عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2012, 07:52 AM   #44 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5053 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



الجزء الرابع والثلاثون
"ذنب لم ترتكبه"

(والدي.. لقد تأخرنا كثيرا.. اسرع من فضلك)
قالها حسام وهو يهتف بصوت عالي بعض الشيء و يقف عند اسفل الدرج.. مناديا والده من الطابق الاعلى..فابتسمت والدته التي خرجت من المطبخ.. واقتربت منه لتقول: رويدك يا حسام.. لن تهرب مها ..
التفت حسام الى والدته وقال بكلمات سريعة: لكننا قد تأخرنا على موعدنا عشر دقائق..
ابتسمت والدته بحنان ووضعت كفها على كتفه لتقول: لقد انتظرت هذا اليوم طويلا يا حسام..اليوم الذي اراك فيه عريسا .. ولقد تمنيت ان تكون زوجتك افضل الفتيات.. واني سعيدة لانك اخترت مها.. فمها هي ابنتي وانا من قمت بتربيتها بعد ان تركت والدتها المنزل.. ومنذ ان كنتما طفلين .. واراكما تلاعبان سويا.. حتى تمنيت ان تكون مها من نصيبك.. وحمدلله الذي حقق لي هذه الامنية ..
التقط حسام كف امه ليقبلها بكل حب ومن ثم يقول لها: والعقبى لأن تري مها بفستان الزفاف.. تقف بجوار ابنك الوسيم..
ابتسمت له والدته وقالت : ولا تنسى ان مها هي ابنتي.. وان عقابك سيكون عسيرا لو ضايقتها بكلمة..
قال حسام بمرح: منذ الآن تهدديني من اجل مها يا امي..
قالت والدته وهي تتطلع اليه: باذن الله ستكون من نصيبك يا بني ويوفقك معها في حياتكما..
سمعا في تلك اللحظة صوت والد حسام يقول وهو يهبط من اعلى الدرج: علمي ابنك عدم الاستعجال.. لقدازعجني بنداءاته ..
قال حسام وهو يلتفت الى والده بمرح: وكأنك انت العريس يا والدي.. ساعة لكي تجهز..
رمقه والده بنظرة باردة ومن ثم قال: يبدوا واني سأتراجع عن قراري بخطبة مها لك..
اسرع حسام يقول ليحسن موقفه: تبدوا انيقا جدا يا والدي اليوم .. بالتأكيد ستخطف مني الاضواء..
قال والده بابتسامة وهو يدفعه بخفة: سر امامي.. وكفاك مجاملة من اجل مها..
قال حسام مبتسما: مها تستحق ان افعل أي شيء من اجلها..
قالت والدته وهي تراقبه بعينيها ينصرف مع والده: فليجعل الله تعالى مها من نصيبك يا بني.. ويرسم لك السعادة في حياتك دائما..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
وضعت مها اللمسات الاخيرة من زينتها .. وتطلعت الى نفسها للمرة المائة وهي تتأكد من فستانها واناقتها.. تصفيفة شعرهاوزينتها .. تريد ان تكون في ابهى حلة واجمل فتاة في عيني حسام هذا اليوم..
كانت ترتدي فستانا يجمع بين زرقة السماء وبياض الغيوم بدرجات بسيطة.. جعلت مها تبدوا في منتهى الرقة والنعومة.. وزينت اذنيها بحلق فيروزي ورقبتها بقلادة تحمل احجار فيروزية كذلك.. اما شعرها فقد رفعته بأكمله بتصفيفة شعر زادتها جمالا..
وشعرت بخفقات قلبها المتوترة.. اليوم هو يوم مهم في حياة أي فتاة.. لكنها ليست أي فتاة.. اليوم سيتحدد مصيرها وسترتبط بالانسان الذي تحب..وتسارعت تلك الخفقات وهي تتخيل اصبعها يحمل خاتم خطوبة حفر عليه اسم حسام..
ومن ثم تتخيل نفسها ترتدي فستان الزفاف الابيض وتقف الى جواره في حفل الزفاف..والابتسامة تعتلي شفتيها.. وحسام الذي يقف الى جوارها يبتسم لها بكل حنان وحب.. ويلتقط كفها ليحتضنها بين كفيه بحب و.. .
(مها.. ايتها البلهاء.. لم لا تجيبين؟..)
انتفضت وهي تستيقظ من افكارها على صوت مازن الذي جاءها من عند الباب.. وقالت وهي تضع كفها عند خصرها بكل حنق: لم تصرخ هكذا؟..
قال مازن وهو يدلف الى الغرفة: وانت لم لا تجيبين؟.. لقد طرقت الباب لعشر مرات..
قالت مها وهي بضيق: لم اسمع..
دفع مازن جبينها باصبعه وقال بابتسامة خبث: دعي عقلك في رأسك قليلا.. بدلا من ان يغادر مع حسام دائما..
توترت مها.. لكنها قالت محاولة اخفاء توترها: ماذا تريد الآن؟..
قال مازن مبتسما: اريد ان اخبرك.. بأن الشخص الذي غادر اليه عقلك ليس بعيدا.. فهو ينتظرك بالاسفل.. وفي غرفة الجلوس تحديدا..
شهقت مها وقالت: حسام هنا؟.. لم اجهز بعد..
قال مازن وهو يتطلع اليها: كل هذا ولم تجهزي بعد.. ماذا تريدين ان تفعلي بنفسك ايضا؟..
قالت مها في سرعة وهي تتطلع الى وجهها في المرآة باهتمام: لا شأن لك.. غادر ودعني اكمل ما بدأته..
لم يغادر مازن بل اقترب منها اكثر وقال بصوت متردد وقلق: كيف حالها؟..
ظهرت نظرة الالم في عيني مها وقالت: نائمة والارهاق يبدوا واضحا على وجهها.. نادين معها الآن و بالكاد منحتها دواءها قبل ساعة..
قال مازن بابتسامة شاحبة: سأذهب لأطمئن عليها..
قالها وغادر الغرفة في حين قالت مها مبتسمة باشفاق: يبدوا انك لا تشعر بقيمة مالديك يا مازن.. الا اذا شعرت بخطر فقدانه يتربص حولك..
وبينما هي كذلك.. سمعت رنين هاتفها الذي جعلها تستيقظ من افكارها..لتسير الى حيث هو ومن ثم تلتقطه.. وما ان رأت اسم حسام يضيء على شاشته.. حتى قالت مجيبة بصوت متلهف: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال حسام بصوت اقرب الى الهمس: لقد حضرنا جميعا .. وانت يا حضرة الاميرة لم تغادري غرفتك حتى الآن..
قالت مها مبتسمة بدلال: وماذا افعل؟.. احاول ان ابدوا اليوم اجمل الفتيات..
قال حسام بحنان: انت جميلة في نظري وهذا كافي..
قالت مها بابتسامة: ووالدك ووالدتك؟.. الا يفترض بي ان اكون جميلة امامهم؟..
- بلى ولكننا ننتظرك هنا.. فلا تتأخري..
قالت مها بمرح: اصبر قليلا.. الا يمكنك ان تحتمل دقائق فقط حتى تراني..
قال حسام بصوت خافت ومرح: وساعات ايضا..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها: حقا؟.. اذا قلتنتظر لساعتين بالاسفل..
اسرع حسام يقول: بالتأكيد انت تتمنين رؤيتي وانا اتحرق شوقا لرؤيتك .. وعندها ساصعد الى غرفتك ولن يهمني احد ابدا..
قالت مها وهي تضحك: مع انك لن تستطيع.. ولكن ان فعلتها فلن تكون الا مجنونا في نظر الجميع..
قال حسام بحنان: ومن قال اني لست مجنونا بحبك يا حبيبتي..
صمتت مها وهي تشعر بخفقات قلبها المتسارعة.. وتوردت وجنتاها بخجل.. فقال حسام مردفا بابتسامة: هيا.. اريد ان اراك بعد دقيقة فقط معنا بغرفة الجلوس..
قالت مها وهي تبتسم بخجل: فليكن.. سأنزل الآن..
قال حسام وهو يتطلع الى ساعته بمرح: اراك بعد دقيقة من الآن الى اللقاء..
- الى اللقاء..
قالتها مها وانهت المكالمة لتتجه الى حذائها وترتديه.. قبل ان تغادر الغرفة وتهبط درجات السلم بهدوء.. وما ان وصلت الى الطابق الارضي.. حتى سقطت نظراتها على باب غرفة ملاك.. فاتجهت اليه وطرقته طرقات خافتة.. ومن ثم فتحت الباب وتقدمت من مازن الذي كان يقف بجوار المقعد الذي تجلس عليه نادين ويعقد ذراعيه امام صدره وهو يتطلع الى وجه ملاك الشاحب ويستمع الى صوت انفاسها المتعبة بكل ألم..
فقالت مها وهي تضع كفها على كتفه: كيف حالها الآن؟..
قال مازن بقلق وخوف واضح: الحرارة لا تكاد تنخفض ابدا .. اخشى ان تؤثر الحمى عليها..
قالت مها لتطمئنه: الطبيب قال انها بحاجة لان تلازم الفراش ليومين وبعدها ستتحسن حالتها..
قال مازن وهو يلتفت الى مها ويبتسم ابتسامة شاحبة: اتمنى هذا من كل قلبي..
قالت مها بابتسامة: والآن هل ستترك الضيوف وحدهم؟.. بعد ان يغادروا يمكنك ان تبقى مع ملاك بقدر ما تريد..
قال مازن وهو يتطلع اليها بخبث: لان الضيوف هم حسام ووالديه.. فلا تريدين ان تتأخري عليهم ولو لدقيقة..
قالت مها بضيق: مازن.. لا تكن سخيفا ولنذهب الـ...
قاطعها مازن قائلا وهو يلتفت عنها: اذهبي انت.. سأتبعك انا بعد قليل..
القت مها نظرة اخيرة على ملاك.. قبل ان تمضي في طريقها وتغادر الغرفة.. اما مازن فقد اقترب من فراش ملاك ووضع كفه على جبينها ومن ثم قال بقلق: حرارتها لا تنخفض ابدا.. امنحتيها الدواء قبل ساعة حقا يا نادين؟..
قالت مادين وهي تومئ برأسها وبقلق مماثل: اجل يا سيد مازن..
امسك مازن بكف ملاك وضغط عليه بحنان وقلق.. ومن ثم قال وهو يتحدث لى نادين: ربما تفيدها الكمادات الباردة..
قالت نادين وهي تنهض من مكانها: سأقوم باحضارها حالا ..
قالتها وعينا مازن تراقبها حتى غادرت الغرفة .. وهنا مسح مازن على شعر ملاك بكل حنان ومن ثم همس لها قائلا وفي عينيه نظرة تحمل حنان الدنيا بأكمله: ملاك .. عزيزتي.. انت ستفيقين.. وستكونين بخير .. اليس كذلك؟.. واعرف انك ستسامحيني وسنحيا معا في سعادة الى الابد..
انتبه مازن في تلك اللحظة الى كلمته "الى الابد".. عندما عرض عليه والده الزواج من ملاك.. رفض في شدة..وادعى انه لن يستطيع تحمل مسئوليتها وانه يريد الزواج بغيرها.. ولكنه الآن يتحمل مسئوليتها بكل ما تحتاج اليه وما لا تحتاج اليه.. وكأن ما يقوم به .. يقوم به بلا ارادة او شعور.. او ربما لهدف معين..
احتضن كفها الصغيرة بين كفيه واردف قائلا: اعلم ان قلبك الابيض الذي لم يعرف الكره في يوم.. سيسامحني .. ليعود كل شيء كما كان.. واعود لأرى في عينيك الخجل كلما التقت نظراتنا..وارى البسمة على شفاهك كلما كنا معا.. ملاك انا لم اعد استطيع رؤيتك وانت في هذه الحال.. اريدك ان تنهضي وتبتسمي بكل رقة وبراءة.. لتمنحي الدنيا معنى للخير والتفاؤل..
ورفع كفها ليقبلها ومن ثم يهمس قائلا: ستكونين بخير يا ملاكي.. انا اثق بهذا.. واشعر به..
ولم تمضي لحظات حتى كانت نادين قد دخلت الى الغرفة.. لتضع بجاور فراش ملاك.. وعاءا يمتلأ بالماء البارد.. وبجواره بضع مناديل.. فقال مازن لنادين وهو يترك كف ملاك بهدوء ويغطيه بالغطاء: اهتمي بها .. وان احتجت الى شيء فأخبريني.. سأكون في غرفة الجلوس..
اومأت نادين برأسها وهي تجلس على المقعد وتغمس احد المناديل في الماء البارد ومن ثم تضعه على جبينها.. وسمع مازن في تلك اللحظة صوت انات ملاك.. وكأنها متضايقة من هذه البرودة التي عكرت راحتها.. فرفع رأسه الى نادين قائلا: انها متضايقة..
قالت نادين بابتسامة شاحبة: اعلم.. ولكن عليها ان تحتمل حتى تشفى..فجسدها الآن في امس الحاجة للبرودة حتى تنخفض حرارته قليلا..
قال مازن وهو يشعر بغصة في حلقه لكونه السبب في كل ما يجري لها تقريبا: طمانيني عليها ان انخفضت حرارتها..
- سأفعل..
سار مازن بخطوات بطيئة مبتعدا.. وشعر بأنه قد فقد شيئا مهما جدا عندما غادر الغرفة وترك ملاك خلفه.. اراد ان يعود لها.. ولكن.. عليه ان يستقبل الضيوف لأجل مها على الاقل.. ومن ثم سيعود الى ملاك ما ان يجد الفرصة..
سار بخطوات هادئة الى غرفة الجلوس وهناك شاهد حسام مع والده ..وفي الجهة المقابلة.. كان يجلس امجد وبجواره مها.. وعلى مقعد مستقل كعادته كان يجلس كمال.. فقال مازن بابتسامة وهو يتطلع الى والد حسام : اهلا بك في منزلنا يا خالي..انرت المنزل بوجودك..
قال والد حسام بابتسامة هادئة : المنزل منير باصحابه..
احتل مازن مجلسه.. وفي تلك اللحظة قال امجد بهدوء: كيف حال العمل معك يا سامي – والد حسام- ؟..
قال سامي وهو يسند ظهره لمسند المقعد: على خير ما يرام..
التفت حسام الى والده ونظر اليه برجاء.. وكأنه يطلب منه ان بتعجل في الدخول الى الموضوع.. فابتسم والده عندما فهم نظراته ومن ثم قال: في الحقيقة لقد جئناك اليوم يا امجد في موضوع مهم .. سيقرب بيننا وبين عائلتينا بشكل اكبر..
عقد امجد حاجبيه في حدة.. في حين ابتسم حسام وهو يتطلع الى مها بكل حب.. مها التي اطرقت برأسها في خجل شديد.. وعقدت كفيها بتوتر.. اما مازن فقد ابتسم برضا.. وكمال لم تكن ردة فعله واضحة لأحد..
واردف سامي قائلا: بشكل اوضح.. لقد جئنا اليوم لنطلب يد ابنتنا مها.. لابني حسام..
خفق قلب مها بقوة وسعادة وهي تسمع هذه العبارة.. ومع انها كانت تتوقعها الا انها كان وقعها على اذنيها مختلفا.. فقد شعرت بنفسها تحلق في السماء من السعادة.. وبأن قلبها يكاد يرقص طربا .. لا تكاد تصدق انها سترتبط بمن تحب اخيرا ..
اما مازن فقد كان في تلك اللحظة مشغول البال على ملاك فقال مبتسما وهو يلتفت الى حسام وهو ينوي انهاء الامر: نحن لن نجد افضل من حسام يا خالي ليكون...
قاطعه صوت امجد في تلك اللحظة وهو يقول: معذرة يا سامي.. لكن مها لا تزال صغيرة على الزواج..
كانت صدمة للجميع بلا استثناء.. صدمة لحسام الذي اتسعت عيناه في قوة وهو يتطلع الى زوج عمته.. وصدمة لسامي الذي لم يتوقع الرفض..وصدمة لمازن الذي تطلع الى والده واستغرب رده.. وصدمة قوية لمها التي كانت ترسم احلاما وردية في ذهنها.. وحطمها والدهابعبارته الاخيرة..
وقال سامي مستفسرا: لماذا يا امجد؟.. مها ليست صغيرة ابدا.. انها ستدخل عامها العشرون بعد اشهر قليلة فقط.. وكثير من الفتيات تزوجن في عمرها..
قال امجد بنظرة باردة: لكني اراها صغيرة.. وهذا يكفي..
قال سامي بهدوء وهو يحاول اقناع امجد فهو يعلم جيدا كيف ان ابنه قد ارتبط بمها منذ الصغر: صحيح ان حسام لم يكمل دراسته بعد .. لكنه سيتخرج قريبا.. وسيتوظف بسرعة نظرا لتخصصه المطلوب.. ان كانت تلك هي المشكلة..
قال مازن في سرعة وهو يعاول تحسين موقف والده: بالتأكيد والدي لم يعني حسام بل ربما يظن ان مها لا تزال صغيرة على الزواج و...
قاطعه امجد وهو ينهض من مكانه قائلا: عذرا يا سامي.. أنا آسف لأني لن البي مطلبك.. فمها لا تزال صغيرة.. وانا الاعلم بمصلحتها..
شعرت مها بغصة مريرة تملأ حلقها وبالدموع تترقرق في عينيها .. وتطلعت الى والدها بتساؤل.. وفي عينيها سؤال تود ان تهتف به.. لماذا؟.. لماذا الرفض يا والدي؟.. وانا التي عشت مع حسام طوال ايام حياتنا.. كبرنا معا وكبر حبنا معنا.. فلم الرفض الآن؟.. لم؟؟..
اما حسام فقد شعر بقوة الصدمة التي كانت اشبه بعدم التصديق.. فقال متسائلا: عمي انا مثل ابنك .. لقد كنت مع مها دائما.. وكنت تراني العب معها في ارجاء هذا المنزل الواسع.. وكنت تعلم ان الحب سيربط بين قلوبنا في يوم.. وسيجعلني اتخذ هذه الخطوة لأتوج الحب بالزواج..
قال امجد بعصبية: وكيف لي ان اعلم بما سيحدث مستقبلا؟ .. ان كنت احببت ابنتي في يوم.. فحاول نسيانها ولينتهي الامر..
كور حسام قبضته في الم ومرارة.. وهو يرى ان حلمه وامنية حياته التي رسمها مع مها.. تكاد تتلاشى كذرات الغبار مع كلمات امجد التي حطمت امله بالارتباط بحب حياته.. الحب الذي عاش حياته لأجله.. ولأجل ان تكون مها له وحده..
و نهض سامي من مكانه وقال وهو يتنهد: لم الرفض يا امجد.. لا ارى أي داع له.. وان كان بسبب صغر سن مها كما تقول .. فعلى الاقل يمكن ان تكون مجرد خطبة او عقد قران الآن.. حتى يمكن لهما ان يواجها الناس برباط رسمي و...
قاطعه امجد قائلا بحدة: لا اريد لشيء ان يؤثر على دراستها..
واردف قائلا ببرود: الزيارة انتهت..
كمال الذي ظل صامتا طوال الوقت يرقب هذا الموقف.. يراقب كيف يقوم والده بطرد خاله من المنزل امام عينيه.. قال وهو يقف ويتطلع الى خاله وحسام بهدوء: العذر منكما.. بالتأكيد والدي لم يقصد.. سأتفاهم معه واحاول ان اصلح الموضوع..
قال سامي ببرود وهو يتطلع الى حسام الذي نهض من مكانه بصدمة: لقد فهمنا الامر.. والدك لا يرانا في مستوى عائلته.. ويريد زوجا لابنته.. في مستوى عائلته الراقية..
وقال بحدة وهو يلتفت الى حسام: هيا فلنذهب..
مها التي تابعت حسام بعينون دامعة وهو يغادر امام عينيها.. وقد اهين من والدها وطرد من منزله.. قالت وهي تلتفت لوالدها بكل مرارة والم: لماذا يا والدي؟.. لماذا؟..
قال امجد ببرود: انا اعلم بمصلحتك اين تكون.. ومع من..
قال مازن بعصبية: لا تقل يا والدي ان السبب هو ما قلته او ما قاله خالي.. فمها ليست صغيرة على الزواج.. وانا لا اظن ان رفضك للزواج لأن عائلة خالي ليست بالمستوى المطلوب.. فلديهم ثروة لا بأس بها .. وان كنت تفكر بالـ...
قاطعه والده بغضب: اصمت.. لست احتاج لشرح اسباب رفضي لك..
قال كمال فجأة: بل يجب عليك ذلك يا والدي..
التفت امجد الى كمال وقال بعصبية: نعم.. لم اسمع.. اظن اني انا والدكم وليس العكس.. ولا يمكن لأحد ان يجبرني على ما افعل..
قال مازن وهو يتطلع الى مها التي كانت دموعها تسيل على وحنتيها بكل الم وحرقة.. وقد اخفت وحهها بين كفيها: اذا تعلق الامر بمصير احدنا وحياته ومستقبله وسعادته.. فمن واجبك حينها يا والدي ان تخبرنا بسبب رفضك..
قال امجد ببرود: مها ابنتي وستحترم رأي والدها ولن تفعل الا ما يرضيه..
قال كمال بهدوء: ولكن ستحيا في جحيم بالمقابل.. بين عذاب حبها لحسام.. وبين تلبية رغبتك..
اما مازن فقد قال برجاء: اخبرنا يا والدي السبب الحقيقي على الاقل.. فربما حينها نقتنع بوجهة نظرك..
نقل امجد نظراته بينهم جميعا ومن ثم قال بضيق: فليكن.. ولكن لتعلموا اني لن اقول اسبابي الا لأني اريدكم ان تفهموا موقفي وتقدروه..
مها ابعدت يديها عن وجهها في تلك اللحظة وتطلعت لى والدها بكل رجاء.. وهي تريد ان تعلم بسبب رفضه هذا.. في حين اردف والدها قائلا: والدتكم قد تركتكم وانتم لا تزالون صغارا.. اكبركم كان قد اكمل عامه العشرون واصغركم كانت مها التي لم تكمل عامها الخامس عشر بعد.. طلبت مني الانفصال وتركتكم جميعا دون ان تهتم.. تركتني لأجل ابن عمها الذي تحب.. انا لم اخبركم بهذا حتى لا اشوه صورة والدتكم امامكم ولكن هذه هي الحقيقة..وتريدوني بعد كل هذا ان ازوج ابنتي لابن شقيقها .. هذا هو المحال بعينه..
قال مازن بعدم تصديق: ابدا يا والدي.. والدتي طلبت الانفصال لكثرة المشاكل بينكما.. وهي لم تتزوج من ابن عمها الا بعد عام كامل .. ولو كانت تحبه كما تقول لما انتظرت كل هذه الفترة.. وتركتنا لأنها لم ترد لنا ان نحيا الا افضل حياة وهي تعلم انها لن توفر لنا مستوى المعيشة التي نحياها معك ..
قال امجد بخشونة: هراء.. لم ترد ان تجعل الشكوك تحوم حولها .. فتزوجت ابن عمها بعد عام.. وتركتكم لانها تريد ان تتخلى عن المسئولية..
قال كمال في تلك اللحظة:وما ذنب مها؟.. ما ذنبها لتدفع ثمن ذنب لم ترتكبه؟.. لتتحمل نتيجة خطأ لم تشترك فيه..
قال امجد وهو يسير بخطواته مبتعدا قليلا: كما احبته يمكنها ان تنساه..
مها التي كانت تسمع كل هذا قالت بمرارة وبصوت متحشرج: اتظن ان النسيان بكل هذه السهولة يا والدي؟.. اتظن انه يمكن لي ان احب كل هذا الحب الذي عاش معي منذ الطفولة.. وكبر معي انا وحسام ومن ثم انساه.. اتظن ان هذا سهلا؟..
قال امجد ببرود: انا اعلم بمصلحتك يا مها.. فحاولي ان تنسي حسام..
قال مازن بقوة : انت بذلك تعيد الماضي يا والدي .. تعيد الماضي الذي نرفضه جميعا..
التفت له والده فاردف مازن قائلا : لو كان ما تقوله صحيحا بشأن والدتي.. فمها ستفعل المثل في يوم.. لن تحتمل ان تعيش مع انسان وقلبها مع انسان آخر.. وستطلب من زوجها الانفصال تاركة خلفها كل شيء..
قال امجد بقسوة: اتظن ان مها مثل والدتك؟.. لا .. فمها انا الذي قمت بتربيتها افضل تربية.. ولن تفعل الا ما يرضيني..
نهضت مها من مكانها وقالت بعيون دامعة : قد افعل ما يرضيك يا والدي.. ولكن اعلم حينها اني اقتل نفسي ببطء.. فحب حسام يجري بدمي.. ولن يمكن لشخص ان ينتزعه من قلبي الا لو انتزع قلبي من مكانه .. لقد كنت انتظر هذا اليوم يا والدي .. اليوم الذي سأرتبط فيه بحسام.. وكنت احلم فيه دائما..
واردفت وهي تهتف بصوت باكي ومنفعل: لكني كنت اعلم ان كل هذا حلم وسأستيقظ منه ذات يوم.. كنت اعلم ذلك جيدا..ودائما ما كنت اقول لحسام ان حبنا اشبه بالاحلام.. وها انذا قد استيقظت من احلامي.. لاتطلع للواقع المرير الذي حطم احلامي بكل قسوة..
قالتها وانطلقت مسرعة لتغادر غرفة الجلوس.. تاركة خلفها قلوب حزينة لحبها الذي لم يكتب له ان يرى النور.. وحتى قلب والدها نفسه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(حسام بني.. ارجوك افتح الباب.. لا تغلق على نفسك هكذا)
قالتها والدة حسام بحزن والم على ابنها وعلى حاله الذي تغيرت تماما.. فقد غادر المنزل بابتسامة سعيدة وهو ينشر المرح في نفوس الجميع.. وعاد اليه بعيون حزينة وبقلب مجروح.. ليدخل الى غرفته ويسجن نفسه فيها.. وهو يرفض الخروج منها او الحديث لى أي شخص كان..
اما حسام فقد كان يتطلع الى نصف القلب الذي يحتل كفه .. وهو يشعر بفبضة بادرة تعتصر قلبه وروحه.. وهو يتذكر كلمات والد مها ورفضه له كزوج لابنته ..لماذا؟..لماذا يرفض؟.. اكما قال والده لانه لا يراه في مستوى عائلتهم ام ماذا؟.. لقد كان دائما مع مها..فلم لم يمنعه عنها قبل ان يقع أسيرا لحب تلك المخلوقة المرحة والرقيقة؟.. لم تركه ليمرح معها..يتحدث اليها.. يحيا كل لحظات حياته بقربها.. ومن ثم يطلب منه بكل سهولة ان ينساها؟.. هذا هو المستحيل بعينه..
وتطلع الى نصف القلب الذي بين اصابعه ليضغط عليه بكل قوة وهو يقول متحدثا الى نفسه بألم: ( احلامنا جمحت بنا بعيدا يا مها.. حتى اننا كنا متأكدين من موافقة الجميع على هذا الزواج ..وفي النهاية صدمنا بالواقع المر وبرفض والدك على الزواج.. آه لو استطيع ان اختطفك لنتزوج ومن ثم نرحل بعيدا عن هذا العالم.. انا وانت فقط..بعيدا عن الجميع..وعن كل المشاكل .. لنحيا في سعادة وفرح الى الابد)..
ووجد قدماه تقودانه الى البوم الصور ليتصفحه ويستعيد ذكريات الماضي والطفولة التي قضاها الى جوار مها.. وقال وهو يشعر بغصة في حلقه: ليتنا لم نكبر يا مها.. وعشنا طوال حياتنا اطفال.. لننعم بقرب بعضنا دون ان يحاسبنا احدهم .. ولأكون معك الى الابد.. ونحيا في عالم عنوانه المرح والسعادة وننسى معاني الحزن والعذاب..
سمع في تلك اللحظة طرقات والدته تتكرر وهي تقول برجاء وبصوت حزين: حسام ارجوك افتح الباب.. لا تجعلني اقلق عليك هكذا..
تقدم سامي من خلفها وقال بهدوء: اتركيه لوحده الآن.. هو لا يريد الحديث الى احد حتى لا يبدوا امامنا شخصا ضعيفا.. يريد ان يسكب احزانه لوحده.. ويخفف عن نفسه بنفسه..
صمتت والدة حسام للحظات ومن ثم قالت بحزن: لكني قلقة عليه..
قال سامي بهدوء: لا تقلقي عليه.. سيكون بخير غدا وسيستطيع ان يتجاوز الازمة التي يمر بها..
لكن والده كان مخطأً تماما.. فان كان حسام حقا يستطيع ان يتجاوز أي ازمة تمر به.. فلن يكون قادرا على تجاوز مثل هذه الصدمة التي كانت اشبه بالعاصفة التي ستدمر كيانه واحلامه وحياته..فحب مها كان هو الهدف الذي يحيا لاجله..وصدمة رفض والدها قد زلزلت كيانه.. وجعلته اشبه بشخص محطم.. فاقد للامل ولا رغبة له في الحياة..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ليس حسام وحده الذي قرر ان يسجن نفسه تلك الليلة ليسكب احزانه وهمومه بعيدا عن أي شخص.. مها ايضا كانت تبكي بكل الم ومعاناة وعذاب يسكن قلبها على حبها الضائع الذي حطمه والدها دون شفقة منه.. وهي تضغط على وسادتها بكل قوة وكأنها تريد ان تمزقها بين يديها.. وتنقل اليها كل العذاب الذي تشعر به..
ومازن الذي شعر بشفقة على مها بعد انصرافها من المكان .. لحق بها وسمع صوت نحيبها يأتيه من الغرفة.. فقال وهو يطرق الباب باشفاق: مها افتحي الباب.. اود التحدث اليك..
قالت مها بصوت متحشرج: دعوني وحدي لا اريد ان ارى احدا او اتحدث الى احد..
قال مازن بصوت اقرب الى الرجاء: اسمعيني فقط.. ساحاول اقناع والدي .. صدقيني.. لن اصمت على ما حدث.. فقط افتحي الباب حتى نتفاهم..
قالت مها وصوت نحيبها يتعالى: منذ متى كان ابي يقتنع بما نقوله؟.. منذ متى كان يأخذ برأي احدنا؟.. كان يتصرف كما يشاء ولا يهتم بنا.. واليوم ها هو ذا قد طرد حسام من المنزل وداس على حبي وقلبي بلامبالاة..
تنهد مازن بقوة ومن ثم قال وهو يشعر بالالم على ما اصاب شقيقته: سأحاول يا مها.. صدقيني سأحاول اقناعه.. فقط افتحي الباب حتى نتفاهم.. وكفي عن البكاء..
صرخت مها بقوة وهي تقول: دعني وحدي يا مازن.. لا اريد ان اسمع شيء في هذه اللحظة..
قال مازن بهدوء: حسنا يا مها انا ذاهب وان احتجت الى أي شيء فاخبريني..
اما مها فقد كانت تعتصر وسادتها بين يديها وتقول بصوت مختنق: لا اريد احدا.. لا اريد ان اسمع المزيد.. يكفيكم ما فعلتموه بي حتى الآن.. انا اموت ببطء دون ان يشعر بي أيا منكم ..اين انت يا حسام؟.. تعال وخلصني من هذا العذاب ..
مازن الذي سمع كلمات مبعثرة من عبارتها الاخيرة.. هز رأسه بحزن قبل ان يبتعد عن باب غرفتها.. وبينما هو كذلك تطلع الى كمال الذي يقف امامه والذي قال متسائلا: لم تقبل فتح الباب لك .. اليس كذلك؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم تنهد قائلا: اجل.. ولست اعلم لم رفض والدي زواجها من حسام من اجل سبب تافه كالذي ذكره..
قال كمال بهدوء: ربما يكون بالنسبة لك سبب تافه.. ولكن في نظر والدي ليس كذلك.. خصوصا وانه هو الذي انجرح من والدتي وتألم من تصرفها.. لهذا فهو لا يريد أي ارتباط او تقارب يتم بينه وبين عائلة والدتي..
قال مازن وهو يلتفت الى باب غرفة مها: ولكن ماذنب مها؟..ماذنبها لتتألم وترى حلمها يتحطم امام عينيها؟.. وكل هذا بسبب ان حسام من عائلة والدتي..
قال كمال ببرود: كثيرون يتألمون من اجل اسباب تافهة.. دون ذنب اقترفوه..ولكن لا احد يشعر بهم..
ضيق مازن عينه وقال متطلعا الى كمال: ماذا تعني بقولك هذا؟..
لم يجبه كمال وظل صامتا وهو يتطلع اليه بكل برود..في حين مضى مازن في طريقه الى حيث درجات السلم..وما ان خطى اول خطوة في طريقه لهبوطه الى الطابق الاسفل حتى فاجأه صوت كمال الذي قال: كيف حالها الآن؟..
التفت له مازن.. وعلم انه يعني ملاك بقوله.. فقال مجيبا: ستكون بخير باذن الله..
والتفت عنه ليكمل نزوله الى الطابق الارضي.. ومن ثم يتوجه الى غرفة ملاك.. وفتح بابها بهدوء ليدلف الى الداخل.. ويقترب من نادين التي كانت تراقب ملامح ملاك بكل قلق وتوتر وقال متسائلا: الم تتحسن بعد؟..
هزت نادين رأسها نفيا وقالت: لا اعلم ماذا جرى لها؟.. الحرارة لا تنخفض ابدا.. اخشى ان تصاب بمكروه..
قال مازن بقلق: لا تيأسي.. ستكون بخير غدا باذن الله..
واردف قائلا وهو يلتفت الى نادين: اذهبي لترتاحي يا نادين.. فأنت معها منذ الصباح ..
قالت نادين باصرار: لا سأبقى بجوار ملاك.. سأهتم بها طوال الليل ولن افارقها لحظة..
قال مازن بابتسامة شاحبة: سأبقى معها انا طوال الليل.. اذهبي انت لترتاحي وتحصلي على قسط من الراحة..
قالت نادين بتردد: لكن يا سيد مازن...
قال مازن مقاطعا اياها: على الاقل لساعات حتى تستردي نشاطك.. وانا لن افارق ملاك حتى الصباح..
قالت نادين وهي تشعر بتردد من ان تترك ملاك وحدها: حسنا اذا.. هذا هو دواءها وامنحه لها بعد اربع ساعات من الآن.. والكمادات الباردة حاول ان تغيرها لها كل ربع ساعة تقريبا او كلما شعرت بأنها قد فقدت برودتها.. وكذلك .. ملاك لم تقبل ان تتناول شيء منذ الصباح واكتفت بكأس من العصير.. فلو اقنعتها بتناول شيء .. سأكون شاكرة لك ..
قال مازن بابتسامة باهتة: شكرا على نصائحك وتعليماتك يا نادين .. سأتذكرها.. اذهبي انت ولا تقلقي عليها..
اومأت نادين برأسها ونهضت من مكانها.. ومن ثم لم تلبث ان قالت: لا تتردد في ايقاظي ان احتجت الى شيء..
اومأ مازن برأسه وتابعها بنظراته حتى انصرفت.. ومن ثم لم يلبث ان احتل مكانها على المقعد المجاور لملاك..وقال بخفوت وهو يمسك بكف ملاك ويمسح على شعرها: آسف عزيزتي ان كنت قد تأخرت عليك.. ولكن حدثت امور طارئة اضطرتني الى ذلك.. ولولا ذلك لكنت جئتك جريا بعد دقيقة واحدة.. فقد اشتقت اليك كثيرا..
سمع صوت انات تصدر من بين شفتي ملاك.. فقال بصوت حاني: سلامتك يا عزيزتي..وآسف على كل ما جرى لك بسببي..
ارتفعت صوت انات ملاك هذه المرة بشكل ملحوظ.. جعل مازن يتطلع الى وجهها بقلق والى قطرات العرق التي انتشرت عليه وقال بتوتر: ملاك.. ماذا بك؟..
ولم يلبث ان ابعد عن جبينها المنديل البارد.. وتحسس جبينها بظهر كفه.. لكنه لم يتمكن من معرفة درجة حرارتها الفعلية بسبب البرودة الذي اكتسبه جبينها من الماء البارد.. فعاد ليتحسس رقبتها ووجهها.. ومن ثم قال في توتر: يا الهي ..الى متى ستظل حرارتها في ارتفاع؟.. الن تنخفض ابدا؟ ..
وبينما هو كذلك.. يتطلع الى وجه ملاك الشاحب بكل خوف..ويستمع الى صوت اناتها المتواصلة.. شعر فجأة بكفها الصغيرة تضغط على كفه التي تحتضن كفها بضعف.. فانتقلت انظاره الى كفه وقال بلهفة: ملاك .. تحدثي يا ملاك.. ان كنت تشعرين بوجودي الى جوارك.. قولي أي شيء .. لكن لا تصمتي.. قلبي يكاد يتوقف خوفا عليك.. اريد ان اشعر انك بخير يا عزيزتي.. ارجوك تحدثي ..
عقدت ملاك حاجبيها في شدة وكأن شيء ما يضايقها في نومها.. ومن ثم تأوهت .. قبل ان تبدأ اعراض الحمى بالظهور عليها.. لتبدأ في هلوستها قائلة بصوت خافت جدا: امي تركتني .. وابي كذلك.. كلهم يذهبون ويتركوني وحيدة .. لماذا يذهبون؟.. جميع من احبهم يذهبون ويتركوني ..
شعر مازن بالصدمة من كلماتها..وبألم يعتصر قلبه على الرغم منه.. وضغط على كفها ليقول وهو يتطلع اليها: ملاك.. لا تقولي هذا.. لن يتركك احد بعد الآن..
ملاك التي لم تعد تشعر بشيء حولها.. فتحت عينيها بكل تعب.. لتتطلع الى مازن وتقول باعياء: لن تتركني يا مازن .. اليس كذلك؟..
قال مازن بصدق وهو يحتضن كفها بين كفيه .. ويتطلع الى عينيها بحنان: لن افعل يا ملاكي.. كيف اتركك وقد اصبحت شيئا مهما في حياتي.. لن اتركك ابدا ما حييت ..هذا وعد مني..
منحته ملاك ابتسامة شاحبة.. قبل ان تعود وتغمض عينيها بتعب ..اما مازن كان يعلم ان ملاك لم تكن في وعيها والا لما منحته حتى نصف تلك الابتسامة.. ولما تحدثت اليه من الاساس وهو السبب فيما اصابها.. ولكنه حاول التخفيف عن نفسه قليلا.. فملاك قد تحدثت اليه على الاقل..حتى وان كان ذلك دون شعور منها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس