close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ > ڪآن يآمآ ڪآن > للروايات المكتمله


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-12-2012, 07:18 AM   #21 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الحادي عشر
"الحقيقة"

تعالى هتاف الجماهير مع بداية السباق..وضجت المدرجات بهتافات التشجيع والهتاف في حين شهقت ملاك وقالت بتوتر وقلق: لقد بدأ السباق..
ضحكت مها وقالت: وما الذي يقلقك من هذا الامر؟..
ازدردت ملاك لعابها وقالت: ربما لأن اعصابي مشدودة قليلا وانا اترقب الفوز لمازن وكمال..
كانت مها تضحك بمرح دون ان تنتبه لعينا حسام اللتان تطلعان اليها.. وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة هادئة.. وهم بقول شيء ما.. لولا ان قالت ملاك في تلك اللحظة: ما رقم الحصان الذي يمتطيه مازن؟..
تساءلت مها بخبث: ولم مازن بالذات؟..
توردت وجنتي ملاك وقالت متلعثمة: كنت سأسال عن رقم الحصان الذي يمتطيه كمال كذلك..
قالت مها بابتسامة: حسنا.. رقم حصان مازن هو (5).. ورقم حصان كمال هو (2)..
اومأت ملاك برأسها ومن ثم اسرعت تتطلع الى حلبة السباق بشغف وهي تتمنى من كل قلبها ان يربح مازن في هذا السباق ..
ومن جانب آخر امسك مازن اللجام بكل قوة وهو يحاول قدر الامكان ان يسرع بجواده الذي كان يتعدى جوادين فحسب .. وابتسم بسخرية قائلا لنفسه: اظن انك ستحصل على المركز الاول بالفعل يا مازن.. ولكن من الخلف..
في حين التفت كمال له للحظة والذي كان يحتل المرتبة الرابعة بين المتسابقين العشرة..وعاد ليتابع السباق امامه ليقول وهو يبتسم بزاوية فمه: اين الذي سيحصل على المركز الاول؟.. فلنرى مهارتك الفعلية الآن يا اخي..
كان كمال يتقدم بكل قوة وبكل تحدي عكس طبيعته الباردة والغير مبالية.. بدى وكأنه قد تحول لشخص آخر.. شخص مفعم بالنشاط والحماس..شخص يطمح لتحقيق هدفه بالحصول على احد المراكز الاولى..
ولم يستسلم مازن ايضا.. لمع بريق التحدي في عينيه وهو يرى شقيقه يتقدمه.. وقال وهو يضرب الجواد بقدميه: اسرع ولا تخجلني امام كل هذا الجمع..
اسرع الجواد بالفعل وتقدم احد المتسابقين .. وواصل مازن تحديه لكمال بأن يصل اليه مهما حصل.. في حين شدد هذا الاخير قبضته على لجام جواده واقسم ان لا يخرج من هذا السباق خالي الوفاض..وابتسم بكل تحدي وحماس وهو يرى نفسه يكاد يتجاوز احد المتسابقين..
وفي مدرجات الجماهير.. قال حسام مبتسما وهو يتطلع الى البعيد: لا اكاد ارى شيء تقريبا.. ولكن يبدوا ان كمال يحتل المركز الثالث الى الآن..
قالت مها بغير تصديق ولهفة: حقا؟..
واختفت اللهفة من على ملامحها عندما تذكرت الخلاف الحاصل من بينهما .. وعادت ملامحها الى الهدوء من جديد..في حين التفت حسام اليها وقال بهدوء اقرب الى البرود: اجل ..
لم تعلق مها واطرقت برأسها في صمت..وفي تلك الاثناء ارتبكت ملاك وهي تسأله قائلة: ومازن؟..
عقد حسام حاجبيه وقال وهو يتمعن النظر:لا اكاد اراه..
وابتسم وهو يلتفت لملاك: يبدوا انه آخر المتسابقين..
اسرعت ملاك تتطلع الى حلبة السباق ورأت المتسابقين وهم يقتربون في مجال رؤيتها.. تعالت اصوات الجماهير مع اقترابهم من المكان.. وتضاعفت هتافات التشجيع لتدوي في المدرجات ..في حين ازدردت ملاك لعابها قلقا وعيناها تبحثان بلهفة وتوتر عن مازن والجواد الذي يحمل الرقم (5) ..كانت الارقام تتوالى امامها ببطء شديد على الرغم من ان الخيول كانت تشق مرمى البصر بسرعتها.. ولكنها كانت تبحث بينهم عن جواد مازن.. واخيرا رأته.. كان يحتل المركز الخامس الى الآن.. وقالت بلهفة وفرح: مازن .. انه يحتل المركز الخامس..
ضحكت مها بقوة ومن ثم قالت: وهذا ما يسعدك؟.. انه لن يتقدم اكثر من هذا صدقيني..
التفتت لها ملاك وقالت باستنكار: لماذا تقولين هذا؟..
ابتسمت مها وقالت: لانه اخي واعرفه جيدا..
قال حسام فجأة: كمال يتقدم بجواده الى المركز الثاني..
قالت مها غير مصدقة: المركز الثاني؟.. يا الهي .. لا اكاد اصدق..
ومن ثم اردفت بدهشة: منذ بداية اشتراكه بهذا القسم وهو لم يحصل في يوم على اكثر من المركز الرابع..
التفت لها حسام وقال: لعله في هذا المرة قد تدرب جيدا طامحا في تحقيق هذا الفوز..
قالت مها بهدوء وهي تتطلع الى حسام: ربما..
وطالت نظرتها اليه .. تريد ان يشعر بها.. يشعر بقلبها الذي يحبه .. يشعر بعينيها اللتان لا تتلهفان الا لرؤيته..لماذا يتجاهلها؟.. لماذا يهتم بغيرها وهي التي تحبه؟..وهي التي تعشقه.. لا تشعر بطعم الراحة الا اذا رأته على ما يرام.. لا تشعر بالسعادة الا اذا رأت الابتسامة على شفتيه.. تريده ان يفهمها ويفهم مشاعرها.. تريده ان يبادلها مشاعرها بدلا من هذا الاهتمام الذي يعاملني به كلما رآني..
قالت ملاك بغتة لتقطع افكار مها: يوشك المتسابقون على الوصول الى خط النهاية..
اغلب الجماهير قد تركت مقاعدها وهي تهتف صارخة بحماس لتشجيع المتسابقين..وانشدت اعصاب الجميع وهم يرونهم وهم يكادون يقتربون من خط النهاية.. وصرخت ملاك بغتة وهي تتطلع الى حيث جواد مازن: لقد تقدم مازن.. تقدم..
التفتت مها الى حيث تتطلع ملاك.. والتفت حسام بدوره وقال بابتسامة واسعة ومسرورة: معك حق.. مازن الآن اصبح في المركز الرابع.. ياله من شاب.. لقد استطاع ان يتقدمهم وهو الذي كان آخر المتسابقين تقريبا..
ابتسمت ملاك بفرحة وهي تستمع الى كلمات حسام.. وظلت تتابع المتسابقين بكل لهفة.. وهي تتمنى ان يتقدم اكثر ويكون الفائز بالمركز الاول.. في حين تطلعت مها الى حلبة السباق وقالت وهي تنهض من مكانها وتتطلع الى المتسابقين بحماس وقلق: كمال يكاد يتقدم ويصبح في المركز الاول..
كان كمال في تلك اللحظة يبذل كل ما في وسعه ويسرع بجواده بكل ما يستطيع من طاقة.. فقط ليحصل على المركز الاول كما تمنى.. او كما وعد...
كان يقترب من المتسابق الذي امامه بكل سرعة.. وخط النهاية كان يقترب أسرع منه.. ومازن ايضا كان يحاول تجاوز المتسابق الذي امامه ليكون في المرتبة الثالثة.. وخط يقترب مع كل ثانية وكل خطوة تخطوها الجياد...
واخيرا عبرت جميع الجياد خط النهاية.. وحان الوقت لاعلان الفائزين بالمراكز الثلاث الاولى..
توقف مازن بجواده وهو يجذب اللجام بقوة .. وقال مبتسما وهو يربت على ظهر حصانه: لقد كنت كالسهم حقا وهو يشق الرياح.. ولكن.. المشكلة في الفارس الذي يقودك.. لقد ابليت بلاءا حسنا.. وانا الذي عليه ان يدفع ثمن هذا التأخر الذي حدث قبل خط النهاية..
اما كمال فقد ابتسم برضى وهبط من على ظهر جواده وهو يربت على رقبة حصانه ويداعبه وقال بهدوء: انها المرة الاولى التي احصل فيها على المركز الثاني.. وانا مدين لهذا لله تعالى.. ومن ثم سرعتك وقوة تحملك يا جوادي العزيز..
ومن بعيد تطلعت ملاك بعينين جامدتين لنهاية السباق وقالت وهي تلتقط انفاسها بتوتر: كيف كان ترتيبهم بالسباق؟..هل تقدم مازن وكمال ام لا؟..
قالت مها وهي تربت على كتفها: سنعلم ذلك عند توزيع الميداليات..
قال حسام بهدوء: لقد رأيتهما جيدا.. لقد حصل كمال على المركز الثاني ومازن على الرابع..
قالت مها بحماس: يا للروعة.. للمرة الاولى بعد سنوات يحصلان على مركزين متقدمين في السباق..
توقفت الهتافات تدريجيا مع صوت مدير النادي وهو يقول عبر مكبر الصوت: سيتم توزيع الميداليات على الفائزين بالمراكز الثلاثة الاولى..الفائز بالمركز الاول هو (....)..
تعالت هتافات الفرحة والاحتجاج بين الجماهير.. في حين واصل المدير قائلا بعد ان البس المتسابق الميدالية الذهبية : اما الفائز بالمركز الثاني هو (كمال امجد)..
صرخت مها بفرحة وقالت بصوت عالي: مرحى يا كمال.. انت تستحق الفوز عن جدارة..
تطلع لها حسام بطرف عينه وقال ببرود: اخفضي صوتك ولا داعي لان تثيري الانتباه..
التفتت له مها ومن ثم رفعت حاجبيها وقالت بكبرياء: انا احيي اخي.. ومن حقي تهنئته كما اشاء..
قال ببرود: هذا لو كنت في المنزل لوحدك وليس امام الجميع..
قالت بحدة: الجميع هنا يصرخ ويهتف بصوت عالي.. انا لا اختلف عنهم بشيء..
مال نحوها وقال بحزم: بل تختلفين..
توترت من نبرته الحازمة في حين قال هو مردفا: لانك ابنة عمتي..
قالت وهي تشيح بوجهها عنه: لقد سأمت سماع هذه العبارة..
ابتعد عنها بضع خطوات مبتعدا ومن ثم قال: هذا شأنك..
عضت مها على شفتيها بقهر وغضب.. يهتم بها.. يلقي عليها النصائح..وحتى يتحكم بتصرفاتها.. ولكن يحبها لا..
جلست على المقعد بقهر.. في حين ابتسمت ملاك ابتسامة باهتة وقالت وهي تحاول تغيير الموضوع: الم تقولي يا مها ان كمال لا يستحق التشجيع؟.. وها انتذا تهتفين له بكل قوة الآن..
زفرت مها بحدة ومن ثم قالت بابتسامة شاحبة: لقد استحق هذا التشجيع لانه وللمرة الاولى قد حصل على المركزالثاني ..
واردفت قائلة: تعالي لنخرج الآن فقد تم توزيع الميداليات ولم يعد لبقاءنا اي داع..
اومأت ملاك برأسها وهي تسير بصحبة مها لتغادرا المدرجات .. ومن بعيد ابتسم مازن لشقيقه الذي احاطت برقبته الميدالية الفضية: مبارك يا كمال.. لم اكن اعلم انك وصلت لهذا المستوى من المهارة..
قال كما بهدوء: ذلك لانك كنت تترك التدريب قبلي في كل مرة..
قال مازن وهو يغمز بعينه: ولكنك كنت بارعا جدا.. احسدك على هذه المهارة..
قال كمال وهو يبتسم بزاوية فمه: يبدوا انها المرة الاخيرة التي سأحصل عليها على ميدالية ما..
قال مازن بابتسامة واسعة: لا تفقد الامل بهذه السرعة..
قال كمال وهو يتطلع لمازن: وانت ايضا كنت ماهرا فبعد ان كنت في المرتبة الثامنة بين المتسابقين واصلت طريقك بكل قوة لتصبح في المرتبة الرابعة..
قال مازن بثقة: انت تعرفني جيدا لو وضعت شيئا ما برأسي فسأنفذه بكل تأكيد و...
(مغرور كما اعرفك دائما يا مازن)
التفت مازن الى قائل العبارة.. وابتسم بمرح وهو يتطلع اليه قائلا: بل انها ثقة بالنفس يا حسام..
ابتسم حسام وقال: ثقة زائدة عن الحد..
واردف وهو يلتفت الى كمال: مبارك يا كمال.. لقد ادهشتنا بمهارتك بالفعلل..لم يتوقع احد ان تحصل على المركز الثاني..ولكن يبدوا انك كنت تخبئ لنا مفاجأة هذا العام..
ابتسم كمال بهدوء ومن ثم قال: تدريباتي المتواصلة زادتني مهارة..وها انتذا ترى اليوم مهارتي الحقيقية..
التفت مازن في تلك اللحظة الى حسام وقال: ارأيت ملاك ومها؟ ..
اومأ حسام برأسه ومن ثم قال: بلى لقد كانوا بالمدرجات يتابعونكم بكل شغف وحماس.. ومنذ قليل فقط غادروها ..
قال مازن في سرعة: سأذهب اليهم..
قال كمال وهو يوقفه: وماذا عن حصانك؟..
غمز مازن بعينه له وقال: اخي العزيز سيعيده الى الاسطبل..
مط كمال شفتيه ومن ثم قال: لا بأس..
وامسك بلجام جواد مازن وهو يجره خلفه مبتعدا عنهم..في حين قال مازن وهو يتحدث الى حسام: فلنذهب لهما..
قال حسام بهدوء: اذهب وحدك.. فلدي ما اقوم به..
هز مازن كتفيه وقال بلامبالاة: كما تشاء..
واسرع بخطواته مغادرا المكان..ليتحرك خارج الحلبة وخارج المدرجات بين اقسام النادي المختلفة.. وهناك لمح مها وهي تتجه نحو بوابة النادي.. فهتف بها قائلا: مها..
توقفت مها في مكانها.. في حين خفق قلب ملاك في قوة لسماع صوته..وقالت الاولى وهي تلتفت له: لماذا لحقت بنا؟..
قال مستهزءا: بسبب شدة حبي لكم..
ومع ان ملاك كانت تعلم ان عبارته ساخرة فحسب.. الا ان قلبها ارتجف بين ظلوعها وهي تتخيل ان مازن يبادلها المشاعر وانه يحمل لها الحب في قلبه..في حين اردف هو: الى اين انتما ذاهبتان؟..
- سنغادر النادي..
قال مازن مبتسما: لم تهنئاني انا وكمال على الفوز..
قالت مها بسخرية: بالنسبة لكمال فسأهنئه في المنزل على الفوز.. ولكن انت اهنئك على ماذا؟..
قال بمرح: على حصولي على المركز الرابع لأول مرة هذا العام ..
قالت مها مبتسمة: واظنها آخر مرة..
تطلع مازن الى ملاك وقال بابتسامة واسعة: من يدري.. ربما لو قامت ملاك بتشجيعي في السباق القادم ايضا ساحصل على المركز الاول ..
قالت مها بسخرية: احلم كما تشاء..
اما ملاك فقد توترت من نظراته لها وابتسمت بخجل وهي تطرق برأسها.. في حين قال مازن: سأوصلكما بدلا من السائق .. هيا بنا..
عقدت مها حاجبيها وقالت بضيق: ارجوك لا تستعرض لنا شهامتك الآن.. لقد اتصلت بالسائق وهو في الطريق الى هنا..
قال وهو يهز كتفيه: سيعود من حيث جاء لو اكتشف انكما غادرتما النادي.. لقد انهيت الامر بكل سهولة..
ابتسمت مها وقالت وهي تدفع مقعد ملاك امامها: يالأفكارك العبقرية..
ابتسم مازن وهو يغادر النادي برفقتهم وقال: اعلم هذا..
واردف قائلا: ولكن من كان يتوقع ان كمال سيحصل على المركز الثاني..
قالت مها بابتسامة واسعة: هذا صحيح.. لقد فاجأنا بحق..
توجه مازن الى سيارته ومن ثم قال وهو يفتح اقفالها بجهاز التحكم عن بعد: عندما قال لي انه سيحصل على احد المراكز الاولى لم اصدقه..ولكن هاهوذا اثبت انه اكثر مهارة مني..
قالت مها وهي تساعد ملاك على الدخول الى السيارة.. وتشير لمازن: بدل ثرثرتك هذه تعال وساعدنا..
قال مازن وهو يصطنع الجدية: انا بخدمة ملاك دائما..
ضحكت مها وقالت: ساصدقك يوما ما..
اما ملاك فقد كانت تراقب مازن بكل حركة يقوم بها.. عندما يبتسم.. يسخر.. وحتى وهو يسير.. ورأته في تلك اللحظة يقترب منها ويقول: اتحتاجين الى أي مساعدة؟..
هزت رأسها نفيا ورفعت جسدها لتجلس على مقعد السيارة فقال مازن مردفا بابتسامة: يا لاصرارك..
ابتسمت ملاك بهدوء وهي تراه يطوي مقعدها ليضعه في صندوق السيارة..ومن ثم احتل مقعد السائق واحتلت مها بدورها المقعد المجاور له..وقال مازن في تلك اللحظة وهو يدير المحرك: لقد استغربت من شيء قاله لي كمال قبل بدء السباق.. لقد قال انه وعد شخصا ما بهذا الفوز..
انشد اهتمام ملاك لما تسمعه.. وهي تتذكر جيدا ان كمال قد وعدها هي ومها على الحصول على المركز الاول..
في حين قالت مها مبتسمة: لقد وعدنا انا وملاك بهذا..
قال مازن بدهشة: حقا؟.. لقد ظننت ان لفتاة ما دخل بالموضوع ..
ضحكت مها وقالت: كمال ليس مثلك..
تحفزت حواس ملاك.. ماذا تعني بأن كمال لا يشابه مازن في هذا.. وما دخل امر الفتاة بالشبه بينهما.. هزت رأسها وهي تشعر بالتوتر من التفكير في هذا الامر..
قال مازن في تلك اللحظة وهو يتطلع الى ملاك من مرآة السيارة: متى سيأتي والدك من السفر يا ملاك؟..
ازدردت ملاك لعابها بتوتر..وهي تتساءل ..لماذا سألت هذا السؤال يا مازن؟.. وقالت بهدوء: غدا..
قال مازن باستنكار: مبكرا هكذا..
قالت مها وهي تمط شفتيها: ما الذي تقوله؟..وهذا وقد تأخر عمي يومين عن موعده الحقيقي لعودته..
قال مازن بابتسامة: بصراحة لقد اعتدت وجود ملاك بيننا.. لا اعلم كيف سيكون المنزل من دونها..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: سأحاول ان آتي لويارتكم بين الفترة والاخرى..
- اتمنى هذا..
قالت مها مبتسمة: لا تنسي.. اتصلي بي كلما وجدت الوقت لذلك يا ملاك..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: لن انسى..
كان موضوع مغادرتها منزل عمها يضايقها.. ويالمها.. لانها ستضطر لمغادرة مها اول صديقة لها.. واخت تفهمت مشاعرها وشخصيتها .. ومازن اول شخص ينبض له قلبها.. وتشعر بكل تلك المشاعر تجاهه.. وحتى كمال وعباراته الباردة لها .. ستشتاق لهم جميعا..وستحاول قدر الامكان ان تأتي لزيارتهم كلما سمح لها والدها بذلك ...
توقفت السيارة بغتة بجوار المنزل وقال مازن مبتسما: انتهت الرحلة يا فتيات..
فتحت مها باب السيارة وقالت: متى ستكون جادا في حياتك؟..
قال مازن مبتسما وهو يخرج من السيارة بدوره: عندما تتزوج اختي الوحيدة..
لماذا تفتح جروحا لم تلتئم بعد يا مازن؟.. وقالت بابتسامة باهتة: سأسبقك الى الداخل يا ملاك..
اومأت ملاك برأسها وهي تطلع اليها من نافذة السيارة.. في حين اخرج مازن مقعد ملاك من صندوق السيارة..واقترب به من الباب المجاور لها وقال وهو يفتحه: اريني اصرارك الآن..
ابتسمت ملاك ورفعت جسدها بكلتا ذراعيها لتجلس على المقعد وقالت مبتسمة: ما رأيك؟..
اشار لها بابهامه اشارة الانتصار وقال: رائع..
ابتسمت بخجل..وكادت ان تتحرك بمقعدها لولا ان رأته يتطلع الى الشارع الرئيسي ويقول: ما الذي جاء به الى هنا؟..
قالت ملاك بحيرة: من؟..
قال بهدوء: لا عليك .. ادخلي انت الى المنزل..
تحركت ملاك بمقعدها وهي في حيرة من امرها.. من هذا الذي يعنيه مازن؟.. والقت حيرتها خلف ظهرها وهي تطلع الى مها شاردة الذهن التي تطلع الى التلفاز وعقلها في مكان آخر.. وتطلعت ملاك الى ما تشاهده مها في التلفاز.. وشاهدت انها نشرة الاخبار.. ابتسمت ملاك لحظتها.. منذ متى كانت مها تهتم بالاخبار وهي بالكاد دلفت الى المنزل منذ لحظات.. وقالت مبتسمة: مها .. ماذا تفعلين؟..
قالت مها بلا مبالاة: اتطلع الى التلفاز..
قالت ملاك بهدوء: وهل تهتمين بنشرة الاخبار حقا؟..
قالت مها متسائلة: اية نشرة؟..
- التي تعرض بالتلفاز..
انتبهت مها لتوها لنشرة الاخبار التي تعرض بالتلفاز وقالت ببعض الارتباك: اجل .. لقد رأيت فيها موضوعا شد انتباهي..
صمتت ملاك وهي تعلم جيدا ان مها لا تقول الحقيقة لتخفي شرود ذهنها البادي عليها.. وظلت صامتة تراقبها وتتساءل فيما بينها.. ما الذي يحزن مها هذا اليوم؟.. منذ ان عادت من الجامعة وهي على هذه الحال..لقد رأت في نظراتها حزنا عميقا وهي تتطلع الى حسام هذا اليوم.. هل السبب هو حسام وخلاف قد يكون حصل بينهما؟.. ربما..
وبغتة سمعت صوت مازن وهو يتحدث الى شخص ما وهو يقول: تفضلا بالدخول.. المنزل منزلكما..
التفتت ملاك الى مصدر الصوت وكذلك فعلت مها التي قاطع شرودها صوت مازن..ورأت ندى واحمد يدخلان الى داخل الردهة وقال مازن مردفا: يا ترى ما سر زيارتكما هذه؟ ..
قال احمد وهو يهز كتفيه: للسؤال عن احوالكم..
قال مازن بابتسامة ساخرة: اشك في هذا..
واردف وهو يشير لهما بالجلوس: تفضلا انتما.. سأذهب انا الى الغرفة لأغير ملابسي المتسخة هذه وارتاح قليلا ومن ثم اعود.. فكما تعلمان السباق كان هذا اليوم..
لم يكلفا نفسيهما سؤاله عن نتيجة السباق.. ومازن لم ينتظر منهما سؤالا فقد واصل طريقه الى حيث الدرج ليصعد الى الطابق الاعلى..فاسرعت مها تقول وهي تشير الى الاريكة: تفضل يا احمد.. وانت كذلك يا ندى..
قال احمد وهو يبتسم لمها: كيف حالك يا ابنة العم؟..
مطت مها شفتيها وقالت: بخير..
في حين التفت احمد الى ملاك وقال:وانت يا ملاك؟..
اجابته ملاك بهدوء: على مايرام..
قالت ندى مبتسمة: بصراحة انا احسد مها لان لديها صديقة مثلك..
تطلعت لها مها ببرود.. بدأ النفاق..في حين قالت ملاك بابتسامة: وانا ايضا احسدها لأن لديها عائلة مثلكم..
تساءل احمد بغتة: وماذا عن عائلتك؟..
ارتبكت ملاك بشدة.. وقالت وهي تزدرد لعابها: عائلتي؟ ..ماذا بها؟ ..
قالت احمد بخبث: اليس لديك عائلة كمها حتى تحسديها عليها؟..
قالت مها بحدة: احمد.. ما الذي تقوله؟.. انتبه جيدا لكلماتك ..
قال احمد وهو يهز كتفيه: انه مجرد سؤال..
قالت ملاك بألم: لدي عائلة ولكن ليس بمثل حجم عائلة مها..
قال متسائلا: وماذا عن والدك؟..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: انه مسافر للخارج..
قال احمد بخبث: بلى لقد سمعت ان رجل الاعمال خالد محمود قد ترك البلاد من اجل صفقة تجارية في الخارج.. اليس هذا صحيحا؟ ..
قالت ملاك وهي تومئ برأسها: بلى صحيح..
توقفت عقارب الساعة بغتة بالنسبة لمها.. لقد اتسعت عيناها عندما ادركت مكر احمد وخبثه بعد ان استدرج ملاك لقول الحقيقة..تبا له..يالك من ماكر وخبيث انت ووالدك ..وقالت بحدة وهي غير قادرة على تحمل ما فعله: تعني محمود سالم بكل تأكيد..يبدوا ان ملاك لم تسمع الاسم جيدا..
ضحك احمد باستفزاز وقال بخبث: ربما..
يا الهي .. ماذا فعلت يا ملاك؟.. ستوقعين بنفسك في مشاكل وانت غير قادرة على مواجهة ابسطها..وقالت ندى في تلك اللحظة وهي تحاول استثارة ملاك: ولكن الم يقل مازن في تلك المرة ان والدك يعمل موظفا في البنك؟..
ارتبكت ملاك واضطربت ملامحها بشدة.. ولم تستطع النطق بحرف واحد بعد ان علمت بأي امر اوقعت نفسها.. وانقذها من هذا الموقف صوت مازن وهو يقترب منهم ويقول بصوت حازم: بلى قلت هذا.. من لديه شك فيما قلته..
قال احمد بسخرية: لا احد..
ومن ثم اردف وهو ينهض من مكانه: هيا يا ندى لقد تأخرنا ..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: لم تشربا شيئا بعد..
قال احمد بابتسامة غامضة: لا يهم.. المهم انناحصلنا على ما نريد ..
لم يفهم مازن مايعنيه ولكنه نهض من مكانه وهو يوصلهم الى الباب الرئيسي وما ان خرجا من الباب حتى قالت مها بانفعال: لقد انتهى الامر.. لقد علما بكل شيء..
قال مازن بدهشة: ماذا تقولين؟..
قالت مها بعصبية: ذلك الاحمق احمد.. لقد استدرج ملاك في الحديث حتى اكدت له ان والدها هو خالد محمود رجل الاعمال ..
ارتفع حاجبا مازن وقال بتوتر: ماذا؟..
- هذا ما حدث.. ما الذي سنفعله الآن؟..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بتوتر: لقد انكرت هذا امامهم مرارا .. وسنقول ان ملاك قد سمعت الاسم بشكل خاطئ..
قالت مها بحدة: اتظن انهم سيصدقوننا..
قالت ملاك في تلك اللحظة بصوت مرتجف: انها غلطتي..
التفت لها مازن ومها وشاهدا وجهها الذي بات شاحبا بشدة ..واقرب الى شحوب الموتى..وقال باشفاق: لا تدعي هذا يؤثر عليك.. جميعنا كنا سنقع في الخطأ ذاته..
التفتت له وقالت بصوت اقرب الى البكاء: ماذا عسانا ان نفعل الآن؟..
قالت مها في سرعة: مازن.. ما رأيك ان نأخذها الى مكان ما؟.. ريثما يعود عمي من السفر .. حتى الغد فحسب..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه مفكرا: مكان؟.. مثل ماذا؟ ..
والتفت بغتة الى ملاك وقال متساءلا: انت تعرفين اين يقع منزلكم جيدا وتعرفين الطريق الى هناك .. صحيح؟..
اومأت ملاك برأسها.. فقال بهدوء: سآخذك الى هناك اذا.. لأن منزل والدك لا احد يعلم مكانه سواك الآن..
صمتت ملاك بتردد..فقالت مها بهدوء متحدثة الى مازن: لا تحرجها يا مازن .. بكل تأكيد والدها طلب منها ان لا تخبر احد عن مكانه ..
قال مازن بنفاذ صبر: اذا ما الحل في رأيك؟..
قالت مها وهي تزدرد لعابها: لدينا منزل صغير عند البحر .. اليس كذلك؟.. خذها الى هناك..
قال مازن بحدة: يالغبائك.. انهم سيبحثون هناك بكل تأكيد ..
قالت مها بقلة حيلة: اذا ما الحل؟.. ما الحل؟..
صمت مازن وزفر بحدة وتوتر.. والتفت الى ملاك التي ظلت ملامح وجهها على شحوبها.. وعقد حاجبيه في تفكير عميق .. والسؤال نفسه يتكرر في عقله.. ما الحل ياترى؟..ما الحل؟ ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ابتسم فؤاد بانتصار وهو يربت على كتف احمد وقال: لقد اثبت لي الآن بأنك ابن اخي.. وان الدماء التي تجري في عروقي ..هي ذاتها التي تجري في عروقك..
ابتسم احمد وقال: انا طوع امرك دائما يا عمي.. واي شيء ستحتاج الى مساعدتي فيه..اتصل بي واخبرني دون تردد ..وسأنفذه على الفور..
قال فؤاد بابتسامة واسعة: انت تذكرني بشبابي بذكائك الحاد هذا..وخصوصا عندما استدرجت ابنة خالد في الحديث ..
قال ندى بغتة بتردد: عمي.. هل لي بسؤال؟..
التفت لها فؤاد فقالت : ما الذي سيحدث لملاك الآن؟..
قال فؤاد ببرود: لا تقلقي بشأنها فلن نؤذيها.. فقط ستكون وسيلة للضغط على خالد.. حتى يغير رأيه ويترك لناورثة والدنا.. بدلا من ان تكون من نصيب تلك العاجزة..
ازدردت ندى لعابها وآثرت الصمت .. في حين قال احمد : لقد قمت بما طلبت يا عمي.. ولكن لي عندك طلب بسيط..
ابتسم فؤاد وقال: اطلب ما شئت يا احمد.. لن ارفض لك طلبا ابدا..
ظل احمد صامتا لبرهة .. فقال فؤاد وابتسمته تتسع: لا تخجل يا احمد.. نقودي تحت امرك من عشرة الى مائة الف..
قال احمد وهو يهز رأسه نفيا: لا اريد نقودا..
قال فؤاد متسائلا وهو يعقد حاجبيه: اذا ماذا تريد؟..
قال احمد فجأة:اريد ان اطلب يد ابنة عمي امجد.. مها..
ارتفع حاجبا ندى في دهشة.. في حين ضحك فؤاد وقال: هذا فقط ما تريده..
اومأ احمد برأسه وقال: اجل.. وكنت اريد طلب يدها منذ فترة.. ولكني خشيت ان عمي امجد لن يوافق.. نظرا لكوني لازلت ادرس بالجامعة ولم احصل علىعمل بعد..
ابتسم فؤاد بثقة وقال: دعك من عمك.. سيوافق بالرغم منه ..
قال احمد بلهفة وفرح: حقا؟.. هل تستطيع اقناعه؟..
- بكل تأكيد..
قال احمد متسائلا بقلق: ومها؟.. ماذا عنها؟.. هل تستطيع اقناعها هي ايضا؟..
قال فؤاد بابتسامة خبيثة: لا عليك.. ستوافق بكل تأكيد .. عندما تعلم ان مستقبل الجميع يتوقف على موافقتها..
قال احمد وقد انفرجت اساريره: انت داهية يا عمي..
قال فؤاد بابتسامة سخرية: في عالم رجال الاعمال ان لم تكن تفكر بدهاء وتتخطى جميع القوانين لتصل الى كل ما تريده.. فستجد نفسك يوما خارج هذا العالم .. بعد ان يخطوا فوقك من هو الادهى منك ..
واردف بهدوء: والآن انتهت مهمتك يا احمد.. يمكنك العودة الى منزلك..
واستطرد بابتسامة صفراء: اما البقية فاتركها لي انا.. سينتهي هذا الامر كما اريد انا بالضبط..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال مازن بعصبية: وبعد يا مها؟.. الا يوجد حل لهذا؟.. هل سنستمر في التفكير طوال اليوم حتى يأتي عمي فؤاد الى هنا؟ ..
قالت مها بتوتر: ولماذا تتحدث الي هكذا؟.. ما شأني انا؟ .. الست انت الرجل هنا؟.. وعليك ايجاد حل لابنة عمك..
زفر مازن بحدة وقال: الحل الوحيد هو منزل ملاك..ولكن هي من ترفض اخبارنا بمكانه..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها: حسنا .. سافعل ما تشاء يا مازن.. وسأعود الى المنزل..
قال مازن وهو يلتقط مفاتيح سيارته: حسنا اذا .. هيا اســ...
قاطعته ملاك قائلة: سأتصل بالسائق ليوصلني الى هناك..
قال مازن بحدة: الا تثقين بي؟..
قالت ملاك بصوت مضطرب: لقد وعدت ابي ان لا اخبر احدا مهما كان بمكان منزلنا..
قال مازن بحدة اكبر: ولكني ابن عمك اولا.. وانت في ظروف طارئة ثانيا.. لهذا يتوجب عليك اخباري..
قالت ملاك وهي تتحاشى نظراته: لا استطيع .. صدقني..
كانت مها طوال فترة النقاش صامتة.. كانت تعلم ان الحل الوحيد هو منزل ملاك.. وفي الوقت ذاته تعلم ان مازن على حق في اصراره.. فقد يتأخر السائق في الوصول الى هنا ويصل عمها فؤاد قبلهم الى هنا..
واسرع مازن يقول بصوت حاني: ملاك.. اسمعيني.. انت لا تعلمين السائق اين موجود الآن.. قد تقعين في مشكلة لو جاء عمي الى هنا قبله.. لهذا اطلب منك ان تخبريني لمصلحتك..
ظلت ملاك صامته لفترة زادت على الثلاث دقائق ومن ثم قالت بصو خافت: عدني اولا بأنك مهما حدث او سيحدث لن تخبر احد بما سأخبرك اياه..
ابتسم مازن وقال: اعدك ولو على قطع رقبتي..
ازدردت ملاك لعابها .. فمال نحوها وهو ينتظر ان تخبره بكل لهفة.. ربما لفضوله.. ربما لقلقه عليها.. المهم انه يريد معرفة مكان اقامتها.. وقالت ملاك بصوت هامس: انه يقع في المنطقة الـ...
(لا داعي لان تقولي أي شيء يا ملاك.. فقد انتهى الامر تماما)
التفت الجميع الى مصدر الصوت.. وتفجرت الدهشة على ملامحهم.. فقائل العبارة ذاك كان آخر شخص يتوقعون وجوده بينهم في هذه اللحظة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:24 AM   #22 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثاني عشر
"وداع"

