عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2012, 08:22 AM   #46 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5054 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



الجزء السادس والثلاثون
" اعترافات "

عاد الامل لينبض في قلب حسام..وكأن الحياة قد عادت اليه بعد موت مؤكد.. وتسارعت نبضات قلبه وهو ينطلق مسرعا الى الباب ليفتحه ويهتف بوالدته: احقا يا امي؟..
ارتبكت والدته امام نظرات حسام التي تحمل الامل واللهفة وقالت بتردد: لست اعلم.. لكن ربما يحدث ما لا يخطر على ذهننا.. تحدث اليها.. واعلم ماذا تريد منك..
وكأن كلمات والدته قد حركت فيه الامل على ان ما قالته قد يكون صحيحا.. فانطلق الى الردهة الى حيث هاتف المنزل.. ليلتقط سماعته ويجيبه قائلا بكل اللهفة والامل التي يخفق لهما قلبه: مها.. انه انا حسام.. اخبرني ما الذي جرى؟ .. اخبريني يا مها..
ارتبكت مها امام اندفاعه وكأنه كان ينتظر منها ان تخبره بأن ما حدث بالامس لم يكن حقيقة..وقالت ببعض الارتباك: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال حسام في سرعة: بخير.. بخير.. اخبريني انت ما سر اتصالك بي؟..
قالت مها وهي تلتقط نفسا عميقا: للاطمئنان عليك..
ارتفع حاجبا حسام بدهشة ومن ثم لم يلبث ان قال باحباط: فقط؟؟.. اأتصلت بي من اجل الاطمئنان علي فحسب؟..
قالت مها وهي تتنهد: لا هناك سبب آخر ايضا..لقد اتصلت لاعتذر لك عن تصرف والدي معك بالامس اولا.. ولكي اطمئن عليك ثانيا.. وكذلك لكي اخبرك باقتراح اقترحه علي مازن..
قال حسام بدون اهتمام خصوصا بعد ان علم ان مها لم تتصل له لتخبره ان والدها قد تراجع عن قراره .. لهذا لم يعد أي شيء يهمه بعد الآن: وما الذي اقترحه مازن؟..
داعبت مها خصلات شعرها بتوتر ومن ثم قالت: لقد اقترح علي ان يحاول اقناع والدي من اجلي.. سيحاول معه هو وكمال.. وانا ايضا سأحاول ان افعل المستحيل ليتراجع عن قراره..
قال حسام بسخرية مريرة: واتظنين ان والدك من السهل اقناعه؟ .. بما انه قد قرر امرا ما فمن المستحيل ان يتراجع عن قراره هذا ولو على قطع رقبته..
قالت مها في سرعة واضطراب: لكني ابنته.. والقرار الذي اتخذه يحدد مصيري انا واهم من أي قرار آخر اتخذه في حياته .. لهذا .. قد يغير رأيه..
زفر حسام وقال وهو يمسك جبينه بتعب: ربما يا مها.. لكن لا يوجد شيء مؤكد..
قالت مها والدمع يترقرق في عينيها: وماذا عساني ان افعل يا حسام؟.. ليس بيدي سوى المحاولة على تغيير رأيه..
مرت لحظة صمت بينهما .. سرعان ما قاطعها حسام وهو يقول متسائلا وقبضة باردة تعتصر قلبه : والدك لم رفضني يا مها؟.. اخبريني لماذا؟..الأن مستوى عائلتنا ليست في مستوى عائلتكم حقا؟..
بارتباك شديد قالت مها وهي تكاد تبكي: لأنك ابن سامي وانا ابنة امجد..
قال حسام بحيرة شديدة: ماذا تعنين يا مها؟.. اوضحي بالله عليك.. لا تتحدثي بالالغاز ارجوك..
مسحت مها دموعها التي خانتها وسالت على وجنتيها بحرقة: لأن والدتي كانت خالتك كما يقول.. وقد تركته وتركتنا جميعا لأجل ابن عمها.. لهذا لا يريد ان يتقرب من عائلة والدتي مرة اخرى..
قال حسام بصدمة وعيناه متسعتان على آخرهما: وماذنبي انا؟ .. ماذنبك انت؟.. ما ذنب حبنا ليموت ويدفن دون ان يرى النور؟.. هذا الحب الذي عاش معنا لعشر سنوات او ربما اكثر .. بهذه السهولة يريدنا ان نرميه خلف ظهورنا ونواصل حياتنا ؟.. بهذه السهولة؟..
لم تجب مها وهي تشعر انها لو نطقت كلمة اخرى فستبكي في الحال.. اما حسام فقد قال فجأة بشرود: اتعلمين يا مها ماذا اتمنى في هذه اللحظة؟..
ازدردت مها لعابها لعلها تبتلع غصة المرارة التي بحلقها وقالت بصوت مبحوح: ماذا؟..
قال حسام وهو يبتسم ابتسامة حالمة: اتمنى لو استطيع المجيء الى منزلكم لأخطفك على حصان ابيض كفصص الاساطير ..لنتزوج ونعيش بعيدا عن المشاكل .. بعيدا عن الناس.. ونحيا في سعادة الى الابد.. انا وانت فقط..
خفق قلب مها في عنف لكلماته.. وشعرت بالدموع تحجب الرؤية امام عينيها وقالت بصوت مختنق: انها امنيتي انا الاخرى يا حسام..لكننا نحيا في واقع.. علينا ان نتحدى تلك المشكلات التي تواجههنا بدلا من الهرب بعيدا عنها..
تنهد حسام وقال بمرارة: ليت في يدي ما افعله.. لكنت اول من يأتي الى والدك ويجبره على اتمام الزواج..
قالت مها برجاء: حاول معه يا حسام.. ارجوك.. وانا الاخرى سأحاول معه.. من اجل الحب الذي جمع بيننا..
قال حسام بهدوء: سأحاول يا مها.. اعدك اني سأحاول معه ..من اجلك ومن اجل الحب الذي يخفق به قلبينا..ولن استسلم امام رفضه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
طرقات تكررت للمرة الثالثة هذا اليوم على باب غرفة ملاك .. وصوت صاحبها يقول: ملاك.. انا مازن.. هل يمكنني الدخول؟..
التفتت ملاك الى نادين وقالت لها بحنق: الم اطلب منك ان تخبريه بأن يذهب واني لا اريد رؤيته..
قالت نادين وهي تتطلع الى ملاك بتردد: لقد اخبرته.. لكنه يعود رغم هذا بين الحين والآخر.. يقول انه يريد الحديث اليك في امر مهم..
ومازن من خلف الباب الذي ثارت اعصابه بسبب ملاك التي تمنعه حتى من ان يشرح موقفه لها.. وطرق الباب بقوة اكبر ليقول: ملاك افتحي الباب..
جاءه صوت ملاك تقول بصوت عالي: لا اريد رؤيتك.. دعني وشأني..
قال مازن بعصبية: سأحطم الباب يا ملاك ان لم تفتحيه الآن..
قالت ملاك هاتفة بحدة: افعل ما تشاء .. لن افتح الباب..
عقد مازن حاجبيه بعصبية وقال: فليكن يا ملاك..
وابتعد عن باب غرفتها ليهتف بالخادمة التي اسرعت نحوه فقال في سرعة: الديك مفتاح احتياطي لباب غرفة ملاك؟..
قالت الخادمة وهي تومئ برأسها: اظن ذلك يا سيدي..
قال مازن بحدة: اذا اسرعي واحضريه..
غمغمت الخادمة قائلة: حاضر سيدي..
واسرعت تبتعد عن المكان.. في حين قال مازن وهو يمرر اصابعه بين شعره : فليكن يا ملاك.. ستسمعيني بالرغم منك .. لن اسمح لك بأن تبتعدي عني وترفضي ان اشرح موقفي لك حتى ..واكون في نظرك مجرد مخادع وكاذب.. يجب ان تدركي كل شيء.. وتسامحيني على ما اقترفته يداي.. اجل يجب ان تسامحيني.. لان حياتي بعيدا عنك لم تعد تعني لي أي شيء..
اما بداخل الغرفة..فقد امسكت ملاك بذراع نادين وهي تشعر بقلق ما يتسلل الى قلبها.. فقالت نادين وهي تلتفت الى ملاك بحيرة: مابك آنستي؟..
وقبل ان تهم ملاك بقول أي شيء.. سمعت صوت مفتاح يدور في ثقب الباب.. فشدت ملاك قبضتها على ذراع نادين التي استغربت هذا الشخص الذي يحاول فتح الباب..
وبعتة فتح الباب .. ليطل من خلفه مازن .. ونظراته مسلطة على ملاك.. وهذه الاخيرة شعرت بقلبها يخفق بقوة وعنف.. والتوتر قد بلغ منها مبلغه.. واخيرا قال مازن ببرود: نادين دعينا وحدنا ..
قالت نادين بهدوء وهي تنقل نظراتها بينهما: حسنا يا سيد مازن ..
تمسكت ملاك بذراع نادين وقالت: نادين لن تخرج.. اتفهم؟ ..
قال مازن وهو يزفر بحدة: اريد ان اتحدث معك لوحدنا يا ملاك .. ولا اظن اني في يوم قد سببت لك الخوف الذي يجعلك ترفضين ان نبقى لوحدنا بعض الوقت..
واشار لنادين بعينه.. فقالت نادين بارتباك: سأغادر آنستي.. وسأعود بعد دقائق فقط..
تركتها ملاك لتذهب وتغادر الغرفة.. فاقترب مازن من ملاك وقال وهو يهبط الى مستواها ويجلس على ركبة واحدة في مواجهتها: ملاك عزيزتي.. كل ما اطلبه منك هو ان تستمعي الي حتى النهاية ولا تتسرعي في حكمك علي..
اشاحت ملاك بوجهها عنه وقالت: لقد دخلت الى غرفتي دون رغبة مني .. فلا تظن اني سأستمع الى ما ستقوله برغبة مني..
قال مازن وهو يمسك بكفها: صدقيني يا ملاك .. لم ادخل الى الغرفة بالرغم منك الا بعد ان قطعت أي سبيل بيني وبينك للحديث معك.. انك حتى تتناولين طعام الغداء والعشاء في غرفتك ..
قالت ملاك وغصة مرارة تملأ حلقها: لا اريد ان اراك.. اريد ان انساك.. اريد ان انسى الحزن والعذاب الذي سببته لي..
قال مازن وهو يضغط على كفها بحنان.. وهو يشعر بالراحة لأنها بدأت تتجاوب معه.. وان شعر بالندم لكونه كان سببا في معاناتها: سأخبرك بكل شيء.. واعلم انك حينها ستسامحيني لان قلبك يسع العالم كله بطيبته..
التفتت له ملاك وقالت بعينين تترقرق فيهما دموع الالم: وبم نفعتني هذه الطيبة سوى انها قد جعلتني ابدوا ساذجة امام الجميع؟.. واني مجرد حمقاء تخدع بسهولة..
مد مازن كفه ليمسح دموعها بحنان وقال: ابدا يا عزيزتي.. لست ساذجة او حمقاء.. الناس من حولك كذلك لانهم لا يقدرون طيبة قلبك ونقاءه..
التقطت ملاك نفسا عميقا.. دون ان تنبس ببنت شفة..فقال مازن وهو يخرج من جيبه هاتفا محمولا: انظري يا ملاكي..
تطلعت ملاك الى الهاتف المحمول ومن ثم قالت بالامبالاة: وماذا افعل بهاتفك؟..
قال مازن وهو يقتح قائمة الاسماء: انظري بنفسك.. لقد مسحت رقم كل فتاة لدي.. فيما عدى مها بالطبع..
قالها مبتسما.. في حين تطلعت ملاك الى هاتفه غير مصدقة.. ومن ثم لم تلبث ان عقدت حاجبيها قائلة: اسم ندى موجود ايضا ..
قال مازن بابتسامة: انها ابنة عمي.. ولهذا تركت رقمها في هاتفي وليس لسبب آخر..
قالت ملاك بصوت مختنق: لقد قرأت رسائلها.. كانت تبثك اشواقها ومشاعرها في رسائلها لك..
تطلع لها مازن بحنان ومن ثم قال: فليكن..
وضغط زر مسح اسم ندى من هاتفه.. واردف قائلا وهو يفتح قائمة الرسائل بهاتفه: وهاهي ذي الرسائل الموجودة بهاتفي..
تطلعت ملاك باستغراب الى شاشة هاتفه الذي كتب عليها (فارغ) .. فقال مازن بابتسامة مرحة: لقد تخلصت منها جميعا ..وكذلك قمت بشراء رقما جديدا لي..
واردف وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: وكل هذا لاجلك وحدك يا ملاكي..
ارتبكت ملاك امام نظراته.. وعاد قلبها ليخفق في قوة.. وامتدت كف مازن لتمسح على شعرها وهو يقول : ملاك سامحيني ارجوك.. اغفري لي حتى يعود كل شيء بيننا كما كان ..
تطلعت له ملاك بابتسامة باهتة.. وكادت في تلك اللحظة ان تغفر له كل ما مضى .. ان تبدا معه من جديد.. ما دام قد ادرك خطأه وقرر ان يصلح ما اقترفته يداه.. ورفعت رأسها له.. ولكن هذه المرة لم ترى في عيناه نظرات الحنان التي كانت تراها فيها منذ قليل.. بل كانت تحمل نظرات الغضب وهو يتطلع الى رقبتها ويقول بعصبية: اين القلادة؟..
