك.. يمكنكما الانصراف..
ابتسمت ملاك ابتسامة شاحبة وقالت بصوت مرهق: شكرا لك..
اجابها الطبيب بهدوء: العفو.. لم اقم الا بالواجب..
في حين اقترب مازن من ملاك ومنحها ابتسامة حانية لعلها تخفف ما تعانيه من آرهاق جسدي ..وقال برقة: كيف تشعرين؟ ..
بادلته ملاك الابتسام وقالت وهي تتنهد: على ما يرام..
مد يده لها وقال وهو يتطلع اليها: سأساعدك..
مدت يدها لتحتضن كفه وتتشابك اناملها ونظرات عينيهما لفترة.. ومازن يتطلع الى ملاك وهو يحاول ان يكتشف ما تحمله في ذلك المكان الصغير القابع في قلبها.. وملاك بدورها تحاول ان تكتشف من نظرات عينيه اليها ما يكنه لها من مشاعر ..
وقطعت ملاك تلك اللحظة بينهما وهي ترفع جسدها من على ذلك الفراش وتلقيه على مقعدها المتحرك..ومازن بدوره اكتفى بأن يدور حول مقدمة المقعد ليمسك بمقبضيه ويدفعه..وتحرك مغادرا غرفة الطبيب ليتجه الى المصعد.. ويضغط الزر المجاور له ..ولم تمر ثواني حتى كان المصعد قد وصل الى الطابق الثالث حيث هما.. فاستقلاه بهدوء.. وهنا فقط قالت ملاك فجأة: اريد ان اذهب لرؤية ابي..
كان مازن قد ضغط زر الطابق الارضي.. فتطلع الى ساعته وقال : انها الثامنة والنصف.. سآخذك اليه غدا.. فاليوم سنذهب الى المطعم -كما اخبرتك مسبقا- لتناول العشاء..
قالت ملاك وهي تشعر بخفقات قلبها المتسارعة: لكن اشعر بشوق شديد لرؤيته.. ارجوك .. خذني لرؤيته..
قال مازن وهو يتطلع اليها وفي الوقت ذاته يدفع المقعد عندما وصلا الى الطابق الارضي: لو بقيت معه اليوم.. فلن تظلي الا لنصف ساعة فقط وسنغادر بعدها حتى لا نتأخر.. ولكن ان ذهبت اليه غدا.. فلديك اليوم بطوله للبقاء معه..
ويبدوا ان ملاك قد اقتنعت بما قاله.. فلم تعلق.. فقال مازن مبتسما عندما غادر المشفى: اخبريني أي مطعم تريدين ان آخذك اليه؟..
داعبت ملاك قلادتها وقالت: أي مطعم تراه مناسبا..
قال مازن متسائلا وهو يتوقف بجوار سيارته ويفتحها بالقفل الآلي: الست متحمسة للفكرة؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: بلى..
لكن اجابتها تلك اشعرت مازن بأن هناك ما يراود ذهنها.. وتركها تستقر على المقعد المجاور لمقعد السائق.. ليغلق الباب خلفها..ويضع مقعدها المتحرك في صندوق السيارة.. ومن ثم يقول وهو يستقر على مقعد السائق بدوره وينطلق بالسيارة: لم اشعر بأنك لا تريدين الذهاب معي الى المطعم؟..
وضعت ملاك يدها على صدرها وتنهدت قائلة: ليس الامر هكذا..
تطلع لها بطرف عينه وقال: اذا؟..
قالت ملاك بقلق وتوتر: قلبي يخفق بقوة.. اشعر بأن امر ما قد حدث .. وكنت اريد رؤية ابي لهذا السبب..
ابتسم لها مازن مطمئنا وقال وهو يمسك بكفها ويضغط عليها بحنان: ذلك لأنك كنت معه في مبنى واحد.. ولهذا شعرت بهذا الاحساس.. ثم الم تكوني معه بالامس وكان بخير؟ .. فما الذي سيحدث له اليوم؟..
هزت ملاك رأسها وقالت: لست اعلم..
قال مازن مبتسما: سأخذك اليه غدا .. اعدك.. لكن لا تتضايقي هكذا..هيا ابتسمي..
لم تبتسم ملاك او حتى تعلق على ما قاله.. واكتفت بأن تغمض عينيها.. وذهنها مشغول البال بوالدها.. وبما قد يكون قد حدث له ويسبب لها كل هذا التوتر.. كان من الافضل لها ان تقنع مازن بأن تذهب اليه.. او حتى تذهب اليه بمفردها لو تطلب الامر.. لكن سبق السيف العزل الآن..
ولم تشعر الا بكف مازن التي ربتت على كتفها وقال بهدوء: لقد وصلنا..
فتحت عينيها لتتطلع الى ذلك البناء الراقي والفاخر.. الذي صمم بتصميم يوناني .. وقد ملأته التماثيل الاغريقية.. اعطى ملاك انطباعا انها تعيش بين ارجاء اسطورة اغريقية ما.. وهي ترى تمثالين للطائر الاغريقي الاسطوري (الرخ)..تحتل المدخل وتصنع شكلا اشبه بالبوابة..
وساعدها مازن لتغادر السيارة.. وارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك عبرت عن اعجابها بالمكان وهي ترى التصاميم الاغريقية تملأ ارجاء المطعم.. وتلك النافورة التي تضفي روعة على حديقة المطعم الصغيرة..
وسمعت مازن يتحدث الى النادل عندما دلفا الى الداخل ويطلب منه ان يرشده الى الطاولة التي قد قام بحجزها بالامس.. فطلب منه النادل ان يتبعه الى ان فتح باباً يطل على غرفة صغيرة تتوسطها طاولة واربع مقاعد..ولم تخفي اللمسات اليونانية على ملاك التي ملأت ارجاء تلك الغرفة ايضا..
واخيرا قام النادل بوضع قوائم الطعام على الطاولة ومن ثم قال قبل ان ينصرف: اتأمر بأي خدمة أخرى يا سيد؟..
هز مازن رأسه نفيا.. وقال: لا..شكرا..
انصرف بعدها النادل.. فاغلق مازن الباب وقال وهو يتقدم لملاك بابتسامة: إلام تنظرين؟..
كان هناك نافذة تطل على النافورة المائية الموجودة بالحديقة.. فالتفتت ملاك له وقالت وهي تتطلع عبر النافذة: كما ترى..
قال مازن مبتسما وهو يجذب لها مقعدا لتجلس عليه: أأعجبتك الى هذه الدرجة؟..
اومأت ملاك برأسها وقالت بابتسامة وهي ترفع ثقل جسدها وتجلس على المقعد: وخصوصا التصاميم اليونانية..
ابتسم مازن بدوره وقال وهو يحتل المقعد المواجه لملاك: اذا استطيع القول الآن اني قد وفقت في اختيار المطعم..
قالت مبتسمة: نوعا ما..فكثيرا ما تمنيت رؤية التصاميم الاغريقية التي اقرأ عنها في الكتب والروايات..
وضع مازن كفه اسفل ذقنه وقال : سآخذك الى اليونان يوما لتري الشكل الاصلي لها..
ضحكت ملاك ضحكة قصيرة وقالت: حقا؟.. ومتى سيكون هذا؟..
رفع مازن حاجبيه وقال باستنكار بسيط: اتحسبينني امزح؟ .. لا ابدا.. وسترين انك ستذهبين معي الى هناك يوما..
قالت ملاك مجارية لما يقول بابتسامة: حسنا..
قال مازن وانامله تتسلل لتحتضن كف ملاك: وفي شهر العسل ان اردت..
ارتجفت اطراف ملاك كلها.. لا تعرف لم؟.. اللمسة مازن؟.. ام لذكرى شهر العسل؟.. ام للأثنين؟.. ووجدت نفسها تتطرق برأسها في خجل وتقول متهربة من الموضوع: بصراحة لست اعرف ماذا اطلب من الاطعمة الموجودة في القائمة.. اطلب لي انت..
اومأ مازن برأسه.. ولم تمض لحظات حتى كان النادل قد طرق باب الغرفة.. فحرر مازن كف ملاك من بين انامله.. وطلب من النادل الدخول.. ومن ثم اخبره بطلبهم من طعام وشراب.. فمازن قد اعتاد زيارة هذا المطعم لسنوات عدة .. ويعرف افضل الوجبات لديه..
اما ملاك فقد شردت في التأمل من النافذة.. ولم يرد لها مازن ان تستيقظ من شرودها هذا.. فقد سمح له بأن يتطلع اليها بحرية مطلقة .. ويدقق في كل تفصيلة من تفاصيل وجهها.. وكل سكنة من سكناتها.. وهي تبدوا اشبه بالاطفال بنظراتها البريئة تلك.. وفي غاية الجمال والروعة بمنظرها الرقيق ..
واستغل مازن الموقف.. فأخرج هاتفه المحمول المزود بـ(كاميرا) .. والتقط لها صورة على حين غفلة منها وهي في وضعها ذاك.. وما ان فعل حتى التفتت له ملاك بحدة وشهقت قائلة: ماذا فعلت؟..
ابتسم مازن ابتسامة واسعة وهو يتطلع الى الصورة ومن ثم لم يلبث ان غمز بعينه قائلا: لا شيء.. فقط التقط لك صورة..
مدت ملاك ذراعها قدر الامكان لتتمكن من الوصول الى الهاتف قائلة: اعطني اياه.. سأمسحها..
قال مازن بسخرية وهو يضع الهاتف في جيبه: في احلامك فقط..
قالت ملاك برجاء وهي لا تزال مادة ذراعها له: ارجوك.. اعطني اياه.. لا احب ان تؤخذ لي الصور دون ان اعلم..
قال مازن وهو يبتسم لها ابتسامة جذابة: لا تقلقي بدوت رائعة فيها.. ثم هل تبخلين علي ان احتفظ بصورة لك؟..
توردت وجنتي ملاك وقالت بحرج وتوتر: ليس الامر هكذا.. ولكن اعلم ان الصورة التي التقطتها لي لم تكن جيدة..
قال مازن وهويمسك بكفها بحنان ويبتسم بعذوبة: لا شأن لك انت.. انا من سيحتفظ بها لا انت..
شعرت ملاك بالخجل والارتباك.. ولم تجد بدا من الاستسلام لما حدث.. وقالت بصوت غلفه بعض المرح بعد برهة من الوقت: لكن سترى.. سالتقط لك صورة على حين غفلة منك..
ضحك مازن بمرح وقال: ومن قال اني هذا سيغضبني؟.. او اني سأمانع لو فعلت..على العكس سيسعدني هذا.. لانك تريدين الاحتفاظ بصورة لي.. ولن اقول مثلك.. (سأمسحها.. لانها لم تكن جيدة)..
قالت ملاك وخجلها يتفاقم: مازن .. ارجوك.. لاجلي امسحها..
قال مازن وهو يتطلع اليها وابتسامة تعلو شفتيه: لاجلك افعل أي شيء.. الا ما لا اريده انا..
ارتفع حاجبا ملاك باستنكار وهمت بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع رنين هاتف مازن في تلك اللحظة..ورأت مازن يخرجه من جيبه ويتطلع الى شاشته ومن ثم يزفر بضيق.. فقالت ملاك وقد استغربت هذا الضيق الذي بدد ملامح السعادة التي كانت تعلو وجهه منذ لحظة: من المتصل؟..
قال مازن بصدق وبصراحة : ندى..
ودق ناقوس الخطر في قلب ملاك مع كلمته.. وهو ينبئها ان هذا الاتصال قد يتسبب في العودة الى نقطة الصفر.. لو كان مازن قد خدعها كل ذلك الوقت.. وان علاقاته مع مختلف الفتيات لم تنتهي بعد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تشعر بصوت دق متواصل يسبب الصداع لرأسها.. ويجعلها تحاول فتح عينيها لتعرف مصدر هذا الدق.. وتوهمت سماع صوت يهتف باسمها.. لكنها لم تأبه.. بل تلفتت حولها لتجد نفسها نائمة على الارض.. منذ متى ؟..لا تعلم.. والى متى؟..ايضا لا تعلم؟..كل ما كان يهمها ان يكون ما يحدث لها الآن هو مجرد كابوس وقد افاقت منه اخيرا..
ونهضت من مكانها ببطئ لتتوجه الى دورة المياه.. لعلها تسترد شيئا من نشاطها وراحتها لو غسلت آثار الحزن والدموع من على وجهها..وغابت فيها لبضع دقائق قبل ان تخرج منها وتسمع صوت الدق لا يزال متواصلا.. ولتكتشف انه ليس الا صوت طرقات على باب غرفتها.. وتنهدت بحرارة وهي تسمع من خلفه صوت شقيقها كمال وهو يهتف بها: مها افتحي الباب.. الا تزالين نائمة حتى الآن ام ماذا؟.. انها الرابعة عصرا..
ابتسمت مها باستخفاف ومرارة.. الرابعة او حتى العاشرة .. فما الفارق بينهما؟.. لاشيء سوى ان موعد اعدامها قد اقترب ..وسارت بخطوات بطيئة باتجاه الباب.. يسبقها اليه صوت انفاسها المتعبة.. وفتحته وهي تقول ببرود: ماذا؟..
تطلع كمال الى عينيها الحمراوين من كثرة البكاء.. والى شعرها المسرح باهمال شديد.. والى ملامح وجهها التي طغت عليها المرارة.. وشعر ان مها تعاني من حزن شديد اما بسبب رفض والدها لحسام.. او لسبب آخر..
وتحدث قائلا بتساؤل: لقد قلقت عليك .. فلم تأتي لتناول طعام الغداء معنا كعادتك.. اخبريني ماذا هناك؟.. ولم كل هذا الحزن الذي اراه على وجهك؟..
هزت مها كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: لا شيء ابدا.. فقط كنت متعبة بعض الشيء..
تطلع اليها كمال بنظرات متفحصة ومن ثم قال: والدي.. ماذا قال لك بالامس؟..
شعرت ببعض الارتباك من سؤاله المفاجئ ومن ثم قالت مصطنعة عدم الفهم: متى؟..
لاحظ كمال ارتباكها الشديد وقال متسائلا بحزم وهو يكرر سؤاله: ماذا قال لك بعد ان خرجت انا من غرفة المكتب؟..
تحاشت مها النظر اليه.. وكأن نظراته ستتولى بكشف كذبها.. وقالت بكلمات مبعثرة: لم يقل.. شيئا مهما.. سأل عن احوالي.. وعن.. وعن...
وتوقفت الكلمات على طرف لسانها دون ان تجرأ على مواصلة الكذب .. فقال كمال وهو يتطلع اليها بجدية ونظرات ثاقبة: وايضا عن ماذا؟.. تحدثي يا مها بصدق.. فالحزن الذي يغطي وجهك لا يعجبني..
تطلعت له مهابتردد.. بقلق.. اوتجرأ على البوح بالحقيقة لكمال؟.. ربما حينها سيعارضها وسيرفض ما قد تفعله.. وسيقول كما قال حسام .. ان لا تضحي بسعادتها ونفسها من اجلهم..وانهم سيقبلون بأي شيء حتى لا يكون هذا على حساب نفسها وسعادتها.. ولكن هي لن تقبل.. لن تقبل ان تسبب لهم مثل هذه التعاسة.. لا تقبل ان ترى نظرة انكسار في عيني والدها.. او نظرة الم في عيني اشقاءها.. لا تريد ان تكون سببا في ذلك..
ورفعت رأسها لتقول بحزم زائف: ابدا لا شيء.. كما اخبرتك .. سأل عن احوالي فقط..
لم يقتنع كمال بأي حرف مما نطقته وقال بتشكك ونظراته تحاول سبر اغوارها: أأنت واثقة؟..
اومأت برأسهابثقة على عكس اعماقها التي كانت متوترة ومهزوزة..فالقى عليها كمال نظرة اخيرة قبل ان يقول: على اية حال .. انا في غرفتي ان اردت قول أي شيءلي..
عادت لتومئ برأسها .. ولكن هذه المرة بألم واضح.. لم ينتبه كمال له الذي ابتعد عن غرفتها ومضى في طريقه.. والتقطت هي نفسا عميقا علها تطفئ النار التي بصدرها..وابتسمت بسخرية مريرة قبل ان تقول كمن يحادث نفسه: علي ان افعلها الآن .. اليس كذلك؟.. لن يختلف الامر كثيرا.. سواء اليوم او الغد.. ففي الحالتين مصيري هو الموت..
وخرجت مغادرة غرفتها وشاهدت في طريقها احدى الخادمات .. سالتها عن والدها.. فقالت لها انه في غرفته ..فتقدمت من تلك الغرفة بخطوات مترددة.. خائفة ومتوترة.. فخطواتها هذه ستحدد مصير حياتها ومستقبلها..
كانت مع كل خطوة تتقدم بها الى الغرفة.. تتوقف لتلتقط نفسا عميقا او لتزدرد لعابها.. لعل توترها يتلاشى.. وتُصمت صوت القلب الذي ما فتأ يذكرها بحسام وحبها له..ووصلت اخيرا الى حيث ذلك الباب .. باب غرفة والدها..الذي تمنت ان تكون مثله.. شيئا جامدا بلا مشاعر او روح او قلب ..وباصابع مترددة ومرتجفة طرقته..طرقات خافتة ولكنها واضحة ايضا.. ووصلت تلك الطرقات الى مسامع والدها الذي قال: تفضل..
دخلت ونبضات قلبها ترتفع مع كل خطوة تخطوها.. ورددت بينها وبين نفسها : (اهدئي يا مها.. اليس هذا هو القرار الذي اتخذته بعد طول تفكير؟.. اهدئي وفكري في عائلتك.. دعي عنك الانانية والتفكير بسعادتك دائما.. فلتعيشي لغيرك .. العالم ليس هو انت فقط.. بل لديك عائلة تستحق التفكير في مصيرها)..
رأت والدها منشغل بمحادثة هاتفية.. وتطلع اليها بنظراته متسائلا.. ومن ثم لم يلبث ان واصل مكالمته عندما رآها تجلس على احد المقاعد..في حين كانت مها تتطلع الى كفيها وكأنها تطلب منهاالمساندة.. تطلب منها القوة والدعم..وسرعان ما انهى والدها مكالمته.. ليقترب منها ويقول بتساؤل: ماذا هناك يا مها؟..
رفعت مها عينيها اليه ببطء .. لا شيء سوى انني سأقتل نفسي يا والدي.. وقالت بصوت خافت: جئت اخبرك بقراري..
قال والدها بقلق: اخبريني اولا.. ما بالك شاحبة هكذا؟..
تطلعت الى والدها بنظرات حزن وتحمل شيئا من العتاب.. وتسال ايضا يا والدي؟..ماذا تعتقد ان يكون السبب وانت تسلمني للموت بيديك؟..وقالت بصوت خافت وهي تتطلع الى كفيها: لا شيء.. لكني لم انم جيدا الليلة الماضية..
- ولم؟..
التفتت له مها في هذه اللحظة والتقطت نفسا عميقا الى اشبعت به رئتيها ..ومن ثم قالت وهي تستجمع كل مالديها من شجاعة: لاني كنت افكر في موضوع زواجي من... ابن اخيك..
مجرد ذكر اسمه يا مها.. يولد في قلبك كل هذا الضيق و الكره والبغض له.. فكيف بزواجك منه؟.. فتطلع لها والدها بحيرة ومن ثم قال: خذي وقتك يا مها.. فكري جيدا قبل ان تمنحيني جوا....
قاطعته مها قائلة وهي تشد من قبضتها: لكني اتخذت قراري بعد تفكير طويل..
وضع كفه على كتفها وقال ببعض التردد وكأنه يخشى من قرارها هذا الذي سيكون متعلقا بمصيره ومصير امواله وشركاته: وما هو قرارك الاخير؟..
اغمضت عينيها بقوة.. لعلها تبعد كل شيء عن ذهنها.. وتنسى ما تشعر به لوقت قصير..ولعلها تجد ان كل ما يمر امامها الآن ليس سوى كابوس وستستيقظ منه.. وفتحت عينيها ببطء شديد.. وتوقفت الكلمات في حلقها دون ان تجرأ على عبوره.. وحاولت النطق بأي حرف وهي تلتفت الى والدها وترى نظراته اليها.. وقال والدها في تلك اللحظة مكررا سؤاله: ما هو قرارك الاخير يا مها؟.. هل قبلت بأحمد ام لا؟..
اعاد عليها ذكراه كل ما عانته بسببه.. المشكلة التي احدثها احمد عمدا ليفرق بينها وبين حسام.. والآلام الذي جعلها تعانيها كل تلك الفترة.. وها هو ذا يفرق بينهما مرة اخرى ولكن بطريقة اشد قساوة وفظاعة..
وفغرت فاهها عسى الكلمات تخرج من حلقها.. وقالت اخيرا بكلمات مختنقة: انا .. انا...
وأخذت صوت انفاسها تتسارع وهي تهتف بألم وبكل ما تملك من قوة قبل ان تخونها شجاعتها: انا .. موافـ..قة يا والدي ..موافقة..
"مشاكل الآباء يدفع ثمنها الابناء".. ومها هي خير دليل على هذه المقولة.. التي ضحت بنفسها من اجل والدها ..ومن اجل مشاكله المستمرة مع عادل وفؤاد.. وقررت ان تنهي سعادتها بيديها لأجل ان تسعد اسرتها.. قررت ان تدفع ثمن هذه المشكلة .. وكان الثمن غاليا.. غاليا جدا....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هل نستطيع القول ان نظرات ملاك لمازن في تلك اللحظة كانت غضب؟.. ام لوم وخيبة امل؟.. ام حزن على حالها؟.. ام مزيج من كل هذا؟.. وهي تستمع من مازن ان المتصلة ندى ابنة عمه.. ومنافستها الاولى عليه.. والتي تطمح ان يكون مازن لها هي .. لا ملاك..
ورفع مازن حاجبيه وهو يرى نظرات ملاك اليه والتي استطاع ان يفسر منها عدم الثقة والشك.. فقال بسرعة: رويدك.. لا تتطلعي الي هكذا.. لو كنت احادث ندى الى الآن لتظاهرت اني احادث صديقا.. ولم اتعب نفسي باخبارك انها ندى من تتصل منتظرا ردة فعلك..
قالت ملاك بشك: وكيف عرفت انه رقمها اذا مادمت قد مسحت اسمها من هاتفك؟..
تطلع اليها مازن وقال بابتسامة ساخرة لا تتناسب مع الموقف: اهذا ما يهمك؟.. حسنا اذا.. انها ابنة عمي ومن الطبيعي اني أحفظ رقمها او على الاقل اعرفه ..
قالت ملاك وهي تواصل تساؤلاتها التي كان منبعها الشك: وكيف حصلت على رقم هاتفك؟..
وضع مازن هاتفه على الطاولة بينه وبين ملاك ومن ثم هز كتفيه قائلا: لست اعلم.. ربما من مها ..او من احمد او من والدها..
واردف وهو يلقي نظرة سريعة على الهاتف: وها هو ذا الهاتف امامك.. ولن اجيبه.. افعلي انت ما تريدين به لكن توقفي عن النظر الي بهذه الطريقة..
صمتت ملاك ولم تنبس ببنت شفة وهي ترى الهاتف الذي يتوقف رنينه للحظات ومن ثم يعاود الرنين لدقائق.. حتى ان النادل كان قد احضر الوجبات التي قام مازن بطلبها وغادر.. والهاتف لا يزال على وضعه.. وتحولت نظرات ملاك الى القلق لتقول بصوت خافت: ربما كانت تريد شيئا مهما..
مط مازن شفتيه بضيق وقال: لا اظن..
والتقط العصير ليرتشف منه بعض رشفات لكن الهاتف عاود الرنين من جديد فقالت ملاك وهي تتطلع الى مازن: اجب عليها.. لو لم تكن تريد شيئا مهما لما اتصلت لأكثر من سبع مرات..
تطلع لها مازن باستغراب ومن ثم قال: انت تقولين هذا يا ملاك.. تريديني ان اجيب على ندى بعد كل ما فعلته بك.. وبعد كل الكلمات الجارحة التي كانت تلقيها على مسامعك..
تنهدت ملاك ومن ثم ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها وقالت: اهم شيء هو ان يكونوا جميعا بخير.. وان لا يكون اتصالها بسبب مكروه قد حصل لعائلتها – لاقدر الله-..
منحها مازن ابتسامة.. تعبر عن امتنانه لقلبها الكبير.. فندى التي كانت تتلذذ بجرح ملاك وتفرح عندما تراها غارقة في احزانها.. ملاك اليوم تقلق عليها وعلى عائلتها.. حقا الكلمات تعجز عن وصف قلبك الكبير هذا يا ملاك..
واكتفى بأن التقط الهاتف واجابه قائلا بضيق: نعم..
جاءه صوت ندى كما اعتاده يمتلأ رقة ودلالا.. وكأنها تتعمد اظهار كل هذه الرقة امام مازن فحسب.. وهي تقول: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال مازن ببرود وهو يشغل نفسه بالتطلع الى قائمة الطعام الخاصة بالمطعم: بخير.. اخبريني ما الامر؟..
عقدت ندى حاجبيها بغضب في تلك اللحظة .. مازن لم يعتد التحدث اليها بهذه الطريقة الا بعد عقد قرانه على ملاك..حسنا يا ملاك.. فلتستمتعي به الآن.. لكن سيكون لي انا وحدي في النهاية.. وقالت مصطنعة المرح: رأيتك لا تسأل عني.. قلت اسأل انا عنك.. وخصوصا وانك لم تعد تأتي الى النادي يوميا كالسابق .. كما انك قد غيرت رقمك بدون ان تخبرني..
قال مازن بابتسامة هادئة: شكرا على اهتمامك.. هل من امر آخر؟..
شعرت ندى انه يفكر في انهاء المكالمة سريعا.. ربما لانه يجالس ملاك.. بالتأكيد هو كذلك والا لما تعمد عدم الرد عليها عندما اتصلت به في المرات السابقة.. ولكن لن ادعك تهنئين به طويلا يا ايتها العاجزة.. فقط انتظري..
وابتسمت ندى بخبث قائلة: اخبرني اولا لم غيرت رقم هاتفك؟ ..
زفر مازن بحدة وقال متحدثا الى نفسه: (وما شأنك انت؟)..
لكنه تمالك اعصابه حتى لا تفلت هذه العبارة من بين شفتيه وقال ببرود: هناك بعض الاشخاص الذين ازعجوني باتصالاتهم المتكررة والتافهة .. فقررت تغيير رقم هاتفي للتخلص منهم..
قالت ندى بمكر وهي تتطلع الى اناملها بدلال: هكذا اذا..
لمح مازن في تلك اللحظة علامات الضيق بدأت ترسم خطوطها الاولى على ملامح ملاك.. فقال متسائلا في سرعة: اهناك أي شيء آخر يا ندى؟..
- اجل.. متى ستأتي الى النادي؟..
- لست اعلم.. عندما اجد الوقت الكافي لذلك..
قالت ندى متعمدة: اظن انك فعلا مشغول هذه الايام كثيرا فلم نعد نراك ابدا.. يا ترى ما الذي يشغلك عنا الى هذا الحد؟..
قال مازن ببرود: ظروف..
واردف قائلا: مضطر لأن انهي المكالمة الآن يا ندى.. الى اللقاء..
وانهى المكالمة دون ان يمنح ندى فرصة للحديث قائلا: هاقد تحدثت اليها بطلب منك.. فلا داعي لكل هذا الضيق..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: واتظن ان من السهل ان تتحدث الى فتاة امامي ولا اتضايق؟..
قال مازن باستغراب: الم يكن هذا مطلبك انت؟..
تنهدت ملاك ولم تجب وبدأت بشرب كأس العصير المجاور لها .. ومازن الذي آثر الصمت للحظات ومن ثم قال وهو يتطلع لها: اانت متضايقة حقا مما حدث؟..
رسمت ملاك ابتسامة على شفتيها وقالت: لا.. دعك مني وتناول طعامك..
بادلها مازن الابتسامة.. وشرع في تناول طعامه.. قبل ان يسمع بغتة صوت مألوف لديه.. ورفع راسه باستغراب.. ليعرف ان ذلك الصوت لم يكن سوى صوت التقاط صورة له بهاتف ملاك.. التي كانت تضحك بمرح وهي تقول: لست انت الوحيد الذي بامكانه التقاط الصور على حين غرة..
تطلع لها مازن بدهشة وقال: االتقطِ لي صورة وانا اتناول الطعام حقا؟..
ضحكت ملاك وقالت وهي تسرع بوضع هاتفها في حقيبتها: اجل..الم تقل ان هذا سيفرحك؟..
قال مازن بضيق: لكن ..ليس وانا اتناول الطعام..اعطني الهاتف الآن..
قالت ملاك مقلدة لاسلوبه: في احلامك فقط..
قال مازن بسخرية: عليك اطاعة زوجك يا فتاة.. اعطني الهاتف الآن..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت بعناد: لن تحلم بمسح الصورة .. فمادمت ترفض مسح صورتي من هاتفك..فأنا الأخرى لن امسح صورتك..
قال مازن بضجر: سأمسح صورتك.. فقط اعطني هاتفك..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه باستنكار: اتظن اني طفلة لتخدعني بما قلته؟..
نهض مازن من مجلسه وقال بسخرية: لا تجبريني على القدوم اليك واخذ الهاتف منك بالقوة..
قالت ملاك بتحدي: لا تستطيع..
- فليكن .. سنرى من هذا الذي لا يستطيع..
وتقدم من مقعدها .. في حين اسرعت هي باخفاء حقيبتها خلفها.. فقال مازن وهو يمد يده: هاتِ الحقيبة الآن..
ابتعدت ملاك عنه اكثر وقالت وهي تهز رأسها نفيا باصرار: لا..
تقدم منها مازن اكثر وقال : سآخذها بالقوة يا ملاك.. لا اريد ان اؤلمك..
قالت ملاك بابتسامة:لن يمكنك ذلك..
كان مازن يميل نحوها محاولا اختطاف الحقيبة من خلفها وهي تتراجع في الاتجاه الايمن.. ومازن لا يزال يحاول ان يمسك به من خلف ظهرها.. ودون ان تشعر ملاك.. وجدت مازن يميل نحوها في شدة وسرعة ليختطف الحقيبة..وشهقت هي وهي تتراجع بفوة للاتجاه الايمن للمقعد.. ولم تشعر بنفسها الا وهي تهوي من عليه وتقع ارضا...
وخفق قلب مازن بخوف وتبخر أي شيء آخر من عقله.. وتقدم من ملاك وقال بخوف ممزوج بالتوتر والقلق: ااصبت بأي مكروه؟ .. اتريدي ان آخذك الى المشفى؟..
اصدرت ملاك انات من بين شفتيها كان سببها آلام ظهرها التي اشتدت عليها بعد سقوطها هذا.. واغمضت عينيها بقوة لعلها تحتمل الالم قليلا.. ومن ثم قالت وهي تفتحهما وتلتفت الى مازن: انا بخير.. اعدني فقط الى المقعد..
قال مازن وهو يمسك بكفها بحنان وقلق: اانت متأكدة ؟..
اومأت برأسها..فتقدم منها مازن ليحملها بين ذراعيه ويساعدها على العودة الى مقعدها من جديد.. ويقول وهو يعود ادراجه الى مقعده ليجلس عليه هو الآخر: ان اردت المغادرة وشعرت بأي الم..فقط اخبريني..
اومأت ملاك برأسها وعلى شفتيها شبه ابتسامة.. صحيح انها قد تألمت من وقوعها ارضا.. لكنها عوضت بالمقابل على شيئين .. الشيء الاول هو رؤية الخوف الصادق في عيني مازن تجاهها .. والحنان الذي يغدقها به..والشيء الآخر هو صورة مازن والذي نسي امرها تماما من خوفه عليها.. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
فتح عينيه وهو يشعر انه افاق من حلم طويل.. كم من الوقت قد استغرق في النوم؟.. لا يعلم.. يرى ان الوقت نهار لكن ما هو تاريخ اليوم؟.. يشعر ان انامله تصلبت.. واطرافه قد تجمدت.. تلفت حوله لعله يجد أي شي يدله على الوقت.. لكنه لم يعثر على أي شيء سوى الاجهزة المتصلة بجسده..
وشعر بغتة بصوت الباب وهو يفتح وتدخل منه ممرضة.. وتقترب منه.. لكنها تفاجأت عندما رأته قد فتح عينيه .. وقالت بابتسامة هادئة: واخيرا استيقظت..
قال خالد متسائلا: منذ متى وانا هنا؟..
قالت الممرضة بهدوء وهي تراقب الاجهزة..وتعدل من وضع بعض الانابيب المتصلة بجسده: منذ شهر تقريبا.. ولم تستيقظ من غيبوبتك الا بالامس..
قال خادل وهو يفتح عينيه على آخرهما بصدمة: شهر كامل؟! ..وابنتي ملاك.. ماذا حل بها؟..
هزت الممرضة رأسها بمعنى انها لا تعرف.. فقال خالد متسائلا وهو يلتفت لها: الم تكن تأتي لزيارتي؟.. الم تريها؟..
التفتت له الممرضة متسائلة: وكيف هو شكل ابنتك؟..
قال خالد بابتسامة : شعرها اسود وينسدل على كتفيها .. بيضاء البشرة وبريئة الملامح..و...
قاطعته الممرضة قائلة: اتعني تلك الفتاة التي تجلس على مقعد متحرك.. وتزورك يوميا تقريبا مع شاب؟..
عقد خالد حاجبيه وقال وهو يحاول الجلوس: مع شاب؟؟..
اسرعت الممرضة ترفع له السرير قليلا بجهاز التحكم وتقول محاولة التذكر: اجل مع شاب طويل القامة.. ذا شعر اسود ..ووسيم الملامح.. ويتمتع بسمرة خفيفة..
ازداد انعقاد حاجبي خالد وقال: مع مازن ام كمال؟؟..
- لست اعرف اسمه.. ولكن احيانا كنت اراها تأتي بصحبة فتاة ايضا..
قال خالد بابتسامة باهتة: حسنا.. اشكرك..
قالت الممرضة بهدوء: العفو..
وكادت ان تغادر لولا انه استوقفها قائلا: متى سأخرج من هنا؟..
التفتت له الممرضة وقالت بابتسامة: ليس قبل ان نجري لك بعض الفحوصات.. وبعد ان تستعيد اعضائك نشاطها.. فالفترة التي قضيتها في الغيبوبة لم تكن قصيرة..
اومأ خالد برأسه بتفهم.. فغادرت الممرضة المكان..في حين تطلع خالد الى الفراغ .. ورأسه يمتلأ بتساؤلات عدة.. محورها ابنته ملاك.. وقال وهو يتنهد بصوت عالي: ترى ما الذي حدث لك يا ملاكي؟..هل تألمت في فترة غيابي عنك؟.. هل عشت حياة هادئة ؟.. ام كنت مطمع لفؤاد وعادل؟.. هل كنت سعيدة ام ان الحزن لم يفارق عينيك؟..هل قام امجد بحمايتك ام انه اختبئ كعادته وتركك في وجه المدفع تواجهين العالم الذي لا تعرفين عنه شيئا وحدك؟.. ومازن الذي طلبت منه حمايتك.. هل سيخذلني ام انه سيحميك من شرور اعمامه حقا؟..
واستند برأسه الى الوسادة قائلا: يا الهي .. لست اعلم ماذا حل بك وانا فاقد للوعي كل هذا الوقت؟.. كل ما اتمناه هو ان تكوني بخير يا صغيرتي.. وان تكوني تشعرين بالسعادة في منزل عمك..
واغمض عينيه وهو يتمنى حضور ملاك له في اية لحظة حتى يطمأن عليها ويعرف بكل ما حدث لها في فترة غيابه..
لكن.. كيف ستكون ردة فعله ان علم بزواج ابنته الوحيدة من مازن بدون ان يكون له علم بذلك؟.. وهل سيقبل هذا الزواج الذي حدث لظروف قاهرة؟.. ام سيسعى لانفصال ابنته عن مازن الذي تحبه بكيانها ومشاعرها كلها .. والذي لا يجده خالد جديرا بها ابدا؟؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 0 والزوار 18)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:34 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0