كان الصمت هو سيد الموقف.. الصمت الذي سيطر على الاذهان وشل الاقدام.. ليتوقف الجميع متطلعين بذهول الى الواقف امامهم ناطق العبارة السابقة.. كان آخر شخص يتوقعون وجوده بينهم الآن.. آخر شخص من الممكن ان يخطر على اذهانهم.. ولكنه حطم توقعاتهم وجاء.. وهاهوذا واقف بينهم.. يتطلع اليهم جميعا بنظرة غامضة.. ومن ثم توقفت نظراته على احدهم..على ملاك على وجه التحديد...
وكان مازن هو اول من انتزع نفسه من ذهوله بينهم وقال بغير تصديق: عمي ؟!..كيف جئت الى هنا ؟.. ومتى؟..
اجابه قائلا: ما رأيك انت يا مازن؟.. كيف سأحضر غير بسيارتي.. ومنذ قليل ان كان هذا يهمك..
اما ملاك فقد ارتجفت شفتاها وهي تهمس بصوت خافت: هل انت حقا هنا يا ابي؟.. ام هو حلم كبقية احلامي يا ترى؟ ..
تطلع لها خالد بنظرة حانية ومن ثم قال : بل هو واقع يا صغيرتي.. انا هنا .. وقد عدت من اجلك..
ومن ثم تحرك باتجاهها ليميل نحوها ويقول بصوت دافئ: اشتقت اليك يا صغيرتي وبأكثر مما تتصورين..
سقطت ملاك بين ذراعيه لتقول ودموعها تتفجر من عينيها: وانا اكثر يا ابي.. لا تتركني مرة اخرى ارجوك..
مسح خالد على شعرها بحنان ومن ثم احاط جسدها بذراعيه وقال بهمس: تركت كل مالدي من اعمال .. فقط لاعود اليك يا ملاكي..
ازدرد مازن لعابه وقال مقاطعا: عفوا لمقاطعتي .. ولكن يتوجب عليك يا عمي ان تغادرانت وملاك المكان على وجه السرعة.. فعمي فؤاد علم بأمرها..
عقد خالد حاجبيه بضيق وقال: هذا ما كنت اخشاه..
واردف بشك: ولكن من اخبره ؟..
كاد مازن ان يهم بقول شيء ما..ولكن ملاك اسرعت تقول وهي تمسح دموعها وتبتعد عن والدها قليلا: ليس لأحد شأن فيما حدث يا ابي.. انها غلطتي.. لقد زل لساني امامهم بالحقيقة ..
واردفت وهي تلتفت لتتطلع الى مازن ومها بامتنان: وانا اشكرهم من كل قلبي.. على ما فعلوه لأجلي.. لقد حاولوا اخفاء الامر قدر المستطاع.. هذا بالاضافة لمحاولتهم حمايتي..لقد كانوا لي مثال الاخوة يا ابي..
لم تعجب خالد النظرة التي كانت في عيني ملاك وهي تتطلع الى مازن وكذلك مها.. فقال بصوت هادئ يخفي الكثير من الضيق: يبدوا ان اشياءا كثيرة قد تغيرت في عدم وجودي..
واردف وهو ينهض من مكانه: من فضلك يا مها اطلبي من نادين ان تجهز حقيبتها وحقيبة ملاك.. لنغادر المنزل..
اومأت مها برأسها وكادت ان تنهض من مكانها.. لولا ان قال مازن: لقد طلبت منها ذلك قبل قليل.. لاني كنت في طريقي الى اخراجها من المنزل بالفعل..
قال خالد ببرود: اذا اطلبي منها ان تحضر الحقائب وتتبعني الى السيارة ..
اما ملاك فقدرأت والدها في تلك اللحظة يهم بدفع مقعدها.. فاسرعت تقول: اسبقني انت يا ابي.. سأذهب لأحضر شيء ما من غرفتي واودع ابناء عمي والحق بك..
تطلع لها بنظرة صامتة ومن ثم قال: لا بأس ولكن اسرعي..
قالت وهي تومئ برأسها: سأفعل..
اسرعت ملاك تحرك عجلات مقعدها الى حيث تقف مها التي كانت تتحدث الى نادين.. وما انتهت من حديثها معها.. حتى قالت ملاك وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: اردت ان اودعك قبل ان اذهب يا مها..
التفتت لها مها وقالت بتأثر: الم تغادري بعد يا ملاك؟.. والدك ينتظرك..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: اردت ان اودعكم اولا.. فمن يدري متى سأراكم مرة اخرى..
انحنت مها وهبطت الى مستوى ملاك لتقول بصوت حاني وهي تمسك بكلتا كفيها: ستريننا وقتما تريدين يا ملاك.. ويمكنك الاتصال بنا كذلك في أي وقت..
قالت ملاك بصوت اقرب الى البكاء: انت تعلمين بالظروف التي استجدت الآن.. لا اظن ان ابي سيسمح لي بزيارتكم تحت هذه الظروف..
شددت مها من قبضتها على كف ملاك وقالت بابتسامة شاحبة: ولكننا سنظل دائما اخوات.. اليس كذلك؟..
أومأت ملاك برأسها وترقرقت الدموع في عينيها.. فاسرعت مها تمسح دموعها وتقول برقة ولطف: والآن يا ملاك.. عليك ان تسرعي بالمغادرة.. الوقت ليس في مصلحتك..
قالت ملاك بصوت خافت: لا يوجد شيء في مصلحتي ابدا..
قالت مها وهي تزدرد لعابها لتبتلع الغصة التي في حلقها: لا تقولي هذا.. جميعنا الى جانبك.. والله تعالى سيكون معك دائما..
ابتسمت ملاك بامتنان.. ومن ثم التفتت بمقعدها مبتعدة وقالت بهمس: اتمنى ان اراك عما قريب يا مها..
قالت مها بابتسامة حانية:وانا كذلك يا ملاك ..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها: سأطلب منك طلبا اخيرا..
والتفتت لها لتردف: لقد تركت الفستان هنا يا مها.. لا اريد ان آخذه معي.. احتفظي به لاجلي لو عدت الى هنا يوما ما..
قالت مها بدهشة: ماذا تعنين يا ملاك؟..
قالت ملاك بألم: اعني ان تتركيه كذكرى عندك.. لتتذكريني به.. والايام الجميلة بالنسبة لي التي قضيتها في منزلكم..
قالت مها بحيرة: لم لا تأخذينه معك؟.. نحن سنذكرك دائما به او من دونه..
- لن يقبل ابي صدقيني..
واردفت وهي تمضي في طريقها: الى لقاء لعله يتجدد يوما ما..
وابتعدت بمقعدها مبتعدة عن المكان.. لتعبر الردهة ومن ثم تتوجه الى الباب الرئيسي و...
(ستغادرين دون ان تودعيني يا ملاك)
خفق قلب ملاك بقوة.. وازدردت لعابها لتخفي توترها واضطرابها..وحاولت ان تنطق بحرف واحد ولكنها لم تستطع.. المها على فراقه.. جعلها تكتفي بنظرات الحزن على الكلام..وقال مازن مستطردا وهو يتقدم منها بابتسامة: لو فعلت هذا لم اكن لاسامحك ابدا..
قالت ملاك وهي تحث نفسها على الحديث: ربما لا تحتاج في التفكير في ان تسامحني او لا.. فقد تكون هذه آخر مرة اراك فيها..
قال مازن بحزم وتهديد: اياك وان تقولي شيئا كهذا يا ملاك.. مهما حدث سنجتمع مرة اخرى..
واردف بابتسامة حانية: صدقيني.. اعلم ان الذهاب الى منزلك من مصلحتك.. ولكن منزلنا من غيرك سيكون كئيبا و...
بتر عبارته بغتة واردف بصوت هامس: وسأشتاق اليك كثيرا ..
ارتجفت اطراف ملاك وتسارعت دقات قلبها وهي ترى نظراته لها.. وابتسامته الحانية الموجهة اليها.. وكلماته التي تحمل حنان الدنيا بأكمله.. وازدردت لعابها لتقول بصوت خافت يحمل الكثير من المرارة: سـأشتاق اليكم جميعا..وحاولوا ان تتصلوا بي عندما تتذكروني..
قال مازن بتأنيب: نحن لن ننساك حتى نتذكرك يا ملاك..
واردف وهو يفسح لها المجال للمغادرة: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك..
كادت ان تغادر المكان ولكنه استوقفها مرة اخرى وهو يقول بصوت هامس ورقيق: فأنت غالية علينا جميعا..
ارتفع حاجبا ملاك.. بدهشة.. بفرحة.. بتوتر..خفضت عيناها بخجل وارتباك.. واسرعت بمقعدها مغادرة المنزل.. هربا من مشاعرها التي لا تتفجر الا بوجود مازن.. دون ان تنتبه الى الشخص الذي يسير باتجاه الباب الرئيسي.. واصطدمت به فجأة .. فقالت بارتباك شديد وهي ترفع رأسها اليه: معذرة لم اقصد..
وازداد ارتباكها اضعافا وهي ترى كمال يقف امامها بنظراته الباردة.. وانتظرت أي عبارة من عبارات تجريحه لها او عبارة باردة غير مبالية يلقيها على مسامعها.. ولكنه قال بهدوء: اذا ستغادرين..
اومأت برأسها بهدوء فقال: الى اللقاء يا ملاك.. واعتذر ان كنت قد تسببت في المك في يوم..
ابتسمت ابتسامة شاحبة وقالت: ابدا.. لم يحدث شيء..
رسم ابتسامة باهتة على شفتيه وقال: سنفتقدك كثيرا..
قالت ملاك بابتسامة شاحبة: وانا كذلك..سأفتقدكم جميعا..
واردفت وهي تخفي المها ومرارتها خلف ابتسامتها الشاحبة: اراك بخير يا كمال.. وداعا..
هز كمال رأسه نفيا وقال: بل الى اللقاء يا ملاك..
ازدردت ملاك لعابها وقالت وهي تومئ برأسها: معك حق.. الى اللقاء..
وسارت مبتعدة عنه.. وقلبها يعتصره الحزن لفراقهم جميعا.. كمال لا يعلم أي شيء مما حدث لها.. لهذا يظن انها ستعود يوما ما.. لكنه لا يعلم انها قد تكون المرة الاخيرة التي يراها فيها..
ترقرقت في عينيها الدموع وهي تصعد في سيارة والدها لتجلس الى جواره.. والذي ابتسم لها ابتسامة حانية وهو يقول للسائق: انطلق للمنزل..
ادار السائق محرك السيارة منطلقا بها الى المنزل.. وبدورها وجدت دموع ملاك طريقها لتسيل على وجنتيها بكل الم وحزن ومرارة.. واعتصرت قبضة باردة قلبها وهي تلقي نظرة اخيرة على منزل عمها.. وشريط ذكريات اسبوع تقريبا قد مضى يمر امام عينيها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تنهد مازن بقوة وهو يهم بالصعود الى غرفته.. حين استوقفه صوت كمال وهو يقول بهدوء: مازن..
التفت له مازن وقال بسخرية: لا يزال الوقت مبكرا يا اخي.. لم جئت؟..
قال كمال ببرود وهو يعقد ذراعيه امام صدره: لم ؟.. ما الذي حصل وكان يستوجب حضوري؟..
قال مازن وهو مستمر في سخريته: لا شيء ابدا.. فقط ان ملاك كادت ان تقع في مشكلة مع عمي فؤاد..لولا ان جاء والدها في الوقت المناسب..
عقد كمال حاجبيه وقال متسائلا: ما الذي حصل؟.. واي مشكلة تعني؟..
قال مازن وهو يمط شفتيه: لقد علم عمي بحقيقة ملاك.. وذلك بسبب احمد وندى اللذان جاءا الى هنا فقط لاستدراجها في الحديث..
قال كمال بضيق: وانت؟.. اين كنت ليحصل كل هذا؟..
زفر مازن بحدة ومن ثم قال: لم اكن اعلم بما يخططون له.. لقد ذهبت لغرفتي حتى استبدل ملابسي واعود اليهم.. ولكني عدت بعد فوات الاوان..
قال كمال مستفسرا: وبعد ماذا فعلت؟..
- بحثت عن حل من اجل ابعاد ملاك لمكان آمن.. ولكن عمي خالد اختصر علينا الامر وجاء ليأخذها الى منزله..
- ولماذا لم تتصل بي و تعلمني بالامر؟.. فربما استطعت فعل شيء ما لملاك..
ابتسم مازن بسخرية وقال: لا اظنك تهتم بأي شخص في هذا العالم.. وخصوصا ملاك..
قال كمال ببرود: ولم ملاك بالذات التي لن اهتم لامرها؟..
قال مازن وهو يلوح بكفه: انسيت؟.. منذ اليوم الاول لها هنا وانت تتعمد ان تجرحها بكلماتك القاسية.. وانت تعلم جيدا انها لم تتعامل مع احد من قبل.. وان كلماتك لها ستجرحها..
قال كمال بهدوء: لم اكن اتعمد ذلك.. ولكن لم اكن استطيع قول غيركلماتي تلك..
تطلع له مازن بنظرة طويلة متشككة ومن ثم قال: ماذا تعني بقولك هذا؟..
قال كمال متجاهلا سؤاله: ثم لا تبرئ نفسك.. فما فعلته مع ملاك يفوق ما فعلته انا بأضعاف المرات..
اشار مازن الى نفسه وقال باستنكار: ما فعلته انا؟.. وماذا فعلت؟.. اخبرني .. هل ضايقتها بكلماتي القاسية؟.. هل جعلتها تبكي الما لتجريحي لها؟..
قال كمال و يشير له ويتطلع اليه بقوة: لا هذا ولا ذاك.. ولكنك فعلت ما هو اعظم.. لقد عاملتها كأي فتاة اخرى تعرفها.. كمئات الفتيات الذين تقابلهن يوميا.. وتجعلهن يتعلقن بك.. ومن ثم تقول لهن بكل برود.. ان ما كان بينكم طوال تلك الفترة هي الصداقة ولا شيء آخر.. وتخبرهن ايضا بأنك لم تعدهن بشيء ابدا.. ولكن اعلم يا شقيقي العزيز.. ان نظراتك وتصرفاتك تكون سببا لأن تتعلق الفتاة بك.. وانت تفهم جيدا ما اعنيه..
صمت مازن مدهوشا للحظة ولكنه لم يلبث ان قال وهو يهز كتفيه: ملاك مختلفة.. انها ابنة عمي..واما عن بقية الفتيات فأنا لم اجبرهن على تكوين علاقة معي.. على العكس.. هن من يطلبن ذلك..
قال كمال ببرود: نظراتك التي تخص بها احدى الفتيات تدفعها لذلك.. تظن انك مهتم لأمرها.. ولكن على العكس.. انت لم تهتم يوما ولا بأي فتاة قد خصصتها باحدى نظراتك..
واستطرد كمال وهو يزفر بقوة: وملاك التي هي ابنة عمك كما تقول..لم تحترم صلة القرابة التي بينكما..بل كنت تخصها دائما بنظراتك يا مازن.. وكأنك تدفعها للتعلق بك كالاخريات..
قال مازن بحدة: من قال هذا؟..
سار كمال عنه ليصعد درجات السلم ومن ثم قال وهو يلتفت له ويلقي عليه نظرة باردة: نظراتها لك ..
قالها ومضى في طريقه ..دون ان يترك لمازن فرصة للسؤال عما يعنيه بقوله هذا..وليتركه في حيرة من امره..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ربت خالد على كتف ملاك وقال بصوت حاني والسيارة لا تزال في طريقها الى منزلهم: ملاك.. يكفي هذا.. ونحن قادمين الى منزل عمك كنت تبكين لأني سأسافر.. فلم تبكين الآن ايضا وها انذا قد عدت؟..
قالت ملاك بصوت مبحوح من شدة البكاء: انا سعيدة بعودتك يا ابي.. ولكني ابكي لفراق عمي وابناءه..
قال والدها وهو يتنهد: ولم تبكين لفراقهم؟.. ايستحقون دمعة واحدة من دموعك الغالية؟..
قالت ملاك بصوت خافت بعض الشيء: مها كانت كأخت لي تماما يا ابي.. وهي ومازن كثيرا ما كانوا يخففون عني آلامي واحزاني..
قال خالد بحزم: ملاك لقد اخذتك الى منزل عمك حتى لا تشعري بالوحدة فحسب في عدم غيابي.. وقد اخبرتك مرارا وها انذا اعيدها على مسامعك.. تناسي ان لديك ابناء عم وحاولي ان تواصلي حياتك بدون أي مشاكل..
قالت ملاك بصوت مختنق: بدون مشاكل وبدون اصدقاء وبدون اهل.. اعيش وحيدة في هذا العالم والى الابد.. اهكذا تريديني ان احيا يا ابي؟.. وحيدة الى الابد..
قال خالد بدهشة: ماذا تقولين يا ملاك؟..وانا اين ذهبت؟.. الست والدك ومعك دائما؟..
اشاحت بوجهها وقالت بمرارة: بلى.. ولكنك مشغول دائما بأعمالك وشركاتك.. وانا لا اجد سوى ساعتين في اليوم تقضيها معي..
- اليس كل هذا لاجلك يا صغيرتي؟..
التفتت له ملاك وقالت بصوت اقرب الى البكاء: لا اريد مالا.. لا اريد حياة ارقى وافخم.. اريد ان احيا مع اشخاص يفهموني وافهمهم.. يحبوني واحبهم.. هذا كل ما اريده يا ابي.. لااريد ان احيا وحيدة.. فهل طلبت الكثير؟ ..
ابتسم خالد بحب وحنان وقال: صغيرتي.. انا اعلم انك تشعرين بالوحدة .. ولكن الحياة ليست كما تظنينها.. وليس جميع الناس طيبون مثلك.. هناك الجيد والسيء.. وانت لن تستطيعي الحكم عليهم ابدا.. فبراءتك تحجب عنك كل ما يعتمل في صدروهم.. قد يكون الشخص الذي امامك يبدوا طيبا .. ولكن يحمل بداخله شرا ليس له آخر..انت تفهمين ما اعنيه يا ملاك .. اليس كذلك؟..
قالت ملاك برجاء: ولكنهم ابناء عمي.. لن يضروني بشيء..
قال والدها باستهزاء: ان كان عمك تفسه يريد ان يضرك.. فكيف بابناءه؟..
- انا اتحدث عن مازن ومها يا ابي..
قال خالد بحزم: واتظنين امجد طيبا يا ملاك؟.. لقد وقف في صف اخوته ضدي .. لمجرد اني كتبت الشركة باسمك.. لقد اعمت النقود اعينهم.. ولم يعودوا يستطيعون التفريق بين شخص غريب او قريب لهم..
عضت ملاك على شفتيها وقالت بمرارة: ولكني اعتدت وجودي بينهم يا ابي.. اريد ان اراهم مرة اخرى.. ارجوك ..
قال خالد بهدوء: اخبريني يا ملاك.. كيف تريدين ان تعودي اليهم بعدما حصل اليوم.. لو وجدك فؤاد فلن ترينني انا ايضا يا صغيرتي.. ارجوك.. انسي ابناء عمك.. وفكري بنفسك.. وفي حياتك..
قالت ملاك بمرارة: وبوحدتي الدائمة..
ربت والدها على كتفها بحنان وقال: سأحاول ان أكون الى جوارك قدر المستطاع.. وسأترك اعمالي للموظفين بالشركة .. ما رأيك؟..
تساءلت ملاك للمرة الاخيرة وصوتها يحمل كل رجاء والم: اهذا يعني اني قد رأيت ابناء عمي للمرة الاخيرة واني لن اراهم مرة اخرى؟..
زفر والدها ومن ثم قال : حاولي ان تتفهمي هذا يا صغيرتي..
قالت ملاك ودموعها تعود لأن تترقرق في عينيها: سأحاول يا ابي..
واردفت وهي تتنهد بمرارة: فليس امامي سوى المحاولة بتفهم الواقع بعد الآن...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
غياب ملاك عن المنزل جعل مها تشعر بفراغ كبير..وخصوصا بعد ان اعتادت وجودها والحديث معها يوميا.. وهذا ما جعل تفكيرها بحسام يزداد..كان اول شخص يخطر على ذهنها اذا حدثت لها أي مشكلة.. ليس لديها اخوات لتتحدث وتتناقش معهن في مشاكلها.. ومازن وكمال لم يهتما ابدا بها.. ووالدتها لا تراها الا مرة واحدة بالشهر.. ولا تريد ان تزيد همومها بمشاكلها.. ووالدها منشغل بأعماله وشركاته ليكون هذا على حساب ابناءه..
والآن بعد ان توترت العلاقة بينها وبين حسام لاول مرة.. الى من تتحدث ؟.. الى من تشكي همومها؟.. لقد كان دائما القلب الكبير الذي يعطف عليها.. ويحاول ان يسدي لها بالنصائح او يخفف عنها بكلماته الرقيقة معها.. ولكنها حمقاء.. اجل حمقاء عندما طلبت كل شيء.. الاهتمام والحنان والحب ايضا!!.. تريده ان يكون اخا وصديقا وحبيبا في الوقت ذاته..لم تكتف بكونه صديقا .. بل طمع قلبها بأن يبادلها الحب ايضا.. وهاهي ذي خسرته و...
لا .. ليس بعد.. لم تخسره بعد.. يمكنها ان تتصل به وتعتذر له عن تجاهلها له.. وتصرفها معه..وسينتهي الامر على ما يرام.. حسام طيب القلب وسيسامحها..
ولكن.. ماذا عن كرامتها وكبريائها؟.. اتدوس عليهما من اجل قلبها؟.. اترمي كرامتها خلف ظهرها وتتصل به بعد ان قابلها بنظراته الباردة؟.. ثم انه المخطأ ايضا بتجاهله لي طوال الوقت .. اجل هو المخطأ..
ترددت طويلا وهي تذرع غرفتها جيئة وذهابا ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى حقيبتها حيث هاتفها المحمول .. وبغتة.. حطم سكون الغرفة.. صوت رنين هاتفها.. فشهقت بقوة وهي تقول: ربما كان حسام..
وابتسمت بفرحة وهي تسرع باتجاه حقيبتها وتلتقط هاتفها منها.. ولكن الابتسامة اختفت.. وفرحتها تلاشت عندما شاهدت انه رقم صديقتها.. وشعرت بالسخط وهي ترمي هاتفها على الفراش وتزفر بحدة.. وما ان توقف الرنين حتى قالت وهي تزدرد لعابها بتوتر: لن يتصل.. انا اعرف جيدا انه لن يتصل بي.. لاني انا من ضايقه.. ولكني اكابر واحاول ابعاد هذه الحقيقة عن ذهني..ليس امامي سوى الاتصال به ..حتى تعود العلاقة بيننا كما كانت..
التقطت هاتفها وباصابع متوترة أخذت تضغط ارقام هاتف حسام .. وشعرت بدقات قلبها المضطربة وهي تستمع الى الرنين المتواصل..وهي تتمنى من كل قلبها ان يجيب على اتصالها وان لا يتجاهلها.. واخيرا سمعت صوته الذي وتر جسدها كله وهو يقول بنبرة لا مبالاية: نعم..
رفعت مها حاجبيها بدهشة واستنكار.. منذ البداية يتحدث اليها بجفاء هكذا.. واردف حسام عندما لم يسمع منها جوابا: ماذا هناك يا مها؟.. ماذا تريدين؟..
لم يكلف نفسه حتى عناء السؤال عنها.. وقالت مها وهي تحاول السيطرة على مرارتها لقسوته معها: كيف حالك يا حسام؟ ..
اجابها ببرود: بخير..
ران الصمت عليهما لدقيقة كاملة فقال حسام باستهزاء: انت لم تتصلي بي حتى تصمتي .. اليس كذلك؟.. لديك ما تقولينه بكل تأكيد.. لهذا تحدثي بسرعة حتى اعود لدراستي..
شعرت مها بغصة في حلقها وهي ترى اسلوبه معها.. هذا ليس حسام الذي تعرفه.. انه يبدوا شخص آخر تماما.. شخص لا مبالي ومتبلد المشاعر والاحاسيس.. وتحاملت مها على كرامتها وهي تلاقي كل هذا البرود منه وقالت: بلى .. لقد اتصلت بك حتى اسألك عن شيء ما..
قال حسام بلامبالاة: وما هو هذا الشيء؟..
قالت مها وهي تعض على شفتيها: اردت ان اسالك.. عن سبب معاملتك لي بكل هذا البرود واللا مبالاة..
قال حسام وهو يرفع حاجبيه: اعاملك ببرود ولامبالاة.. الم تقولي بنفسك اني اتجاهلك؟.. وها انتذا تعرفين المعنى الحقيقي لتلك الكلمة..
قالت مها بحدة: اذا انت تعاقبني الآن..
قال حسام وهو يزفر بحدة: لست في حاجة لمعاقبة احد.. هذا اولا.. وثانيا انت تدركين جيدا ما دفعني للتعامل معك بهذا الاسلوب..
صمتت مها للحظة ومن ثم قالت بخفوت: بلى اعرف..لهذا اردت ان اقول لك.. اني آسفة.. لم اقصد مضايقتك صدقني..
ران الصمت عليهم للحظات ومن ثم قال حسام بهدوء: لا بأس يا مها ان كنت حقا آسفة على ما فعلت..
قالت مها بنبرة تحمل الكثير من المشاعر التي في قلبها: حسام انا احتاج اليك ..لا تتركني مرة اخرى.. ارجوك..
قال حسام بابتسامة باهتة: انا معك دائما يا مها.. لا تقلقي..
قالت مها وقد شعرت بالسعادة.. لان طبيعة حسام عادت كما كانت..وانه قد عاد حسام الذي تعرفه..وقالت بصوت متوتر بعض الشيء: لقد حدثت اشياء كثيرة يا حسام هذا اليوم ..
قال بحيرة: اشياء؟.. مثل ماذا؟..
قالت مها وهي تزدرد لعابها بتوتر: ملاك قد غادرت المنزل قبل ساعة من الآن..
قال حسام بهدوء: كان لابد لها ان تغادر بعد ان يعود والدها من السفر.. وان كان الامر يتعلق باعتيادك عليها فـ...
قاطعته مها وقالت بهدوء: صحيح انني افتقد ملاك كثيرا ولكن الامر اكبر من هذا..
عقد حسام حاجبيه وقال: ماذا تعنين؟..
قالت مها وهي تتنهد: لقد جاء احمد وندى الى منزلنا اليوم ..ولم يكن غرضهما سوى استدراج ملاك بالحديث حتى زلت بلسانها بقول الحقيقة لهما..
قال حسام بحدة: لقد حذرتك من احمد هذا كثيرا.. ياله من حقير عندما يفكر باساليب خبيثة كهذه لمعرفة الحقيقة..
- لقد علمت من يكون احمد اليوم ..وعلمت انك محق في كل كلمة قد قلتها عنه واكثر..
قال حسام متسائلا: وبعد؟.. ماذا حصل بعد ذلك؟..
شرحت له الامر باختصار..فقلب حسام وهو يتنهد: من الجيد ان والدها قد جاء في الوقت المناسب.. والا وقعت ملاك في مشكلة هي بغنى عنها..
قالت مها وهي تحرك خصلات شعرها بتوتر: ولكن يا حسام ما حدث سيجعلها تمتنع عن الحضور مرة اخرى.. قد لا اراها بعد الآن ابدا..
قال حسام مبتسما: تفاءلي يا مها.. ومن يدري ماذا قد يحصل في المستقبل؟.. ربما ترين ملاك مرة اخرى و تقضي معك فترة اطول من سابقتها..
لم يعلم حسام لحظتها ان عبارته قد مست شيئا من الحقيقة دون ان يدرك ذلك.. والايام القادمة ستثبت له صحة مقولته هذه ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
التقط مازن مفتاح سيارته.. ودسه في جيب بنطاله..وواصل طريقه الى الطابق الاسفل ليعبر الردهة وابتسم وهو يلمح باب ملاك اثناء سيره.. وقال: لقد كان اسبوعا جميلا بحق..
وهز كتفيه وابتسامته لا تزال على شفتيه.. وهو يمضي في طريقه الى الباب الرئيسي.. لولا ان استوقفته الخادمة وهي تقول: سيد مازن.. هناك من يطلب رؤيتك..
التفت لها وقال: ومن الذي يطلب رؤيتي؟..
جاءه الصوت من عند الباب الرئيسي وصاحبه يقول: انا..
التفت مازن الى صاحب الصوت ومن ثم قال بصوت هادئ تشوبه رنة سخرية: اهلا عمي.. كيف حالك؟..
ابتسم فؤاد بثقة وهو يتقدم من مازن وقال: بخير.. ما احوالك انت واخوتك.. وابنة عمك؟..
ضغط على حروف كلمتي(ابنة عمك)..وكأنه يريد ان ينبهه بأنه قد عرف الحقيقة.. ولكن مازن قال بابتسامة ساخرة: جميعهم بخير.. وندى على ما اظن في منزل والدها وقد غادرت منذ ساعتين تقريبا..يتوجب عليك السؤال عنها هناك..
قال فؤاد ببرود: انت تعلم جيدا انني لا اعني ندى..
قال مازن وهو يصطنع التفكير: اذا من تعني.. ليس لدي ابنة عم غيرها على ما اظن.. وانت لم ترزق بأبناء كما اعلم ..
قال فؤاد وهو يعقد حاجبيه:لا تصطنع الغباء يا مازن.. فأنت تعلم جيدا انني اعني ملاك..
قال مازن بدهشة مصطنعة: وماذا بها ملاك؟..لقد غادرت منذ ساعة مع والدها.. فهل حدث لها شيء ما؟..
اتسعت عينا فؤاد وقال بغضب: غادرت؟؟.. كيف؟.. ومنذ متى؟..
ابتسم مازن ابتسامة انتصار وقال: لقد جاء والدها الى هنا واصطحبها الى منزله..
واردف مازن بسخرية وهو يتطلع الى عمه: ولكن لم كل هذه الاسألة عن ملاك يا عمي؟.. اتفكر بخطبتها لأحمد؟..
قال فؤاد بانفعال: لن يحلم خالد بأن نضع يدنا في يده الا بعد ان يعيد حقنا الينا..
قال مازن بمكر: ومن تحدث عن عمي خالد الآن؟.. انا اتحدث عن ملاك ووالدها يدعى محمود على ما اذكر.. وليس بينك وبينه أي مشكلات لأنك لا تعرفه اساسا..
وارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي مازن بعد عبارته الاخيرة.. ولكن فؤاد قال والغضب يشتعل في عينيه: مهما حاولت ان تكذب او تخفي الامر.. فلن تفلح.. لقد فات الاوان.. وادركت جيدا ان ملاك هي ابنة خالد.. مهما انكرت او انكر الجميع ذلك..
قال مازن مواصلا في سخريته: لكن بعد فوات الاوان..
ضيق فؤاد عينه بغضب وانفعال.. ومن ثم قال وهو يشير الى مازن: وليكن في علمك.. ان الحق سيعود لنا.. وملاك لن تهنئ بعد ان اصل اليها واضع يدي على مكانها.. خذ هذا وعدا مني..
والتفت مغادرا المكان.. في حين توتر مازن ودس اصابعه بين خصلات شعره.. وقال : لماذا انا دائما من يوضع في مثل هذه المواقف؟..
زفر بحدة وقوة.. وعندها سمع صوت كمال وهو يقترب منه ويقول : ما الذي حدث يا مازن؟.. كأني سمعت صوت عمي فؤاد قبل قليل..
التفت له مازن وقال : دائما تصل متأخرا يا كمال..
قال كمال وهو يعقد حاجبيه: ماذا تعني؟..
قال مازن وهو يمضي في طريقه: لقد انهيت الامر بطريقتي .. يمكنك الآن ان تعودمن حيث جئت..
تطلع له كمال ببرود ومن ثم قال: لا اتوقع ان الامر سيمضي على خير .. ما دمت قد تصرفت بطريقتك الخاصة..لهذا ان احتجت الى أي مساعدة.. اخبرني..
قال مازن وهو يمط شفتيه: لن احتاج اطمئن..
واكمل سيره ليغادر المنزل ويزفر بقوة.. ومن ثم قال متحدثا الى نفسه: ما هذا الحمل الكبير الذي اصبحت مسئولا عنه؟.. هل اسطيع حمل كل هذا على عاتقي ومواجهة اعمامي ايضا؟ ..
واردف بابتسامة : ولكن اتعلمين يا ملاك.. اشعر بأنك قد اصبحت مسئولة مني بالرغم مني .. وعلي حمايتك بكل الوسائل والطرق لدفع أي خطر عنك..
قالها وواصل سيره الى حيث سيارته.. وما ان انطلق بها.. حتى ابعد ملاك عن ذهنه.. فهو لم يتخيل ابدا.. بعد كل تلك الصداقات التي كونها مع مختلف الفتيات.. ان تشغل تفكيره في النهاية فتاة عاجزة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال خالد وهو يطرق باب غرفة ملاك: هل يمكنني الدخول يا صغيرتي؟..
قالت ملاك في سرعة: بالتأكيد يا ابي..
فتح الباب وقال وهو يتقدم منها: كيف حالك الآن؟..
قالت بهدوء: بخير..
مال نحوها وقال بابتسامة واسعة: الم تنسي ان تسألي عن شيء ما؟..
قالت ملاك بحيرة: شيء؟؟..
اومأ خالد برأسه ايجابيا وقال: اجل .. شيء انت طلبته بنفسك.. ونسيت امره تماما..
قالت ملاك وهي تتنهد: ما حدث اليوم في منزل عمي يا ابي.. جعل كثير من الامور تغيب عن ذهني..
قال خالد وهو يبتسم بحنان: ما حدث في منزل عمك.. هو كابوس ولن يتكرر.. انسيه تماما..
- سأحاول..
قال والدها مغيرا دفة الحديث: حسنا سأساعدك على تذكره .. شيء طلبت ان اشتريه من الخارج بالذات.. ولم تقبلي ان اشتريه من هنا..
ارتفع حاجبا ملاك ومن ثم قالت فجأة: الطائر..
ضحك وقال: اجل هو.. لم احضره الى هنا حتى افاجئك به.. من الغريب انك لم تسألي عنه ابدا منذ حضورنا الى هنا.. وهو الذي كان ينتظرك..
ابتسمت ملاك وقالت: اريد ان اراه يا ابي.. ارجوك..
قال خالد بابتسامة: في الحال يا صغيرتي..
ونهض من مكانه ليخرج خارج الغرفة.. ومن ثم يعود ليدخل غرفة ملاك وهو يحمل في يده هذه المرة قفصا صغيرا وبداخله طائر اصفر اللون وقال والدها مبتسما: ما رأيك في ذوق والدك؟ .. لقد اخترت لك طائر (الكناري) لأجلك .. اعجبني صوت تغريده .. وتوقعت ان يعجبك ايضا..
تطلعت ملاك الى الطائر بلهفة ومن ثم قالت بفرحة: رأئع يا ابي.. اشكرك كثيرا..
تطلع الى الطائر ومن ثم قال وهو يلتفت اليها: ماذا ستطلقين عليه؟ ..
قالت ملاك مستفسرة: هل هو ذكر ام انثى يا ابي؟..
قال خالد مبتسما: على ما اذكر.. لقد قال لي البائع انه ذكر ..
قالت ملاك وعيناها معلقتان بالطائر الاصفر: اذا .. سأطلق عليه اسم..مازن..
عقد والدها حاجبيه بقوة ومن ثم قال وهو يضع القفص على الطاولة المستديرة الموجودة بغرفتها: ولم مازن بالذات؟.. لديك آلاف الاسماء.. الم يعجبك الا اسم ابن عمك ذاك؟..
قالت ملاك وهي تستنكر عصبيته هذه: لو كان انثى لأطلقت عليه اسم مها.. ابي لقد وقف مازن ومها معي وقفة لن انساها مدى حياتي.. اتستكثر ان اطلق على طائر اسم احدهم؟ ..
قال والدها بحدة:ان كان الامر يتعلق بأبناء عمك فبلى.. استكثر ان تطلقي اسمهم امامي حتى..
قالت ملاك بلهجة اقرب الى البكاء: لماذا تكرههم يا ابي؟ .. لقد كانوا طيبين معي.. لم يسيئوا الي ابدا..
قال خالد وهو مستمر في حدته: لقد فعل والدهم وهذا سبب كافي بالنسبة لي لكي اكره ابناءه..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها عنه: بل غير كافي ابدا..
هبط خالد الى مستواها وزفر بحدة ليقول وهو يحاول ان يرسم على شفتيه ابتسامة: ملاك يا صغيرتي.. لا تحزني .. انا افكر فيما هو في مصلحتك دائما..
واردف وهو يربت على كتفها بحنان: وان كنت تريدين اطلاق على الطائر اسم مازن.. فليس لدي أي مانع.. مادام الاسم يعجبك.. فقط لا تتضايقي.. فأنت تعلمين اني لا احب ان اراك عابسة هكذا..
التفتت له ملاك وقالت بابتسامة باهتة: هل هذا افضل؟..
قال مبتسما: بكثير.. والآن.. هيا غادري غرفتك لنتناول طعام العشاء سويا..
اومأت ملاك برأسها وقالت بهدوء: حسنا..
ومن ثم اردفت متحدثة الى نفسها: (فقط لو تفهم ابناء عمي على حقيقتهم يا ابي.. لما اضمرت لهم كل هذا الكره )
ولكن.. من منهما على صواب؟.. وايهما المخطئ؟.. والدها بحقده على ابناء من كانوا سببا في تعاسته هو وابنته.. ام ملاك بطيبتها وتسامحها؟.. سأترك الجواب لكم انتم.. فأنا عن نفسي اجهل الجواب تماما...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:34 AM   #23 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثالث عشر
"غيرة"

شعرت ملاك بتردد كبير وهي تتطلع الى ورقة صغيرة الحجم .. خط عليها ارقام هاتف منزل وآخر محمول..وشعرت بالتوتر من افكارها.. وهي تجلس على اريكة الردهة.. وهاتف المنزل يجاورها.. اتتصل بمها؟.. لقد مضى يوم واحد فقط على مغادرتها لمنزل عمها.. ولكنها تشعر بشوق كبير لمها.. وخصوصا وهي اول صديقة في حياتها..اول اخت شعرت بها وشاركتها احزانها وافراحها.. ولكنها تخشى ان يتضايق والدها اذا علم انها اتصلت بمها..
تنهدت وحسمت امرها لترفع سماعة الهاتف.. وتضغط رقم هاتف مها المحمول.. وعلى الطرف الآخر كانت مها تجلس في الردهة وهي تتطلع بملل الى احد الافلام..وانطلق رنين هاتفها المحمول.. ليجعلها تلتفت له باهتمام.. وتعقد حاجبيها بحيرة وهي تتطلع الى الرقم المجهول الذي يضئ على شاشة هاتفها.. واجابت على الهاتف وهي تقول بحيرة: الو.. من معي؟ ..
اجابها صوت ملاك وهي تقول بخفوت وقد ارادت التأكد من ان من تحدثها هي مها نفسها: مها؟؟..
قالت مها وهي تعقد حاجبيها: اجل مها.. من معي؟..
ابتسمت ملاك بفرحة وقالت: انها انا.. ملاك..
قالت مها بلهفة: ملاك..كيف حالك؟.. اشتقت اليك كثيرا ..
قالت ملاك بابتسامة واسعة: بخير.. وانا ايضا اشتقت لكم كثيرا .. كيف حالكم جميعا؟.. انت وكمال و .. مازن ..
شعرت مها بالتغير الذي طرأ على صوتها عندما نطقت اسم مازن.. ولكنها تجاهلت هذا الامر وقالت مبتسمة: جميعنا بخير.. كيف حال دراستك؟..
قالت ملاك مبتسمة: مثل كل يوم.. اخبريني يا مها.. كيف حالك انت وحسام؟..
استغربت مها سؤالها وقالت: ماذا تعنين؟..
- لقد تضايقت بالامس بسببه.. اليس كذلك؟..
قالت مها وابتسامة ترتسم على شفتيها: يالك من فتاة.. اجل بسببه.. كيف عرفت؟..
قالت ملاك بابتسامة: نظرات الاهتمام التي كان يوجهها لك لم تعد في عينيه.. بل على العكس لم ارى سوى اللامبالاة ..وشعرت انه يتعمد ذلك.. فقد كان يتحدث الي متجاهلا وجودك .. وانت ايضا كنت تلاحقينه بعينيك.. والحزن يملأهما ..هل انا محقة؟..
قالت مها بدهشة: اكاد اشك انك على علم بشاجرنا مسبقا ..
ضحكت ملاك وقالت: ربما..
قالت مها متسائلة:هذا هو رقم هاتف منزلك .. اليس كذلك؟..
اجابتها ملاك بهدوء: اجل..
واصلت مها اسالتها وقالت: اليس لديك هاتف محمول؟.. على الاقل عندما اتصل بك.. اضمن ان تكوني انتي من سيجيبني..
- لا.. ليس عندي.. فلم احتاج الى هاتف محمول وانا لا اغادر المنزل الا نادرا وليس لدي من يسأل عني ابدا؟..
قالت مها بصوت حاني: ليس بعد الآن .. انا من سيسأل عنك دائما منذ الآن..
في هذه اللحظة سمعت مها صوت مازن وهو يتقدم منها ويجلس على مقعد مجاور..وقال وهو غير مهتم لتحدثها بالهاتف: الى من تتحدثين؟..
تجاهلته مها وهي تستمع الى صوت ملاك التي كانت تقول: انا سعيدة جدا لأن لدي ابناء عم مثلكم.. فقط لو يقبل ابي بان ازوركم مرة اخرى..
قالت مها مبتسمة: سيقبل .. صدقيني.. فقط حاولي ان تقنعيه.. فها هوذا قد وافق اول مرة عندما غادر البلاد و...
قال مازن مقاطعا مها: الى من تتحدثين يا مها؟.. اجيبي..
قالت مها وهي تتحدث الى ملاك: لحظة واحدة ..
ومن ثم التفتت الى مازن وقالت: وما شأنك انت من احادث؟ ..
قال مازن بسخرية: الست شقيقتي؟..
قالت مها : للاسف اجل..
وواصلت تحدثها الى ملاك قائلة: وكما اخبرتك يا ملاك.. سيوافق والدك .. حتى وان اختلف الامر بعض الشيء وفي ظل ما حدث...
شهقت مها بقوة عندما اختطف منها مازن هاتفها المحمول وقالت بحنق: اعد الي هاتفي يا مازن..
قال مازن بسخرية: هذا عقابك لأنك لم تخبريني الى من تتحدثين..
واردف وهو يضع الهاتف على اذنه: اهلا ملاك.. كيف حالك؟.. انا مازن..
ارتجف قلب ملاك بقوة.. لم يكن هناك أي حاجة لأن يعرف مازن عن نفسه.. فقد عرفته ملاك منذ اول كلمة نطقها.. كيف لا وصوته محفور في قلبها قبل عقلها..
وازدردت لعابها بارتباك وحاولت ان تنطق أي شيء.. ولكن انعقد لسانها.. وسيطر عليها اضطرابها.. فقال مازن مستفسرا: ملاك .. الا زلت على الخط؟..
اما مها فقد وقفت لتتقدم منه وتقول بانفعال: اعد الي الهاتف يا مازن ..
لم يأبه بها مازن .. وهو يستمع الى ملاك التي قالت اخيرا بصوت مرتبك: اهلا مازن..
قال مازن بلهفة: اهلا ملاك.. كيف هي احوالك بعد مغادرتك لمنزلنا؟.. اشتقنا اليك كثيرا..
قالت ملاك بصوت اقرب الى الهمس: وانا ايضا..
قال مازن مبتسما وهو يبعد عنه مها التي تحاول اخذ الهاتف من يده: المنزل يفتقد وجودك يا ملاك.. اتعلمين اني احيانا اتطلع الى غرفتك واتخيل انك ستخرجين منها؟..
توردت وجنتا ملاك بحمرة الخجل.. هل مازن يهتم بها الى هذه الدرجة حقا؟.. ام انها تتخيل؟.. اما مها فقالت بصوت عالي وهي تقف في مواجهة مازن: هذا يكفي .. اعطني الهاتف ..
فجأة سمعت صوت كمال وهو يقترب من المكان ويقول: مابك؟.. لم تصرخين هكذا؟..
قالت مها وهي تشير الى مازن بغضب: لقد كنت اتحدث الى ملاك .. عندما اخذ الهاتف من يدي واخذ يتحدث اليها كما يشاء .. ويرفض اعادة الهاتف لي..
التفت لها مازن عندما سمع عبارتها وغمز بعينه.. في حين قال كمال ببرود: تصرف لا يستغرب من شقيقك هذا..
قالت مها برجاء: كمال .. دعه يعيد لي الهاتف.. اريد التحدث الى ملاك..
التفت كمال الى مازن وقال: اعد اليها الهاتف يا مازن..
قال مازن بابتسامة: فلتحلم..
واردف متحدثا الى ملاك: وما هي آخر اخبارك؟..
سالته ملاك بغتة قائلة: اخبرني .. ماذا بها مها ؟..اسمع صوت صراخها ..
ضحك مازن وقال: الم تعلمي بعد؟.. لقد اخذت منها الهاتف عندما كانت تتحدث اليك..
قالت ملاك بدهشة: ولم فعلت هذا؟..
قال مازن ببرود: لقد رفضت اخباري الى من تتحدث اولا.. وثانيا لانني اردت التحدث اليك..
شعرت ملاك بخجلها يتضاعف.. مازن اراد ان يتحدث اليها هي.. لابد ان كل ماحدث قبل قليل هو مجرد حلم جميل وستستيقظ منه بعد قليل..وعلى الرغم من فرحتها بحديثها اليه.. قالت وهي تزدرد لعابها لتخفي ارتباكها وخجلها: اعده اليها..ربما تريد ان تخبرني بشيء ما..
قال مازن مبتسما: سأفكر..
اما مها فقد قالت متحدثة الى كمال بحدة: افعل شيئا يا كمال .. هل ستتحدث اليه وتصمت؟..
قال كمال وهو يمط شفتيه: وماذا تريدينني ان افعل ؟.. اضربه؟ ..
قالت مها بضيق: لا ولكن على الاقل حاول اخذ الهاتف منه..
ابتعد كمال عن المكان وقال ببرود: والدي نفسه لن يستطيع .. فعندما يريد شقيقك ذاك فعل شيء.. سيفعله بالرغم منا جميعا ..
وابتعد عن المكان.. تاركا مها تتطلع الى مازن بغضب الذي كان يستمع الى ملاك التي كانت تقول: اعده اليها.. ارجوك..
قال مازن بابتسامة واسعة: لاجلك فقط يا ملاك.. اما مها فلا تستحق ان اعيده اليها..
واردف بصوت هامس: اهتمي بنفسك جيدا.. وانتظر بكل شوق مكالمتك القادمة..
تسارعت ضربات قلب ملاك.. انه.. انه مهتم بها اكثر من كل مرة.. انه يحمل لها مشاعر ما.. ربما الاعجاب.. الميل .. او ربما.. الحب !!.. اناملها الممسكة بسماعة الهاتف بدأت بالارتجاف.. وتلك الافكار تدور بذهنها.. وعلى الطرف الآخر.. رمى مازن الهاتف لمها وقال بابتسامة واسعة: لم اعيده لك من اجل صراخك..بل من اجل ابنة عمك التي ترجتني ..
امسكت مها الهاتف بسرعة وقالت بحدة: كيف ترميه هكذا؟.. ماذا لو تحطم؟..
قال مازن بسخرية: سيتفتت الى اجزاء وتنتهي المشكلة..
لم تجد مها فائدة ترجى من الحديث الى مازن..فقالت وهي تضع الهاتف على اذنها وتتحدث الى ملاك: المعذرة يا ملاك على ما حدث .. لم اقصد.. ولكن مازن هو من اخذ الهاتف من يدي قجأة ..
قالت ملاك بهدوء: لا داعي للاعتذار يا مها.. فهو اراد الاطمئنان علي فحسب ..
لم تعرفي مازن بعد يا ملاك..في حين اردفت ملاك قائلة: سلمي لي على عمي يا مها.. وكذلك على كمال..اراك بخير..
ابتسمت مها بحنان.. بعد كل ما فعله كمال بك.. وبعد كل تجريحه لك.. تطلبين مني ان اوصل له سلامك.. بالفعل انت ملاك يا ملاك!..
وقالت مها مبتسمة: يصل.. وطمأنينا عليك دائما..
- سأفعل .. الى اللقاء..
- الى اللقاء..
انهت ملاك المكالمة.. وابتسمت بفرحة.. براحة.. بحنان وحب.. مازن.. انه مهتم بأمرها.. يفكر بها كما تفكر به.. ومن يدري ربما يبادلها المشاعر ايضا..
طيبة ملاك وقلة خبرتها بالحياة.. جعلتها ترى الامور من هذا المنظور .. ترى الحياة من خلف قناع الكذب والزيف والخداع.. يحجبها عن ادراك الواقع حاجز يسمى الطيبة والحب والقلب الصافي المحب لجميع الناس...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
سار حسام بين ممرات الجامعة مع رفيقيه.. وابتسم وهو يتحدث الى احدهم متسائلا: هه.. وماذا فعلت بعد ذلك؟..
قال رفيقه وهو يهز كتفيه: لا شيء.. تجاهلت الامر تماما.. فمن يهتم بكون فتاة ما تتطلع اليه ..
قال حسام وهو يغمز بعينه: احقا لا يهمك..
قال زميله بخبث: لست مثلك.. فمنذ ان ترى ابنة عمتك تلك.. وانت تتركنا لتذهب وتتحدث اليها..
قال حسام بهدوء: ها انتذا قلتها.. ابنة عمتي ومسئولة مني..
قال زميله الآخر بابتسامة: ها هي ذي .. لو انكم تحدثتم عن الف قطعة نقدية افضل..
قال حسام بابتسامة واسعة: بل ابنة عمتي اثمن من مليون قطعة نقدية..
قال زميله ساخرا: الن تدعونا للحفل اذا؟..
قال حسام مستغربا: أي حفل؟..
ضحك قائلا: زواجك..
قال حسام بحيرة: ومن تحدث عن الزواج الآن؟..
- لا احد.. فقط اذهب اليها قبل ان تمضي عنك..
قال حسام وهو يغمز بعينه مرة اخرى: حالا..
واسرع يبتعد عنهم..ليتوجه الى مها التي كانت كانت تسير لوحدها وقال مبتسما: مها..
التفتت له مها وقالت بلهفة وعلى شفتيها ابتسامة مسرورة: حسام.. اهلا.. كيف حالك وحال الدراسة معك؟..
قال وهو يهز كتفيه: كل شيء على ما يرام.. وانت؟..
قالت مها بغرور مصطنع: لا تحتاج لأن تسأل.. درجاتي دائما ممتازة..
ابتسم حسام وقال: يا للغرور..
واردف متسائلا: الى اين انت ذاهبة الآن؟..
تطلعت مها الى ساعة معصمها ومن ثم قالت: محاظرتي ستبدا بعد عشر دقائق.. لم؟..
قال حسام بهدوء: لا لشيء.. اردت الحديث معك فقط..
- بشأن؟؟..
- ما الذي استجد بشأن ملاك؟..
اجابته مها وهي تتنهد: اتصلت بي بالامس واخبرتني انها بخير..
قال حسام متسائلا وهو يسير الى جوارها: هذا جيد.. وانت؟.. هل تأقلمت على عدم وجودها معك في مثل المنزل؟..
قالت مها بأسف: اتريد الصدق.. لا.. احيانا اشعر انها سأراها وهي آتية لتتناول معنا طعام العشاء.. فمن يعرف ملاك من الصعب عليه ان ينساها..
قال حسام بابتسامة هادئة: معك حق.. انها فتاة بريئة المشاعر والاحاسيس.. يندر وجودها في هذا العالم..
واردف قائلا فجأة: مها اردت ان اسألك سؤالا منذ فترة..
قالت مها باهتمام: اسأل ما شئت..
قال وهو يشعر ببعض التردد لسؤاله: اتشعرين بالضيق عندما اتحدث امامك عن فتاة ما؟..
تطلعت له مها برهة بدهشة.. ومن ثم مطت شفتيها وقالت: ولم تسأل هذا السؤال؟..
قال حسام بحيرة: لان غضبك مني كان بسبب سؤالي عن صديقتك.. اليس كذلك؟..
قالت مها وهي تتطلع له بنظرة اتهام: ما رأيك انت؟..
وبدلا من ان يجيبها سألها باهتمام: ولم تتضايقين؟...
هل هو احمق الى هذه الدرجة؟.. لماذا تتضايق فتاة اذا تحدث شاب عن فتاة اخرى غيرها امامها؟.. أتكون تكره فتيات العالم اجمع مثلا ؟!!..
وقالت مها بسخرية مريرة: ان لم تكن قد فهمت هذا لوحدك.. فهذه مشكلتك..
قال حسام بتردد: اشعر بأنك يا مها.. أ.. تــهتمين لأمري أو لنقل..انك ...
بتر عبارته بغتة فقالت مها وهي تتسائل باهتمام اكبر على الرغم من توترها: اني ماذا؟..
قال حسام بابتسامة باهتة: لا اعلم ان كان يهيؤ لي ام لا.. ولكني اشعر احيانا انك تشعرين بالغيرة علي..
تطلعت له مها بنظرة غامضة بالنسبة له.. ولكن مها كانت تشعر بالفرح وقتها لانه اخيرا فهم.. اخيرا فهم مشاعرها تجاهه.. ولكن.. لا تريد ان يفهمها الآن.. يفهمها وهو لا يبادلها مشاعرها.. يفهمها وهو لا يحمل في قلبه لها اية مشاعر خاصة.. لهذا ستحاول ابعاد امر الغيرة عن ذهنه الى ان يبادلها مشاعرها..لا ان تكون مشاعرها من طرف واحد فقط..
وقالت اخيرا مصطنعة اللامبالاة بعد جهد كبير: لا..ابدا.. من قال اني اشعر بالغيرة عليك؟..
ابتسم حسام وغمز بعينه قائلا: وماذا في هذا؟.. الست وسيما وتخشين ان انجذب الى احدى الفتيات؟..
قالت مها وهي تشعر بالتوتر: بالنسبة للوسامة فربما معك حق.. ولكن لانجاذبك لاحدى الفتيات فلا اظن..
- ولم لا؟..
لم ترد ان تخبره انها لا تتخيله الا لنفسها.. وانها تشعر انه مهتم بها بشكل خاص.. ولكن ربما كانت كل تلك اوهام من وحي خيالها.. وانه يهتم بها على هذا النحو لانها ابنة عمته ..
وسمعته في تلك اللحظة يقول: اتعلمين معك حق.. فأنا لا اشعر بانجذاب لأي فتاة حتى هذه اللحظة..
كاد لسانها ان يزل وان تهتف به متسائلة بكل اللهفة التي في قلبها قائلة (وحتى انا؟).. ولكنها تدراكت نفسها في اللحظة الاخيرة وقالت بابتسامة شاحبة: الم اقل لك؟..
ومن ثم اردفت عندما وصلت الى القاعة: عن اذنك الآن يا حسام.. واراك بعد الجامعة..
قال بابتسامة: اذنك معك..
والتفت عنها وهو يعترف لنفسه.. انه لا يشعر بالراحة بالحديث الى شخص كما يشعر وهو يتحدث الى مها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(تبا.. تبا.. أي حظ هذا الذي يقف في صفها)
قالها فؤاد بعصبية وهو يجلس في ردهة منزله الفاخرة والمليئة بالتحف واللوحات الفنية الثمينة ..واردف قائلا بعصبية اكبر: تلك العاجزة استطاعت ان تفر هي ووالدها قبل وصولي اليهم .. ياللخسارة.. فقط لو اسرعت في الذهاب اليهم.. لأستطعت ان اصل اليها في الوقت المناسب..
قال عادل الذي كان يجلس في ردهة منزله هو واحمد: فؤاد كن منطقيا.. منزل امجد يبعد عن منزلك مسافة نصف ساعة .. كيف كنت ستصل اليها في الوقت المناسب وهي قد غادرت وقتها قبل ساعة كما تقول..
قال فؤاد بحدة وهو يبحث له عن حل: كنت سأسرع بالسيارة او اتخذ طريقا مختصرا..
واردف بانفعال: يالخالد المحظوظ وابنته استطاع ان يصل ويأخذ ملاك معه في الوقت المناسب.. وكأنه يعلم اني سأصل بعده ..
قال احمد بتردد: عمي.. وماذا عن ما اخبرتك عنه؟..
قال فؤاد بحدة: عما تتحدث؟..
قال احمد وهو يبعد نظراته عن عمه عندما لاحظ عصبيته: مها يا عمي..
قال عادل بدهشة: ماذا اخبرت عمك يا احمد بشأن مها؟..
قال فؤاد بسخرية: الا تعلم؟.. ابنك يفكر بالزواج من مها ..
قال عادل باستنكار: ولم لم يخبرني؟..
قال فؤاد ببرود: لانه يعلم انك لن توافق على زواجه لكونه لا يزال طالبا بالجامعة.. لهذا طلب مني ان اقنعك.. واقنع امجد ومها ايضا..
قال عادل بحدة وهو يلتفت الى ابنه: ولم انت متعجل هكذا؟.. انتظر حتى تكمل دراستك ..
صمت احمد ولم يعلق..اما فؤاد فقال وهو يمط شفتيه: ليس هذا وقته الآن.. المهم الآن ان نجد ملاك.. وليتأجل موضوع احمد لما بعد..
قال عادل بملل: وكيف ستجدها؟..
قال فؤاد بعصبية: بأي وسيلة كانت.. المهم ان نجدها..
- يالك من متفائل..
قال فؤاد فجأة وكأن قد خطر على ذهنه امر ما: خالد.. حالد بنفسه هو من سيرشدنا اليها..
قال عادل بحيرة: وكيف ذلك؟..
قال فؤاد بخبث:سأخبرك..
واخذ يخبرهم بالفكرة التي طرأت على ذهنه.. وبرقت حينها عينا عادل ببريق انتصار واعجاب.. وادرك ان خطة فؤاد عبقرية وخبيثة الى ابعد الحدود...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع خالد الى ملاك بحنان وهو يراها تتناول ملعقة من صحنها ومن ثم تنظر اليه.. فقال مبتسما: اعلم انك تريدين ان تقولي شيئا ما .. لهذا اخبريني عنه بسرعة..
قالت ملاك بارتباك: انه شيئين وليس واحد..
ضحك خالد وقال: لا بأس .. حتى وان كانوا عشرة .. فقط اخبريني..
ترددت ملاك ومن ثم قالت بابتسامة مرتبكة: اريد.. هاتفا محمولا..
رفع والدها حاجبيه بدهشة ومن ثم قال: ما هذا الطلب الغريب؟ .. لاول مرة تطلبين هاتفا محمولا..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها: في الحقيقة يا ابي.. لقد اتصلت بالامس وتحدثت الى مها.. وسالتني ان كان لدي هاتف محمول ام لا.. حتى تستطيع ان تتصل بي وقتما تشاء ..
صمت خالد قليلا ومن ثم قال: ولم لم تخبريني انك ستتصلين بمها من قبل ان تحدثيها؟..
قالت ملاك بارتباك: لقد خشيت ان تغضب .. ثم لقد اشتقت اليها واردت الحديث اليها..
الوضع يزداد سوءا يا ملاك.. لقد تعلقت بهم خلال اسبوع واحد فقط.. كيف يستطيع ان يزيلهم من تفكيرها الآن..وقال بهدوء: وماذا به هاتف المنزل؟..
قالت ملاك وهي تلوح بكفها: انت تعلم يا ابي.. ان الخدم هم اكثر من يجيبون عليه..
قال والدها متجاهلا عبارتها: وما هو الطلب الثاني؟..
لم تعرف ماذا تقول.. بحثت عن عبارة مناسبة لتخبره بما تريد.. ولكن جميع العبارات تفيد نفس المعنى وربما يتضايق والدها من طلبها.. وقالت بارتباك بعد ان اخذت نفسا عميقا: ابي.. في الحقيقة.. اني افكر..اني.. اعني ارغب في زيارة منزل .. عمي.. هذا ان لم يكن لديك مانع..
قال والدها بحدة: ماذا؟؟.. الم ننته من هذا الامر يا ملاك؟.. اجننت؟.. تريدين ان تذهبي لزيارتهم بعد كل ما حدث..
قالت ملاك برجاء: ولكني اشعر بشوق كبير لرؤيتهم ..ارجوك يا ابي.. دعني اذهب لزيارتهم ولو لمرة واحدة فقط ..
تطلع لها والدها بنظرة صامتة ومن ثم قال: سأرى الامر فيما بعد ..
تابعته عيناها هو ينهض من خلف طاولة الطعام ويتجه لدورة المياه كي يغسل يديه.. وتنهد وهو يتحدث الى نفسه قائلا: (يبدوا اني سارضخ للامر على الرغم من كل المشاكل التي قد تواجهنا .. وكل هذا من اجلك يا ملاك .. وحتى لا اشعر بأني قد قصرت في حقك يوما..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ارتسمت ابتسامة على شفتي مازن وهو يتطلع الى مها التي كانت جالسة خلف طاولة الدراسة بغرفتها وتحاول حل احد المسائل.. ولم تنتبه لمازن وهو يدخل الى غرفتها ولا وهو يتوقف عند باب الغرفة ويتطلع لها..
واخيرا ابتسم بمكر وهو يقترب منها ببطء.. ومن ثم يختطف هاتفها المحمول من جوارها.. وشهقت مها بقوة ومن ثم التفتت له لتقول بانفعال: ماذا بك؟.. الا تعرف الاستئذان؟..
قال مازن مبتسما وهو يضغط على ازرار الهاتف: دقائق فقط واعيده لك..
قالت وهي تمط شفتيها: لا تتعب نفسك لن تحصل على ما تريد..
توقف مازن عن ضغط ازرار الهاتف وتطلع الى مها قائلا بشك: واتعرفين ماذا اريد اولا؟..
اومأت برأسها وقالت بسخرية: اجل ..فأنت شقيقي وافهم تصرفاتك جيدا..
قال مازن بتحدي: حسنا وما الذي كنت اريده؟..
قالت مها بثقة: رقم هاتف ملاك..اصحيح ام انا مخطأة؟..
تطلع لها مازن بدهشة من اكتشافها لأفكاره.. وقال متسائلا: ولماذا ظننت انني اريد رقم هاتفها؟..
- هذا شيء معروف من مازن.. الذي اخذ نصف ارقام هواتف صديقاتي من هاتفي دون ان اعلم..
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وقال مبتسما: لم يصلن النصف بعد.. ربما كن ثلاثة او اربعة فحسب..
قالت مها باستهزاء: حقا؟.. وماذا يهمك انت بعددهن ما دمت انا من يتحمل اللوم في النهاية منهن؟..
واردفت وهي تلتفت عنه: ثم ان ملاك ليس لديها هاتف محمول ..لهذا لو حصلت على رقمها فستضطر لمحادثة ابيها احيانا والذي سيتساءل عن سر اتصالك بملاك وسيشك بك ايضا..
قال مازن بملل: لماذا تعقدين الامور ؟.. اعطني رقم هاتفها ولينته الامر..
قالت مها وهي تهز رأسها: لن افعل.. ولن تستطيع انت الحصول عليه كذلك..
- قمت بحفظ رقم هاتفها تحت اسم آخر .. اليس كذلك؟ ..
قالت مها ببرود: ليس هذا من شأنك ان قمت بحفظه تحت اسم آخر ام لا.. وربما اكون قد حفظته عن ظهر قلب وحسب ..
قال مازن بسخرية: فلتحفظي ما تدرسينه اولا حتى تحفظي رقم هاتف ملاك..
قالت مها متجاهلة سخريته: والآن من فضلك.. غادر الغرفة لاني ارغب في الدراسة بهدوء..
قال مازن وهو لا يزال مصرا على مطلبه: ورقم الهاتف؟..
- لن امنحك اياه مهما فعلت.. احصل عليه من احد غيري..
قال مازن بحدة: ستندمين يا مها..لا احد يتحدى مازن امجد..
قالت مها بتحدي: وماذا تستطيع ان تفعل؟.. اسمعني جيدا يا مازن .. لطالما تساهلت معك ووافقت بالرغم مني على اعطائك رقم فتاة من رفيقاتي تحت تهديداتك.. ولكن ملاك لا.. اتسمع؟.. لا..
- ولماذا ملاك بالذات؟..
قالت مها وهي تتنهد: لانها مختلفة.. لن تفهم تمثيلك عليها.. لن تفهم انك تستخدمها كوسيلة لتسلية نفسك.. لن تفهم كل ذلك.. وستظن انك تحمل لها مشاعر بقلبك..
قال مازن بتردد: من قال انني افكر بتسلية نفسي على حساب ملاك.. ملاك مختلفة بالنسبة لي صدقيني.. وانا لا افكر بالتسلية ابدا..ثم لو فكرت بأن اتسلى مع فتاة ما فلن اختار ملاك ابدا..
قالت مها بانفعال: اذا ؟.. ماذا ستفعل اخبرني؟.. ماذا وراء كل تلك النظرات والابتسامات والمحادثات؟.. اتفكر بالارتباط بها مثلا؟.. وحتى لو فكرت مع اني لا اظن ان شخص مثلك سيفكر بالارتباط بملاك.. هل سيوافق والدك او والدها على هذا الامر؟.. فكر جيدا بالامر يا مازن.. ربما تكون معجب الآن بملاك.. ولكنه اعجاب وسيزول .. كما زال اعجابك بعشرات الفتيات قبلها..
قال مازن وهو يبعد نظراته عنها: ليس اعجاب بالمعنى المفهوم ..كيف استطيع ان افسر لك؟.. يمكنك القول بأني اشعر بالراحة والسرورعندما اتحدث اليها..اشعر بشيء من اللهفة عندما لا ارها.. هكذا هي مشاعري تجاه ملاك..
- ولكنك تشفق عليها ولن تفكر بالارتباط بها ..صحيح؟ ..
قال مازن ببرود: ومن تحدث عن الارتباط الآن؟..
عادت مها لتكرر: صحيح؟..
زفر مازن بحدة ومن ثم قال: اجل صحيح.. فقد كان من الممكن ان افكر بملاك حقا لو لم تكن...
ظل مترددا ولم يكمل عبارته.. فقالت مها باستهزاء وهي تكمل عنه: عاجزة.. اليس كذلك؟.. قلها ولا تخجل يا اخي.. فهكذا انت دوما تبحث عن كل ما هو جميل ولا يكاد ينقصه شيء.. صحيح انه من حقك ان تختار من تشاء من الفتيات..ولكن ليس من حقك التلاعب بمشاعرهن ما دمت لا تفكر بالارتباط بهن .. وخصوصا ان كان الامر يتعلق بملاك.. فعندها انا من سيقف في وجهك.. وسأخبر عمي خالد بالامر بنفسي..
واردفت بحدة: لهذا اخبرك ومنذ الآن دع ملاك وشأنها ما دمت لا تفكر بها..
زفر مازن بحدة ومن ثم قال: لا استطيع.. ان هذا اقوى مني .. صدقيني..
- فكر بعقلك يا مازن.. انت لن تفكر بها ابدا.. فكر بصدمتها لو انها تعلقت بك.. ما الذي سيحصل لها لو علمت انك تلاعبت بمشاعرها لا اكثر ولا اقل؟..
زفر مازن بحدة وسار مغادرا غرفة مها بعصبية في حين قالت مها بقلق عندما غادر مازن غرفتها: واخشى ان الآوان قد فات لتصليح تصرفاتك هذه يا مازن.. فأكاد اقسم ان ملاك قد تعلقت بك بالفعل.. وان قلبها قد بات ينبض بحبك...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:40 AM   #24 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الرابع عشر
"حلم"

جالسة على كرسي فضي اللون.. يعكس اشعة الشمس المسلطة عليه.. وتبدوا شاردة الذهن وتلك الابتسامة ترتسم على شفتيها في تلك الحديقة الخضراء..تلفتت حولها لترى الزهور.. الطيور.. والسماء الزرقاء الصافية.. اشياء لطالما عشقتها وصنعت حوارا طويلا معها..اشياء حاولت ان تبثها مشاعرها وان تندمج معها في هذا العالم الرائع..
تلفتت حولها مرة اخرى وشاهدت وردة حمراء اللون .. حركت مقعدها قليلا لتصل اليها ومن ثم تمتد يدها لتقطفها .. وما ان فعلت حتى تأوهت بألم عندما جرحت اشواك تلك الوردة اصبعها.. وعضت على شفتيها وهي ترى اصبعها المجروح..و...
(ملاك..)
التفتت له بلهفة.. بشوق.. بهيام وحب.. التفتت له وعيناها تحملان كل ما يخفيه قلبها من مشاعر.. وهمست باسمه قائلة: مازن..
قال مبتسما وهو يتطلع اليها: تعالي..
رفعت حاجبيها باستغراب وحيرة ومن ثم قالت: ولكن قدماي عاجزتان..
عاد يكرر باصرار:تعالي .. هيا حاولي..
تطلعت الى قدميها بألم ومن ثم قالت وهي تهز رأسها: لا استطيع..
تقدم منها وقال وهو يمد لها كفه: بل تستطيعين..
مدت له كفها بتوتر.. وامسكت بكفه.. وهنا شد مازن قبضته على كفها وهو يعاونها على الوقوف.. وهنا فقط وقفت على قدميها.. وقالت بدهشة ممزوجة بالفرحة وهي غير مصدقة: انا اقف يا مازن.. اقف..
قال بابتسامة حانية: الم اقل لك؟..
تطلعت له بفرحة وحاولت ان تسير بخطواتها و...

افاقت ملاك فجأة على صوت طرقات على باب غرفتها ..لتنتشلها من عالم احلامها وتعيدها الى عالم الواقع..وارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها وهي تفتح عينيها وتتذكر تفاصيل حلمها ..ترى ما تفسير هذا الحلم؟.. ولم كان مازن بالذات؟.. ربما لانه هو من يشغل ذهنها دائما.. وما معنى وقوفها على قدميها وهي التي لم تشعر بهذا الشعور ابدا منذ ان كانت في الثانية من عمرها.. لا تكاد تتذكر حتى كيف كانت تسير.. وكثيرا ما تستغرب كيف يستطيع الناس السير على قدمين بكل هذه السهولة.. والوردة الحمراء.. ماذا تعني؟..
حاولت تحريك قدميها ولو حتى حركة طفيفة.. ولكن كان الامر اشبه لها بحمل الف طن من الحديد.. فقدماها لم تكن تشعر بهما ابدا.. وكأنهما غير موجودتان من الاساس .. وابتسمت لنفسها بالم وسخرية مريرة.. ما حدث كان حلما وحسب وعليها ان لا تحلق باحلامها بعيدا..
عادت الطرقات لتطرق على باب غرفتها وسمعت صوت والدها وهو يقول: الا زلت نائمة يا صغيرتي؟..
اسرعت ملاك تمسح عينيها بكفيها وتقول: لا ..ادخل يا ابي ..
واعتدلت في جلستها وهي تبتسم لوالدها الذي دلف الى الغرفة وقال وهو يقبل نحوها ويميل اليها ويقول وهو يمسح على شعرها: صباح الخير يا صغيرتي..
رفعت رأسها له وقالت بابتسامة: صباح الخير يا ابي..
جلس على طرف فراشها وقال بابتسامة: كيف حالك؟..
- بخير..
التفت الى حيث قفص الطائر ومن ثم قال: وماذا عن طائرك؟..
وكأنه يتعمد عدم نطق اسمه.. والتفتت ملاك الى طائرها لتقول: مازن.. انه بخير..
قال وهو يداعب وجنتها: سأغادر الآن الى الشركة.. اترغبين بأي شيء يا صغيرتي؟..
داعبت قلادتها ومن ثم قالت وهي تهز رأسها: لا.. شكرا لك..
قبل جبينها بحنان ومن ثم قال وهو ينهض عن فراشها: اهتمي بنفسك جيدا..
التفتت له ملاك وقالت بابتسامة: وانت ايضا يا ابي..
وابتعد مغادرا الغرفة واغلق الباب خلفه.. في حين التفتت ملاك الى طائرها وقالت مبتسمة: أأخبرك بشيء يا مازن؟..
سمعت صوت تغريده العذب فأردفت وفي عينيها نظرة حالمة: اتمنى لو استطيع الاتصال به.. لو تعلم كم اشتقت اليه.. والحلم الذي حلمت به هذا اليوم.. جعل شوقي يزيد تجاهه.. اريد ان اراه.. ولو لدقائق..
غرد العصفور مرة اخرى.. فقالت ملاك بابتسامة باهتة: ادرك جيدا ان ابي لن يوافق ان ازورهم .. وانه لم يأجل الموضوع بالامس الا لأنه غير راغب بالحديث فيه.. في رأيك هل اتصل بمها فربما استطعت التحدث اليه؟..واليوم هو يوم اجازة ومها ستكون بالمنزل صباحا..
ومن ثم التقطت من على الطاولة الصغيرة المجاورة لسريرها قصة تحمل عنوان " حب الى الابد".. وابتسمت وهي تقول متحدثة الى نفسها: لم استطع ان اكمل القصة بعد.. وكل هذا بسببك يا مازن.. فكلما افتح صفحة واحدة اتذكر ما قلته لي في ذلك اليوم..
وتطلعت الى الوردة التي جفت اوراقها بين صفحات الرواية بنظرة حانية ومن ثم قالت : ولكن لقد تضايقت منك بالفعل يا مازن .. فكيف تقول ان الحب ليس موجودا في هذا العالم.. كيف احببتك انا اذا؟..
ابتسمت وهي تغادر سريرها لتجلس على مقعدها ..ومن ثم تستبدل ملابس النوم بقميص احمر اللون وبنطال اسود.. وابتسمت برضا عن شكلها قبل ان تغادر غرفتها.. وتوجهت الى طاولة الطعام لتتناول افطارها..ومن ثم لم تلبث ان ازدردت لعابها بتوتر وهي تتطلع الى هاتف المنزل.. اتتصل بمها؟.. وماذا في هذا؟.. ما المشكلة ان اتصلت بمها؟.. ولكنها كانت تعلم سبب ترددها هو مازن.. تريد ان تسمع صوته.. وفي ذات الوقت.. تشعر ان ما تفعله خاطئ لانها لا تكاد تتحكم بمشاعرها له..
وحركت مقعدها حتى وصلت الى الهاتف.. ومن ثم رفعت سماعته وزفرت بحدة قبل ان تضغط ارقام هاتف مها.. واجابتها مها بسرعة ولهفة: اهلا ملاك.. اشتقت لك على الرغم من اني حدثتك بالامس فقط..
قالت ملاك مبتسما: اهلا.. وانا ايضا.. ولكن لم تتصلي بي ما دمت قد اشتقت الي كما تقولين..
ابتسمت مها وقالت: كنت سأفعل .. صدقيني.. ولكن انت من سبقني..
قالت ملاك بمرح: هذا يعني اني انا من يحبك اكثر..
قالت مها في سرعة: لا ولكنك استيقظت قبلي.. واستطعت الاتصال بي قبل ان انهي تناول طعام الفطور حتى ..ثم ان هذا ليس مقياسا للحب..
ضحكت ملاك بمرح ومن ثم قالت بابتسامة: وبرأيك ما هو المقياس الحقيقي للحب؟..
- بصراحة المشاعر لا تقاس و...
بترت مها عبارتها عندما شعرت بيد على كتفها والتفتت وهي جالسة على طاولة الطعام الى صاحب تلك اليد ومن ثم قالت متحدثة الى ملاك: لحظة يا ملاك..
قالت ملاك بهدوء: خذي وقتك..
اما مها فالتفتت له وقالت: ما الامر يا كمال؟.. ماذا تريد؟..
قال كمال متسائلا: تتحدثين الى ملاك؟..
اومأت مها برأسها ايجابيا باستغراب فابتسم بهدوء وقال: اوصلي سلامي اليها..
قالت مها بحيرة: انت تريد ان توصل سلام الى ملاك؟.. امتأكد من قرارك هذا؟..
عقد كمال حاجبيه ومن ثم قال بضيق: لا تكوني سخيفة..
ابتسمت مها وقالت: حسنا حسنا لا بأس..
واردفت متحدثة اليه: ثم انها هي ايضا طلبت مني ان اوصل لك سلامها بالامس ولكني نسيت اخبارك..
هم بأن يقول شيء ما لولا ان تحدثت مها في تلك اللحظة الى ملاك وقالت مبتسمة: ملاك.. كمال يوصل لك سلامه..
ارتفع حاجبا ملاك باستغراب.. ولكنها قالت مبتسمة: ابلغيه سلامي انا ايضا..
ومن ثم قالت بارتباك: ومازن؟.. ما هي احواله؟..
ضحكت مها وقالت: انني اتلاعب باعصابه.. واعيد جزءا بسيطا من مضايقاته واستفزازه لي..
قالت ملاك بحيرة: وماذا فعلت؟..
- لانني شقيقة مازن واعرفه جيدا.. فقد علمت مسبقا انه سيحاول البحث عن رقم هاتفك بهاتفي.. لهذا فقد قمت بحفظه تحت اسم لن يتوقعه مازن ابدا..
تساءلت ملاك قائلة: وما هو هذا الاسم؟..
ابتسمت مها بمرح ومن ثم قالت: توقعي ماذا؟.. لقد اضفت رقم هاتفك الى رقم منزلنا.. فلن يخطر على بال مازن ابدا ان الرقم الذي يبحث عنه محفوظ تحت اسم منزلنا..
ازدردت ملاك لعابها وقالت بتوتر: ولم يبحث عنه؟..
صمتت مها للحظة وكأنها ادركت خطأ ما قالته.. ستفسر ملاك تصرف مازن الآن انه اهتمام بها.. ولن تفهم انه قد فعل هذا مع عشرات الفتيات غيرها.. وقالت مها بابتسامة باهتة: لا اعلم..
لم تجد حلا سوى ان لا تمنحها اجابة شافية.. فلا تريد ان تصدمها وفي الوقت ذاته لا تريدها ان تتعلق بأمل زائف..وواصلتا حديثهما حين قالت ملاك مبتسمة: اتعلمين.. لقد اخبرت ابي عن رغبتي في الحصول على هاتف محمول..
- هه.. وماذا قال؟..
اجابتها ملاك وهي تهز كتفيها: الجواب المعتاد.. تجاهل الامر ..
ضحكت مها بمرح في حين اردفت ملاك وهي تضغط على حروف كلماتها: ولقد اخبرته ايضا بأني ارغب بزيارتتكم ..
قالت مها بلهفة واهتمام: وهل وافق؟..
تنهدت ملاك ومن ثم قالت: ليته وافق.. لقد قال انه سيأجل الامر لما بعد.. ولكن اظن بما انه تعمد تأجيله لأنه لن يوافق ابدا.. واذا لم يوافق فلن اتضايق او اعتابه.. فهو يفعل ما هو في مصلحتي..
قالت مها باسف: يؤسفني اني لن اراك في الوقت الحالي.. لقد افتقدتك كثيرا..
ابتسمت ملاك وقالت: وانا ايضا..و...
بترت عبارتها بغتة ومن ثم قالت بضيق: معذرة يا مها.. علي المغادرة الآن.. فقد حضر الاستاذ..
قالت مها مبتسمة: لا عليك.. لم يحدث شيء..
- الى اللقاء اذا..
- الى اللقاء..
اغلقت مها هاتفها وواصلت تناولها لطعامها لولا ان انتبهت بغتة لشخص ما يقف خلفها.. فالتفتت في سرعة ومن ثم قالت بدهشة: كمال .. الا تزال واقفا هنا؟..
قال وهو يعقد ساعديه امام صدره: اطلب تفسيرا لما فعلته..
قالت بدهشة: ماذا فعلت بالضبط؟..
قال وهو يمط شفتيه: بشأن رقم هاتف ملاك..
قالت بحنق: انت تعلم جيدا ان مازن سيبحث عن رقم هاتفها بين الارقام المخزنة في هاتفي.. لهذا اضطررت لفعل ذلك.. لكن ارجوك لا تخبره بشيء.. لا اريد ان يتحدث الى ملاك كما يشاء من وراء ظهورنا..
قال كمال ببرود: وهل انا احمق حتى افعل؟..
واردف قائلا: وماذا عن عدم ايصلاك سلام ملاك الي؟..
قالت بابتسامة ساخرة: ظننتك لن تهتم ان ارسلت لك سلاما او حتى هدية باهضة الثمن..
قال كمال وهو يتطلع اليها: ماذا تظنيني يا مها؟..شخص بلا مشاعر..
قالت مها بضيق: فسر تصرفاتك لي انت اذا.. تتعمد ان تضايق ملاك بكلماتك.. تتعمد جرحها بتلميحاتك.. تتطلع اليها ببرود وضيق وكأنك غير راغب برؤيتها.. وبعد كل هذا تطلب مني ان اوصل سلامها لك.. لقد ظننت بعد كل ما رأيته من تصرفات تجاهها.. بأن مجرد سماع اسمها لن يهمك.. فلم اوصل سلامها لك اذا؟..
قال كمال مدافعا عن نفسه: لم اتعمد جرحها او مضايقتها.. لم اتعمد حتى ان اتطلع لها ببرود.. ولكن كل هذا حدث بالرغم مني..
قالت مها باستنكار: كيف بالرغم منك؟.. لا يوجد شيء يحدث بالرغم منك.. مادمت اردت مضايقتها..ففعلت بكل بساطة..
قال كمال بحدة: انت لا تفهمين..
قالت بحدة مماثلة : ولا اريد ان افهم.. لقد اوصلت لها سلامك وانتهى الموضوع.. ماذا تريد ايضا؟..
زفر قائلا: لاشيء.. لا اريد شيئا ابدا..
وابتعد عنها ليتوجه الى السلم ويصعد الطابق الاعلى.. ومها تستغرب تصرفات شقيقيها.. فمازن ان كان مهتما بملاك.. فهي تعلم جيدا ان اهتمامه بها ينطوي على علاقاته بالفتيات.. ولكن ماذا عن كمال؟.. كمال الذي يتعمد ان يجرح ملاك دائما.. مهتم الآن لأن اوصل له سلام منها.. يا للمفارقة! .. حقا لن افهم كمال هذا ابدا...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
رنين متواصل ازعج فؤاد وجعله يتململ في جلسته ويترك مافي يده.. ليلتقط سماعة هاتف مكتبه ويجيبه قائلا: من المتحدث؟..
جاءه صوت عادل وهو يقول: اهلا فؤاد.. كيف تسير اعماك؟..
قال فؤاد بلامبالاة: ممتازة كما هي دائما..
قال عادل باهتمام: وماذا فعلت؟..
قال فؤاد وهو يعقد حاجبيه متسائلا: بشأن خالد؟..
- اجل..
قال فؤاد بهدوء: كل شيء كما خططت له.. لقد ارسلت شخصا لمراقبة تحركاته.. وسيعلم مواعيد ذهابه وايابه من الشركة.. هذا بالاضافة لمعرفته طريق أي مكان سيذهب له..
قال عادل متسائلا: ولم لم تذهب بنفسك لمراقبة تحركاته؟..
قال فؤاد وهو يمط شفتيه: سيتعرف على سيارتي.. وحتى وان قمت بتغييرها.. فقد يتعرف على سائق السيارة..
قال عادل مواصلا تساؤلاته: وان علمت بمكان منزله.. ما الذي ستفعله حينها؟.. هل سنهدده بأمر معرفتنا لمكان منزله وبابنته؟..
- لا بكل تأكيد.. لو هددناه حينها سيغير مكان منزله بكل بساطة.. وسيكون اكثر انتباها وتيقظا لجميع تحركاتنا..
- اذا؟؟..
اجابه فؤاد وهو يبتسم بخبث: اولايجب ان نعرف مكان منزله.. ومن ثم سنترك الامور تسير بهدوء وكأن شيئا لم يكن.. حتى يغادر البلاد.. وتكون لنا الفرصة لنتصرف بحرية..
ابتسم عادل وقال باعجاب: يدهشني تخطيطك لكل هذا يا فؤاد.. وحتى ابسط الامور..
قال فؤاد بغرور: انت تتحدث الى فؤاد محمود.. المشهور بالذكاء والعبقرية في عالم رجال الاعمال..
واردف قائلا: وستكون ملاك بين ايدينا هذه المرة.. حتى نسترجع جميع حقوقنا منه ..فملاك هي نقطة ضعف خالد الوحيدة ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ضيق حسام عينيه وهو يمسك ببندقية التصويب بين يديه.. ويحاول التركيز على الاصابة على نقطة المئة بدائرة التصويب ..وبعد تركيز طويل اطلق برصاصته التي اصابت نقطة الخمسين.. وابتسم قائلا وهو يبعد البندقية عنه: جيد..
سمع صوتا من خلفه يقول : بل سيء جدا..
ابتسم حسام وقال وهو يلتفت الى صاحب الصوت: الا تعرف المجاملة ابدا يا مازن؟..على الاقل شجعني وارفع من معنوياتي قليلا..
ابتسم مازن وقال وهو يهز كتفيه ويتقدم منه: بصراحة لا تصلح لأن تمارس هذه المهارة ابدا..
والتقط البندقية الاخرى وقال وهو يمسكها بين يديه ويصوب على قرص التصويب: التصويب على القرص يكون بهذا الشكل ..
قالها واطلق لتستقر طلقته عند نقطة الخمسة وسبعون.. فالتفت له مازن وقال بغرور: ما رأيك؟..
ابتسم حسام وقال وهو يشير على القرص: منذ متى وانت تمارس هذه المهارة؟..
قال مازن بابتسامة: مضى وقت طويل منذ آخر مرة مارستها فيها.. والا لاستقرت طلقتي في منتصف القرص تماما..
قال حسام وهو يتطلع اليه: الن تكف عن غرورك هذا؟..
- اخبرتك بأنها ثقة بالنفس فحسب..
قال حسام وابتسامة واسعة على شفتيه: دعنا من ثقتك هذه.. واخبرني.. هل جئت وحدك الى هنا؟..
قال مازن وهو يهز رأسه: لا .. مها ايضا جاءت معي.. فقد شعرت بالملل من مكوثها بالمنزل..
قال حسام متسائلا: واين هي؟..
قال مازن وهو يشير الى ما خلفه: بكفتيريا النادي..
واردف مازحا: ولكن اياك ومغازلتها..
رفع حسام حاجب واحد وقال بسخرية: من تظنني؟.. مازن محمود؟..
قال مازن بغرور: وماذا به مازن؟.. على الاقل يصوب على القرص افضل منك..
قال حسام مبتسما: تركت البندقية والقرص لك.. فلتتباهى الآن بمهارتك امام الفتيات..
ضحك مازن وغمز بعينه وهو يقول: حالا..
وامسك بالبندقية ليكمل التصويب.. في حين سار حسام مبتعدا الى كافتيريا النادي.. وهناك شاهد مها جالسة على احدى طاولات النادي ومنشغلة بشرب العصير.. وما ان لمحته حتى تركت العصير وابتسمت وهي تتطلع اليه قائلة: اهلا حسام..
جذب مقعدا وجلس عليه وهو يقول: كيف حالك؟..
قالت وهي تتطلع له وتحاول ان تحفر ملامحه في ذهنها: بخير.. وماذا عنك؟..
- على ما يرام..
واردف متسائلا: ما بك؟..
قالت بحيرة: لا شيء..
اشار الى وجهها باصبعه ومن ثم قال: بل وجهك قبل ان آتي الى هنا يدل على انك كنت تفكرين بأمر ما..
قالت مازحة او متعمدة .. لا تعلم: افكر فيك انت..
قالتها بابتسامة حتى يظن انها كانت تمزح معه.. ولكن الحق انها كانت تفكر فيه قبل ان يأتي الى هنا.. اما حسام فقد ضحك وقال: يالي من محظوظ اذا.. ما دامت فتاة جميلة تفكر في وتشرد بذهنها ايضا عندما تفكر بي..
ابتسمت مها وقالت: شكرا على المجاملة..
قال متسائلا باستغراب: أي مجاملة؟..
قالت مها بارتباك: بوصفك اني.. جميلة..
قال حسام مبتسما: ومن قال اني اجامل..تعرفين اني لا اقول سوى ما اراه.. اليس لديك مرآة في غرفتك لتتطلعي الى وجهك فيها..
قالت مها بابتسامة مرتبكة: بلى لدي وحتى في الحقيبة التي احملها الآن..
عقد ذراعيه امام صدره ومن ثم قال: اذا انظري الى وجهك فيها ومن ثم احكمي علي ان كنت اجامل او اقول الصدق ..
شعرت مها بضربات قلبها المتوترة في تلك اللحظة.. نادرا ما يتحدث حسام عنها بشكل شخصي.. فدائما ما يتحدث معها في امور مختلفة تاركا اياها تتمنى ولو كلمة واحدة منه..
وقال مبتسما في تلك اللحظة: واخيرا سأنتهي من دراستي بالجامعة بعد عام واحد فحسب..
قالت مها بضيق: لا زال امامي انا ثلاث سنوات او ربما اكثر..
قال حسام متحمسا: لا عليك سيمرون عليك مرور البصر.. المهم اني سأتخرج اخيرا وبعدها سأتوظف .. وبعدها...
تغيرت نظرة حسام بغتة وبتر عبارته وهو يتطلع لها.. ما باله اليوم؟.. انه يتطلع اليها بنظرة غريبة تراها لاول مرة في عينيه.. وعينيه تلمعان ببريق اغرب.. هل هذه النظرات لي انا حقا؟..
والتفتت الى ما خلفها لكي تتأكد من انه يتطلع اليها هي حقا..فضحك حسام وقال وهو يتطلع لها: لم تنظرين الى ما وراءك؟..
قالت متسائلة بدهشة: لقد كنت تنظر الي بطريقة غريبة.. فأردت ان اتأكد بأني انا المقصودة بنظرتك تلك..
ضحك حسام مرة اخرى بمرح ومن ثم قال: تطلعي في عيني لكي تتأكدي..
قالت مها بارتباك شديد ووجنتاها تتوردتا باحراج: حسام هل انت بخير هذا اليوم؟.. ما بالك؟..
ابتسم بحنان ومن ثم قال: سعيد يا مها.. لاني سأتخرج قريبا.. وسأتمكن من تحقيق حلمي..
قالت مها متسائلة: وما هو حلمك؟..
قال وهو يفرد اصابعه الثلاثة: احلامي ثلاثة لكنها جميعا تحقق هدف واحد بالنسبة لي.. فأولها ان اعمل واتوظف واستقر بوظيفتي..
قالت مها بحماس: هذا ممتاز..
قال حسام مبتسما: على العكس من شقيقك فأنت تشجيعنني دائما..
ابتسمت على عبارته ومن ثم قالت متسائلة: وما هو حلمك الثاني؟..
قال مبتسما: ان ابني منزل المستقبل..
قالت مها بابتسامة: وبالتأكيد تتخيله ان يكون مثل منازل الاحلام.. لكن لا تقلق والدك لن يقصر معك وسيساعدك في بناءه..
قال وهو يهز رأسه نفيا: لا ارغب بمساعدة من احد.. اريد ان ادفع من جيبي الخاص.. لأشعر باستقلاليتي واني حققت حلمي بمفردي..
وضم اصبعيه ليبقى اصبعه السبابة مفرودا وهو يكمل: اما حلمي الثالث.. فهو الاهم بالنسبة لي.. انه...
تطلعت له مها بترقب ومن ثم قالت بضيق عندما لم يكمل: هل يتوجب علي ان اقول لك ان تكمل حتى تكمــ...
بترت مها عبارتها.. ذلك لانها لم تعد تستطيع الحديث..وهي تشعر بكف حسام تحتضن كفها.. انها تحلم ولا شك.. ما يحصل امامها ليس حقيقة هي متأكدة.. منذ متى كان حسام يمسك بكفها بكل هذه الرقة والحنان؟.. منذ متى وحسام يتطلع لها بهذه النظرات الغريبة والدافئة..
سرت قشعريرة في جسدها بأكمله من لمسته.. وشعرت بأنه يهم بقول شيء ما..و لكنه اطبق شفتيه وقال وهو يترك كفها بهدوء: ماذا ترغبين ان اطلب لك؟..
ارتفع حاجباها بدهشة كبيرة.. لقد عرفت انها تحلم وان ما حدث معها ليس هو من نسج خيالها.. ولكنه تنهد وقال: شقيقك قادم..
التفتت بحدة الى ما خلفها لتدرك صدق ما قاله.. لهذا صمت.. لهذا بتر عبارته.. لهذ غير الموضوع فجأة.. اذا لم تكن تحلم .. حمدلله..وابتسمت لنفسها.. تريد ان تعلم ماذا كان يريد ان يقول.. ربما كان سيسمعها ما كانت تتمناه طويلا.. ولكن.. القدر لا يكاد يمنحها الفرصة.. وكذلك حسام الذي لا يكاد يتحدث عن شيء بشأنها ابدا الا فيما ندر...
تنهدت بدورها وقالت وهي تجيبه عن سؤاله: قطعة من الكعك ..
قال حسام مبتسما وهو يشير الى مازن: لا بأس.. ولكنه سيكون على حساب شقيقك..
اقترب منهما مازن وقال وهو يتطلع الى حسام بحاجب مرفوع: ماذا به شقيقها؟..
قال حسام مبتسما وهو ينهض من مكانه: ادفع ثمن ما طلبته مها..
قال مازن بسخرية: ولم افعل؟.. يكفيك النظر الى حقيبتها لتعلم انها مليئة بالنقود..
قالت مها بحنق:مليئة بالنقود هاا؟.. اتظن اني احمل معي مصرفا متنقلا؟..ثم اني لا اريد شيئا منك..سأدفع بنفسي..
قال مازن بسخرية: هذا افضل بكثير..
قال حسام وهو يلتفت الى مازن: متى سيأتي اليوم الذي سأراك فيه وانت لا تتعمد استفزاز مها او مضايقتها؟..
ابتسم مازن ابتسامة واسعة ومن ثم قال: لقد اخبرتها من قبل .. سأتوقف عن مضايقتها عندما تتزوج..
ارتبكت مها وتوترت بشكل كبير حتى ان الاحراج قد بات واضحا على وجهها.. وضربت مازن على كتفه لتقول بحدة: يالك من سخيف..
ضحك مازن بقوة ومن ثم امسك بمعصمها ليقول وهو يتطلع لها: ماذا قلت لك من قبل.. هل تريدين ان أكسر يدك الآن؟..
قال حسام وهو يعقد ذراعيه امام صدره: حاول فقط..
التفت له مازن وقال بسخرية: محامي الدفاع لا يزال واقفا هنا ..الم تذهب بعد؟..
قال حسام وهو يتطلع له: دع مها وشأنها اولا..
- وما شأنك بشقيقتي؟..
قال حسام وهو يرفع حاجبيه: وهي ابنة عمتي ايضا..وهذا يعني اني لي شأن بها على الرغم منك..
ضحك مازن وقال وهو يترك معصم مها: لقد نسيت انك كنت تتشاجر معي في الماضي عندما كنت اضرب مها..يبدوا انك تريد ان تعيد تلك الايام..
قال حسام وهو يبتسم: ليتها تعود حقا.. وهل يوجد اجمل من ذكريات الطفولة؟..
واردف وهو يهم بالابتعاد عنهم: ثم اذا كان زواج مها سيجعلك تتركها وشأنها وتتوقف عن مضايقتها.. سآتي غدا الى منزلكم لأطلب يدها..
قالها بلهجة مازحة وابتسامة تدل على ان حديثه لم يكن سوى مزاحا .. ولكن مها رفعت عيناها بقوة له وهي تشعر بدهشة كبيرة من قوله.. وكأنها كانت تنتظر أي تلميح منه يدل على الاقل انه يفكر بها كشريكة لحياته.. ولكن حسام لم يمنحها اجابة شافية او يتطلع حتى لنظراتها نحوه .. فقد سار مبتعدا عن المكان.. وعينا مها تتبعانه بدهشة..
وشعرت بغتة بكف مازن توضع على كتفها.. فالتفتت له بحدة وقالت متسائلة: ماذا تريد؟..
قال بخبث: هه.. الم تكتفي من رؤيته بعد؟..
صمتت باحراج ولكنه قال مبتسما: انه يناسبك..
خفق قلب مها في قوة وادركت انه يعني حسام.. ولكنها قالت بتوتر: من تعني؟..
اسند ظهره لمسند المقعد وقال وهو يهز كتفيه: حسام.. ومن غيره؟..
صمتت بخجل وارتباك دون ان تعلق.. وحاولت ان تتطلع الى حسام بطرف عينيها وهي تتساءل في نفسها.. هل يناسبها حقا كما قال مازن ام انه مجرد حديث عابر لا يعنيه؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
فتح خالد باب السيارة الخلفي وجلس على المقعد ليقول للسائق: الى المنزل..
تحرك السائق بالسيارة مغادرا مواقف مبنى الشركة ..لينطلق بالسيارة في الشوارع الرئيسية ..وخالد يشعر بتعب وارهاق شديدين .. ولكنه كذلك يشعر بشوق كبير للعودة الى منزله ورؤية صغيرته ملاك..ويتناول طعام العشاء معها كما في كل يوم.. وابتسم وهو يتطلع الى الكيس الذي وضعه الىجواره.. لا تعلم انه نفذ مطلبها.. واشترى لها هاتفا محمولا كما طلبت.. على الرغم من انها لا تحتاجه.. ولكنها رغبتها ولا يريد ان يشعرها بأنها مختلفة عن بقية الفتيات.. فلتحصل على هاتف محمول ولتتحدث فيه كما تشاء.. المهم ان لا يرى نظرة حزن واحدة في عينيها...
(سيدي..)
انشدت حواس خالد كلها الى السائق وقال باهتمام: ماذا؟..
حرك السائق مرآة السيارة قليلا ومن ثم قال: اظن ان هناك من يتبعنا..
عقد حالد حاجبيه وقال متسائلا: هل انت متأكد؟..
اجابه السائق بهدوء: لا اعلم.. ولكني كنت اراها خلفنا تقريبا منذ بداية مغادرتنا لمواقف الشركة..
قال خالد وهو يزفر بحدة: حسنا استمع الي.. انعطف عند اول منعطف تراه.. ان سارت خلفنا ايضا.. فهي تتبعنا بالتأكيد ..
اومأ السائق برأسه.. وكما طلب منه خالد تماما عند اول منعطف ادار المقود وانعطف بالسيارة الى اليمين.. وتسائل خالد قائلا: الا زالت خلفنا؟..
قال السائق وهو يمسك بمرآة السيارة ويحركها قليلا: اجل.. لا زالت خلفنا..
عقد خالد حاجبيه بتوتر وتساؤل.. من هذا الذي يتبعه؟.. وما غرضه؟.. ولم هو بالذات؟.. لابد ان وراءه امر ما.. وقال خالد وهو يستند الى مسند المقعد ويتنهد: حاول ان تفقده اثرنا اذا ..
قالها خالد وغرق في تفكير عميق.. وهو يتساءل عن هوية هذا الشخص الذي يتبعه ويحاول فهم سبب ملاحقته له..و...
وفجأة فهم الامر كله.. ملاحقتهم لابنته عندما كانت في منزل امجد ورغبتهم في معرفة هويتها الحقيقية.. ارسال ابناء عادل ليجعلوها تقول الحقيقة دون ان تدرك.. وصوله الى منزل امجد قبل ان يصل فؤاد او عادل اليه.. هذا كله جعلهم يشعرون برغبة بالمواصلة في استدراج ملاك وخصوصا بعد ان عرفوا شكلها وهويتها..وهذا ايضا سيجعلهم يفكرون في أي خطة تتيح لهم الوصول اليها.. ولابد انه فؤاد صاحب الافكار الخبيثة الذي طلب من احدهم ملاحقته بعد ان دفع له مبلغ ضخم بكل تأكيد..
والآن ما الذي عليه ان يفعله؟.. فؤاد يحاول ان يتذاكى عليه ويصل الى منزله وبعدها يستطيعون استدراج ملاك واخذها معهم في وقت يكون هو غير موجود بالمنزل..ما الذي عليه ان يفعله؟.. فليكن هو اذكى منه اذا..
وابتسم بسخرية وقال للسائق: اسمع.. غير طريقك.. لا تذهب الى المنزل .. بل الى أي مكان آخر..
قال السائق موضحا: يبدوا انه فقد اثرنا يا سيدي.. فلم اعد اراه خلفي..
قال خالد ببرود: لا تستهن به.. لابد وانه محترف.. وانه يتبعنا دون ان نشعر.. او انه سيصل الينا في أي لحظة..
ولم تمض دقيقة حتى قال السائق وعيناه متسعتان: انه وراءنا بالفعل يا سيدي..
قال خالد فجأة: استمع الي.. اسرع قدرما تستطيع وكأنك ستسير في خط مستقيم.. وحاول ان توحي لمن خلفنا اننا طريقنا هو هذا.. وانعطف فجأة في أي منعطف جانبي حتى لا يتمكن من اللحاق بنا..او نعطله على الاقل..
قال السائق موافقا: معك حق يا سيدي.. سأفعل الآن..
وانطلق بالسيارة بسرعة كبيرة بعض الشيء.. وتلك السيارة تتبعه بكل قوة.. وقد خيل لسائقها ان طريقها هو الطريق الرئيسي فعلا.. ولكن بغتة انحرفت سيارة خالد في ممر جانبي.. وهذا مما جعل تلك السيارة تتجاوزها بالرغم منها...
ولكن...
كلمة من ثلاثة حروف.. كانت حدا فاصلا.. بين الفوز والخسارة ..بين النجاح والفشل..وبين الحياة والموت ايضا... فسرعة سيارة خالد لم تتح لسائقه الانتباه لتلك السيارة التي تنطلق مغادرة الممر الفرعي والاتجاه نحو الطريق الرئيسي..
ولم يكن هناك مفر من حدوث الاصطدام...
ابدا...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:44 AM   #25 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


جزء الخامس عشر
"ابي"

تحرك عقرب الثواني ليلتحم مع عقرب الدقائق مشيرا الى ان الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة والنصف..وبدا صوت دقات الساعة المنخفض في تلك اللحظة بالنسبة لملاك صوتا صاخبا يكاد يسبب لها الصمم.. وهي تكاد تنهار من التوتر والقلق بسبب تأخر والدها الى هذه الساعة على غير عادته .. والدها الذي كان يأتي يوميا في تمام العاشرة.. يتأخر ساعة ونصف كاملة..روادها الشك والقلق وغزى ملامحها.. ليجعل قطرات العرق تتصبب على جبينها.. وضربات قلبها تتسارع وهي تتطلع الى ساعة الردهة بخوف اخذ يسيطر على تفكيرها كله..
واخذت تداعب قلادتها بعصبية لعلها تسيطر على خوفها .. وهتفت بصوت عالي: نادين.. نادين..
لم تسمع ردا من نادين فصرخت بصوت اعلى: نادين.. اجيبي..
رأت نادين تسرع نحوها وتقول بتوتر: ما الامر آنستي؟.. لم تصرخين هكذا؟..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها بخوف: هل قال لك ابي انه سيتأخر اليوم؟..
اسرعت نادين تقول: لا ابدا..
قالت ملاك بخوف اكبر وصوت مختنق: ولا حتى انه سيذهب الى مكان آخر.. غير مكان عمله..
هزت نادين رأسها نفيا وقالت مجيبة: ولا حتى هذا..
ارتجفت شفتا ملاك وقالت بلهجة اقرب الى البكاء: اذا اين يمكن ان يكون قد ذهب؟.. ولم تأخر؟..
قالت نادين بدهشة: والم يعد سيدي بعد؟..
لم تستطع ملاك النطق واكتفت بهز رأسها نفيا.. فقالت نادين متسائلة بتوتر: هل اتصلت به؟..
عادت ملاك لتهز رأسها نفيا.. فقالت نادين وهي تحاول ان تمنح ملاك الامل: اذا اتصلي به.. واسأليه عن سبب تأخره..
اومأت ملاك برأسها بتوتر.. و حركت عجلات مقعدها - التي اعتادت ان تحركها بيسر- بصعوبة هذه المرة.. ورفعت سماعة هاتف المنزل بانامل مرتجفة حتى انها شعرت ان السماعة اثقل من ان تحملها.. وكادت ان تسقط من يدها اكثر من مرة ..
واخيرا ضغطت ارقام هاتفه المحمول وهي تلتقط انفاسها بصعوبة ..وما ان فعلت حتى اتسعتا عينا ملاك بقوة وهتفت بصوت مرتجف: هاتـ..فه..مـ..مغلق..
فالت نادبن متفاجئة: ماذا؟.. مغلق؟.. لم يعتد سيدي على اغلاقه ابدا..
قالت ملاك وعيناها تترقرقان بالدموع: ما الذي حدث لأبي اذا؟.. ماذا حدث له؟..
ربتت نادين على كتفها باشفاق وقالت: آنستي.. لا تتشائمي .. قد يكون عمل مفاجئ قد اخره.. او ربما.. ازدحام سير ..
غطت ملاك وجهها بين كفيها وسالت دموعها بألم وهي تهتف بصوت باكي: لم يتأخر ابدا في حياته.. لابد وان امرا ما قد حصل له..
لم تعلم نادين ماذا تفعل وهي ترى ملاك تبكي بحرقة هكذا ..وقالت اخيرا وهي تفكر بعمق: ربما يكون قد ذهب الى منزل عمك..
رفعت ملاك عيناها المليئتان بالدموع الى نادين وقالت متسائلة وغصة تمتلأ بها حلقها: أي عم؟..
قالت نادين في سرعة: اتصلي بمنزل عمك امجد واسأليهم ان كان والدك موجود هناك ام لا..
وجدت ملاك نفسها اثر رغبتها وامنيتها بأن يكون ابيها هناك ..ترفع السماعة مرة اخرى وتضغط ارقام هاتف مها.. ومسحت دموعها في سرعة وهي تحاول ان توقف دموعها التي تسيل على وجنتيها بكل اصرار وتأبى التوقف..واستمعت الى الرنين المتواصل .. قبل ان يأتيها صوت مها القلق وهي تقول: من؟.. ملاك؟..
اجابت ملاك بصوت خافت اقرب الى الهمس: اجل..
قالت مها التي كانت مستلقية على فراشها وتهم بالنوم: ماذا بك يا ملاك؟.. اقلقتني باتصالك هذا.. انها الثانية عشرة تقريبا ..
قالت مها بصوت مختنق: آسفة ان كنت قد ازعجتك .. لكن الامر مهم..
واردفت وهي تحاول التقاط انفاسها: ابي.. لم يعد الى المنزل حتى الآن..
اعتدلت مها في جلستها وقالت بدهشة: ماذا؟.. لم يعد بعد؟ ..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بألم: اتصلت به ووجدت هاتفه مغلق.. الم يأتِ اليكم اليوم؟..
قالت مها ودهشتها تتفاقم: لا ابدا.. ومنذ قليل فقط قد صعدت الى غرفتي والا كنت قد رأيته..
وتساءلت مردفة: وهل اتصلت به؟..
اجابت ملاك وهي تحاول السيطرة على اعصابها: اجل ولكنه مغلق دائما..
صمتت مها دون ان تعلق في حين قالت ملاك بانفعال سببه الخوف والتوتر: ماذا حدث لأبي اذا؟.. اين هو؟..
قالت مها وهي تحاول ان تهدئ ملاك: ملاك عزيزتي.. اهدئي.. ربما يكون في منزل عمي فؤاد او عادل.. وربما يكون قد تأخر بسبب عمل هام.. سأذهب مع ابي او احد اخوتي لنرى الامر.. وسأتصل بك بعدها.. اتفقنا؟..
لم تجبها ملاك وخوفها على ابيها يسيطر على تفكيرها كله.. فقالت مها مردفة: اهدئي انت الآن.. ولا تخشي شيئا.. وباذن الله سيكون والدك بخير..
قالت ملاك بصوت خافت: اتمنى هذا من كل قلبي..
- حسنا اذا .. سأذهب لاستبدل ملابسي الآن..
قالت ملاك بمرارة: معذرة يا مها.. لقد ازعجتك.. وسأتعبك معي.. ولكنه ابي..
قالت مها بصوت حاني: لا عليك.. فكما هو والدك هو عمي كذلك.. ولا تقلقي نفسك..
تنهدت ملاك بصوت مسموع ومن ثم قالت: سأحاول.. واتصلي بي عند سماع أي خبر عنه حتى وان كان بسيطا..
قالت مها بهدوء: لا بأس.. الى اللقاء..
اغلقت ملاك الهاتف بدورها وهي تشعر بأناملها ترتجف بقوة وخوف وهي غير عالمة بما حدث لوالدها بعد.. اما مها فقد اسرعت تغادر فراشها وتستبدل ملابسها .. ومن ثم تحمل حقيبة يدها وتنطلق مغادرة الغرفة..وتسير مسرعة بالممر.. ومن ثم تهبط درجات السلم.. وفاجأها مازن وهو يصعد درجات السلم.. فرفع رأسه لها وقال مستغربا: الم تنامي بعد؟.. والى اين انت ذاهبة؟..
قالت في سرعة وهي تواصل هبوطها لدرجات السلم: لقد اتصلت بي ملاك واخبرتني بأن والدها لم يعد الى المنزل بعد و...
قاطعها مازن وهو يمسك بذراعها ويوقفها: لا تتحدثي بسرعة هكذا.. وافهميني الامر بهدوء..
زفرت بحدة ومن ثم التفتت له وقالت: لقد اتصلت بي ملاك قبل قليل.. واخبرتني ان والدها لم يعد الى المنزل بعد.. وسألتني ان كان جاء الى هنا او لا..فقد اتصلت به وكان هاتفه مغلق ..و تخشى ان يكون مكروها قد اصابه..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: عمي خالد؟.. هذا غريب..
واردف متسائلا: ولكن لم تخبريني.. الى اين انت ذاهبة؟..
قالت مها وهي تزدرد لعابها: لقد وعدتها بأنني انا ووالدي سنبحث عنه..حتى نحصل على أي خبر يوصلنا له..
قال مازن وهو يحك ذقنه: لا اظن ان عمي خالد لا يزال طفلا حتى نبحث عنه ..يبدوا ان ملاك قد بالغت قليلا في وصف ما جرى ..
قالت مها بحدة وانفعال: لو سمعت صوتها ما قلت انها قد بالغت.. لقد كانت تبكي بحرقة.. وصوتها قد بح من كثرة البكاء.. لابد وانه قد تأخر طويلا والا لما اتصلت بنا.. ثم انا لم اطلب منك ان تبحث عنه .. سأطلب من والدي ذلك..او من كمال حتى فهو قد يقدر حالة ملاك ويفكر بالمساعدة..
كانت تهم بالنزول ولكن صوت مازن اوقفها قائلا: انتظري يا مها.. والدي ليس هنا.. وكذلك كمال..
واردف بابتسامة: وسوف اذهب للبحث عن عمي ان اردت.. من اجل ملاك فقط..
قالت مها وهي تتطلع له بطرف عينها: الن تتوقف عن تصرفاتك هذه ابدا؟..
قال مصطنعا اللامبالاه: أي تصرفات؟..
قالت مها وهي تمط شفتيها وتهبط درجات السلم: تمثيل دور المحب لكل فتاة تعرفها..
قال مازن بضيق: لم اخبر أي فتاة عرفتها بأني احبها..
قالت مها وهي تعبر معه الردهة: ولكن تصرفاتك واهتمامك بهن.. يجعلهن يشعرن بذلك..
قال مازن وهو يشعر بالملل: هذا ليس وقت الحديث عن علاقاتي .. فلنذهب للبحث عن عمي اولا..
اومأت مها برأسها وآثرت الصمت وهي تغادر بصحبة مازن المنزل..ومن ثم تصعد الى سيارته.. وما ان انطلقا بها حتى تساءل مازن: اخبريني .. هل اتصلت ملاك بوالدها في الشركة؟..
قالت مها وهي تحاول التذكر: لا اظن انها اخبرتني شيئا كهذا.. اتصل به انت زيادة في الاحتياط..
اخرج مازن هاتفه المحمول من جيبه واتصل على الشركة.. واستمع الى الرنين المتواصل طويلا ومن ثم قال وهو يهز رأسه: الساعة الآن هي الثانية عشرة والربع.. لقد اغلقت الشركة ابوابها منذ ساعتين او اقل.. ولا اظن ان احدهم سيجيب على الهاتف..
- دعنا نذهب الى هناك اذا..
قال مازن وهو يرفع حاجبيه بتساؤل: ولم نذهب الى هناك؟.. ما الذي سنستفيده ان ذهبنا الى شركة قد اغلقت ابوابها..
قالت مها برجاء: سنسأل حارس الامن عن عمي خالد.. قد يكون يعرف الى اين ذهب.. او ما الذي حدث له؟..
زفر مازن بضيق ومن ثم قال: فليكن.. سأذهب الى هناك ..
ومن ثم التفت لها وقال: الم يكن من السهل ان تمنحنيني رقم ملاك لأخبرها بكل ما يستجد.. بدلا من تأتي معي وتتعبي نفسك ..
قالت مها وهي تبتسم بسخرية: معك حق.. خطة ممتازة جدا لتحصل على رقم هاتفها..
- انني افكر في راحتك فحسب..
قالت مها مواصلة في سخريتها: شكرا على تفكيرك بي الى هذه الدرجة.. اتعبت عقلك كثيرا..
قال مازن بضيق: كفي عن سخريتك والا اعدتك الى المنزل فورا ..
قالت مها بهدوء: فليكن سأصمت..
انطلق مازن بسيارته في شوراع المدينة حتى وصل الى شركة عمه خالد .. وهناك توقف وهبط منها ليتجه الى رجل الامن الذي يقف عند الممر الداخلي للشركة.. وقال بهدوء: لو سمحت يا سيد..
عقد رجل الامن حاجبيه وقال متسائلا: ما الامر؟..
قال مازن متسائلا بدوره: انت تعرف خالد محمود صاحب هذه الشركة اليس كذلك؟..
اومأ رجل الامن برأسه ايجابيا.. فقال مازن مواصلا اسألته: واليوم .. الى اين غادر بعد انتهاء وقت عمل الشركة؟..
قال رجل الامن بحيرة: الى منزله بكل تأكيد.. فهو معتاد يوميا ان يغادر مع السائق الشركة عند الساعة العاشرة الى منزله على الفور..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: الم يخبرك انه ذاهب الى مكان ما او لديه عمل ما؟..
- لست اعلم.. ولكن ان كان لديه عمل فهو ينجزه وقت عمل الشركة..
قال مازن بهدوء: عن اذنك اذا.. وشكرا لك..
تركه مازن وانصرف عائدا الى سيارته.. ليخبر مها بما دار بينه وبين رجل الامن.. وبعد ان انتهى من حديثه قالت مها بقلق: حديثه يزيدني توترا وقلقا على عمي.. فهذا يعني انه قد تأخر كثيرا على ملاك ومن حقها ان تتصل بنا بالفعل..
قال مازن وهو يضع كفيه على المقود: وما العمل الآن؟.. ما الذي نفعله؟..
زفرت مها بحرارة ومن ثم قالت: ليس امامنا سوى الاتصال بالمستشفيات او مراكز الشرطة الموجودة بالمنطقة.. واتمنى ان لا يكون مكروها قد اصابه..
ما ان انتهت مها من عبارتها حتى انطلق هاتفها بالرنين.. فاخرجته من حقيبتها ومن ثم قالت وهي تتطلع الى الرقم: انها ملاك..
قال مازن في سرعة: اجيبيها.. ربما يكون عمي قد وصل الى منزله..
اجابتها مها وقالت : اهلا ملاك..
جاءها صوت ملاك وهي تتساءل بلهفة وتوتر: الم تجدوه بعد؟ ..
قالت مها بتعاطف: سنجده باذن الله.. فقط اصبري قليلا.. فنحن قد بدأنا في البحث لتونا..
قالت ملاك بصوت باكي: اشكرك كثيرا يا مها.. وعندما تجدون أي خبر عنه.. طمأنيني..
قالت مها بابتسامة مشفقة: وانت كذلك.. اذا وصل الى المنزل.. طمأنينا عليه..
- مع السلامة..
اغلقت مها الهاتف ومن ثم التفتت الى مازن وقالت باشفاق: كل هذا وتقول انها تبالغ.. صوتها لا يكاد يسمع من كثرة البكاء..
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال بهدوء: حسنا حسنا.. ها انذا قد اقتنعت وبدأت بالبحث عن عمي.. ماذا تريدين اكثر من ذلك؟..
- اتصل بالمستشفيات الموجودة بالمنطقة الآن..
- سأفعل..
واردف وهو يلتفت لها مبتسما: ولكن الم تخبرك ملاك بأي شيء يخصني؟..
قالت مها بعصبية مستغربة تفكيره: الفتاة في ماذا الآن.. سترسل لك سلاماتها مثلا وهي لم تعرف مصير والدها بعد..
قال مازن وهو يلوح بكفه: اهدئي.. لم اقل شيئا يستحق كل هذه العصبية..
والتقط هاتفه ليبدأ في الاتصال .. ومن جانب آخر كانت ملاك جالسة بجوار الهاتف تنتظر أي اتصال من مها.. وهي تشعر بقلق وخوف كبير يشلان حركتها تماما.. وقالت نادين وهي تحاول تهدئتها: آنستي .. لا بد وانه مجرد ازدحام سير صدقيني..
قالت ملاك بعينين دامعتين: انها المرة الاولى التي يتأخر فيها كل هذا الوقت.. شعور سيء يراودني.. ويجعلني اظن الاسوأ..
لم تجد نادين ما تقوله وآثرت الصمت.. مهما كان هذا والدها .. وقد ارتبطت به منذ صغرها.. فهي لم ترى اما ترعاها.. فتحت عيناها على الحياة لتجد والدها امامها..كان لها الام والاب سواء.. حتى انها هي –نادين- نفسها قد اعجبت به.. وهي تراه يعامل ابنته احيانا كأب صارم.. واحيانا اخرى كأم حنون..
ولابد ان ملاك تشعر بهذا الشعور السيء لأن شيئا ما قد اصابه حقا وان شعورها في محله.. يقولون ان الام ترتبط بابنها.. او العكس.. ولكن في هذه الحالة.. ملاك ترتبط بوالدها.. وتشعر بأي شيء قد يصيبه سواء كان الامر خيرا ام لا..
وتعالى فجأة رنين هاتف المنزل ليقطع على نادين افكارها وكذلك ملاك.. التي اسرعت تلتقط سماعة الهاتف في لهفة وتقول: ماذا حدث يا مها؟..
ولكن المتصل لم يكن مها.. ولا أي شخص آخر تعرفه.. كان صوت رجل يقول متجاهلا عبارتها: الو.. هل هذا منزل السيد خالد محمود؟..
اصيبت ملاك بخيبة الامل لان مها لم تكن المتصلة..ولكنها شعرت بقلق وخوف طغى على صوتها وهي تتحدث مجيبة: اجل ..
قال الرجل برسمية: اريد التحدث الى ابنه لو سمحت..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها بصعوبة: انا ابنته الوحيدة..
صمت الرجل للحظة ومن ثم قال بتردد: الا يوجد احد يقرب لوالدك.. عمك او خالك مثلا؟..
قالت ملاك وقد شعرت بالخوف من حديثه: لا احد سواي.. اخبريني يا سيدي ما الامر؟..
قال الرجل وهو يزفر بحدة: انا آسف .. ولكني مضطر لأنقل لك هذا الخبر.. والدك قد اصيب بحادث وهو الآن بمستشفى العاصمة و..
لم تستمع ملاك الى المزيد.. لان سماعة الهاتف قد سقطت من يدها.. وهي تهتف بصدمة: هذا كذب.. كذب..
اسرعت نادين نحوها وهي تهتف بقلق وتوتر: ماذا حدث يا آنستي؟..من كان المتصل وبم اخبرك؟..
التقطت ملاك انفاسها بصعوبة ومن ثم قالت بصوت بالكاد يسمع.. وهي غير مصدقة: لا اعلم.. انه يقول ان ابي في المستشفى واصيب في حادث.. هذا كذب بكل تأكيد .. ابي سيأتي بعد قليل الى المنزل.. اليس كذلك؟..
اشاحت نادين بوجهها في الم..فصرخت ملاك بانفعال: اليس كذلك؟..
ولم تلبث ان انفجرت في البكاء.. فقالت نادين مرتبكة وهي تقترب منها وتربت على كتفها: سيكون بخير باذن الله واصابته بسيطة..
قالت ملاك ودموعها تسيل بدون توقف.. وشفتاها ترتجفان: اريد ان اراه.. اريد الذهاب اليه..ارجوك..
قالت نادين بحيرة: من سيأخذنا الى هناك؟..السائق مع سيدي..
صرخت ملاك بانفعال: لا يهمني .. حتى لو خرجت سيرا على الاقدام.. اريد ان اذهب له.. خذيني الى هناك .. ارجوك.. فلنأخذ سيارة اجرة ونذهب..
كانت كلماتها متقطعة توضح حالتها النفسية المرتبكة والخائفة.. فقالت نادين بقلق: انها الواحدة بعد منتصف الليل ..كيف سنأخذ سيارة اجرة في هذا الوقت المتأخر ..
قالت ملاك وهي تهتف باكية: لا يهمني.. لا يهمني.. اريد ان اذهب اليه ..
صمتت نادين بقلة حيلة ومن ثم قالت فجأة: عمك امجد او ابناءه .. قد يستطيع احدهم ايصالك الى هناك..
التقطت ملاك نفسا عميقا ومن ثم قالت ودموعها لاتكاد تتوقف: سأتصل بهم..
اغلقت الخط بعد ان تركته مفتوحا عندما سقطت السماعة من يدها.. وعادت تلتقط السماعة وقلبها يخفق بقوة وخوف ..واناملها تكاد تسقط السماعة مرة اخرى في اية لحظة.. وسمعت صوت الرنين المتواصل بعد ان اتصلت بمها.. وما ان اجابت..حتى قالت ملاك بصوت منهار: ابي في المستشفى.. تعالوا وخذوني اليه.. ارجوكم..
قالت مها بدهشة: ماذا تقولين يا ملاك؟.. من اخبرك بذلك؟..
- اتصل بي احدهم منذ قليل واخبرني بأن ابي قد اصيب في حادث ..ارجوك يا مها.. لم اعد استطيع ان اتحدث.. تعالوا وخذوني اليه..
قالت مها بسرعة: حسنا.. حسنا.. سأطلب من مازن الآن ان ...
قبل ان تكمل مها عبارتها.. التفت مازن الى مها وقال بدهشة: ما الذي حدث؟..
قالت مها وهي تتحدث اليه بسرعة: عمي خالد اصيب بحادث وهو الآن في المستشفى..
اسرع يجذب الهاتف من كفها.. وقال متحدثا الى ملاك: اهلا ملاك.. اخبريني .. تريدين ان نوصلك الى المشفى حيث والدك .. اليس كذلك؟..
اجابته ملاك بصوت خافت: بلى..
- امنحيني عنوان منزلك..
منحته ملاك العنوان دون ان تأبه بأي شيء.. فليحدث لها ما يحدث .. المهم ابيها الآن.. تريد ان تطمأن عليه..فقال مازن بهدوء في تلك اللحظة: دقائق وسنكون عندك.. كوني جاهزة ..
قالت ملاك بهمس: حسنا..
قال بصوت حاني: وهدئي من نفسك.. والدك سيكون بخير.. لا تخافي ..
قالت وهي تزدرد لعابها لتبتلع تلك الغصة التي ملأت حلقها: اتمنى هذا..
- اهتمي بنفسك جيدا.. الى اللقاء..
- الى اللقاء..
اغلق مازن الهاتف واعاده الى مها التي قالت ببرود: لا يزال الوقت مبكرا على اعادته.. يبدوا انه هاتفك وانا لا اعلم..
قال بسخرية: تقريبا..
ووجدته ينطلق بسيارته .. فسألته قائلة: ستذهب الى منزل ملاك الآن .. اليس كذلك؟..
اومأ برأسه دون ان يجيب .. وسار في طرق عديدة حتى وصل بالنهاية الى العنوان الذي اخبرته به ملاك.. وقال بدهشة: يعرف عمي اين يختار منزله.. انها منطقة معزولة عن الناس..
قالت مها وهي تتنهد: وهذا ما كان يريده..
قال مازن وهو يتطلع الى منزل خالد: اتعلمين اشعر اننا جميعنا قد ظلمنا عمي خالد وملاك.. فانظري كيف يعيشان هما في منزل من طابقين بينما نعيش نحن في منازل اشبه بالقصور..
قالت مها وهي تلتقط هاتفها وتتصل بملاك: ولا نزال نظلمهم..
وقالت عندما سمعت صوت اجابة على الطرف الآخر: نحن بالخارج يا ملاك..هيا اخرجي..
ازدردت ملاك لعابها لمرات حتى تستطيع ان تنطق حرفا واخيرا قالت بصوت بالكاد ينسمع: حسنا..
واغلقت سماعة الهاتف..ووالتفت الى ما خلفها لتقول لنادين: خذيني الى الخارج.. لا استطيع دفع عجلات المقعد..
كان صوتها خافتا ولكن نادين سمعته لأنها كانت تجلس بالقرب منها.. وتطلعت الى ملاك باشفاق قبل ان تدفع المقعد الى الخارج.. وما ان لمحها مازن وهي تقترب من سيارته حتى اسرع يهبط منها.. ويقول متحدثا الى ملاك: أأساعدك؟..
لم تعترض ملاك.. لانها تشعر ان قواها قد خارت.. وانها غير قادرة على تحريك يدها حتى.. وصداع عنيف اصابها من كثرة البكاء تشعر به يكاد يحطم رأسها ..ومنحته كفاها باستسلام ليعاونها على الجلوس على المقعد.. وعلى الرغم من قربه الشديد لها لم تهتم.. ابيها فقط من كان يسيطر علىمشاعرها وتفكيرها كله في تلك اللحظة..
واخيرا التقط مازن مقعدها ليضعه في صندوق السيارة..ومن ثم يعود ليجلس على مقعد السائق وينطلق بالسيارة..اما ملاك فقد ظلت صامتة طوال الوقت ودموعها تسيل بصمت هي الاخرى على وجنتيها.. والتفتت لها مها قائلة باشفاق: هذا يكفي يا ملاك.. سيكون والدك بخير..
اما مازن فقد تطلع الى ملاك من مرآة سيارته الجانبية وقال: لم البكاء الآن؟.. سنصل بعد قليل الى المشفى وستطمأنين عليه بنفسك..
قالت ملاك بصوت مختنق: انه ابي.. اقرب الناس الي.. واحبهم الى قلبي.. عندما يجرح فقط كانت عيناي تدمعان دون شعور مني.. فكيف تريدونني ان اتوقف عن البكاء.. بعد ان اصيب في حادث سيارة.. والله تعالى وحده يعلم ماذا حدث له الآن.. قد يكون بخير.. وقد يكون...
صمتت ملاك بالرغم منها عندما اختنقت الكلمات في حلقها ..وغطت وجهها بين كفيها لتبكي بحرقة.. فتطلعت لها مها بألم ومن ثم التفتت الى مازن لتقول بهمس: دعها تبكي كما تشاء.. فقد ترتاح قليلا..
زفر مازن بحدة واحس بالاشفاق وهو يسمع صوت شهقات ملاك .. وبعد عشر دقائق من الانطلاق بالسيارة في الشوارع الرئيسية .. وصل مازن اخيرا الى المشفى.. فأوقف سيارته على عجل في احد المواقف.. واخرج مقعد ملاك من صندوق السيارة.. وقال لمها التي كانت تهم بالخروج من السيارة: ساعدي ملاك في الجلوس على مقعدها .. ريثما اذهب للسؤال عن عمي بالاستقبال..
تابعته مها بنظراتها وهو يتجه الى داخل المشفى..وخرجت من السيارة لتخرج مقعد ملاك وتساعدها في الجلوس عليه.. ومن ثم تدفع مقعدها الى الداخل..
كانت ملاك صامتة بشكل غريب.. خوفها على ابيها وهي تشعر انها على بعد خطوات منه.. جعلها تصمت وتغرق في حالة خوف وتفكير..واما من جانب مها.. فقد كانت تبحث عن مازن بعينيها في ردهة الاستقبال..حتى لمحته.. والتفت لها هو بدوره بعد ان انتهى من الحديث الى الموظف.. واشار لهم بأن يتبعانه..
لحقت به مها وهي تدفع مقعد ملاك و تسير بين ممرات المشفى ومن ثم صعدوا جميعهم بالمصعد الى الطابق الثالث.. وهنا تحدثت ملاك قائلة وهي ترفع رأسها الى مازن: ما هو حال ابي؟ ..
ارتبك مازن قليلا ومن ثم قال: لقد سألته عن رقم الغرفة التي بها والدك .. ومنحني اياها..لم اساله عن أي شيء آخر..
تطلعت له مها بشك.. فالارتباك كان واضحا بملامحه وكذلك صوته.. واخيرا فتح باب المصعد فخرجوا منه جميعا .. وهنا فقط شهقت مها بقوة.. فالتفت لها مازن بنظرة عتاب ..فحاولت ان تبدوا طبيعية وهي تدفع مقعد ملاك مرة اخرى.. فالسبب الذي جعلها تشهق بتلك القوة.. كانت اللافتة التي قرأتها عندما دخلت الى الطابق.. (قسم العناية المركزة)..
واشار مازن الى غرفة مجاورة تحمل الرقم 201 وقال: سأتصل بوالدي.. لابد ان يعلم.. وانت يا مها ادخلي معها الى داخل الغرفة لترى والدها..
اخذت ملاك تتنفس بصعوبة.. سترى والدها.. ستراه.. كيف هي احواله؟.. هل هو بخير؟.. لو كان بخير.. لم أتوا به الى هنا؟..شعرت ببرودة تسري باطرافها وسمعت مها تقول في تلك اللحظة: لا استطيع.. انا خائفة..
قال مازن وهو يتطلع لها بلوم: مها لا تخيفي ملاك.. خذيها الى الداخل..
ولما لم يجد منها ردا .. قال وهو يمط شفتيه: فليكن سآخذها أنا .. واتصلي انت بوالدي وكمال لتبلغيهما بما حدث..
اومأت مها برأسها.. في حين اخذ مازن يدفع مقعد ملاك.. وفي ذات اللحظة خرجت الممرضة من غرفة خالد وقالت وهي تتطلع اليهم: ماذا تريدون؟..
اشار مازن لملاك وقال: انها ابنته وتريد ان تراه..
قالت الممرضة بحزم: شخص واحد فقط من سيدخل..
قال مازن بهدوء: فليكن.. ادخلي انت يا ملاك..
التفتت ملاك الى مازن وقالت بصوت خافت: لا استطيع دفع عجلات المقعد.. يداي ترتجفان..
تطلع مازن للمرضة وهو يطلب منها بعينيه ان توافق على دخوله معها.. فقالت بعد ان تفهمت الموقف: اوصلها الى حيث والدها ومن ثم غادر الغرفة.. فهو ليس في حالة تسمح له بالحديث..
اتسعت عينا ملاك وراقبت الممرضة وهي تغادر.. ماذا تعني؟ .. لم قالت انه ليس في حالة تسمح له بالحديث؟.. هل حالته خطيرة الى هذه الدرجة؟.. لم يمهلها مازن وقتا لتتسائل.. فقد ادخلها على الفور الى تلك الغرفة المظلمة التي ينيرها ضوء خافت فحسب.. وساكنة الا من صوت جهاز ضربات القلب..واقترب بها من سرير ابيها وهنا فقط عادت الدموع لتتجمع في عيني ملاك وهي ترى رأس ابيها محاط بالضمادات وجهاز التنفس موصول الى انفه.. والمغذيات قد وصلت الى ذراعيه.. والتفتت الى مازن لتقول ودموعها تسيل على وجنتيها: ماذا به ابي؟..
لم يجبها مازن وازدرد لعابه .. فالتفتت ملاك الى ابيها دون ان تنتظر اجابة من مازن.. ومن ثم التقطت كف والدها وضغطت عليها وهي تقول بصوت باكي: ابي .. انهض.. انا ملاك..صغيرتك.. قد جئت الى هنا لأجلك..هيا انهض..
تساقطت دموعها على كفه وقالت وهي تحاول منع شهقاتها: ابي لماذا لا تجيبني؟.. لا اريد شيئا.. صدقني لا اريد.. لا اريد هاتفا .. لا اريد زيارة منزل عمي.. فقط اريد ان اراك بخير .. اريد ان ارى ابتسامتك.. ارجوك يا ابي.. انهض وتحدث الي .. الى متى ستظل صامتا هكذا؟..
هبط مازن الى مستواها وقال وهو يتنهد: ملاك .. اهدئي.. والدك بحاجة ماسة الى الراحة الآن.. دعيه يرتاح قليلا..
قالها ووضع كفه على كتفها .. فالتفتت له ملاك وهزت رأسها نفيا ومن ثم قالت : لن اتركه.. حتى يعود معي الى المنزل..
والتفتت عنه لتتطلع الى والدها بحب.. ومن ثم تقبل كفه ودموعها لا تزال تبللها..و...
شعرت فجأة بأنامل كف والدها تتحرك..فتطلعت اليه بلهفة وهتفت قائلة: انهض يا ابي.. هذه انا ملاك..
فتح خالد عينيه اخيرا وهمس باسمها قائلا: ملاك..
اسرعت تقول بلهفة وهي تمسح دموعها: اجل ملاك يا ابي.. ملاك ..
اما مازن فقد تطلع الى الموقف مدهوشا.. فحسبما قال له موظف الاستقبال انه لن يفيق الا بعد ان يجروا له عملية نقلة دم.. فقد فقد كمية كبيرة من االدماء في الحادث.. قدتأثر عليه بشكل سلبي.. ولكن قد يكون الموظف مخطئ.. فما ادراه بحالة عمه.. وقال بابتسامة باهتة: حمدلله على السلامة يا عمي..
قال خالد وهو يلتفت الى مازن ويقول بصوت ضعيف: منذ متى وانا هنا؟..
قال مازن بهدوء: منذ ساعة ونصف..
شعر خالد بصداع عنيف يكتنف رأسه .. وهم بقول شيء ما .. لولا ان رأى اشخاص تدخل الى الغرفة.. وسمع صوت امجد وهو يقول: كيف هو حال خالد الآن؟..
اجابه مازن قائلا: لقد افاق منذ قليل.. ولكنه بحاجة الى عملية نقل دم..
قال امجد بعصبية: وفيم التأخير؟..
واسرع يلتفت الى كمال الذي كان يقف عند باب الغرفة مع مها: كمال اذهب لتتحدث الى الطبيب وتسأله عن سبب التأخير ..
اومأ كمال برأسه ايجابيا.. واسرع يبتعد.. في حين قال خالد بصوت خافت وهو يتطلع الى ملاك: اعذريني يا صغيرتي.. لكن هاتفك تحطم اثناء الحادث.. لقد اشتريته لك صباحا..
اسرعت ملاك تقول باكية وهي تضغط على كفه بكل قوة: قليذهب الهاتف الى الجحيم.. لا اريد شيئا يا ابي.. لا اريد سوى ان تعود معي الى المنزل.. وتكون بخير..
قال خالد بشحوب: ولكن يبدوا ان رغبتك الاخرى ستتحقق ..
والتفت الى امجد ليقول بصوت واهن: اعتني بها جيدا يا امجد.. انها امانة في عنقك.. سواء بقيت حيا او فارقت الدنيا..
هتفت ملاك بانفعال وهي تهز رأسها نفيا: لا تقل هذا يا ابي.. انت ستعيش.. ستحيا.. وستقول لي صغيرتي كما اعتدتها دوما منك.. وستمسح دموعي اذا ما بكيت..وستضحك معي اذا ما فرحت..ستعود معي يا ابي.. ستعود..
ابتسم والدها لها ابتسامة شاحبة ومن ثم قال متحدثا الى مازن: ملاك امانة في عنقك يا مازن.. دافع عنها ان حصل لي مكروه..
قال مازن في سرعة: لا تتعب نفسك بالحديث يا عمي.. ثم ان ملاك هي ابنة عمي.. ومن واجبي حمايتها..
قال خالد بصوت خافت: انا اعتمد عليك في ذلك..
ومن ثم تطلع الى مها التي تقترب منهم وقال وهو يشعر بالصداع يتضاعف ويكاد يفقده وعيه: مها.. ملاك تحبك كما لو كنت اخت لها.. فعامليها بالمثل..
لم تستطع مها التفوه بحرف واحد واكتفت بهز رأسها وهي تشعر بغصة المرارة تملأ حلقها..واخيرا التفت خالد الى ملاك.. وشعر انه قد وصل الى قمة اعياءه.. وقال بصوت اقرب الى الهمس وبالكاد يسمع: ستكونين بخير.. معهم .. باذن الله.. يا .. صغيرتي..
واغمض عينيه ليغط في عالم اللاوعي..في حين وضعت ملاك كفها على شفتيها وقالت وهي تهز رأسها بصدمة: لا .. لا .. ابي انت بخير.. ستنهض.. انهض يا ابي.. لقد وعدتني ان تكون معي دائما.. فلم تخلف بوعدك الآن؟..
اسرع امجد يضع يده على كتفها ويضغط عليه برفق ويقول بابتسامة شاحبة: اهدئي يا ملاك.. فبعد ان يتم نقل الدم له.. سينهض والدك وسيكون بخير.. ادعي له فقط..
عضت ملاك على شفتيها بالم.. وسالت دموعها التي احرقت جفنيها من كثرة بكاءها.. واخيرا وصل كمال الى الغرفة وقال : لقد تحدثت الى الطبيب المعالج.. كان سبب تأخيرهم هو عدم وجود كمية كافية من فصيلة الدم لعمي.. ولكني اجريت الفحوصات لأرى ان كانت فصيلتي مطابقة له.. وبعدها سيتم اجراء عملية نقل الدم له..
كانت الثانية التي تمضي عليهم اشبه بالساعة.. وهم يرون الممرضات يدخلون الى الغرفة.. ويطلبون منهم الانصراف ..لينتظروا في الممر.. الصمت كان سيد الموقف.. الا من صوت شهقات ملاك..واخيرا ظهرت نتيجة التحاليل.. بأن فصيلة كمال مطابقة ويمكنهم اجراء عملية نقل دم له على الفور ..
كان مازن يتطلع الى ساعته في كل لحظة.. ومها تحاول التخفيف عن ملاك بشتى الطرق والوسائل.. اما امجد فقد كان يتطلع الى غرفة العمليات ويترقب خروج الطبيب المعالج في أي لحظة.. واخبارهم بأن العملية قد نجحت اخيرا..ولكن الطبيب تأخر.. ثلاث ساعات مرت اشبه بالدهر.. والطبيب لم يخرج بعد.. وكمال يمسك بذراعه في صمت ومن ثم يتطلع الى ملاك بنظرات صامتة.. ملاك التي لم تكن منتبهة لأحد في تلك اللحظة..
وانفتح باب حجرة العمليات بغتة.. ليخرج منه الطبيب وملامحه جامدة.. فاسرع امجد يتوجه له ويقول بلهفة وقلق: كيف حال خالد يا ايها الطبيب؟.. اخبرني.. طمأني عليه..
تنهد الطبيب ومن ثم قال: العملية نجحت..
ابتسامة شقت الشفاه سرعان ما اختفت عندما اردف الطبيب وهو يزدرد لعابه: ولكن الحادث سبب له ضربة قوية برأسه ..كانت السبب في ما هو عليه الآن..
قال امجد بتوتر: ما الذي حدث له؟..
قال الطبيب وهو يتطلع له بنظرات مشفقة: لقد سقط في غيبوبة ..
اتسعت عينا امجد بقوة.. وقال بدهشة: ماذا؟.. لقد كان يتحدث معنا قبل قليل.. أي هراء تتفوه به؟..
قال الطبيب بصوت خافت: ذلك لأنه لم يكن تحت تأثير الغيبوبة بعد.. لكنها الآن قد سيطرت عليه.. واتمنى ان ينهض سريعا منها.. ادعو له بالشفاء..
اسرع كمال يسأله قبل ان يغادر: ما المدة التي يمكن ان يقع تحت تأثير الغيبوبة فيها؟..
هز الطبيب كتفيه ومن ثم قال بأسف: لا احد يعلم.. ربما يوم.. وربما اسبوع او شهر.. وحتى سنة..
وهنا فقط صرخت ملاك هاتفة: مستحيل.. مستحيل.. كل هذا كابوس..ابي بخير.. انت تكذب.. وجميعكم تكذبون.. ابي بخير.. لن يحدث له شيء.. سيعود معي.. اتفهمون؟.. ابي بخير..
هبط مازن الى مستواها وقال بألم: ملاك اهدئي ارجوك..
قالت ملاك بانفعال: لن اهدأ.. انتم تكذبون.. اعيدوا لي ابي.. اعيدوه.. اريد ابي..
كان صوت صراخها يتعالى ويكاد يملأ ارجاء المشفى وقد بدت في حالة هستيرية جعلت دموع مها تسيل خوفا على ملاك.. وحزنا على ما اصاب عمها.. وفي لحظة اجتمعت الممرضات حول ملاك.. ليحملنها بالقوة ويضعونها على الفراش المتحرك وهي تقاومهم بعنف.. وصوت مازن يقول بحدة: اياكم ان تأذوها .. اتفهمون..
هتفت احدى الممرضات بعصبية: ارجوك لا تتدخل .. ستصاب بانهيار عصبي لو لم نحاول ان نمنحها منوما الآن..
اتسعت عينا مازن ورآهم يدخلونها الى احد الغرف الجانبية.. وتسرع احدى الممرضات باعداد المحقن لها.. وملاك لا تزال تصرخ: دعوني اريد ان ارى ابي.. دعوني.. انتم لاتفهمون ..
خفت صوت ملاك فجأة وتثاقل جفناها وهي تراقب مازن يتقدم منها وفي عينه نظرة مبهمة وقالت برجاء:مازن.. دعهم يأخذوني الى ابي..اريد ان اراه.. اتوسل اليك..مـاز...
تثاقل جفناها وانتشر المخدر في جسدها كله لتغمض عيناها بالرغم منها .. وهمست قائلة وهي تتطلع الى آخر مشهد رأته عيناها قبل ان تفقد الوعي: ارجوك.. يا مازن..
همست بها واغمضت عيناها.. لتغيب عن الواقع المر الذي تحياه .. ومن صدمات القدر المتكررة لها..وتطلع لها مازن بألم .. ومن ثم اقترب منها ليمسح على شعرها بكل حنان.. واعتصرت قبضة باردة قلبه.. وهو يراها غائبة عن الوعي ..ووالدها في قد سقط في غيبوبة ..الله تعالى وحد من يعلم .. متى يستيقظ منها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 08:12 AM   #26 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السادس عشر
"عودة"

فتحت ملاك عيناها فجأة.. وعادت لتسبل جفنيها عندما آذاها ضوء الشمس المنبعث من النافذة.. ولوهلة كانت ستنادي نادين لتعد لها الفطور.. ولكن ذكرى الامس مرت على ذهنها بسرعة خاطفة.. جعل ملامحها تتقلص.. وخفقات قلبها تتوتر. . اما حدث بالامس كان حلما؟؟..
كانت ستأكد لنفسها ذلك لولا ان فتحت عينيها واستغربت المكان التي هي فيه..وعقدت حاجبيها وهي ترى نفسها تنام في غرفة اشبه بغرف المستشفيات..ما الذي جاء بي الى هنا؟ ..
وبغتة عاد اليها صفاء ذهنها.. وتذكرت ما حدث.. تذكرت الامس.. تذكرت اصعب يوم مر عليها في حياتها.. هل كان يوما حقا؟.. خالته عاما.. دهرا..من المستحيل ان يكون ما مر عليها بالامس من احداث هي ساعات فحسب ..
عادت الدموع لتتجمع في عينيها من جديد.. الم تمل من البكاء؟ .. الى متى ستظل تبكي؟.. وهل ستعيد لنا الدموع من فقدناه يوما؟.. قلبها يبكي بدموع من دم.. وعيناها ذرفت بحورا من الدموع..وهي تحاول ابعاد ذكرى الامس عن ذهنها.. كلماته لا تزال عالقة في ذهنها.. وكأنه كان يشعر بأنه سيتركها وحيدة.. فقد وصى الجميع عليها..
آه يا ابي.. العالم كله لا يعوضني دقيقة واحدة اقضيها معك.. اين انت عني الآن ؟.. تركتني وحيدة اصارع العالم وحدي .. كيف لفتاة مثلي ان تواجه كل هذه الطعنات المتكررة من القدر؟.. يا رب.. ارحني من هذا العذاب.. واشفي ابي ..
(قد تجعلنا المصائب نبدوا في عمر اكبر من عمرنا الحقيقي) .. يبدوا وان هذه المقولة صحيحة.. اشعر بأني امرأة تجاوزت الثلاثين.. تحمل على كاهلها هموم الحياة ومصاعبها..اين انت يا ابي الآن؟.. اين انت؟..
عادت الدموع لتسيل على وجنتيها بصمت.. وراودها سؤال وهي في حالها تلك.. الا تجف الدموع ابدا؟.. لو كانت الدموع تجف.. لجفت دموعها منذ زمن.. تشعر بتقلصات في معدتها.. هل هو الخوف على ابيها ام هو القلق من المستقبل المجهول الذي ينتظرها؟..
تلفتت حولها بألم وشاهدت في تلك اللحظة فقط.. مها وهي تعقد ذراعيها امام صدرها وتجلس على مقعد مجاور لفراشها وتغط في نوم عميق..يبدوا وكأنها تشعر بالبرد.. منذ متى وهي هنا؟.. اخذت تراقبها للحظة.. ولكن انطلق رنين هاتف مها المحمول فجأة محطما سكون الغرفة.. ليجعلها تغمض عينيها لتتظاهر بالنوم.. ولتهرب من الواقع ايضا..
اما مها.. فقد انتفضت فجأة عندما انطلق صوت رنين هاتفها.. وجعلها تفتح عينيها بكسل.. وتبحث عنه في حقيبتها.. وهي تشعر بأن ظهرها يؤلمها بسبب نومها على المقعد.. لقد كان يفترض بها ان تبقى الى جوار ملاك.. فقد كانت حالتها لا تبشر بخير.. وحتى اذا استيقظت منتصف الليل فزعة على والدها.. تكون مها على الاقل الى جوارها.. ولكن عيناها خانتاها.. وتثاقل جفنيها لتغط في نوم عميق دون شعور.. لقد كانت ليلة ليلاء بالفعل بعد كل ما حدث لعمهم ولملاك..
اسرعت تلتقط هاتفها من حقيبتها .. وتجيبه بصوت هامس حتى لا توقظ ملاك من نومها كما تظن: من؟..
جاءها صوت حسام وهو يقول بدهشة: من؟.. اول مرة تجيبين علي بهذه الطريقة يا مها.. خلتك رأيت رقم هاتفي..
فركت مها عينيها بتعب وقالت: لقد كنت نائمة..
عقد حسام حاجبيه وتسائل قائلا: الى الآن؟.. حتى الجامعة لم تحضريها اليوم.. ماذا بك؟.. هل انت مريضة؟..
اسرعت مها تقول: لا لست مريضة.. ولكنها ظروف.. ظروف طارئة اجبرتني على التغيب هذا اليوم..
قال حسام متسائلا: اقلقتني يا مها.. ماذا حدث؟..
ترددت مها للحظة ومن ثم قالت وهي تتنهد: عمي خالد.. لقد اصيب بحادث هذا اليوم.. وسبب له غيبوبة مفاجأة..
وعلى الرغم من ان ملاك تدرك الواقع لم تحتمل سماع مثل هذه العبارات التي تذكرها بما اصاب ابيها.. مما جعلها تضع كفها على شفتيها لتمنع شهقة كادت ان تفلت من بين شفتيها.. واشاحت بوجهها بعيدا لتكمل نحيبها الصامت..
اما مها فقد شعرت بحركة ملاك.. ولكنها ظنت انها تتحرك اثناء نومها..وعلى الطرف الآخر قال حسام بصدمة: عمك خالد؟.. والد ملاك؟..
- اجل هو..
واردفت بمرارة: ومنذ ان علمت بالامر.. حتى اصابتها حالة هستيرية.. جعلها تملأ اروقة المشفى صراخا.. واضطرت الممرضات لاعطائها منوما.. تفاديا لأية مضاعفات..
عضت ملاك على شفتيها في تلك اللحظة.. وهل يكفي الصراخ ؟.. هل تكفي الدموع؟.. لأعبر عن مكانة ابي في قلبي..
قال حسام متسائلا: وكيف حالها الآن؟..
قالت مها وهي تتنهد: لا تزال نائمة.. لا اعلم ما الذي سيحدث ان استيقضت وادركت بما حدث؟..
التقطت ملاك انفاسها بصعوبة..نائمة؟؟.. النوم راحة يا مها .. ولست املك هذا الاخير ..وقال حسام في تلك اللحظة: اهتمي بنفسك جيدا يا مها.. وكذلك بملاك.. عند اول فرصة اجدها سآتي الى المشفى.. سلامتهم جميعا..
قالت مها بشحوب: لا داعي لأن تتعب نفسك .. جميعنا معها.. ابي الوحيد الذي غادر قبل قليل فقط لأن لديه عمل هام.. كمال ومازن هنا ايضا.. غادرا الى المنزل ليناما بضع ساعات وعادا من جديد..
قال حسام مشفقا: وانت؟..
رفعت حاجبيها وقالت بحيرة: ماذا بي؟..
قال حسام بصوت حاني: لم ترتاحي منذ الامس..
اسرعت مها تقول: لقد كنت نائمة مع ملاك..
- اين؟..
قالت بحيرة: على المقعد ..
قال حسام وهو يبلل شفتيه بطرف لسانه: ولم لا تعودين الى المنزل وترتاحي قليلا؟..
- وملاك؟.. من سيبقى معها؟..
عقد حسام حاجبيه وقال: الم تقولي ان كمال ومازن موجودين معها؟..
قالت مها مجيبة: بلى.. ولكنهم لن يستطيعوا التصرف مع ملاك .. مثل ما سأفعل.. فأنا فتاة مثل ملاك وافهمها جيدا..
قال حسام مداعبا فقط ليخرج مها من حالة الحزن الذي يسمعها في صوتها: تبدين لي احيانا فتاة طيبة..
قالت مها بضيق: حقا؟.. هل ابدوا لك شريرة الى هذه الدرجة؟ ..
- احيانا فقط..
ابتسمت مها ابتسامة شاحبة عندما علمت من نبرة صوته انه يمازحها ليس الا وقالت: حسنا اذا.. سأغلق الهاتف الآن حتى تعلم كم انا شريرة..
قال مبتسما: جيد انك اعلمتني.. وان كنت ستظلين في نظري مها الطيبة والرقيقة مهما فعلت..
قالت مها بارتباك: حسام.. هل لي بسؤال؟..
كادت ان تسأله عن سبب اختلاف تصرفاته معها في الآونة الاخيرة.. وسبب حديثه المهتم بها.. ولكن قدوم مازن المفاجئ الى الغرفة.. جعلها تشعر بالخجل من التحدث امامه.. وتقول بهدوء: سأتحدث اليك فيما بعد يا حسام.. الى اللقاء..
- كما تشائين.. واذهبي الى المنزل لترتاحي قليلا كما طلبت منك..مع السلامة..
اما مازن فقد قال ساخرا وهو يراها تعيد الهاتف الى حقيبتها: الا يمل من مغازلتك يوميا ؟..
قالت مها بحدة: حسام لا ينطق بكلمة غزل واحدة عكسك تماما .. فأنت الذي...
وضع كفه على شفتيها ليصمتها وقال بصوت خافت: اصمتي.. ملاك نائمة.. ستوقظينها بصراخك هذا..
وابعد كفه عن شفتيها وقال متسائلا: كيف حالها؟..
قالت مها وهي تزفر بحرارة: كما تراها.. لقد ظلت نائمة طوال الليل والى الآن.. وكأنها لا تريد ان تستيقظ وتدرك ما حدث..
اغمضت ملاك عينيها بقوة ..ادركته يا مها وانتهى الامر.. وقال مازن في تلك اللحظة: اخشى ان مكروها قد اصابها..
واسرع يقترب منها ويتطلع اليها.. لقد كان يبدوا له تنفسها طبيعيا تماما.. وان كانت الدموع لم تجف بعد من على وجنتيها ..وقال مستطردا: انها تتنفس.. ولكن لم هي نائمة الى الآن؟ ..
هزت مها رأسها وقالت : لست اعلم..
اسرع مازن يقول: سأنادي الطبيب.. لعله يعلم ما بها..
اسرع يبتعد عن فراش ملاك.. وهذه الاخيرة تتابع خطواته.. وقالت فجأة بصوت خافت جدا: لا داعي..
لم يسمعها مازن.. ولكن مها سمعتها.. وجعلها تقول متحدثة الى مازن: انتظر لحظة..
التفت لها مازن مستغربا.. ورآها تقترب من سرير ملاك وتقول وهي تتطلع اليها بابتسامة مرتبكة: ماذا قلت يا ملاك؟.. هل استيقظت ام انني اتوهم؟..
فتحت ملاك عينيها وادارتهما فيما حولها بلا شعور ومن ثم قالت بصوت خافت: قلت لا داعي..
ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت وهي تحتضن كفها: حمدلله على سلامتك يا عزيزتي.. اخفتنا عليك كثيرا..
اسرع مازن يقترب بدوره منها ويقول مبتسما: ما هذا يا ملاك؟ .. اكل هذا نوم؟.. الم تنامي منذ اسبوع؟..
طالعته مها بنظرة.. بأن هذا ليس وقته.. ولكن ملاك لم تهتم باجابته.. واكتفت بأن تطلعت اليه ومن ثم انزلت عينيها بلا اهتمام..وارتفع حاجبا مازن بدهشة من نظرات ملاك نحوه.. فبعد ان كان يرى في عينيها اللهفة والخجل حين تراه.. يرى الآن اللامبالاة.. ربما مها معها حق.. ليس هذا وقت المزاح ابدا ..
فتح الباب في تلك اللحظة.. والتفت مازن الى القادم وقال مبتسما: اقترب يا كمال.. لتوها فقط قد نهضت..
اقترب كمال من فراش ملاك.. وتطلع اليها بنظرة غامضة ومن ثم قال بابتسامة: حمدلله على سلامتك يا ملاك..
لم تجبه ملاك وظلت صامتة.. تبادلوا جميعا نظرات الاستغراب فيما بينهم..ولكن مها ادركت ان الصدمة التي واجهتها بالامس اقوى من ان تجعلها تتقبل أي شيء بسهولة.. حتى الحديث مع الناس..
وقالت مها متحدثة وهي تحاول جذبها الى الحديث: اتريدين شيئا يا ملاك؟..
هزت ملاك رأسها نفيا بصمت.. وقالت مها مردفة: ما رأيك ان اعدل لك من وضع الفراش.. حتى ترتاحي في جلوسك؟..
لم تعلق ملاك ولو بحرف وظلت على وجومها ذاك.. وكل ما فعلته انها اخذت تداعب قلادتها.. وتعض على شفتيها بالم ومرارة وحزن عميق.. لا يزال ابيها يحتل القلب وسيظل ..وقال مازن وهو يبحث عن أي موضوع للحديث: لا بد انك جائعة.. سأذهب لأطلب من احدى الممرضات ان تحضر لك اشهى طعام بالمشفى بأكمله..
التفتت مها الى مازن وقالت بابتسامة شاحبة: لم اكن ادرك ان لديك وساطة قوية في المستشفيات ايضا..
غمز مازن بعينه وقال : ها انتذا علمت..
لديهم رغبة في الحديث.. في المزاح.. في الابتسام ..كيف؟ .. اخبروني بالله عليكم كيف؟ ..ربما لانكم لا تكننون لأبي سوى مشاعر قرابة.. وشعور بالواجب تجاهه.. لا تشعرون بكل هذا العذاب الذي اشعر به.. لا تشعرون بالآلام التي تجعلني اكره الحياة.. ذلك لانكم لم تعرفوه عن قرب كما عرفته.. لم تعيشوا معه.. لم تعرفوه الا منذ عشرة ايام تقريبا.. اما انا فأعرفه منذ ثمانية عشرة عاما.. لا تلوموني ان صمت.. وكرهت التحدث اليكم.. لا تلوموني ان آثرت الانطواء على نفسي.. فكل من بقي لي في هذا العالم هو ابي .. وابي قد تركني وحدي.. تركني اعاني كل هذا وحدي...
كانت عيناها الدامعتان تتطلعان الى مها.. وتحاولان ان تشرح لها كل ما يدور بخلدها.. فقالت مها وهي تربت على كتفها: لا عليك يا ملاك..افعلي ما شئت.. نحن نعلم جيدا انه والدك وتحبينه اكثر من العالم كله.. ونعلم ان الصدمة كانت قوية بالنسبة لك.. ولكن كل ما نطلبه منك هو الصبر والايمان.. لا تضعفي.. تمسكي بأمل ان ينهض والدك من غيبوبته يوما.. وعندها ستشعرين بالراحة قليلا.. بدلا من ان تعيشي في هذا العذاب..
عاد مازن في تلك اللحظة وهو يقول للمرضة: ضعي الطعام على الطاولة.. وصدقيني ستصلك الاطباق خالية بعد قليل.. فلا ريب ان ملاك ستلتهم كل شيء من شدة جوعها..
بل لا شيء!.. لا اريد شيئا.. من لديه رغبة في شرب كأس من الماء فحسب بعدما حصل..حركت مها الطاولة قليلا.. ووضعتها امام ملاك التي تطلعت الى الاطباق بلامبالاة.. ومن ثم اشاحت بوجهها بعيدا.. فقالت مها بحيرة: لم لا تأكلين؟.. انت لم تتناولي شيئا منذ الامس..
هزت ملاك رأسها نفيا وكأنها تعلن رفضها عن تناول أي شيء..فأردفت مها قائلة: لقد اخبرنا الاطباء بأنك بحاجة الى التغذية.. فجسمك ضعيف جدا..
وقالت الممرضة التي لم تغادر الغرفة بعد: يجب عليك ان تتناولي شيئا يا آنسة ملاك.. قهذا سيؤثر بالسلب على صحتك..
تطلعت لها ملاك بنظرة خاوية..ومن ثم عادت لتداعب قلادتها من جديد.. وقال مازن باصرار: تناولي شيئا يا ملاك.. لا تكوني عنيدة هكذا..
تطلعت له ملاك وقالت بحدة: لا اريد..
قال مازن وهو يبتسم بزاوية فمه: واخيرا تحدثت.. يالك من عنيدة.. ولكن مع هذا.. لن اتراجع عن ما قلته.. فستتناولين طعامك كله وذلك...
فجأة صرخت ملاك قائلة بانفعال وهي تزيح الاطباخ كلها من على الطاولة : لا اريد شيئا..لا اريد..
تحطمت الاطباق بدوي مزعج وتناثر الطعام والشراب على ارضية الغرفة..وتطلع الجميع الى الموقف مدهوشين.. ومها قد اتسعت عيناها وشهقت بقوة عندما رأت ما حدث.. فقد استغربت هذا التصرف العنيف من فتاة رقيقة كنسمة الهواء مثل ملاك..واردفت ملاك بانفعال اكبر: فقط دعوني وحدي .. اخرجوا جميعا.. اريد البقاء وحدي.. لا اريد احدا هنا.. اخرجوا.. لا اريد ان اراكم.. اريد ابي.. احضروا لي ابي.. اريد ان اراه.. اعيدوه الي..
اسرعت الممرضة تعد محقنا مهدئا في تلك اللحظة .. فقال مازن بسرعة: اياك وان تعطيها محقنا آخر من هذا المهدئ اللعين ..
قالت الممرضة وهي تشير الى ملاك التي تصرخ بقوة وتردد بأنها تريد ابيها: الا ترى حالتها؟.. قد تنهار في اية لحظة..
قال مازن بحدة وهو يبعد يد الممرضة الممسكة بالمحقن: والا تعرفين ايتها الممرضة التي تعملين هنا ربما لسنوات.. بأن اعتيادها على هذه المهدئات قد يجعل جسدها ينهار.. لا شأن لك انت.. انا سأتصرف..
قالت الممرضة بضيق: تصرف انت.. وانا اخلي مسؤوليتي ان اصابها شيء..
واسرعت تغادر الغرفة بحنق.. فابعد مازن مها المذهولة عن فراش ملاك وتقدم منها ليهتف بحدة: اصمتي يا ملاك.. قلت لك اصمتي ..لا داعي لكل هذا الصراخ..لتخبرينا بأنك تودين منا الخروج وتودين رؤية ابيك..
قالت ملاك وهي تهتف بحدة وانفعال: لماذا لا تزالون هنا اذا؟.. اخرجوا.. لا اريد ان ارى احد هنا.. غادروا حالا.. لا اريد رؤيتكم..
قالت مها في تلك اللحظة بخوف: لماذا جعلت الممرضة تنصرف يا مازن.. كيف سنتصرف نحن معها الآن؟..
التفت مازن الى مها وقال بحدة: اصمتي انت الاخرى ايضا..
وامسك بغتة بكتفي ملاك ليهزها بقوة ويهتف فيها قائلا: اهدئي يا ملاك.. وكفي عن صراخك.. سنفعل كل ما تريدينه فقط اهدئي..
عقد كمال ذراعيه امام صدره وقال ببرود: اتظن انك بهذه الطريقة ستهدئ من صراخها حقا؟..
تجاهله مازن وقال مواصلا وهو يخفف من نبرة صوته: اخبريني بما تريدين بهدوء.. وسنفعله في الحال..
توقفت ملاك عن هتافها المنفعل حقا.. واغرورقت عيناها بالدموع لتقول بصوت مختنق: اريد ابي.. اريد ان اراه..
قال مازن بابتسامة شاحبة: سآخذك اليه بنفسي ان اردت..
قالت ملاك غير مصدقة: حقا؟..
اومأ مازن برأسه وقال: اجل.. ولكن بشرط.. ان تتناولي من الطعام ولو القليل.. فأنت لم تتناولي شيئا منذ البارحة..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اريد..
ابتسم مازن وقال: عدنا للعناد مرة اخرى.. على الاقل اشربي العصير.. موافقة؟..
اومأت ملاك برأسها وهي تمسح دموعها .. فابتسم مازن وهو يترك كتفيها.. فقالت وهي ترفع رأسها له: وستأخذني الى ابي بعدها؟..
- اجل وخذيها وعدا مني..
والتفت الى مها ليقول مبتسما: اطلبي من أي من الممرضات احضار عصير البرتقال الطازج الى ملاك..
اومأت مها برأسها.. وهي في حيرة من امرها مما حدث.. لماذا تحدثت الى مازن بالذات بينما كانت تصمت عن الجميع؟.. لماذا هدأت عندما تحدث اليها مازن؟.. ألمازن كل هذا التأثير عليها؟.. لو كان كذلك.. فهي غارقة في حبه حتى اذنيها.. لم اتوقع يوما ان ملاك ستحب .. ومن ؟.. مازن.. صاحب التجارب العاطفية .. والذي لديه من بدل الفتاة مائة .. لا استطيع سوى ان اقول..اتمنى ان يكون الله في عونك يا ملاك .. ويجعلك يا مازن تقدر هذا الملاك الذي منحتك قلبها ...
وعلى الطرف الآخر عقد كمال حاجبيه بشك.. وهو غير مصدق ان مازن قد تمكن من امتصاص غضب وانفعال ملاك بهدوءه.. في حين التفت له مازن ورفع حاجبيه وشبح ابتسامة يتراقص على شفتيه.. وقال: ماذا كنت تقول قبل قليل؟..
طالعه كمال بنظرة ضيق.. لم يأبه بها مازن وهو يتحدث الى ملاك التي كانت تتطلع من النافذة بشرود: ملاك.. انت تعلمين انك ستعودين الى منزلنا بعد خروجك من هنا اليوم .. صحيح؟ ..
قالت ملاك وهي تلتفت اليه: سأخرج من هنا اليوم؟..
اومأ برأسه ايجابيا.. فأسرعت تقول برجاء: ولكن ليس قبل ان ارى ابي..
قال بابتسامة باهتة: لا تقلقي.. لن نغادر المكان قبل ان آخذك الى والدك.. لتريه وتتحدثي اليه..
قالت ملاك وغصة مرارة تملأ حلقها: وهل سيسمعني ان تحدثت؟ ..
قال مازن وهو يهز كتفيه: ربما من يدري..
واردف بهدوء: وغرفتك التي بمنزلنا لم يتغير فيها شيء.. وكأنك لم تغادريها.. وها انتذا ستشرفينا بجلوسك معنا من جديد..
صمتت ملاك ولم تعلق.. في حين احضرت مها في تلك اللحظة كأس من العصير.. وطبق من الفاكهة..لم تلمس ملاك منهم شيئا .. اللهم الا رشفة من العصير..وبعدها تطلعت ملاك الى مازن وفي عينيها رجاء له .. فقال مبتسما: حسنا.. حسنا.. كما وعدتك.. سآخذك الآن الى ابيك.. هل انت مستعدة؟..
اومأت ملاك برأسها في سرعة .. فقال مبتسما وهو يحرك مقعدها المتحرك من فراشها: اذا هيا.. اجلسي لآخذك اليه على الفور..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اغلق فؤاد الهاتف بحركة عصبية.. جعلت عادل يلتفت له ويقول بدهشة: ماذا بك؟..ماذا جرى؟..
قال فؤاد بحدة وعصبية: الاحمق.. الابله.. لم يخبرني بما حدث الا الآن..
ارتفع حاجبا عادل وقال بدهشة: من هو الاحمق؟..وما الذي حدث؟..
قال فؤاد وهو يلوح بكفه بعصبية: ذلك الذي استأجرته لمراقبة خالد.. اتصل الآن ليخبرني انه في اثناء ملاحقته له.. اصطدمت سيارة خالد بسيارة اخرى.. ونقل بعدها خالد الى المشفى ..
قال عادل بصدمة: ماذا تقول؟.. وماذا حدث لخالد بعد ذلك؟ ..
قال فؤاد بضيق: لقد اصيب بغيبوبة..
اتسعت عينا عادل وقال وهو غير مصدق: لابد وانك تمزح..
طالعه فؤاد بضيق ومن ثم قال: لا تقول انك متأثر بسبب ما حدث لخالد..
قال عادل وهو يزفر بحدة: انه شقيقي قبل كل شيء..
قال فؤاد يعصبية: واين كان شقيقك هذا عندما كتب شركته باسم ابنته واملاكه كلها لها؟.. لقد حرمنا من كل شيء بأنانيته.. ومنح ابنته كل شيء..هو لم يهتم بصلة القرابة التي بيننا .. فلم نهتم نحن؟..
واردف غير منتظر اجابة من عادل: وهذا الاحمق الذي استأجرته .. لم يخبرني بما حصل الا الآن.. ذلك لأن الوقت كان متأخرا بالامس عندما حدث الاصطدام وخشى ان يزعجني .. الاحمق..
قال عادل بهدوء: وماذا ستفعل الآن بعد ان اصبحت ملاك فريسة سهلة لك؟..
قال فؤاد بسخط: وماذا افعل بملاك الآن؟.. لقد كنت اريد استخدامها كوسيلة للضغط على خالد.. ولكن الآن خالد راح ضحية غيبوبة لا اعلم متى يستيقظ منها ولا يمكننا الانتظار حتى يستيقظ..
واردف وهو يكور قبضته بغضب: ثم ان ملاك بحكم القانون.. لديها الاهلية التي تخولها لأن تكون وصية عن نفسها .. وهذه هي المشكلة.. لقد اصبح كل شيء في يد ملاك وحدها ..
قال عادل بقلق: هذا يعني ان ملاك وحدها هي من تملك الحق الآن.. في ادارة كل شركات ابيها..واملاكه..
قال فؤاد بعصبية: اجل هذا صحيح.. يالسخرية القدر.. هذه العاجزة تكون مالكة لشركة وعمارتين.. ورصيد كبير في البنك..
قال عادل وهو يزفر بحرارة: اظن ان عليك ان تزيلها من ذهنك .. فلم يعد هناك حل يوصلك لاملاك خالد..
- انت تهذي.. لن اعدم الوسيلة حتى اجعل املاك خالد بين ايدينا..وسأجد هذا الحل قريبا.. فقط انتظر وسترى بنفسك...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مثل ما دخلتها اول مرة.. شاحبة .. صامتة..بنظرة الحزن التي تملأ عينيها.. والالم والخوف يعتصران قلبها.. وان اختلف شيء فهو انها تعرف وضع ابيها هذه المرة..
ورفعت عيناها لما حولها.. حتى الغرفة لم يتغير فيها شيء ..الضوء الخافت وصوت جهاز ضربات القلب يتكرر بانتظام..وجسد والدها الممدد على الفراش.. والضماد الذي يلف رأسه.. لم يختلف شيء في الغرفة سوى ان المغذيات والاجهزة قد زادعددها..
والتفتت الى مازن الذي يدفع مقعدها وقالت بصوت متقطع: اتظن انه.. سينهض؟..
قال مازن وهو يبتسم لها ليطمئنها: اجل اظن ذلك.. فقط لا تفقدي الامل..وادعي له دائما بأن يشفى ويعود اليك من جديد..
اومأت ملاك برأسها وقالت بشحوب: وهذا ما افعله..
وعادت لتلتفت الى جسد والدها .. والتقطت كفه بيدها لتقول وهي تحاول منع دموعها من ان تسيل على وجنتيها: ابي.. لا اعلم ان كنت تسمعني ام لا.. المهم انني اريد ان اتحدث اليك .. لقد طلبت مني ان اعود الى منزل عمي وسأفعل بناء على رغبتك.. وانت ايضا..سأطلب منك طلبا واتمنى ان تفعله.. كما كنت تفعل دوما.. فلأجلي كنت تنفذ كل ما اطلبه منك..
ابتعد مازن في تلك اللحظة ليترك الحرية لملاك لتتحدث كما تشاء وجلس في ركن من الغرفة.. في حين اردفت ملاك قائلة ودموعها قد عادت لتتساقط: ارجوك يا ابي قاوم ما انت فيه وعد الي.. احتاج اليك.. اكثر من أي شخص آخر.. لا احتمل فكرة ابتعادك عني.. لا احتمل ان ارااك صامتا هكذا.. لأجلي انهض.. وعد الي من جديد..
قبلت كفه وتنهدت بمرارة.. واخذت تمسح دموعها.. وفوجئت بمازن يقول وهو يمد لها يده بمنديل: خذي امسحي دموعك..
ارتفع حاجبا ملاك بدهشة.. لكنها ما لبثت ان اخذت منه المنديل وقالت بصوت باكي: اشكرك..
قال مازن متسائلا: والآن هل نذهب؟..
القت ملاك نظرة اخيرة على والدها ومن ثم قالت متحدثة الى هذا الاخير: سأعود مرة اخرى يا ابي.. سآتي لزيارتك كل يوم تقريبا.. انتظرني..
قالتها وتركت كفه.. فادار مازن مقعد ملاك ليخرج خارج الغرفة.. والتفتت ملاك مرة اخرى على الرغم منها وهي تتطلع الى جسد اباها الذي اخذ يبتعد تدريجيا.. او بمعنى اصح هي التي كانت تبتعد ..وغادرت في تلك اللحظة الغرفة.. فقالت مها التي كانت تنتظرها بالخارج: اتعلمين يا ملاك كم انا سعيدة لانك ستعودين للعيش معنا..
رفعت ملاك عينيها لمها وكادت ان تهم بقول شيء ما لكنها آثرت الصمت.. لا تريد ان تقول انها ليست سعيدة.. لان السبب الذي اعادها الى منزل عمها يبكيها بدموع من دم ..ووجدت نفسها تهبط معهم بالمصعد الى الطابق الارضي ومن ثم يغادرون المشفى متجهين الى المواقف.. وبعدها انطلقت سيارة مازن بملاك ومها.. اما كمال فقد غادر قبلهم بسيارته ..
وقال مازن وهو يتطلع الى الطريق الممتد امامه: مها اتصلي بنادين واطلبي منها ان تعد جميع حاجيات ملاك.. حتى اذهب الى منزل عمي ليلا واحضر لملاك حاجياتها..
اومأت مها برأسها ايجابيا في حين قال مازن متحدثا الى ملاك: اتريدين أي شيء آخر يا ملاك؟..
قالت ملاك بصوت خافت:احضر نادين معك ان استطعت.. ارغب في وجودها معي..
قال مازن بابتسامة: لا عليك.. من اجلك سأستطيع..
قالت مها متسائلة: وماذا عن الخدم الموجودين بمنزل عمي؟..
قال مازن بهدوء: سأمنحم اجازة مفتوحة.. حتى يتعافىعمي ..
اتصلت مها في تلك اللحظة كما طلب منها مازن بنادين.. واخبرتها بأن تعد جميع حاجيات ملاك.. وكذلك تحضر معها أي اشياء ثمينة تخص عمها خالد كذلك..وعندما سألت نادين عن اخبار سيدها..اخبرتها مها بكلمات مقتضبة بما حصل لهذا الاخير..واخيرا طلبت منها ان لا يعلم احد سواها بما حدث من الخدم..وانهت الاتصال بها ..
والتفتت لمازن لتقول وهي تمط شفتيها: هاقد فعلت.. أي اوامر اخرى.. سيد مازن؟..
التفت لها مازن وقال مبتسما: لا..لو احتجت الى أي شيء آخر سأخبرك..
تطلعت له مها بضيق.. في حين تطلع مازن الى ملاك من مرآة السيارة وقال متسائلا: هه.. ماذا تريدين ان تتناولي على طعام العشاء هذا اليوم؟.. نحن الآن مسئولون عنك.. ويجب ان نهتم بغذائك بدلا من الاطباء والممرضات..
قالت ملاك بصوت خافت: لا شيء..
هز مازن كتفيه وقال: كما تريدين.. ولكن غدا لن آخذك الى المشفى..
هتفت ملاك باستنكار: انت تمزح..
قال في سرعة: ابدا لست كذلك.. ان رفضت تناول طعامك .. سأرفض انا ايضا ان آخذك لتري والدك..
قالت ملاك وهي تلتفت الى مها بتردد: وماذا عن سائقكم يا مها.. سيرفض هو ايضا اخذي لأرى ابي..
قالت مها وابتسامة تتراقص على شفتيها: انا مع مازن.. لن اوافق ان تذهبي الى أي مكان.. قبل ان تتناولي طعامك.. جسدك ضعيف جدا.. وبحاجة ماسة الى الغذاء..
آثرت ملاك الصمت.. من اين تأتيها الرغبة لتناول شيء؟.. كيف تمتلك الشهية لتناول طعامها ووالدها ممدد على فراش بالمشفى؟ .. لا تعلم ان كان يشعر بما حوله وهو في الغيبوبة ام لا ..ولكن عليها ان تتحامل على نفسها قليلا لترى والدها .. قد يمنعها مازن حقا من الذهاب ان لم تتناول أي شيء كما قال! ..
اما مها فقد التفتت لملاك وقالت متحدثة الى نفسها: ( احقا انت قلقة يا ملاك؟.. وصدقت ما قاله مازن بهذه السرعة.. انها ليست سوى وسيلة لاجبارك على تناول طعامك.. هل اقول انها براءة منك ان تصدقي ما يقال لك بهذه البساطة؟..ربما يصفونك بالسذاجة.. ولكني حقا لا اراك سوى صورة مجسدة للشفافية والبراءة.. تقولين كل ما بداخلك دون حواجز.. بعكسنا جميعا.. وتعتبرين جميع الناس من حولك مثلك.. الصدق والطيبة وحب الخير والناس هي صفاتهم..)
توقفت السيارة بعدها امام منزل امجد.. وابتسم مازن وهو يوقفها ويهبط منها ..ومن ثم يفتح صندوق السيارة ليخرج مقعد ملاك..ويضعه امام الباب المجاور لها.. وقال وهو يفرده ويساعدها على الجلوس عليه: مرحبا بك من جديد في منزلنا المتواضع..
تطلعت ملاك الى المنزل.. تذكرت اول مرة جاءت فيها الى هنا ..كانت مع ابيها يومها .. انبهرت يومها بالمنزل الذي يشبه القصور حسب قولها.. واليوم ها هي ذي تعود اليه.. ولكن ليس برغبتها بل بطلب من ابيها قبل ان يحدث له ما حدث.. وها هو ذا المشهد يتكرر امام عينيها وهي تدخل الى المنزل.. ولكن هذه المرة لن تستطيع ان تسمع صوت ابيها حتى ..فسيغيب هذه المرة ايضا ولكن لفترة طويلة .. طويلة جدا .. تاركا ملاك بمصير مجهول بعد عودتها هذه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 08:16 AM   #27 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السابع عشر
"عناد"

توقف مازن بسيارته بجوار منزل ملاك مساءا بعد ان عاد من النادي .. واسرع يضرب بوق السيارة..فانفتح الباب الخارجي واطلت منه نادين.. وتقدمت من السيارة وهي تحمل حقيبة كبيرة..فخرج مازن من السيارة وتناول منها الحقيبة فقالت: هذه حقيبة حاجيات ملاك..
وضع مازن الحقيبة في صندوق السيارة دون ان يعلق.. في حين اقتربت منه نادين في تلك اللحظة وهي تحمل حقيبة صغيرة سوداء اللون في يدها الاخرى وقالت: سيد مازن..
التفت لها مازن متسائلا.. فقالت وهي تقدم له الحقيبة: سيد خالد طلب مني ان اسلم هذه الحقيبة للسيد امجد لو اصابه مكروه .. هلا اوصلتها له؟..
التقط مازن منها الحقيبة وقال باستغراب: وماذا بها هذه الحقيبة؟ ..
قالت نادين وهي تهز رأسها نفيا ببطء: لا اعلم..
تطلع مازن الى الحقيبة للحظة ومن ثم قال وهو يضعها على المقعد الخلفي: فليكن سأوصلها الى والدي..
قالت نادين وهي تلتفت الى ما خلفها: سأذهب لاحضار شيء ما من الداخل.. لقد نسيته ولا اظن ان الآنسة ملاك ستسامحني لو لم احضره معي..
استغرب مازن من هذا الشيء الذي سيجعل ملاك تحزن ان لم يكن معها.. ومن ثم لم يلبث ان اعتلت شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يرى نادين تقترب منه وهي تحمل قفصا في يدها وبداخله الكناري الاصفر.. فقال ساخرا: لقد ظننته عقدا من الماس هذا الذي لن يجعل ملاك تسامحك ابدا..
قالت نادين بارتباك: انه هدية من والدها.. ولهذا فهي لا تستطيع ان تفارقه ابدا..
اشار مازن الى السيارة ومن ثم قال: اصعدي الى السيارة ولكن حذار من ان يتسبب هذا العصفور في اتساخها..
وبعدها صعد الى السيارة وصعدت نادين بدورها.. وانطلق بها الى المنزل.. وقالت نادين في تلك اللحظة بتردد: سيد مازن.. ما هي احوال الآنسة ملاك؟..
صمت مازن قليلا ومن ثم قال وهو يتنهد: عندما علمت بالخبر كانت حالتها صعبة قليلا.. وانهارت بالمشفى.. ولكننا جميعا نحاول التخفيف عنها.. وملاك بنفسها من طلبت وجودك الى جوارها.. لهذا حاولي ان تخففي عنها انت ايضا وتجعليها تعود الى طبيعتها شيئا فشيئا..
قالت نادين بالم: اظن ان الامر اصعب مما تظن يا سيد مازن.. سيدي خالد هو كل ما تبقى للآنسة ملاك ولهذا ستحتاج وقتا طويلا حتى تحاول ان تتقبل ما حصل له..
لم يعلق مازن على عبارتها وان وافق على ما قالته في قرارة نفسه .. يعلم انها محقة.. وان ملاك لن تتقبل الامر بهذه البساطة.. ستظل تعاني دائما.. وكل يوم يمر ستزداد معاناتها بازدياد شوقها لابيها..
سمع صوت تغريد العصفور يقطع عليه افكاره.. وسمع صوت نادين تقول وهي تتطلع الى القفص بابتسامة: اهدأ يا مازن..
ارتفع حاجبا مازن بدهشة ومن ثم قال وهو يلتفت الى نادين: اتحدثينني؟..
اسرعت نادين تقول بارتباك: لا بل الطائر.. الآنسة ملاك اطلقت عليه اسم مازن..
شعر مازن بالدهشة من ملاك.. لقد اطلقت على العصفور اسمي ..هل اعتبر هذا شيئا جميلا بالنسبة لي؟..لقد اختارت اسمي مع انها تحب ابيها اكثر من أي شيء في هذا العالم.. فلم اختارت اسمي انا بالذات؟.. ربما لانها تذكرتني.. وربما لانها تريد رد الجميل.. وربما هي مجرد مصادفة..
وصل في تلك اللحظة الى المنزل فاوقف سيارته بجاوره.. واسرع ينادي احدى الخادمات لأخذ الحقيبة لغرفة ملاك.. اما هو فقد اخذ الحقيبة السوداء معه وهو يدخل المنزل ويسير عابرا الردهة الواسعة متوجها الى الدرج.. لكنه توقف عندما لمح مها تخرج من غرفة ملاك لتوها.. وغير وجهته ليتجه اليها ويقول متسائلا وعيناه على باب غرفة ملاك: كيف حالها؟..
زفرت مها بحدة ومن ثم قالت: عنيدة.. بالكاد قبلت ان تشرب كأسا من الماء..
تسائل مازن باستغراب: الم تتناول شيئا ابدا؟..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: ابدا.. لم تلمس شيئا من كل الطعام الذي قدمته لها.. ترفض بكل اصرار .. وكلما ازددت الحاحا ازدادت عنادا..
وتطلعت اليه بعينيها وقالت برجاء: ربما تستطيع انت اقناعها يا مازن كما اقنعتها بالمشفى.. وجهها بات شاحبا من ما تفعله بنفسها.. هلاّ حاولت انت معها واقنعتها على ان تتناول ولو الشيء اليسير..
صمت مازن قليلا ومن ثم قال بهدوء: سأفعل.. فقط سأذهب لاستحم واستبدل ملابسي .. ومن ثم سآتي لأرى الامر ..
واسرع يصعد درجات السلم الى الطابق الاعلى وكأنه يريد ان يهرب من تأثير ملاك عليه..
يهتم بها.. يعجب بها.. ومنجذب لها.. ولكنه يكابر.. كل هذا لانها فتاة عاجزة..لايمكنه التفكير بعاجزة وهو الذي يعرف مئات الفتيات المعافيات اللاتي يتمنين نظرة واحدة من عينيه لهن..
احساسه تجاه ملاك يختلف.. ربما لانها ابنة عمه.. ربما لأن وضعها يختلف.. لقد دخلت حياتهم فجأة .. لتثير في رأسه التساؤلات والذكريات.. وعادت لتتركهم مخلفة وراءها اكبر اثر في نفس كل منهم.. حتى كمال ذلك البارد عديم الاحساس.. يشعر به مازن وهو يتطلع الى مكان ملاك الخالي على المائدة.. ايفتقد وجودها شقيقه هذا ايضا؟ .. ربما ..
اسرع يستحم ومن ثم يستبدل ملابسه..غادر دورة المياه.. وكاد ان يتوجه الى الباب ليغادر غرفته ايضا ويذهب ليرى ملاك .. لكن الحقيبة السوداء التي تركها على فراشه بعدما دخل غرفته استرعت انتباهه وفضوله.. ماذا بها هذه الحقيبة حتى يوصي عمي باعطائها لوالدي اذا اصابه مكروه؟.. بالتأكيد هو شيء هام الى ابعد درجة ..
ازداد الفضول لديه واقترب من الحقيبة ليرفعها قليلا عن الفراش ومن ثم يفتح قفليها ببعض التوتر..وانفتحت الحقيبة...
وهنا عقد حاجبيه وهو يتطلع الى مجموعة من الاوراق تملأها.. ليست اوراق بالمعنى المعروف بل مجرد صور لاوراق اخرى .. التقط احداها وازداد انعقاد حاجبيه وهو يقرأها.. ومن ثم لم يلبث ان قال بذهول وهو غير مصدق: عقد بيع شركة عمي خالد الى ابنته ملاك..اي قول هذا؟..
ترك الورقة من بين يديه لتسقط على الفراش والتقط اخرى واتسعت عيناه اكثر: وهذا صورة من عقد بيع عمارتين الى ابنته ملاك..انها املاك عمي كلها تقريبا..
وترك الورقتين ليلتقط الثالثة التي بالحقيبة والتي تشير إلى بيع المنزل والسيارة إلى ملاك فقال مازن وهو يدس أصابعه بين خصلات شعره بتوتر: لقد سجل عمي كل شيء باسم ملاك بعقد بيع وشراء.. لايمكن لاحد ان يطالب بها في هذه الحالة.. لقد ضمن ان تكون كل املاكه لملاك من بعده.. كان عمي ذكيا بتفكيره هذا وقد ضمن مستقبل ملاك..
وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيه وهو يقلب الاوراق بين يديه: حتى انه لم يضع العقود الاصلية لقد وضع صور منها فحسب .. لابد ان العقود الاصلية عند احد المحاميين..
واردف وهو يعيد الاوراق الى الحقيبة ويغلقها جيدا: هل اقول انك محظوظة يا ملاك بأنك امتلكت كل شيء الآن ولا احد يستطيع ان يطالبك بقطعة نقدية واحدة.. ام اقول ان والدك قد ورطك بما فعله .. فالآن ستكونين هدف لكل شخص وخصوصا عمي فؤاد وعادل بسبب املاكك هذه...
وتنهد وهو يغادر غرفته ويهبط درجات السلالم متجها الى الطابق الارضي .. وسار الى حيث غرفة ملاك وهناك رأى نادين تخرج بصينية الطعام من الغرفة فقال متسائلا: هذا طعام ملاك اليس كذلك؟..
اومأت نادين برأسها فقال مازن وهو مستمر في تساؤلاته: اتناولت شيء منه؟..
قالت نادين مجيبة: لا.. رفضت ان تتناول ولو ملعقة واحدة منه ..
قال مازن بلهجة آمرة: ارجعيه الى الداخل اذا..
تطلعت نادين الى صينية الطعام ومن ثم تساءلت بحيرة: ارجعه الى الداخل؟..
اومأ مازن برأسه فقالت نادين: لكن الآنسة ملاك رفضت تناوله وبشدة.. وانا اعرفها جيدا اذا رفضت شيئا من المستحيل ان تقبل به من جديد..
قال مازن وهو يزفر بحدة: ارجعيه الى الداخل فحسب..
نفذت نادين الامر وهي تدخل الى الغرفة وتعيد وضع الصينية على الطاولة المواجهة لملاك.. ومن ثم تنسحب من الغرفة بهدوء ودخل مازن بدوره وشاهد مها تجلس الى جوارها وتتحدث اليها بهدوء في حين قال مازن وهو يعقد ذراعيه امام صدره: لم نتفق على ما تفعلينه بنفسك الآن يا ملاك..
اشاحت ملاك بوجهها بحزن .. في حين قال مازن مردفا: لماذا ترفضين تناول كل ما يقدم لك يا ملاك؟.. انت لم تتناولي شيئا منذ الامس..
قالت ملاك بصوت خافت: هذا شأني وحدي..
نطلع اليها مازن للحظة وهو يلمح وجهها الشاحب ونظراتها الحزينة فقال وهو يشير الى مرآة الغرفة: انظري الى نفسك في المرآة لتعلمي كم هو وجهك شاحب..
اطرقت برأسها وقالت وهي تزدرد لعابها: انا مرتاحة هكذا ..
قال مازن بحزم: ووالدك؟..
قالت ملاك بحيرة وقلق وهي ترفع رأسها له: ماذا به ابي؟..
قال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: اتتوقعين انه مرتاح بما تفعلينه بنفسك؟.. اتتوقعين انه سيشعر بلحظة راحة وانت تقتلين نفسك بهذه الطريقة؟.. تتوقعين انه سيسعد لو لم تضعي لقمة واحدة في فمك وظللت تبكين طول النهار والليل؟.. على العكس يا ملاك .. لو كان والدك موجود بيننا لرفض وانبك على ما تفعلينه بنفسك.. الا تريدينه ان ينهض ويراك كما كنت؟.. فتاة تمتلأ حيوية ونشاطا.. باسمة الثغر.. ووجنتاها تشوبهما الحمرة.. ام تريدينه ان يراك وانت هكذا؟.. شاحبة الوجه ..حزينة النظرات.. دامعة العينين.. اخبريني يا ملاك ايهما تفضلين؟..
قالت ملاك بصوت يقطر حزنا والما: ارجوك يا مازن كفى.. لا احتمل سماع المزيد..
دس اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال: بل انا الذي لا احتمل رؤيتك وانت تقتلين نفسك بهذه الطريقة..
نقلت مها بصرها بينهما واستقرت على مازن لتتطلع اليه بنظرات غريبة.. يبدوا حديثه صادقا بالنسبة اليها احيانا.. ايعرف ان يضع الكلمات والعبارات بهذه الحرارة والصدق وهو غير مبالي بمن يتحدث اليه؟!.. احيانا اكاد اصدق ان مازن يفكر في ملاك حقا..
وقالت مها اخيرا وهي تلتفت الى ملاك: لم ترفضين تناول شيء يا ملاك؟.. اخبريني سبب عنادك هذا..
قالت ملاك بصوت تخنقه الدموع: ليست لدي الرغبة في تناول شيء وابي ينام بالمشفى.. ليست لدي الرغبة في تناول شيء وانا لا اعلم ان كان سينهض ام لا.. انتم لا تشعرون بما اشعر به.. لانه ليس ابيكم..
قالت مها بهدوء: انه عمنا يا ملاك.. ونشعر بالحزن عليه بالفعل .. ولكن لأنه كان اقرب اليك من أي شخص تشعرين بكل هذا الحزن الكبير تجاهه..ولكن صدقيني ما تفعلينه بنفسك سيتعبك ولن يجعلك تشعرين بالراحة..
زفر مازن بقوة ومن ثم لمح قفص الطائر على الطاولة الموجودة بالغرفة وابتسم وهو يلتفت الى ملاك قائلا: كيف حال مازن؟ ..
تطلعت له ملاك ومن ثم قالت وهي تتنهد: كما تراه..
نقلت مها بصرها بين مازن وقفص الطائر ورددت بدهشة: مازن؟؟ ..
قالت ملاك وهي تشير الى الطائر: انه اسم الطائر..
قالت مها بدهشة وهي تلتفت الى ملاك: اطلقت عليه اسم مازن؟..لكن لماذا؟..
قالت ملاك بعفوية: لانه كان ذكرا.. لو كان انثى لاسميته مها..
ابتسمت مها وقالت: لم اكن اعلم انك تحبيني الى هذه الدرجة..
قالت ملاك وهي تلتقط نفسا عميقا: انت اختي..
اشارت مها الى مازن وقالت وكأنها تريد ان تتأكد من شيء ما: وهذا؟..
وعلى الرغم من ما تعانيه ملاك الا انها احست بخجل يسيطر عليها.. وبارتباك يغزو ملامحها ولكنها سيطرت على ارتباكها وقالت: مازن..
انزلت مها كفها وكأنها قد تأكدت مما تريد.. لو اجابتها ملاك قائلة( انه اخي ايضا).. لتأكدت حينها بأنه لا يعني شيئا لملاك ..ولكن ملاك ارتبكت واجابت بأي اجابة محاولة التهرب من الموضوع..
اما مازن فقد قال وهو يتثاءب بملل: الى متى سأظل واقفا هنا؟..
قالت مها وهي تشير الى المقعد: اجلس ان اردت..
قال مازن بعصبية: ليس هذا ما اعنيه بل اعني الى متى سأنتظر؟ ..
قالت مها مبتسمة: اذهب ان شئت..
قال مازن وهو يشير الى اطباق الطعام: لن اذهب قبل ان تصبح هذه الاطباق لامعة..
قالت مها ساخرة: سأطلب من الخادمة غسلها ان اردت..
قال مازن بحدة: لا تكوني سخيفة.. اقنعي ابنة عمك ان تتناول شيئا بدلا من السخرية..
هزت مها كتفيها وقالت بيأس: منذ ساعتين وانا احاول معها.. ولكنها كما ترى عنيدة..
عقد مازن حاجبيه وقال وهو يتطلع اليها: والنهاية يا ملاك؟.. الن تتناولي طعامك؟..
هزت ملاك راسها نفيا فقال بحدة: امصرة على ما تقولينه؟..
قالت ملاك بصوت خافت: اجل..
توقعت ملاك انه سيخبرها بانه لن يأخذها الى ابيها غدا.. ولكنه قال وهو يتقدم منها: اتريدين ان اطعمك انا اذا؟..
قالت مها بدهشة: مازن ماذا تقول؟..
اما ملاك فقد تطلعت له وعيناها متسعتان بدهشة.. تحاول استيعاب ما قاله قبل قليل .. في حين اجاب مازن وهو يشير الى ملاك ويجذب له مقعدا ليجلس قريبا منها: الا ترينها كم هي عنيد؟ة.. لن تقبل بشيء الا رغما عنها..
قالت مها بتردد: دعها وشأنها.. لا يمكنك ان تفعل شيء بالرغم منها..
قال مازن بعناد: اذا كانت هي عنيدة فأنا اعند منها..
وبعناد التقط الملعقة ليغمسها في الحساء ويرفعها امام وجه ملاك وبلهجة آمرة قال: افتحي فمك وتناوليه..
لم تستوعب ملاك بعد.. لا تزال تريد ان تصدق ان من امامها هو مازن.. وانه من يقول هذا الكلام ويمسك بالملعقة هو نفسه.. وقالت وهي ترفع حاجبيها بدهشة: لست طفلة..
اشار اليها بيده الاخرى وقال: تصرفاتك تجعلك كذلك.. لهذا سأتصرف معك حسبما تتصرفين .. سأكون طفلا انا الآخر!..
قالت مها بارتباك في تلك اللحظة: مازن دع الفتاة وشأنها..
قال مازن ببرود: اولا هي ابنة عمي .. ثانيا لاشأن لك فلا تتدخلي ..
في هذه المرة من ارتبك كانت ملاك.. شعرت باحراج شديد .. من قرب مازن لها.. من حديثه اليها.. من عينيه اللتان تطلعان اليها .. من اهتمامه الشديد بها.. ومن تصرفه الطفولي تجاهها ايضا ...
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها وهي تراه يتصرف تجاهها مثل هذا التصرف.. سرعان ما اختفت عندما قال مازن: لا تبتسمي كالبلهاء هكذا.. افتحي فمك.. لقد تعبت ..
قالت ملاك بصوت هامس: سأتناول الطعام بمفردي..
قال مازن وهو يمط شفتيه: من ستقنعين بقولك هذا؟..
قالت ملاك وهي تبعد خصلات شعرها عن جبينها: مازن.. انا لا اكذب..ولم اكذب في حياتي..
اعاد مازن الملعقة الى الطبق وقال وهو يتطلع اليها: ارني الآن كيف ستتناولين طعامك اذا؟..
مدت ملاك كفها والتقطت الملعقة باناملها.. وبكل بساطة رفعتها الى شفتيها لتتذوق الطعام وتبتلعه وقالت بابتسامة شاحبة: لذيذ..
تطلع اليها مازن ومها كالابلهين وهما في حالة دهشة وذهول من تصرفها .. لم يتوقع احدهما ان تتناول ملاك طعامها بالفعل .. ظناها ستتظاهر بذلك.. سترفض.. سترميه على الارض كما فعلت بالمشفى.. لكنها ادهشتهم عندما تناولته امامهم بكل بساطة.. وكأن الطعام قد قدم لها للتو ..وقالت ملاك وهي تدور بعينيها بينهما: ماذا بكما؟ .. لم تتطلعان الي هكذا؟..لقد فعلت ما قلت انني سأفعله منذ قليل..
ابتسم مازن في تلك اللحظة وقال بحنان: ليتك تكونين هكذا دائما ..لا تعاندين احدا.. وتستمعين الى كل ما اقوله لك.. لقد اوصاني والدك عليك .. ولو قصرت في حقك .. لن اسامح نفسي ابدا..
قالها ونهض من مكانه وقبل ان يخرج التفت لملاك وقال مبتسما وهو يشير الى الطبق: انهيه بكامله والا عدت اليك من جديد..
ابتسمت له ملاك بالرغم منها.. مازن يبدوا لها احيانا اكثر الناس حنانا..تشعر بحنانه يحتويها وباهتمامه يشعرها بالامان والاطمئنان..وعلى الرغم من سخريته الا انه لا يجرح احدا.. يمزح بقلب ابيض..
هذه هي ملاك تصف جميع الناس بإيجابياتهم وبصاتهم الحسنة .. فكيف اذا كان الانسان الذي تحب؟ !..
اما مها صمتت قليلا ومن ثم ابتسمت وهي تتطلع اليها وهي تتناول طعامها ببطء.. وقالت بعدها: سأذهب الى غرفتي.. اتريدين شيئا ما قبل ان اغادر؟..
هزت ملاك رأسها نفيا.. فنهضت من مكانها وعلى شفتيها تتراقص ابتسامة.. لقد فعلت الصواب عندما طلبت من مازن ان يتصرف مع ملاك.. لا احد يمكنه اقناعها مثله.. كلاهما يشترك في شيء واحد.. العناد...
خرجت مها من الغرفة وسارت في الردهة.. وتوقفت لوهلة امام احدى التحف لتتأملها بشرود..لم اذهب اليوم الى الجامعة ولم اذهب الى النادي ايضا.. لم استطع رؤية حسام طوال اليوم بأكمله.. لقد بدأت اشتاق له ولرؤية ابتسامته.. اشتاق لسماع صوته ومزاحه.. هل اتصل به؟.. اجل سأفعل...
واخذها الحماس لتجري في سرعة متوجهة الى حيث الدرج .. ولكن صوته جعلها تتسمر في مكانها وهو يقول: مها.. توقفي..
خفقات قلبها باتت سريعة.. اذلك بسبب الجري او بسبب سماع صوته الذي يربكني بشدة؟.. والتفتت له وتطلعت له وهي تزدرد لعابها.. هل افكارها هي من جلبته لها بهذه السرعة؟! ..
وقالت وهي تحاول تعديل خصلات شعرها بتوتر وارتباك: حسام .. منذ متى وانت هنا؟..
قال حسام مبتسما: جئت قبل قليل فقط..هل الوقت غير مناسب للزيارة..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: ابدا المنزل منزلك..
تقدم منها حسام بضع خطوات ومن ثم قال: شكرا على المجاملة.. اخبريني هل مازن موجود بالمنزل؟..
اومأت مها برأسها ايجابيا وقالت: اجل انه بالطابق الاعلى.. سأناديه لك ان اردت..
وهمت بالانصراف لتنادي مازن ولكنه قال في سرعة: انا لم آتي من اجل مازن..
قالت مها في حيرة: كمال بالطابق الاعلى سأناديه هو الآخر ان كنت قد جئت من اجله.. ووالدي سيعود من عمله بعد نصف ساعة على ما اظن..
قال حسام بهدوء: انا لم آتي من اجل مازن او من اجل كمال او والدك.. لقد جئت لأتحدث معك..
اشارت الى نفسها وقالت بدهشة ممزوجة بالاضطراب: معي انا؟..
واردفت مازحة وهي تحاول ان تخفي اضطرابها: ولم جئت واتعبت نفسك؟.. الم يكن من الاسهل ان تتصل بي؟..
اشار حسام الى الاريكة وقال : لا لم يكن اسهل.. اجلسي.. لان الموضوع بحاجة لنقاش طويل..
قالت مها وهي تجلس على الاريكة بقلق: اقلقتني يا حسام .. ما الامر؟..
جلس حسام على مقعد مجاور وقال وهو يأخذ نقسا عميقا: سأتحدث ولكن لا تقاطعيني حتى انتهي..
اومأت مها برأسها وقد انشدت حواسها لما سيقوله حسام وقالت وهي تنتظره يتحدث: حسنا.. سألتزم الصمت طوال الوقت..
قال حسام وهو يتطلع اليها: انت الوحيدة الذي يمكنني ان اتحدث اليها بحرية .. فلطالما تحدثت لك عن مشاكلي وعن رغباتي .. عن طموحي واحلامي.. واظن انك الوحيدة التي ستفهمين ما سأقوله..
واردف قائلا: انت تعلمين جيدا انها السنة الاخيرة لي بالجامعة.. والتخصص الذي اخترته مطلوب هذه الايام وقد اجد وظيفة بسرعة..
صمت قليلا فقالت مها بحيرة: كل هذا اعرفه.. ما الجديد فيما قلته؟..
ابتسم حسام وقال : اصبري قليلا ريثما اكمل ما بدأته.. لا تكوني متسرعة هكذا..
قالت مها وهي تشير له بكفيها: حسنا اكمل.. اكمل..
بلل طرف شفته بلسانه ومن ثم قال وهو يتطلع لها: ولهذا.. فأنا افكر بخطبة فتاة ما...
توقف الوقت بالنسبة لمها.. تجمد كل جزء في جسمها ووهي تتطلع الى حسام ببلاهة.. هل قال انه يفكر في خطبة فتاة ما؟.. أي طعنة قاسية وجهتها لقلبي يا حسام؟..
شحب وجهها فجأة ..واعتصرت قبضة باردة قلبها وقالت بصوت حاولت ان تجعله طبيعيا: وما دخلي انا .. ان كنت ستخطب ام لا..
قال حسام وهو يبتسم: كما قلت لك يا مها.. انت الوحيدة التي تفهمني.. ويمكنها ان تخبرني ان كان قراري صائبا ام لا؟..
قالت مها بصوت مرتجف بالرغم منها: هل يمكن ان اعلم من هي؟..
وهل سيغير معرفتها مصيرك يا مها؟.. لقد قتل حسام الحب في قلبك منذ اول كلمة نطق بها.. هل جئت لتقتلني وتغادر كالبريء يا حسام؟ ..
اما حسام فقد اومأ برأسه وقال: بكل تأكيد.. على ما اظن هي في عمرك او ربما اكبر منك بعام..وهي قريبة لي ايضا ..
قالت مها وهي تشعر بغصة مريرة في حلقها: اذا انت تعرفها جيدا.. لم جئت لتأخذ رأيي اذا؟..
أجئت تأخذ رأيي على يوم اعدامي يا حسام؟.. يالك من قاسي القلب والمشاعر...
فكر حسام قليلا ومن ثم قال وهو يبتسم: الامر ليس هكذا.. ولكن انا اثق برأيك كثيرا واحترمه..
رأيي انك قتلتني يا حسام.. ولم تكتف بذلك بل لازلت توجه الطعنات لقلبي.. الم يكفيك طعنة واحدة فقط؟..
اشاحت مها بوجهها وقالت بعصبية بالرغم منها: لا شأن لي .. بما انك اخترتها.. فأنت متأكد من قرارك هذا تجاهها..
حرك حسام اصابعه بين خصلات شعره وقال بقليل من الاحراج: ولكني .. لست متأكد من قرارها هي .. قد لا تكون تحمل لي ذات المشاعر التي احملها لها..او ربما لا تريد الارتباط بي.. وانا الذي انتظرت طويلا لأجلها..
ترقرقت دمعة في عيني مها اسرعت تمسحها حتى لا يلاحظها وقالت بصوت مختنق: يمكنك ان تسألها ان اردت.. لتعرف برأيها..
قال حسام باهتمام: اترين ذلك حقا؟..
لم تجبه مها.. كيف تجيبه والحروف قد اختنقت في حلقها.. لم يفعل حسام بها هذا؟.. الم يشعر بها حقا؟.. بعد كل هذه السنوات.. وبعد الحب الذي عاش معها منذ الطفولة.. يأتي حسام ليدفنه الآن تحت رمال حبه الآخر.. ربما اكون انانية يا حسام.. ولكني حقا احبك ولا يمكنني ان اتخلى عنك لأخرى.. لا يمكنني ان اتخيل ان تكون لأخرى غيري.. لا يمكن ان اعيش حياتي دون سماع صوتك يوميا.. دون رؤيتك.. أي قلب هذا الذي تملكه يا حسام؟..
وقالت مها بألم في تلك اللحظة وهي تكادتنهض من مكانها: اجل ارى ذلك.. على فكرة لم تخبرني اسمها بعد..
تطلع لها حسام ومن ثم قال بابتسامة واسعة: مها...
لقد قال مها!!.. صدقوني لقد سمعته باذني هاتين.. انا لا اتخيل لقد نطق باسمي.. ايعنيني ام انه مجرد تشابه اسماء؟!..
وازدردت لعابها ومن ثم اشارت باصبع مرتجف الى نفسها وقالت بارتباك: اسمها مثل اسمي انا؟؟..
ضحك حسام بقوة.. واستغربت مها من ضحكاته هذه.. هل قالت ما يضحك الآن؟.. ربما قد جن فجأة!..
ورأته في تلك اللحظة يميل نحوها ويقول وهو يتوقف عن ضحكاته ويهمس بابتسامة حانية: بل انت يا حمقاء..
كانت ردة فعل مها اغرب مما كان يتوقعه حسام.. لقد التقطت وسادة المقعد ورمتها عليه وهي تقول بحدة: اكنت تتلاعب باعصابي طوال الوقت؟..
ضحك حسام وهو يلتقط الوسادة قبل ان تصيبه: لقد كنت اريد رؤية ردة فعلك فحسب..
قالت مها وهي تلوح بكفها بعصبية: الآن ستخبرني بكل شيء وبالتفصيل الممل.. وبصدق ايضا..
قال حسام وهو يضحك بمرح: انها اغرب ردة فعل رأيتها من فتاة تُسأل للموافقة على الزواج؟..
توردت وجنتي مها وخفق قلبها في عنف فأشاحت بوجهها عنه لتقول بتوتر: ردة فعلي هذه نتيجة ما قلته قبل قليل..
هذه الكلمة انتظرتها طويلا وطويلا جدا يا حسام.. لم يكن ينبغي عليك ان تتلاعب باعصابي هكذا قبل ان تنطق بها.. احمد الله انه لم يكن بجواري أي شيء ثقيل.. لكنت رميته حينها دون تفكير!..
ابتسمت لنفسها بخجل .. اما حسام فقد قال: سأبدأ منذ .. منذ كنا معا ونحن طفلين.. كنت اهم للدفاع عنك.. واتشاجر مع شقيقيك اذا ازعجاك.. كنت اشعر بشيء غريب تجاهك انت بالذات منذ طفولتي.. على الرغم من ان مشاعري في تلك اللحظة كانت موجهة من طفل فحسب..
واردف وهو يتطلع الى وجهها بهيام: وكبرت.. وكبر هذا الشيء الغريب الذي كنت احسه تجاهك.. لأعلم اني اميل اليك وبشدة.. ومع الايام اكتشفت ان الامر يتعدى هذا بكثير.. لقد اصبحت لا اطيق ان لا اراك يوما واحدا فحسب.. واكتشفت اني احبك...
هل اشعل احدهم المدفأة فجأة؟.. الجو حار جدا .. السنا في فصل الشتاء؟..ولا اعلم ماذا اصاب قلبي لقد بات ينبض بجنون.. ومعدتي ايضا لقد بدأت اشعر بأنها ترتجف هي الاخرى كجسدي كله.. ماذا اصابني؟.. كلمة واحدة تفعل بي كل هذا؟..
واردف حسام وقد تغيرت نبرة صوته من الهيام الى الالم: ولأني احبك لم ارد ان تتعذبي معي.. لم ارد ان اصارحك بمشاعري .. لأني لا ازال طالبا وليس لدي أي عمل.. لم ارد ان تنتظريني من اجل اني صارحتك بمشاعري فحسب وترفضين جميع من يتقدم لك حتى لا يأنبك ضميرك بسببي.. لقد اردت ان تكوني مقتنعة بمن تختارين زوجا لك.. لمشاعرك تجاهه او ارتياحك له.. لهذا وضعت عهدا على نفسي الا اشير الى مشاعري تجاهك حتى اتخرج.. وبعدها أعرف منك رأيك تجاهي.. صحيح اني احيانا كنت اشعر بأنك تحملين لي مشاعر ما.. ولكن احيانا اخرى كنت ارى اللامبالاة..
لو كنت تعلم اني لم اكن لافضل أي شخص آخر عليك لما قلت هذا الكلام.. لو كنت تعلم كم احبك ومنذ متى احبك.. لفكرت مائة مرة قبل ان تقول ما تقوله..
رقص قلبها فرحا وقالت مبتسمة بخجل واضطراب: لقد كنت اعاملك بالمثل .. لقد كنت غير مبالي معي احيانا ..فكنت اصطنع اللامبالاة انا الاخرى ..
مال نحوها حسام وقال بصوت دافئ حنون: مها .. انا لن اتقدم لك الآن.. ولكن اردت ان اضمن ان تكوني لي ولي فقط.. لا اريد ان اضيعك من بين يدي.. وعندما اتقدم لك بعد ان احصل على الوظيفة .. اريد ان اسمع حينها كلمة موافقة..
اوردت وجنتي مها بحمرة الخجل وقالت: واثق جدا اني سأوافق ..
قال حسام بجدية: انا لم آتي اليوم الا لسماع موافقتك او رفضك .. على الاقل عندها سأشعر بالراحة ولا اتعذب لاني لم اصارحك بمشاعري و اضعتك من بين يدي..
وعندما طال صمتها.. امسك كفها وقال وهو يضغط عليه بحنان: مها قولي شيئا.. صدقيني ستظلين ابنة عمتي حتى وان رفضتِ ..
هل انت اعمى يا حسام؟.. الا ترى كل هذا الحب الذي احمله لك في قلبي وتفيض به عيني.. وبعد كل هذا تتحدث عن الرفض..
ارادت مها ان تنطق في ذلك الوقت.. ارادت ان تهز رأسها.. ولكن احست بلسانها ينعقد فجأة.. وان الحروف باتت اثقل من ان نطق بها.. ارتجفت اطرافها كما ارتجف قلبها.. لم تعد تقوى الا على التطلع الى حسام بارتباك..واحست بالدماء تتجمع في وجهها .. فاسرعت تجذب كفها من بين يديه وتشيح بوجهها بعيدا.. لعل عقدة لسانها تنفك...
زفر حسام بحرارة حينها.. وامتدت يده لتمسك بذقنها ويجعلها تلتفت له وتطلع اليه .. الى عينيه مباشرة.. وقال بصوت اقرب الى الهمس: قولي أي شيء يا مها.. أي شيء.. لا تجعليني اتعذب بين نار حبك ونار رفضك..
اطراف مها لم تعد تتحرك.. حاولت رفع يدها لتزيح يده عن ذقنها.. ولكن اناملها ظلت جامدة.. لم تطعها.. وعينيها غاصت في بحر عينيه.. لم اكن اعلم من قبل ان عيناك تجلب كل هذا الدفء يا حسام...
واخيرا حركت شفتيها بصوت متقطع قائلة: انا.. انا...
قال حسام بلهفة: اكملي يا مها.. انت ماذا؟..
لمع الخبث بغتة في عيني مها.. ليجعلها تبعد كفه باصابع مرتجفة ومن ثم تقول وهي تخرج لسانها باسلوب طفولي: ارفضك ..
ارتفع حاجبا حسام بدهشة ولكنه قال وهو يغمز بعينه: كاذبة ..
قالت مها بعناد: لست كاذبة..
اشار الى وجهها ومن ثم قال: بل كاذبة.. عيناك تقول انك موافقة ..
قالت مها بابتسامة مرتبكة: انت طلبت الزواج مني انا وليس من عيني..
قال حسام مبتسما: وعيناك كشفت ما يجول به قلبك..
منذ زمن يا حسام.. منذ زمن.. الم تنتبه الا الآن؟..
قالت مها وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: وما هو دليلك؟..
مال حسام نحوها وقال بهمس: انك تحبيني ايضا..
تجمعت الدماء في وجه مها وقالت في سرعة وارتباك: لا تحلم ..
- بل انت كذلك..
- لا لست كذلك..
ضحك حسام وقال وهو ينهض من مكانه: تماما كما كنت في طفولتك.. ترفضين البوح بالحقيقة وتصرين على الكذب ..
واردف بابتسامة حانية: ولكن الن تخبريني حقا قبل ان ارحل من هنا؟.. ان كنت موافقة ام لا.. اريد ان اسمعها منك ...
وجدت مها نفسها تومئ برأسها دون شعور.. ابتسامته الدافئة حركت مشاعرها وجعلتها تتصرف دون امر منها..
فقال حسام وابتسامته تتسع: هذا يكفيني .. الآن فحسب..
وادار ظهره عنها لينصرف..ولكن هتفت مها به بغتة ليتوقف قائلة: حسام..
التفت لها وابتسامة حانية تعتلي شفتيه.. فتسائلت قائلة بارتباك وخجل: هل .. تعني ما قلته؟..
- بشان؟..
اطرقت برأسها وقالت بارتباك اشد: مشاعرك.. تجاهي..
اقترب منها من جديد وقال وهو يمسك بذقنها ويرفع وجهها له: كل كلمة نطقت بها.. كانت تصدر من هنا..
واشار الى قلبه واردف مبتسما وهو يشير الى قلبها: واتمنى ان تكون قد وصلت الى هنا..
تطلعت له مها بارتباك بخجل .. بفرح.. بسعادة.. الآن فقط قد جاء الوقت لتستوعب.. كل شيء قد حدث فجأة قبل قليل ولم يسعها الوقت لتفرح.. قلبها يخفق في سرعة وفرح.. وحلمها في الحياة قد شارف على ان يتحقق.. هل هو حلم يا ترى؟ ..
وابعد حسام كفه وقال بهمس: انت وحدك يا مها من استطعت ان تحتلي قلبي.. وحدك..
واردف قبل ان ينصرف قائلا بحنان: سلمي لي على الجميع ..واهتمي بنفسك جيدا.. اراك بخير..
قالها وانصرف هذه المرة.. ومها تتطلع بشرود الى النقطة التي اختفى فيها.. وكلاهما يفكر في الشي ذاته.. لقد اعترف حسام لها بحبه وبرغبته في الارتباط بها.. لقد تحققت احلامهما كلها في ساعة واحدة فحسب نطق فيها حسام بكل ما في صدره من مشاعر.. واعترفت مها بموافقتها على هذا الارتباط.. لكن هل هذه نهاية لكل مشاكلهما .. ام انها مجرد بداية لها؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛












 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 08:20 AM   #28 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثامن عشر
"مسئولية"

تمدد مازن على فراشه ووضع كفيه خلف رأسه ليتطلع الى السقف بشرود..وهو يفكر في امر تلك الحقيبةالسوداء والاوراق التي تحويها..الآن اصبحت كل املاك عمه خالد لملاك..ولكن هل الوضع هكذا اصبح افضل ام انه ازدادسوءا؟.. لو علم أي من اعمامه ان كل هذه الاملاك اصبحت لها.. ستنقلب الدنيا رأسا على عقب.. وسيحاولون بشتى الطرق والوسائل ان يمتلكوها.. مستغلين غياب عمه خالد.. وعليه هو ان يتصرف.. ان يقف في وجه اعمامه من اجلها.. ومن اجل ان يحافظ على املاكها واملاك عمه..هل سيكون باستطاعته حمل مثل هذه المسئولية التي حمّلها اياها عمه؟.. يتمنى هذا...
واقتحمت افكاره بغتة صورة ملاك.. ببراءتها وبابتسامتها.. وابتسم على الرغم منه.. منذ متى لم يراها تبتسم هكذا؟ .. ولكن.. هذه الابتسامة رآها من قبل.. منذ زمن.. وفي مكان ما...
حاول عصر ذهنه دونما فائدة..اين رآها من قبل؟.. ومتى؟ .. ذكريات الماضي المدفونة .. بدأت تطفو على السطح ..ولكن بغير وضوح..طفلة تبتسم الابتسامة ذاتها وتتطلع اليه بامتنان.. طفلة ذات شعر اسود ينسدل على كتفيها .. وعينان من اللون ذاته..و...وعشب اخضر..وورود متفرقة ..ما هذا المكان؟.. بلى انه يكاد يتذكر ..هذا منزلهم قبل عشر سنوات تقريبا.. كانت الورود فيه متفرقة وبسيطة ..بعكس ما توجد عليه الحديقة الآن.. الورود تملأ ارجاءها بكاملها..
ولكن من تكون تلك الطفلة؟.. انها تشبه ملاك.. بابتسامتها ..برقتها ..بشعرها الاسود.. ببياض بشرتها ..هل هي ملاك حقا تلك الطفلة التي يتذكرها دائما؟ ..
هز رأسه ليبعد ملاك عن ذهنه ونهض من مكانه ليتلقط الحقيبة السوداء ويهبط بها الى الطابق الاسفل.. بالتأكيد قد جاء والده الآن..وسيسلمها له.. وتوجه من فوره الى المكتب.. انه هناك بكل تأكيد.. انه يقضي في هذا المكتب اضعاف ما يقضيه مع ابناءه انفسهم..
طرق مازن طرقات متتالية على الباب.. وكما توقع سمع صوت ابيه يهتف به من الداخل ويطلب من الطارق الدخول ..ودلف مازن الى الداخل ليقول متسائلا: هل جئت لتوك يا والدي؟ ..
قال امجد وهو يرفع بصره اليه قليلا ومن ثم يعيدها الى الاوراق المتراكمة بين يديه: منذ قليل فقط.. اخبرني ماذا تريد؟..
رفع مازن الحقيبة وقال : عمي خالد.. ارسل لك هذه الحقيبة ..
رفع امجد رأسه فجأة وقال وهو يلتفت له بحدة ويترك ما بين يديه: هل افاق خالد؟..
هز مازن رأسه نفيا وقال: لا .. بل ارسلها لك قبل ان يصاب بالغيبوبة..
عقد امجد حاجبيه وتساءل قائلا: وكيف هذا؟..
قال مازن بهدوء: لقد طلب من نادين ايصالها لك لو اصابه أي مكروه ..
تطلع له امجد ومن ثم التقط منه الحقيبة وهم بفتحها ولكنه قال وهو يضيق عينيه: وانت فتحتها قبلي لترى ما بها بكل تأكيد ..
قال مازن بحرج وهو يحك ذقنه: بصراحة لم استطع منع فضولي من ذلك..
التفت عنه امجد وقال وهو يضع الحقيبة على طاولة المكتب ويفتحها: فلنرى ان كانت يستحق ما بها فضولك هذا..
يستحق ياوالدي.. صدقني.. يستحق..
فتح امجد الحقيبة.. والتقط اول ورقة ليقرأ سطورها بعينان متسعتان..ومن ثم يقول بصدمة: ماذا؟.. قام ببيع الشركة باكملها لملاك..
قال مازن مبتسما: ليس الشركة فحسب يا والدي.. جميع املاك عمي خالد اصبحت في حوزة ملاك.. المنزل والسيارة والعمارتين اللتان يتملكهما كذلك..
قال امجد بصدمة وذهول: كل شيء.. منح ملاك كل املاكه ..
( من هذا الذي منح ملاك كل املاكه؟)
التفت امجد ومازن الى مصدر الصوت وقال امجد بعصبية: لم لم تطرق الباب يا كمال؟..
قال كمال باستغراب: لقد وجدته مفتوحا.. ثم لقد كنتما تتحدثان بصوت عالي بعض الشيء.. فانشد انتباهي لما تقولان ..
واردف قائلا: لقد كنتما تتحدثان عن ملاك.. وعن املاك ما اصبحت ملكها..ما الامر؟..
قال مازن بحدة: وما شأنك انت؟..
لم يلتفت له كمال وتطلع الى والده الذي قال وهو يلوح بالاوراق في كفه: عمك خالد.. لقد سجل كل املاكه باسم ملاك.. وذلك بيعا وشراءا لها..
قال كمال بدهشة: ماذا؟.. أأنت متأكد يا والدي؟..
قال امجد بعصبية وهو يشير الى الحقيبة والى نا بها من اوراق: هذه الاوراق تثبت ذلك..
قال مازن بحيرة: وما الذي يضايقك في الموضوع يا والدي؟.. لا تقل لي انك ايضا تفكر في املاكها..
التفت له امجد وقال بحدة: احمق.. لو كنت افكر باملاكها لما استضفتهافي منزلي عندما سافر والدها.. لسلمتها لفؤاد ليضغط على خالد بواسطتها بكل بساطة.. انا متضايق لأجلها..لأن لو علم أي من عمك فؤاد او عادل بهذا الامر.. سيحاولون بشتى الطرق استرجاع هذه الاملاك..
قال كمال وهو يعقد حاجبيه: اتعني يا والدي.. بأنهم قد يستغلون ملاك في هذا الامر ويحاولون خداعها ان امكن؟..
قال امجد باستهزاء: هذا ابسط ما يمكنهم فعله..
قال مازن بعد تفكير: والعمل الآن؟..
زفر امجد بحدة ومن ثم قال: لا يسعنا سوى الانتظار.. لنعرف فيم سيفكرون بالضبط لو انهم علموا بأمر هذه الاوراق..
واردف قائلا: والآن.. بما ان هذه الاملاك اصبحت ملكا لملاك.. واخي خالد لا يمكنه ان يديرها بسبب حالته هذه ..فيجب ان نديرها جميعا.. واعني بها انا وانت يا مازن وكذلك انت يا كمال..
قال مازن بحيرة ودهشة وهو يشير الى نفسه: انا؟؟..
وقال كمال بدهشة مماثلة: انا لا ازال ادرس يا والدي..
قال امجد وهو يلتفت لمازن متجاهلا عبارتيهما:انت لديك الخبرة في ادارة بعض اقسام الشركة.. صحيح هذه المرة ستكون مسئولا عن شركة باكملها.. ولكني سأدريها معك لو وجدت الوقت الكافي.. لكن الامر يحتاج الى موافقة من ملاك شخصيا وتوقيعها على تعيينك مديرا على كل اقسامها..
ومن ثم التفت لكمال ليقول له: انت ستكون مسئولا عن العمارتين فحسب ستحصل الايجارات نهاية او بداية كل شهر فحسب ولا اظن ان هذا سيؤثر على دراستك كثيرا..
قال مازن بعدم اقتناع: لا يا والدي.. لا يمكنني ان اكون مسئولا على شركة كاملة باكملها.. لا استطيع..
قال امجد بحزم: خالد لم يسجل كل شيء باسم ملاك الا ليضمن حقها .. ويضمن ان ندير نحن هذه الاملاك.. الم يقل بلسانه امامكما انه يريدها ان تعود للعيش معنا؟.. هذا لا يعني سوى انه يريد منا ان ندير املاكه ونضمن حق ابنته..
قال كمال باعتراض:ولكنها مسئولية كبيرة..
- لم يعد لدينا خيار.. ملاك امانة في اعناقنا.. ونحن من سيضمن حقها .. وسنضطر لمواجهة اشقائي ايضا في هذا الامر .. ويجب ان نثبت حينها اننا نستطيع حمل المسئولية التي حمّلها لنا خالد..
صمت مازن ودس اصابعه بين خصلات شعره في توتر.. وهو يفكر في حجم المسئولية التي القيت على كاهله.. شركة كاملة سيكون مسئولا عنها وقد يتسبب في خسارتها لو اخطأ خطأً بسيطا جدا.. ولن يتوقف الامر على هذا.. بل سيواجه اعمامه ايضا..
فهل يمكنه لوحده ان يكون اهلا للمسئولية حقا؟..ام انه سيحتمل ذنب ما قد يصيب شركة عمه خالد..
اما كمال.. فقد غرق في تفكير عميق جدا.. يتراوح بين اعمامه وبين ملاك.. ولا احد منهم يعلم فيما يفكر.. بنظرته الغامضة تلك .. ولاحتى انا ايضا ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ارتسمت على شفتي مها ابتسامة واسعة.. سعيدة.. تحمل كل معاني الفرح والراحة.. وهي تشعر ان قلبها قد بات يرقص بين ظلوعها من السعادة وقد ضمنت اخيرا ان فارس احلامها يبادلها المشاعر وانه يفكر بالارتباط بها..
اغلقت الباب عليها ومن ثم القت نفسها على الفراش بفرح.. واخذت تتذكر كل مادار بينها وبين حسام هذا اليوم.. تشعر بكل حرف نطق به.. بكل همسة همس بها لها.. بكل لمسة ارجفت كفها.. يا الهي كم انتظرت هذا اليوم وتمنته.. كم حلمت به وتخيلته.. وها هو ذا يصبح حقيقة امامها.. قلبها يخفق بسرعة عجيبة.. ورجفة لذيذة تسري في اطرافها كلما تذكرت وجه حسام الباسم.. وكلمة احبك التي نطقها لاجلها فقط..لقد نطقها بصوت رقيق حاني لم تسمعه ينطق به في حياتها.. لا يزال يرن في اذنيها ويشل تفكيرها و...
رن هاتفها فجأة بنغمة وصول الرسائل.. فالتقطته من على الطاولة المجاورة لفراشها.. وتوردت وجنتيها بقوة وهي تفتحها وتقرأ كلماتها..كانت من حسام.. وكانت كلماتها..
" احبك.. فهل تكفي؟..اعشقك.. فهل توفي؟"
ارتجفت اناملها وهي تمسك بهاتفها المحمول.. منذ متى كان حسام معها رقيقا الى هذه الدرجة؟.. تشعر بأنه انسان آخر تماما..هل اعتراف الانسان بمشاعره يجعله يتصرف بكل عفوية وحرية؟.. يتصرف حسبما يشاء دون ان تحكمه أي قيود..
رن هاتفها المحمول بغتة ليقطع افكارها ويجعل جسدها ينتفض .. وازدادت انتفاضته وهي ترى اسم حسام يضيء على شاشته..وهمست قائلة بقلق وتوتر: ما الذي يريده حسام الآن؟.. لقد غادر المنزل قبل نصف ساعة فقط..
وبانامل مرتجفة ضغطت زر الاجابة وقالت: اهلا..
جاءها صوت حسام الهادئ وهو يقول: اهلا مها.. ما هي احوالك؟..
قالت مها بحيرة: لقد تركتني منذ نصف ساعة فحسب..
ابتسم وقال: لكن هذا لا يمنع من السؤال عنك..اليس كذلك؟ ..
ابتسمت مها بدورها وقالت: بلى.. حسنا انا بخير.. وانت؟ ..
قال حسام بهدوء: انا بخير ولكن اردت ان اسألك سؤالا.. ومع اني كنت افكر بسؤالك عنه عندما جئت الى منزلكم .. ولكنه غاب عن ذهني منذ ان رأيتك ..رؤيتك يا مها تجعلني انسى كل مشاكل العالم وهمومه..
ابتسمت مها بخجل وارتجف قلبها من رقة كلماته.. وقالت : وما هو السؤال؟ ..
ظل صامتا لثواني ثم قال بتردد: لقد سألتك ذات مرة ان كنت تشعرين بالغيرة علي.. ويومها اجبتني بـ (لا..ابدا.. من قال اني اشعر بالغيرة عليك؟)..
ابتسمت مها بمرح ومن ثم قالت: لم اكن اعلم انك تحفظ كل ما يقال لك عن ظهر قلب..
ابتسم حسام وقال بحنان: كلماتك فقط هي من تحفر في قلبي ولا يمكنني نسيانها ابدا..
واردف بابتسامة: لا تتهربي من الموضوع واخبريني.. لماذا قلت هذا يومها وانا ارى انك حقا تبادليني المشاعر؟..
رفعت مها حاجبيها وقالت مبتسمة: وايضا تيقنت من اني ابادلك المشاعر..
- بكل تأكيد .. لا يمكنني ان اخطئ في فهم ما تعنيه نظرات عينيك وارتجافة كفيك.. وملامحك.. لقد كنت اشعر بجزنك .. بخوفك.. بضيقك.. عندما كنا اطفالا .. فكيف لا تريدين ان اشعر بحبك الآن...
هل توقف قلبي عن النبض ؟.. ربما لاني لم اعد اشعر الا بصوت انفاسي وارتجافة جسدي..
ازدردت مها لعابها مرتين متتاليتين محاولة ان تجمع شجاعتها ..وقال حسام متسائلا: اخبريني لم قلت هذا يومها؟..
صمتت مها قليلا ومن ثم قالت بضيق: وكأنك لم تكن تفعل المثل..دائما تشعرني بأني مجرد اخت لك..
قال حسام مدافعا عن نفسه: أي قول هذا؟.. الست اول شخص اتصل به لأتحدث اليك كلما كنت متضايقا؟..الا اترك الجميع لمجالستك في النادي؟.. اتظنين اني في الجامعة اراك صدفة فحسب؟.. اتصدقين ان قلت لك اني اظل ابحث عنك حتى اراك للحظات فحسب؟..واحمد.. الم تري كيف كنت انظر اليه بالحفل؟.. الم اطلب منك يومها ان تبتعدي عنه؟.. ماذا تعني لك تصرفاتي هذه في رأيك؟..
توردت وجنتيها بخجل وقد شعرت بالدهشة من كل ما سمعته وقالت: عندما كنت اسالك عن سبب اهتمامك بي.. كنت دائما ما تقول " لانك ابنة عمتي".. كرهت ان اكون قريبة لك.. بسبب عبارتك تلك..
ابتسم حسام وقال: لم اكن اكمل عبارتي يومها.. كنت اتوقف عن اكمالها بسبب الوعد الذي قطعته على نفسي..
واردف بصوت دافئ وبنبرة تمتلأ حبا وحنانا: لقد كنت اود ان اقول لك دائما.." لانك ابنة عمتي وحبيبتي"..
صدقوني لقد بدأت اشعر بالاختناق.. يكفي يا حسام.. سيتوقف قلبي بسببك اليوم.. لا احتمل كل هذه المفاجآت في ساعة واحدة فحسب!..
قال حسام مستغربا صمتها: مها .. الا زلت على الخط؟..
قالت مها بارتباك شديد وبحروف متقطعة: ا..اجــ..ل..
قال حسام مبتسما: حسنا.. اتركك الآن.. وان كان قلبي معك..
لم تقوى مها على نطق كلمة واحدة.. فقال حسام وهو يضحك على خجلها: الى اللقاء..
واردف بهمس: يا حبيبتي..
قالها واغلق الهاتف.. لانه يعلم يقينا ان مها لن تجيبه.. كيف لا وهو يفهمها جيدا منذ طفولتهما.. لقد كانت تظل صامتة لوقت طويل عندما تشعر بالخجل..
اما مها فقد ظلت ممسكة بالهاتف على اذنها وكأنها تنتظر ان يتحدث حسام معها من جديد..وتركت الهاتف ببطء.. ومن ثم لم تلبث ان صرخت بقوة وهي ترمي بنفسها على فراشها: مستحيل.. لا يمكنني ان اصدق..
وضحكت بمرح على نفسها.. احيانا نشعر بأننا قد عدنا اطفالا من جديد في ساعات الفرح ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اخذ مازن يتناول طعام افطاره بسرعة وقال متحدثا الى مها: ستذهبين مع السائق الآن؟..
قالت مها وهي تومئ برأسها: اجل .. ولم تسأل؟..
قال وهو يشير الى بعض الاوراق التي على الطاولة: اريد ان توقع ملاك على هذه الاوراق.. وهي لا تكادتخرج من غرفتها ابدا.. لهذا اريدك ان تأتي معي قبلها لأتحدث اليها ..
قالت مها وهي تنهض من مكانها: لا بأس ولكن اسرع حتى لا اتأخر..
قال مبتسما: من اجلك فقط سأحاول ان ابطئ من خطواتي..
اخرجت مها له لسانها وقالت: ظريف جدا..
قال مبتسما: بالرغم منك..
واخذ يسير مع مها الى غرفة ملاك.. وكاد ان يطرق الباب.. لكن مها قالت: انتظر.. ساطرق الباب وادخل الى الغرفة.. وسأتحدث اليها.. ربما تقبل وتخرج من الغرفة..
قال مازن بملل: والى متى سأنتظر بالله عليك؟.. اخبريها ان تسرع.. علي ان اذهب الى الشركة..
قالت مها باستغراب: ومتذ متى وانت مهتم بالعمل؟..
قال مازن مبتسما: هذه المرة العمل يختلف.. انه يخص ملاك..
قالت مها بحيرة: لم افهم..
- افضل.. فقط اذهبي لنداء ملاك.. اسرعي..
طرقت مها الباب ومن ثم فتحته بهدوء واغلقته خلفها.. وشاهدت ملاك تغط في نوم عميق.. ابتسمت باشفاق عليها وهي تفكر في ايقاظها من نومها هذا.. اقتربت منها وجلست على طرف الفراش.. لتقول بصوت منخفض وهي تهز كفها: ملاك.. ملاك..
تحركت ملاك قليلا لكنها لم تفق.. فعادت مها تهزها وهي تقول بصوت اعلى بعض الشي وباسلوب مرح: هيا استيقظي ايتها الكسولة..
عبارة نطقها والدها ذات يوم.. جعل ملاك تتمتم وابتسامة ترتسم على شفتيها: اريد ان انام يا ابي..
شعرت مها بغصة مريرة في حلقها وهي تسمع عبارتها.. ولكنها قالت وهي تحاول الاستمرار في مرحها: هيا انهضي .. فلن ادللك كما يفعل والدك.. انهضي بسرعة..
قالتها وازاحت عنها الغطاء قليلا.. ففتحت ملاك احدى عينيها بتعب وقالت وهي تجذب الغطاء: الجو بارد..
ابتسمت مها وقالت: اعلم.. وبهذه الطريقة فقط ستنهضين..
قالت ملاك بصوت ناعس: ماذا تريدين؟..
قالت مها وهي تشير الى باب الغرفة: مازن يريدك ان توقعي على بعض الاوراق..
قالت ملاك بدهشة: اوراق؟.. اوراق ماذا؟..
- لست اعلم .. يقول انه عمل يخصك..سننتظرك بالخارج.. ابدلي ملابسك واتبعينا الى الردهة..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا.. في حين قالت مها بعد ان غاردت الغرفة متحدثة الى مازن: ستخرج من غرفتها بعد قليل.. انتظرها .. اما انا فسأذهب الى الجامعة الآن..
ابتسم مازن بسخرية ومن ثم قال: افضل بكثير..
قالت مها بحنق: الم تفهم بعد يا مازن؟.. انت لا تريدها فدعها وشأنها..
وضع مازن سبابته على شفتيه ومن ثم قال: لا شأن لك.. اذهبي الى الجامعة هيا..
هزت مها رأسها بقلة حيلة.. ومن ثم مضت في طريقها مبتعدة..اما مازن فقد اتجه الى احد المقاعد ليجلس عليها .. وينتظر خروج ملاك من غرفتها..وما ان خرجت حتى التفت اليها وابتسم وهو يغمز لها بعينه قائلا: منذ متى لم نراك؟.. اشتقت اليك..
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي ملاك واحست بالخجل وهي تدفع مقعدها وقالت : قالت لي مها انك تريد ان اوقع لك على اوراق .. اية اوراق تلك؟..
قال مازن وهو يضع الطاولة الصغيرة المجاورة لمقعده امامهما: اسمعيني جيدا اولا يا ملاك.. واجيبي عن سؤالي..اتعرفين ان والدك قد سجل كل املاكه باسمك؟..
اتسعت عينا ملاك وقالت بدهشة: ماذا تقول؟.. سجل كل املاكه باسمي؟.. اتقول الصدق؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: لقد اراد ان يضمن مستقبلك.. وان يضمن ان تكون كل املاكه من بعده لك انت..
قالت ملاك بالم: لا اريد شيئا.. لا اريد مالا او املاك.. اريد ان يفيق ابي من غيبوبته.. هذا اسمى ما اطلبه..
قال مازن بهدوء: وابيك اراد لك حياة هادئة .. مستقرة دون مشاكل..دون ان يطالبك احد باملاكه..لهذا فقد سجل جميع املاكه باسمك..
قالت ملاك بتأثر وقد شعرت بغصة في حلقها: من يستطيع في هذه الدنيا تعويضي عن ابي؟.. انه يفكر في كل شيء يعنيني وان كان صغيرا..
قال مازن مشفقا: ملاك ..حاولي ان تكوني قوية وان تصبري على ما يصيبك.. وما دامت رحمة الله تسع كل شيء.. فلا تفقدي الامل ابدا..
اسرعت ملاك تمسح دمعة كادت ان تسيل على وجنتيها وقالت بصوت مختنق: ونعم بالله..لن افقد الامل ابدا يا مازن..
قال مبتسما: هكذا اريدك.. والآن استمعي الي.. لقد طلب مني والدي ان ادير انا شركة والدك والتي باتت ملكا لك الآن.. لهذا انا في حاجة لان توقعي على بعض الاوراق.. وبحاجة الى بطاقتك الشخصية ايضا..وبهذا سأمتلك توكيلا بادارة الشركة..
واردف بهدوء: انا اعلم جيدا ان ادارة شركة باكملها ومنحي توكيلا يحتاج الى رجل تثقين به وبخبرته.. وبامكانيته على تحقيق الربح لك..وانا كما تعلمين...
قاطعته ملاك قائلة: لا تكمل.. انا اثق بك يا مازن..واثق في ادارتك للشركة..
قال مازن بجدية: اشكرك على ثقتك هذه ولكن حقا عليك ان تفكري جيدا..فالمسئولية كبيرة جدا..وانا ليست لدي الخبرة الكافية .. لقد عملت مع ابي لعامين ونصف وحسب.. وخلالهما تعلمت الشيء القليل.. لهذا فقد اكون سببا في خسارة الشركة ..الشركة التي اسسها والدك..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: مازن.. خلال الفترة القصيرة التي قضيتها في هذا المنزل.. علمت فيها انك اهلا للثقة.. وكذلك.. لقد غمرتني باهتمامك منذ اليوم الاول لي هنا.. مع انك لا تعرفني جيدا.. فكيف اذا كان الامر يتعلق بشركة تخص ابي وتخصني.. ثم ان لديك من الخبرة ما يكفي بالنسبة لي.. فعامين ونصف ليست بالفترة القصيرة ..وعلى فكرة شركة ابي تختص بالاستيراد والتصدير.. ربما يعجبك العمل فيها لانها قريبة من تخصصك الا وهو السياحة ..
ارتفع حاجبا مازن وقال: وايضا تعرفين ما هو تخصصي..
قالت ملاك بابتسامة: سألت مها ذات مرة عن سبب ضيقك من عملك مع ابيك.. فاجابتني انه بعيد عن تخصصك وعرفت منه يومها انه السياحة..
واردفت قائلة: انتظرني للحظة سأحضر لك بطاقتي الشخصية ..
قال مازن بسرعة: ملاك..
قالت بحيرة: ماذا؟..
قال بامتنان: اشكرك كثيرا على ثقتك بي.. ارجو ان اكون اهلا لها .. واشكرك على كلماتك.. لقد رفعت من معنوياتي..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: بل كلماتك لي هي من ازاحت هما كبيرا عني.. صدقني كانت ستسوء حالتي بعدما حصل لابي.. لولا ما فعلته لاجلي..
قال مازن مبتسما: ما فعلته كان اقل من الواجب..
قالت ملاك مبتسمة: لم اعرفك متواضعا في حياتي..
رفع مازن حاجبيه وقال: اتعتبريني مغرورا اذا؟..
ضحكت ملاك ضحكة قصيرة جدا.. اشعرت مازن بأن الحياة قد عادت لملاك من جديد..فقال بحنان: اريد ان اراك تضحكين هكذا دوما.. تبدين اجمل بكثير وانت سعيدة هكذا..
ارتبكت ملاك وتهربت من الموضوع قائلة: سأذهب لاحضر بطاقتي الشخصية..عن اذنك..
ابتسم مازن بهدوء وهو يلمحها تدفع مقعدها ورآها تختفي في غرفتها للحظات ومن ثم تخرج منها وتتقدم منه .. لتمد له يدها حاملة بطاقتها الشخصية وقالت بابتسامة خجلة: تفضل..
التقط مازن منها البطاقة الشخصية وقال مبتسما: مرة اخرى اشكرك على ثقتك بي..وارجو ان توقعي لي على هذه الاوراق ايضا..
التقطت ملاك القلم من على الطاولة ونفذت ما طلبه فابتسم بهدوء والتفت عنها ليغادر ولكن ملاك اسرعت تناديه قائلة: مازن..
التفت لها وقال : اتريدين شيئا يا ملاك؟..
قالت ملاك متسائلة: ستأخذني الى ابي بعد ان تعود من عملك.. اليس كذلك؟..
اومأ مازن برأسه وقال مبتسما: اجل لا تقلقي..
والتفت عنها وسرعان ما اختفت ابتسامته.. لم تفكر الا في السؤال عن والدها .. وانا؟.. ولم انا متضايق هكذا؟.. الأني اعتدت ان تهتم جميع الفتيات بي؟.. لكن ملاك ليست اية فتاة.. انها مختلفة تماما عن أي فتاة رأيتها.. وهذا ما يجعلني اكون صادقا معها في اهتمامي بعكس باقي الفتيات.. لاني لا ارى من ملاك سوى الخجل.. لا ارى مشاعرا واضحة تجاهي..كل ما اراه هو ابتسامة وخجل.. ومع هذا فأنا اسعد برؤيتها.. و اسعد بلقياها و...
(الا ترى انك اصبحت تجالس ملاك اكثر من اللازم؟)
التفت مازن الى صاحب الصوت ورفع حاجبيه بدهشة قائلا وهو يهم بالخروج من المنزل: وما شأنك انت يا كمال؟..
تطلع كمال الى مازن للحظة ومن ثم قال ببرود: انها ابنة عمي هذا اولا.. وثانيا انا اعرفك جيدا واعرف طريقة تفكيرك تجاه أي فتاة تراها.. لهذا انا اخشى على ملاك منك..
ضحك مازن وهز رأسه قائلا وهو يفتح الباب الرئيسي: لا تكن سخيفا.. انها ابنة عمي .. لا افكر فيها كباقي الفتيات اللاتي اتعرف عليهن..
واجهه كمال قائلا بحزم: اذا كيف تفكر فيها؟..
قال مازن وهو يمضي في طريقه: كابنة عم..فحسب..
قال كمال وهو يمط شفتيه ويراه يبتعد: ومن يصدقك..
مضى مازن في طريقه غير آبه بكمال الذي تابعه بنظراته بضيق..وصعد سيارته لينطلق بها وابتسم بسخرية لنفسه وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: احيانا اسأل نفسي السؤال ذاته يا كمال.. لماذا اصبحت اجالس ملاك اكثر من اللازم؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
التقط فؤاد هاتفه المحمول الذي اخذ يرن باصرار شديد.. وقال وهو يتطلع الى شاشته: ماذا يريد هذا مني الآن؟..
وضغط زر الاجابة ليقول بلامبالاة: اهلا.. ماذا هناك يا عادل؟ ..
قال عادل في سرعة: وجدتها...
قال فؤاد بدهشة: وجدت ماذا؟..
قال عادل محاولا الشرح: الطريقة التي ستجعلنا نمتلك شركة خالد ..
قال فؤاد وهو يعقد حاجبيه: واي طريقة تلك؟؟..
قال عادل مبتسما بخبث: شركة خالد باسم ابنته كما تقول .. ولكنه لن يستطيع ادارتها .. ولن تستطيع ملاك اداراتها كذلك ..
قال فؤاد باهتمام: اكمل..
- في رأيك من سيديرها غير شخص يكون لديه التوكيل بالتصرف في املاكها..وهذا الشخص يجب ان يكون قريبا منها وتثق به..
قال فؤاد وهو يزيد من انعقاد حاجبيه: لم افهم..
قال عادل مبتسما: احمد وهو من منحني تلك الفكرة بالحاحه المتواصل بالزواج من ابنة عمه مها..
قال فؤاد وهو يشعر انه قد فهم ما يرمي اليه اخيرا: اتعني انك سـ...
قاطعه عادل قائلا بمكر: سأنفذ رغبة احمد واخطب له ابنة عمه.. لكنها لن تكون مها .. بل ملاك...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 08:23 AM   #29 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء التاسع عشر
"واكتملت الخطة"


قال فؤاد وهو يشعر انه قد فهم ما يرمي اليه اخيرا: اتعني انك سـ...
قاطعه عادل قائلا بمكر: سأنفذ رغبة احمد واخطب له ابنة عمه.. لكنها لن تكون مها .. بل ملاك...
اتسعت عينا فؤاد وقال بدهشة بالغة: اتظن الامر بسيطا الى هذه الدرجة يا عادل؟.. ابنك نفسه لن يقبل بهذا الزواج..
قال عادل بلامبالاة: ابني يفكر كما نفكر نحن.. تهمه الاملاك والنقود.. وسيقبل بذلك لو علم ان شركة باكملها قد تكون ملكا له.. وان اراد ان ينفصل عن ملاك بعد ان يستطيع الحصول على الشركة.. فلن اعترض..
رفع فؤاد حاجبيه وقال متسائلا: وماذا لو لم يوافق ابنك؟.. ثم انه رجل ولا يمكنك ارغامه على شيء لا يريده..
- صدقني سيوافق.. وسنذهب لخطبة ملاك في القريب العاجل..
ابتسم فؤاد وقال: اتمنى هذا..
- اتركك الآن اذا..
قال فؤاد مبتسما: فليكن.. وعندما تذهب لخطبة ملاك لابنك ابلغني بكل ما يجري معك..
- لا توصي .. مع السلامة..
اغلق فؤاد الخط وابتسم بسخرية قائلا: احيانا يبدوا لي انك تمتلك عقلا ذكيا يا عادل بافكارك هذه..
واتسعت ابتسامته الساخرة لتشمل وجهه كله.. لكن في هذه المرة السخرية كانت لخالد وابنته ملاك.. وبما يفكر به لو ان احمد حقا قد تزوج ملاك.. واصبحت الشركة بين يدي ابن اخيه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
طرقت مها باب غرفة ملاك عدة طرقات قبل ان تفتحه قائلة: ملاك.. الن تأتي لتناول طعام الغداء معنا؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وهي تتطلع الى شي ما يحتل كفيها.. فتساءلت مها قائلة: ولم لا؟.. اخرجي من عزلتك هذه قليلا.. لقد مضت خمسة ايام منذ ان اصيب والدك بالغيبوبة..
قالت ملاك بلهفة فجأة: هل عاد مازن من عمله؟.. لقد وعدني ان يأخذني الى ابي بعد ان يعود..
ابتسمت مها وقالت وهي تربت على كتف ملاك: سيفعل يا ملاك مادام قد وعدك.. ولكن ليس الآن.. ربما بعد ساعتين..
عقدت ملاك حاجبيها وقالت: ولم بعد ساعتين؟..
قالت مها بابتسامة باهتة: الوقت لا يزال مبكرا يا ملاك.. انتظري حتى العصر..
اطرقت ملاك برأسها بألم وقالت بحزن: لقد اشتقت اليه كثيرا..
قالت مها مغيرة الموضوع: الى ماذا كنت تتطلعين قبل ان ادخل؟..
رفعت ملاك ما بيدها وقالت: انها صور لي منذ ان كنت طفلة وحتى الآن..
قالت مها بحماس وهي تجذب الصور من يد ملاك: دعيني ارى..
وتطلعت الى الصورة الاولى التي كان يقف فيها شاب وسيم الملامح .. اسود الشعر..عريض المنكبين ..تتمتع بشرته بسمرة خفيفة.. وكانت ابتسامة سعيدة تعتلي على شفتيه وهو يتطلع الى سيدة تقف الى جواره.. بيضاء البشرة.. بنية الشعر..بريئة الملامح.. وكانت تحمل بين كفيها طفلة صغيرة في العام الاول من عمرها على ما تظن..وقالت مها بابتسامة: هذه والدتك؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا فقالت مها وهي تلتفت الى ملاك: تشبهك كثيرا لولا انك اخذت لون شعرك هذا من والدك..
قالت ملاك باسمة: تعنين انني انا من تشبهها..
ضحكت مها وقالت وهي تتطلع الى الصورة الثانية: اجل هذا ما اعنيه..
وابتسمت بشفقة وهي تتطلع الى صورة طفلة تجلس على مقعد متحرك وتضحك بسعادة وهي تتطلع الى والدها الذي يقف الى جوارها ويربت على رأسها بحنان.. وقالت متحدثة الى ملاك متسائلة: هل لي بسؤال؟.. لكن دون ان تتضايقي مني..
قالت ملاك بابتسامة: لن اتضايق منك ابدا..
قالت مها متسائلة بتردد: متى .. حدث الحادث الذي ادى الى شللك؟..
التقطت ملاك الصورة من كف مها وقالت: لست اذكر شيئا.. كنت طفلة.. وحسبما يقول ابي.. كنت في الثانية من عمري يومها..
قالت مها متسائلة باهتمام: وطوال هذه السنين.. لم يجد علاجا لك؟..
قالت ملاك وهي تزفر بحدة ويأس: لقد أخذني الى العديد من الاطباء.. وارسل اوراق الكشف والاشعة التي تشرح حالتي الى مختلف المستشفيات بالعالم.. لكن الاجابة كانت دائما ان العلاج يكاد يكون معدوما.. فأولا لقد كنت صغيرة حينها.. وثانيا الاصابة كانت في العمود الفقري..
واردفت ملاك بابتسامة شاحبة: لقد اعتدت هذه الحياة .. واعتدت على هذا المقعد الذي بات رفيقي الدائم.. لهذا فالامر يبدوا لي عاديا جدا..
قالت مها متسائلة: الا تفكرين بالبحث بشكل اكبر عن علاج لحالتك..
قالت ملاك وهي تهز كتفيها: لا اريد ان اتعلق بأمل واه.. ثم كثيرا ما اتسائل بيني وبين نفسي.. كيف يمكنكم السير بهذه السهولة؟..
ابتسمت مها وقالت: لقد تعلمت المشي وانت طفلة ولابد ان الامر كان سهلا جدا عليك يومها..
- لست اذكر شيئا..ولكن ابي كان يقول اني بدأت بالسير في عامي الاول..
تصفحت مها الصور مرة اخرى لتتطلع الى ملاك التي لم تتعدى العاشرة من عمرها في الصورة والنائمة كالملاك.. وضحكت ملاك قائلة: لقد التقط ابي لي هذه الصورة دون ان اعلم..
اخذت مها تتصفح الصور وقالت مبتسمة وهي تشير الى الصورة الاخيرة التي ترى فيها ملاك وهي في سنها هذا تمسك بدمية لدب وتحتضنه بمرح وطفولة: ومتى التقط لك هذه الصورة؟..
قالت ملاك بصوت خافت: قبل ان آتي الى هنا في المرة الاولى..
قالت مها فجأة: لابد لك وان تكملي المجموعة.. سألتقط لك صورة وانت بالفستان..
قالت ملاك بدهشة: أي فستان هذا؟..
- ذاك الذي ارتديته في الحفلة..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اريد..
قالت مها بالحاح: هيا يا ملاك.. ستكون صورة رائعة.. الم تقولي بنفسك انك ستتركين الفستان هنا حتى تعودي الى منزلنا من جديد؟.. وها انتذا قد عدت اليه ..
قالت ملاك باستسلام تحت الحاحها: فليكن ولكن بسرعة من....
قاطعها صوت طرقات على الباب.. جعلها تلتفت الى الباب وتقول: من؟..
جاءها صوت مازن وهو يقول: انا..هل ادخل؟..
قالت مها بحنق: متى سيفهم اخي ان عليه ان ينسى دخول هذه الغرفة ما دامت ابنة عمه فيها..
وقبل ان تتجه الى الباب.. كان مازن قد فتح الباب وقال مبتسما وهو يتطلع الى مها: مها .. هل جئت لتنادينها للغداء ام لتجلسي معها انت الاخرى؟..
تطلعت له مها بحنق وقالت: مازن انها غرفة ابنة عمك..
قال مازن وهو يهز كتفه: اعلم..ولا تتطلعي الي بمثل هذه النظرات..
واردف متحدثا الى ملاك: ملاك.. الن تأتي لتناول طعام الغداء معنا؟..
ترددت ملاك قليلا ومن ثم قالت: وان فعلت.. ستأخذني الى ابي بعد الغداء مباشرة.. لقد اشتقت اليه كثيرا..
اومأ مازن برأسه وقال مبتسما: بالتأكيد سأفعل ما دمت ستتركين عزلتك هذه..
قالت ملاك بلهفة: شكرا لك.. سآتي في الحال..
قال مازن مبتسما وهو يلتفت عنهم : هيا بسرعة..
واغلق الباب خلفه..دون ان ينتبه لتلك الصور المبعثرة على الطاولة .. والتي كانت ستجيب عن اسألته كلها المتعلقة بذكريات الماضي الدفين...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(مستحيل..)
قالها احمد وهو يستنكر عبارة والده التي قالها قبل قليل واردف بحدة وضيق: انا يا والدي .. احمد عادل.. تريد ان تخطب لي فتاة عاجزة..
قال عادل بضيق: لا تكن سخيفا يا احمد.. لا تفكر بعجزها.. لديك عشرات الخادمات لتلبية طلباتك وكل ما تريد.. لا تهتم بها.. كل ما يهمنا هي الشركة التي تمتلكها..
قال احمد بحنق: لابد وانك تمزح يا والدي.. تريدني ان اقبل الزواج من فتاة عاجزة.. كيف اقدمها للناس والمجتمع.. كيف اخبرهم في أي حفلة ان هذه العاجزة هي زوجتي؟ .. ثم لو أقمت حفلة خطبة.. ستأتي اليها واحدهم يدفعها امام الناس...
قال عادل بلامبالاة: لا يجب ان تقيم حفلا كبيرا.. اقم حفلا بسيطا .. وافهم يا بني عليك ان تنسى أي امر آخر سوى انها تمتلك شركة..وسنمتلكها نحن ان استطعت التأثير عليها لتمنحك توكيلا بادارتها..
قال احمد برفض: انا اريد الزواج من مها .. انها هي من تناسبني .. انا لا انكر ان ملاك جميلة.. ولكنها عاجزة ولا يمكنني احتمال هذا..
وضع عادل كفه على كتف احمد وقال مبتسما بخبث: تزوجها لاسبوع فقط ان اردت وبعد ان تحصل على التوكيل طلقها..
قال احمد بضيق: لا يا والدي.. لن افعل.. من يضمن لي انها ستمنحني توكيلا لادارة اعمالها.. ربما تمنحه لعمي أمجد او احد من ابناءه..
قال عادل بحدة: ايها الاحمق .. حينها ستكون زوجها .. وانت الاحق بأن تحصل هذا التوكيل.. لو فكرت فقط في منحه لسواك فأرفض بأي حجة كانت..
واردف عادل بمكر محاولا اقناعه: استمع الي يا احمد.. ستحصل على شركة بأكملها.. تقدر بأكثر من اربع ملايين قطعة نقدية.. تخيل نفسك.. ستمتلك منزلا خاصا بك.. وافخم سيارة .. وستسافر حول العالم ان اردت.. لا تكن غبيا وتضيع هذه الفرصة من بين يديك..
قال احمد وقد بدا وكأنه قد اخذ يفتنع قليلا: ومها؟؟..
قال احمد مبتسما لاقتناعه بالفكرة: تزوجها ان اردت بعد انفصالك عن ملاك..
اخذ احمد يدير الفكرة في رأسه.. وتخيل نفسه وهو يمتلك ارقى المنازل.. واغلى انواع السيارات.. ويسافر وقتما يشاء .. يكون حر نفسه.. لا يطلب من والده مالا .. ولا يهتم بعمل او دراسة..
وقال اخيرا بابتسامة ولمعة ماكرة تلمع في عينيه: فليكن .. انا موافق ياوالدي..
ابتسم والده بخبث وقال وهو يربت على كتفه: هذا ابني الذي اعرف..
هاهي ذي الخطة قد اكتملت.. واكتمل اطرافها.. لكن هل ستسير كما يجب.. ام سيكون هناك عائقا يمنع تنفيذها؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع كمال باستغراب الى ملاك التي اقتربت بمقعدها من الطاولة وابتسمت قائلة بصوت خافت: لقد جئت لاشارككم طعام الغداء..
قال امجد بابتسامة: لا داعي للتبرير يا ملاك.. المنزل منزلك..
اما كمال فقد قال: كيف وافقت على مغادرة عزلتك بهذه السهولة؟..
ضحكت مها وقالت وهي تشيرالى مازن: لقد هددها اخي هذا.. ان لم تتناول طعام الغداء معنا فلن يأخذها الى والدها..
قال مازن بدهشة: انا قلت هذا؟..
اما كمال فقد قال وهو يعقد حاجبيه: دعك منه يا ملاك.. ان رفض توصيلك.. سأوصلك انا..
قال مازن وهو يطلق صفير اعجاب: يا الهي .. منذ متى وكمال يهتم بتوصيل احد في سيارته؟.. لقد ظننت انها سيارة بمقعد واحد فحسب وانا اجدك ترفض توصيل أي شخص فيها..
التفت له كمال وقال بحنق: ليس هذا من شأنك..اوصل من اشاء في سيارتي..
قال امجد بحدة: يكفي هذا.. وملاك ان اردت أي شيء فاطلبيه مني .. دعك من هذين الاثنين..
قالت ملاك بخفوت: لقد طلب مني مازن ان اترك عزلتي فحسب وانا وافقت.. لم يرغمني على ذلك كما قالت مها.. لقد كانت تمزح.. لا اريد ان اكون سببا في شجار أي احد..
قالت مها وهي تلتفت لها: لا تقلقي يا ملاك.. هما دائما هكذا.. يتشاجران لاتفه الاسباب..
وقال مازن وهو يلتفت الى ملاك: اكملي طعامك يا ملاك ولا تكترثي لشيء.. سآخذك الى والدك كما وعدتك بعد الغداء..
اومأت ملاك برأسها بهدوء ومن ثم التقطت ملعقة الطعام لتتناول طعامها ببطء..بتفكير مشوش.. بين والدها وبين مازن وكمال.. لقد اشتاقت لوالدها كثيرا وتريد ان تراه.. ولكن لا تريد ان يسبب ذهابها أي مشكلات بين مازن وكمال..
وقالت بعد ربع الساعة من التظاهر بتناول الطعام: لقد شبعت.. سأذهب لأغسل يدي.. وسأكون جاهزة..
قال مازن وهو يلتفت لها بابتسامة: فليكن.. سأكون بانتظارك ..
ونهض تاركا الغداء بدوره قائلا بسرعة وهو يتحدث الى مها: ان كنت ستأتين معنا يا مها.. اذهبي لتجهزي نفسك..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: لن يمكنني الحضور..لدي الكثير من الدروس والواجبات التي يتوجب علي انهاءها اليوم ..
قال مازن مبتسما: ليتهم يمنحونك هذا القدر من الدروس في كل مرة..
قالت مها بحنق: اعلم جيدا انك قد فرحت لكونك ستكون مع ملاك لوحدك .. ولكن اعلم جيدا اني سأسالها عن تصرفاتك معها.. ولو تجاوزت حدودك.. سأخبر والدي..
قال مازن مبتسما بسخرية: متى ستكبرين وتفكرين بجدية اكبر؟..
قالت مها بحنق: عندما تكبر انت وتترك عنك ملاحقة الفتيات ..
قال مازن وهو يلوح بكفه ويمضي عنها: انا الاحقهن؟.. لا تضحكيني ارجوك..ان اردت يمكنك ان تأتي الى النادي لتعلمي انهن هن من يسعين ورائي..
تنهدت مها وراقبته وهو ينصرف صاعدا الى الطابق الاعلى.. ومن ثم الى غرفته.. سعيد.. لايمكنه ان ينكر ذلك.. كل هذا لان ملاك ستكون معه وحده.. بدون مها وبدون ازعاجاتها .. اسرع باستبدال ملابسه.. ومن ثم يغادر الغرفة ليهبط على درجات السلم قفزا وهو يطلق من بين شفتيه صفيرا منغوما..وابتسم وهو يرى ملاك تغادر غرفتها لتوها وقال مبتسما: جيد انك قد جهزت.. هيا الى السيارة..
قالت ملاك بحيرة: ومها؟..
قال بابتسامة ساخرة: لن تأتي.. لا زالت تدرس تلك المجتهدة ..
لن تأتي؟.. هذا معناه ان اكون انا ومازن لوحدنا في سيارته .. وان اجلس الى جواره.. مجرد التفكير في هذا الامر يجعل جسدي كله يرتجف.. أأذهب معه.. ام اعتذر عن الذهاب؟.. لكن ابي.. اريد ان اراه.. ان لم يأخذني مازن اليوم قد لا يأخذني لرؤيته غدا...
(ملاك.. فيم تفكرين؟)
رفعت ملاك رأسها له وقالت بتوتر: لا شيء...
اشار لها لكي تتقدمه وقال: اذا هيا..
حركت ملاك مقعدها بتوتر.. ففكرة ان تكون مع مازن لوحدها تجعل اطرافها تتجمد وقلبها يخفق بقوة.. وقال مازن مبتسما وهو يميل لها: هل ادفعك؟..
اومأت ملاك برأسها دون ان تعلق..وتساءلت.. لماذا تكون مسلوبة الارادة دائما مع مازن وتجيبه بالاجابة التي يريد كلما سمعت صوته او نظرت الى عينيه؟..
ودفعها مازن الى حيث السيارة ليفتح لها الباب المجاور له.. وظلت مترددة لبرهة قبل ان ترفع جسدها الصغير عن المقعد ونلقيه على مقعد السيارة..واغلق مازن الباب خلفها بهدوء والتقط المقعد ليطويه ويضعه في صندوق سيارته.. ومن ثم يفتح الباب الامامي ويستقر الى جوار ملاك..وارتجف جسد ملاك بالرغم منها.. فنادرا ما يكون مازن بهذا القرب منها.. لاول مرة تجلس الى جواره في السيارة.. انه شعور مخيف وموتر ومقلق ..و...جميل.. لأول مرة تشعر بأن مازن قد يكون لها في يوم.. وانها قد تجلس الى جواره مرة اخرى.. شعور ممتع هو الذي يجعلك تظن ان احلامك قد تتحقق.. احلامك التي نسجها خيالك لوقت طويل و....
( لم انت صامتة هكذا؟)
التفتت الى مازن الذي قاطع افكارها .. وقالت متمتمة بخفوت: وماذا اقول؟..
قال مازن مبتسما: سأبدأ انا بالحديث..موافقة؟..
وقبل ان تقول شيئا اردف قائلا: لقد اردت ان اسألك اولا.. ما الذي منع والدك من زيارتنا .. او زيارتك انت لنا؟..
قالت ملاك وهي تتطلع من النافذة: لست اعلم.. لطالما كان يقول لي ان الامور هكذا افضل.. الشيء الوحيد الذي عرفته انه يخشى علي كثيرا ولا يريد لاحدهم ان يجرحني بكلامه ..
قال مازن بهدوء: اظن ان السبب الرئيسي كان عمي فؤاد..
قالت ملاك وهي تومئ برأسها : اظن ذلك انا ايضا..
قال مازن وهو يتطلع لها بطرف عينه: هناك امر آخر اردت ان اتحدث فيه معك.. فعلى الرغم من المدة التي قضيتها معنا.. فلا ازال اجهل الكثير عنك..
وانا ايضا.. لا ازال اجهل الكثير عنك..مع ان ابسط تفاصيل حياتك تهمني.. وقالت ملاك بابتسامة خافتة لم تخفي سعادتها من اهتمامه بها: يمكنك ان تسألني عما تريد وسأجيبك..
قال مازن مبتسما وهو يفرد اصبعه السبابة: السؤال الاول.. ما هي هواياتك؟..
قالت ملاك بابتسامة: القراءة..
صمت قليلا.. فقالت ملاك ببعض الخجل وهي تستجمع شجاعتها : وانت؟..
ابتسم مازن وقال: ركوب الخيل والسباحة..
واردف قائلا بمرح: والآن دوري انا لسؤالك..اخبريني ما هي امنيتك؟..
قالت ملاك بشحوب: ان يفيق ابي من غيبوبته..
صمت دون ان يعلق لانه ذكرها بوالدها.. وقالت ملاك في تلك اللحظة: اشكرك يا مازن.. اعلم اني اتعبك معي كثيرا..
قال مازن بابتسامة: لا تقولي هذا.. انت ابنة عمي.. وانت امانة في اعناقنا جميعا..
قالت ملاك بامتنان: لقد فعلت الكثير لاجلي لهذا انا اشكرك كثيرا واود لو استطيع ان ارد لك هذا الجميل..
وضع مازن سبابته على شفتيه وقال: اياك وان تكملي..
ستضايقيني منك بهذه الطريقة..كل ما افعله فأنا افعله لأني اريد ذلك.. ولست في حاجة لأن تقولي سأرد لك الجميل او من هذه العبارات التي ليس لها اي داع..
واردف بحنان: الم تعلمي بعد مكانتك في قلوبنا جميعا؟..
ما الذي يحدث لي؟.. ماذا يحدث؟.. يداي ترتجفان دون توقف .. واشعر بتقلصات في معدتي.. لماذا كل هذا الاضطراب؟ .. اشعر بقلبي يخفق بقوة وكأنه سيخرج من صدري .. لقد قال لي مازن ان لي مكانة في قلبه.. لكن لست متأكدة ماهي تلك المكانة.. ربما يحبني كأخت له.. كاحدى قريباته.. لماذا اذا اشعر بكل هذا التوتر والاضطراب؟..
(لقد وصلنا)
قالها مازن فالتفتت ملاك بحيرة وتطلعت من النافذة الى المشفى.. بهذه السرعة؟.. لم اشعر بالوقت ابدا.. حتى الوقت الذي اقضيه مع مازن يمر بسرعة شديدة.. وكأنه يأبى ان استمتع بلحظات وجودي معه..
وشاهدت مازن في تلك اللحظة وهو يهبط من السيارة ويتجه الى صندوق السيارة ليخرج مقعدها ويدفعه الى حيث بابها.. وقال متسائلا: هل اساعدك؟..
قالت ملاك بخفوت: لقد اعتدت الامر.. ولا حاجة لأن تساعدني ..
قال مازن متسائلا بابتسامة: اليست مساعدتي لك تجعل الامر اكثر سهولة؟ ..
- بلى .. ولكن..
قال مازن وهو يمد يديه لها: من دون لكن.. هيا اعطني يديك لاساعدك..
لماذا دائما تشعر انها مرغمة على فعل ما يريد.. حتى وان كانت ترفضه في اعماقها.. اهو الحب ذلك الذي يجعلها تتصرف حسبما يريد هو ؟..
ومدت له يداها ليساعدها على الجلوس على مقعدها المتحرك.. فقال مازن بهدوء: ارأيت ان الامور هكذا ابسط..
ابسط؟؟.. كلا يا مازن.. هذا بالنسبة لك فقط.. اما انا فأشعر بأن ماس كهربائي قد صعق جسمي بأكمله من لمسة كفيك.. اشعر بأنك قريب مني لدرجة كبيرة حتى اني لا استطيع التفكير في شيء او فعل شيء سوى تحاشي النظر اليك .. وتحاشي تلك المشاعر التي تسيطر على كياني بأكمله عند رؤياك..
اما مازن فقد دفع مقعدها بهدوء ليسير بين ممرات المشفى ومن ثم يتجه الى حيث المصعد ليصعد معها الى الطابق الثالث.. وليتوجه معها اخيرا الى غرفة ابيها.. وهناك قال وهو يميل نحوها وقبل ان يفتح باب غرفته: تماسكي يا ملاك.. وحاولي ان تكوني شجاعة عند رؤيته.. اتفقنا؟..
قالت ملاك بصوت خافت: اجل..
فتح باب الغرفة ودخل معها الى داخل الغرفة وتطلع الى عمه ساكن الجسد الا من صدره الذي يعلو ويهبط.. وقال لملاك بصدق: سوف ينهض عمي وسيكون بخير باذن الله..
قالت ملاك بأمل: اتظن ذلك حقا؟..
اومأ مازن برأسه وقال مبتسما: اتمنى هذا من كل قلبي.. وباذن الله سينهض سالما..
واردف وهو يشير بكفه الى الباب: سأغادر الآن لتأخذي حريتك مع والدك.. وسأكون انا بالجوار.. سترينني عندما تخرجين ..
اومأت ملاك برأسها وقالت: حسنا..
لوح مازن لها بكفه وغادر الغرفة بهدوء.. اما ملاك فقد دفعت عجلات مقعدها لتتقدم من والدها وتمسك بكفه قائلة وهي تشعر بغصة في حلقها:ها قد عدت اليك يا ابي كما وعدتك وانا اعلم جيدا انك ستنهض..وستعود الي من جديد لتقول لي صغيرتي كما اعتدت.. سأظل متمسكة بهذا الامل يا ابي.. لاني لا احتمل فكرة ان ترحل وتتركني في هذه الدنيا وحيدة..
ترقرقت الدموع في عينيها في تلك اللحظة فأسرعت تمسحها قائلة: لن ابكي.. اعلم ان دموعي تؤلمك.. لهذا لن ابكي .. سأكون اقوى لاجلك يا ابي..
وارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها وهي تتطلع الى وجه والدها الذي لا يزال يحمل تلك الوسامة المحببة..على الرغم من انه تخطى سنوات عمره الاربعين .. وقالت: اتعلم يا ابي ما حدث بعد ان علمت بما اصابك..لقد كدت انهار او ربما اجن.. لو لا...
بترت عبارتها والتفتت الى الباب الذي خرج منه مازن منذ قليل وعادت لتلتفت الى والدها لتقول: لولا رحمة الله تعالى..ثم ما فعله مازن معي.. لقد جعلني اعود الى الواقع واتوقف عن صرخاتي التي لم اكن اشعر بها..
واردفت مبتسمة: وكذلك يا ابي.. لقد اهتم بأمري كثيرا .. هو وحده من استطاع ان يجعلني اعود الى وعيي وطبيعتي بعض الشيء..
وتنهدت مستطردة: اعلم انك ستقول ان عليك ان تنسيه.. لان والده كان سببا فيما حدث لنا.. ولكن لا استطيع.. صدقيني يا ابي.. ما فعله معي مازن لا يمكن ان ينسى ابدا..
واستمرت في حديثها مع والدها عن كل شيء حصل معها تقريبا.. كل احلامها وتخيلاتها قالتها له..كل شيء ما عدا حبها لمازن.. اخفته في قلبها.. وهي التي لم تعتد على اخفاء شيءعن ابيها.. لكنها شعرت ان مشاعرها هذه يجب ان تظل سرا في قلبها وخصوصا وهي تعلم أي مشاعر يكنها والدها لمازن..
وقبلت كفه اخيرا بحنان وحب قبل ان تقول: سأعود يا ابي مرة اخرى.. اعدك..
وابتسمت بشحوب مردفة: وانت ايضا انهض.. ولا تكن كسولا هكذا.. لقد نمت بما فيه الكفاية..
عضت على شفتيها بقوة والم..ومن ثم قالت وهي تعود لتقبيل كفه: الى اللقاء الآن يا ابي..
القت عليه نظرة اخيرة قبل ان تحرك عجلات مقعدها بصعوبة لتستدير عنه.. شعرت ان قلبها يكاد ينتزع من مكانه وهي تترك ابيها وتغادر عنه.. تريد ان تبقى معه لوقت اطول.. لكن مازن لا يزال بالخارج ينتظر.. ليس عليها ان تتركه كل هذا الوقت للانتظار.. يكفي انه جاء بها الى هنا بطيب خاطر ..
فتحت باب الغرفة بهدوء.. وتنهدت بقوة.. فقال مازن الذي كان يجلس على احد المقاعد المواجهة للغرفة: هه هل نمضي؟..
لومأت ملاك برأسها بخفوت.. فنهض من مكانه ليدفع مقعدها .. وعينا ملاك لا تفارقان الغرفة التي خرجت منها منذ قليل.. واناملها لا تكاد تبرح عن التمسك بالقلادة التي اهداها لها ابيها في يوم ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
بعيدا عن المشفى .. وفي ذلك المنزل الفخم بالذات.. انطلق صوت ذلك الرجل الذي بدت على ملامحه العصبية وهو يقول: ماذا تقول؟..
قال عادل مبتسما وهو يتحدث اليه عبر اسلاك الهاتف: ماذا بك يا امجد..الم تسمعني جيدا؟.. لقد قلت لك اننا قدمان بعد قليل لخطبة ملاك لأحمد..
قال امجد بحدة: ولم الآن بالذات؟.. لم فكر ابنك احمد بملاك الآن فقط؟..
قال عادل مبتسما بخبث: القلب وما يحب.. منذ ان رآها وهو متعلق بها واخذ يلح علي بالزواج منها..
قال امجد وهو يمط شفتيه: وما ادراه ان ملاك هي ابنة عمه حينها؟ ..
قال عادل بمكر: انا اخبرته.. هل من اسألة اخرى قبل ان آتي الى منزلك؟..
قال امجد بضيق: لا .. على الرحب والسعة..
واغلق الهاتف بضيق وهو يمسك رأسه.. كل شيء توقعه من اخويه.. الا ان يتخذوا هذه الخطوة.. يالهم من ماكرين .. خبثاء.. يريدون ان يزوجوها لاحمد لكي يكون كل شيء في يدهم.. تماما كما ارادوا تزويج خالد من قبل من امرأة تسلب كل املاكه.. لكن خالد استطاع ان يتصدى لهم ولم يهتم بشيء ابدا.. فهل يستطيع هو الآن التصدي لهم والاستغناء عن كل شيء ايضا من اجل ابنة اخيه؟...
انتزعه من افكاره اصوات تأتي من مدخل المنزل .. فالتفت الى مصدر الصوت وشاهد مازن وهو يدفع ملاك .. فتطلع اليه وقال: اين كنت؟..
اجابه مازن وهو يرفع رأسه الى والده: لقد أخذت ملاك لرؤية والدها..
وعقد مازن حاجبيه وهو يلمح الضيق الذي يبدوا على وجه والده قائلا: ماذا بك يا والدي؟..
تطلع امجد الى ملاك بصمت.. ففهم مازن ما يعنيه والده.. فالتفت الى ملاك قائلا: اذهبي انت يا ملاك الى غرفتك..
اومات ملاك براسها.. وانسحبت من المكان.. في حين تقدم مازن من والده وقال متسائلا بقلق: ماذا جرى يا والدي؟..
زفر والده بضيق ومن ثم قال: عمك عادل..
- ماذا به؟..
- لقد اتصل منذ قليل.. وسالني عن احوال ملاك..واخبرني بأنه سيأتي لزيارتي بعد قليل..
قال مازن بلهجة لم تقنعه هو نفسه: ربما من اجل العمل..
قال امجد وهو يبتسم بسخرية: أي عمل هذا الذي سيأتي لأجله مساءا مع ابنه الى منزلي.. ويسال فيه عن احوال ملاك..
تسلل القلق الى صوت مازن وهو يقول: الم تسأله عن سبب زيارته هذه؟؟..
قال امجد وهو يومئ برأسه: بلى سألته .. وقال حينها.. انها سيأتي الى منزلي من اجل...ان يخطب ملاك لأبنه احمد....
قالها وهو يشعر بأنه فجر قنبلة في وجه مازن.. الذي اتسعت عيناه بقوة.. وشلت الصدمة لسانه...



 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 08:26 AM   #30 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5011 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء العشرون
"خطبة"


كان للصدمة اكبر اثر.. تلك التي جعلت مازن يتطلع لوالده بعدم تصديق.. ويعقد حاجبيه في تفكير عميق وهو يحاول استيعاب ما قاله له قبل قليل ..وطال صمته لمدة تزيد على الثلاث دقائق قبل ان يقول متسائلا بصدمة: احمد.. ابن عمي عادل؟..
قال والده بضيق: وهل يوجد غيره؟.. اجل هو ابن عمك..
قال مازن بعصبية: ذلك الاحمق احمد يفكر بخطبة ملاك.. من يظن نفسه؟..
قال امجد وهو يمط شفتيه: ليس المهم من يظن نفسه.. المهم لماذا فكر بخطبة ملاك؟..
قال مازن وعيناه متسعتان: لا تقل لي يا ابي.. انه يفكر بذلك من اجل املاكها..
قال امجد بسخرية: اتظنه اذا حبا فيها؟.. بالتأكيد لم يفكر الا بالمال والاملاك..
قال مازن بحدة: لم اتوقع ان يكون هذا اسلوبهم في الحصول على املاك عمي خالد..
قال امجدوهو مستمر في سخريته: كل شيء مباح بالنسبة لهم.. مادام الهدف هو المال..
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وقال: والعمل اذا يا والدي؟ .. لا تقل لي انك ستوافقهم على مطلبهم..
قال امجد بضيق وتوتر: لن اوافقهم بكل تأكيد .. لكن لست اعلم جيدا بما علي فعله..
قال مازن بحزم: سأرفض انا مطلبهم يا والدي ولن يهمني شيء ..
قال امجد بعصبية خلفها التوتر: لا تتسرع.. ان تسرعنا فسيتخذون أي خطوة اخرى لن يمكننا مواجهتها ابدا..
قال مازن بحدة: اذا نصمت ونترك احمد ليتزوج من ملاك.. بكل هذه السهولة.. ويستولي على كل املاكها..
قال والده بحدة مماثلة: اصمت يا مازن.. فأنت توترني بكلامك هذا.. دعني افكر بهدوء لاجد حلا جيدا..
قال مازن وهو يضغط على حروف كلماته: فكر يا والدي .. ولكن لن يحلم احمد بأن تكون ملاك له ابدا.. نجوم السماء اقرب له من ملاك.. فليفهم ذلك جيدا..
قالها والتفت عن والده مغادرا.. ولكن والده اسرع يناديه قائلا: مازن..
التفت له مازن فاردف قائلا: لا اريد ان يعلم احد عن هذا الموضوع وخاصة ملاك..
قال مازن وهو يمط شفتيه: وهل جننت حتى ازيد مشاكلها وهمومها هما آخر؟..
وكاد ان يمضي في طريقه صاعدا الدرج لولا ان رأى كمال يقف عند احد درجاته وهو يكور قبضتيه بقوة ويقول بصوت حاد: اصحيح ما سمعته؟؟..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: جيد انك علمت بالامر حتى تستطيع ان تعاوننا على مواجهة عمي..
قال كمال بغضب: الم يجد سوى ملاك؟..الم تكفيه الاموال والاملاك التي يمتلكها؟.. ايريد ان يأخذ املاك ابنة عمه ايضا؟ ..
قال مازن وهو يهز كتفيه بضيق: وماذا عسانا ان نقول؟.. سوى انه الطمع والجشع الذي يجعلهم راغبين في المزيد والمزيد من الاموال..
ضرب كمال الجدار بقبضته ومن ثم قال بغضب: مهما فعلوا او سيفعلوا.. ملاك لن تكون لأحمد..
قال مازن بحدة: ومن قال لك اني سأصمت؟.. لن يحلم احمد ابدا بأن تكون ملاك له..
وما ان انتهى من عبارته حتى ارتفع رنين جرس الباب فقال مازن بسخرية: لو ذكرنا قطعة نقدية افضل ..
قال كمال ببرود وهو يهبط درجات السلم: سأذهب لأتفاهم معهم..ولكي يعلموا جيدا ان ملاك ليست سلعة تباع وتشترى..
قال مازن وهو يسير الى جوار كمال الى حيث غرفة الجلوس التي دخل اليها احمد وعادل والدهم منذ قليل: لكن لا تخبر احدا بشيء ابدا.. لا نريد لملاك ان تعلم بالموضوع..
قال كمال ببرود: لا تقلق.. ادرك هذا جيدا..
قالها ودلفا سويا الى غرفة المعيشة.. وهناك التقت انظارهم بعمهم عادل واحمد التي كانت ملامحهم تصف تعبيرا واحدا يعتمل في نفوسهم..الانتصار...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
بعيدا عن الاحداث المتوترة التي بالطابق الارضي.. وفي غرفة مها بالذات التي تطلعت الى الدفاتر والكتب المنتشرة على طاولتها وفراشها وقالت بابتسامة وهي تتحدث الى حسام بالهاتف: اتعلم يا حسام لدي مائة شيء ادرسه وانت لا تكاد تتركني ابدا.. منذ ساعة ونحن نتحدث.. الم تمل بعد؟..
قال حسام بابتسامة: امّل؟..من من؟.. من مها حبيبتي منذ الطفولة؟..
قالت مها بخجل: هذه اول مرة اسمع فيها لقبا كهذا..
قال حسام بمرح: انه لقب مميز لأجلك فقط..
قالت مها بسعادة: لو تعلم كم انا سعيدة يا حسام.. لكن اخشى ان يكون هذا مجرد حلم واستيقظ منه..
قال حسم مازحا: ولم تستيقظين ؟.. ابقي نائمة..
قالت مها مبتسمة: الى متى؟..
- الى مالا نهاية.. او اقول لك.. الى ان آتي لخطبتك مع والدي..
قالت مها ووجنتاها قد توردتا بخجل: ومتى تقكر في ان تقوم بهذه الخطوة؟..
قال مبتسما بمرح: عندما تتطلبين مني انت ذلك..
قالت مها بضيق: مضحك جدا.. لن اطلب ذلك منك ابدا ان اعتمدت علي..
قال حساممصطنعا الحزن: احقا؟.. الا تكترثين باتمام خطبتنا من عدمها؟.. وانا الذي لا انام الليل ولا النهار بالتفكير بك.. تتركيني لكل هذا الشوق لك..
قالت مها مداعبة: لم يطلب منك احدهم الاعتماد علي..
قال حسام بجدية: لكن بحق يا مها.. بعد ان اتخرج سآتي لخطبتك .. لا تقلقي..
واردف بتساؤل: ااسألك سؤالا؟..
- بالتأكيد..
قال مبتسما: اتحبينني؟..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها وترد ببرود: لا..
قال حسام وهو يضحك بمرح: يا الهي .. وانا الذي توقعت ان تجيبيني بنعم..
قالت مها مبتسمة: انها المرة العاشرة التي تسألني فيها ذ ات السؤال ..
- وفي كل مرة تتهربين من الاجابة..
قالت مها بخجل: وما عساي ان افعل؟.. ان كنت اعمى واصم.. لا ترى نظراتي لك.. او تسمع كلماتي التي اوجهها لك..
قال حسام بخبث: لم تقولي ابدا انك تحبيني ابدا.. فكيف تريديني ان اسمعها؟..
قالت مها بمرح طفولي: ولن اقولها.. لا تحلم بسماعها..
قال حسام بترجي: مرة واحدة فقط..
قالت مها وهي تتنهد: حسام .. صدقني.. لا يوجد سواك في حياتي.. انت الوحيد الذي يخفق له قلبي..
واردفت مبتسمة: هل يرضيك هذا لتتركني لأعاود الدراسة؟..
قال حسام مبتسما: نوعا ما.. لكن صدقيني ستقولينها فيما بعد في اليوم الواحد عشر مرات..
قالت وهي ترفع حاجبيها بتساؤل: والسبب؟..
قال وابتسامته تتسع: ستكونين زوجتي حينها..
خفق قلب مها بقوة.. مجرد التخيل بأنها ستكون زوجة لحسام .. يجعل جسدها ينتفض بقوة.. وقالت بارتباك متهربة من الموضوع: اتركك الآن يا حسام.. وعندما انتهي مما علي .. سأتصل بك..
قال حسام بابتسامة ماكرة: الى اللقاء يا حبيبتي..
قالت مها مبتسمة بخجل: الى اللقاء..
واردفت بعد ان انهت الاتصال بصوت حالم: يا حبيبي..
ولكنها لم تلبث ان افاقت من افكارها حول حسام.. على مشهد الكتب والدفاتر المتناثرة.. فقالت بتعب: يا الهي.. كل هذا بسببك يا حسام .. متى سأنتهي الآن ؟..
وابتسمت مردفة وهي تدس اصابعها بين خصلات شعرها المموج: لكن صدقني.. كل شيء لأجل عينيك يهون...
وعادت لتغرق في بحر حبها واحلامها مع حسام.. ولا احد سواه.. ترى ما الذي تخفيه لك الايام يا مها؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان الجو متوترا في غرفة الجلوس.. الا من عادل وابنه احمد اللذين كانا يبدوان واثقين من كل كلمة سينطقانها.. وابتسم عادل قائلا وهو يتحدث الى امجد: انت تعلم لم أتينا الى هنا يا امجد.. فأخبرني برأيك..
ندخل مازن في الحديث قائلا: لم يمضي اسبوع بعد على ما حدث لعمي خالد.. وجئت على الفور لتخطب ابنته..
التفت له امجد وتطلع اليه بنظرة حادة حتى يصمته.. في حين قال عادل مبتسما بمكر: ولقد جئت في هذا الوقت بالذات متعمدا.. فابنته تحتاج لمن سيكون الى جوارها..
قال كمال ببرود: جميعنا الى جوارها يا عمي.. لا نتركها لحظة واحدة..
قال عادل بثقة: ولو .. فهي لا تزال تحتاج لرجل يكون الى جوارها.. رجل تثق به ويكون لها مصدر الامان..
قال مازن بسخرية: وابنك هو هذا الرجل؟..
قال عادل بحزم: بكل تأكيد لن تجدوا افضل من احمد زوجا لملاك..
قال امجد بهدوء: الامر ليس في يدنا.. سنأخذ رأي ملاك ونجيبكم..
قال عادل مبتسما بانتصار: بكل تأكيد خذوا وقتكم ..
اما مازن فقد تطلع الى والده بغير تصديق.. اوافقم على مطلبهم بكل هذه السهولة.. ويقول انه سيسأل ملاك ايضا.. وسمع والده يقول في تلك اللحظة: امنحونا فرصة على الاقل اسبوعين حتى نفاتحها في الموضوع .. فكما تعلم جيدا.. لا تزال حزينة على ما اصاب والدها ..
قال عادل بهدوء: اتفهم ذلك.. ولا اظن انها سترفض ابني احمد ابدا..
قال مازن بسخرية: ولم لا؟.. انه لم يأخذ شهادته الجامعية بعد..
تحدث احمد هذه المرة قائلا بحدة: وسآخذها قريبا.. لم يبقى لي سوى عام ونصف..
قال كمال ببرود: اذا لم لم تأتي بعد عام ونصف لخطبتهاحتى تكون موظفا على الاقل؟..
قال احمد بلامبالاة: وظيفتي جاهزة في شركة والدي.. فلم اتعب نفسي في الدراسة.. وفي انتظار الوظيفة..
قال مازن بابتسامة ساخرة: ذكي بحق..
عقد احمد حاجبيه لكنه لم يعلق .. في حين قال عادل وهو يشرب العصير الذي امامه:المهم يا امجد.. انتظر ان تحادثني عندما ترد عليك ملاك بجوابها..
قال امجد بهدوء: سأفعل بكل تأكيد..
قال عادل في تلك اللحظة: نستأذن نحن اذا..
- لا يزال الوقت مبكرا..
- لدي الكثير من الاعمال كما تعلم.. هيا يا احمد..
نهض عادل وكذلك احمد مغادرين .. وبعد ان اوصلهم امجد الى الباب .. عاد ليرى نظرات مازن المستنكرة وجمود كمال .. وبدء مازن حديثه قائلا باستنكار وحدة: كيف؟.. كيف يا والدي توافق على مطلبهم وانت تعلم مسبقا نواياهم؟..
قال امجد وهو يحاول ان يشرح لهم الامر: انا لم افعل هذا الا من اجل مصلحة ملاك.. ولأنه الحل الوحيد..
قال كمال بدهشة واستنكار: الحل الوحيد ان توافق يا والدي؟؟ ..
قال امجد بعصبية: انطقت بكلمة موافقة واحدة؟.. الم اقل اني سأسأل ملاك وحسب؟..
قال مازن متسائلا بشك: الا يعني ذلك موافقتك يا والدي؟..
قال امجد وهو يلوح بكفه: لا.. وسأخبركم لم فعلت هذا..انتم تعلمون جيدا انهم متمسكين بملاك بايديهم واسنانهم بسبب املاكها..لهذا لو انني رفضت.. سيحاولون ايجاد الف طريقة اخرى توصلهم الى ملاك..
ضيق مازن عينيه وقال وهو يحاول استيعاب ما قاله والده: اتعني ان نجاريهم فيما يقولونه وحسب؟..
قال امجد في سرعة: اجل.. سنمثل عليهم الموافقة.. حتى يعتقدون انهم سيصلون الى ما يبتغون.. وفي هذه الفترة سنحاول نحن البحث عن حل آخر..
قال كمال بهدوء: ارى ان الحل الوحيد يا والدي هو مواجهتهم ..
هز امجد رأسه نفيا ومن ثم قال: خطأ.. لو اننا رفضنا وواجهناهم بحقيقة مطلبهم.. سيؤدي ذلك الى كشف كل الاوراق.. وبالتالي سيتخذون احتياطاتهم ويقومون بالتفكير في وسيلة اكثر خبثا ودهاءا للاستيلاء على كل قطعة نقدية تمتلكها ملاك.. لكن في هذه الحالة.. يمكننا نحن ايضا التفكير بهدوء ريثما نجد حلا لحماية ملاك وايقاف ما يخططون له..
نهض مازن مكانه وقال بملل: وكاننا نتحدث عن اعداء لا عن اقاربنا..
قال امجد باسف: للاسف يا مازن.. النقود اعمت بصيرتهم وجعلتهم لا يكترثون لاي صلة قربى مادام الهدف هو المال في النهاية..
قال مازن وهو يتطلع الى والده: وانت يا والدي..الم تفعل المثل مع عمي خالد؟..
قال امجد مدافعا عن نفسه: لم افعل.. لقد خشيت على مستقبلكم فحسب ان وقفت في صف خالد يومها..
هز مازن كتفيه وقال بسخرية مريرة: واخشى ان يعيد التاريخ نفسه هذه المرة ايضا.. وتتخلى عن ابنته لأجل خوفك على شركاتك ومستقبلنا كما تقول..
قال امجد بحدة وعصبية: كيف تسمح لنفسك ان تحدثني بهذه الطريقة يا مازن.. انسيت اني والدك؟..
قال مازن بهدوء: المعذرة يا والدي..لكني اردت ان انبهك للحقيقة فحسب.. وان لا تعيد ما فعلته في الماضي مع ابنته ملاك ..
- يومها كنتم صغارا.. وكنت في بداية طريقي كرجل اعمال واحتاج لمعاونة عادل وفؤاد..
قال كمال هذه المرة: ولا زلت تحتاجها يا والدي..لكن كل ما نطلبه منك..ان تحاول مساعدة ابنة اخيك الذي لم تستطع معاونته في السابق.. على الاقل حاول ان تفعل شيئا لأجله..
توجهت نظرات امجد الى كمال وقال بحدة: الديكما المزيد؟ .. اهذا ذنبي لاني اردت لكما حياة افضل؟.. انظرا كيف تعيشان .. انظرا الى المنزل الذي قضيتما حياتكما فيه .. انظرا الى السيارات التي تقودونها.. ايعجبكم ان تعيشوا حياة بسيطة كحياة خالد؟..
وقبل ان ينطق احدهما نقل بصره بين مازن وكمال وقال بحدة: لا اريد كلمة اخرى.. ملاك لن تتزوج من احمد وسأجد حلا لهذا الامر..
قالها ومضى عنهم .. اما مازن وكمال.. فقد تسلل القلق اليهما.. فهل يمكن لوالدهما الذي تخلى عن شقيقه في الماضي من اجل ان لا يفقد جزءا من ثروته.. ان يستطيع ايجاد حل لمنع هذه الزيجة؟؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تنهدت مها بتعب بعد ان انتهت من اكمال ما عليها.. وتطلعت الى ساعة يدها لتقول بضجر: ثلاث ساعات كاملة.. يا الهي ..
واردفت مستغربة: لكن لم لم يحاول احدهم ندائي لطعام العشاء؟.. ربما قد انشغلوا.. ربما..
اسرعت تضع كتبها في ركن ما من الطاولة وتغادر غرفتها .. لتهبط منها الى الطابق الارضي وهناك استغربت الهدوء التي تبدوا عليه الردهة وكذلك عدم وجود احد بها.. حتى طاولة الطعام لا يوجد عليها أي دليل يدل على انهم قد تناولوا طعام العشاء.. الامر غريب بالفعل..
توجهت الى غرفة ملاك لتطرق الباب.. وعندما أتاها صوت ملاك يدعوها للدخول.. دخلت الى الغرفة وقالت باستغراب: ملاك.. لم لم تخرجي لتناول طعام العشاء؟..
قالت ملاك بحيرة: لم يقم احدهم بندائي لتناول العشاء.. لقد ظننت انهم منشغلين بأمر ما..
قالت مها بحيرة مماثلة: وهذا ما يثير حيرتي.. لقد مضت ساعة على موعد العشاء ولم يحاول احدهم حتى ندائنا.. اتعلمين بم حصل؟ ..
قالت ملاك وهي تحاول التذكر: عندما عدت من المشفى مع مازن .. شاهدت عمي وعلامات الضيق بادية عليه.. وكأنه ارادا ان يتحدث مع مازن في موضوع ما.. فقد طلب مني مازن حينها العودة الى غرفتي..
قالت مها وهي تهز كتفيها وتجلس على الفراش: شيء ما قد حدث ولا يريدون ان نعلم به..
واردفت مبتسمة: لكن لا يهم.. فلنتناول نحن طعام العشاء .. سأطلب من الخادمة اعداده.. تعالي معي الى الخارج..
ترددت ملاك قليلا ثم لم تلبث ان تبعتها الى الخارج .. وهناك طلبت مها من الخادمة ان تعد لهم طعام العشاء وعندما سألتها عن والدها وشقيقيها.. قلات الخادمة: لقد جاء السيد عادل وابنه السيد احمد منذ قليل.. وبعد مغادراتهم توجه سيدي امجد الى مكتبه.. والسيد كمال اظن انه قد غادر المنزل.. ولست اعلم اين السيد مازن بعد..
اومأت مها برأسها ومن ثم قالت وهي تجلس خلف طاولة الطعام: شيء ما قد حدث ولا نعلم به..وربما يتعلق بعمي عادل..
قالت ملاك وهي تقترب بمقعدها من الطاولة بدورها وتجلس خلفها: اسألي ابيك او مازن عندما ترينهما..
قالت مها وهي تزفر بحدة: لا نعلم اين هو مازن بعد؟..
قالت ملاك بقلق: ربما غادر المنزل..
هزت مها كتفيها وقالت: ربما..
وانطلق فجأة رنين هاتف مها معلنا وصول رسالة قصيرة.. فالتقطته وفتحت الرسالة التي كانت تقول ..((الم تنتهي بعد؟ .. اشتقت اليك..))
ابتسمت مها بخجل ولاحظت ملاك ذلك.. واجابته الاولى برسالة تقول..(( بلى ولكني اتناول طعام العشاء الآن.. سأتصل بك بعد ان انتهي))..
جاءتها رسالة حسام على الفور..(( كيف لي ان اصبر كل هذا الوقت؟.. فليكن سأصبر لكن بشرط.. تناولي طعامك بسرعة))
ضحكت مها بخفوت .. وابتسمت ملاك وهي تراها تضحك هكذا.. هذه الايام ترى مها سعيدة جدا .. وتشعر انها تكاد تقفز بمرح وسعادة..احست ان مها قد تغير فيها شيئا ما.. اختفت نظرات الحيرة والقلق من عينيها.. لتحل محلها نظرات حالمة وسعيدة.. تشعر ان الامر يتعلق بحسام و ...
( دائما مجنونة يا شقيقتي)
التفت ملاك الى صاحب الصوت بحدة.. اما مها فقد رفعت رأسها فجأة وتطلعت الى مازن بتوتر.. واردف هذا الاخير بسخرية وهو يجذب له المقعد المجاور لملاك:اليوم تبتسمين لهاتف .. وغدا ماذا ستفعلين؟..
قالت مها وهي تخرج لسانها له بضيق: لا شأن لك.. افضل من ان ابتسم لك..
اما ملاك فقد توترت اطرافها .. لماذا يتعمد الجلوس بالقرب مني؟.. الا يعلم ان هذا يوترني؟.. يجعلني لا اشعر بشيء مما حولي .. سوى صوت انفاسي وضربات قلبي التي تكاد تكون مسموعة للجميع..
اما مها فقد تطلعت اليه وقالت وهي تعقد حاجبيها: ماذا بك يا مازن؟..
قال مازن وهو يحاول ان يخفي قلقه: لاشيء..
قالت مها متسائلة بتوتر: حتى كمال لا اراه بالمنزل.. ما الذي يجري؟..
لوح مازن بكفه وقال: لاشيء.. فقط مشكلة بالعمل ان كان الامر يهمك..
قالها وهو يلتقط طبقا ويضع فيه عدة اصناف من الطعام.. واخذ يختلس بين الحين والآخر النظرات لملاك.. لا يمكنه ان يحتمل فكرة ان تكون كل هذه البراءة والرقة والطيبة لأحمد.. كيف يمكنه ان يتخيل ان تكون ملاك هذه الفتاة الصغيرة التي لا تملك اقل الخبرة من الحياة تحت ايدي وسلطة اعمامه؟.. يستغلونها ويخدعونها كما يشاؤون مستغلين وضعها هذا وعدم خبرتها بالحياة..كيف له ان يحتمل ان تذبل هذه الوردة المتفتحة؟ .. مهما كان او سيكون انها ابنة عمه ولن يسمح ان تكون لذلك الخبيث احمد.. لن يسمح بهذا..
اما مها فقد لاحظت شروده وقالت متسائلة: ليس من عادتك ن تصمت دون ان تسخر مني..
التفت لها مازن وقال بابتسامة باهتة: يبدوا وان سخريتي تفرحك كثيرا ..
قالت ملاك في تلك اللحظة: حقا يا مازن.. ليست عادتك ان تظل صامتا لفترة هكذا.. ما الذي جرى؟..
تطلع مازن لملاك .. لا يمكنني اخبارك يا ملاك.. ولست احمقا لافعل.. اتضايق وحدي مرة.. افضل من ان تعاني انت آلاف المرات بعد ان تعلمي بالامر...
وقال اخيرا وهو يزفر بحدة: لا شيء .. مشكلة في العمل كما اخبرتكما..
قالت مها بشك: ومنذ متى تهتم بالعمل؟..
قال مازن بعصبية: منذ هذه اللحظة..
استغربت كلتاهما عصبيته.. وظلتا صامتين لفترة من الوقت .. ولكن تساءلت ملاك بعدها بصوت خافت: هل لي بسؤال؟ ..
التفت لها وقال مبتسما: بكل تأكيد يا ملاك..
تحاشت نظراته اليها وقالت متسائلة: اين كنت؟.. لقد قالت الخادمة انها لا تعلم بمكانك ..
اشار مازن الى الخارج وقال وهو يهز كتفيه : في حديقة المنزل ..
قالت مها مستغربة: وماذا تفعل هناك؟..
غمز لملاك بعينه وقال مبتسما: اراقب الطيور واتحدث الى الزهور..
ارتفع حاجبا ملاك بغرابة وقالت بحيرة: ماذا؟..اتعني ما تقول؟ ..
اخرج من جيب سترته زهرة بيضاء اللون وقال بابتسامة واسعة: اجل وهذا هو الدليل..
وحركها بين انامله ليقول بابتسامة مردفا: انها تشبهك يا ملاك.. لهذا قطفتها..
تطلعت له مها باستغراب.. فلأول مرة في حياتها ترى شقيقها على هذا النحو من الرقة والحنان.. اما ملاك فقد قالت باستغراب: تشبهني؟.. ماذا تعني؟..
داعب الزهرة بأنامله وقال بابتسامة: اجل تشبهك.. انظري اليها كيف هي ناصعة البياض.. نقية ..صافية.. لم تشوبها أية الوان .. ولم تلوثها ذرات الغبار بعد..
تطلعت له ملاك بخجل ومن ثم قالت بصوت خافت: في الحقيقة لم افهم سوى نصف ما قلته..بشأن الشبه بيني وبين هذه الزهرة..
ابتسم مازن بحنان وقدم لها الزهرة قائلا: ولهذا هي تشبهك..
قالت مها بضيق: مازن .. الا ترى انك قد تجاوزت حدودك؟ ..
قال مازن وهو يرفع رأسه لمها: لا ..لا ارى شيئا.. انني اهدي ابنة عمي زهرة فحسب..
صمتت مها بحنق وضيق.. اما ملاك فقد ابتسمت بارتباك وخجل وهي تلتقط الزهرة منه.. هذه الزهرة الثانية التي يهديها لها .. وستضعها في ذات الرواية ايضا..
( هل تأخرت؟)
التفت مازن لكمال الذي اقترب من طاولة الطعام لتوه وقال بابتسامة: ليس شيئا غريبا عليك ان تتأخر..
قال كمال وهو يجذب له مقعدا خلف الطاولة: اين والدي؟..
قال مازن مجيبا: ربما كان في غرفة المكتب..
تسائلت مها قائلة في تلك للحظة: كمال .. اين كنت؟..
لوح كمال بكفه ومن ثم قال: خرجت لاستنشق بعض الهواء ليس الا..
نقلت مها بصرها بين مازن وكمال وقالت وهي تضيق عينيها: شيء ما قد حدث .. ولا تريدون اخبارنا به.. اليس كذلك؟ ..
قال كمال ببرود: وما شأنك انت في مواضيع تخص عمل والدي ..
قالت مها بضيق: لن تكذبا علي .. الامر لا يتعلق بالعمل.. والا ما دخل كمال به..
قال كمال مجيبا: لقد بدأت بالعمل مع والدي ان كنت لا تعلمين..
زفرت مها بضيق ولكنها لم تلبث ان قالت في حنق: لن اسألكما اكثر من هذا.. لقد مللت.. سأتناول طعام العشاء واذهب الى غرفتي..
قال مازن بابتسامة ساخرة: افضل بكثير.. لنرتاح من ازعاجك لنا ..
لكنها ادركت ان هناك امر ما يخفيانه حقا.. وهذا الامر يتعلق بملاك ايضا.. وخصوصا وهي تلمح نظرات مازن وكمال التي يختلسونها لملاك بين الحين والآخر ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
صبي في الثالثة عشرة من عمره يتطلع باستغراب الى طفلة جالسة على مقعد ذو عجلات.. وتطلع الى الطيور التي تحلق في السماء بابتسامة مرحة وسعيدة..ويتقدم منها قائلا بحيرة: من انت؟..
انتفضت الطفلة عندما انتبهت لوجوده لتوها .. وسقطت دميتها من بين يديها.. فابتسم بهدوء وهو يلتقط الدمية ويعيدها اليها قائلا: خذي دميتك..
قالت بابتسامة مرتبكة: شكرا لك...


افاق مازن فجأة من احلامه على صوت رنين المنبه المزعج ..وتطلع اليه بعين مغلقة واخرى مفتوحة.. قبل ان يتثاءب ويقول وهو يزيح الغطاء عنه: متى سأنتهي من هذا العمل؟..
لم يهتم كثيرابالحلم الذي رواده في نومه .. ظنا منه انه مجرد اضغاث احلام كما يقولون.. وان بدا له وجه الطفلة مألوفا له وبشدة وكأنه قد رآه من قبل..
نهض متوجها الى دورة المياه.. ليستعد بعدها ويستبدل ملابسه ..ومن ثم يقوم بترتيب خصلات شعره.. قبل ان يضع هاتفه المحمول ومفتاح السيارة في جيب سترته.. وبعدها يغادر غرفته.. هابطا الى الطابق الارضي.. وهناك توجه في سرعة الى طاولة الطعام التي كانت تجلس عليها مها وحدها.. وقال مبتسما: هه.. تبدين سعيدة بهذه الابتسامة التي تحتل وجهك منذ الصباح على غير العادة؟..
قالت مها وهي تتناول طعامها: هذا امر لا يعنيك..
لكن سبب سعادتها كان لقاءها بحسام عند وصولها الى الجامعة ..ستراه.. وستتحدث اليه.. وتشعر بمشاعره الموجهة لها .. وبكل نظراته التي يتطلع بها اليها.. نظراته هذه المرة ستكون مختلفة.. ليست نظرات حسام ابن خالها.. حسام المهتم لأمرها..بل نظرات حسام الذي يحبها..وتحبه...
اما مازن فلم يهتم بأمرها بل اخذ يشرب عصير البرتقال على وجه السرعة ويتناول قطعة من البسكويت ويقول وهو ينهض من مكانه: سأغادر الآن.. اتريدين شيئا؟..
اجابته مها بهدوء: لا..
غادر طاولة الطعام في سرعة ليسير عبر ممرات الردهة وهناك .. شاهد والده وهو يخرج من المكتب.. فقال مستغربا: الم تغادر بعد يا والدي؟..
قال امجد وهو يتطلع اليه: جيد انك لم تذهب بعد.. تعال الى غرفة المكتب اريد ان اتحدث معك..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: ما الامر يا والدي؟..
قال امجد وهو يشير له الى غرفة المكتب: ادخل اولا.. وسأخبرك بكل شيء..
دلف الى الغرفة وهو مستغرب من استدعاء والده له.. وهو الذي اعتاد ان يتلقى الاوامر منه فحسب دون مناقشته في أي شيء ..وقال امجد في تلك اللحظة: لقد فكرت طويلا في موضوع خطبة ملاك لأحمد.. وقررت ان اجد حلا يحمي ملاك من استغلال عادل وابنه .. ولكن...
عقد مازن حاجبيه بترقب.. وانصت باهتمام..في حين اكمل امجد قائلا وهو يتطلع اليه: ولم اجد سوى حلا واحد يمنع هذه الزيجة..
ارتخت عضلات مازن لان والده لم يحاول الخضوع لطلب عادل ..وقال متسائلا باهتمام: وما هو هذا الحل في رأيك يا والدي؟ ..
قال امجد وهو يضغط على حروف كلماته: ان تتزوج ملاك من شخص آخر وبهذا اضمن ان تكون زوجة لشخص آخر- غير احمد- وتحت حمايته ولا يمكن لاحدهم بعدها ان يستغلها او يطالب بقطعة نقدية واحدة من اموالها..
وقبل ان يفيق مازن من دهشته مما قاله.. وقبل ان ينطق بكلمة واحدة .. قال والده مردفا بحزم وهو يشير اليه: وهذا الشخص سيكون انت... يا مازن...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:47 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0