لوهلة استغربت ملاك من حديثه ومن ثم فهمت انه يعني القلادة التي اهداها لها .. فقالت بتردد: لقد خلعتها..
قال مازن متسائلا بحدة: ولم؟..
قالت ملاك وهي تتنهد: لان كل ما بيننا قد انتهى..
نهض مازن من مكانه واقفا وقال بغضب: لا لم ينتهي شيء ..ليس من حقك ان تنهي أي شيء من بيننا.. انا زوجك.. اتفهمين؟ .. زوجك..
قالت ملاك وهي ترفع له رأسها وغمغمت بمرارة: زوجي الذي خدعني واستغل طيبتي.. زوجي الذي يعرف مئات الفتيات غيري.. زوجي الذي خان هذا الزواج الذي يربطنا..
قال مازن بحنق: اخبرتك مائة مرة وسأعيدها على مسامعك مرة اخرى.. لم يكن يربطني شيء بأولئك الفتيات.. لم تكن الا صداقة او زمالة في النادي.. واقسم على هذا..
قالت ملاك وهي تهتف بصوت عالي بعض الشيء: والرسائل؟..
قال بحدة: لا ذنب لي فيما يرسلونه.. لقد مسحت كل الرسائل وغيرت رقم هاتفي لاجلك.. وقررت ان ابدأ بداية جديدة معك.. وانت تقولين بعد هذا ان كل شيء قد انتهى من بيننا.. لا يا ملاك.. لم ينتهي شيء.. ولن ينتهي..
قالها وغادر الغرفة بخطوات غاضبة..في حين تنهدت ملاك وهي تحرك عجلات مقعدها قليلا.. وتتجه الى الادراج وتفتح احدها.. لتلتقط منه قلادة من الماس يحتلها الحرف "m".. وقالت: لقد انتبه لعدم وجودها حقا وانا التي ظننت انه لن يتذكرها اساسا.. يبدوا ان الامر يهمه حقا.. وربما اعني له شيء في حياته.. ربما يبادلني مشاعري ..مشاعري؟؟ .. الا زلت تحبينه يا ملاك على الرغم من كل ما فعله بك؟.. لست اعلم.. كل ما اعرفه هو اني لا اريد الابتعاد عن مازن ابدا..
وتطلعت قلادتها ذات القلب المتأرجح والتي تختل رقبتها وقالت وهي تداعبها: اخبريني ماذا افعل يا ابي؟.. ااسامح مازن؟..
سمعت صوت تغريد الطائر في تلك اللحظة فقالت بابتسامة باهتة: اترى انه يجب علي ان امنحه فرصة حقا يا مازن؟..
عاد الطائر ليغرد.. وينشر الحانه العذبة في كل ارجاء الغرفة.. فخفق قلب ملاك بالرغم منها وهي تقول: فليكن يا مازن.. سأمنحه فرصة.. ولكنها ستكون الاخيرة ..
وتطلعت الى القلادة التي جلبها لها مازن.. وفتحت قفلها لترتديها من جديد.. وقلبها يخفق بقوة وخوف من اتخاذها لهذا القرار.. بفتح صفحة جديدة مع مازن...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
حاول مازن السيطرة على اعصابه طوال الطريق من منزله.. كان يفكر في أي شيء ليبعد عن ذهنه تلك القلادة الوحيدة ذات القلب المتأرجح التي تحتل رقبتها.. بكل سهولة تقول ان كل شيء قد انتهى بينهما.. لهذا خلعت القلادة التي اهديتها لها.. لكن القلاد ة الاخرى لم تفارقها قط.. لم؟.. ممن هي؟..
وزفر بعصبية وهو يتوقف بالسيارة في احد المواقف.. بعد ان اكتشف انه قد جاء الى النادي دون شعور منه..وخرج من السيارة ليسير بخطوات هادئة ويدخل الى النادي لعله يغير من جو الهموم الذي يعيشه هذه الايام..
وسار بين اقسام النادي بخطوات هادئة وبذهن مشوش سيطرت عليه الافكار.. وصورة ملاك لا تكاد تفارق مخيلته.. والموقف الاخير يتكرر في ذهنه.. وركل حجرا بقهر وهو يتطلع الى قسم الفروسية التي قادته قدماه اليه.. وتنهد بقوة وهو يمسك بالسورالذي يحيط بحلبة السباق.. قبل ان يبتسم بشرود وهو يتذكر الموقف الذي جمعه مع ملاك هنا.. يتذكر ركوبها الى جواره على ظهر الجواد.. وحديثهما معا.. تورد وجنتيها بخجل من كلماته.. برائتها التي تطغى على ملامحها و...
( مازن؟.. لا اصدق عيناي.. واخيرا تواضعت وجئت الى النادي) ..
التفت مازن الى مصدر الصوت وتطلع بهدوء الى رشا التي تسير بدلال مبالغ فيه وهي تتقدم منه ومن ثم تقول بابتسامة مردفة: لم ارك منذ ايام .. ما الذي جرى؟.. حتى هاتفك لم يعد يستقبل أي مكالمات خلال اليومين السابقين..
قال مازن وهو يلتفت عنها: اعلم فهو مفصول عن الخدمة..
قالت رشا وهي تقترب منه : وسبب عدم مجيئك الى النادي؟..
تطلع مازن الى حلبة سباق الخيل وقال: لقد كانت ملاك مريضة فظللت الى جوارها بالمنزل..
جلس الى جوار تلك العاجزة ولهذا لم يأتي الى النادي.. ايترك النادي من اجلها؟..ياله من سبب!.. والتفتت اليه قائلة : وماذا عن هاتفك؟..
قال وهو يهم بالابتعاد عنها: ربما افكر في اعادة الخط اليه قريبا..
ومضى في طريقه مبتعدا.. وعينا رشا تتابعانه في دهشة.. ابدا ليس هذا هو مازن.. ربما يكون شخص ما يشبه.. لكن ليس هو مازن الذي تعرفه.. ليس هو..
ومازن الذي انطلق الى الاسطبل ليخرج جواده منه ويمتطيه.. وبنطلق به شاقا الرياح .. غير آبه لكل ما حوله.. كل ما يهمه ان يحاول ان ينسى همومه.. احزانه.. ينسى مافعله هو بملاك وكان سببا فيما اصابها.. ينسى انه كان سببا في معاناتها .. وينسى كذلك ما فعلته هي به.. ينسى كلماتها القاسية التي وجهتها له.. كلماتها الجارحة.. وخلعها للقلادة التي جمعت بينهما يوم عقد القران.. اكان يستحق منها كل ذلك حقا؟..
واوقف جواده فجأة.. ليهبط من على ظهره.. وهو يفكر في القلادة ذات القلب المتأرجح من جديد.. ممن هي؟.. اكان لملاك اقرباء غيرهم؟..لقد قالت انه شخص غالي على قلبها.. ربما يكون ابن خالها مثلا.. لكن لم يسمع من والده ان لوالدة ملاك اشقاء او شقيقات..
ربما كان تفكير مازن سطحيا بعض الشيء.. فقد فكر في جميع من يعرفهم او لا يعرفهم.. فكر في شخص في سنها او اكبر منها بقليل قد يكون اهدى لها هذه القلاة.. ونسي اغلى الناس على قلبها.. والدها!..
وسار وهو يمسك لجام الجواد ليدخله الاسطبل.. لكنه توقف بغتة على باب الاسطبل عندما سمع احد ما يتحدث وميز صوته في سرعة.. كان شقيقه كمال يتحدث الى جواده وهو يعلم جيدا انه يتحدث الى نفسه .. لكنه كان يبجث عن أي وسيلة ليفضفض بها عن كل ما بداخله.. وارهف مازن سمعه .. وهو يسمع كمال يقول في تلك اللحظة: اعلم ان ما فعلته يعد خطأ وان مازن هو شقيقي الاكبر.. لكن يداي هما اللتان تحركتا حينها لتنقض عليه.. بعد ان علمت ان ما اصاب ملاك كان بسببه.. وبسبب علاقاته..
وتنهد وهو يردف: كنت اعلم ان امرا كهذا سيحدث في يوم.. كنت اعلم ان ملاك ستصدم بسبب علاقاته يوما ما لكونها جاهلة لما يدور حولها.. تجهل كل شرور العالم.. فقد اجتمع في قلبها معاني الخير والطيبة ..الحب والنقاء..
وربت على عنق جواده وهو يستطرد: اتصدق؟.. عندما رأيتها اول مرة في منزلنا كنت اشعر انها مجرد دخيلة عليه .. مجرد فتاة كغيرها.. لكن مع الوقت عرفت حقا من تكون .. وانها اسم على مسمى .. وبدأت نظراتي تجاهها تتغير.. بدأت اراقب حركاتها .. استمع الى كلماتها التي تحمل كل براءة الدنيا..ولكن اتعلم ما الذي كان يحدث حينهاوكان يجعل النار تشتغل بصدري بكل غضب؟..
وزفر بحدة قائلا بألم: لم تكن تراني هي او تفكر بي.. لم تكن حتى تلمح نظراتي المسلطة عليها.. فقد كانت تتطلع الى مازن طوال الوقت.. تبتسم اذا وجدته يبتسم.. تعبس اذا وجدته قد غضب.. تتطلع اليه بحنان كلما التفت لها وتطلع اليها.. وانا الذي كنت اتمنى نظرة واحدة من عينيها لم تكن تراني او تأبه بي حتى .. وانا من كان يجلس على مقربة منها طوال الوقت ..
كل هذا ومازن يستمع الى كل هذه الاعترافات مبهوتا عند باب الاسطبل.. هذه الاعترافات التي اخذت تتدفق من بين شفتي كمال.. اعترافات قد كتمها هذا الاخير في صدره ولم يسمح لأحد ان يعرف عنها شيئا..
وداعب كمال رقبة جواده من جديد وهو يقول بابتسامة باهتة: قد تقول لي انك ما دمت تشعر بكل هذا تجاهها..فلم لم تعترف لها؟.. لم ظللت صامتا طوال تلك المدة؟.. والآن فقط استطيع ان اخبرك السبب.. فكما قلت لك هي لم تكن تراني ابدا.. لم تكن تنظر الي.. وصدقني مازن هو الذي تربع في قلبها لوحده دون ان يسمح لأي شخص آخر ان يشاركه مكانه.. حتى في قلب ملاك قد فرض أنانيته !..
واكمل قائلا وهو يتنهد: وجدت نفسي اشعر بغيرة من شقيقي .. اشعر انه قد حصل على كل شيء.. وحتى الفتاة الوحيدة التي احببتها استطاع ان يختطف قلبها ويستحوذ عليه.. ربما باهتمامه المبالغ فيه لها.. وربما لاني انا الذي لم يحاول ان احسن صورتي تجاه ملاك حتى .. لكن صدقني.. كلما كنت اراها مع مازن او تتحدث عنه.. لا استطيع الا ان ارمقها بتلك النظرات القاسية.. مع اني اريد ان اهتف بها انها قد ملكت قلبي وكياني وروحي.. اريد ان اهتف بها ان تنسى مازن.. وتلتفت الي انا.. انا الذي احببها بصدق.. وكنت افكر بالتقدم لخطبتها حقا من والدها .. لولا ما حدث..
والتقط نفسا عميقا ومن ثم ازدرد لعابه وهو يواصل في اعترافاته: لم اكن اتوقع ان يحاول والدي حل المشكلة بزواجها من احدنا.. ولم اكن اتوقع ان يختار مازن لانه الاكبر فقط.. لقد كرهت ان اكون الاصغر حينها وتمنيت لو ان والدتي قد انجبتني قبله لتكون ملاك لي انا..وعندما ثرت واخبرته اني اريدها زوجة لي .. اخبرني ان شقيقي احق بها مني لانه انهى دراسته ولديه وظيفة فقط.. وشقيقي الاكبر اتهمني اني طامع في اموالها.. وانا الذي كنت طامع في حبها لا اكثر ولا اقل.. لكني كنت اعلم انها ستختاره هو عندما خيرها والدي بيننا .. لهذا انسحبت من حياته وحياتها.. لكن.. لم اكن استطيع ان اقف متفرجا وانا ارى ملاك تتألم بسببه.. لم اكن استطيع..
(لماذا لم تخبرني؟)
التفت كمال الى مصدر الصوت في قوة .. وكأننه لم يتوقع ان يتواجد احد معه في تفس المكان او يستمع الى ما يقوله.. ومازن الذي قال عبارته السابقة.. لم يحتمل الصمت اكثر من هذا.. وقرر ان يتحدث الى شقيقه الذي كان سببا في احزانه ذات يوم دون ان يعلم.. يا ترى يا مازن كم شخص تسببت في احزانه دون ان تعلم؟!..
وتطلع له كمال ببرود شديد قبل ان يقول: منذ متى وانت واقف هنا؟..
قال مازن وهو يتقدم منه: لا يهم .. المهم اني علمت بكل شيء.. اخبرني .. لماذا لم تخبرني بذلك من قبل؟.. لماذا لم تخبرني بأنك تـ...؟
وتوقفت الكلمات على الشفاه دون ان يستطع مازن ان يخرجها من بينها.. فقال كمال مكملا لعبارته: انني احب ملاك .. اليس كذلك؟..
وترك جواده ليتقدم من مازن قائلا: ومن قال اني لم اخبرك؟.. الم اعترف لك اني احبها في اليوم الذي علمت به انك ستتزوجها لحماية ملاك من عمي عادل وابنه؟.. وماذا فعلت انت حينها سوى انك قد سخرت مني واستهزأت بما قلته؟.. واتهمتني بأني طامع في ما تملكه لا غير..
عقد مازن حاجبيه وقال بحزم: لو كنت قد اعترفت لي بصدق لما كذبتك.. لكن انا من دفعك لذلك الاعتراف يومها ..ولهذا شككت بالامر.. لقد ظننت انك تحاول التمثيل علينا حتى نوافق ان ترتبط بملاك.. كمال لو كنت تحبها حقا.. لكنت قد اخبرتني وحاربت الجميع لأجلها..
قال كمال وهو يبتسم بزاوية فمه بمرارة: ولماذا احارب من اجل فتاة لا تحمل لي أي ذرة مشاعر؟.. لو كانت تبادلني المشاعر لما تأخرت في ذلك.. لكنها تحب شخصا آخر.. ولم اعد اعني لها أي شيء الآن..
قال مازن متسائلا: من تعني بالشخص الآخر الذي تحبه؟..
قال كمال بسخرية: اانت اعمى يا مازن؟.. طوال هذا الوقت لم ترى أي شيء او تشعر بشيء..
صمت مازن وهو يتذكر كلمات كمال التي قالها منذ قليل بأن ملاك كانت تراقبه هو طوال الوقت..وانها قد حصل على قلبها.. املاك تحبه حقا؟؟.. ام ان هذا مجرد احساس من كمال؟..
في حين سار كمال وهو يخرج من الاسطبل وتوقف بحوار مازن ليقول: ثم من قال اني لو اعترفت لك بحبي لها كنت ستسمح لي بالزواج بها؟.. لقد شعرت بالغضب وانفعلت لمجرد انك شعرت انها من الممكن ان تكون لسواك.. فتفكيرك الاناني هذا كان ينص على ان ملاك اما ان تكون لك اوانها لن تكون لأحد لآخر ..ربما تكون مغرورا او ربما لكبريائك لا تريد ان تعترف بالحقيقة التي تخفيها عن نفسك ذاتها .. بأن ملاك قد احتلت هذا المكان..
قالها واشار الى صدر مازن في موضع قلبه تماما.. وابتسم له بهدوء.. قبل ان يمضي في طريقه.. تاركا مازن يقف كالتمثال الجامد وهو لا يستطيع الحركة او حتى التفكير بشيء من شدة صدمته...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
غرق امجد في اعماله والملفات المكومة امامه حتى انه لم ينتبه الى صوت طرق الباب..والى صوت سكرتيره وهو يدلف الى مكتبه ويقول بهدوء: سيد امجد. هناك من يريد مقابلتك.. ويقول انه من العائلة..
رفع امجد رأسه بحدة الى سكرتيره وقال بحدة: كيف تدخل دون ان تطرق الباب؟..
قال السكرتير بارتباك: لقد طرقته يا سيدي.. لكن يبدوا انك كنت مشغولا ولم تنتبه لـ...
قاطعه امجد قائلا وهو يشير له بالصمت: قل ما تريد بسرعة.. فلدي عمل كثير..
قال سكرتيره بهدوء وقد اعتاد شخصية امجد: هناك شخص ما ينتظرك بالخارج.. ويقول انه قريبك..
عقد امجد حاجبيه وقال: وما اسمه؟..
صمت السكرتير لبرهة ومن ثم قال: حسام.. حسام سامي ..
اتسعت عينا امجد في دهشة واستغراب شديدين وقال مستفسرا: أأنت متأكد؟..
قال السكرتير مجيبا: هو من اخبرني بأسمه وسلمني بطاقته ايضا..
عقد امجد حاجبيه بتفكير.. واطرق رأسه لثواني.. قبل ان يرفعه للسكرتير ويقول ببرود: دعه يدخل..
اومأ السكرتير برأسه.. قبل ان ينصرف ويغادر المكتب .. ولم تمض لحظات حتى كان الباب يفتح من جديد ويدلف منه حسام.. الذي تقدم بخطوات متوترة الى حيث مكتب امجد ورأى هذا الاخير يقف ويبتسم ابتسامة نستطيع القول عنها انها باردة الى ابعد حد..
ومد حسام كفه الى امجد بيقول وهو يصافحه: كيف حالك يا عمي؟..
قال امجد وهو يشير له على المقعد: بخير .. اجلس..
اتخذ حسام مجلسه والتفت الى امجد ليقول بهدوء: ربما تكون تعلم بسبب مجيئي لك المكتب..
تطلع له امجد منتظرا تفسيرا.. فاردف هو قائلا بابتسامة باهتة: سأدخل في الموضوع مباشرة..انه يتعلق بي انا ومها..فقد كنا لبعضنا منذ الصغر.. وكنت ترانا معا دائما في المناسبات ولم تعارض.. ولقد كنت تقول لي دائما انني ابنك الرابع ..والوحيد الذي يمكن ان يفهم مها اكثر من شقيقيها الآخرين.. فلم رفضت زواجي بها الآن؟..
قال امجد وهو يعقد اصابع كفيه امامه: لقد كنت اراك شقيفا لهم.. ولم اتوقع ان يتطور الامر لأكثر من ذلك.. واما سبب رفضي.. فأظن ان مها قد سبقتني واخبرتك به..
قال حسام بحيرة شديدة: لكنه سبب غير مقنع.. الأني ابن خالها فقط.. عمي لا يمكن للانسان ان يحكم على الناس لقرابتهم من شخص ما.. ويمنع ان يتقرب لهم .. لمجرد انهم اقرباء لذلك الشخص..
عقد امجد حاجبيه وقال: اشعرت يوما ما بشعور الخيانة؟..
بهت حسام من السؤال وتطلع الى امجد الذي اردف: ان شعرت به فستعرف حينها لم رفضت ان اتقرب من هذه العائلة اكثر..
- لكني كنت ابنك دائما..
- ولا زلت.. لكن انزع زواجك من مها من رأسك ان كنت تريد ان تظل علاقتك بأسرتي كما كانت..
قال حسام ببعض العصبية: ولم كل هذا؟.. لم تحرمني انا ومها من ان نتوج حبنا بالزواج ؟.. لم؟.. وقد اصبحت تعني لي كل شيء..
واردف قائلا وهو يشعر بغصة في حلقه: صدقني يا عمي.. ان فرقتنا انا ومها.. فلن يكون مصير كلينا الا العذاب والالم والحزن اللانهائي.. سترى مها تتعذب امام ناظريك.. بسبب قرارك هذا الذي اتخذته..
قال امجد بهدوء شديد: مها ابنتي وانا الذي قمت بتربيتها.. اعرف انها سترضخ لما اقوله..ومن ثم يمكنها ان تنساك مع الوقت..
قال حسام وهو يهز رأسه نفيا: ابدا.. لن يمكنها ذلك.. اتعرف لم؟ .. لأن حبنا قد حفر في قلوبنا وكبر معنا .. اصبح جزءا منا ويجري في عروقنا مجرى الدم..
قال امجد بحدة: يكفي لا احتاج لان تخبرني عن مشاعرك تجاه ابنتي .. كل ما احتاجه هو ان تبعد ابنتي عن ذهنك وتتركها وشأنها..
تطلع له حسام قوال بحزم: ان استطعت انت نسيان زوجتك ومافعلته بك..فحينها ربما استطيع ان انسى مها للحظات فقط.. لكن ستظل في قلبي الى الابد..
قال امجد وهو يكور قبضته: قراري لن اتراجع عنه.. مهما حدث..
قال حسام بحدة وانفعال: انت بهذا تقتل مها يا عمي.. تقتل ابنتك وتقتلني معها..
قال امجد بعصبية: يكفي ما قلته وغادر الآن.. لا اريد سماع كلمة أخرى منك..
نهض حسام من مكانه وقال وهو يرمق امجد بنظرة اخيرة تحمل معنى الغضب .. الظلم والقهر: تذكر يا عمي ان بيديك قد قتلت ابنتك.. وان بيديك هاتين قد قتلت ابنا كان لك في يوم ..
واسرع يغادر المكان ويغلق الباب خلفه في قوة.. وزفر امجد بحرارة وهو يستند الى مسند مقعده..وتدور في رأسه افكار عديدة .. جعلته يغرق في حيرة واضطراب ويتناقض مع نفسه.. واخيرا سمع صوت رنين هاتف المكتب الذي جعله يرفع سماعته ويقول ببرود: من المتحدث؟..
سمع صوت المتحدث للحظات ومن ثم اردف قائلا بابتسامة باهتة: اوصلتك الاخبار بهذه السرعة؟.. اجل لقد زارني منذ قليل وطلب مني ان اغير رأيي..
صمت مرة اخرى وهو يستمع الى محدثه ومن ثم اكمل بتوتر: لا تقلق.. كما وعدتك.. مها لن تكون الا لابنك يا عادل ..
وكشف القدر عن لعبة غريبة اخذ يلعبها بأبطالنا..ما بين حب تحول الى كره وبين شفقة تحولت الى حب.. وما بين ابوة تحولت الى ظلم وقرابة تحولت الى حب المال والذات .. ولكن يبقى القدر عاجزا عن حل هذه المعضلة الصعبة او تفسيرها حتى..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس