close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ > ڪآن يآمآ ڪآن > للروايات المكتمله


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-29-2012, 12:42 AM   #11 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الرابع
" لماذا؟"


(لم يحضر كمال على العشاء أيضا)
قالها امجد وهو يجلس حول مائدة الطعام وتبدوا على ملامحه العصبية.. واردف بحدة: الى متى سيستمر هذا الشاب في تصرفاته؟..
قال مازن بهدوء: لا عليك يا والدي.. سيأتي بعد قليل..
انفعل والده وقال: منذ نصف ساعة وانت تقول لي مثل هذا الكلام.. لو كان سيأتي لجاء مبكرا..
واردف قائلا: اتصل به بسرعة واطلب منه ان ياتي فورا..
- حسنا يا والدي سأفعل.. اهدئ انت فقط..
نهض مازن من مكانه واتجه الى الطاولة الصغيرة القريبة من المائدة ليلتقط هاتفه المحمول ويتصل بكمال.. اما ملاك فقد استمرت في تحريك الملعقة كعادتها في الطبق دون هدف.. فقالت مها بعطف: ملاك .. لماذا لا تأكلين؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة وهي ترفع رأسها الى مها:من قال هذا؟..
قالت مها وهي تشير الى طبقها: طبقك المليء بالطعام..
تركت ملاك الملعقة من يدها وقالت وهي تتنهد: لا اشعر برغبة في ذلك..
قالت مها متسائلة: ولماذا؟.. ان كان والدك هو السبب.. فقد اتصل بك اليوم وتحدث اليك كما وعدك..
قالت ملاك بصوت خفيض وهي تتطلع الى نقطة وهمية: ليس الامر سهلا كما تظنين.. ان فراق ابي يعني لي فراق العالم بأسره.. اني لا اعرف احدا سواه..
قال مازن الذي سمع صوتها على الرغم من انخفاضه: وماذا عنا.. الا تعرفينا ايضا؟..
قالت ملاك وهي تلتفت له: ولكن ليس مثل ابي..
هز مازن كتفه وسار ليكمل طريقه ولكنه اصطدم بالملعقة المجاورة بملاك دون قصد.. فانحنت ملاك لتلتقطها.. ولكن مازن كان الاسرع الذي انحنى وقال بابتسامة وهو يعيد وضع الملعقة على الطاولة وينهض واقفا : لا تتعبي نفسك..انا من أسقطها وانا من عليه ان يحضرها..
وجدت ملاك نفسها تزدرد لعابها وتقول بصوت خافت: شكرا لك..

((خذي دميتك))
((شكرا لك))

دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وهو يحاول فهم مادار بذهنه.. أي كلمات تلك التي مرت بباله.. ومن قالها؟.. أيكون هو؟.. ولماذا قالها ومتى؟.. ولماذا جالت بذهنه الآن؟..لم يستطع الاجابة على أي من تساؤلاته وهو يعود الى مقعده.. ويلتقط الملعقة ليتناول طعامه من جديد..ولكن.. لماذا لم تدر هذه الكلمات في ذهنه الا عندما جاءت ملاك الى منزلهم؟.. لماذا؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جلست مها في غرفتها بعد العشاء وهي تشعر بالتعب وهي ترى أكوام الكتب امامها على الطاولة.. وقالت بضجر: لقد تعبت..
واردفت بسأم: لا اعرف حل لهذه المعادلة الحسابية.. لقد سأمت..
نهضت من على المقعد ورمت بنفسها على الفراش بتعب.. واخذت تفكر بأي شيء غير الكتب التي لا تزال مفتوحة .. وفجأة قالت بابتسامة: ربما كان حسام يعلم حل هذه المعادلة..
وكأنها لم تكن تريد الا أي حجة لتتصل به.. فالتقطت هاتفها المحمول واتصلت به قائلة بابتسامة: الو .. اهلا حسام كيف حالك؟..
عقد حسام حاجبيه وقال: انا بخير.. ماذا بك يا مها ولم تتصلين في هذه الاثناء..
قالت مها وهي تتوجه نحو الطاولة وتجلس خلفها: لدي معادلة حسابية ولا اعرف حلها.. ولم اجد سواك ليساعدني على ذلك..
قال حسام بابتسامة: مها.. ماذا جرى لك؟ .. انسيت ان تخصصي مختلف تماما عنك؟..
قالت مها وهي تلتقط قلمها وتقلبه بين اصابعها: لم انسى.. ولكن..لم اجد من يساعدني سواك..
ادرك حسام منذ البداية انها لم تتصل من اجل المعادلة الحسابية وقال بمكر: ومن قال لك اني اعرف حل هذه المسائل؟..
قالت بابتسامة: لقد حللت معي سابقا مسألة مماثلة لها..
قال حسام وهو يجلس على طرف فراشه: مشكلتك انك لا تعرفين التمثيل والكذب..ولكن لا يهم اخبريني الآن بما عندك..
اخبرته مها بالمسألة.. فحاول ان يشرح لها طريقة حلها بهدوء.. اما الاولى فقد كان اعجابها به يزداد.. لقد كانت معجبة به منذ ان كانت طفلة ..لا تنكر هذا.. وتولد شعور بداخلها تجاهه مع الايام كلما يأتي الى منزلهم من اجل مازن او كمال.. كانت تلعب معه احيانا وهي صغيرة..واحيانا اخرى كانت تلعب معه هو واخوتها.. وحتى عندما كان كمال يرفض اشراك فتاة في اللعب.. كان حسام يدافع عنها.. منذ ان كانت طفلة وهي تراه فارس احلامها الذي يذود عنها..ولكن.. مشكلتها هي انها لا تعرف مشاعر حسام تجاهها.. احيانا تشعر به يهتم بها.. واحيانا يعاملها كأخت له تماما.. ولكن لم تعلم ابدا بما يخفيه في قلبه.. واذا كان يحمل لها ذات الشعور الذي تحمله له..
وقال حسام عندما انتهى من شرح الحل لها: والآن هل فهمت الطريقة..
قالت بتأكيد وثقة: بالطبع ما دمت قد شرحتها لي..
قال حسام بهدوء: حسنا اذا ما دام الامر كذلك.. فالى اللفاء..
اسرعت تقول: حسام انتظر..
قال حسام بابتسامة: منذ البداية وانا انتظر الموضوع الاساسي لاتصالك.. اخبريني ما هو؟..
ازدردت لعابها وقالت : الموضوع الاساسي؟.. لا يوجد أي موضوع اساسي.. فقط أردت ان أسألك ان كنت ستأتي غدا لمنزلنا ام لا..
قال حسام متسائلا: وما الداعي لحضوري؟..
مطت مها شفتيها وقالت: لا يوجد أي داع ابدا.. الى اللقاء..
قال حسام بابتسامة واسعة: اراك في النادي اذا.. الى اللقاء..
انهت مها المكالمة لتضع الهاتف على الطاولة ومن ثم تعود لترمي بنفسها مرة اخرى على الفراش.. وقالت وهي تتنهد: احيانا اتخيل او ربما اتوهم انك تحمل لي مشاعر ما في قلبك يا حسام ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت ملاك من نافذة غرفتها الى النجوم المتلألأة في السماء.. والتي بدت كماسات تبرق في ثوب الليل الممتد بلا نهاية ..كانت شاردة الذهن.. تفكر في اشياء كثيرة.. ولكن محور تفكيرها كان ابيها..واطرقت برأسها للحظة لتتطلع الى القلادة التي حول عنقها.. كانت على شكل قلب يتوسطه قلب متأرجح.. كانت القلادة التي اهداها لها والدها ذلك اليوم..
شعرت بملل شديد وهي لا تشعر بأي رغبة في النوم.. خصوصا وان المكان غريب عليها ولم تعتد النوم الا في منزلها وفي غرفتها..القت نظرة سريعة على ساعة يدها التي كانت تشير عقاربها الى الثانية بعد منتصف الليل.. وتنهدت قائلة وهي تتطلع الى السماء من جديد: يا لهذا الليل الطويل.. متى تشرق الشمس؟ ..
حركت عجلات مقعدها الى حيث حقيبتها.. وتطلعت الى مجموعة من الكتب والروايات التي جلبتها معها الى هنا.. ولكنها لم تشعر بأي رغبة في القراءة..لذا وجدت نفسها تحرك عجلات مقعدها من جديد الى الباب ومن ثم تحرك مقبضه وتدفعه بهدوء..وتخرج الى الردهة التي كانت اشبه بصورة ثابتة.. لا يتحرك فيها أي شيء.. ولا يسمع فيها أي صوت سوى صوت انفاسها .. ودارت بعينيها في ارجاء الردهة قبل ان تحرك عجلات مقعدها وهي تشعر بالخوف.. الخوف من الوحدة.. الخوف من الظلام.. الخوف من كل شيء.. ووجدت قبضتاها تنقبضان على عجلتي المقعد.. تمالكت نفسها وحاولت ان تهدئ نفسها .. وهي تردد ان ليس هناك ما يخيف.. فالصمت يعم ارجاء المكان و...
وبغتة سمعت صوت ما..صوت حركة ما.. فانتفضت بقوة .. وسرت في جسدها ارتجافة خوف..وهي منكمشة في مكانها لا تقوى على الحراك.. ودون ان تحاول رفع عينيها .. سمعت الباب الرئيسي للمنزل يفتح.. ازداد خوفها وهي نخشى ان يكون القادم لصا.. حاولت العودة من حيث أتت.. ولكن يداها لم تطيعاها في تحريك عجلتي المقعد.. رفعت عيناها بخوف وهي تزدرد لعابها وشاهدت ذلك الظل الاسود يدخل الى لمنزل بهدوء شديد ..وبينما هو يسير الى حيث الدرج.. التفت بغتة الى اليسار.. الى حيث تجلس ملاك! ..وهنا اخذ قلب ملاك يخفق بقوة وخوف وشعرت بانمالها ترتجف ..ولكن سمعت صوت ذلك الظل فجأة وهو يقول: من هناك؟..
ارتجفت مرة اخرى.. ولكن تذكرت انها سمعت هذا الصوت من قبل وانها تذكره.. رفعت رأسها الى الواقف عند السلم وقالت وهي تزدرد لعابها بتوتر: انا..هل انت كمال حقا؟..
تنهد كمال وقال: لقد ظننت ان هناك متسللا دخل الى المنزل..
وابتسم بسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( مع اني حالك لا يختلف كثيرا)..
في حين قالت ملاك وهي تحاول تمالك اعصابها: لقد ظننت الشيء ذاته عندما رأيتك تدخل الى المنزل..
قال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: ما الذي يبقيك مستيقظة حتى هذه الساعة المتأخرة؟..
زفرت ملاك بحدة وقالت: انه الارق.. وانت اين كنت حتى هذه الساعة المتأخرة؟..لقد سأل والدك عنك كثيرا..
التفت كمال عنها وقال بلامبالاته المعهودة: اهتمي بشؤونك ولا تتدخلي في خصوصيات غيرك..
ارتفع حاجبا ملاك بمزيج من الدهشة والالم وتطلعت اليه للحظة قبل ان تقول وهي تطرق برأسها بمرارة وتدير عجلات مقعدها: معك حق.. لم يكن علي التدخل في خصوصيات الغير..
قالتها وتوجهت الى غرفتها.. واغلقت الباب خلفها بقوة.. وقالت بمرارة وهي تشعر بغصة تملأ حلقها: ما الذي فعلته له حتى يعاملني هكذا؟.. ما الذي فعلته؟..
ووجدت نفسها تتوجه نحو السرير وهي تشعر بدموعها تترقرق في عينيها.. وترفع جسدها من المقعد بالم ومرارة.. عضت على شفتيها وهي تجد نفسها تفشل في رفع جسدها فقالت بعصبية: لماذا؟..لماذا؟.. تبا.. تبا..
نجحت أخيرا وارتفع جسدها لتجلس على الفراش وتترك لجسدها الفرصة ليرتاح.. تنهدت بحزن قبل ان تلقي برأسها على الوسادة..وعلى الرغم من حزنها وجدت نفسها تغط في النوم.. نوم عميق وبلا أحلام...
ولكن اسمحوا لي ان اقول لملاك..انها البداية فقط.. وان ما تراه اليوم.. هو ابسط شيء قد يواجهها في حياتها هذه المليئة بالصراعات...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ضوء الشمس القوي سقط على عيني ملاك.. ليجعلها تعقد حاجباها بقوة .. ومن ثم تغطي وجهها بالغطاء وهي تقول وهي تشعر بالنعاس: اريد ان انام يا ابي..
شعرت نادين التي فتحت ستارة الغرفة بالاشفاق تجاهها وهي تسمعها تقول عبارتها تلك.. وقالت بصوت هادئ: آنستي انها الساعة العاشرة.. الن تستيقظي؟..
قالت ملاك وهي تتثاؤب: لا .. انا متعبة لم انم امس الا في ساعة متأخرة..
قالت نادين متسائلة: ولماذا؟..
فتحت ملاك احدى عينيها وقالت وهي تبعد الغطاء عن وجهها: لقد شعرت بالارق ولم استطع النوم و...
بترت ملاك عبارتها وارتسم على ملامحها الحزن وهي تتذكر ما حصل بالامس والكلمات التي قالها لها كمال..ولكن نادين لم تنتبه لذلك وهي تقول بابتسامة: ذلك لانك لم تعتادي النوم هنا بعد.. والآن هيا استيقظي..
قالت ملاك وهي تعتدل في جلستها: اخبريني اولا من يوجد بالمنزل؟..
قالت نادين وهي تقترب منها وتضع الوسادة خلف ظهرها: لا احد يا آنستي سواك انت وانا و الخدم..
قالت ملاك بدهشة: واين ذهب الجميع؟..
قالت نادين بهدوء: السيد امجد والسيد مازن غادرا الى الشركة منذ الساعة الثامنة صباحا.. اما السيد كمال والآنسة مها فقد ذهبا الى الجامعة منذ ساعة..
قالت ملاك بهدوء مماثل: فليكن.. ساستبدل ملابسي واخرج لأتناول الفطور..
قالت نادين وهي تهم بالخروج من الباب: سيكون الفطور جاهزا..
قاليها واغلقت الباب خلفها.. اما ملاك فقد استبدلت ملابس النوم.. بفستان ذا لون وردي.. جعلها تبدو كالزهرة المتفتحة.. ورفعت خصلات شعرها بواسطة ربطة شعر من اللون ذاته..تطلعت الى نفسها في المرآة لتطمأن الى شكلها ومن ثم لم تلبث ان غادرت الغرفة وهي تتوجه الى طاولة الطعام.. رأت الطاولة خالية الا منها وقالت بابتسامة مريرة: الامر لم يختلف كثيرا عن وجودي بالمنزل..
قالت نادين التي كانت تقف قريبة منها: آنستي لقد اتصل استاذ الرياضيات منذ قليل وقال انه سيأتي بعد ساعة..
هزت ملاك كتفيها بعدم اهتمام.. ومن ثم شرعت تتناول افطارها بصمت وهدوء..وان لم تكن تشعر بمذاق أي شيء مما تتناوله..وما لبثت ان قالت بعد انتهاءها من تناول طعام الفطور:أريد ان أذهب للتنزه في الحديقة الخارجية..خذيني الى هناك..
قالت نادين بابتسامة: كما تشائين آنستي ولكن الجو بارد بالخارج .. اذهبي لترتدي ملابس أكثر دفئا..
قالت ملاك وهي تحرك مقعدها: لا اريد..
- ولكن آنستي الجو بارد..
قالت ملاك باعتراض: انا احب الخروج في جو كهذا وبملابسي الاعتيادية..
قالتها وواصلت طريقها فقالت نادين باستسلام: كما تشائين..
غادرت المكان مع نادين الى الحديقة الخارجية للمنزل.. وتطلعت ملاك حولها بابتسامة وقالت وهي تلتفت الى نادين: خذيني الى حيث توجد الزهور..
قالت نادين مداعبة: انها تجلس امامي..
اتسعت ابتسامة ملاك وقالت وهي تشعر بالهواء البارد يداعب شعرها ووجنتيها: هيا خذيني الى حيث الزهور..
قالت نادينة وهي تدفع مقعد ملاك بهدوء: لست اعلم اين توجد الزهور في هذه الحديقة.. ولكن لنبحث عنها..
أخذت نادين تدفع ملاك أمامها في تلك الحديقة الواسعة.. والممتلأة بالحشائش والأشجار.. وقالت ملاك بغتة: إنها هناك ..
قالتها وأشارت بيدها الى الجانب الأيسر لها..فدفعت نادين المقعد وتوقفت بها امام حوض الأزهار تماما..فأغمضت ملاك عينيها وهي تتنهد.. ورسمت على شفتيها ابتسامة حالمة وقالت: كم أتمنى ان ابقى هنا طويلا..طويلا جدا..
شعرت بنسمات الهواء الباردة تعود لتداعب وجنتيها وتحرك خصلات شعرها الاسود..فتحت عينيها وتطلعت الى الطيور المحلقة في ذلك الفضاء.. وارهفت السمع الى صوت الرياح.. ومن قم لم تلبث ان مدت يدها لتداعب زهرة ما و...
(حذار ان يجرحك شوكها)
تراجعت ملاك بيدها اثر الصوت الذي سمعته.. واسرعت تلتفت الى القادم نحوهم وقالت بدهشة: مازن.. الم تذهب الى الشركة مع ابيك؟..
ابتسم مازن الذي كان يرتدي زيا مكونا من بنطال وسترة ذا لون بني قاتم وقميص ذا لون بني هادئ (البيج) .. ولم يكن يرتدي أي ربطة للعنق..فمازن لم يكن يحب ارتداء ما يخنقه كما كما يقول..وقال: بلى.. ولكني عدت.. فقد شعرت بالملل..
وتساءل قائلا: اخبريني .. ما الذي تفعلينه هنا؟..
هزت كتفيها وقالت: كما ترى ..اتطلع الى الطيور .. اداعب الزهور.. واستمع الى صوت الرياح..
قال مازن بسخرية: تستمعين الى صوت ماذا؟..
وقبل ان تجيبه ملاك.. التفت الى نادين وقال: هل لك ان تحضري لي كأس من الماء؟..
قالت نادين مترددة: وماذا عن ملاك؟..
قال مازن بهدوء: سأبقى معها ولن اتحرك من مكاني ريثما تعودين..
اومأت نادين برأسها وقالت : حسنا اذا.. لن اتأخر..لحظات وأعود ..
في حين قالت ملاك وهي تتطلع الى البعيد: قد تظن اني طفلة لو أخبرتك انني أحيانا أتحدث الى الزهور .. لاني لا اجد سواها لأتحدث اليها.. على الاقل .. اشعر اني أستطيع ان أتحدث كما يحلوا لي.. وانها لن تتضايق مما سأقوله ابدا..
تطلع لها مازن بدهشة وحيرة.. تتحدث الى الزهور.. وتستمع الى الرياح.. أمجنونة هذه الفتاة؟..في حين اردفت ملاك وهي تغمض عينيها: الوحدة شعور صعب يجعلك تتحدث الى كل ما حولك.. والى أي شيء كان..
قال مازن بهدوء غير عابئ لما تقوله: الجو بارد.. ادخلي الى المنزل الآن..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اريد..
قالت السيدة نادين بغتة: دعها انها عنيدة.. لن تفعل الا ما تريده هي..
التفط مازن كأس الماء من نادين وأخذ يشربه في حين عادت ملاك لتفتح عينيها وقالت مبتسمة: وهل أفوت على تفسي مشاهدة مثل هذا المنظر الجميل؟.. على الاقل قبل ان يصل الأستاذ واكون محتجزة في المنزل لأكثر من ساعة..
ما ان انتهت من عبارتها حتى عادت الرياح لتلفح وجهها ولكن هذه المرة بشدة اكثر.. وبنسمات باردة.. جعلت جسد ملاك يقشعر.. فقال مازن وهو يزفر بحدة: هل ستظلين بالخارج حتى تمرضي.. هيا ادخلي الى المنزل وارتدي على الاقل ما يدفئك..
قالت ملاك بعناد طفولي: لا..
ابتسم مازن وقال: معك حق يا سيدة نادين.. انها عنيدة حقا..
مدت ملاك يدها في تلك اللحظة وداعبت زهرة ما ذات لون وردي يشبه لون فستانها.. فقال مازن وهو يخلع سترته ويقترب منها: ولم لا تقطفينها ما دامت تعجبك؟..
قالت ملاك باعتراض: ان قطفتها ستبتعد عن بقية الوردات وستذبل بين يدي.. ولكن ان بقيت في مكانها فستزهر دائما..
ارتسمت ابتسامة على شفتي مازن وقال وهو يضع سترته على كتفيها: معك حق.. ستكون بحال جيدة ان بقيت مكانها ..
التفتت ملاك بدهشة الى مازن .. ورفعت حاجباها باستغراب لتصرفه.. ولكنها لم تلبث ان تذكرت والدها وما يفعله لها كلما احست بالبرد..لقد كان يخلع سترته ويضعها على كتفيها تماما كما فعل مازن!.. ازدردت ملاك لعابها وتطلعت اليه لوهلة قبل ان تقول بابتسامة مرتبكة: شكرا لك..
قال مازن مبتسما: لا عليك..
وظل صامتا وهو يعتدل في وقفته ويتطلع الى أي شيء مما حوله..في حين وجدت ملاك نفسها تقول: ولكن الن يغضب والدك ان غادرت العمل هكذا؟..
قال مازن بسخرية وهو يطوح بحجر صغير بعيدا: بلى.. ولكننها رغبته ..
قالت ملاك متسائلة: رغبته؟.. وكيف؟..
قال مازن وهو يلتفت لها: هو من أرادني ان اعمل معه.. لم أكن اريد ذلك ولكنه أرغمني على هذا العمل الذي اكرهه.. لهذا عليه ان يعلم اني من المستحيل ان اجد نفسي في عمل ابغضه ولا احتمل القيام به..
تطلعت له ملاك لوهلة ومن ثم قالت: ولكن يجب عليك مساعدة أبيك..
قال مازن وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: وها انذا افعل.. ولكن على طريقتي الخاصة..
ترددت ملاك قليلا قبل ان تقول: ولكن هذا يعتبر خداعا له..
- فليكن ما يكون.. اريد ان اعمل في عمل اجد نفسي فيه لا ان اعمل في عمل أكون مرغما على ادائه.. كل ما يهم والدي ان أكون الى جواره فقط.. وماذا عني ايظن ان ليس لي طموح اتمنى تحقيقه..
صمتت ملاك ولم تجد ما تقول.. فقال مازن بهدوء: الم يحن الوقت للدخول؟.. الجو يزداد برودة..
ابعدت ملاك السترة عن كتفيها وناولتها لمازن وقالت بابتسامة باهتة: اعلم انك تشعر بالبرد .. لهذا خذها..
قال مازن باستنكار: لا.. انت فتاة ويجب علي ان...
قاطعته ملاك لتقول بهدوء: فليكن .. سأدخل الى الداخل.. حتى أريحك من عبئي عليك..
قالتها وحركت عجلات مقعدها بكلتا يديها وقد عادت اليها ذكرى الامس.. وما دار بينها وبين كمال.. وتساءلت للمرة العاشرة.. لماذا؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قالت مها بمرح وهي تودع صديقتها عند مواقف الجامعة: الى اللقاء اراك غدا.. ولا تنسي اتصلي بي لتخبريني ما حدث..
قالت صديقتها مبتسمة: بكل تأكيد لن أنسى.. الى اللقاء..
لوحت لها مها بيدها وهي تجري مبتعدة دون ان تنتبه لعيني ذلك الشاب الذي اخذتا تراقبانها وهي لا تزال تلوح بيدها.. وقال ذلك الشاب بغتة وهو يراها تقترب منه: كيف حالك يا ايتها الجميلة؟..
التفتت مها بحدة الى مصدر الصوت.. وارتفع حاجباها بدهشة وهي ترى الواقف امامها .. وزفرت بحدة وهي تقول: أرعبتني يا حسام؟؟
قال حسام مبتسما: احقا؟.. تستحقين ان تصابي بالرعب بكل صراحة..
قالت مها وهي تضع كفها عند خصرها: ولماذا؟..
ولكنها اردفت بحيرة: ولكن اخبرني.. هل انتهت محاضراتك في مثل موعد انتهاء محاضراتي؟..
قال بهدوء: بل قبلها بنصف ساعة.. ولكن أخذني الحديث مع احد الاصدقاء ولم اشعر بالوقت حينها.. وبعد مغادرته.. رأيتك وانت تغادرين الجامعة..
قالت مبتسمة: من الغريب ان تنتظرني.. انها المرة الاولى التي تفعلها..
- اولا انا لم انتظرك بل رأيتك مصادفة.. وثانيا اظن انها ستكون المرة الاخيرة..
ضحكت مها بمرح وقالت: لن تستطيع..
رفع حاجبيه باستخفاف وقال: ولم؟..
قالت مبتسمة وهي تتطلع الى مبنى الجامعة: لاننا في جامعة واحدة.. وسأراك كثيرا رغما عنك..
قال وهو يلوح بكفه مغيرا جفة الحديث: اخبريني هل هناك من سيوصلك.. ام أوصلك انا؟..
ومع انها لمحت سيارة والدها الذي يرسلها لها الى الجامعة مع السائق .. الا انها قالت: لا ادري لقد تأخر السائق كثيرا ولا اريد ان اتأخر على المنزل..
صمت حسام قليلا ومن ثم قال : حقا؟.. هل تأخر السائق يا مها؟ ..
اومأت برأسها وهي تزدرد لعابها.. فقال وهو يشير الى بقعة ما ويبتسم: وماهذه السيارة التي تقف هناك اذا؟.. اليست سيارتكم؟.. والسائق.. اليس السائق الخاص بوالدك؟..
قالت مها بحنق وهي تحرك قدمها بعصبية: بلى هو.. لم اره.. الى اللقاء الآن..
قال في سرعة: انتظري..
التفتت له وقالت بحدة: ماذا؟..
قال بابتسامة جذابة: لا يهون علي ان تذهبي وانتي متضايقة هكذا.. اذهبي الى السائق واطلبي منه ان يغادر.. وسأوصلك انا..
قالت بفرحة لم تستطع ان تكتمها بداخلها: حقا؟؟.. سأذهب اليه في الحال..
ومن ثم تنبهت الى نفسها فقالت بخجل: اعني حتى لا أأخره عن والدي..
ابتسم حسام وهو يراها تبتعد وتبلغ السائق حتى يغادر.. وما ان غادر السائق حتى أسرعت بخطواتها اليه وقالت بابتسامة واسعة: هاقد غادر السائق..
قال وهو يلتفت عنها: اتبعيني اذا الى حيث سيارتي..
قالت وهي تسير الى جواره: لا احب ان اتبع احد..
التفت لها وفي عينيه نظرة استخفاف.. ومن ثم واصل طريقه الى حيث السيارة.. ففتح قفلها عن طريق جهاز التحكم عن بعد.. واشار لهاحتى تركبها.. وابتسمت مها بسرور وهي تدلف اليها.. صحيح انها ليست المرة الأولى التي يوصلها فيها حسام الى مكان ما.. ولكنها مع هذا تشعر بسعادة كبيرة كلما شعرت بنفسها قريبة منه..
في حين استقر حسام خلف مقعد القيادة وأدار المحرك لينطلق بالسيارة .. وران الصمت عليهم بضع دقائق.. فقالت مها لتقطع هذا الصمت: ستأتي الى النادي اليوم.. اليس كذلك؟ ..
اومأ برأسه وقال: بلى.. ثم انت تعلمين ذلك.. فلم تسألين؟ ..
قالت متجاهلة عبارته: ما اخبار الدراسة معك؟..
هز كتفيه بالمبالاة وقال: جيدة..
قالت مها بصيق: ولم تجيبيني باقتضاب هكذا؟..
قال مبتسما:ماذا بك؟.. الست أجيب عن أسألتك؟..
اشاحت بوجهها نحو النافذة وقالت بحنق: اجل..
سالها حسام بغتة: ما هي أخبار ملاك؟..
قالت مها بعصبية: وما شأنك بها؟.. ثم هل طلبت توصيلي الى المنزل حتى تسألني عن ملاك؟..
قال حسام بهدوء شديد أثار أعصاب مها: انه مجرد سؤال عابر ..
قالت مها بحدة: اشك في هذا.. وعلى العموم فهي بخير.. اطمأن ..
ضحك وقال: ومن قال انني اردت ان اطمأن عليها؟..
قالت بعصبية: اذا لم تسأل عن أحوالها اذا لم ترد الاطمئنان عليها ..
أوقف حسام سيارته بجوار منزل مها وقال وهو يغمز بعينه: ربما لسبب آخر..
تطلعت له لوهلة دون ان تستشف من قوله أي شيء يروي فضولها .. ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي ..
قال مبتسما: على الرحب والسعة..
ألقت مها نظرة أخيرة على حسام قبل ان تغادر السيارة وتنطلق الى المنزل.. وما ان ابتعد بسيارته حتى أحست بأنها قد فقدت شيئا هاما.. شيئا عزيزا وغاليا واهم من كل ما لديها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جلس امجد في الردهة يحتسي القهوة.. ويتطلع الى الصحيفة بلا اكتراث.. والتفت الى حيث الدرج للحظات ومن ثم قال وهو يلمح مازن وهو يهبط درجاته: كيف حال العمل بالشركة يا مازن؟..
توقف مازن عن النزول .. وقال وهو يشعر بلهجة والده التي تخفي شيئا ما: على ما يرام.. لم تسأل يا والدي؟..
لم يجبه امجد بل ظل صامتا وهو ينتظر من مازن نزول الدرج.. وقال هذا الاخير وهو يهبط درجات السلم ويقترب من حيث يجلس والده: هل هناك امر ما يا والدي؟..
قال امجد وهو يشير له بالجلوس: انت ابني الأكبر يا مازن.. ويجب ان تكون ذراعي اليمنى في العمل.. اليس كذلك؟ ..
جلس مازن فوق المقعد الذي أشار له والده وظل مازن صامتا فقال امجد بحدة: اجبني .. اليس كذلك يا مازن؟.. ام تفضل ان تكون مجرد فأر يتسلل الى خارج الشركة كل يوم في العاشرة واحيانا حتى التاسعة صباحا؟..
اتسعت عينا مازن وقال وهو يزدرد لعابه: من قال لك هذا يا والدي؟..
قل امجد بسخرية: أتظن اني أحمق لا اعلم ما يدور في الشركة .. انني ارصد كل نفس فيها.. ولكن ابني الأكبر الذي يجب ان يكون قدوة للموظفين يتسلل خارجا كل يوم كالفئران..
قال مازن وهو يكور قبضته: أرجوك ابي لا داعي لمثل هذا الكلام..
- هل لك ان تفسر لي تصرفك هذا اذا؟..
دس مازن أصابعه بين خصلات شعره وقال: انت تعلم منذ البداية اني لا اجد نفسي في هذا العمل.. واني لم اكن ارغب في ان اقوم به..
قال والده بانفعال: وكنت تريدني ان أتركك تعمل لدى شركة اخرى منافسة.. لا.. انت ابني ومن حقي عليك ان تكون الى جوار والدك وتساعده..
قال مازن برجاء: ولكن لي طموح في هذه الحياة يا ابي.. ولو عملت في شركتك فلن أحققه...
اشار له والده بالصمت وقال: كفى يا مازن لقد انتهى النقاش .. وحذار ان تغادر الشركة مرة اخرى والا سيكون لي تصرف آخر معك..
زفر مازن بعصبية وقال: هل تريد أي شيء آخر يا والدي؟..
قال والده باقتضاب : لا..
نهض مازن من كرسيه وأسرع يتوجه الى أي مكان المهم ان يهدئ من اعصابه قليلا..ووجد نفسه امام الباب الرئيسي.. فأسرع يفتحه و ...
(الى اين؟..)
تردد ذلك الصوت الهامس الرقيق من خلفه.. فالتفت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة وتطلع اليها للحظات .. في حين ظنت ملاك ان صمته يعني انه لم يسمعها جيدا.. فعادت تكرر عبارتها وقالت بصوت مرتفع أكثر: الى اين تذهب يا مازن؟..
مط مازن شفتيه بغضب ومن ثم قال وهو يستدير عنها: الى الجحيم..
لم يكن الوقت المناسب ابدا لملاك ان تتحدث اليه وهو في هذه الحالة من الغضب.. في حين تطلعت اليه ملاك للحظات بألم ومن ثم لم تلبث ان قالت بمرارة : ما بالكم جميعا؟..الكل يكره ان احدثه..ليتني لم آتي الى هنا.. ليتني لم افعل..
التفت مازن اليها بدهشة وسرعة ومن ثم قال: من تعنين بالجميع يا ملاك؟.. هل هناك من ضايقك؟..
اشاحت بوجهها لتخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها ومن ثم قالت بألم: وماذا يهم؟.. انت مثله تماما.. تكره التحدث الي..
عاد مازن ادراجه الى حيث تجلس ملاك وافتعل ابتسامة على شفتيه وهو يقول: لم اقصد محادثتك بهذا الاسلوب.. فقد كانت اعصابي مشدودة بعض الشيء.. ولكن لم تخبريني من الآخر الذي ضايقك..
تطلعت اليه بتردد ومن ثم لم تلبث ان قالت بصوت خافت: كمال..
تساءل باهتمام: وما الذي فعله؟..
- لقد سألته عن شيء ما يعنيه.. فطلب مني ان لا اتدخل في شؤونه وان اهتم بشؤوني فقط..
عقد مازن حاجبيه وقال وهو يهبط الى مستواها: سألته؟.. وعن ماذا سألته؟..
ازدردت ملاك لعابها وقالت: لقد أصابني الارق ليلة البارحة.. ورأيته يدخل في ساعة متأخرة.. فسألته عن سبب تأخيره كل هذا الوقت لأن عمي كان قلقا عليه..
قال مازن بابتسامة باهتة: ملاك.. لا تدعي هذا يضايقك.. فهذه هي عادة كمال.. لا يحب ان يتدخل احد في شؤونه وحتى والدي نفسه.. ثم ان تأخره امر طبيعي فهو يتأخر يوميا عن المنزل..
صمتت ملاك دون ان تعلق على عبارته.. فقال وهو يتطلع اليها: أظن اني ادين لك بالاعتذار عما فعلته قبل قليل.. انا آسف.. واعتذر كذلك نيابة عن كمال.. ولكن لا تتضايقي.. فلا احب رؤية ابنة عمي عابسة هكذا..
التفتت اليه وارتسمت ابتسامة حملت كل ما بداخلها من امتنان له فقال مبتسما وهو يربت على كفها وينهض واقفا: والآن مادمت قد رايتك مبتسمة.. فعن اذنك سأزور احد أصدقائي ..
قالها ولوح لها بكفه.. ولكن ملاك لم تكن تطلع اليه في تلك اللحظة.. بل الى كفها التي ربت عليها مازن.. وشعرت بقشعريرة باردة تجري في جسدها.. وهي تتذكر لمسته لها.. ووجدت قلبها يخفق بقوة..
ولهفة...


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:13 AM   #12 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الخامس
"اعجاب"


اخذت مها تتحرك في أرجاء الطابق الأول.. ولم تلبث ان تنهدت بملل.. وهي تهبط درجات السلم الى الطابق الأرضي ..وتوجهت الى غرفة ملاك لتطرق الباب عدة مرات ولما لم تسمع جوابا فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتقول بهدوء: ملاك.. هل انت نائمة؟..
وعقدت حاجبيها وهي تتطلع الى ارجاء الغرفة الخالية من ملاك .. وسمعت بغتة صوت نادين تقول من خلفها: الآنسة ملاك ليست هنا .. انها بالردهة ..
قالت مها بحيرة: من الغريب ان تخرج ملاك الى الردهة..
قالت نادين بهدوء: لقد فعلت ذلك لأني كنت اقوم بتنظيف وترتيب الغرفة حينها..
فهمت مها الأمر.. فغادرت غرفة ملاك وتوجهت الى الردهة .. وهناك رأتها جالسة على الاريكة وامامها طاولة صغيرة عليها كتابين وبعض الاوراق المبعثرة..وابتسمت مها وهي تقترب من ملاك قائلة: ماذا تفعلين؟..
يبدوا ان ملاك لم تنتبه لقدوم مها فانتفضت بخوف والتفتت الى مها ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة باهتة: كما ترين.. ادرس ..
تقدمت مها من ملاك وجلست الى جوارها.. كانت المرة الاولى التي تراها فيها مها بدون مقعدها المتحرك.. تجلس بشكل طبيعي وكأنها سليمة معافاة من أي عجز.. ولكن مها لم تصرح بأي شيء مما دار بخلدها وقالت وهي تتطلع الى الاوراق المبعثرة: يبدوا وانك مجتهدة في دروسك..
تنهدت ملاك وقالت: شيء اشغل به وقتي بدل ان اقضيه وحيدة في القيام بأشياء من غير فائدة..
قالت مها وهي تلتفت لها: ولكنك لم تخبريني بعد.. ما هو تخصصك الذي وقع اختيارك عليه..
قالت ملاك مبتسمة: تخصص تمنى ابي دوما ان اختاره.. انه الأدب..
قالت مها وهي تبتسم: ممتاز .. انه تخصص جميل جدا..
قالت ملاك متسائلة: وانت يا مها.. ماهو تخصصك؟..
قالت مها وهي تعتدل في جلستها وتقول بمرح وبلهجة تمثيلية: بصراحة لقد بحثت عن شيء ما يليق بي .. فلم اجد الا...
(التشريح)
جاءت هذه العبارة الساخرة من بين شفتي مازن وهو يتقدم منهما بعد ان دخل الى المنزل من الباب الرئيسي.. فالتفتت له مها وقالت وهي تستهزئ به: يا لخفة دمك.. أكاد اموت من الضحك..
اما ملاك فقد اعتراها التوتر لأول مرة وهي ترى مازن يقترب منهما ولكنها سرعان ما نفضت هذا الشعور والتفتت الى مها لتقول مكررة: ما هو تخصصك يا مها؟..
قالت مها بكل فخر: الكيمياء..
قال مازن ساخرا وهو يجلس على احد المقاعد القريبة من الأريكة التي تجلسان عليها: لا اظن ان مثل هذا التخصص يصلح لحمقاء مثلك.. فربما تتسببي يوما في تفجير مختبر الجامعة ..
قالت مها بحنق وغيظ: ولا تخصص السياحة يصلح لغبي مثلك.. فقد تتسبب في ايصال كل مسافر لبلد آخر..
لم يأبه مازن بما قالته بل التفت الى ملاك الجالسة على الاريكة بهدوء وقال مبتسما: لم اكن اعلم انك تدرسين الادب من قبل.. اتهوين القراءة ام الشعر؟..
شعرت ملاك بالدهشة من سماعه الحوار بأكمله تقريبا بينها وبين مها.. ثم لم تلبث ان قالت بهدوء: الاثنان معا..
وهبطت عيناه الى الاوراق المبعثرة ومن ثم قال وعيناه تتطلعان الى احد الاجابات التي كتبتها ملاك: انها خاطئة..
قالت ملاك بحيرة: خاطئة؟..أأنت متأكد؟..
اومأ برأسه ومن ثم قال وهو يلتقط قلما ويعيد كتابة الاجابة: انها تحل هكذا..
تابعت ملاك خطوات اجابته وتطلعت له بإعجاب.. في حين قالت مها وهي تمط شفتيها: من اين أشرقت الشمس هذا اليوم؟.. مازن يساعد في حل مسألة ما..
قال مازن بابتسامة واسعة وعيناه تتطلعان الى ملاك: لا تظني اني ما دمت لا أساعدك انت.. فلن اساعد ابنة عمي..
قالت مها بحنق: انك لم تساعد احدا ابدا.. انها المرة الأولى التي تفعل..
- اظن اني حر في تصرفاتي وحر في مساعدة من اشاء..
قالت ملاك بخفوت: ارجوكما لا تتشاجرا بسببي..
ضحك مازن وقال: أتظنين اننا نتشاجر؟.. لا ابدا.. انه مجرد حديث عادي..
ابتسمت ملاك بالرغم منها وهي تراه يضحك .. وشعرت بالتوتر يعود ليراودها..في حين سمعت مازن يقول في تلك اللحظة وهو ينقل بصره بين المقعد المتحرك الذي يجوارها وبين الاريكة التي تجلس عليها:اتعرفين لأول مرة اراك تجلسين على مكان يختلف عن مقعدك..ان جلوسك معنا هكذا افضل بكثير ..
كانت مها تشير لمازن ان يصمت منذ بدأ حديثه ولكن مازن لم ينتبه لها.. في حين كانت ملاك صامتة وما انتهى من حديثه حتى التفتت الى ملاك لترى ردة فعلها.. توقعت ان تغضب.. ان تغادر المكان ولكنها لم تتوقع ابدا ان تقول وعلى شفتيها ابتسامة : اترى ذلك حقا؟..
اومأ مازن برأسه ايجابيا وهو يبتسم..في حين نقلت مها نظراتاها بينهما .. كانت نظرات مازن عادية جدا.. ولكن بالنسبة لملاك.. كانت نظراتها تجمع ما بين الخجل واللهفة.. مها تعلم ان مازن يعتبر ملاك مجرد ابنة عم له لا اكثر ولا اقل..وهو يتحدث اليها كما يتحدث الى مئات الفتيات الاخريات.. ولكن كيف لملاك التي لم تتعلم شيئا من هذا العالم ان تدرك هذا؟..
قالت مها بغتة: ما رأيكم ان نذهب الى النادي الآن؟..
قالت ملاك باعتراض: ولكن لم انهي دراستي بعد..
قال مازن وهو ينهض من مقعده: يمكنك ان تكملي دراستك بعد ان نعود..
واردف دون ان يترك لها مجالا للرفض: سأذهب لأستبدل ملابسي ريثما تجهزان..
تابعته ملاك بانظارها وهو يغادر ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تتحدث الى مها: انه لم يمنحني فرصة للاعتراض..
ضحكت مها وقالت: حتى لا ترفضي الحضور.. والآن هيا.. اسرعي باستبدال ملابسك حتى نغادر..
رفعت ملاك جسدها بكلتا يديها ومن ثم لم تلبث ان قالت لمها بابتسامة شاحبة: هل لك ان تدفعي المقعد الى الامام قليلا..
أسرعت مها تنهض من مجلسها وتقول وهي تتحرك نحو المقعد وتدفعه: بكل تأكيد..
رفعت ملاك جسدها من على الاريكة لتجلس على مقعدها المتحرك اخيرا.. وان شعرت بالضعف لانها احتاجت الى مساعدة مها.. وتحركت بمساعدة مقعدها الى حيث غرفتها ..في حين قالت مها محدثة نفسها وهي تتطلع الى ملاك وتتذكر نظراتها الى مازن منذ قليل: ارجو ان يكون ما افكر به خاطئا يا ملاك.. أرجو ذلك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
طرقات هادئة سمعها كمال على باب غرفته وهو جالس على طرف الفراش يرتدي حذائه استعدادا للخروج وقال بهدوء دون ان يرفع عينيه الى الباب: ادخل..
فتح الباب واطل من خلفه مازن الذي تقدم منه وقال وهو يتطلع الى ما يفعله: ستخرج ايضا..
قال كمال ببرود: انت ايضا تذهب الى النادي في هذه الاثناء ..
قال مازن وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه: أردت ان أتحدث اليك قليلا يا كمال..
رفع كمال انظاره الى مازن وقال: بشأن ماذا؟..
- ابنة عمك..
قال كمال بلامبالاة مقصودة: أي ابنة عمة فيهن؟..
قال مازن بحزم: انت تعلم اني اعني ملاك..
- وماذا بها الآنسة ملاك حتى تأتي لتحدثني بشأنها؟..
قال مازن دون ان يأبه بسخرية كمال: ابنة عمك ملاك قد جاءت لتقضي اسبوعا واحدا هنا.. فدعه يمضي على خير..
ضيق كمال عينيه وقال : هل اخبرتك هي بشيء؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بكل شيء..استمع الي يا كمال .. ملاك فتاة عاجزة لا تستحق منك هذه التصرفات .. على الاقل تجاهلها ولكن لا تتحدث اليها بكلماتك الجارحة هذه ..
قال كمال وهو يبتسم باستخفاف: ولم انت مهتم هكذا؟ ..
- لانها ابنة عمي أولا.. ولانها امانة في أعناقنا جميعا ثانيا..
ونهض من مكانه وهو يكمل: فأرجو ان تكون رجلا تستطيع ان تحمل المسئولية وتحافظ على الأمانة التي كلفك بها عمك ..
لم يبد على كمال أي بادرة فعل.. فزفر مازن بحدة وخرج من غرفته .. ليسير بالممر ومن ثم يهبط درجات السلم الى الطابق الارضي..وهناك لم يشاهد أي من ملاك او مها.. فصاح قائلا بصوت عالي: مها.. ملاك.. اين انتما؟..
اقتربت منه احدى الخادمات وقالت بهدوء: لقد رأيت الآنستين يخرجان الى الحديقة يا سيد مازن..
مط مازن شفتيه بملل ومن ثم غادر المنزل الى الحديقة الخارجية .. وهناك سمع صوت ضحكات.. كانت ضحكات مها وملاك.. لأول مرة يسمع ضحكات هذا الملاك الرقيق.. ووجد قدماه تقودانه الى حيث تقف مها وبجوارها ملاك.. وقال مبتسما: علام تضحكان؟..
قالت مها وهي مستمرة في الضحك: لقد سألتني ملاك عن شيء ما في الكيمياء ولم استطع الإجابة عليه..
قال مازن بسخرية: اخبرتك انك لا تصلحين لدراسة الكيمياء و...
قاطعه مها قائلة وهي تشير الى ملاك: وحتى انتقم من ملاك سألتها شيء ما في الأدب ولم تستطع الإجابة عليه هي الأخرى..
ابتسم مازن وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: ربما ارادت ان تجاملك فحسب..
تطلعت اليه بحنق فقال وهو يدير ظهره عنهما: هيا اسرعا لا اريد ان اتأخر..
توجهت مها الى ملاك ودفعت مقعدها بهدوء الى ان اوصلتها الى السيارة ..في حين كانت عينا ملاك معلقة بمازن وابتسامة مرتسمة على شفتيها.. لم تعلم لم شعرت بكل هذا الانجذاب تجاه مازن .. ربما لأنه الوحيد الذي عاملها برقة ولطف.. وربما لأنها للمرة التي تتعامل فيها مع شاب ما..شاب يحترمها ويقدرها ويعاملها بهذا اللطف ..ويشعرها بأنها انسانة مرحب بها وانها فتاة قبل كل شيء.. فتاة من حقها ان تعيش الحياة التي تتمناها .. فتاة من حقها ان تعجب بشاب ما.. ويختاره قلبها من كل الناس من حولها حتى يخفق من اجله.. وتترك العنان لمشاعرها لـ ...
شعرت بأن افكارها قد اخذت اتجاها لم تفكر به بالمرة في حياتها.. بم تفكر؟..بالمشاعر ؟..هل من حقها ان تعجب بشاب ما وتميل اليه؟..هل من حقها ان تحب حقا؟.. ولم لا؟..اليست فتاة كبقية الفتيات؟.. انها كذلك..ولهذا لن تضع أي حاجز امامها يمنعها من ترك الحرية لمشاعرها.. فهاهي ذي تعترف لنفسها انها معجبة بمازن ..ومن يدري ما الذي تخفيه الايام لها ولمصير اعجابها بمازن هذا؟..
توقفت عن الاسترسال في أفكارها عندما وصلت السيارة الى النادي..ووجدت مها تفتح لها الباب.. في حين كان مازن يتوجه نحو حقيبة السيارة ليخرج مقعدها ويقترب به منها.. وقال مازن بهدوء وهو يتطلع باتجاهها: أترغبين في المساعدة؟ ..
هزت رأسها نفيا ومن ثم رفعت جسدها عن مقعد السيارة لتجلس على مقعدها.. اما مها فقد عقدت حاجبيها بحيرة.. انها تذكر ان اول مرة أشار فيها مازن الى حاجة للمساعدة اثار ذلك عصبيتها على نحو واضح.. اما الآن فهي تقابل الامر بهدوء..
هزت مها كتفيها ومن ثم اخذت تدفع مقعد ملاك التي كانت تتطلع الى ارجاء النادي الواسع .. وبغتة سمعت صوت مازن وهو يقول: اهلا حسام ..
لم تستطع مها منع نفسها من الالتفات له بسرعة.. ولم تستطع منع تلك اللهفة التي أطلت من عينيها وهي تطلع الى حسام بقامته الممشوقة وهو يتحدث الى مازن وابتسامته مرتسمة على شفتيه .. ومن ثم لم تلبث ان رأته يلتفت لها ويقول: اهلا مها..
ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت: اهلا بك.. كيف حالك؟..
- على ما يرام..
ومن ثم لم يلبث ان قال مردفا وهو يوجه حديثه الى ملاك: اهلا آنسة ملاك..كيف حالك؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: بخير..
في حين قالت مها بابتسامة مرحة: لم تخبرني ما هي أحوالك بالنادي؟..
قال حسام وهو يشير بإبهامه علامة النصر: ممتازة جدا..
قال مازن وهو يضع احدى كفيه في جيب بنطاله: سأذهب انا الى قسم الفروسية..اذهبوا انتم الى حيث تريدون..
مالت مها باتجاه ملاك وقالت: الى اين تودين الذهاب يا ملاك؟..
هزت ملاك كتفيها وقالت: أي مكان..
توجهت بها الى الكافتيريا ليجلسوا ثلاثتهم حول المائدة.. فقال حسام مبتسما: سأذهب الى قسم الرماية.. اترغبين في الحضور يا مها؟..
قالت مها في سرعة: بكل تأكيد سـ...
وكأنها قد تنبهت الى ملاك للتو.. فقالت بتردد: ولكن ملاك ستبقى وحيدة هنا..
قالت ملاك بابتسامة: لا عليك اذهبي الى حيث تريدين.. لقد اعتدت الجلوس لوحدي حتى اتأمل الطبيعة من حولي..
قالت مها متساءلة: الن تتضايقي حقا لو ذهبت وتركتك وحدك قليلا؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: ابدا..
قالت مها بابتسامة واسعة: لن اتأخر..
كان مبعث فرحتها هو ذهابها مع حسام .. فاسرعت تنهض من على مقعدها لتسير الى جوار حسام الذي غادر المائدة بدوره ..وازدردت لعابها لتقول له: اتعلم ياحسام.. لا ازال اتذكر قبل عشر سنوات تقريبا عندما كنا طفلين وكنا نأتي الى النادي احيانا فتتسخ ملابسنا.. وحينها كنت اتهرب من العقاب واضع اللوم عليك..
قال حسام مبتسما: وانا الاحمق الذي كنت اتحمل عقوبتي وعقوبة طفلة شقية.. من اجل ان لا تعاقبي انت..
ضحكت مها وقالت: أنادم انت على ما فعلت وقتها؟..
التفت لها وقال بابتسامة: ان اردت الحقيقة فكلا.. لست نادم على ما فعلته وقتها ولو عاد الزمن الى الوراء لفعلت الشيء ذاته..
قالت مها بحيرة: وما الذي كان يدفعك لتتحمل عقوبتي انا ايضا؟ ..
قال حسام وهو يهز كتفيه: لا شيء محدد بالضبط.. ولكني اكره ان اراك تتألمين او حتى تتضايقي من أي شيء.. كنت مستعد دائما لتحمل عنك العقاب حتى لا تشعري بأي الم..
مست كلماته شغاف قلبها..وجعلت حلقها يجف من التوتر ..وشعرت كم هو رائع حسام هذا .. كم هو شهم ونبيل معها منذ صغره.. كيف لها ان تجد انسان يساويه شهامته وحنانه هاذين و.. ولكن.. انها لا تزال تجهل مشاعره نحوها..انها لا تدرك ان كان اهتمامه بها ينطوي على مشاعر ما ام لا..
ووجدت مشاعرها تدفعها لسؤاله قائلة: لماذا؟..
ارتفع حاجباه بدهشة وقال: لماذا ماذا؟..
تطلعت اليه بعينين تنطوي على اللهفة وقالت: لماذا كنت تكره ان تراني اتألم؟.. لماذا كنت مستعد لأن تتحمل العقاب عني في كل مرة؟..
التفت عنها وتطلع بنظرات شاردة الى الطريق وقال بصوت خافت النبرات: ربما لأني...
بتر عبارته بغتة مما جعل مها تستحثه على المواصلة قائلة: لأنك ماذا؟..
التفت لها بغتة وقال بابتسامة: ربما لاني اكره ان ارى دموع الفتيات..
قالت مها كالمصعوقة: هااا.. ماذا تعني بقولك هذا؟..
هز كتفيه وقال: ما سمعته.. المهم دعينا من هذا الحديث الآن.. وراقبي مهارتي في الرماية..
لم يكن حسام يعلم عن الغضب والاحباط الذي خلفه في قلب مها.. لقد ارادت ان تسمع ولو كلمة واحدة تشعرها انه يحمل لها ولو القليل من المشاعر.. على الاقل حتى تتمسك بأي امل.. ولكن اجابته لها صدمتها وجعلتها تشعر بفقدان الامل واليأس من وجود مشاعر في قلب حسام لها..وأخذت تراقبه وهو يصوب على الاهداف التي امامه بعيون شاردة لا تريان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت عينا ملاك معلقتان بتلك السماء الصافية.. وهي تتطلع اليها بشرود كبير.. ولكن وعلى الرغم منها وجدت عيناها تهبطان الى حلبة السباق مع اصوات صهيل تلك الخيول .. رأت العديد من المتسابقين يتدربون في حلبة السباق وخصوصا وانه لم يبقى على يوم السباق سوى عدة ايام فقط.. وكل منهم يسعى للحصول على احدى المراكز الاولى.. ومن هؤلاء مازن وكمال ..
مازن الذي تعلقت به عينا ملاك هذه المرة.. وهي تراقب كل حركة من حركاته.. وكل خلجة من خلجاته.. ابتسامته.. نظراته..حركات ذراعيه .. هدوءه.. حزمه .. وحتى طريقة مشيته..ووجدت نفسها تبتسم باعجاب لشخصيته.. بمرحه ولطفه وحنانه..وبحزمه ورجولته ..وجدت قلبها اخذ يخفق في قوة عندما رأته ترك حلبة السباق بغتة واقترب من المكان الذي تجلس عنده بعد ان ترك حصانه لكمال حتى يأخذه الى الإسطبل..
واخيرا رمى بجسده على المقعد المجاور لها وقال متسائلا: أين مها؟..
اشارت الى حيث ذهبت مها مع حسام وقالت وهي تشعر ببعض الارتباك: لقد ذهبت مع حسام الى قسم الرماية منذ قليل..
- لم يكن عليها ان تتركك لمفردك..
قالت ملاك بصوت خافت: لقد اعتدت الجلوس لمفردي..
نهض من مجلسه وقال في سرعة: سأذهب لاحضار العصير لكلينا واعود لأجلس معك.. بدلا من تلك الحمقاء التي تركتك لمفردك..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: لم تود مها تركي لمفردي.. ولكني انا التي اصررت عليها بالذهاب واخبرتها انني استمتع بالجلوس وحدي لأراقب الطبيعة..
قال مازن بسخرية: وتستمعين الى صوت الرياح.. اليس كذلك؟..
اشاحت ملاك عنه بوجهها وقالت وصوتها يحمل بعض الضيق من سخريته: لن تفهم ما اقوله الا لو عشت ظروفا مما ثلة لي..
اشار لها بسبابته قائلا: سأذهب لإحضار العصير ثم سنتناقش في ظروفك هذه..
قالها ومضى عنها.. تاركا اياها تتنهد بحرارة.. من حقه ان يستغرب ما تقوله .. ولكنها حقا بدأت تندمج مع العالم الذي تحياه .. وتصبح جزءا منه.. كيف لا وقد عاشت في هذا العالم منذ ستة عشر عاما.. منذ يوم اصابتها.. وهي تجد هدوءها وشعورها بالراحة بالتطلع الى الطبيعة من حولها.. والاستماع الى صوت الريح.. ليت الجميع يفهم هذا.. ولا يعاملونها على انها فتاة غريبة التصرفات و...
(العصير)
ايقظها من شرودها وافكارها صوت مازن .. اعقبه بأن وضع كأس العصير امامها وقال مبتسما وهو يجلس على مقعده: لقد نسيت ان اسألك عن شرابك المفضل.. لهذا احضرت لك على ذوقي..
تطلعت ملاك الى كأسي العصير ومن ثم قالت مبتسمة: اتفضل شراب البرتقال؟..
اومأ برأسه وقال وقد اتسعت ابتسامته: كما ترين.. انها عادة التصقت بي منذ ان كنت طفلا.. فقد كانت والدتي تعد لنا عصير البرتقال على الغداء كل يوم.. ومنذ ذلك الحين وانا لا اشرب عصير سواه..
وقبل ان تقول ملاك شيئا.. عقد حاجبيه وهو يتطلع لها قائلا: اتعلمين يا ملاك.. لا اعلم لم اشعر وكأني قد التقيت بك من قبل ..
قالت ملاك بدهشة: حقا؟.. ولكن المرة الاولى التي رأيتك فيها هي عندما جئت الى منزلكم قبل يومين..
قال مازن باصرار: ليس قبل الآن بوقت قصير.. بل ربما التقيت بك منذ وقت طويل..أوربما قبل سنوات عدة..
قالت ملاك بمرارة وهي تطرق برأسها: لا اظن.. فأنا لا اخرج من المنزل الا نادرا جدا..
- ربما احدى هذه المرات او...
قاطعته ملاك قائلة: مستحيل.. فخروجي في هذه الحالة ينطوي على الاهمية.. اما للمشفى.. او ذهاب الى مكان ما مع ابي ..
قال مازن وهو يحث نفسه على التذكر: ولكني اشعر اني قد ...
قاطعه صوت احدى الفتيات وهي تقول بصوت مرح: مازن.. ياللصدفة الجميلة الذي اتاحت لي رؤيتك اخيرا..
التفت لها مازن في حدة وكذلك فعلت ملاك.. كانت امامها فتاة تمتلأ رقة ودلالا.. بملامح وجهها الحسناء.. وبابتسامتها الرقيقة.. ووجدت مازن يقول في صوت هادئ: اهلا.. كيف حالك؟..
قالت الفتاة مبتسمة بمرح: في افضل حال مادمت قد رأيتك.. المهم سأذهب الآن لألعب التنس.. لو اردت رؤيتي سأكون هناك..لا اريد الذهاب سريعا ولكن صديقتي تنتظرني..
واردفت وهي تغمز بعينها له: وكف عن ما تفعله قليلا.. فكل يوم اراك مع فتاة جديدة..
واردفت بخبث: واجمل من سابقتها..
اسرع مازن يقول: ان هذه الفتاة هي ملاك صديقة اختي مها.. وانا اجالسها ريثما تعود مها فحسب..
قالت بخبث وهي تتطلع الى ملاك الصامتة: وماذا يهم؟.. اغلبهن صديقات لشقيقتك..
كان يريد ان يخبرها انها ابنة عمه.. ولكنه لم يأبه بها.. فلا تهمه ان علمت انه على علاقة بفتاة جديدة ام لا.. ووجدها تبتعد غير آبهة بملاك.. الذي ظهر على وجهها علامات التساؤل والضيق .. وقالت متسائلة لمازن: هل يمكنني ان اسألك سؤالا؟..
ادرك انها ستسأله عن تلك الفتاة فقال بابتسامة: انها زميلة لي في النادي..
ازدردت لعابها وقالت: وماذا عنت بما قالته لك منذ قليل؟..
اجابها وهو يهز كتفيه بحركة لا مبالية مصطنعة: كما تعلمين.. انني مشترك في قسم الفروسية.. وقد فزت في احدى المرات لهذا فلدي العديد من المعجبين والمعجبات هنا بالنادي ..
خبرة ملاك البسيطة بالعالم الذي حولها جعلها تصدقه ودون ان تشكك في كلماته..وان ظل شعورها بالضيق يلازمها عندما ادركت ان هناك العديد من المعجبات حوله..اما مازن فقد قال وهو ينهض من مجلسه: هاقد جاءت مها .. سأذهب انا الآن..
قالها وغادر المكان..وان خلف وراءه قلبا يتلهف لعودته.. وعينان تترقبان رؤيته من جديد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت نظرات الضيق واضحة في عيني مها وهي تقترب من الطاولة التي تجلس خلفها ملاك.. وكذلك في عيني هذه الأخيرة ..كلاهما كانتا تفكران في شخص ما يشغل تفكيرها عن الاخرى وعن العالم الخارجي بأكمله ..ووجدت مها نفسها تزفر بقوة وهي تجلس على الطاولة وقالت وكأنها تحادث نفسها: لماذا لا يفهم؟..
التفتت لها ملاك وقالت بدهشة: هل تتحدثين إلي؟..
قالت مها وهي تمط شفتيها وتسند ظهرها للمقعد: لا بل أحادث نفسي..
ابتسمت ملاك وقالت: ومن هذا الذي تريدينه أن يفهم؟..
تجاهلت مها سؤالها وقالت: ما رأيك أن نغادر النادي ونعود إلى المنزل؟ ..
قالت ملاك بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا..
قالت مها وهي تلوح بذراعها: الم تقولي إن لديك دروس لم تنهيها بعد .. فلنعد اذا لتكمليها..
قالت ملاك بهدوء: لا بأس..
اسرعت مها تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتصل بالسائق ليحضر الى النادي .. في حين قالت لها ملاك بعد ان انهت المكالمة: الن تخبري مازن او كمال بمغادرتنا؟..
قالت مها وهي ترفع حاجباها بدهشة: ولماذا افعل؟..
- قد يغضبان ان علما اننا قد غادرنا دون ان نخبرهما..
ضحكت مها وقالت: بل سيغضبان لو اننا اخبرناهما وقطعنا عليهما التدريب.. دعك منهما..
ثم لم تلبث ان استرعى انتباهها كأس العصير الموجود امامها فتساءلت قائلة: كأس من هذا؟..
تطلعت ملاك الى كاس العصير الذي لم يشرب منه مازن الا القليل ومن ثم قالت: انه لمازن..
- هل جاء الى هنا؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا.. فقالت مها مستغربة:جاء الى هنا ليجلس معك وترك التدريب .. ياله من شاب متقلب..
تطلعت لها ملاك بحيرة ولم تفهم سر وصف مها لمازن بالمتقلب فجعلت افكارها تتحول الى سؤال اسرعت تهتف به قائلة: ماذا تعنين بأنه شاب متقلب؟..
قالت مها بسخرية: منذ اسبوع فقط كاد ان يتشاجر معي امام كل من في النادي لاني طلبت منه ان يترك التدريب ويأتي ليوصلني الى احد الاقسام..
- ربما كان مشغولا حينها..
هزت مها رأسها نفيا ومن ثم قالت: بل انه يكره ان يساعد أي احد..
قالت ملاك بشك وقلق: لست اظن ان مازن على هذه الصورة..
قالت مها وهي تبتسم بسخرية مريرة: انت لا تعرفينه كما اعرفه انا..
ظهر التساءل في عيني ملاك وقبل ان تجيب مها هذا التساؤل ارتفع صوت رنين هاتف مها المحمول فأجابته قائلة: الو.. اجل.. حسنا انتظر قليلا وسنحضر في الحال..
واغلقت الهاتف لتقول بهدوء: لقد حضر السائق..
- بهذه السرعة..
- لقد كان قريبا من المكان.. هيا فلنذهب..
لم تجد ملاك سببا لمعارضة المغادرة فقالت وهي تزيح خصلات من شعرها عن جبينها: حسنا..
اسرعت مها تنهض من خلف مقعدها وتدفع مقعد ملاك متوجهتان الى الطريق المؤدي الى خارج النادي..وقالت ملاك بابتسامة باهتة في تلك اللحظة: هل سنحضر الىالنادي غدا؟..
قالت مها بابتسامة: ان شئت ذلك..
اطرقت ملاك برأسها قليلا ومن ثم داعبت قلادتها الذهبية وقالت: كان بودي البقاء اكثر حتى ارى جميع ارجاء النادي ولكنك...
بترت ملاك عبارتها عندما لاحظت ان مها لا تستمع اليها بل تتطلع الى يمينها باهتمام.. فالتفتت ملاك بدورها لتشاهد حسام يقترب منهما ويقول مبتسما: الى اين ايتها الهاربتان؟..
قالت مها وهي تمط شفتيها: الى الخارج كما ترى..
قال متسائلا وهو يعقد ساعديه امام صدره ويتطلع الى مها: ولماذا تغادران الآن؟..
قالت مها بحنق: لدي بعض الدروس التي ارغب في ان انهيها .. هل من سؤال آخر؟..
مال حسام نحوها وقال بصوت خافت: وستتصلين بي حتى اشرحها لك .. اليس كذلك؟..
شعرت مها على الرغم منها بانعقاد لسانها وتوتر اطرافها وهي ترى نظراته المثبتة عليها.. وابتسامته الواسعة التي ملأت وجهه ..واسرعت تنتزع نفسها من مشاعرها لتقول وهي تشيح بوجهها عنه: لن اتصل حتى لو لم افهم أي كلمة مما سأدرسه ..
ضحك حسام وقال: لا تقلقي سيكون الشرح مجانا..
تطلعت له مها بغيظ.. الا يفهم هذا الشاب؟..واسرعت تقول وهي تستدير عنه: افضل ان ادفع لمن سيشرح لي ما لم يكن هو انت..
كادت ان تمضي في طريقها لولا ان امسك بذراعهاليوقفها قائلا بجدية: ماذا بك يا مها؟..
قالت ببرود: لا شيء ابدا..
ولكنها اجابت عن سؤاله لنفسها.. قالت بكل اللوعة في اعماقها: ( لقد سأمت يا حسام.. سأمت حقا من كلماتك التي لا تحمل ذرة مشاعر تجاهي.. الا تشعر بحبي لك حقا؟ ..اتظن اني حجر لا تؤثر في كلماتك الأخوية تجاهي.. اريد ان اسمع ولو كلمة واحدة تجدد الامل في اعماقي.. حتى عيناك لا ارى فيهما الا اهتمام فحسب.. لا ارى اية مشاعر.. سأمت هذا كله يا حسام.. اتفهمني؟ ..)
تطلع اليها حسام طويلا ومن ثم قال: بل هناك امر يضايقك يا مها .. اخبريني من الذي ضايقك.. كمال ام مازن؟.. ام احد الزملاء بالنادي؟..
قالت مها بحدة: ولم يجب ان يكونوا هؤلاء؟.. الا يوجد شخص آخر من الممكن ان اتضايق منه؟..
قال بحيرة: شخص آخر؟.. ومن يكون؟..
قالت مها بانفعال: انه يقف امامي..انت..
اتسعت عينا حسام بدهشة من قولها هذا.. حتى ملاك التي كانت تحاول ان تتظاهر بالانشغال بمداعبة قلادتها التفتت لها بحدة وهي تستغرب جرأة مها وردها هذا الذي لم تتوقعه ابدا..
وتوقفت نظرات حسام امام عيني مها وكأنه يحاول ان يعرف ما يدور في داخلها من افكار ومن ثم ابتسم ابتسامة باهتة وقال: مني انا؟.. اصدقك القول اني لم اتوقع هذا الجواب منك.. فطالما حاولت ان اكون سببا في سعادتك وابتسامتك.. لا ضيقك .. ولكنني وجدت نفسي اليوم اكون سببا في ضيق مها العزيزة دون ان اشعر.. اخبريني بالله عليك.. فيم ضايقتك؟ .. وانا مستعد لأشرح لك موقفي كله..
ارتبكت مها أمام نظراته التي تحاصرها.. ارتبكت أمام كلماته التي امتلأت بالاهتمام والحنان تجاهها.. ارتبكت من مسكة كفه لذراعها عندما حاول إيقافها.. وأشاحت بوجهها عنه لتخفي تأثيره عليها عن ناظريه وقالت وهي تزدرد لعابها وتحاول السيطرة على ارتباكها: المعذرة .. لم اقصد.. انسى ما قلته ..
وابتعدت بسرعة عن المكان.. كاد حسام ان يتبعها ولكنه لم يفعل.. ادرك انه لو تبعها فلن تخبره بسبب ضيقها منه ابدا.. لهذا عليه ان يعرف السبب بنفسه.. وان كان قد بدأ يشك في سبب ضيقها ذاك...


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:14 AM   #13 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الخامس
"اعجاب"


اخذت مها تتحرك في أرجاء الطابق الأول.. ولم تلبث ان تنهدت بملل.. وهي تهبط درجات السلم الى الطابق الأرضي ..وتوجهت الى غرفة ملاك لتطرق الباب عدة مرات ولما لم تسمع جوابا فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتقول بهدوء: ملاك.. هل انت نائمة؟..
وعقدت حاجبيها وهي تتطلع الى ارجاء الغرفة الخالية من ملاك .. وسمعت بغتة صوت نادين تقول من خلفها: الآنسة ملاك ليست هنا .. انها بالردهة ..
قالت مها بحيرة: من الغريب ان تخرج ملاك الى الردهة..
قالت نادين بهدوء: لقد فعلت ذلك لأني كنت اقوم بتنظيف وترتيب الغرفة حينها..
فهمت مها الأمر.. فغادرت غرفة ملاك وتوجهت الى الردهة .. وهناك رأتها جالسة على الاريكة وامامها طاولة صغيرة عليها كتابين وبعض الاوراق المبعثرة..وابتسمت مها وهي تقترب من ملاك قائلة: ماذا تفعلين؟..
يبدوا ان ملاك لم تنتبه لقدوم مها فانتفضت بخوف والتفتت الى مها ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة باهتة: كما ترين.. ادرس ..
تقدمت مها من ملاك وجلست الى جوارها.. كانت المرة الاولى التي تراها فيها مها بدون مقعدها المتحرك.. تجلس بشكل طبيعي وكأنها سليمة معافاة من أي عجز.. ولكن مها لم تصرح بأي شيء مما دار بخلدها وقالت وهي تتطلع الى الاوراق المبعثرة: يبدوا وانك مجتهدة في دروسك..
تنهدت ملاك وقالت: شيء اشغل به وقتي بدل ان اقضيه وحيدة في القيام بأشياء من غير فائدة..
قالت مها وهي تلتفت لها: ولكنك لم تخبريني بعد.. ما هو تخصصك الذي وقع اختيارك عليه..
قالت ملاك مبتسمة: تخصص تمنى ابي دوما ان اختاره.. انه الأدب..
قالت مها وهي تبتسم: ممتاز .. انه تخصص جميل جدا..
قالت ملاك متسائلة: وانت يا مها.. ماهو تخصصك؟..
قالت مها وهي تعتدل في جلستها وتقول بمرح وبلهجة تمثيلية: بصراحة لقد بحثت عن شيء ما يليق بي .. فلم اجد الا...
(التشريح)
جاءت هذه العبارة الساخرة من بين شفتي مازن وهو يتقدم منهما بعد ان دخل الى المنزل من الباب الرئيسي.. فالتفتت له مها وقالت وهي تستهزئ به: يا لخفة دمك.. أكاد اموت من الضحك..
اما ملاك فقد اعتراها التوتر لأول مرة وهي ترى مازن يقترب منهما ولكنها سرعان ما نفضت هذا الشعور والتفتت الى مها لتقول مكررة: ما هو تخصصك يا مها؟..
قالت مها بكل فخر: الكيمياء..
قال مازن ساخرا وهو يجلس على احد المقاعد القريبة من الأريكة التي تجلسان عليها: لا اظن ان مثل هذا التخصص يصلح لحمقاء مثلك.. فربما تتسببي يوما في تفجير مختبر الجامعة ..
قالت مها بحنق وغيظ: ولا تخصص السياحة يصلح لغبي مثلك.. فقد تتسبب في ايصال كل مسافر لبلد آخر..
لم يأبه مازن بما قالته بل التفت الى ملاك الجالسة على الاريكة بهدوء وقال مبتسما: لم اكن اعلم انك تدرسين الادب من قبل.. اتهوين القراءة ام الشعر؟..
شعرت ملاك بالدهشة من سماعه الحوار بأكمله تقريبا بينها وبين مها.. ثم لم تلبث ان قالت بهدوء: الاثنان معا..
وهبطت عيناه الى الاوراق المبعثرة ومن ثم قال وعيناه تتطلعان الى احد الاجابات التي كتبتها ملاك: انها خاطئة..
قالت ملاك بحيرة: خاطئة؟..أأنت متأكد؟..
اومأ برأسه ومن ثم قال وهو يلتقط قلما ويعيد كتابة الاجابة: انها تحل هكذا..
تابعت ملاك خطوات اجابته وتطلعت له بإعجاب.. في حين قالت مها وهي تمط شفتيها: من اين أشرقت الشمس هذا اليوم؟.. مازن يساعد في حل مسألة ما..
قال مازن بابتسامة واسعة وعيناه تتطلعان الى ملاك: لا تظني اني ما دمت لا أساعدك انت.. فلن اساعد ابنة عمي..
قالت مها بحنق: انك لم تساعد احدا ابدا.. انها المرة الأولى التي تفعل..
- اظن اني حر في تصرفاتي وحر في مساعدة من اشاء..
قالت ملاك بخفوت: ارجوكما لا تتشاجرا بسببي..
ضحك مازن وقال: أتظنين اننا نتشاجر؟.. لا ابدا.. انه مجرد حديث عادي..
ابتسمت ملاك بالرغم منها وهي تراه يضحك .. وشعرت بالتوتر يعود ليراودها..في حين سمعت مازن يقول في تلك اللحظة وهو ينقل بصره بين المقعد المتحرك الذي يجوارها وبين الاريكة التي تجلس عليها:اتعرفين لأول مرة اراك تجلسين على مكان يختلف عن مقعدك..ان جلوسك معنا هكذا افضل بكثير ..
كانت مها تشير لمازن ان يصمت منذ بدأ حديثه ولكن مازن لم ينتبه لها.. في حين كانت ملاك صامتة وما انتهى من حديثه حتى التفتت الى ملاك لترى ردة فعلها.. توقعت ان تغضب.. ان تغادر المكان ولكنها لم تتوقع ابدا ان تقول وعلى شفتيها ابتسامة : اترى ذلك حقا؟..
اومأ مازن برأسه ايجابيا وهو يبتسم..في حين نقلت مها نظراتاها بينهما .. كانت نظرات مازن عادية جدا.. ولكن بالنسبة لملاك.. كانت نظراتها تجمع ما بين الخجل واللهفة.. مها تعلم ان مازن يعتبر ملاك مجرد ابنة عم له لا اكثر ولا اقل..وهو يتحدث اليها كما يتحدث الى مئات الفتيات الاخريات.. ولكن كيف لملاك التي لم تتعلم شيئا من هذا العالم ان تدرك هذا؟..
قالت مها بغتة: ما رأيكم ان نذهب الى النادي الآن؟..
قالت ملاك باعتراض: ولكن لم انهي دراستي بعد..
قال مازن وهو ينهض من مقعده: يمكنك ان تكملي دراستك بعد ان نعود..
واردف دون ان يترك لها مجالا للرفض: سأذهب لأستبدل ملابسي ريثما تجهزان..
تابعته ملاك بانظارها وهو يغادر ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تتحدث الى مها: انه لم يمنحني فرصة للاعتراض..
ضحكت مها وقالت: حتى لا ترفضي الحضور.. والآن هيا.. اسرعي باستبدال ملابسك حتى نغادر..
رفعت ملاك جسدها بكلتا يديها ومن ثم لم تلبث ان قالت لمها بابتسامة شاحبة: هل لك ان تدفعي المقعد الى الامام قليلا..
أسرعت مها تنهض من مجلسها وتقول وهي تتحرك نحو المقعد وتدفعه: بكل تأكيد..
رفعت ملاك جسدها من على الاريكة لتجلس على مقعدها المتحرك اخيرا.. وان شعرت بالضعف لانها احتاجت الى مساعدة مها.. وتحركت بمساعدة مقعدها الى حيث غرفتها ..في حين قالت مها محدثة نفسها وهي تتطلع الى ملاك وتتذكر نظراتها الى مازن منذ قليل: ارجو ان يكون ما افكر به خاطئا يا ملاك.. أرجو ذلك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
طرقات هادئة سمعها كمال على باب غرفته وهو جالس على طرف الفراش يرتدي حذائه استعدادا للخروج وقال بهدوء دون ان يرفع عينيه الى الباب: ادخل..
فتح الباب واطل من خلفه مازن الذي تقدم منه وقال وهو يتطلع الى ما يفعله: ستخرج ايضا..
قال كمال ببرود: انت ايضا تذهب الى النادي في هذه الاثناء ..
قال مازن وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه: أردت ان أتحدث اليك قليلا يا كمال..
رفع كمال انظاره الى مازن وقال: بشأن ماذا؟..
- ابنة عمك..
قال كمال بلامبالاة مقصودة: أي ابنة عمة فيهن؟..
قال مازن بحزم: انت تعلم اني اعني ملاك..
- وماذا بها الآنسة ملاك حتى تأتي لتحدثني بشأنها؟..
قال مازن دون ان يأبه بسخرية كمال: ابنة عمك ملاك قد جاءت لتقضي اسبوعا واحدا هنا.. فدعه يمضي على خير..
ضيق كمال عينيه وقال : هل اخبرتك هي بشيء؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بكل شيء..استمع الي يا كمال .. ملاك فتاة عاجزة لا تستحق منك هذه التصرفات .. على الاقل تجاهلها ولكن لا تتحدث اليها بكلماتك الجارحة هذه ..
قال كمال وهو يبتسم باستخفاف: ولم انت مهتم هكذا؟ ..
- لانها ابنة عمي أولا.. ولانها امانة في أعناقنا جميعا ثانيا..
ونهض من مكانه وهو يكمل: فأرجو ان تكون رجلا تستطيع ان تحمل المسئولية وتحافظ على الأمانة التي كلفك بها عمك ..
لم يبد على كمال أي بادرة فعل.. فزفر مازن بحدة وخرج من غرفته .. ليسير بالممر ومن ثم يهبط درجات السلم الى الطابق الارضي..وهناك لم يشاهد أي من ملاك او مها.. فصاح قائلا بصوت عالي: مها.. ملاك.. اين انتما؟..
اقتربت منه احدى الخادمات وقالت بهدوء: لقد رأيت الآنستين يخرجان الى الحديقة يا سيد مازن..
مط مازن شفتيه بملل ومن ثم غادر المنزل الى الحديقة الخارجية .. وهناك سمع صوت ضحكات.. كانت ضحكات مها وملاك.. لأول مرة يسمع ضحكات هذا الملاك الرقيق.. ووجد قدماه تقودانه الى حيث تقف مها وبجوارها ملاك.. وقال مبتسما: علام تضحكان؟..
قالت مها وهي مستمرة في الضحك: لقد سألتني ملاك عن شيء ما في الكيمياء ولم استطع الإجابة عليه..
قال مازن بسخرية: اخبرتك انك لا تصلحين لدراسة الكيمياء و...
قاطعه مها قائلة وهي تشير الى ملاك: وحتى انتقم من ملاك سألتها شيء ما في الأدب ولم تستطع الإجابة عليه هي الأخرى..
ابتسم مازن وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: ربما ارادت ان تجاملك فحسب..
تطلعت اليه بحنق فقال وهو يدير ظهره عنهما: هيا اسرعا لا اريد ان اتأخر..
توجهت مها الى ملاك ودفعت مقعدها بهدوء الى ان اوصلتها الى السيارة ..في حين كانت عينا ملاك معلقة بمازن وابتسامة مرتسمة على شفتيها.. لم تعلم لم شعرت بكل هذا الانجذاب تجاه مازن .. ربما لأنه الوحيد الذي عاملها برقة ولطف.. وربما لأنها للمرة التي تتعامل فيها مع شاب ما..شاب يحترمها ويقدرها ويعاملها بهذا اللطف ..ويشعرها بأنها انسانة مرحب بها وانها فتاة قبل كل شيء.. فتاة من حقها ان تعيش الحياة التي تتمناها .. فتاة من حقها ان تعجب بشاب ما.. ويختاره قلبها من كل الناس من حولها حتى يخفق من اجله.. وتترك العنان لمشاعرها لـ ...
شعرت بأن افكارها قد اخذت اتجاها لم تفكر به بالمرة في حياتها.. بم تفكر؟..بالمشاعر ؟..هل من حقها ان تعجب بشاب ما وتميل اليه؟..هل من حقها ان تحب حقا؟.. ولم لا؟..اليست فتاة كبقية الفتيات؟.. انها كذلك..ولهذا لن تضع أي حاجز امامها يمنعها من ترك الحرية لمشاعرها.. فهاهي ذي تعترف لنفسها انها معجبة بمازن ..ومن يدري ما الذي تخفيه الايام لها ولمصير اعجابها بمازن هذا؟..
توقفت عن الاسترسال في أفكارها عندما وصلت السيارة الى النادي..ووجدت مها تفتح لها الباب.. في حين كان مازن يتوجه نحو حقيبة السيارة ليخرج مقعدها ويقترب به منها.. وقال مازن بهدوء وهو يتطلع باتجاهها: أترغبين في المساعدة؟ ..
هزت رأسها نفيا ومن ثم رفعت جسدها عن مقعد السيارة لتجلس على مقعدها.. اما مها فقد عقدت حاجبيها بحيرة.. انها تذكر ان اول مرة أشار فيها مازن الى حاجة للمساعدة اثار ذلك عصبيتها على نحو واضح.. اما الآن فهي تقابل الامر بهدوء..
هزت مها كتفيها ومن ثم اخذت تدفع مقعد ملاك التي كانت تتطلع الى ارجاء النادي الواسع .. وبغتة سمعت صوت مازن وهو يقول: اهلا حسام ..
لم تستطع مها منع نفسها من الالتفات له بسرعة.. ولم تستطع منع تلك اللهفة التي أطلت من عينيها وهي تطلع الى حسام بقامته الممشوقة وهو يتحدث الى مازن وابتسامته مرتسمة على شفتيه .. ومن ثم لم تلبث ان رأته يلتفت لها ويقول: اهلا مها..
ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت: اهلا بك.. كيف حالك؟..
- على ما يرام..
ومن ثم لم يلبث ان قال مردفا وهو يوجه حديثه الى ملاك: اهلا آنسة ملاك..كيف حالك؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: بخير..
في حين قالت مها بابتسامة مرحة: لم تخبرني ما هي أحوالك بالنادي؟..
قال حسام وهو يشير بإبهامه علامة النصر: ممتازة جدا..
قال مازن وهو يضع احدى كفيه في جيب بنطاله: سأذهب انا الى قسم الفروسية..اذهبوا انتم الى حيث تريدون..
مالت مها باتجاه ملاك وقالت: الى اين تودين الذهاب يا ملاك؟..
هزت ملاك كتفيها وقالت: أي مكان..
توجهت بها الى الكافتيريا ليجلسوا ثلاثتهم حول المائدة.. فقال حسام مبتسما: سأذهب الى قسم الرماية.. اترغبين في الحضور يا مها؟..
قالت مها في سرعة: بكل تأكيد سـ...
وكأنها قد تنبهت الى ملاك للتو.. فقالت بتردد: ولكن ملاك ستبقى وحيدة هنا..
قالت ملاك بابتسامة: لا عليك اذهبي الى حيث تريدين.. لقد اعتدت الجلوس لوحدي حتى اتأمل الطبيعة من حولي..
قالت مها متساءلة: الن تتضايقي حقا لو ذهبت وتركتك وحدك قليلا؟..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: ابدا..
قالت مها بابتسامة واسعة: لن اتأخر..
كان مبعث فرحتها هو ذهابها مع حسام .. فاسرعت تنهض من على مقعدها لتسير الى جوار حسام الذي غادر المائدة بدوره ..وازدردت لعابها لتقول له: اتعلم ياحسام.. لا ازال اتذكر قبل عشر سنوات تقريبا عندما كنا طفلين وكنا نأتي الى النادي احيانا فتتسخ ملابسنا.. وحينها كنت اتهرب من العقاب واضع اللوم عليك..
قال حسام مبتسما: وانا الاحمق الذي كنت اتحمل عقوبتي وعقوبة طفلة شقية.. من اجل ان لا تعاقبي انت..
ضحكت مها وقالت: أنادم انت على ما فعلت وقتها؟..
التفت لها وقال بابتسامة: ان اردت الحقيقة فكلا.. لست نادم على ما فعلته وقتها ولو عاد الزمن الى الوراء لفعلت الشيء ذاته..
قالت مها بحيرة: وما الذي كان يدفعك لتتحمل عقوبتي انا ايضا؟ ..
قال حسام وهو يهز كتفيه: لا شيء محدد بالضبط.. ولكني اكره ان اراك تتألمين او حتى تتضايقي من أي شيء.. كنت مستعد دائما لتحمل عنك العقاب حتى لا تشعري بأي الم..
مست كلماته شغاف قلبها..وجعلت حلقها يجف من التوتر ..وشعرت كم هو رائع حسام هذا .. كم هو شهم ونبيل معها منذ صغره.. كيف لها ان تجد انسان يساويه شهامته وحنانه هاذين و.. ولكن.. انها لا تزال تجهل مشاعره نحوها..انها لا تدرك ان كان اهتمامه بها ينطوي على مشاعر ما ام لا..
ووجدت مشاعرها تدفعها لسؤاله قائلة: لماذا؟..
ارتفع حاجباه بدهشة وقال: لماذا ماذا؟..
تطلعت اليه بعينين تنطوي على اللهفة وقالت: لماذا كنت تكره ان تراني اتألم؟.. لماذا كنت مستعد لأن تتحمل العقاب عني في كل مرة؟..
التفت عنها وتطلع بنظرات شاردة الى الطريق وقال بصوت خافت النبرات: ربما لأني...
بتر عبارته بغتة مما جعل مها تستحثه على المواصلة قائلة: لأنك ماذا؟..
التفت لها بغتة وقال بابتسامة: ربما لاني اكره ان ارى دموع الفتيات..
قالت مها كالمصعوقة: هااا.. ماذا تعني بقولك هذا؟..
هز كتفيه وقال: ما سمعته.. المهم دعينا من هذا الحديث الآن.. وراقبي مهارتي في الرماية..
لم يكن حسام يعلم عن الغضب والاحباط الذي خلفه في قلب مها.. لقد ارادت ان تسمع ولو كلمة واحدة تشعرها انه يحمل لها ولو القليل من المشاعر.. على الاقل حتى تتمسك بأي امل.. ولكن اجابته لها صدمتها وجعلتها تشعر بفقدان الامل واليأس من وجود مشاعر في قلب حسام لها..وأخذت تراقبه وهو يصوب على الاهداف التي امامه بعيون شاردة لا تريان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت عينا ملاك معلقتان بتلك السماء الصافية.. وهي تتطلع اليها بشرود كبير.. ولكن وعلى الرغم منها وجدت عيناها تهبطان الى حلبة السباق مع اصوات صهيل تلك الخيول .. رأت العديد من المتسابقين يتدربون في حلبة السباق وخصوصا وانه لم يبقى على يوم السباق سوى عدة ايام فقط.. وكل منهم يسعى للحصول على احدى المراكز الاولى.. ومن هؤلاء مازن وكمال ..
مازن الذي تعلقت به عينا ملاك هذه المرة.. وهي تراقب كل حركة من حركاته.. وكل خلجة من خلجاته.. ابتسامته.. نظراته..حركات ذراعيه .. هدوءه.. حزمه .. وحتى طريقة مشيته..ووجدت نفسها تبتسم باعجاب لشخصيته.. بمرحه ولطفه وحنانه..وبحزمه ورجولته ..وجدت قلبها اخذ يخفق في قوة عندما رأته ترك حلبة السباق بغتة واقترب من المكان الذي تجلس عنده بعد ان ترك حصانه لكمال حتى يأخذه الى الإسطبل..
واخيرا رمى بجسده على المقعد المجاور لها وقال متسائلا: أين مها؟..
اشارت الى حيث ذهبت مها مع حسام وقالت وهي تشعر ببعض الارتباك: لقد ذهبت مع حسام الى قسم الرماية منذ قليل..
- لم يكن عليها ان تتركك لمفردك..
قالت ملاك بصوت خافت: لقد اعتدت الجلوس لمفردي..
نهض من مجلسه وقال في سرعة: سأذهب لاحضار العصير لكلينا واعود لأجلس معك.. بدلا من تلك الحمقاء التي تركتك لمفردك..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: لم تود مها تركي لمفردي.. ولكني انا التي اصررت عليها بالذهاب واخبرتها انني استمتع بالجلوس وحدي لأراقب الطبيعة..
قال مازن بسخرية: وتستمعين الى صوت الرياح.. اليس كذلك؟..
اشاحت ملاك عنه بوجهها وقالت وصوتها يحمل بعض الضيق من سخريته: لن تفهم ما اقوله الا لو عشت ظروفا مما ثلة لي..
اشار لها بسبابته قائلا: سأذهب لإحضار العصير ثم سنتناقش في ظروفك هذه..
قالها ومضى عنها.. تاركا اياها تتنهد بحرارة.. من حقه ان يستغرب ما تقوله .. ولكنها حقا بدأت تندمج مع العالم الذي تحياه .. وتصبح جزءا منه.. كيف لا وقد عاشت في هذا العالم منذ ستة عشر عاما.. منذ يوم اصابتها.. وهي تجد هدوءها وشعورها بالراحة بالتطلع الى الطبيعة من حولها.. والاستماع الى صوت الريح.. ليت الجميع يفهم هذا.. ولا يعاملونها على انها فتاة غريبة التصرفات و...
(العصير)
ايقظها من شرودها وافكارها صوت مازن .. اعقبه بأن وضع كأس العصير امامها وقال مبتسما وهو يجلس على مقعده: لقد نسيت ان اسألك عن شرابك المفضل.. لهذا احضرت لك على ذوقي..
تطلعت ملاك الى كأسي العصير ومن ثم قالت مبتسمة: اتفضل شراب البرتقال؟..
اومأ برأسه وقال وقد اتسعت ابتسامته: كما ترين.. انها عادة التصقت بي منذ ان كنت طفلا.. فقد كانت والدتي تعد لنا عصير البرتقال على الغداء كل يوم.. ومنذ ذلك الحين وانا لا اشرب عصير سواه..
وقبل ان تقول ملاك شيئا.. عقد حاجبيه وهو يتطلع لها قائلا: اتعلمين يا ملاك.. لا اعلم لم اشعر وكأني قد التقيت بك من قبل ..
قالت ملاك بدهشة: حقا؟.. ولكن المرة الاولى التي رأيتك فيها هي عندما جئت الى منزلكم قبل يومين..
قال مازن باصرار: ليس قبل الآن بوقت قصير.. بل ربما التقيت بك منذ وقت طويل..أوربما قبل سنوات عدة..
قالت ملاك بمرارة وهي تطرق برأسها: لا اظن.. فأنا لا اخرج من المنزل الا نادرا جدا..
- ربما احدى هذه المرات او...
قاطعته ملاك قائلة: مستحيل.. فخروجي في هذه الحالة ينطوي على الاهمية.. اما للمشفى.. او ذهاب الى مكان ما مع ابي ..
قال مازن وهو يحث نفسه على التذكر: ولكني اشعر اني قد ...
قاطعه صوت احدى الفتيات وهي تقول بصوت مرح: مازن.. ياللصدفة الجميلة الذي اتاحت لي رؤيتك اخيرا..
التفت لها مازن في حدة وكذلك فعلت ملاك.. كانت امامها فتاة تمتلأ رقة ودلالا.. بملامح وجهها الحسناء.. وبابتسامتها الرقيقة.. ووجدت مازن يقول في صوت هادئ: اهلا.. كيف حالك؟..
قالت الفتاة مبتسمة بمرح: في افضل حال مادمت قد رأيتك.. المهم سأذهب الآن لألعب التنس.. لو اردت رؤيتي سأكون هناك..لا اريد الذهاب سريعا ولكن صديقتي تنتظرني..
واردفت وهي تغمز بعينها له: وكف عن ما تفعله قليلا.. فكل يوم اراك مع فتاة جديدة..
واردفت بخبث: واجمل من سابقتها..
اسرع مازن يقول: ان هذه الفتاة هي ملاك صديقة اختي مها.. وانا اجالسها ريثما تعود مها فحسب..
قالت بخبث وهي تتطلع الى ملاك الصامتة: وماذا يهم؟.. اغلبهن صديقات لشقيقتك..
كان يريد ان يخبرها انها ابنة عمه.. ولكنه لم يأبه بها.. فلا تهمه ان علمت انه على علاقة بفتاة جديدة ام لا.. ووجدها تبتعد غير آبهة بملاك.. الذي ظهر على وجهها علامات التساؤل والضيق .. وقالت متسائلة لمازن: هل يمكنني ان اسألك سؤالا؟..
ادرك انها ستسأله عن تلك الفتاة فقال بابتسامة: انها زميلة لي في النادي..
ازدردت لعابها وقالت: وماذا عنت بما قالته لك منذ قليل؟..
اجابها وهو يهز كتفيه بحركة لا مبالية مصطنعة: كما تعلمين.. انني مشترك في قسم الفروسية.. وقد فزت في احدى المرات لهذا فلدي العديد من المعجبين والمعجبات هنا بالنادي ..
خبرة ملاك البسيطة بالعالم الذي حولها جعلها تصدقه ودون ان تشكك في كلماته..وان ظل شعورها بالضيق يلازمها عندما ادركت ان هناك العديد من المعجبات حوله..اما مازن فقد قال وهو ينهض من مجلسه: هاقد جاءت مها .. سأذهب انا الآن..
قالها وغادر المكان..وان خلف وراءه قلبا يتلهف لعودته.. وعينان تترقبان رؤيته من جديد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت نظرات الضيق واضحة في عيني مها وهي تقترب من الطاولة التي تجلس خلفها ملاك.. وكذلك في عيني هذه الأخيرة ..كلاهما كانتا تفكران في شخص ما يشغل تفكيرها عن الاخرى وعن العالم الخارجي بأكمله ..ووجدت مها نفسها تزفر بقوة وهي تجلس على الطاولة وقالت وكأنها تحادث نفسها: لماذا لا يفهم؟..
التفتت لها ملاك وقالت بدهشة: هل تتحدثين إلي؟..
قالت مها وهي تمط شفتيها وتسند ظهرها للمقعد: لا بل أحادث نفسي..
ابتسمت ملاك وقالت: ومن هذا الذي تريدينه أن يفهم؟..
تجاهلت مها سؤالها وقالت: ما رأيك أن نغادر النادي ونعود إلى المنزل؟ ..
قالت ملاك بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا..
قالت مها وهي تلوح بذراعها: الم تقولي إن لديك دروس لم تنهيها بعد .. فلنعد اذا لتكمليها..
قالت ملاك بهدوء: لا بأس..
اسرعت مها تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتصل بالسائق ليحضر الى النادي .. في حين قالت لها ملاك بعد ان انهت المكالمة: الن تخبري مازن او كمال بمغادرتنا؟..
قالت مها وهي ترفع حاجباها بدهشة: ولماذا افعل؟..
- قد يغضبان ان علما اننا قد غادرنا دون ان نخبرهما..
ضحكت مها وقالت: بل سيغضبان لو اننا اخبرناهما وقطعنا عليهما التدريب.. دعك منهما..
ثم لم تلبث ان استرعى انتباهها كأس العصير الموجود امامها فتساءلت قائلة: كأس من هذا؟..
تطلعت ملاك الى كاس العصير الذي لم يشرب منه مازن الا القليل ومن ثم قالت: انه لمازن..
- هل جاء الى هنا؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا.. فقالت مها مستغربة:جاء الى هنا ليجلس معك وترك التدريب .. ياله من شاب متقلب..
تطلعت لها ملاك بحيرة ولم تفهم سر وصف مها لمازن بالمتقلب فجعلت افكارها تتحول الى سؤال اسرعت تهتف به قائلة: ماذا تعنين بأنه شاب متقلب؟..
قالت مها بسخرية: منذ اسبوع فقط كاد ان يتشاجر معي امام كل من في النادي لاني طلبت منه ان يترك التدريب ويأتي ليوصلني الى احد الاقسام..
- ربما كان مشغولا حينها..
هزت مها رأسها نفيا ومن ثم قالت: بل انه يكره ان يساعد أي احد..
قالت ملاك بشك وقلق: لست اظن ان مازن على هذه الصورة..
قالت مها وهي تبتسم بسخرية مريرة: انت لا تعرفينه كما اعرفه انا..
ظهر التساءل في عيني ملاك وقبل ان تجيب مها هذا التساؤل ارتفع صوت رنين هاتف مها المحمول فأجابته قائلة: الو.. اجل.. حسنا انتظر قليلا وسنحضر في الحال..
واغلقت الهاتف لتقول بهدوء: لقد حضر السائق..
- بهذه السرعة..
- لقد كان قريبا من المكان.. هيا فلنذهب..
لم تجد ملاك سببا لمعارضة المغادرة فقالت وهي تزيح خصلات من شعرها عن جبينها: حسنا..
اسرعت مها تنهض من خلف مقعدها وتدفع مقعد ملاك متوجهتان الى الطريق المؤدي الى خارج النادي..وقالت ملاك بابتسامة باهتة في تلك اللحظة: هل سنحضر الىالنادي غدا؟..
قالت مها بابتسامة: ان شئت ذلك..
اطرقت ملاك برأسها قليلا ومن ثم داعبت قلادتها الذهبية وقالت: كان بودي البقاء اكثر حتى ارى جميع ارجاء النادي ولكنك...
بترت ملاك عبارتها عندما لاحظت ان مها لا تستمع اليها بل تتطلع الى يمينها باهتمام.. فالتفتت ملاك بدورها لتشاهد حسام يقترب منهما ويقول مبتسما: الى اين ايتها الهاربتان؟..
قالت مها وهي تمط شفتيها: الى الخارج كما ترى..
قال متسائلا وهو يعقد ساعديه امام صدره ويتطلع الى مها: ولماذا تغادران الآن؟..
قالت مها بحنق: لدي بعض الدروس التي ارغب في ان انهيها .. هل من سؤال آخر؟..
مال حسام نحوها وقال بصوت خافت: وستتصلين بي حتى اشرحها لك .. اليس كذلك؟..
شعرت مها على الرغم منها بانعقاد لسانها وتوتر اطرافها وهي ترى نظراته المثبتة عليها.. وابتسامته الواسعة التي ملأت وجهه ..واسرعت تنتزع نفسها من مشاعرها لتقول وهي تشيح بوجهها عنه: لن اتصل حتى لو لم افهم أي كلمة مما سأدرسه ..
ضحك حسام وقال: لا تقلقي سيكون الشرح مجانا..
تطلعت له مها بغيظ.. الا يفهم هذا الشاب؟..واسرعت تقول وهي تستدير عنه: افضل ان ادفع لمن سيشرح لي ما لم يكن هو انت..
كادت ان تمضي في طريقها لولا ان امسك بذراعهاليوقفها قائلا بجدية: ماذا بك يا مها؟..
قالت ببرود: لا شيء ابدا..
ولكنها اجابت عن سؤاله لنفسها.. قالت بكل اللوعة في اعماقها: ( لقد سأمت يا حسام.. سأمت حقا من كلماتك التي لا تحمل ذرة مشاعر تجاهي.. الا تشعر بحبي لك حقا؟ ..اتظن اني حجر لا تؤثر في كلماتك الأخوية تجاهي.. اريد ان اسمع ولو كلمة واحدة تجدد الامل في اعماقي.. حتى عيناك لا ارى فيهما الا اهتمام فحسب.. لا ارى اية مشاعر.. سأمت هذا كله يا حسام.. اتفهمني؟ ..)
تطلع اليها حسام طويلا ومن ثم قال: بل هناك امر يضايقك يا مها .. اخبريني من الذي ضايقك.. كمال ام مازن؟.. ام احد الزملاء بالنادي؟..
قالت مها بحدة: ولم يجب ان يكونوا هؤلاء؟.. الا يوجد شخص آخر من الممكن ان اتضايق منه؟..
قال بحيرة: شخص آخر؟.. ومن يكون؟..
قالت مها بانفعال: انه يقف امامي..انت..
اتسعت عينا حسام بدهشة من قولها هذا.. حتى ملاك التي كانت تحاول ان تتظاهر بالانشغال بمداعبة قلادتها التفتت لها بحدة وهي تستغرب جرأة مها وردها هذا الذي لم تتوقعه ابدا..
وتوقفت نظرات حسام امام عيني مها وكأنه يحاول ان يعرف ما يدور في داخلها من افكار ومن ثم ابتسم ابتسامة باهتة وقال: مني انا؟.. اصدقك القول اني لم اتوقع هذا الجواب منك.. فطالما حاولت ان اكون سببا في سعادتك وابتسامتك.. لا ضيقك .. ولكنني وجدت نفسي اليوم اكون سببا في ضيق مها العزيزة دون ان اشعر.. اخبريني بالله عليك.. فيم ضايقتك؟ .. وانا مستعد لأشرح لك موقفي كله..
ارتبكت مها أمام نظراته التي تحاصرها.. ارتبكت أمام كلماته التي امتلأت بالاهتمام والحنان تجاهها.. ارتبكت من مسكة كفه لذراعها عندما حاول إيقافها.. وأشاحت بوجهها عنه لتخفي تأثيره عليها عن ناظريه وقالت وهي تزدرد لعابها وتحاول السيطرة على ارتباكها: المعذرة .. لم اقصد.. انسى ما قلته ..
وابتعدت بسرعة عن المكان.. كاد حسام ان يتبعها ولكنه لم يفعل.. ادرك انه لو تبعها فلن تخبره بسبب ضيقها منه ابدا.. لهذا عليه ان يعرف السبب بنفسه.. وان كان قد بدأ يشك في سبب ضيقها ذاك...


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:16 AM   #14 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السادس
"مشاعرها"

اغلقت مها عينيها وهي تغط في تفكير عميق شغل ذهنها عن كل ما حولها منذ بداية صعودها للسيارة حتى تغادر النادي ..انها تشعر بخطأ تصرفها.. وبخطأ ما فعلته.. لم يكن ينبغي عليها ان تنفعل هكذا مندفعة وراء مشاعرها.. هو لا يعلم انها تحبه.. لهذا ليس ذنبه ان لم يشعر بها.. كان من الافضل لها ان تصبر وتخفي مشاعرها.. على الاقل حتى تنجح في تحريك مشاعره تجاهها.. ولكن كيف؟..
لقد حاولت مرارا وتكرارا ان تلمح له و لا تستطيع ان تفعل اكثر من ذلك.. لا تستطيع ان تصرح بحبها له هكذا علانية ..لا يوجد أي منطق يجعل الفتاة تتمتع بكل تلك الجرأة لتصرح بحبها للشاب.. الفتاة بطبيعتها الرقيقة والخجولة .. تنتظر من الشاب ان يقدم على هذه الخطوة اولا.. وليست هي من تـ...
(مها..هل انت بخير؟)
فتحت مها عينيها لتنتشل نفسها من دوامة افكارها والتفتت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: اجل .. لم تسألين؟..
قالت ملاك وهي تشير الى وجهها: لقد كنت تعقدين حاجبيك بطريقة تدل على تعبك..
- لقد كنت افكر في امر ما ليس الا..
ازدردت ملاك لعابها وتجرأت لتقول: بخصوص.. حسام؟..
التفتت لها مها في حدة وكأنها لم تتخيل ابدا ان تفهم ملاك بما جال في افكارها طوال الطريق.. وقالت بحدة على الرغم منها: وما دخل حسام بالموضوع؟..
قالت ملاك وهي تهز كتفيها: لست ادري.. ولكن حديثك الاخير معه في النادي.. جعلني اظن انك تفكرين به..
قالت مها وهي تشيح بوجهها عنها في ضيق: لست افكر به ابدا.. ولن افعل في يوم..
كانت تعلم انها كاذبة.. لم تكذب على ملاك فحسب .. بل كذبت على نفسها ايضا.. وهي تأمل ان يغيب عن افكارها تماما.. ولكن كيف لشمس الحب ان تغيب وهي في كبد سماء الاحلام؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال مازن وهو يشير لكمال من بعيد هاتفا بصوت مرتفع: كمال.. الن تغادر؟..
اكتفى كمال بأن اشار له بكفه اشارة (لا)..فزفر مازن وقال وهو يبتعد عنه: هذا شأنك..
وابتعد عن المكان وهو يجوب ارجاء النادي..كان النادي في هذا الوقت بالذات قليل الزوار..نظرا للجو البارد ونسمات الهواء التي ترجف الابدان بعد ان انتصر الظلام على النور في تلك السماء الواسعة..مما سمح لمازن ان يجوب كما يشاء فيه دون ان يأبه بهذا او ذاك .. وطال سيره حتى توقف بغتة عند كافتيريا النادي .. وتوجهت انظاره الى الطاولة التي جلست عليها ملاك اليوم .. وتذكر ما دار بينهما اليوم من حديث.. وتذكر عبارته الساخرة لها عن سماعها لصوت الريح.. ووجد نفسه يغمض عينيه.. ويترك المجال لاصوات الرياح ونسمات الهواء لتتسلل الى اذنيه.. وبغتة فتح عينيه بقوة ودهشة.. وابتسم لنفسه بسخرية قائلا: ما بالك يا مازن؟.. هل دفعتك ابنة عمك لفعل هذا؟.. الم تتهمها بالجنون لفعلها ذاك؟.. فلم قمت بما فعلت هي اذا؟.. هل جننت انت ايضا؟..
هز رأسه وابتسامته الساخرة لم تفارق شفتيه ومن ثم قال وهو يسير مبتعدا عن المكان: ربما اردت ان اشعر بما تشعر به وهي في هذه الحال..
لم يزد على ما قاله حرفا.. بل اسرع بمغادرة المكان بسيارته متوجها الى المنزل.. ولكن اتصال هاتفي جعله يعقد حاجبيه بتفكير ومن ثم يتطلع الى الرقم للحظة.. وما ان فعل حتى زفر في حدة وقال: يا الهي.. الن تتعب هذه الفتاة ابدا؟..
واجابه قائلا: اجلا يا حنان.. ماذا تريدين؟..
قالت في سرعة: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال ببرود: بخير..
قالت بالم: لم لا تجيب على مكالماتي..انني اتصل بك منذ الصباح؟ ..
عاد ليقول بملل: اخبريني ماذا تريدين؟..
قالت برجاء: اريد ان اراك .. أين انت؟..
تنهد بقوة وقال: لقد غادرت النادي وفي طريقي الى المنزل.. ربما غدا.. الى اللقاء..
انهى المكالمة في سرعة ومن ثم اغلق الهاتف بأكمله.. يعلم انه خطأه منذ البداية في تكوين علاقة مع أي فتاة.. ولكنه مع هذا لا يزال مستمرا في هذا الخطأ.. انه لا يعد أي فتاة يعرفها بأي شيء .. مجرد صداقة عابرة لا اكثر ان ارادت .. ولكن حنان هي الوحيدة التي لا تزال متشبثة به.. وتصر على ملاحقته اينما كان.. ليس ذنبه ان كانت مشاعرها تفوق الصداقة .. لقد اوضح لها الامر منذ البداية.. وهي التي تركت مشاعرها تسترسل حتى وصلت الى ما هي عليه الآن..
وصل في تلك اللحظة الى المنزل..فأوقف سيارته في الموقف الخاص بها.. ومن ثم غادرها ليدخل الى المنزل.. ويسير عبر ردهته الكبيرة والواسعة..وهناك رأى ملاك.. اعاده مرآها لما فعله قبل قليل بالنادي.. وابتسم على الرغم منه.. ولكن شيئا آخر جال بذهنه في تلك اللحظة.. شيء يتعلق بملاك.. فاليوم بدت اكثر تجاوبا مع الجميع وليس معه هو فقط.. اصبحت تتحدث بحرية.. ولا تكتفي بالكلمات المقتضبة .. وهذا يعني انها قد بدأت ترتاح لوجودها هنا وتعتاد على المكان ..
واقترب من مكان جلوس ملاك.. التي لم تكن منتبهة له بل منشدة بحواسها كلها بقراءة قصة بين يديها ..وتسلل مازن بخفة ليجذب القصة من بين يديها فجأة وفي غمرة دهشتها ويقول مبتسما: ماذا تقرئين؟..
رفعت عينيها اليه وقالت بدهشة: مازن.. متى جئت؟..
قال وهو يلوح بكفه بلا اهتمام: منذ قليل..
واردف وهو يتطلع الى عنوان القصة التي كانت تقرأها: والآن فلنر ماذا كنت تقرئين..
ابعدت نظراتها عنه في صمت فاستطرد هو بسخرية: (حب الى الابد).. اهذا ما تقرئينه؟.. لم اكن اعلم بأنك تصدقين مثل هذه التفاهات..
التفتت له ملاك بحدة وقالت بدهشة: تفاهات؟؟..
قال بسخرية وهو يقلب صفحات الرواية بين يديه: اجل تفاهات.. فمن يصدق وجود مثل هذا الحب الرومنسي في هذا العالم سوى في الافلام والروايات..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: هذا ليس صحيحا ابدا.. فقيس وليلى كانا من الواقع وليسا مجرد رواية..
قال مازن بابتسامة : انهما من زمن ولى وانتهى.. ولم يعد هناك ما يسمى بهذا الحب الرومنسي ..
قالت ملاك معترضة: من قال هذا؟.. لا يزال هذا الحب موجودا والا لما كتب عنه المؤلفين..
- لانه مجرد خيال ينبع من رؤوسهم..
- بل هو دليل على ان الحب لا يزال موجودا في هذا العالم.. ولكن انت من يرفض هذا الواقع..
قال مازن وهو يميل نحوها: اخبريني انت..اين ترين مثل هذا الحب في العالم من حولك؟..
ازدردت لعابها بتوتر حتى جف حلقها.. كانت الاجابة موجودة في اعماقها وبين مشاعرها.. كان قلبها يريد ان يجيبه بأنه اقرب مما يتصور.. فمشاعرها تجاهه تزداد لحظة بعد اخرى..وصمتت للحظة وهي تبحث عن جواب في عقلها ومن ثم قالت بابتسامة باهتة: في حب الزوج لزوجته.. في حب الابن لأمه.. في حب الاخ لأخيه..
قال مازن وهو يتخذ مجلسه على احد المقاعد ويرمي الرواية على الطاولة الصغيرة الموجودة امامه: هذا غير صحيح ابدا.. فمشاعر الابن تجاه امه هو عبارة عن عاطفة قوية تتولد مع الايام وتجعله يتعلق بها ..
قالت ملاك باصرار: ويحبها ايضا..
اومأ برأسه ومن ثم قال: ولكنه يختلف تماما عن هذا الحب الرومنسي.. حب الشاب لفتاة.. يجعله هذا الحب ينغمس حتى اذنيه فيه.. ولا يفكر في شيء سوى الحب.. ومستعد للتضحية بكل شيء من اجل هذا الحب..
قالت ملاك بهدوء: وما الخطأ في كل هذا؟..
دس اصابعه بين خصلات شعره وقال مبتسما: ان اكون محكوما ومقيدا بمشاعر لا قيمة لها..
عقدت ملاك حاجبيها من منطقه الغريب.. وقالت بضيق: ولم تعارض انت هذه المشاعر؟..
- اخبرتك لانها لا اساس لها من الصحة..
ارادت ملاك ان تسأله عن شيء آخر ولكن وجدت خجلها يمنعها فلاذت بالصمت.. وفي تلك اللحظة اقتربت مها من المكان وقالت : وان اردت ان تختار شريكة حياتك.. كيف ستختارها اذا؟..
التفتت لها ملاك بحدة.. وارتفع حاجباها بدهشة.. فهذا هو نفس السؤال الذي دار بأعماقها ولم تقو على التصريح به.. في حين قال مازن بلامبالاة: لا يجب ان يكون الحب اساس للزواج .. هناك الاعجاب.. المعرفة.. الثقة وغيرها من تلك الامور ..
قالت مها بحنق: انت شاب معقد.. ترى الفتيات من حولك.. فتظن انهن لعبة في يدك.. وانك اذا اردت ان تختار ستختار فتاة سيكون لك مصلحة ما بزواجك منها..
قال مازن وهو يسترخي بمقعده: ربما...
اما ملاك فقد تطلعت له بمرارة وحزن.. احقا يرى الحب مشاعر تافهة لا اساس لها.. ويرى اختيار شريكة حياته التي ستعيش معه طوال حياتهما لا يجب ان ينبني على الحب.. اتكون بهذا فقدت املها في مازن.. ام لأنه لم يشعر بتلك المشاعر الدافئة التي تتسلل الى قلبه فبات يتكلم عن الحب بمثل هذه الطريقة؟..لا تدري ابدا.. ولكنها قد اصبحت تخشى مشاعرها تجاه مازن.. ربما لانها تزداد قوة مع مرور الوقت.. دون ان تعلم ما هي مصير مشاعرها هذه؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الساعة العاشرة وقت اجتماع العائلة حول مائدة العشاء.. والجميع كان حاضرا في هذا الوقت.. وحتى كمال الذي يتغيب معظم ايام الاسبوع..وكان الصمت مخيما على تلك المائدة مكتفين جميعهم بتناول ملعقة ومتظاهرين بتناول الاخرى ..دون ان يعلم احدا منهم بالافكار الكثيرة التي تدور في رأس الآخرين..
فمن جهة كان امجد يفكر في مصير ابناءه وفي ملاك التي اقتحمت حياتهم فجأة والتي قد تكون سببا في حدوث الكثير من المشاكل بينه وبين اشقاءه..ومن جهة اخرى كانت مها تفكر في حسام وحبها الصامت له.. وكيف تشعره بهذا الحب الذي تحمله له في قلبها.. بينما كان كل من مازن وكمال يقكران في سباق الخيل ويتمنى كلاهما الحصول على احد المراكز الاولى.. واخيرا تفاوتت افكار ملاك ما بين مشاعرها التي بدأت تخشاها تجاه مازن وما بين والدها.. والدها الذي لم يتصل بها اليوم ابدا.. ترى هل هو مشغول بأمر منعه من الاتصال بها؟...
(عزيزتي ملاك.. فيم تفكرين؟)
التفتت ملاك الى صاحب العبارة وقالت بابتسامة باهتة: لا شيء يا عمي..
قال امجد بنبرة هادئة: اخبريني يا عزيزتي.. الست عمك؟..
اومأت برأسها ومن ثم قالت وهي تحاول ان تخفي القلق من نبرة صوتها: ابي.. لم يتصل بي اليوم ابدا..
قال امجد بابتسامة مشفقة: ربما كان مشغولا..
وتدخل مازن في الحديث قائلا: او ربما قد نسي الاتصال بك..
التفتت ملاك لمازن وقالت باستنكار: لا يمكن ان يحدث ذلك .. من المستحيل ان ينسى ابي الاتصال بي..
قال مازن بدهشة: ولماذا مستحيل؟.. اننا بشر..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: انت لا تعرف ابي.. انه ينسى كل شيء فيما عداي..
واردفت وهي تعض على شفتها السفلى: اخشى ان يكون قد اصابه مكروه او...
قاطعها مازن في سرعة: لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟..
اشارت الى نفسها مندهشة: انا؟؟..
- اجل انت.. ما الذي يدهشك في الامر؟..
بعثرت ملاك نظراتها بعيدا عن مازن وكأنها اصبحت تخشى مواجهته ومن ثم قالت: لا اعلم ولكني اعتدت ان يتصل بي هو دائما..
قال مازن بابتسامة مرحة: اذا غيري من عادتك هذه واتصلي به .. لن تخسري شيئا..بل نحن من سيضاف الى فاتورة هاتف منزلنا سعر مكالمة دولية..
هزت ملاك رأسها نفيا ولم تتحرك من مكانها قيد انملة..فقال امجد بهدوء بعد ان رمق مازن بنظرة حازمة: حقا يا ملاك.. ان ما يقوله مازن صحيح.. لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: سيتصل.. انا اعلم انه سيتصل.. من المستحيل ان ينسى الاتصال بي.. لقد وعدني..
زفر مازن بحرارة ومن ثم قال: خذي..
لم تفهم ملاك مغزى عبارته ولكنها فهمت عندما تطلعت اليه ورأته يمد لها يده بهاتفه المحمول.. فتطلعت اليه بدهشة دون ان تقوى على مد يدها لأخذ الهاتف من يده.. في حين التفتت لها مها وقالت مبتسمة: خذي هاتفه يا ملاك.. واتصلي بوالدك حتى تطمئني عليه..
ترددت ملاك طويلا دون ان تجرأ على مد كفها لأخذ الهاتف من مازن.. ولكن شيء ما في نظرات مازن المشجعة.. جعلها تتخلى عن ترددها هذا للحظة وتمد كفها لتأخذ الهاتف منه.. واستنكرت هذا الشعور الذي اخذ يراودها تجاه مازن.. واخذت تتطلع الى هاتف هذا الاخير وكأنها تحاول ان تستشف منه شخصيته.. كان هاتفا اسود اللون في حجم كف اليد.. ولا شيء آخر يميزه.. ولكن اللون اثار انتباه ملاك ربما لانها ربطت بين لون الهاتف وبين لون القميص الذي يرتديه.. ربما كان يفضل هذا اللون.. فمنذ اليوم الاول لها وهي تراه يرتدي اما قميصا او بنطالا اسود اللون..
ابعدت مازن عن تفكيرها واسرعت تتصل بوالدها.. واستمر الهاتف على الجانب الآخر بالرنين لعدة دقائق قبل ان ينقطع الرنين..فقالت ملاك بصوت خافت ومتوتر: لا احد يجيب ..
قال لها مازن: عاودي الاتصال به مرة اخرى..
من جانب آخر كان كمال يتطلع لكل ما يحدث امامه دون ان يعلق ولو بحرف واحد.. مكتفي بالصمت والتفكير في ذلك السباق الذي اقترب موعده كثيرا..وكأن لا شيء يحدث امامه وفي وجوده ..
اما ملاك فقد عاودت الاتصال بوالدها واستمعت الى الرنين طويلا.. ولكن في هذه المرة سمعت اجابة على الهاتف وصوت متعب يقول: الو من المتحدث؟..
قالت ملاك بكل اللهفة والسعادة في اعماقها:انا ملاك يا ابي.. كيف حالك؟.. لم لم تتصل بي حتى الآن؟..
قال خالد والد ملاك بابتسامة مرهقة: اعذريني يا صغيرتي.. لقد انشغلت طوال هذا اليوم.. وكنت سأتصل بك بعد ان انهي اعمالي ..
قالت ملاك بحب: اشتقت اليك يا ابي.. بأكثر مما تصور.. متى ستعود؟..انا بحاجة اليك.. اريدك ان تعود..
قال خالد وهو يتنهد: ربما نهاية هذا الاسبوع..
اقلقها استخدامه لكلمة (ربما).. فقالت باضطراب: ماذا تعني بأنك ربما تعود نهاية هذا الاسبوع يا ابي؟.. هل تعني انك ستتأخر لأكثر من ذلك؟..
قال خالد وهو معتاد على اسلوب ابنته وتعلقها به: انني اعد الايام حتى اعود يا صغيرتي.. اعمل ليل نهار حتى اعود قبل الوقت المحدد.. ولكن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي..
واردف بابتسامة ابوية وكأن ملاك ستراها او تشعر بها: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. انا مضطر لانهاء المكالمة الآن حتى انهي ما بيدي.. اراك بخير..
قالت ملاك بصوت متحشرج: وانت كذلك يا ابي.. الى اللقاء ..
ابعدت الهاتف عن اذنها ببطء.. وشعرت بضيق كبير يعتمر في صدرها من جراء انهاء والدها للمكالمة بهذه السرعة.. ومن ثم قالت بصوت متحشرج وهي ترفع نظراتها الى مازن وتمد له يدها بالهاتف: اشكرك..
التقط الهاتف من يدها وقال مبتسما: العفو.. ولا نريد ان نرى دموعا..
وكأن عبارته قد لمست وترا حساسا بداخلها.. فسرعان ما ترقرقت الدموع في عينيها واطرقت برأسها في الم وحزن.. والتفتت عنهم دون ان تقوى على نطق حرف واحد.. وابتعدت بمقعدها عن المكان وعلى وجنتيها سالت دموع حزن ومرارة ..
وعلى تلك الطاولة تابعتها عيون الجميع.. وارتسم الاشفاق جليا في تلك العيون..ولكن عيني مازن وحدها كانت تحملان لها الاهتمام.. اهتمام اثار دهشته هو نفسه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تثاءبت ملاك وهي تستيقظ من نومها على صوت نادين.. واعتدلت في جلستها لتقول ولا تزال اثار النعاس بادية في صوتها: هل اعددتي طعام الفطور؟..
اومأت نادين براسها .. فعادت ملاك لتسألها وهي تزفر بحدة: ولا يوجد احد بالمنزل كالعادة.. اليس كذلك؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتي نادين وقالت: لا.. بل يوجد.. مها لم تغادر اليوم..
قالت ملاك بدهشة ممزوجة بالسعادة: لم تغادر؟.. حقا؟.. ولم؟..
واستطردت ملاك بقلق: ربما كانت مريضة..
قالت نادين وهي تهز رأسها نفيا: لا ليست مريضة.. ولكني سمعتها تقول لشقيقها ان ليس لديها أي محاضرات هامة هذا اليوم ..
قالت ملاك في سرعة: اذا اذهبي اليها واخبريها انني اريد ان اتناول طعام الافطار معها..
ابتسمت نادين وقالت وهي تضع المقعد المتحرك قريبا من فراش ملاك: حسنا سأفعل آنستي..
قالتها نادين ومن ثم غادرت الغرفة .. في حين اسرعت ملاك تنهض من على فراشها لتجلس على مقعدها المتحرك.. وتحركت بمقعدها لتبحث في تلك الخزانة عن ملابس ترتديها ..ومن ثم لم تلبث ان ان غادرت الغرفة بعد ان القت على نفسها نظرة اخيرة في المرآة..وبالردهة اسرعت تحرك مقعدها المتحرك حتى وصلت عند اسفل درجات السلم..ورأت حينها نادين تهبط من على درجاته وتقول بهدوء: لقد قالت لي الآنسة مها انها ستستبدل ملابسها وتهبط في الحال..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي ملاك..شعرت بالسعادة لان مها ستتناول معها طعام الافطار هذا اليوم.. ستجد من تتحدث اليه .. بدلا من الصمت المطبق الذي يسيطر على المائدة باكملها حتى يفقدها شهية تناول أي شيء..
في تلك اللحظة قالت نادين وهي تقترب من ملاك: اترغبين بأي شيء آنستي؟..
هزت ملاك رأسها نفيا فقالت نادين وهي تهم بالانصراف: سأذهب لأضع اطباق الفطور على المائدة اذا..
لم تعلق ملاك على عبارتها بل اخذت تتطلع الى اعلى درجات السلم وهي ترفع رأسها قليلا بانتظار نزول مها من غرفتها و...
(ما الذي تفعليه هنا؟..)
انتفضت ملاك بخوف والتفتت الى صاحب العبارة وقالت وهي تزدرد لعابها: مازن..
كان واقفا خلفها بمترين تقريبا وقال مبتسما وهو يتقدم منها: اجل هو انا .. لا تخشي شيئا لست شبحا..
قالت ملاك متسائلة: ولكن نادين اخبرتني انه لا يوجد احد بالمنزل سوى مها ..
قال مازن وهو يتحرك باتجاه السلم: لقد عدت من الخارج لاني نسيت اخذ محفظتي معي..
والتفت لها ليقول مستطردا: ولكن ما الذي تفعلينه انت هنا عند السلم؟..
قالت ملاك بابتسامة: انتظر مها..
قال مازن وهو يهز كتفيه: ولم تنتظرينها ؟.. اذهبي اليها انت ..
تلاشت الابتسامة من على شفتي ملاك.. وشعرت بغصة مرارة تملأ حلقها.. وارتسمت تلك المرارة جلية في عينيها.. وظلت صامتة دون ان تتفوه بحرف واحد.. في حين تتطلع اليها مازن بندم.. وهو يلوم نفسه مما قاله.. وسمعها تقول في تلك اللحظة وهي تطرق برأسها وتطلع الى قدميها: وكيف اذهب انا اليها؟.. هل سأصعد اليها بفدمين عاجزتين؟..
حاول مازن ان يصلح ما افسد فقال بمرح مصطنع: اعني ان احملك انا الى الطابق الاعلى..
رفعت ملاك اليه رأسها في دهشة.. ومن ثم لم تلبث وجنتاها ان توردتا بحمرة قانية..وانعقد لسانها عن الحديث.. فقال مازن مبتسما - وقد اسعده تبدل حزنها على هذا النحو - وهو يميل نحوها: لقد كنت امزح ليس الا..
واردف وهو يغمز بعينه: ولكن ان طلبت مني ذلك.. فلن اتأخر ..
ازداد تورد وجنتي ملاك.. وشعرت بضربات قلبها تخفق بقوة وسرعة عجيبة..ورفعت رأسها لمازن لتراه يصعد درجات السلم وهو يطلق صفيرا منغوما من بين شفتيه وكأن لا شيء على باله ابدا.. وكأنه لم يلهب مشاعرها نحوه.. وكأنه لا يتعمد التقرب منها.. لو كان مازن شابا مستهترا كما تقول مها.. فلماذا يهتم بي كل هذا الاهتمام؟.. لماذا هو الوحيد الذي يحنو علي؟.. لماذا هو الوحيد الذي انجذبت له؟.. هل هو قدري يا ترى؟..هل هي لعبة القدر التي تجمع وتفرق كما تشاء؟ ..
قبل ان تواصل افكارها رأت مها تهبط درجات السلم على عجل وقالت مبتسمة بمرح: ما هذا؟.. ملاك بنفسها من يطلب رؤيتي.. وتنتظرني ايضا..
ابتسمت ملاك وقالت: لقد علمت انك لم تذهبي الى الجامعة اليوم.. فقررت ان اتناول طعام الافطار معك..
قالت مها بابتسامة واسعة وهي تقترب منها: خيرا فعلت..
واقتربتا كلاهما من مائدة الافطار.. لتجلسان في مواجهة بعضهما البعض.. وقالت مها متساءلة وهي تتناول رشفة من كوب الشاي الموجود امامها: متى سيحضر استاذك؟..
قالت ملاك مبتسمة: استاذة هذه المرة.. وستحضر بعد ساعتين من الآن..
قالت مها بابتسامة: اذا لدينا الوقت الكافي لنتحدث سويا..
اومأت ملاك برأسها وقالت وهي تتناول قليلا من طبقها: بالتأكيد..
قالت مها وهي تتطلع لملاك: في الحقيقة يا ملاك.. اسعدني انك قد ابتعدت عن انطوائيتك قليلا.. واصبحت تشاركينا الحديث ..
ارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك وقالت: لقد كنت منطوية على نفسي عندما لم ار من يهتم بي.. ولكن عندما وجدت هذا الاهتمام منكم.. قررت ان اشارككم الحديث والنزهات..
قالت مها بخبث: من تعنين بمنكم؟.. ممن رأيت الاهتمام؟ ..
ارتبكت ملاك على الرغم منها وقالت بصوت متلعثم: انت وعمي وابناء عمي جميعا..
قالت مها بابتسامة هادئة: لست اظن كمال يهتم بأحد..
واستطردت قائلة بغتة: نسيت ان اخبرك..
قالت ملاك بحيرة: ماذا؟..
- ستقام حفلة غدا في منزلنا.. اعتاد ابي اقامة مثل هذه الحفلات كلما نجح في صفقة ما بشركته.. لهذا عليك ان تجهزي شيئا ما لترتديه..
قالت ملاك وهي ترفع حاجبيها بدهشة: لم اجلب ما يناسب هذه الحفلات ابدا.. لم اظن اني سأحتاج لارتداء فستان يخص الحفلات في منزل عمي ..
قالت مها في سرعة: دعينا نرى ما جلبته معك من ملابس اذا وربما احدها قد يناسب لتلك الحفلة..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اظن..
فكرت مها قليلا وقالت: لو استلزم الامر سنذهب الى احد المحال التجارية المشهورة ونشتري لك ما تحتاجينه من...
(وانا من سيوصلكم بكل تأكيد)
التفت كلاهما الى ناطق العبارة بدهشة .. وازدادت دهشتهم عندما رأوا مازن يعقد ذراعيه امام صدره وابتسامة على شفتيه .. وقالت مها متطلعة اليه: وما دخلك انت؟.. سنخبر السائق حتى يوصلنا الى حيث نريد..
اقترب مازن اكثر وجذب له اقرب المقاعد اليه والتي كانت عند رأس الطاولة.. أي بين ملاك ومها..وقال: بل سأوصلكم انا .. ماذا تريدون اكثر من هذا؟..مازن بنفسه يتطوع لأخذكم الى السوق..
قالت مها وهي تمط شفتيها: لا نريد.. وفر خدماتك لنفسك..
تطلعت اليها ملاك بحيرة وتساءلت بالرغم منها..ربما كان فضولا لمعرفة السبب: ولماذا؟..
قالت مها وهي تشير الى مازن: لو وافقنا على ان يأخذنا هذا الى السوق .. فأنه لن يكف عن ترديد عباراته المعتادة.." لقد تعبت".. "لقد تأخرنا".. "يكفي هذا".. لا يجعلك تأخذين راحتك بالشراء..
ابتسمت ملاك بهدوء في حين قال مازن بابتسامة: سأترك لكم حريتكم هذه المرة..
مالت مها نحوه وقالت بحنق: اتظن اني لا اعرفك يا مازن.. بعد ساعة واحدة فقط ستردد علينا هذه العبارات.. اخبرتك بأننا لا نريد الذهاب معك..
تحركت اصابع مازن على الطاولة ومن ثم قال وهو يرفع احدى حاجبيه: ولماذا تجمعين؟.. ربما كان لملاك رأي آخر..
والتفت لها ليقول: ما رأيك يا ملاك؟.. اترفضين انت ايضا ان اوصلكم الى السوق؟..
تطلعت اليه ملاك لوهلة ومن ثم ابعدت عينيها عنه.. ربما هو الخجل من ان ترفض قدوم مازن معهم.. او ربما هو قلبها الذي كان يتمنى حضور مازن معها جعلها تجيب: لا .. لست ارفض ..
شهقت مها وقالت بحدة: ما الذي فعلته؟.. اتظنين انه سيتركنا وشأننا الآن.. انه لن يتوقف عن اذلالنا طول فترة ذهابنا معه..
ازدردت ملاك لعابها وقالت بارتباك: وكيف لي ان ارفض؟ ..
اسرعت مها تلتفت لمازن وتقول: مازن ارجوك لا تتدخل.. انها امور خاصة بالفتيات.. دعنا نتصرف لوحدنا واذهب انت الى أي مكان تشاء.. لقد وافقت ملاك لمجرد الخجل منك.. اذهب الى عملك الآن..
قال مازن بعناد: بل سأنتظر حتى تجهزون لاوصلكم الى حيث تشاءون..
قالت مها بسخط: الآن فهمت لماذا تفعل كل هذا.. لانك لا تريد الذهاب الى العمل.. ولو سألك والدي سبب مغادرتك ستخبره انك كنت توصلنا الى السوق.. اليس كذلك؟..
دفع رأسها بسبابته وقال مبتسما: جيد انك عرفت الامر بنفسك ..
واردف وهو ينهض من مقعده: متى شئتم سأوصلكم ..سأذهب الى الطابق الاعلى..
اسرعت مها تقول: لدى ملاك حصة دراسية بعد ساعة ونصف ..
هز مازن كتفيه وقال وهو يغادر: لا بأس.. سننتظرها ومن ثم نغادر..
عقدت مها حاجبيها وقالت بضيق: ولماذا لا تذهب الى العمل في هذا الوقت؟..
قال منهيا النقاش: لقد انتهى الامر..
قالها وانصرف في حين قالت مها بحنق: ينتظرنا اكثر من ثلاث ساعات افضل عنده من الذهاب والعمل عند ابي..
قالت ملاك بهدوء: ربما يشعر ان العمل لدى عمي لا يشبع طموحه ..
قالت مها وهي تلوح بكفها: عمل ابي مختلف تماما عن تخصص مازن.. لهذا ترين مازن يكره العمل الذي لا يفهم منه شيئا.. ولكنه مخطأ.. ابي يحتاجه في العمل.. يحتاجه ليسيطر على الموظفين ويراقب سير العمل..
قالت ملاك بشرود: ربما كان من الصعب عليه ان يتأقلم مع عمل غير الذي تمناه في يوم..
هزت مها رأسها بقلة حيلة ومن ثم قالت: دعينا منه الآن.. هل ترغبين بمشاهدة احد الافلام؟.. لدي فيلم رائع جدا..
قالت ملاك بابتسامة: لا ما نع لدي ابدا..
تحركت ملاك بمقعدها وكذلك مها التي نهضت من خلف الطاولة.. ولكن.. توقفت ملاك بغتة وهي تتطلع الى ذلك الشخص الذي كان واقفا امامها .. رفعت رأسها له ..وعرفت حينها انه كمال...
توترت ملاك بغتة لمرآه.. ربما لانها خشت ان يجرحها بكلماته.. وازدردت لعابها دون ان تقوى على التحرك من مكانها.. في حين قالت مها بدهشة وهي تقترب من كمال: ما الذي تفعله هنا الآن يا كمال؟..
قال كمال ببرود: وما الذي تريني افعله؟..
قالت مها وهي تتنهد بحرارة: اعني لماذا جئت؟..
قال كمال وهو يلقي نظرة باردة على ملاك اقشعر لها جسد هذه الاخيرة: ليس هذا من شأنك..
قالت مها وهي تناديه: كمال .. توقف..
ولكنه تجاهلها تماما مغادرا المكان فقالت مها وهي تهز كتفيها: سيثير جنوني كمال هذا.. مع انه هو ومازن شقيقان الا انهما يختلفان في كل شيء..
قالت ملاك بصوت خافت: معك حق..
اسرعت مها قائلة: دعك منهما .. ولنذهب نحن..
اومأت ملاك برأسها وان كانت تشعر بالقلق بسبب كمال ونظرته الباردة لها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
توجهت مها بخطوات هادئة الى غرفة مازن وقالت وهي تطرق الباب: مازن .. هل استطيع الدخول؟..
وبدلا من ان يجيبها فتح الباب وقال: هل انتما جاهزتان؟..
قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها: بلى.. ولكن الم تفكر بتغيير رأيك بعد؟..
قال مبتسما: لا تخشي شيئا لن ازعجكم هذه المرة.. فقد اتصلت بحسام واخبرته بأن يلتقي بنا في احد المراكز التجارية .. فمن حقنا ان نشتري ملابس جديدة للحفل نحن ايضا..
وجدت مها نفسها تتساءل بلهفة: حسام سيأتي ايضا؟؟..
اومأ برأسه بهدوء.. فقالت وهي تتدارك نفسها حتى لا يفهم ان لهفتها مصدرها مجيء حسام: هذا جيد حتى نرتاح من ازعاجك لنا والحاحك المستمر حتى نغادر ..
قال مازن بسخرية: لا تنسي انني انا من سيأخذكم الى هناك.. ويمكنني ان ان اعيدكم الى المنزل بعد ان اشتري انا ما اريد..
التفتت عنه مها وقالت بحنق: لا استغرب ذلك عليك ابدا..
وقالت وهي تبتعد عنه: اجهز سريعا.. نحن ننتظرك بالاسفل ..
لم يجبها مازن بل اكتفى بالدخول الى غرفته مرة اخرى.. في حين ارتسمت على شفتي مها ابتسامة واسعة وهي تبتعد عن المكان..ابتسامة تعبر عن مدى فرحتها بلقاء حسام هذا اليوم...


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:16 AM   #15 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السادس
"مشاعرها"

اغلقت مها عينيها وهي تغط في تفكير عميق شغل ذهنها عن كل ما حولها منذ بداية صعودها للسيارة حتى تغادر النادي ..انها تشعر بخطأ تصرفها.. وبخطأ ما فعلته.. لم يكن ينبغي عليها ان تنفعل هكذا مندفعة وراء مشاعرها.. هو لا يعلم انها تحبه.. لهذا ليس ذنبه ان لم يشعر بها.. كان من الافضل لها ان تصبر وتخفي مشاعرها.. على الاقل حتى تنجح في تحريك مشاعره تجاهها.. ولكن كيف؟..
لقد حاولت مرارا وتكرارا ان تلمح له و لا تستطيع ان تفعل اكثر من ذلك.. لا تستطيع ان تصرح بحبها له هكذا علانية ..لا يوجد أي منطق يجعل الفتاة تتمتع بكل تلك الجرأة لتصرح بحبها للشاب.. الفتاة بطبيعتها الرقيقة والخجولة .. تنتظر من الشاب ان يقدم على هذه الخطوة اولا.. وليست هي من تـ...
(مها..هل انت بخير؟)
فتحت مها عينيها لتنتشل نفسها من دوامة افكارها والتفتت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: اجل .. لم تسألين؟..
قالت ملاك وهي تشير الى وجهها: لقد كنت تعقدين حاجبيك بطريقة تدل على تعبك..
- لقد كنت افكر في امر ما ليس الا..
ازدردت ملاك لعابها وتجرأت لتقول: بخصوص.. حسام؟..
التفتت لها مها في حدة وكأنها لم تتخيل ابدا ان تفهم ملاك بما جال في افكارها طوال الطريق.. وقالت بحدة على الرغم منها: وما دخل حسام بالموضوع؟..
قالت ملاك وهي تهز كتفيها: لست ادري.. ولكن حديثك الاخير معه في النادي.. جعلني اظن انك تفكرين به..
قالت مها وهي تشيح بوجهها عنها في ضيق: لست افكر به ابدا.. ولن افعل في يوم..
كانت تعلم انها كاذبة.. لم تكذب على ملاك فحسب .. بل كذبت على نفسها ايضا.. وهي تأمل ان يغيب عن افكارها تماما.. ولكن كيف لشمس الحب ان تغيب وهي في كبد سماء الاحلام؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال مازن وهو يشير لكمال من بعيد هاتفا بصوت مرتفع: كمال.. الن تغادر؟..
اكتفى كمال بأن اشار له بكفه اشارة (لا)..فزفر مازن وقال وهو يبتعد عنه: هذا شأنك..
وابتعد عن المكان وهو يجوب ارجاء النادي..كان النادي في هذا الوقت بالذات قليل الزوار..نظرا للجو البارد ونسمات الهواء التي ترجف الابدان بعد ان انتصر الظلام على النور في تلك السماء الواسعة..مما سمح لمازن ان يجوب كما يشاء فيه دون ان يأبه بهذا او ذاك .. وطال سيره حتى توقف بغتة عند كافتيريا النادي .. وتوجهت انظاره الى الطاولة التي جلست عليها ملاك اليوم .. وتذكر ما دار بينهما اليوم من حديث.. وتذكر عبارته الساخرة لها عن سماعها لصوت الريح.. ووجد نفسه يغمض عينيه.. ويترك المجال لاصوات الرياح ونسمات الهواء لتتسلل الى اذنيه.. وبغتة فتح عينيه بقوة ودهشة.. وابتسم لنفسه بسخرية قائلا: ما بالك يا مازن؟.. هل دفعتك ابنة عمك لفعل هذا؟.. الم تتهمها بالجنون لفعلها ذاك؟.. فلم قمت بما فعلت هي اذا؟.. هل جننت انت ايضا؟..
هز رأسه وابتسامته الساخرة لم تفارق شفتيه ومن ثم قال وهو يسير مبتعدا عن المكان: ربما اردت ان اشعر بما تشعر به وهي في هذه الحال..
لم يزد على ما قاله حرفا.. بل اسرع بمغادرة المكان بسيارته متوجها الى المنزل.. ولكن اتصال هاتفي جعله يعقد حاجبيه بتفكير ومن ثم يتطلع الى الرقم للحظة.. وما ان فعل حتى زفر في حدة وقال: يا الهي.. الن تتعب هذه الفتاة ابدا؟..
واجابه قائلا: اجلا يا حنان.. ماذا تريدين؟..
قالت في سرعة: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال ببرود: بخير..
قالت بالم: لم لا تجيب على مكالماتي..انني اتصل بك منذ الصباح؟ ..
عاد ليقول بملل: اخبريني ماذا تريدين؟..
قالت برجاء: اريد ان اراك .. أين انت؟..
تنهد بقوة وقال: لقد غادرت النادي وفي طريقي الى المنزل.. ربما غدا.. الى اللقاء..
انهى المكالمة في سرعة ومن ثم اغلق الهاتف بأكمله.. يعلم انه خطأه منذ البداية في تكوين علاقة مع أي فتاة.. ولكنه مع هذا لا يزال مستمرا في هذا الخطأ.. انه لا يعد أي فتاة يعرفها بأي شيء .. مجرد صداقة عابرة لا اكثر ان ارادت .. ولكن حنان هي الوحيدة التي لا تزال متشبثة به.. وتصر على ملاحقته اينما كان.. ليس ذنبه ان كانت مشاعرها تفوق الصداقة .. لقد اوضح لها الامر منذ البداية.. وهي التي تركت مشاعرها تسترسل حتى وصلت الى ما هي عليه الآن..
وصل في تلك اللحظة الى المنزل..فأوقف سيارته في الموقف الخاص بها.. ومن ثم غادرها ليدخل الى المنزل.. ويسير عبر ردهته الكبيرة والواسعة..وهناك رأى ملاك.. اعاده مرآها لما فعله قبل قليل بالنادي.. وابتسم على الرغم منه.. ولكن شيئا آخر جال بذهنه في تلك اللحظة.. شيء يتعلق بملاك.. فاليوم بدت اكثر تجاوبا مع الجميع وليس معه هو فقط.. اصبحت تتحدث بحرية.. ولا تكتفي بالكلمات المقتضبة .. وهذا يعني انها قد بدأت ترتاح لوجودها هنا وتعتاد على المكان ..
واقترب من مكان جلوس ملاك.. التي لم تكن منتبهة له بل منشدة بحواسها كلها بقراءة قصة بين يديها ..وتسلل مازن بخفة ليجذب القصة من بين يديها فجأة وفي غمرة دهشتها ويقول مبتسما: ماذا تقرئين؟..
رفعت عينيها اليه وقالت بدهشة: مازن.. متى جئت؟..
قال وهو يلوح بكفه بلا اهتمام: منذ قليل..
واردف وهو يتطلع الى عنوان القصة التي كانت تقرأها: والآن فلنر ماذا كنت تقرئين..
ابعدت نظراتها عنه في صمت فاستطرد هو بسخرية: (حب الى الابد).. اهذا ما تقرئينه؟.. لم اكن اعلم بأنك تصدقين مثل هذه التفاهات..
التفتت له ملاك بحدة وقالت بدهشة: تفاهات؟؟..
قال بسخرية وهو يقلب صفحات الرواية بين يديه: اجل تفاهات.. فمن يصدق وجود مثل هذا الحب الرومنسي في هذا العالم سوى في الافلام والروايات..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: هذا ليس صحيحا ابدا.. فقيس وليلى كانا من الواقع وليسا مجرد رواية..
قال مازن بابتسامة : انهما من زمن ولى وانتهى.. ولم يعد هناك ما يسمى بهذا الحب الرومنسي ..
قالت ملاك معترضة: من قال هذا؟.. لا يزال هذا الحب موجودا والا لما كتب عنه المؤلفين..
- لانه مجرد خيال ينبع من رؤوسهم..
- بل هو دليل على ان الحب لا يزال موجودا في هذا العالم.. ولكن انت من يرفض هذا الواقع..
قال مازن وهو يميل نحوها: اخبريني انت..اين ترين مثل هذا الحب في العالم من حولك؟..
ازدردت لعابها بتوتر حتى جف حلقها.. كانت الاجابة موجودة في اعماقها وبين مشاعرها.. كان قلبها يريد ان يجيبه بأنه اقرب مما يتصور.. فمشاعرها تجاهه تزداد لحظة بعد اخرى..وصمتت للحظة وهي تبحث عن جواب في عقلها ومن ثم قالت بابتسامة باهتة: في حب الزوج لزوجته.. في حب الابن لأمه.. في حب الاخ لأخيه..
قال مازن وهو يتخذ مجلسه على احد المقاعد ويرمي الرواية على الطاولة الصغيرة الموجودة امامه: هذا غير صحيح ابدا.. فمشاعر الابن تجاه امه هو عبارة عن عاطفة قوية تتولد مع الايام وتجعله يتعلق بها ..
قالت ملاك باصرار: ويحبها ايضا..
اومأ برأسه ومن ثم قال: ولكنه يختلف تماما عن هذا الحب الرومنسي.. حب الشاب لفتاة.. يجعله هذا الحب ينغمس حتى اذنيه فيه.. ولا يفكر في شيء سوى الحب.. ومستعد للتضحية بكل شيء من اجل هذا الحب..
قالت ملاك بهدوء: وما الخطأ في كل هذا؟..
دس اصابعه بين خصلات شعره وقال مبتسما: ان اكون محكوما ومقيدا بمشاعر لا قيمة لها..
عقدت ملاك حاجبيها من منطقه الغريب.. وقالت بضيق: ولم تعارض انت هذه المشاعر؟..
- اخبرتك لانها لا اساس لها من الصحة..
ارادت ملاك ان تسأله عن شيء آخر ولكن وجدت خجلها يمنعها فلاذت بالصمت.. وفي تلك اللحظة اقتربت مها من المكان وقالت : وان اردت ان تختار شريكة حياتك.. كيف ستختارها اذا؟..
التفتت لها ملاك بحدة.. وارتفع حاجباها بدهشة.. فهذا هو نفس السؤال الذي دار بأعماقها ولم تقو على التصريح به.. في حين قال مازن بلامبالاة: لا يجب ان يكون الحب اساس للزواج .. هناك الاعجاب.. المعرفة.. الثقة وغيرها من تلك الامور ..
قالت مها بحنق: انت شاب معقد.. ترى الفتيات من حولك.. فتظن انهن لعبة في يدك.. وانك اذا اردت ان تختار ستختار فتاة سيكون لك مصلحة ما بزواجك منها..
قال مازن وهو يسترخي بمقعده: ربما...
اما ملاك فقد تطلعت له بمرارة وحزن.. احقا يرى الحب مشاعر تافهة لا اساس لها.. ويرى اختيار شريكة حياته التي ستعيش معه طوال حياتهما لا يجب ان ينبني على الحب.. اتكون بهذا فقدت املها في مازن.. ام لأنه لم يشعر بتلك المشاعر الدافئة التي تتسلل الى قلبه فبات يتكلم عن الحب بمثل هذه الطريقة؟..لا تدري ابدا.. ولكنها قد اصبحت تخشى مشاعرها تجاه مازن.. ربما لانها تزداد قوة مع مرور الوقت.. دون ان تعلم ما هي مصير مشاعرها هذه؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الساعة العاشرة وقت اجتماع العائلة حول مائدة العشاء.. والجميع كان حاضرا في هذا الوقت.. وحتى كمال الذي يتغيب معظم ايام الاسبوع..وكان الصمت مخيما على تلك المائدة مكتفين جميعهم بتناول ملعقة ومتظاهرين بتناول الاخرى ..دون ان يعلم احدا منهم بالافكار الكثيرة التي تدور في رأس الآخرين..
فمن جهة كان امجد يفكر في مصير ابناءه وفي ملاك التي اقتحمت حياتهم فجأة والتي قد تكون سببا في حدوث الكثير من المشاكل بينه وبين اشقاءه..ومن جهة اخرى كانت مها تفكر في حسام وحبها الصامت له.. وكيف تشعره بهذا الحب الذي تحمله له في قلبها.. بينما كان كل من مازن وكمال يقكران في سباق الخيل ويتمنى كلاهما الحصول على احد المراكز الاولى.. واخيرا تفاوتت افكار ملاك ما بين مشاعرها التي بدأت تخشاها تجاه مازن وما بين والدها.. والدها الذي لم يتصل بها اليوم ابدا.. ترى هل هو مشغول بأمر منعه من الاتصال بها؟...
(عزيزتي ملاك.. فيم تفكرين؟)
التفتت ملاك الى صاحب العبارة وقالت بابتسامة باهتة: لا شيء يا عمي..
قال امجد بنبرة هادئة: اخبريني يا عزيزتي.. الست عمك؟..
اومأت برأسها ومن ثم قالت وهي تحاول ان تخفي القلق من نبرة صوتها: ابي.. لم يتصل بي اليوم ابدا..
قال امجد بابتسامة مشفقة: ربما كان مشغولا..
وتدخل مازن في الحديث قائلا: او ربما قد نسي الاتصال بك..
التفتت ملاك لمازن وقالت باستنكار: لا يمكن ان يحدث ذلك .. من المستحيل ان ينسى ابي الاتصال بي..
قال مازن بدهشة: ولماذا مستحيل؟.. اننا بشر..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: انت لا تعرف ابي.. انه ينسى كل شيء فيما عداي..
واردفت وهي تعض على شفتها السفلى: اخشى ان يكون قد اصابه مكروه او...
قاطعها مازن في سرعة: لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟..
اشارت الى نفسها مندهشة: انا؟؟..
- اجل انت.. ما الذي يدهشك في الامر؟..
بعثرت ملاك نظراتها بعيدا عن مازن وكأنها اصبحت تخشى مواجهته ومن ثم قالت: لا اعلم ولكني اعتدت ان يتصل بي هو دائما..
قال مازن بابتسامة مرحة: اذا غيري من عادتك هذه واتصلي به .. لن تخسري شيئا..بل نحن من سيضاف الى فاتورة هاتف منزلنا سعر مكالمة دولية..
هزت ملاك رأسها نفيا ولم تتحرك من مكانها قيد انملة..فقال امجد بهدوء بعد ان رمق مازن بنظرة حازمة: حقا يا ملاك.. ان ما يقوله مازن صحيح.. لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: سيتصل.. انا اعلم انه سيتصل.. من المستحيل ان ينسى الاتصال بي.. لقد وعدني..
زفر مازن بحرارة ومن ثم قال: خذي..
لم تفهم ملاك مغزى عبارته ولكنها فهمت عندما تطلعت اليه ورأته يمد لها يده بهاتفه المحمول.. فتطلعت اليه بدهشة دون ان تقوى على مد يدها لأخذ الهاتف من يده.. في حين التفتت لها مها وقالت مبتسمة: خذي هاتفه يا ملاك.. واتصلي بوالدك حتى تطمئني عليه..
ترددت ملاك طويلا دون ان تجرأ على مد كفها لأخذ الهاتف من مازن.. ولكن شيء ما في نظرات مازن المشجعة.. جعلها تتخلى عن ترددها هذا للحظة وتمد كفها لتأخذ الهاتف منه.. واستنكرت هذا الشعور الذي اخذ يراودها تجاه مازن.. واخذت تتطلع الى هاتف هذا الاخير وكأنها تحاول ان تستشف منه شخصيته.. كان هاتفا اسود اللون في حجم كف اليد.. ولا شيء آخر يميزه.. ولكن اللون اثار انتباه ملاك ربما لانها ربطت بين لون الهاتف وبين لون القميص الذي يرتديه.. ربما كان يفضل هذا اللون.. فمنذ اليوم الاول لها وهي تراه يرتدي اما قميصا او بنطالا اسود اللون..
ابعدت مازن عن تفكيرها واسرعت تتصل بوالدها.. واستمر الهاتف على الجانب الآخر بالرنين لعدة دقائق قبل ان ينقطع الرنين..فقالت ملاك بصوت خافت ومتوتر: لا احد يجيب ..
قال لها مازن: عاودي الاتصال به مرة اخرى..
من جانب آخر كان كمال يتطلع لكل ما يحدث امامه دون ان يعلق ولو بحرف واحد.. مكتفي بالصمت والتفكير في ذلك السباق الذي اقترب موعده كثيرا..وكأن لا شيء يحدث امامه وفي وجوده ..
اما ملاك فقد عاودت الاتصال بوالدها واستمعت الى الرنين طويلا.. ولكن في هذه المرة سمعت اجابة على الهاتف وصوت متعب يقول: الو من المتحدث؟..
قالت ملاك بكل اللهفة والسعادة في اعماقها:انا ملاك يا ابي.. كيف حالك؟.. لم لم تتصل بي حتى الآن؟..
قال خالد والد ملاك بابتسامة مرهقة: اعذريني يا صغيرتي.. لقد انشغلت طوال هذا اليوم.. وكنت سأتصل بك بعد ان انهي اعمالي ..
قالت ملاك بحب: اشتقت اليك يا ابي.. بأكثر مما تصور.. متى ستعود؟..انا بحاجة اليك.. اريدك ان تعود..
قال خالد وهو يتنهد: ربما نهاية هذا الاسبوع..
اقلقها استخدامه لكلمة (ربما).. فقالت باضطراب: ماذا تعني بأنك ربما تعود نهاية هذا الاسبوع يا ابي؟.. هل تعني انك ستتأخر لأكثر من ذلك؟..
قال خالد وهو معتاد على اسلوب ابنته وتعلقها به: انني اعد الايام حتى اعود يا صغيرتي.. اعمل ليل نهار حتى اعود قبل الوقت المحدد.. ولكن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي..
واردف بابتسامة ابوية وكأن ملاك ستراها او تشعر بها: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. انا مضطر لانهاء المكالمة الآن حتى انهي ما بيدي.. اراك بخير..
قالت ملاك بصوت متحشرج: وانت كذلك يا ابي.. الى اللقاء ..
ابعدت الهاتف عن اذنها ببطء.. وشعرت بضيق كبير يعتمر في صدرها من جراء انهاء والدها للمكالمة بهذه السرعة.. ومن ثم قالت بصوت متحشرج وهي ترفع نظراتها الى مازن وتمد له يدها بالهاتف: اشكرك..
التقط الهاتف من يدها وقال مبتسما: العفو.. ولا نريد ان نرى دموعا..
وكأن عبارته قد لمست وترا حساسا بداخلها.. فسرعان ما ترقرقت الدموع في عينيها واطرقت برأسها في الم وحزن.. والتفتت عنهم دون ان تقوى على نطق حرف واحد.. وابتعدت بمقعدها عن المكان وعلى وجنتيها سالت دموع حزن ومرارة ..
وعلى تلك الطاولة تابعتها عيون الجميع.. وارتسم الاشفاق جليا في تلك العيون..ولكن عيني مازن وحدها كانت تحملان لها الاهتمام.. اهتمام اثار دهشته هو نفسه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تثاءبت ملاك وهي تستيقظ من نومها على صوت نادين.. واعتدلت في جلستها لتقول ولا تزال اثار النعاس بادية في صوتها: هل اعددتي طعام الفطور؟..
اومأت نادين براسها .. فعادت ملاك لتسألها وهي تزفر بحدة: ولا يوجد احد بالمنزل كالعادة.. اليس كذلك؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتي نادين وقالت: لا.. بل يوجد.. مها لم تغادر اليوم..
قالت ملاك بدهشة ممزوجة بالسعادة: لم تغادر؟.. حقا؟.. ولم؟..
واستطردت ملاك بقلق: ربما كانت مريضة..
قالت نادين وهي تهز رأسها نفيا: لا ليست مريضة.. ولكني سمعتها تقول لشقيقها ان ليس لديها أي محاضرات هامة هذا اليوم ..
قالت ملاك في سرعة: اذا اذهبي اليها واخبريها انني اريد ان اتناول طعام الافطار معها..
ابتسمت نادين وقالت وهي تضع المقعد المتحرك قريبا من فراش ملاك: حسنا سأفعل آنستي..
قالتها نادين ومن ثم غادرت الغرفة .. في حين اسرعت ملاك تنهض من على فراشها لتجلس على مقعدها المتحرك.. وتحركت بمقعدها لتبحث في تلك الخزانة عن ملابس ترتديها ..ومن ثم لم تلبث ان ان غادرت الغرفة بعد ان القت على نفسها نظرة اخيرة في المرآة..وبالردهة اسرعت تحرك مقعدها المتحرك حتى وصلت عند اسفل درجات السلم..ورأت حينها نادين تهبط من على درجاته وتقول بهدوء: لقد قالت لي الآنسة مها انها ستستبدل ملابسها وتهبط في الحال..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي ملاك..شعرت بالسعادة لان مها ستتناول معها طعام الافطار هذا اليوم.. ستجد من تتحدث اليه .. بدلا من الصمت المطبق الذي يسيطر على المائدة باكملها حتى يفقدها شهية تناول أي شيء..
في تلك اللحظة قالت نادين وهي تقترب من ملاك: اترغبين بأي شيء آنستي؟..
هزت ملاك رأسها نفيا فقالت نادين وهي تهم بالانصراف: سأذهب لأضع اطباق الفطور على المائدة اذا..
لم تعلق ملاك على عبارتها بل اخذت تتطلع الى اعلى درجات السلم وهي ترفع رأسها قليلا بانتظار نزول مها من غرفتها و...
(ما الذي تفعليه هنا؟..)
انتفضت ملاك بخوف والتفتت الى صاحب العبارة وقالت وهي تزدرد لعابها: مازن..
كان واقفا خلفها بمترين تقريبا وقال مبتسما وهو يتقدم منها: اجل هو انا .. لا تخشي شيئا لست شبحا..
قالت ملاك متسائلة: ولكن نادين اخبرتني انه لا يوجد احد بالمنزل سوى مها ..
قال مازن وهو يتحرك باتجاه السلم: لقد عدت من الخارج لاني نسيت اخذ محفظتي معي..
والتفت لها ليقول مستطردا: ولكن ما الذي تفعلينه انت هنا عند السلم؟..
قالت ملاك بابتسامة: انتظر مها..
قال مازن وهو يهز كتفيه: ولم تنتظرينها ؟.. اذهبي اليها انت ..
تلاشت الابتسامة من على شفتي ملاك.. وشعرت بغصة مرارة تملأ حلقها.. وارتسمت تلك المرارة جلية في عينيها.. وظلت صامتة دون ان تتفوه بحرف واحد.. في حين تتطلع اليها مازن بندم.. وهو يلوم نفسه مما قاله.. وسمعها تقول في تلك اللحظة وهي تطرق برأسها وتطلع الى قدميها: وكيف اذهب انا اليها؟.. هل سأصعد اليها بفدمين عاجزتين؟..
حاول مازن ان يصلح ما افسد فقال بمرح مصطنع: اعني ان احملك انا الى الطابق الاعلى..
رفعت ملاك اليه رأسها في دهشة.. ومن ثم لم تلبث وجنتاها ان توردتا بحمرة قانية..وانعقد لسانها عن الحديث.. فقال مازن مبتسما - وقد اسعده تبدل حزنها على هذا النحو - وهو يميل نحوها: لقد كنت امزح ليس الا..
واردف وهو يغمز بعينه: ولكن ان طلبت مني ذلك.. فلن اتأخر ..
ازداد تورد وجنتي ملاك.. وشعرت بضربات قلبها تخفق بقوة وسرعة عجيبة..ورفعت رأسها لمازن لتراه يصعد درجات السلم وهو يطلق صفيرا منغوما من بين شفتيه وكأن لا شيء على باله ابدا.. وكأنه لم يلهب مشاعرها نحوه.. وكأنه لا يتعمد التقرب منها.. لو كان مازن شابا مستهترا كما تقول مها.. فلماذا يهتم بي كل هذا الاهتمام؟.. لماذا هو الوحيد الذي يحنو علي؟.. لماذا هو الوحيد الذي انجذبت له؟.. هل هو قدري يا ترى؟..هل هي لعبة القدر التي تجمع وتفرق كما تشاء؟ ..
قبل ان تواصل افكارها رأت مها تهبط درجات السلم على عجل وقالت مبتسمة بمرح: ما هذا؟.. ملاك بنفسها من يطلب رؤيتي.. وتنتظرني ايضا..
ابتسمت ملاك وقالت: لقد علمت انك لم تذهبي الى الجامعة اليوم.. فقررت ان اتناول طعام الافطار معك..
قالت مها بابتسامة واسعة وهي تقترب منها: خيرا فعلت..
واقتربتا كلاهما من مائدة الافطار.. لتجلسان في مواجهة بعضهما البعض.. وقالت مها متساءلة وهي تتناول رشفة من كوب الشاي الموجود امامها: متى سيحضر استاذك؟..
قالت ملاك مبتسمة: استاذة هذه المرة.. وستحضر بعد ساعتين من الآن..
قالت مها بابتسامة: اذا لدينا الوقت الكافي لنتحدث سويا..
اومأت ملاك برأسها وقالت وهي تتناول قليلا من طبقها: بالتأكيد..
قالت مها وهي تتطلع لملاك: في الحقيقة يا ملاك.. اسعدني انك قد ابتعدت عن انطوائيتك قليلا.. واصبحت تشاركينا الحديث ..
ارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك وقالت: لقد كنت منطوية على نفسي عندما لم ار من يهتم بي.. ولكن عندما وجدت هذا الاهتمام منكم.. قررت ان اشارككم الحديث والنزهات..
قالت مها بخبث: من تعنين بمنكم؟.. ممن رأيت الاهتمام؟ ..
ارتبكت ملاك على الرغم منها وقالت بصوت متلعثم: انت وعمي وابناء عمي جميعا..
قالت مها بابتسامة هادئة: لست اظن كمال يهتم بأحد..
واستطردت قائلة بغتة: نسيت ان اخبرك..
قالت ملاك بحيرة: ماذا؟..
- ستقام حفلة غدا في منزلنا.. اعتاد ابي اقامة مثل هذه الحفلات كلما نجح في صفقة ما بشركته.. لهذا عليك ان تجهزي شيئا ما لترتديه..
قالت ملاك وهي ترفع حاجبيها بدهشة: لم اجلب ما يناسب هذه الحفلات ابدا.. لم اظن اني سأحتاج لارتداء فستان يخص الحفلات في منزل عمي ..
قالت مها في سرعة: دعينا نرى ما جلبته معك من ملابس اذا وربما احدها قد يناسب لتلك الحفلة..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اظن..
فكرت مها قليلا وقالت: لو استلزم الامر سنذهب الى احد المحال التجارية المشهورة ونشتري لك ما تحتاجينه من...
(وانا من سيوصلكم بكل تأكيد)
التفت كلاهما الى ناطق العبارة بدهشة .. وازدادت دهشتهم عندما رأوا مازن يعقد ذراعيه امام صدره وابتسامة على شفتيه .. وقالت مها متطلعة اليه: وما دخلك انت؟.. سنخبر السائق حتى يوصلنا الى حيث نريد..
اقترب مازن اكثر وجذب له اقرب المقاعد اليه والتي كانت عند رأس الطاولة.. أي بين ملاك ومها..وقال: بل سأوصلكم انا .. ماذا تريدون اكثر من هذا؟..مازن بنفسه يتطوع لأخذكم الى السوق..
قالت مها وهي تمط شفتيها: لا نريد.. وفر خدماتك لنفسك..
تطلعت اليها ملاك بحيرة وتساءلت بالرغم منها..ربما كان فضولا لمعرفة السبب: ولماذا؟..
قالت مها وهي تشير الى مازن: لو وافقنا على ان يأخذنا هذا الى السوق .. فأنه لن يكف عن ترديد عباراته المعتادة.." لقد تعبت".. "لقد تأخرنا".. "يكفي هذا".. لا يجعلك تأخذين راحتك بالشراء..
ابتسمت ملاك بهدوء في حين قال مازن بابتسامة: سأترك لكم حريتكم هذه المرة..
مالت مها نحوه وقالت بحنق: اتظن اني لا اعرفك يا مازن.. بعد ساعة واحدة فقط ستردد علينا هذه العبارات.. اخبرتك بأننا لا نريد الذهاب معك..
تحركت اصابع مازن على الطاولة ومن ثم قال وهو يرفع احدى حاجبيه: ولماذا تجمعين؟.. ربما كان لملاك رأي آخر..
والتفت لها ليقول: ما رأيك يا ملاك؟.. اترفضين انت ايضا ان اوصلكم الى السوق؟..
تطلعت اليه ملاك لوهلة ومن ثم ابعدت عينيها عنه.. ربما هو الخجل من ان ترفض قدوم مازن معهم.. او ربما هو قلبها الذي كان يتمنى حضور مازن معها جعلها تجيب: لا .. لست ارفض ..
شهقت مها وقالت بحدة: ما الذي فعلته؟.. اتظنين انه سيتركنا وشأننا الآن.. انه لن يتوقف عن اذلالنا طول فترة ذهابنا معه..
ازدردت ملاك لعابها وقالت بارتباك: وكيف لي ان ارفض؟ ..
اسرعت مها تلتفت لمازن وتقول: مازن ارجوك لا تتدخل.. انها امور خاصة بالفتيات.. دعنا نتصرف لوحدنا واذهب انت الى أي مكان تشاء.. لقد وافقت ملاك لمجرد الخجل منك.. اذهب الى عملك الآن..
قال مازن بعناد: بل سأنتظر حتى تجهزون لاوصلكم الى حيث تشاءون..
قالت مها بسخط: الآن فهمت لماذا تفعل كل هذا.. لانك لا تريد الذهاب الى العمل.. ولو سألك والدي سبب مغادرتك ستخبره انك كنت توصلنا الى السوق.. اليس كذلك؟..
دفع رأسها بسبابته وقال مبتسما: جيد انك عرفت الامر بنفسك ..
واردف وهو ينهض من مقعده: متى شئتم سأوصلكم ..سأذهب الى الطابق الاعلى..
اسرعت مها تقول: لدى ملاك حصة دراسية بعد ساعة ونصف ..
هز مازن كتفيه وقال وهو يغادر: لا بأس.. سننتظرها ومن ثم نغادر..
عقدت مها حاجبيها وقالت بضيق: ولماذا لا تذهب الى العمل في هذا الوقت؟..
قال منهيا النقاش: لقد انتهى الامر..
قالها وانصرف في حين قالت مها بحنق: ينتظرنا اكثر من ثلاث ساعات افضل عنده من الذهاب والعمل عند ابي..
قالت ملاك بهدوء: ربما يشعر ان العمل لدى عمي لا يشبع طموحه ..
قالت مها وهي تلوح بكفها: عمل ابي مختلف تماما عن تخصص مازن.. لهذا ترين مازن يكره العمل الذي لا يفهم منه شيئا.. ولكنه مخطأ.. ابي يحتاجه في العمل.. يحتاجه ليسيطر على الموظفين ويراقب سير العمل..
قالت ملاك بشرود: ربما كان من الصعب عليه ان يتأقلم مع عمل غير الذي تمناه في يوم..
هزت مها رأسها بقلة حيلة ومن ثم قالت: دعينا منه الآن.. هل ترغبين بمشاهدة احد الافلام؟.. لدي فيلم رائع جدا..
قالت ملاك بابتسامة: لا ما نع لدي ابدا..
تحركت ملاك بمقعدها وكذلك مها التي نهضت من خلف الطاولة.. ولكن.. توقفت ملاك بغتة وهي تتطلع الى ذلك الشخص الذي كان واقفا امامها .. رفعت رأسها له ..وعرفت حينها انه كمال...
توترت ملاك بغتة لمرآه.. ربما لانها خشت ان يجرحها بكلماته.. وازدردت لعابها دون ان تقوى على التحرك من مكانها.. في حين قالت مها بدهشة وهي تقترب من كمال: ما الذي تفعله هنا الآن يا كمال؟..
قال كمال ببرود: وما الذي تريني افعله؟..
قالت مها وهي تتنهد بحرارة: اعني لماذا جئت؟..
قال كمال وهو يلقي نظرة باردة على ملاك اقشعر لها جسد هذه الاخيرة: ليس هذا من شأنك..
قالت مها وهي تناديه: كمال .. توقف..
ولكنه تجاهلها تماما مغادرا المكان فقالت مها وهي تهز كتفيها: سيثير جنوني كمال هذا.. مع انه هو ومازن شقيقان الا انهما يختلفان في كل شيء..
قالت ملاك بصوت خافت: معك حق..
اسرعت مها قائلة: دعك منهما .. ولنذهب نحن..
اومأت ملاك برأسها وان كانت تشعر بالقلق بسبب كمال ونظرته الباردة لها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
توجهت مها بخطوات هادئة الى غرفة مازن وقالت وهي تطرق الباب: مازن .. هل استطيع الدخول؟..
وبدلا من ان يجيبها فتح الباب وقال: هل انتما جاهزتان؟..
قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها: بلى.. ولكن الم تفكر بتغيير رأيك بعد؟..
قال مبتسما: لا تخشي شيئا لن ازعجكم هذه المرة.. فقد اتصلت بحسام واخبرته بأن يلتقي بنا في احد المراكز التجارية .. فمن حقنا ان نشتري ملابس جديدة للحفل نحن ايضا..
وجدت مها نفسها تتساءل بلهفة: حسام سيأتي ايضا؟؟..
اومأ برأسه بهدوء.. فقالت وهي تتدارك نفسها حتى لا يفهم ان لهفتها مصدرها مجيء حسام: هذا جيد حتى نرتاح من ازعاجك لنا والحاحك المستمر حتى نغادر ..
قال مازن بسخرية: لا تنسي انني انا من سيأخذكم الى هناك.. ويمكنني ان ان اعيدكم الى المنزل بعد ان اشتري انا ما اريد..
التفتت عنه مها وقالت بحنق: لا استغرب ذلك عليك ابدا..
وقالت وهي تبتعد عنه: اجهز سريعا.. نحن ننتظرك بالاسفل ..
لم يجبها مازن بل اكتفى بالدخول الى غرفته مرة اخرى.. في حين ارتسمت على شفتي مها ابتسامة واسعة وهي تبتعد عن المكان..ابتسامة تعبر عن مدى فرحتها بلقاء حسام هذا اليوم...


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:36 AM   #16 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السابع
"ابنة عمي"

قال مازن مبتسما وهو ينطلق بالسيارة الى المركز التجاري: والآن يا فتيات.. اريد هدوء طوال الطريق.. لا صراخ.. لا حديث.. ولا حتى صوت انفاسكن..
قالت مها التي تجلس بجواره بسخرية: بدأت رحلة الاوامر والاذلال..
والتفتت الى ملاك لتقول بابتسامة: الم اخبرك؟.. ها انتذا ترينه يعدد اوامره قبل ان ننطلق.. ما رأيك ان تغيري رأيك ونذهب مع السائق؟..
اسرع مازن يقول وهو يهز اصبعه السبابة نفيا: ممنوع.. ما دمتما قد ركبتما معي الآن فتحملا ما سيأتيكما..
قالت مها بضيق وهي تتطلع اليه: سخيف..
التفت لها وقال: بل احسن استغلال الفرص يا عزيزتي..
مطت مها شفتيها دون ان تعلق.. في حين اكتفت ملاك بابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيها .. اما مازن فقد شرد ذهنه للحظات.. رأى خلالها طفلة صغيرة جالسة على مقعد ما .. تبتسم برقة وبراءة.. عيناها وشعرها كسواد الليل ..وبشرتها بيضاء كالثلج..تصنعان ضدان غريبان ورائعان ..و شاهد اثناء شروده نفسه وهو بعد في الثالثة عشرة من عمره يقترب منها ويقول متسائلا: من انت؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت: انا اسمي ...
(مازن انتبه!)
افاق من شروده على صوت مها الخائف والمذعور.. ورأى امامه سيارة يكاد ان يصطدم بها .. وبأقصى ما امكنه من سرعة ادار مقود السيارة الى اليمين.. وتفادى الاصطدام ..وتنهد بقوة ومن ثم لم يلبث ان قال مبتسما: ما رأيكم في قيادتي للسيارات؟..
قالت مها بغضب: اتسأل ايضا؟.. اطلبت منا ان نأتي معك حتى تقتلنا؟..
قال بمرح : لا بل لأريكم براعتي في قيادة السيارات.. ارأيت كيف تفاديت السيارة؟..
قالت مها بعصبية: كيف تمزح في مثل هذه الامور ؟..
اما ملاك فقد كانت تشعر بالخوف في البداية من هذا الاصطدام الذي كاد ان يحدث .. ولكن كلمات مازن المرحة اخرجتها من الخوف الذي كانت تشعر به.. وابدلتها بابتسامة من تعليقاته التي يواجه بها غضب مها..
وتوقف بعد فترة من الوقت عند باب المركز التجاري وغادر سيارته ليخرج مقعد ملاك من صندوق السيارة.. وبالنسبة لملاك فقد شعرت برهبة تغزو قلبها بغتة.. لاول مرة تأتي الى مكان كهذا.. لاول مرة ترى كل هذا الجمع من الناس .. انتابها القلق والتردد من مغادرة السيارة..صحيح انها كانت تذهب الى النادي ولكن لم تكن ترى كل هذا الجمع وقتها وكانت تبقى وحيدة مع مها في ركن منه..اما الآن فعليها ان تندمج في كل تلك الافواج...
والتفتت بحدة وخوف عندما فتح الباب الذي يجاورها بغتة وسمعت صوت مها وهي تقول بابتسامة: هيا يا ملاك.. اجلسي على مقعدك حتى نغادر..
تطلعت ملاك الى المقعد.. شعرت انه قد يكون شيء غير مألوف لكل اولئك الناس ..وهمست وهي تلتفت عن مها: لا اريد النزول..
تطلع اليها مها بدهشة وقالت: ماذا تقولين؟..
قالت ملاك باصرار: اريد ان اعود الى المنزل.. لا اريد البقاء هنا..
اقترب مازن من باب المجاور لملاك وقال بحيرة: ما الذي يجعلك تقولين مثل هذا الكلام بعد ان وصلنا؟..
تطلعت ملاك الى الاشخاص اللذين يدخلون المركز التجاري او يخرجون منه.. فالتفت مازن خلفه ليتطلع الى ما تتطلع ومن ثم قال بابتسامة وهو يلتفت لملاك وقد فهم ما يقلقها ويجعلها ترفض النزول من السيارة: لا تقلقي.. الكل هنا يكون مشغولا بشأنه.. ولا احد يهتم الا بنفسه..
هزت ملاك راسها نفيا وقالت وهي تضم قبضيتها: لا اريد النزول.. اعيدوني الى المنزل..
وبدل من ان يجيبها مازن مد يده لها وقال مشجعا: لا تخافي ابدا.. نحن هنا معك..
تطلعت ملاك الى يده الممدودة بحيرة ونقلت بصرها بين مازن ومها.. وقالت الاخيرة مبتسمة: ما يقوله مازن صحيح.. لا داعي للخوف ما دمنا معك..
ترددت ملاك طويلا وهي ترى نظراتهم اليها ومن ثم لم تلبث ان حسمت امرها ومدت يدها لمازن ليتقطها ويعاونها على الجلوس على مقعدها.. كانت ارتجافة كف ملاك بين انامله اكبر دليل على ما حدث لمشاعرها في تلك اللحظة.. فقد كانت لمسة انامله فقط.. كفيلة لان تفجر كل المشاعر التي تحملها تجاه مازن..وتطلعت الى هذا الاخير وهي تزدرد لعابها بارتباك ورأته يبتسم لها ويقول: يالك من فتاة عنيدة..
لم تعلم ملاك لم بادلته الابتسامة بدلا من ان يحنقها ما قاله.. ربما لان مشاعرها تجاه مازن في هذه اللحظة بالذات.. كانت كافية لتجعلها تتقاضى عن أي شيء يقوله..لا تسألوها لماذا مازن بالذات.. هي نفسها لا تعلم.. ربما اهتمامه وحنانه.. ربما مرحه وسخريته.. ربما شخصيته الحازمة عند الجد.. وربما كل هذا.. لا تسألوها لماذا؟.. فليس هي من تختار بل قلبها..
واصلوا طريقهم الى داخل المركز التجاري وتوقف مازن بغتة عن السير فتوقفت مها عن دفع مقعد ملاك بدورها عندما رأت حسام وهو يقترب منهم ويقول: واخيرا حضرتم..
قال مازن بسخرية: معذرة.. ولكن الفتيات يحتجن لساعتين لتجهيز انفسهن..
قال حسام مبتسما: حمدلله ان ليس لدي أي شقيقة..
عقدت مها حاجباها وكأن لم يعجبها ما قاله حسام.. فتمنيه من عدم وجود شقيقة في حياته يعني تمنيه عدم وجود أي فتاة اخرى في حياته ايضا..والتفت لها بغتة وقال مبتسما: اهلا مها..
قالت ببرود: اهلا..
تطلع حسام الى ملاك للحظة ومن ثم قال بابتسامة غامضة: وملاك هنا ايضا.. اهلا.. كيف حالك؟..
تطلعت اليه ملاك وقالت: على ما يرام..
في حين قالت مها وقد شعرت بأنه يشك بأمر ملاك: لقد جاءت معنا لتشتري فستان للحفلة.. فكما تعلم فهي ستكون موجودة يوم الحفل..
التفت حسام عنهما ومن ثم قال متحدثا لمازن: هل سنذهب للتسوق معهما.. ام لوحدنا؟..
قال مازن بسخرية: بل لوحدنا.. هل جننت حتى اذهب للتسوق مع الفتيات؟.. لن استطيع شراء أي شيء حينها..
عقدت مها حاجباها بغضب وقالت: كف عن السخرية يا مازن.. فلا اظنك تنتهي من الشراء في اقل من ساعتين..
غمز بعينه ومن ثم قال: بل اقل من ذلك.. استمعي الي ستذهبون للشراء الآن انت وملاك وبعد ساعتين سنذهب لتناول طعام الغداء في أي من مطاعم المركز التجاري..اتفقنا؟..
اومأت كل من ملاك ومها برأسيهما.. في حين راقبت هذه الاخيرة حسام وهو يبتعد بنظرات حسرة.. يأس.. فقدان امل.. جميعها تجمعت في عيني مها في تلك اللحظة.. وقالت بصوت هادئ النبرات: فالنذهب للشراء الآن يا ملاك..
دخلتا عدد من المحلات دون ان يعجبهما شيء.. او يعجب مها بالاحرى.. فعندما كان يعجب ملاك احد الفساتين كانت مها تقول: لا.. لا يناسب الحفلة التي سيقيمها والدي.. انها ارقى من ذلك بكثير..
لم تكن ملاك تفهم سر اصرار مها على شراء شيء اكثر فخامة.. فملاك لم تعتاد مثل هذه الحفلات.. بعكس مها التي اعتادت هذا الجو والفته.. واصبحت تدرك جيدا أي من الفساتين التي تصلح لحفلة والدها ..واخيرا وقع اختيار مها على الفستان الذي سترتديه للحفل وقلت مبتسمة وهي تريه لملاك: ما رأيك به؟ ..
التفتت لها ملاك وقالت وهي تتطلع الى الفستان الذي بين يديها: رائع جدا.. سيجعلك تبدين كالنجمة في السماء..
صحكت مها بمرح ومن ثم تسائلت قائلة: وماذا عنك؟.. هل اخترت فستان ما؟..
اومأت ملاك براسها وقالت بابتسامة: بلى ولكني اخشى ان تقولي انه لا يصلح للحفل..
اسرعت مها تقول: دعيني اراه اولا..
اشارت ملاك اليه .. فقالت مها وهي تهز رأسها نفيا وتضع كفها اسفل ذقنها: انه لا يصلح حقا.. دعيني اختار انا لك..
وتلفتت حولها في المحل وقالت: دعينا نرى.. شيء راقي ومناسب لحفل والدي..
وتوقفت نظراتها بغتة عند احد الفساتين وتوجهت اليه وقالت مبتسمة: هذا مناسب جدا..
تطلعت ملاك الى الفستان وقالت بتردد: اترين ذلك حقا؟..
اومأت مها برأسها ومن ثم قالت وهي تنقل بصرها بين الفستان وبين ملاك التي تتطلع الى الفستان: ثم انه يشبهك..
اشارت ملاك الى نفسها وقالت بدهشة: يشبهني؟؟..
من جانب آخر كان مازن يتطلع الى ساعة معصمه ويقول متحدثا الى حسام: ما رأيك ان نذهب الآن لتناول طعام الغداء؟.. لقد بدأت اشعر بالجوع..
قال حسام مبتسما: وانا ايضا.. اتصل بمها وملاك واخبرهما بأننا ذاهبين لنتناول الغداء..
قال مان بسخرية: يالك من رقيق القلب.. دعهما وشأنهما ولا يهمك ان تناولا الطعام ام لا..
قال حسام وهو يخرج هاتفه من جيبه: اذا لم تتصل انت سأتصل انا..
ابتسم مازن وقال: لا بأس سأتصل..ولكن اخبرني الى هذه الدرجة تهمك الفتيات؟..
قال حسام وهو يرفع حاجبيه: اعرفك جيدا.. ستتركهن دون طعام ولا يهمك امرهن ابدا..
قال مازن وهو يهز رأسه نفيا: لا تنسى ان ملاك معنا .. من غير اللائق ان افعل بها ما افعله بمها..
زفر حسام بحدة ومن ثم قال: انني اشيد بمها التي صبرت عليك على الرغم من كل ما تفعله بها..
ضحك مازن ومن ثم لم يلبث ان اتصل بمها وقال : اين انتما؟..
اجابته قائلة: عند المطاعم..
- حسنا.. سنأتي في الحال..
اغلق هاتفه ومن ثم التفت الى حسام ليقول بسخرية: ارايت يا رقيق القلب لقد سبقونا هم الى حيث المطاعم..
هز حسام كتفيه دون ان يعلق في حين اردف مازن قائلا: فلنذهب نحن لهم الآن..
غادرا المكان صاعدين الى الطابق الاعلى باستخدام السلم الكهربائي.. ومن ثم توجها الى حيث ركن المطاعم وهناك لمح حسام مها جالسة خلف احدى الطاولات وبمواجهتها ملاك..فأشار حسام باتجاههم ومن ثم قال: ها هي مها وكذلك ملاك..
تطلع مازن الى حيث يشير حسام ومن ثم تقدم من الطاولة وقال وهو يميل باتجاه مها: لماذا لم تتصلي بنا فور انتهاءكما؟..
قالت مها وهي تلتفت له بسخرية: الم تقل اننا سنحتاج الى الكثير من الوقت حتى ننتهي من الشراء؟.. لهذا فقد ظننت انكما قد سبقتمونا الى هنا..
عقد مازن حاجبيه ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: بالفعل لقد انتهينا قبلكما.. فلا اظن انكم قد انتهيتما من شراء جميع حاجاتكم بعد..
اشارت مها الى الاكياس الموضوعة بجوار مقعدها ومن ثم قالت بابتسامة نصر: اجل والدليل امامك..
ضحك حسام وهو يقترب من مازن ومن ثم قال وهو يضع يده على كتفه: اعترف.. لقد هزمتك..
التفت مازن الى حسام وقال وهو يغمز بعينه: ليس بعد..
وعاد ليلتفت الى مها قائلا: لقد انتهينا قبل هذا بكثير ولكننا انا وحسام كنا نسير في ارجاء المركز التجاري حتى يمضي الوقت وتنتهيا انت وملاك من الشراء..
قال حسام وهو يرفع حاجبيهمستغربا: نحن؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال مبتسما: والآن هيا انهضي واذهبي للجلوس بجوار ملاك..
نهضت مها من مكانها وقالت بحنق: سأفعل دون ان تقول.. فأنا اكره الجلوس الى جوارك..
واتجهت لتجلس بجوار ملاك التي ابتسمت لها وقالت بصوت منخقض: لا تغضبي.. فأنت من انتصر عليه..
لم تجبها مها بل زفرت بحدة وعقدت ذراعيها امام صدرها.. وبالمصادفة فقد اصبح حسام في مواجهة مها ومازن في مواجهة ملاك..وقال مازن وهو يحرك اصابعه على الطاولة: ماذا تريدون من الطعام الآن؟..
قال حسام هو ومها في نفس الوقت: (البيتزا)..
التفتت مها الى حسام بدهشة ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت عندما رأته يتطلع اليها بابتسامة.. فقال مازن وهو يتطلع الى ملاك: وانت يا ملاك..
اجابته ملاك قائلة وهي لا تقوى على رفع عينيها لمواجهة نظراته: لا اعلم.. احضر لي أي شيء..
نهض مازن من مكانه وقال: فليكن..
وغادر الطاولة مبتعدا عن المكان وهنا قال حسام وهو يلتفت الى مها: صحيح يا مها.. لقد نسيت ان اسألك.. ما سر تغيبك اليوم عن الجامعة؟..
تطلعت اليه مها وابتسمت وهي تشعر بسعادة لانه اهتم بغيابها عن الجامعة ومن ثم قالت: لم يكن لدي أي محاضرات مهمة اليوم..
قال حسام بهدوء: لقد ظننت انك متعبة وكدت اتصل بك لاسال عن احوالك..ولكن عندما اتصل بي شقيقك واخبرني بأنك ستخرجين للتسوق.. علمت ان الامر ليس كذلك..
قالت مها متسائلة وسعادتها تزداد لاهتمامه بها على هذا النحو: وكيف علمت انني متغيبة هذا اليوم؟..
كانت ملاك تستمع الى الحوار الدائر بصمت.. لم تحاول التعليق او التحدث وان شعرت بأن ما قالته لها مها في ذلك اليوم غير صحيح وانها كانت تفكر بحسام..واجاب هذا الاخير قائلا:يسبب صديقتك التي تسيرين معها دائما.. فأنا لم ارك معها اليوم..
عقدت مها حاجبيها..صديقتي انا؟..وهل يعرفها هو؟.. لو كان يعرفها هو فلماذا؟.. يا الهي!.. هل يعقل ان يكون هو وصديقتي ... لا .. لا مستحيل.. لا يمكن ان يحدث هذا .. انا احبه وهو يشعر بذلك بالتأكيد يشعر .. وبالتأكيد سيبادلني هذا الحب يوما ما و... ولكن ما الذي يجعلني واثقة هكذا و...
(أنسة ملاك)
نداء حسام لملاك جعل مها تستيقظ من شرودها وتلتفت لملاك التي قالت وهي تبعد يدها التي تسند وجنتها: اجل..
قال حسام وكانه يريد التأكد من امر ما: متى سيعود والدك من سفره؟..
اجابته ملاك بحيرة: ربما بعد ثلاثة ايام..
- وهل تضايقك مها او مازن؟..
اسرعت ملاك تقول وهي تبتسم وتلتفت الى مها: على العكس.. انني اشعر ان مها اخت لي تماما..
واردفت وهي تزدرد لعابها بصوت خافت: وكذلك مازن ..
عقد حسام حاجبيه كان يريد ن يتأكد من صدق ما تقوله مها بأن ملاك هي صديقة لها.. ولكن ملاك لم تتحدث بشيء يدله على صدق او كذب ما قالته مها.. واستمر في اسالته قائلا: ومنذ متى تعرفين مها؟..
همت ملاك بقول شيء ما عندما اسرعت مهاوقاطعتها قائلة: منذ شهر تقريبا..
التفت حسام الى مها وقال ببرود: ولم لم تدع ملاك تجيب بنفسها؟.. فأنا قد سألتها هي..
احست مها بشكوكه وقالت بابتسامة وبلهجة حاولت ان تجعلها واثقة: ملاك صديقتي وسواء اجبت انا او هي..فذلك لا يهم..
التفت حسام عنها وتطلع الى مازن الذي اقترب بصينية المأكولات من الطاولة وقال بسخرية متحدثا الى حسام: اجل استمتع انت بالحديث الى مها وملاك ودعني انا احضر الطعام الى هنا ..
ابتسم حسام وقال: انت لم تنادني حتى اساعدك..
قال مازن وهو يضع الصينية على الطاولة: اذهب انت لاحضار المشروبات..
نهض حسام من مكانه مغادرا الطاولة.. في حين قال مازن وهو يشير الى احد الاطباق: لم اعرف ماذا اختار لك يا ملاك.. فأخترت لك الطعام الذي اختاره لي دائما..
ابتسمت ملاك وقالت وهي ترفع عينيها اليه: حتى عصير البرتقال؟..
ابتسم مازن وقال: وحتى هو..
قالت مها مستغربة: ما امر عصير البرتقال هذا؟..
تطلع مازن الى ملاك بابتسامة ومن ثم قال وهو يلتفت الى مها: وما شأنك انت؟.. امر بيني وبين ملاك..
قالت مها بخبث: حقا؟..
توردت وجنتا ملاك وارتبكت اطرافهافاخذت تداعب قلادتها .. وسألها مازن في تلك اللحظة: هل اهداك احد هذه القلادة؟..
قالت ملاك بدهشة وهي ترفع نظراتها له: اجل .. كيف عرفت؟..
قال وكأنه لم يسمع تتمة عبارتها: ومن هو؟..
ابتسمت ملاك وقالت وهي تعود لتداعب القلادة: انه شخص غالي جدا على قلبي..
عقد مازن حاجبيه .. ايعقل ان تكون ملاك على علاقة بشاب ما؟..ولم لا؟.. انها فتاة رائعة الجمال.. بريئة بتصرفاتها .. كبيرة بقلبها.. ولكن ماذا عن عجزها؟.. ايعقل ان الشاب الذي على علاقة معها لم يهتم بهذا الامر ابدا؟.. ربما..
وسألها قائلا: ومن هو هذا الشخص الغالي على قلبك؟..
اجابته قائلة: انه...
قاطعها حسام وهو يضع المشروبات امامهم: ها هي المشروبات..ماذا تريدين انت يا مها؟..
قالت مها مبتسمة: (كولا)..
قال حسام مبتسما وهو يضعه امامها: الن تغيريه ابدا؟..
ووضع عصير البرتقال امام مازن وقال: اعرفك لا تشرب مشروب سواه..
قال مازن وهو يتطلع له بطرف عينه: وما شانك انت.. لا تدعني اتحدث عن كأس الحليب الذي تشربه على الافطار..
قال حسام وهو يضحك بمرح ويتوجه الى مقعده: حسنا.. حسنا لا شأن لي.. اشرب ما تريد.. ولكن ما ذنب ملاك ايضا؟ ..
التفت له مازن وقال: هي من طلبت مني ان احضر لها أي شيء وانا فعلت..
- لقد قالت أي شيء ولم تقل على ذوقك..
قالت مها وهي تتناول قطعة من (البيتزا): سيبرد الطعام ان لم تتناولوه سريعا..
بدأ الجميع في تناولهم للطعام..وكان هناك احاديث متفرقة بين مازن وحسام ومها.. في حين اكتفت ملاك بكلمات بسيطة ومقتضبة عندما يسألها احد منهم عن شيء ما ..وبعد انتهاءهم قال مازن بابتسامة: كفاكم ما اكلتموه من طعام .. هيا انهضوا..
التفت له حسام وقال مازحا: ما هذا ؟..هل ستحاسبنا على ما اكلناه من طعام؟..
قالت مها ساخرة: لا تستغرب ان فعلها مازن..
التفت لها مازن وقال : كفي عن الحديث ايتها الثرثارة ولنغادر ..
- لا يوجد ثرثار غيرك هنا..
قال حسام وهو ينهض من مكانه ويجذب مازن معه: عدنا للشجار .. اخبرتك ان تدع مها وشأنها..يجب ان تحمد الله تعالى على ان لديك شقيقة تتحملك مثلها..
ابتسمت مها من عبارته.. وكذلك ملاك.. فقال مازن وهو يبتسم: ان اردت الصراحة .. فأنا لا استمتع الا عندما استفزها..
عقدت مها حاجبيها فضحك حسام وقال: لا بأس.. لا بأس.. سر امامي هيا..وكذلك انتما.. مها وملاك.. اسرعا لنغادر..
سارت مها وهي تدفع مقعد ملاك خلف حسام .. واحست ببضع النشوة والسرور لدفاعه عنها امام مازن.. وما لبثتا مها وملاك ان ركبتا سيارة هذا الاخير بعد ان غادروا جميعا المركز التجاري.. في حين انطلق حسام بسيارته .. ولم تنسى مها عبارته الاخيرة عندما قال وهو يميل باتجاه نافذة مازن قبل ان يغادر: اياك ومضايقة مها مرة اخرى ..
حينها اجابه مازن بسخرية: اظن ان مها هي شقيقتك وانا لا اعلم..
قال حسام بابتسامة: لو كان لدي شقيقة مثلها لما ضايقتها ابدا..
جعلتها عبارته الاخيرة هذه ان تحلق في سماء السعادة والاحلام .. وهي تشعر بقلبها يخفق بقوة ..واغمضت عينيها وهي تتخيل ان حسام يبادلها مشاعرها هذه.. وسيارة مازن تنطلق مبتعدة عن المكان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
توقفت سيارة مازن بجوار المنزل وقال مازن وهو يفتح باب سيارته: اهبطي بسرعة يا مها.. فسأذهب الى النادي الآن..
تأففت مها من تصرفاته وقالت وهي تفتح باب السيارة وتتناول الاكياس معها: حسنا .. وهذه آخر مرة اذهب معك فيها الى أي مكان..
لم يهتم بعبارتها وهو يراها تتوجه الى داخل المنزل بل هبط من سيارته.. ومن ثم توجه خلف السيارة ليفتح صندوقها ويخرج مقعد ملاك وفتح الباب المجاور لها وقال مبتسما: هل اساعدك؟ ..
قالها ومن ثم مد يده لها.. مشاعر شتى هاجمت ملاك في هذه اللحظة.. وجعلت اطرافها ترتجف وهي تتذكر ما احست به عند لامست اناملها كفه..ولم تقوى على مد يدها له.. فقال مازن مستغربا: ماذا بك؟.. سأساعدك ليس الا.. اعطني يدك..
اطاعته ملاك هذه المرة.. ربما للنبرة الآمرة في صوته .. واجلسها على مقعدها ومن ثم ابتسم وقال: لا زلت مصرا على انني قد رأيتك من قبل..
قالت ملاك بابتسامة خجلة وهي تشعر برجفة جسدها كله من لمسته: ربما..
مال نحوها مازن وقال: اخبريني الم تأتي الى هنا من قبل؟..
تجمدت اطرافها للحظة وهي تراه يميل نحوها ويتطلع اليها على هذا النحو..ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تطرق برأسها: لا.. لم آتي الى هنا من قبل..
تساءل مازن بشك: أأنت متأكدة؟..
كانت ملاك تذكر انها ذهبت يوما ما الى منزل عمها وهي بعد في السادسة من عمرها.. ولكن لا تذكر أي عم .. ولا تذكر أي شيء مما حدث لها هناك.. وقالت وهي تهز كتفيها: ربما جئت الى هنا وانا بعد طفلة..
طفلة.. ترددت هذه الكلمة في رأس مازن.. وتذكر تلك الطفلة التي خطرت على ذهنه فجأة..والتي كادت ان تتسبب في الاصطدام ومن ثم لم يلبث ان قال بتفكير: اجل ربما..
واشار الى احدى الخادمات التي كانت واقفة بجوار الباب: اصطحبي ملاك الى الداخل..
عقدت حاجبيها وقالت: اعرف ان ادخل لوحدي..
ابتسم وقال: حسنا فهمت..
ولوح لها بيده مردفا: الى اللقاء..
ابتعد مازن عن المكان وبقيت ملاك تتطلع الى سيارته التي ابتعدت.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت وهي تدخل الى داخل المنزل متوجهة الى غرفتها و...
( اهلا بابنة العم..)
التفت ملاك بحدة الى مصدر الصوت.. وانتابها القلق والتوتر عندما شاهدت كمال يبتسم ببرود ويقول مردفا: كيف الحال؟..
ازدردت لعابها مرتين متتاليتين ومن ثم قالت بصوت خافت: بخير..
احست ملاك بغرابة سؤاله.. فلم يسبق له ان اهتم بالسؤال عنها من قبل.. ولكن من يدري ربما هي لا تفهمه.. وقال وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: لم ارك اليوم على الغداء فظننت انك غادرت المنزل..
لم تفهم ملاك ما يقصده بعبارته.. هل يريد ان يشير الى انه لا يرغب بوجودها في المنزل او يشير الى انه قد اقلقه عدم وجودها؟ .. لن تفهم ابدا هذا الانسان..واجابت قائلة: لقد خرجنا للتسوق و..
قاطعها قائلا وهو يلتفت عنها: اعلم..
ومن ثم غادر دون ان يضيف أي كلمة اخرى.. لو فهم أي احد مغزى ما قاله فليفهم ملاك.. فقد ظلت في مكانها في حيرة من امرها تتطلع الى النقطة التي اختفى فيها..ومن ثم لم تلبث ان تحركت بقعدها باتجاه غرفتها لتدلف اليها ةتغلق الباب من خلفها.. واغمضت عينيها لوهلة..وهي تتذكر مازن ..ومساعدته لها .. لطفه واهتمامه بها..جعلاها تشعر بميل اكثر له .. كل هذا ومها تقول عنه انه يكره مساعدة الآخرين .. ولكنه ساعدني.. ليس مرة واحدة فحسب بل عدة مرات.. انه طيب القلب ولكن ربما لا يحب اظهار طيبته هذه..ربما يحاول ان يبدوا حازما غير مبالي.. ربما...
توجهت الى حيث فراشها ورفعت جسدها من على المقعد.. لتجلس على السرير وراودتها ذكرى اول لقاء لها مع مازن..
وتطلعت الى القلادة التي تحتل رقبتها ومن ثم قالت وكأنه تحادث والدها: ارأيت يا ابي.. ابناء عمي اللذين كنت تمنعني عن رؤيتهم في السابق يهتمون بي.. وليس كما ظننت.. لم يحاول احد منهم مضايقتي ابدا.. وحتى كمال.. ربما هي مجرد كلمات يقولها نظرا لشخصيته.. ولكن كل هذا لا يهمني.. ما يهمني الآن اني مع ابناء عمي .. لو تعلم يا ابي كم اشعر بالسعادة وانا معهم.. اتمنى من كل قلبي ان تسمح لي بزيارتهم بعد ان تعود من السفر.. اتمنى ذلك..
لم تشعر بنفسها وهي تغيب عن الواقع وتغط في عالم الاحلام.. ليكون رفيقها في الحلم هو.. مازن.. ولا احد سواه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت مها بعينان حالمتين الى الرسائل القصيرة التي يرسلها لها حسام ليمازحها احيانا.. رسائل عادية جدا.. ولكنها تعني لها الكثير لأنها منه..وشعرت برغبة شديدة في سماع صوته على الرغم من ان آخر لقاء لهما في المركز التجاري لم يمض عليه اقل من ساعتين.. ولكن لم تعلم لم.. ربما لانها لم تأخذ حريتها في الحديث معه هناك.. او ربما لانها تتمنى سماع المزيد من كلمات الاهتمام والحنان منه..
ولم تكتمل افكارها.. فقد قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول وشهقت بدهشة عندما رأت المتصل هو حسام نفسه..واجابت قائلة ودهشتها لم تفارقها بعد: حسام!..
قال حسام مبتسما: اجل هو انا لم انت مندهشة هكذا؟..
قالت مها وهي تزدرد لعابها: لاني لم اتوقع اتصالك هذا ابدا..
قال حسام مبتسما: وما هو شعورك الآن بعد ان اتصلت بك؟..
كانت تريد ان تخبره انها سعيدة.. لا بل تكاد تطير من السعادة.. ولكنها لم تستطع قول شي من هذا.. وقالت مبتسمة: في الحقيقة.. اشعر ان وراء مكالمتك هذه امر ما..
ضحك حسام وقال: معك حق انها كذلك..
قالت بفضول: ما الامر اذا؟.. اخبرني بسرعة..
صمت حسام للحظة ومن ثم قال بغتة: ملاك...
مطت مها شفتيها. ملاك من جديد.. وما شأنه هو بملاك؟.. وقالت ببرود: ماذا بها ملاك؟..
قال حسام بتساؤل: انها ليست صديقتك .. اليس كذلك؟ ..
قالت وهي تحاول ان تخفي ارتباكها: بل هي كذلك..
قال حسام بجدية: مها لم لا تقولي الصدق وتريحي نفسك؟..الم اكن دائما موجودا عندما تحتاجين الي وكنت كاتم اسرارك؟.. ما الذي تغير الآن؟.. هل تتوقعين ان أي شيء تخبرينه لي سأفشيه من فوري؟..
قالت مها وهي ترمي بنفسها على الفراش: الامر ليس كذلك..
- اذا؟..
اغمضت مها عينيها.. ماذا تقول له.. ان والدها قد حذرهم من ان ينطقوا بهذا الامر لأي مخلوق.. ولكن هذا حسام صديق الطفولة والصبا.. حسام الذي تثق به اكثر من نفسها.. حسام الذي منحته قلبها دون ان تجد أي امل من مبادلته لها هذا الحب.. انها تعلم جيدا انه سيحافظ على الامر سرا لو اخبرته.. ولكن ماذا لو سأله والده واصر على ان يجيبه.. هل سيضطر حينها للكذب؟.. لا تعلم ابدا.. انها تشعر بالحيرة من اخباره من عدمه.. ولكن عليها ان تحسم امرها ..
وقالت بعدان اخذت نفسا عميقا: ملاك هي... صديقتي..
قال حسام بحدة: الى متى ستستمرين في هذا الكذب يا مها؟ .. اخبريني لماذا؟.. لا احد يفهمك كما افهمك انا.. وادرك جيدا انك تكذبين.. اخبريني من هي ملاك؟..
احست بغصة في حلقها وهي تشعر باهتمامه الكبير بملاك وبعصبيته تجاهها وقالت بصوت مختنق: اخبرتك..
- لم تخبريني سوى بالكذب..
قالت مها وهي تحاول ان تتمالك مشاعرها: اتعني اني كاذبة؟..
- اجل مادمت ترفضين قول الحقيقة..
ظلت صامتة دون ان تجيبه.. فهتف بحدة وعصبية: من هي ملاك؟..
اندهشت مها من اسلوبه في الحديث للمرة الاولى تراه على هذا النحو من العصبية والغضب.. اكل هذا من اجل ملاك؟.. وانا.. ماذا عني انا؟.. الست امثل أي شيء في حياتك يا حسام؟...
وقالت مها بمرارة: لماذا تحدثني بهذه الطريقة يا حسام؟..
تنهد حسام ودس اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال: انا آسف يا مها لم اقصد.. ولكن تضايقت قليلا عندما شعرت انك تكذبين علي.. وانا اكره ان يكذب علي احد وخصوصا انت..
وخصوصا انا!!.. ما الذي يقصده؟.. واردف هو بهدوء هذه المرة وبنبرة حانية تسمعها مها نادرا منه: الن تخبريني من هي ملاك حقا يا مها؟..
ازدردت مها لعابها من عبارته ولهجته الحانية ومن ثم قالت :ولم انت مهتم هكذا بملاك؟..
قال حسام وهو يجلس على احد المقاعد بغرفته: ان اردت الصدق.. فلست مهتم بملاك.. بل مهتم بمعرفة الحقيقة منك ..
- ولم لم تسأل مازن؟.. لم انا؟..
قال مبتسما: لاني اعلم انك لا تعرفين الكذب ولن تستطيعي ان تستمري فيه معي.. اما شقيقك فلن احصل منه على حرف واحد يروي فضولي..
واستطرد قائلا: ثم انك اثبت لي ان ما اشعر به صحيح وان ملاك ليست صديقتك بعد ان طلبت مني ان اسأل مازن عوضا عنك..
قالت مها بنبرة خافته: ارجوك يا حسام.. لا اريد ان يعلم احد هذا الامر..
قال حسام بصدق: اطمئني لن يعلم عن هذا الامر مخلوق سواي.. ولكن اجيبيني عن سؤالي اولا..
قالت مها بتردد: ان ملاك هي.. هي...
- من هي ملاك؟.. اكملي..
قالت وهي ترمي المفاجاة في وجهه: ان ملاك هي ابنة عمي ..
ولم يعد هناك مجالا للتراجع..


 

رد مع اقتباس
قديم 06-29-2012, 01:36 AM   #17 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء السابع
"ابنة عمي"

قال مازن مبتسما وهو ينطلق بالسيارة الى المركز التجاري: والآن يا فتيات.. اريد هدوء طوال الطريق.. لا صراخ.. لا حديث.. ولا حتى صوت انفاسكن..
قالت مها التي تجلس بجواره بسخرية: بدأت رحلة الاوامر والاذلال..
والتفتت الى ملاك لتقول بابتسامة: الم اخبرك؟.. ها انتذا ترينه يعدد اوامره قبل ان ننطلق.. ما رأيك ان تغيري رأيك ونذهب مع السائق؟..
اسرع مازن يقول وهو يهز اصبعه السبابة نفيا: ممنوع.. ما دمتما قد ركبتما معي الآن فتحملا ما سيأتيكما..
قالت مها بضيق وهي تتطلع اليه: سخيف..
التفت لها وقال: بل احسن استغلال الفرص يا عزيزتي..
مطت مها شفتيها دون ان تعلق.. في حين اكتفت ملاك بابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيها .. اما مازن فقد شرد ذهنه للحظات.. رأى خلالها طفلة صغيرة جالسة على مقعد ما .. تبتسم برقة وبراءة.. عيناها وشعرها كسواد الليل ..وبشرتها بيضاء كالثلج..تصنعان ضدان غريبان ورائعان ..و شاهد اثناء شروده نفسه وهو بعد في الثالثة عشرة من عمره يقترب منها ويقول متسائلا: من انت؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت: انا اسمي ...
(مازن انتبه!)
افاق من شروده على صوت مها الخائف والمذعور.. ورأى امامه سيارة يكاد ان يصطدم بها .. وبأقصى ما امكنه من سرعة ادار مقود السيارة الى اليمين.. وتفادى الاصطدام ..وتنهد بقوة ومن ثم لم يلبث ان قال مبتسما: ما رأيكم في قيادتي للسيارات؟..
قالت مها بغضب: اتسأل ايضا؟.. اطلبت منا ان نأتي معك حتى تقتلنا؟..
قال بمرح : لا بل لأريكم براعتي في قيادة السيارات.. ارأيت كيف تفاديت السيارة؟..
قالت مها بعصبية: كيف تمزح في مثل هذه الامور ؟..
اما ملاك فقد كانت تشعر بالخوف في البداية من هذا الاصطدام الذي كاد ان يحدث .. ولكن كلمات مازن المرحة اخرجتها من الخوف الذي كانت تشعر به.. وابدلتها بابتسامة من تعليقاته التي يواجه بها غضب مها..
وتوقف بعد فترة من الوقت عند باب المركز التجاري وغادر سيارته ليخرج مقعد ملاك من صندوق السيارة.. وبالنسبة لملاك فقد شعرت برهبة تغزو قلبها بغتة.. لاول مرة تأتي الى مكان كهذا.. لاول مرة ترى كل هذا الجمع من الناس .. انتابها القلق والتردد من مغادرة السيارة..صحيح انها كانت تذهب الى النادي ولكن لم تكن ترى كل هذا الجمع وقتها وكانت تبقى وحيدة مع مها في ركن منه..اما الآن فعليها ان تندمج في كل تلك الافواج...
والتفتت بحدة وخوف عندما فتح الباب الذي يجاورها بغتة وسمعت صوت مها وهي تقول بابتسامة: هيا يا ملاك.. اجلسي على مقعدك حتى نغادر..
تطلعت ملاك الى المقعد.. شعرت انه قد يكون شيء غير مألوف لكل اولئك الناس ..وهمست وهي تلتفت عن مها: لا اريد النزول..
تطلع اليها مها بدهشة وقالت: ماذا تقولين؟..
قالت ملاك باصرار: اريد ان اعود الى المنزل.. لا اريد البقاء هنا..
اقترب مازن من باب المجاور لملاك وقال بحيرة: ما الذي يجعلك تقولين مثل هذا الكلام بعد ان وصلنا؟..
تطلعت ملاك الى الاشخاص اللذين يدخلون المركز التجاري او يخرجون منه.. فالتفت مازن خلفه ليتطلع الى ما تتطلع ومن ثم قال بابتسامة وهو يلتفت لملاك وقد فهم ما يقلقها ويجعلها ترفض النزول من السيارة: لا تقلقي.. الكل هنا يكون مشغولا بشأنه.. ولا احد يهتم الا بنفسه..
هزت ملاك راسها نفيا وقالت وهي تضم قبضيتها: لا اريد النزول.. اعيدوني الى المنزل..
وبدل من ان يجيبها مازن مد يده لها وقال مشجعا: لا تخافي ابدا.. نحن هنا معك..
تطلعت ملاك الى يده الممدودة بحيرة ونقلت بصرها بين مازن ومها.. وقالت الاخيرة مبتسمة: ما يقوله مازن صحيح.. لا داعي للخوف ما دمنا معك..
ترددت ملاك طويلا وهي ترى نظراتهم اليها ومن ثم لم تلبث ان حسمت امرها ومدت يدها لمازن ليتقطها ويعاونها على الجلوس على مقعدها.. كانت ارتجافة كف ملاك بين انامله اكبر دليل على ما حدث لمشاعرها في تلك اللحظة.. فقد كانت لمسة انامله فقط.. كفيلة لان تفجر كل المشاعر التي تحملها تجاه مازن..وتطلعت الى هذا الاخير وهي تزدرد لعابها بارتباك ورأته يبتسم لها ويقول: يالك من فتاة عنيدة..
لم تعلم ملاك لم بادلته الابتسامة بدلا من ان يحنقها ما قاله.. ربما لان مشاعرها تجاه مازن في هذه اللحظة بالذات.. كانت كافية لتجعلها تتقاضى عن أي شيء يقوله..لا تسألوها لماذا مازن بالذات.. هي نفسها لا تعلم.. ربما اهتمامه وحنانه.. ربما مرحه وسخريته.. ربما شخصيته الحازمة عند الجد.. وربما كل هذا.. لا تسألوها لماذا؟.. فليس هي من تختار بل قلبها..
واصلوا طريقهم الى داخل المركز التجاري وتوقف مازن بغتة عن السير فتوقفت مها عن دفع مقعد ملاك بدورها عندما رأت حسام وهو يقترب منهم ويقول: واخيرا حضرتم..
قال مازن بسخرية: معذرة.. ولكن الفتيات يحتجن لساعتين لتجهيز انفسهن..
قال حسام مبتسما: حمدلله ان ليس لدي أي شقيقة..
عقدت مها حاجباها وكأن لم يعجبها ما قاله حسام.. فتمنيه من عدم وجود شقيقة في حياته يعني تمنيه عدم وجود أي فتاة اخرى في حياته ايضا..والتفت لها بغتة وقال مبتسما: اهلا مها..
قالت ببرود: اهلا..
تطلع حسام الى ملاك للحظة ومن ثم قال بابتسامة غامضة: وملاك هنا ايضا.. اهلا.. كيف حالك؟..
تطلعت اليه ملاك وقالت: على ما يرام..
في حين قالت مها وقد شعرت بأنه يشك بأمر ملاك: لقد جاءت معنا لتشتري فستان للحفلة.. فكما تعلم فهي ستكون موجودة يوم الحفل..
التفت حسام عنهما ومن ثم قال متحدثا لمازن: هل سنذهب للتسوق معهما.. ام لوحدنا؟..
قال مازن بسخرية: بل لوحدنا.. هل جننت حتى اذهب للتسوق مع الفتيات؟.. لن استطيع شراء أي شيء حينها..
عقدت مها حاجباها بغضب وقالت: كف عن السخرية يا مازن.. فلا اظنك تنتهي من الشراء في اقل من ساعتين..
غمز بعينه ومن ثم قال: بل اقل من ذلك.. استمعي الي ستذهبون للشراء الآن انت وملاك وبعد ساعتين سنذهب لتناول طعام الغداء في أي من مطاعم المركز التجاري..اتفقنا؟..
اومأت كل من ملاك ومها برأسيهما.. في حين راقبت هذه الاخيرة حسام وهو يبتعد بنظرات حسرة.. يأس.. فقدان امل.. جميعها تجمعت في عيني مها في تلك اللحظة.. وقالت بصوت هادئ النبرات: فالنذهب للشراء الآن يا ملاك..
دخلتا عدد من المحلات دون ان يعجبهما شيء.. او يعجب مها بالاحرى.. فعندما كان يعجب ملاك احد الفساتين كانت مها تقول: لا.. لا يناسب الحفلة التي سيقيمها والدي.. انها ارقى من ذلك بكثير..
لم تكن ملاك تفهم سر اصرار مها على شراء شيء اكثر فخامة.. فملاك لم تعتاد مثل هذه الحفلات.. بعكس مها التي اعتادت هذا الجو والفته.. واصبحت تدرك جيدا أي من الفساتين التي تصلح لحفلة والدها ..واخيرا وقع اختيار مها على الفستان الذي سترتديه للحفل وقلت مبتسمة وهي تريه لملاك: ما رأيك به؟ ..
التفتت لها ملاك وقالت وهي تتطلع الى الفستان الذي بين يديها: رائع جدا.. سيجعلك تبدين كالنجمة في السماء..
صحكت مها بمرح ومن ثم تسائلت قائلة: وماذا عنك؟.. هل اخترت فستان ما؟..
اومأت ملاك براسها وقالت بابتسامة: بلى ولكني اخشى ان تقولي انه لا يصلح للحفل..
اسرعت مها تقول: دعيني اراه اولا..
اشارت ملاك اليه .. فقالت مها وهي تهز رأسها نفيا وتضع كفها اسفل ذقنها: انه لا يصلح حقا.. دعيني اختار انا لك..
وتلفتت حولها في المحل وقالت: دعينا نرى.. شيء راقي ومناسب لحفل والدي..
وتوقفت نظراتها بغتة عند احد الفساتين وتوجهت اليه وقالت مبتسمة: هذا مناسب جدا..
تطلعت ملاك الى الفستان وقالت بتردد: اترين ذلك حقا؟..
اومأت مها برأسها ومن ثم قالت وهي تنقل بصرها بين الفستان وبين ملاك التي تتطلع الى الفستان: ثم انه يشبهك..
اشارت ملاك الى نفسها وقالت بدهشة: يشبهني؟؟..
من جانب آخر كان مازن يتطلع الى ساعة معصمه ويقول متحدثا الى حسام: ما رأيك ان نذهب الآن لتناول طعام الغداء؟.. لقد بدأت اشعر بالجوع..
قال حسام مبتسما: وانا ايضا.. اتصل بمها وملاك واخبرهما بأننا ذاهبين لنتناول الغداء..
قال مان بسخرية: يالك من رقيق القلب.. دعهما وشأنهما ولا يهمك ان تناولا الطعام ام لا..
قال حسام وهو يخرج هاتفه من جيبه: اذا لم تتصل انت سأتصل انا..
ابتسم مازن وقال: لا بأس سأتصل..ولكن اخبرني الى هذه الدرجة تهمك الفتيات؟..
قال حسام وهو يرفع حاجبيه: اعرفك جيدا.. ستتركهن دون طعام ولا يهمك امرهن ابدا..
قال مازن وهو يهز رأسه نفيا: لا تنسى ان ملاك معنا .. من غير اللائق ان افعل بها ما افعله بمها..
زفر حسام بحدة ومن ثم قال: انني اشيد بمها التي صبرت عليك على الرغم من كل ما تفعله بها..
ضحك مازن ومن ثم لم يلبث ان اتصل بمها وقال : اين انتما؟..
اجابته قائلة: عند المطاعم..
- حسنا.. سنأتي في الحال..
اغلق هاتفه ومن ثم التفت الى حسام ليقول بسخرية: ارايت يا رقيق القلب لقد سبقونا هم الى حيث المطاعم..
هز حسام كتفيه دون ان يعلق في حين اردف مازن قائلا: فلنذهب نحن لهم الآن..
غادرا المكان صاعدين الى الطابق الاعلى باستخدام السلم الكهربائي.. ومن ثم توجها الى حيث ركن المطاعم وهناك لمح حسام مها جالسة خلف احدى الطاولات وبمواجهتها ملاك..فأشار حسام باتجاههم ومن ثم قال: ها هي مها وكذلك ملاك..
تطلع مازن الى حيث يشير حسام ومن ثم تقدم من الطاولة وقال وهو يميل باتجاه مها: لماذا لم تتصلي بنا فور انتهاءكما؟..
قالت مها وهي تلتفت له بسخرية: الم تقل اننا سنحتاج الى الكثير من الوقت حتى ننتهي من الشراء؟.. لهذا فقد ظننت انكما قد سبقتمونا الى هنا..
عقد مازن حاجبيه ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: بالفعل لقد انتهينا قبلكما.. فلا اظن انكم قد انتهيتما من شراء جميع حاجاتكم بعد..
اشارت مها الى الاكياس الموضوعة بجوار مقعدها ومن ثم قالت بابتسامة نصر: اجل والدليل امامك..
ضحك حسام وهو يقترب من مازن ومن ثم قال وهو يضع يده على كتفه: اعترف.. لقد هزمتك..
التفت مازن الى حسام وقال وهو يغمز بعينه: ليس بعد..
وعاد ليلتفت الى مها قائلا: لقد انتهينا قبل هذا بكثير ولكننا انا وحسام كنا نسير في ارجاء المركز التجاري حتى يمضي الوقت وتنتهيا انت وملاك من الشراء..
قال حسام وهو يرفع حاجبيهمستغربا: نحن؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال مبتسما: والآن هيا انهضي واذهبي للجلوس بجوار ملاك..
نهضت مها من مكانها وقالت بحنق: سأفعل دون ان تقول.. فأنا اكره الجلوس الى جوارك..
واتجهت لتجلس بجوار ملاك التي ابتسمت لها وقالت بصوت منخقض: لا تغضبي.. فأنت من انتصر عليه..
لم تجبها مها بل زفرت بحدة وعقدت ذراعيها امام صدرها.. وبالمصادفة فقد اصبح حسام في مواجهة مها ومازن في مواجهة ملاك..وقال مازن وهو يحرك اصابعه على الطاولة: ماذا تريدون من الطعام الآن؟..
قال حسام هو ومها في نفس الوقت: (البيتزا)..
التفتت مها الى حسام بدهشة ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت عندما رأته يتطلع اليها بابتسامة.. فقال مازن وهو يتطلع الى ملاك: وانت يا ملاك..
اجابته ملاك قائلة وهي لا تقوى على رفع عينيها لمواجهة نظراته: لا اعلم.. احضر لي أي شيء..
نهض مازن من مكانه وقال: فليكن..
وغادر الطاولة مبتعدا عن المكان وهنا قال حسام وهو يلتفت الى مها: صحيح يا مها.. لقد نسيت ان اسألك.. ما سر تغيبك اليوم عن الجامعة؟..
تطلعت اليه مها وابتسمت وهي تشعر بسعادة لانه اهتم بغيابها عن الجامعة ومن ثم قالت: لم يكن لدي أي محاضرات مهمة اليوم..
قال حسام بهدوء: لقد ظننت انك متعبة وكدت اتصل بك لاسال عن احوالك..ولكن عندما اتصل بي شقيقك واخبرني بأنك ستخرجين للتسوق.. علمت ان الامر ليس كذلك..
قالت مها متسائلة وسعادتها تزداد لاهتمامه بها على هذا النحو: وكيف علمت انني متغيبة هذا اليوم؟..
كانت ملاك تستمع الى الحوار الدائر بصمت.. لم تحاول التعليق او التحدث وان شعرت بأن ما قالته لها مها في ذلك اليوم غير صحيح وانها كانت تفكر بحسام..واجاب هذا الاخير قائلا:يسبب صديقتك التي تسيرين معها دائما.. فأنا لم ارك معها اليوم..
عقدت مها حاجبيها..صديقتي انا؟..وهل يعرفها هو؟.. لو كان يعرفها هو فلماذا؟.. يا الهي!.. هل يعقل ان يكون هو وصديقتي ... لا .. لا مستحيل.. لا يمكن ان يحدث هذا .. انا احبه وهو يشعر بذلك بالتأكيد يشعر .. وبالتأكيد سيبادلني هذا الحب يوما ما و... ولكن ما الذي يجعلني واثقة هكذا و...
(أنسة ملاك)
نداء حسام لملاك جعل مها تستيقظ من شرودها وتلتفت لملاك التي قالت وهي تبعد يدها التي تسند وجنتها: اجل..
قال حسام وكانه يريد التأكد من امر ما: متى سيعود والدك من سفره؟..
اجابته ملاك بحيرة: ربما بعد ثلاثة ايام..
- وهل تضايقك مها او مازن؟..
اسرعت ملاك تقول وهي تبتسم وتلتفت الى مها: على العكس.. انني اشعر ان مها اخت لي تماما..
واردفت وهي تزدرد لعابها بصوت خافت: وكذلك مازن ..
عقد حسام حاجبيه كان يريد ن يتأكد من صدق ما تقوله مها بأن ملاك هي صديقة لها.. ولكن ملاك لم تتحدث بشيء يدله على صدق او كذب ما قالته مها.. واستمر في اسالته قائلا: ومنذ متى تعرفين مها؟..
همت ملاك بقول شيء ما عندما اسرعت مهاوقاطعتها قائلة: منذ شهر تقريبا..
التفت حسام الى مها وقال ببرود: ولم لم تدع ملاك تجيب بنفسها؟.. فأنا قد سألتها هي..
احست مها بشكوكه وقالت بابتسامة وبلهجة حاولت ان تجعلها واثقة: ملاك صديقتي وسواء اجبت انا او هي..فذلك لا يهم..
التفت حسام عنها وتطلع الى مازن الذي اقترب بصينية المأكولات من الطاولة وقال بسخرية متحدثا الى حسام: اجل استمتع انت بالحديث الى مها وملاك ودعني انا احضر الطعام الى هنا ..
ابتسم حسام وقال: انت لم تنادني حتى اساعدك..
قال مازن وهو يضع الصينية على الطاولة: اذهب انت لاحضار المشروبات..
نهض حسام من مكانه مغادرا الطاولة.. في حين قال مازن وهو يشير الى احد الاطباق: لم اعرف ماذا اختار لك يا ملاك.. فأخترت لك الطعام الذي اختاره لي دائما..
ابتسمت ملاك وقالت وهي ترفع عينيها اليه: حتى عصير البرتقال؟..
ابتسم مازن وقال: وحتى هو..
قالت مها مستغربة: ما امر عصير البرتقال هذا؟..
تطلع مازن الى ملاك بابتسامة ومن ثم قال وهو يلتفت الى مها: وما شأنك انت؟.. امر بيني وبين ملاك..
قالت مها بخبث: حقا؟..
توردت وجنتا ملاك وارتبكت اطرافهافاخذت تداعب قلادتها .. وسألها مازن في تلك اللحظة: هل اهداك احد هذه القلادة؟..
قالت ملاك بدهشة وهي ترفع نظراتها له: اجل .. كيف عرفت؟..
قال وكأنه لم يسمع تتمة عبارتها: ومن هو؟..
ابتسمت ملاك وقالت وهي تعود لتداعب القلادة: انه شخص غالي جدا على قلبي..
عقد مازن حاجبيه .. ايعقل ان تكون ملاك على علاقة بشاب ما؟..ولم لا؟.. انها فتاة رائعة الجمال.. بريئة بتصرفاتها .. كبيرة بقلبها.. ولكن ماذا عن عجزها؟.. ايعقل ان الشاب الذي على علاقة معها لم يهتم بهذا الامر ابدا؟.. ربما..
وسألها قائلا: ومن هو هذا الشخص الغالي على قلبك؟..
اجابته قائلة: انه...
قاطعها حسام وهو يضع المشروبات امامهم: ها هي المشروبات..ماذا تريدين انت يا مها؟..
قالت مها مبتسمة: (كولا)..
قال حسام مبتسما وهو يضعه امامها: الن تغيريه ابدا؟..
ووضع عصير البرتقال امام مازن وقال: اعرفك لا تشرب مشروب سواه..
قال مازن وهو يتطلع له بطرف عينه: وما شانك انت.. لا تدعني اتحدث عن كأس الحليب الذي تشربه على الافطار..
قال حسام وهو يضحك بمرح ويتوجه الى مقعده: حسنا.. حسنا لا شأن لي.. اشرب ما تريد.. ولكن ما ذنب ملاك ايضا؟ ..
التفت له مازن وقال: هي من طلبت مني ان احضر لها أي شيء وانا فعلت..
- لقد قالت أي شيء ولم تقل على ذوقك..
قالت مها وهي تتناول قطعة من (البيتزا): سيبرد الطعام ان لم تتناولوه سريعا..
بدأ الجميع في تناولهم للطعام..وكان هناك احاديث متفرقة بين مازن وحسام ومها.. في حين اكتفت ملاك بكلمات بسيطة ومقتضبة عندما يسألها احد منهم عن شيء ما ..وبعد انتهاءهم قال مازن بابتسامة: كفاكم ما اكلتموه من طعام .. هيا انهضوا..
التفت له حسام وقال مازحا: ما هذا ؟..هل ستحاسبنا على ما اكلناه من طعام؟..
قالت مها ساخرة: لا تستغرب ان فعلها مازن..
التفت لها مازن وقال : كفي عن الحديث ايتها الثرثارة ولنغادر ..
- لا يوجد ثرثار غيرك هنا..
قال حسام وهو ينهض من مكانه ويجذب مازن معه: عدنا للشجار .. اخبرتك ان تدع مها وشأنها..يجب ان تحمد الله تعالى على ان لديك شقيقة تتحملك مثلها..
ابتسمت مها من عبارته.. وكذلك ملاك.. فقال مازن وهو يبتسم: ان اردت الصراحة .. فأنا لا استمتع الا عندما استفزها..
عقدت مها حاجبيها فضحك حسام وقال: لا بأس.. لا بأس.. سر امامي هيا..وكذلك انتما.. مها وملاك.. اسرعا لنغادر..
سارت مها وهي تدفع مقعد ملاك خلف حسام .. واحست ببضع النشوة والسرور لدفاعه عنها امام مازن.. وما لبثتا مها وملاك ان ركبتا سيارة هذا الاخير بعد ان غادروا جميعا المركز التجاري.. في حين انطلق حسام بسيارته .. ولم تنسى مها عبارته الاخيرة عندما قال وهو يميل باتجاه نافذة مازن قبل ان يغادر: اياك ومضايقة مها مرة اخرى ..
حينها اجابه مازن بسخرية: اظن ان مها هي شقيقتك وانا لا اعلم..
قال حسام بابتسامة: لو كان لدي شقيقة مثلها لما ضايقتها ابدا..
جعلتها عبارته الاخيرة هذه ان تحلق في سماء السعادة والاحلام .. وهي تشعر بقلبها يخفق بقوة ..واغمضت عينيها وهي تتخيل ان حسام يبادلها مشاعرها هذه.. وسيارة مازن تنطلق مبتعدة عن المكان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
توقفت سيارة مازن بجوار المنزل وقال مازن وهو يفتح باب سيارته: اهبطي بسرعة يا مها.. فسأذهب الى النادي الآن..
تأففت مها من تصرفاته وقالت وهي تفتح باب السيارة وتتناول الاكياس معها: حسنا .. وهذه آخر مرة اذهب معك فيها الى أي مكان..
لم يهتم بعبارتها وهو يراها تتوجه الى داخل المنزل بل هبط من سيارته.. ومن ثم توجه خلف السيارة ليفتح صندوقها ويخرج مقعد ملاك وفتح الباب المجاور لها وقال مبتسما: هل اساعدك؟ ..
قالها ومن ثم مد يده لها.. مشاعر شتى هاجمت ملاك في هذه اللحظة.. وجعلت اطرافها ترتجف وهي تتذكر ما احست به عند لامست اناملها كفه..ولم تقوى على مد يدها له.. فقال مازن مستغربا: ماذا بك؟.. سأساعدك ليس الا.. اعطني يدك..
اطاعته ملاك هذه المرة.. ربما للنبرة الآمرة في صوته .. واجلسها على مقعدها ومن ثم ابتسم وقال: لا زلت مصرا على انني قد رأيتك من قبل..
قالت ملاك بابتسامة خجلة وهي تشعر برجفة جسدها كله من لمسته: ربما..
مال نحوها مازن وقال: اخبريني الم تأتي الى هنا من قبل؟..
تجمدت اطرافها للحظة وهي تراه يميل نحوها ويتطلع اليها على هذا النحو..ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تطرق برأسها: لا.. لم آتي الى هنا من قبل..
تساءل مازن بشك: أأنت متأكدة؟..
كانت ملاك تذكر انها ذهبت يوما ما الى منزل عمها وهي بعد في السادسة من عمرها.. ولكن لا تذكر أي عم .. ولا تذكر أي شيء مما حدث لها هناك.. وقالت وهي تهز كتفيها: ربما جئت الى هنا وانا بعد طفلة..
طفلة.. ترددت هذه الكلمة في رأس مازن.. وتذكر تلك الطفلة التي خطرت على ذهنه فجأة..والتي كادت ان تتسبب في الاصطدام ومن ثم لم يلبث ان قال بتفكير: اجل ربما..
واشار الى احدى الخادمات التي كانت واقفة بجوار الباب: اصطحبي ملاك الى الداخل..
عقدت حاجبيها وقالت: اعرف ان ادخل لوحدي..
ابتسم وقال: حسنا فهمت..
ولوح لها بيده مردفا: الى اللقاء..
ابتعد مازن عن المكان وبقيت ملاك تتطلع الى سيارته التي ابتعدت.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت وهي تدخل الى داخل المنزل متوجهة الى غرفتها و...
( اهلا بابنة العم..)
التفت ملاك بحدة الى مصدر الصوت.. وانتابها القلق والتوتر عندما شاهدت كمال يبتسم ببرود ويقول مردفا: كيف الحال؟..
ازدردت لعابها مرتين متتاليتين ومن ثم قالت بصوت خافت: بخير..
احست ملاك بغرابة سؤاله.. فلم يسبق له ان اهتم بالسؤال عنها من قبل.. ولكن من يدري ربما هي لا تفهمه.. وقال وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: لم ارك اليوم على الغداء فظننت انك غادرت المنزل..
لم تفهم ملاك ما يقصده بعبارته.. هل يريد ان يشير الى انه لا يرغب بوجودها في المنزل او يشير الى انه قد اقلقه عدم وجودها؟ .. لن تفهم ابدا هذا الانسان..واجابت قائلة: لقد خرجنا للتسوق و..
قاطعها قائلا وهو يلتفت عنها: اعلم..
ومن ثم غادر دون ان يضيف أي كلمة اخرى.. لو فهم أي احد مغزى ما قاله فليفهم ملاك.. فقد ظلت في مكانها في حيرة من امرها تتطلع الى النقطة التي اختفى فيها..ومن ثم لم تلبث ان تحركت بقعدها باتجاه غرفتها لتدلف اليها ةتغلق الباب من خلفها.. واغمضت عينيها لوهلة..وهي تتذكر مازن ..ومساعدته لها .. لطفه واهتمامه بها..جعلاها تشعر بميل اكثر له .. كل هذا ومها تقول عنه انه يكره مساعدة الآخرين .. ولكنه ساعدني.. ليس مرة واحدة فحسب بل عدة مرات.. انه طيب القلب ولكن ربما لا يحب اظهار طيبته هذه..ربما يحاول ان يبدوا حازما غير مبالي.. ربما...
توجهت الى حيث فراشها ورفعت جسدها من على المقعد.. لتجلس على السرير وراودتها ذكرى اول لقاء لها مع مازن..
وتطلعت الى القلادة التي تحتل رقبتها ومن ثم قالت وكأنه تحادث والدها: ارأيت يا ابي.. ابناء عمي اللذين كنت تمنعني عن رؤيتهم في السابق يهتمون بي.. وليس كما ظننت.. لم يحاول احد منهم مضايقتي ابدا.. وحتى كمال.. ربما هي مجرد كلمات يقولها نظرا لشخصيته.. ولكن كل هذا لا يهمني.. ما يهمني الآن اني مع ابناء عمي .. لو تعلم يا ابي كم اشعر بالسعادة وانا معهم.. اتمنى من كل قلبي ان تسمح لي بزيارتهم بعد ان تعود من السفر.. اتمنى ذلك..
لم تشعر بنفسها وهي تغيب عن الواقع وتغط في عالم الاحلام.. ليكون رفيقها في الحلم هو.. مازن.. ولا احد سواه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت مها بعينان حالمتين الى الرسائل القصيرة التي يرسلها لها حسام ليمازحها احيانا.. رسائل عادية جدا.. ولكنها تعني لها الكثير لأنها منه..وشعرت برغبة شديدة في سماع صوته على الرغم من ان آخر لقاء لهما في المركز التجاري لم يمض عليه اقل من ساعتين.. ولكن لم تعلم لم.. ربما لانها لم تأخذ حريتها في الحديث معه هناك.. او ربما لانها تتمنى سماع المزيد من كلمات الاهتمام والحنان منه..
ولم تكتمل افكارها.. فقد قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول وشهقت بدهشة عندما رأت المتصل هو حسام نفسه..واجابت قائلة ودهشتها لم تفارقها بعد: حسام!..
قال حسام مبتسما: اجل هو انا لم انت مندهشة هكذا؟..
قالت مها وهي تزدرد لعابها: لاني لم اتوقع اتصالك هذا ابدا..
قال حسام مبتسما: وما هو شعورك الآن بعد ان اتصلت بك؟..
كانت تريد ان تخبره انها سعيدة.. لا بل تكاد تطير من السعادة.. ولكنها لم تستطع قول شي من هذا.. وقالت مبتسمة: في الحقيقة.. اشعر ان وراء مكالمتك هذه امر ما..
ضحك حسام وقال: معك حق انها كذلك..
قالت بفضول: ما الامر اذا؟.. اخبرني بسرعة..
صمت حسام للحظة ومن ثم قال بغتة: ملاك...
مطت مها شفتيها. ملاك من جديد.. وما شأنه هو بملاك؟.. وقالت ببرود: ماذا بها ملاك؟..
قال حسام بتساؤل: انها ليست صديقتك .. اليس كذلك؟ ..
قالت وهي تحاول ان تخفي ارتباكها: بل هي كذلك..
قال حسام بجدية: مها لم لا تقولي الصدق وتريحي نفسك؟..الم اكن دائما موجودا عندما تحتاجين الي وكنت كاتم اسرارك؟.. ما الذي تغير الآن؟.. هل تتوقعين ان أي شيء تخبرينه لي سأفشيه من فوري؟..
قالت مها وهي ترمي بنفسها على الفراش: الامر ليس كذلك..
- اذا؟..
اغمضت مها عينيها.. ماذا تقول له.. ان والدها قد حذرهم من ان ينطقوا بهذا الامر لأي مخلوق.. ولكن هذا حسام صديق الطفولة والصبا.. حسام الذي تثق به اكثر من نفسها.. حسام الذي منحته قلبها دون ان تجد أي امل من مبادلته لها هذا الحب.. انها تعلم جيدا انه سيحافظ على الامر سرا لو اخبرته.. ولكن ماذا لو سأله والده واصر على ان يجيبه.. هل سيضطر حينها للكذب؟.. لا تعلم ابدا.. انها تشعر بالحيرة من اخباره من عدمه.. ولكن عليها ان تحسم امرها ..
وقالت بعدان اخذت نفسا عميقا: ملاك هي... صديقتي..
قال حسام بحدة: الى متى ستستمرين في هذا الكذب يا مها؟ .. اخبريني لماذا؟.. لا احد يفهمك كما افهمك انا.. وادرك جيدا انك تكذبين.. اخبريني من هي ملاك؟..
احست بغصة في حلقها وهي تشعر باهتمامه الكبير بملاك وبعصبيته تجاهها وقالت بصوت مختنق: اخبرتك..
- لم تخبريني سوى بالكذب..
قالت مها وهي تحاول ان تتمالك مشاعرها: اتعني اني كاذبة؟..
- اجل مادمت ترفضين قول الحقيقة..
ظلت صامتة دون ان تجيبه.. فهتف بحدة وعصبية: من هي ملاك؟..
اندهشت مها من اسلوبه في الحديث للمرة الاولى تراه على هذا النحو من العصبية والغضب.. اكل هذا من اجل ملاك؟.. وانا.. ماذا عني انا؟.. الست امثل أي شيء في حياتك يا حسام؟...
وقالت مها بمرارة: لماذا تحدثني بهذه الطريقة يا حسام؟..
تنهد حسام ودس اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال: انا آسف يا مها لم اقصد.. ولكن تضايقت قليلا عندما شعرت انك تكذبين علي.. وانا اكره ان يكذب علي احد وخصوصا انت..
وخصوصا انا!!.. ما الذي يقصده؟.. واردف هو بهدوء هذه المرة وبنبرة حانية تسمعها مها نادرا منه: الن تخبريني من هي ملاك حقا يا مها؟..
ازدردت مها لعابها من عبارته ولهجته الحانية ومن ثم قالت :ولم انت مهتم هكذا بملاك؟..
قال حسام وهو يجلس على احد المقاعد بغرفته: ان اردت الصدق.. فلست مهتم بملاك.. بل مهتم بمعرفة الحقيقة منك ..
- ولم لم تسأل مازن؟.. لم انا؟..
قال مبتسما: لاني اعلم انك لا تعرفين الكذب ولن تستطيعي ان تستمري فيه معي.. اما شقيقك فلن احصل منه على حرف واحد يروي فضولي..
واستطرد قائلا: ثم انك اثبت لي ان ما اشعر به صحيح وان ملاك ليست صديقتك بعد ان طلبت مني ان اسأل مازن عوضا عنك..
قالت مها بنبرة خافته: ارجوك يا حسام.. لا اريد ان يعلم احد هذا الامر..
قال حسام بصدق: اطمئني لن يعلم عن هذا الامر مخلوق سواي.. ولكن اجيبيني عن سؤالي اولا..
قالت مها بتردد: ان ملاك هي.. هي...
- من هي ملاك؟.. اكملي..
قالت وهي ترمي المفاجاة في وجهه: ان ملاك هي ابنة عمي ..
ولم يعد هناك مجالا للتراجع..


 

رد مع اقتباس
قديم 07-19-2012, 05:40 PM   #18 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثامن
"حفل"


صمت دام لأكثر من دقيقة كاملة ران على كل من مها وحسام بعد عبارتها الاخيرة له.. لم يسمع خلالها الا صوت انفاسهما .. صمت شعرت خلاله مها بخطأ ما فعلته وقالته.. وصمت قضاه حسام في تفكير عميق..وقاطع هذا الاخير هذا الصمت اخيرا ليقول: اذا فهي ابنة عمك..
ازدردت مها لعابها دون ان تقوى على الحديث .. احست بفداحة ما فعلته .. لقد ااتمنها والدهاعلى ملاك فخانت ثقته هذه .. لم تعلم ماذا تقول او بم تجيب فآثرت الصمت.. في حين اردف حسام وهو يزفر بحدة: ابنة عمك ملاك التي يبحث عنها جميع اعمامك.. واللذين لا يعلمون لها طريق.. وفي النهاية تكون موجودة في منزلكم..
قالت مها بقلق وخوف: ارجوك يا حسام.. ارجوك لا تخبر احدا بما قلته لك..
قال بهدوء: لن افعل..ولكن اخبريني كيف وافق والدك على ان يترك ملاك عنده.. الم يخشَ عليها من اخوته؟..
- بلى ولكن.. لم يكن هناك من حل سواه.. فوالد ملاك مسافر الى الخارج وربما سيطول سفره.. لهذا لا يريد ان تبقى وحيدة كل هذا الوقت في المنزل.. فاقترح ان يأتي بها الى المنزل .. ومن جانب والدي فقد وافق على هذا الامر وطلب منا ان لا نخبر مخلوق عن هذا الامر..
واردفت بتوتر وهي لاتزال تشعر بخطأها عندما اخبرته: ولكني اخبرتك لاني اثق بك.. واعلم جيدا انك لن تخبر عنها أي احد.. اليس كذلك؟..
ابتسم حسام وقال في لهجة صادقة: ايراودك أي شك في ذلك؟ ..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: لا ولكني اخشى على ملاك.. فكما رأيتها هي فتاة قليلة الخبرة والتجارب.. وليس لها أي قوة لمواجهة أعمامي اللذين لا يستهدفون من وراءها سوى الثروة..
- معك حق..ان ملاك كالطفلة التي لم تلوثها هذه الحياة بسوادها بعد..
قالت مها في غيرة واضحة: ولم تمتدح ملاك هكذا؟..
ابتسم حسام قوال: ليس مديحا بل حقيقة..
قالت مها في ضيق: حقا؟..
قال حسام مبتسما: ولم تتضايقين عندما امتدح ملاك؟..
قالت بحدة: ولم تمتدح ملاك وتهتم لأمرها من الاساس؟..
قال حسام بحيرة: من قال اني مهتم بأمر ملاك؟..
قالت بحدة اكبر: تصرفاتك.. لا تلبث ان تسأل عنها بين الفينة والاخرى..
قال حسام مبتسما: ايتها الغبية من قال ان ملاك تهمني.. ما يهمني فعلا هو ان لا تكذبي علي مرة اخرى..
قالت مها بصوت خافت وبلهجة خجلة: وهل يهمك ان قلت لك الصدق ام لا؟..
- اجل..يهمني كثيرا..
واردف بلهجة حانية: لا اريد ان تكذبي علي مرة اخرى.. مهما حصل.. اخبريني بالحقيقة وسأفعل المستحيل لمساعدتك ان تطلب الامر..
قالت مها وهي تذكره: ملاك من تحتاج الينا الآن..
تنهد حسام وقال: اعلم.. لا تقلقي.. اقسم لك اني لن انطق بأي حرف لاي شخص كان عن هذا الامر..
قالت مها مبتسمة: اشكرك لأنك تفهمت الموقف..
قال حسام وهو يتطلع الى ساعة يده: اتركك الآن يا مها.. وعذرا على الازعاج..
قالت مها في سرعة: ابدا لم يكن هناك أي ازعاج..
ابتسم حسام وقال: حسنا اذا اراك بخير..
قالت مها مبتسمة: الى اللقاء يا حسام..
وما ان انهى الاتصال حتى ردفت بلهجة حانية ومليئة بكل ما اعتمر قلبها من حب: يا اول من احببت في حياتي..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
((من انت؟))
((انا اسمي ملاك))
((هل جئت الى هنا وحدك؟))
((لا.. جئت مع ابي))
فتحت ملاك عينيها بغتة لتستيقظ من احلامها على صوت طرقات على باب غرفتها.. وتطلعت بارهاق الى الساعة المجاورة لفراشها والتي كانت تشير الى السادسة مساءا..واعتدلت في جلستها لتقول وهي تتثاءب: من؟..
سمعت صوت مازن وهو يقول: انه انا..مازن..
ارتفع حاجباها بدهشة ومن ثم ما لبثت ان قالت وهي تزدرد لعابها: وما الذي تريده؟..
ابتسم مازن الذي يقف خلف الباب وقال: الاطمئنان عليك فحسب..
توترت ملاك قليلا وشعرت ببعض الارتباك والخجل.. مازن جاء ليطمئن عليها هي..رفعت جسدها عن الفراش لتلقيه على المقعد وقالت في سرعة: لحظة واحدة..
حركت عجلات مقعدها الى حيث المرآة والتقطت المشط لتقوم باعادة ترتيب خصلات شعرها المبعثرة من النوم.. واسرعت تفتح الباب بعد ذلك وهي ترفع رأسها لتتطلع اليه.. فقال هو مبتسما وهو يتطلع اليها: لقد جاءت مها قبل قليل وطرقت الباب اكثر من مرة وعندما لم تسمع اجابة منك قلقنا عليك فجئت لأطرق الباب بعدها لأتأكد انك بخير..
قالت ملاك بابتسامة: لقد كنت نائمة..
قال مازن وهو يتطلع اليها بنظرات غامضة: حسنا ما دمت قد اطمأننت عليك فسأغادر.. مع السلامة..
لاحقته ملاك بنظراتها ومن ثم قالت بصوت لم يسمعه سواها: مع السلامة..
شعرت بمشاعر غريبة تغزو قلبها وتزداد كلما رأت مازن ..لا تشعر بهذه المشاعر الا اذا رأت مازن او تحدثت اليه.. مشاعر اخذت تشعرها بالشوق له.. بالاهتمام لأي امر يخصه.. مشاعر شتى تجعل قلبها يخفق بقوة كلما رأته و...
قطع افكارها صوت رنين هاتف مازن المحمول لم يكن قد ابتعد كثيرا عنها بعد.. مما جعلها تسمعه يقول وهو يبتعد مغادرا المنزل: اجل ماذا تريدين؟..
"تريدين".. اذا فهو يحادث فتاة..تتذكر ملاك مرة انه اخبرها ان لديه الكثير من المعجبات بسبب فوزه في احدى المسابقات .. ربما هذه الفتاة هي احدى تلك المعجبات.. ربما..
لم تجد ما تكمل به افكارها فتحركت في ارجاء الردهة بملل ..وسمعت بغتة صوت مها وهي تناديها قائلة: ملاك..
التفتت لها ملاك وقالت بهدوء: اجل..
تطلعت لها مها ومن ثم قالت: لم ارك اليوم بأكمله.. ماذا تفعلين؟..
اشارت ملاك باتجاه غرفتها ومن ثم قالت: لقد كنت نائمة عندما طرقت باب الغرفة..
قالت مها باستغراب: اية غرفة؟..
اجابتها ملاك قائلة: غرفتي..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: لم اطرق عليك الباب مطلقا.. لقد ظننت انك تدرسين..
قالت ملاك بدهشة: ولكن مازن قال لي انك قد طرقت علي الباب فقلقت علي عندما لم تسمعي مني ردا..
قالت مها بابتسامة واسعة: وصدقتيه بهذه البساطة.. تجدينه هو من طرق عليك الباب في المرة الاولى..
قالت ملاك ببراءة: ولم يكذب علي؟..كان بامكانه اخباري انه هو من طرق علي الباب في المرة الاولى..
- هكذا هو مازن.. مكابر وعنيد..
واردفت مها قائلة: دعك منه واخبريني هل ارتديت فستانك الجديد لتجربيه؟..
هزت ملاك راسها نفيا..فاردفت مها متسائلة: ولم لم تجربيه؟..
قالت ملاك بابتسامة: لا لشيء ولكني احسست انه لا يصلح الا ليوم الحفلة..
قالت مها وهي تتنهد: متى يأتي الغد؟..
تطلعت اليها ملاك وقالت مستغربة: ايهمك هذا الحفل الى هذه الدرجة؟..
قالت مها مبتسمة: ليس الحفل ولكن من سيكون فيه..
- من تعنين؟؟..
صمتت مها دون ان تجيب.. ولكن قلبها اجاب عن هذا السؤال..اجاب بكل الحب الذي يحمله.. اجاب بكلمة واحدة..حسام..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هبط مازن من على ظهر حصانه وربت على ظهر ه وقال متحدثا الى احد الزملاء: هلا اخذته الى الاسطبل؟..
قال زميله مبتسما: بكل سرور..
والتقط لجام حصان مازن من يده واخذه الى الاسطبل.. في حين غادر مازن حلبة السباق.. وتوجه بخطوات هادئة الى حيث الكافتيريا.. ولكنه توقف بغتة عندما سمع صوت شخص ما يناديه.. زفر بقوة وملل ومن ثم قال: يا الهي ..متى ستمل هذه الفتاة؟..
والتفت الى حنان التي اقتربت منه وقالت بحدة: لماذا تتجاهل نداءاتي وتتهرب من لقاءي يا مازن؟..
قال مازن ببرود: لاني سأمت سماع كلماتك المكررة..
قالت حنان بعصبية: ولكن كنا دائما معا ولم تكن يوما تمل من سماع ما كنت اقوله لك..
قال مازن وهو يرفع كفه منهيا النقاش: حنان اخبرتك مائة مرة ان ما بيننا كان في حدود الصداقة فقط ولا يتعداه..
واردف وهو يهم بالابتعاد عنها: عن اذنك..
ولكن حنان وقفت في وجهه وقالت: لم تكن يوما هكذا يا مازن.. كنت تعاملني بطريقة مختلفة.. وانت تعلم جيدا ان مشاعري لك تفوق حدود الصداقة..
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وقال بسخرية: هل وعدتك بشيء؟..
قالت وفي عينيها نظرة رجاء: ولكنك منحتني اهتماما جعلني ...
صمتت دون ان تكمل عبارتها فقال مازن بملل: ابتعدي عن طريقي اذا..
لم تتحرك من مكانها فقال مازن وهو يزفر بحدة ويعقد ذراعيه امام صدره: وما المطلوب مني الآن؟..ان ابادلك المشاعر بالرغم مني ام ماذا؟..
قالت حنان بصوت خافت: فقط لا تتجاهلني..
ابعدها عن طريقه وسار مبتعدا ومن ثم قال: سأحاول..
واردف بسخرية: مع انك مزعجة..
قالها واكمل طريقه مغادرا النادي.. اكبر خطا فعله بحياته انه تقرب من حنان ليحصل على صداقتها في يوم..لم يتخيل ان مشاعرها ستتعدى حدود الصداقة.. ولكن مع هذا استمر معها حتى شعر بالملل من عبارتها الدائمة له والتي تشير الى ان مشاعرها تفوق الصداقة.. وحينها قرر ان يتركها ويتجاهلها .. ولكنها ظلت تلاحقه على الرغم من ذلك.. لهذا ليس ذنبه ان كانت لا تريد ان تفهم انه لم يحمل أي مشاعر لها في يوم ...
انطلق بسيارته متوجها الى المنزل وما ان وصل حتى غادر سيارته واقفلها بواسطة جهاز التحكم عن بعد.. وفي نفس اللحظة كان كمال قد وصل بسيارته وغادرها بدوره.. واتجه نحوه مازن ليقول: انت تعلم بأمر حفلة الغد اليس كذلك؟..
قال كمال بهدوء: بلى..
قال مازن بحزم: اذا لا تغادر المنزل وتترك الجميع ينتظرك ويسأل عنك مثل ما فعلت قبل ثلاثة اشهر..
قال كمال ببرود: لن افعل..
واردف وهو يلتفت الى مازن: ثم ان هذه الحفلة مختلفة.. فأبنة عمك المصون ستكون موجودة ايضا..
تطلع اليه مازن وقال بتساؤل: ما الذي تعنيه؟..
واصل كمال سيره وقال بلامبالاة: لا شيء..
ولكن مازن امسك بذراعه واوقفه قائلا: ماذا تعني بقولك أن ابنة عمك ستكون هنا هذه المرة؟.. ما الذي اختلف؟..
ابتسم كمال ابتسامة باردة دون ان يعلق فقال مازن بصرامة: لا تنسى ما قاله لنا والدي.. لا يريد لأحد ان يعلم عن موضوع ملاك.. اتفهم..
ابعد كمال ذراع مازن عنه وقال ببرود شديد: هذا ليس من شأنك ..
قال مازن بعصبية : بل من شأني ..ملاك ابنة عمي .. وانت تعلم عواقب الامر لو وصل هذا الامر الى اعمامي..
التفت له كمال وقال: لا تخشى شيئا.. شقيقك ليس حقيرا.. واكمل طريقه دون ان ينطق بحرف زائد.. في حين زفر مازن بحدة وقوة.. ان كان يخشى على امر ملاك ان ينكشف .. فيجب ان يخشى من كمال.. فبأسلوبه اللامبالي ربما يخبر أي من اعمامه عنها لو سألوه عن ملاك..
واصل مازن طريقه الى داخل المنزل..وابتسم بسخرية عندما رأى مها جالسة في الردهة تتطلع الى الخاتمين اللذين ترتديهما وتتحدث الى نفسها قائلة: ايهما ارتديه للغد؟.. هذا ام ذاك؟.. لا اعلم ايهما اجمل فكلاهما...
تقدم منها مازن وقال يقاطعها وهو يجلس على مقعد مجاور لها: واخيرا وجدت الدليل الذي يثبت جنونك..
التفتت له مها ولم تهتم بسخريته التي اعتادتها وقالت وهي تريه الخاتمين: ايهما اجمل؟..
قال مازن بلا اهتمام: لا اعلم..
قالت مها بملل: لا فائدة ترجى منك..
ومن ثم اردفت في سرعة وكأنها تذكرت شيئا ما: مازن .. ما هذا الذي قلته لملاك؟..
تطلع اليها بنظرات مستغربة وقال: ماذا قلت؟..
قالت مها بخبث: لم قلت لها اني انا من طرق باب غرفتها؟..
قال مازن وهو يلوح بكفه: بحثت عن حجة لأبرر لها طرقي لباب غرفتها..
قالت مها وهي تتنهد فجأة: مازن ابتعد عن ملاك..
تطلع لها مازن بدهشة وعيناه متسعتان وقال: مها هل بعقلك خلل ما؟..
قالت مها بجدية: مازن ملاك ليست مثل أي فتاة عرفتها.. انت بنفسك تراها قليلة الخبرة لا علم لها بالحياة..
قال مازن ودهشته لم تفارقه بعد: وماذا فعلت بها؟..
قالت مها وهي تتمالك اعصابها: اهتمامك بها الزائد عن الحد جعلها تراك كشخص مختلف..
قال مازن وهو يسترخي على المقعد: انا اعاملها كابنة عم لا اكثر..
قالت مها بحدة: وهل تعلم هي معنى ان تعاملها كابنة عم.. انها تظن انك مهتم لامرها.. وانا متأكدة مليون بالمائة انها مخطئة وانك من المستحيل ان تفكر فيها..
قال مازن وهو يدافع عن نفسه: انها ابنة عمي..
قالت مها وهي تعاتبه: ولكن لن تنظر اليها في حياتك أي نظرة اخرى.. لهذا اقول لك ابتعد عنها.. انها ستقضي اسبوعا واحدا هنا فدعه يمضي على خير..
(انها ستقضي اسبوعا واحدا هنا فدعه يمضي على خير).. مثل العبارة التي قالها لكمال ذات يوم بعد ان جرح ملاك بكلماته .. لقد قالها يومها لكمال حتى لا يضايق ملاك.. فلم تقولها له مها الآن؟..
والتفت لمها ليقول: ارجوك يا مها.. ان ملاك ابنة عمي وانا اعطف على حالتها ليس الا..
قالت مها وهي تومئ برأسها: اعلم هذا.. ولكن كيف لملاك ان تفهم هذا الامر.. صدقني لو احست بأي مشاعر تجاهك فستكون في موقف لا تحسد عليه.. ملاك طفلة لم ترى الحياة بعد.. فأرجوك لا تكن سبب في آلامها..
قال مازن وهو يتنهد: سأحاول.. اية اوامر اخرى آنسة مها؟..
ابتسمت مها وقالت: لا ابدا.. ثم ان هذا في صالحك انت وملاك.. فحتى والدها يرفض صلة القربى التي تربطنا بملاك.. فكيف لو علم ان الامر قد بتعدى ذلك..
نهض مازن من مقعده.. وقال بحدة: اخبرتك انني سأحاول ..هذا يكفي..
قالها ومضى في طريقه ومن ثم ابتسم بسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( ليت المشكلة تكاد تكون منحصرة على ملاك فقط يا مها..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اضواء الثريات التي امتلأت الردهة بها وجماعات الناس الكبيرة التي اجتمعت في ذلك اليوم.. والخدم اللذين كانو يوزعون المأكولات والمشروبات على المدعوين.. كل هذا جعل ابتسامة رضى ترتسم على شفتي امجد.. على ان حفلته تسير على خير ما يرام..
في حين كان مازن واقفا مع حسام وكمال وعدد من ابناء عمه وقال مازحا: اعلم انكم قد جئتم اليوم الى الحفل من اجل الطعام فحسب..
قال حسام مبتسما: اظن ان هذا هو شعورك انت..
قال كمال بابتسامة باردة: صدقت..
تحدث احد ابناء عمه وقال متسائلا: لم نر اختك مها حتى الآن.. اين هي؟..
قال مازن وهو يهز كتفيه: بالتأكيد لا تزال في غرفتها تتزين للحفل..
التفت له حسام وقال: ولم تسأل عنها يا (احمد)؟..
اجابه احمد ابن عم مازن مبتسما: مجرد سؤال.. ثم اني اريد رؤيتها لان مر وقت طويل لم ارها فيه او اسلم عليها..
تقدمت منه احدى الفتيات وقالت مبتسمة: يالك من كاذب.. طوال طريقنا الى هنا وانت تسأل عن مها..
تطلع اليها احمد وقال بحنق: هذا ليس من شأنك يا ندى..
تطلعت ندى الى مازن وقالت له: ارأيت كيف يعامل شقبقته ابن عمك هذا؟..
قال كمال ببرود: لا اظن مازن افضل منه حالا..
التفت له مازن وتطلع له بنظرة غاضبة..ومن جانب آخر كانت مها تتحدث الى ملاك في غرفتها وقالت وهي تتطلع الى نفسها في المرآة: ما رأيك بالفستان يا ملاك؟..
تطلعت ملاك اليها وشاهدتها وهي تلتفت لها وتقف في مواجهتها .. كان فستان مها ذا لون يجمع بين الارجواني والازرق.. يتلألأ بأحجار كريمة صغيرة اعلى الفستان.. لهذا قالت ملاك عنها انها ستبدوا كالنجمة..فقد بدت وهي ترتديه وكأنها نجمة متلألأة وسط النجوم..ورفعت شعرها المتموج لتترك خصلات منه تسقط على جبينها ..وابتسمت ملاك لتقول بانبهار: رائع جدا..
قالت مها باستغراب: لم اعني فستاني بل فستانك..
تطلعت ملاك الى نفسها والتي كانت ترتدي فستان ابيض اللون وهذا ما اثار دهشة ملاك عندما قالت مها ان الفستان يشبهها.. ولكن مها عنت بذلك بياض قلبها الذي يشبه اللون الابيض الصافي والنقي..كانت الورود الصغيرة تتناثر عند الكتف .. لتصنع بما يشبه الخيوط.. وكانت اكمامه شفافة .. في حين ابعدت خصلات شعرها الى الخلف بواسطة تاج فضي اللون.. اقترحت مها عليها ان تشتريه..وقد بدت كالملاك حقا في فستانها هذا..
وازدردت ملاك لعابها لتتطلع الى نفسها ومن ثم تقول بتوتر: لا اعلم.. هل يبدوا شكلي مناسبا حقا للحفل؟؟..
قالت مها وهي تهبط الى مستواها وتمسك بكفها: بل اكثر من ذلك.. انت جميلة جدا.. وهذا الفستان يزيدك جمالا..
قالت ملاك بابتسامة مرتبكة: حقا؟..
اومأت مها برأسها ومن ثم قالت: ما رأيك ان نخرج الآن للحفل.. الجميع ينتظرنا بالخارج..
قالت ملاك بصوت خافت: اشعر بالارتباك والتوتر.. لاول مرة احضر حفلة ما..
ربتت مها على كفها وقالت: لا تجعلي شيئا يربكك.. الامر عادي جدا.. سنستمتع بالحديث ومن ثم سنتناول الطعام .. وفي النهاية سيغادر الجميع..
ترددت ملاك وظلت صامتة.. فلمحت مها هذا التردد عليها وقالت مبتسمة: هل نخرج الآن ام تريدين ان تسترخي قليلا؟..
التقطت ملاك نفسا عميقا ومن ثم قالت بابتسامة شاحبة: لا داعي.. فلنخرج..
اومأت مها برأسها ودفعت مقعد ملاك امامها لتفتح الباب ومن ثم تخرج من الغرفة..لتفاجأ ملاك بالاعداد الكبيرة من الناس الموجودة في الحفل..وقالت بارتباك: انهم كثر..
مالت نحوها مها وهمست في أذنها قائلة: دعك منهم ولنهتم نحن بشؤوننا الخاصة..
توترت ملاك وهي ترى مها تدفعها بين جماعات الناس ..وكورت قبضتيها لتمنع ارتجافة اناملها..واخيرا قالت متسائلة: هل يعرف عمي كل هؤلاء الاشخاص؟..
مالت مها نحوها وقالت: اجل انهم من رجال الاعمال واقرباءنا موجودون هنا ايضا..
واردفت بصوت خافت: لهذا لا تحاولي الاشارة الى ان والدي هو عمك.. اتفقنا..
اومأت ملاك برأسها ولم يفارقها توترها وارتباكها بعد..ومن بعيد.. كان مازن يتحدث الى احمد حين فاجأه صوت حسام وهو يقول:واخيرا وصلتا..
التفت مازن الى حيث يتطلع حسام وقال بسخرية: واخيرا هبطت الاميرتين من قصرهما العاجي..
وتحرك باتجاهما وقبل ان يصل الى حيث هما ببضع خطوات.. وجد نفسه يقف ويتطلع الى هذا الملاك الرقيق الذي يجلس امامه.. نظرات الانبهار لم تبارح عينيه وهو يتقدم منهما .. ومن ثم اطلق صفيرا عاليا واعقبه بأن قال بانبهار واعجاب:واخيرا تكرمت احدى الاميرات بزيارة منزلنا المتواضع..
كانت نظراته مثبتة على ملاك ففهمت انه يقصدها بكلامه.. فتوردت وجنتاها بحمرة الخجل وهي تطرق برأسها.. فاقترب منها وقال مبتسما وهو يتطلع الى مها: ما اسم الاميرة التي تجلس امامي يا ايتها الوصيفة؟..
قالت مها ببرود: لو لم نكن في حفل لأريتك من هو الخادم هنا..
اقترب حسام من مها في تلك اللحظة وقال مبتسما وفي عينيه نظرة اعجاب: هذه انت يا مها.. صدقيني لم اعرفك لولا ان رأيت ملاك معك.. تبدين مختلفة كثيرا..
تطلعت اليه مها بنظرات خجلة فقال مستطردا وهو يتطلع اليها: تبدين كأنك نجمة هذا الحفل اليوم و...
قاطعه صوت احمد الذي تقدم من مها بدوره وقال بابتسامة واسعة: تبدين رائعة الجمال هذا اليوم يا مها..
لم تزد مها على ابتسامة مجاملة وان تقول: شكرا لك..
والتفت الى حسام التي رأت نظرات الضيق في عينيه لمقاطعة احمد له ..وربما كانت نظراته هذه تحمل معنى آخر.. او ربما هي من تتخيل ذلك وتتمناه في الوقت ذاته..
وفي تلك اللحظة قال مازن وهو يتحدث الى مها: لم تأخرتما كل هذا الوقت يا مها؟..
قالت مها وهي تتطلع الى ملاك: ملاك كانت متوترة من الاعداد الموجودة في الحفل..
(اسمها ملاك اذا..)
التفت مازن في حدة وسرعة الى مصدر الصوت.. وعقد حاجبيه دون ان يعلق.. في حين ازدردت مها لعابها وقالت بتوتر: عمي فؤاد.. اهلا بك..
ابتسم فؤاد ومن ثم قال وهو يتطلع الى ملاك : من هذه الجميلة التي معك يا مها؟..
قالت مها وهي تتحاشى نظرات عمها: انها صديقتي..
قال عمها بابتسامة خبث: وحسبما سمعت فان اسمها هو ملاك..
لم تجب مها وظلت صامتة في حين اجابه مازن بلا اهتمام: اجل اسمها هو ملاك..
التفت لها فؤاد وقال متسائلا: وما اسم والدك يا ملاك؟..
فتحت ملاك شفتيها وهمت بنطق شيء ما .. ولكن مازن اسرع يقول: اسمه محمود.. اليس كذلك يا مها؟..
اومأت مها برأسها ايجابيا بتوتر..وتطلعت الى حسام بقلق الذي ابتسم يطمئنها..فاردف مازن وهو يبتسم ويتطلع الى عمه: فحسبما سمعت منذ فترة ان والد ملاك يعمل في احد البنوك التجارية ..
كان مازن يريد ان يضرب عصفورين بحجر واحد.. فمن جانب ينقذ ملاك من الموقف التي هي فيه.. ومن جانب آخر يبعد انظار اعمامه عنها عندما يعلمون ان والدها ليس شقيقهم خالد الذي هو مالك احد الشركات بقوله ان والدها يعمل في احد البنوك..
فقال عمه وهو يضع كفه اسفل ذقنه: هكذا..
ومن ثم التفت عنهم وقال مبتسما وهو يلمح كمال: عن اذنكم اذا..
كان مازن يتابعه بنظراته ولكنه لم يدرك ان عمه يتوجه الى حيث كمال فالتفت عنه وقال متحدثا الى حسام: اتشعر بالجوع؟..
قال حسام بهدوء: بلى..
- اذا تعال معي ..
غادر حسام مكانه بعد ان القى نظرة اخيرة على مها واحمد ..في حين لم تجد ملاك ما تفعله سوى التطلع لما حولها.. وسقطت عيناها بغتة على كمال.. وشاهدته في تلك اللحظة يبتسم وهو يتطلع باتجاهها وفي عينيه بريق اعجاب.. واستغربت ملاك نظراته.. لأول مرة تختلف نظراته من البرود الى الاعجاب..خصوصا ان كانت هي المعنية بتلك النظرات .. ولكن كمال التفت عنها بغتة عندما شعر بأحد يقترب منه وقال بهدوء: اهلا بك يا عمي..
تطلع له فؤاد وقال وهو يضع يده على كتفه: كمال انت مختلف عن اخوتك ولهذا فقد جئت لأسألك انت بالذات..
التفت له كمال وقال متسائلا: عن ماذا؟..
قال فؤاد وهو يضغط على حروف كلمته: ملاك..
- ماذا بها؟..
قال عمه وهو يضيق عينيه: من تكون؟..
التفت كمال الى ملاك وقد كانت لا تزال تنظر اليه ودهشتها لم تفارقها بعد..رأىفي نظراتها البراءة..رأى في ملامحها الطفولة.. وكل هذا جعله يشفق على حالها ويلتفت الى عمه ليقول: انها صديقة مها..
قال عمه بضيق وكأن جواب كمال لم يعجبه: حتىانت..
قال كمال وهو يهز كتفيه وكأنه لم يفهم ما يعنيه عمه: ماذا تعني؟..
قال عمه بحدة: لا شيء.. اخبرني ما اسم والدها؟..
- لست ادري..
احس فؤاد بالغيظ من اسلوب كمال اللامبالي.. فقال وهو يبتعد عنه: فليكن..
وغادر مكانه ليتوجه الى حيث مجموعة من الرجال وقال وهو يضع يده على كتف احدهم: اريد ان اتحدث معك قليلا يا عادل..
قال عادل وهو يعتذر من الرجال اللذين كان يتحدث معهم: عن اذنكم..
والتفت عنهم ليقول لفؤاد: ماذا حدث؟..
قال فؤاد وهو يتطلع بطرف عينه الى ملاك: ملاك هنا..
قال عادل بحيرة: من هي ملاك؟..
قال فؤاد بعصبية: ابنة شقيقك خالد .. ملاك.. انها هنا..
قال عادل بدهشة: حقا.. واين هي؟..
قال فؤاد وهو يزفر بحدة وقوة: لست اعلم بعد ان كانت هي ام لا.. ولكن اشك بانها هي بنسبة سبعون في المائة..
قال عادل في سرعة: حسنا واين هي تلك التي تشك في كونها ابنة خالد؟..
اشار فؤاد اليها بطرف اصبعه وقال: تلك التي تجلس هناك..
واردف فؤاد قائلا: اولا هي في سن ملاك تقريبا وثانيا هي عاجزة كما ترى.. كما وان اسمها هو ملاك..
قال عادل بدهشة وهو يلتفت لشقيقه: تلك هي ملاك؟ .. لقدتغيرت كثيرا.. باتت فتاة في كامل انوثتها ورقتها..
واردف قائلا وهو يعقد حاجبيه: ولكن كيف لنا ان نتأكد ان كانت هي ملاك نفسها ام لا؟..
- لقد سألت ابناء امجد وجميعهم يرفضون البوح بالحقيقة.. لهذا لابد ان اجد وسيلة لمعرفة الحقيقة..
قال عادل متسائلا: وما هي هذه الوسيلة؟..
قال فؤاد بمكر: ان اقرب الطرق لمعرفة اسرار أي منزل.. سؤال من يعملون فيه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ضحكت مها وقالت وهي تلتفت الى احمد: احقا سكبت العصير على فستان ندى في الحفلة الماضية؟..
قال احمد وهو يضحك بمرح: لقد كانت تستحق ذلك..
قالت ندى بحنق: لقد احرجني يومها كثيرا وغادرت الحفلة بفستان متسخ..
اقترب منهم في تلك اللحظة مازن وحسام وقال الاول: اضحكونا معكم..
كادت مها ان تهم بقول شيء ما.. ولكنها آثرت الصمت وهي ترى حسام يقترب منهم ولم تدل ملامحه على أي شيء مما في اعماقه..وقال مازن في تلك اللحظة وهو يلتفت الى ملاك: اتريدين ان تتناولي شيئا ما يا ملاك؟..
قالت ملاك وهي تهز راسها نفيا: لا شكرا لك..
همس مازن باسمها وهو يتطلع اليها: ملاك..
رفعت عينيها اليه وقالت بارتباك وهي ترى عينيه اللتان تطلعان اليها: ماذا هناك؟..
قال مبتسما : تبدين رائعة هذا اليوم..
رفعت ملاك حاجبيها بدهشة من هذا التصريح المفاجئ منه وامام الجميع..ومن ثم لم تلبث ان خفضت عيناها بخجل وازدردت لعابها بارتباك.. في حين تطلعت مها الى مازن بنظرة حانقة وكأنها تذكره بما دار بينهم من حديث بالامس.. ولكنه لم يأبه بكل هذا وهو يتطلع الى ملاك..في حين قال حسام مبتسما: ما اخبارك يا احمد.. وانت كذلك يا ندى؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: لا شيء مهم.. الدراسة والنادي..
اما ندى فقد قالت: لا تهمني الدراسة.. ما يهمني هو حضور مثل هذه الحفلات..
قال مازن وهو يلتفت الى ندى: لا تنسي يا ندى حضور سباق الخيل بالنادي..
قالت ندى بدلال: وكيف لي ان انسى حضور سباق سيشارك فيه ابن عمي العزيز مازن..
قالت مها مبتسمة: ولم مازن بالذات؟.. حتى كمال سيشارك فيه ..
لم تأبه ملاك بما قيل.. كل ما كان يهمها في تلك اللحظة.. هو حديث مازن الى ندى.. ورد ندى عليه.. يبدوا مهتما بحضور ندى السباق؟.. ولم لا انها ابنة عمه؟..ولكنني انا ايضا ابنة عمه.. لم لم يسألني انا ايضا عن رغبتي في الحضور لمشاهدة السباق؟.. ربما لانه يعلم بأمر حضوري الى النادي يومها.. ربما..
وقالت ملاك بغتة عندما لاحظت وقوف كمال وحيدا: لماذا يقف كمال وحيدا؟..
التفت مازن الى كمال ومن ثم قال وهو يهز كتفيه: دائما هو هكذا..
قالت ملاك وهي تلتفت الى مها: ناديه ليأتي ويتحدث معنا..
قالت مها مبتسمة: لن يقبل..
لم تضف ملاك بقول أي شيء.. في حين همس احمد لمازن قائلا: تبدوا جميلة ملاك هذه.. وان كان ما يفسد جمالها هو عجزها هذا..
التفت له مازن وقال بهمس : ليس ذنبها ان كانت عاجزة ..فهذا هو قضاء الله وقدره..
قال له احمد بهدوء: اعلم ولكني اقول رايي فقط..
- احتفظ به لنفسك..
وعاد ليلتفت الى ملاك ويتطلع اليها.. وفي عقله عادت تلك العبارات لتدو في رأسه..
((انه يرفض اللعب معي))
((دعك منه))
((العب انت معي اذا))
((لا بأس))
وعاد ذلك السؤال يتردد في عقله وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره : (هل انت يا ملاك من جمعتني بها هذه الذكريات؟ ..هل انت هي؟
..)


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:07 AM   #19 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء التاسع
"تأخُر"



صوت طرقات على الباب جعلها تفيق من نومها على الرغم من انها لم تنم الا في وقت متأخر من الليل بسبب تلك الحفلة.. واحست بالصداع يغزو رأسها لكنها لم تهتم كثيرا واولت اهتمامها لمن يطرق الباب وقالت بصوت حاولت ان تجعله عاليا قدر الامكان: من؟..
جاءها صوت مها وهي تقول: هل يمكنني الدخول يا ملاك؟..
اسرعت ملاك تعتدل في جلستها وتقول في سرعة: بالتأكيد..
فتحت مها الباب وقالت بابتسامة باهتة: معذرة اعلم اني مزعجة وقد ايقظتك في وقت مبكر.. ولكن هناك امر يخصك يتوجب علي ان اخبرك اياه..
قالت ملاك بدهشة: قبل ان تخبريني ما هو.. اخبريني ما الذي ايقظك في هذا الوقت المبكر ؟..
هزت مها كتفيها وقالت: لقد اعتدت هذا حتى لو نمت في وقت متأخر الليلة الماضية..
واستطردت وهي تتقدم منها وتجلس على طرف الفراش: في الحقيقة يا ملاك.. لقد اتصل والدك قبل ساعة..
قالت ملاك في لهفة: حقا؟..وماذا قال؟.. هل هو بخير؟.. وما هي احواله؟..الم يقل متى سيعود؟.. اخبريني ارجوك..
ازدردت مها لعابها ومن ثم قالت: انه بخير.. ولكنه قال انه لن يعود نهاية هذا الاسبوع..
رددت ملاك بذهول: ماذا لن يعود؟..
اومأت مها برأسها في توتر.. فقالت ملاك وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: ولكن لماذا؟.. لقد وعدني ان يعود في اسرع وقت ممكن..
قالت مها بهدوء وهي تمسك بكفها: لقد اضطر الى ذلك.. والا لما تركك وقت اطول هنا.. تعلمين كم يخشى عليك ..لقد قال لي انه لم ينهي اعماله وانه استجد ما يلزمه البقاء خارج البلاد..وربما يعود بعد اربعة ايام..
اشاحت ملاك وجهها عن مها وقالت وهي تحاول ان تمنع الدموع من ان تسيل على وجنتيها: الم يطلب الحديث الي؟..
اومأت مها برأسها وقالت: بلى فعل.. واكثر من مرة.. ولكني اخبرته انك نائمة بعد حفلة الامس..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها لعلها تسيطر على دموعها: اذا فسأبقى هنا لمدة اطول..
قالت مها وهي تميل نحوها: ايزعجك هذا؟.. اهناك من يضايقك هنا؟..
اسرعت ملاك تقول: لا ابدا.. ولكني اشتقت الى ابي كثيرا واريد رؤيته والاطمئنان عليه..
قالت مها وهي تربت على كتفها: سيعود اليك وهو على مايرام باذن الله..ولكن لا تخشي شيئا.. وحاولي ان تصبري على ابتعاده حتى يعود..
قالت ملاك وهي تتنهد: انها المرة الاولى التي يغيب عني كل هذا الوقت.. ابي هو كل حياتي يا مها.. لم اعرف في حياتي سواه.. ومنذ ان فتحت عيناي على العالم وانا اره امامي .. هو من كان بجانبي في كل خطوة اخطوها.. الكل رحل وتركني فيما عداه هو.. لم يأبه احد بي غير ابي الذي هو عالمي كله..
شعرت مها بالحزن العميق الذي تحمله ملاك بين طيات قلبها ومشاعرها .. وهي تسمع كل كلمة تنطقها هذه الاخيرة .. وكأن المرارة تقطر من حروف كلماتها.. وحاولت مها التخفيف عنها فقالت بابتسامة باهتة: ومن قال لك اننا لو علمنا ان لدينا ابنة عم جميلة مثلك لتركناها.. كنت ستريننا كل يوم عندما نأتي لزيارتك حتى تملي من رؤية وجوهنا..
قالت ملاك وهي تلتفت لها: ليت هذا ممكن.. ليتكم تأتون بالفعل معي.. لقد مللت الوحدة.. اتمنى ان اعيش كبقية البشر .. لدي اقارب واخوة.. ولست وحيدة وسط منزل اكاد اكون احد اثاثه..
قالت مها في سرعة وهي تمسك بكفها: لا تقولي ذلك.. نحن سنكون على اتصال دائم.. سأمنحك رقم هاتف منزلنا ورقم هاتفي المحمول ان اردت.. اتصلي بنا على الدوام.. وسنتصل بك نحن ايضا.. فمن لديه بنة عم مثلك.. كيف يستطيع التفريط فيها؟..
تطلعت لها ملاك وفي عينيها بدى التأثر لما قالته مها.. فقالت مها بابتسامة: ما بالك؟..
قالت ملاك بصوت اقرب للهمس: اشكرك..
- على ماذا؟..لم افعل شيــ...
قاطعتها ملاك قائلة وهي تضع كفها على شفتي مها: بل فعلت الكثير لأجلي .. لو تعلمين كم انا ممتنة لك..
واردفت بصوت اقرب الى البكاء وهي تسقط بين ذراعي مها: يا اختي العزيزة..
تطلعت لها مها بدهشة لوهلة وهي تراها تبكي بين ذراعيها على هذا النحو..ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت بحنان ولم تجد ما يمنعها من احاطتها بذراعيها بدورها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اسرع مازن يهبط على درجات السلم وهو يطلق صفيرا من بين شفتيه كعادته.. وسار في الردهة بخطوات هادئة.. ولكنه بغتة التفت الى غرفة ملاك.. وعقد حاجبيه بعد ان خطر على ذهنه امر حيره طويلا واراد السؤال عنه..وتوجه الى مكتب والده وطرق الباب عدة مرات.. وعندما سمع صوت والده يدعوه للدخول.. دخل الى الغرفة واغلق الباب خلفه.. ومن ثم تقدم من والده ليقول بابتسامة: كيف حالك يا والدي؟..
رفع امجد رأسه ال مازن ومن ثم قال وهو يعيد انظاره للملف الذي بين يديه: اخبرني ماذا تريد بسرعة..
اتسعت ابتسامة مازن وقال وهو يحتل احد المقاعد المجاورة لمكتب والده: اذا فقد علمت اني جئت اليك لسبب ما..
قال امجد بلامبالاة: لا اخالكم تأتون لالقاء التحية علي قبل مغادرتكم للمنزل.. لابد وان يكون هناك سببا ما..
اسرع مازن يقول: ذلك لأنك في اغلب الاوقات تغادر قبلنا يا والدي.. لهذا لا نعلم ان كنت بالمنزل وقتها ام لا..
قال امجد بسخرية وهو يرفع رأسه له: وقد علمت الآن عندما احتجت الى شيء ما..
واردف بنفاذ صبر: اخبرني مالديك بسرعة.. فلدي عمل..
صمت مازن للحظات ومن ثم قال: اردت ان اسألك عن ابنة عمي..
عقد والده حاجبيه ومن ثم قال: اتعني ابنة عمك ملاك؟..
اومأ مازن برأسه ايجابيا.. فقال والده بحدة: واليس لديك شخص آخر لتسأل عنه ؟.. في كل مرة تاتي الي لتسألني عن هذه الفتاة ..
- ولم انت متضايق يا والدي؟.. انها ابنة اخيك..
لوح امجد بكفه وقال: اعلم.. والآن تحدث في الامر مباشرة او اخرج من المكتب..
تساءل مازن فجأة: هل ستظل عاجزة الى الابد؟..
تطلع له والده بغير فهم ومن ثم قال: ما الذي تعنيه؟..
قال مازن وهو يزفر بحدة: كلامي لا يحمل سوى معنى واحد يا والدي.. ملاك ستظل حبيسة مقعدها الى الابد؟..
صمت امجد قليلا ومن ثم قال: والدها هو المسئول عن هذا الامر وليس نحن..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: اعلم.. وبكل تأكيد فوالدها مستعد لأن يدفع لها كل مايملك من مال لكي تشفى من عجزها هذا.. اليس كذلك؟..
قال امجد بلامبالاة: ربما..
اردف مازن وكأنه لم يسمع والده: وبما ان ملاك لازالت عاجزة .. فهذا يعني انه لم يجد وسيلة حتى تشفى من عجزها هذا حتى الآن..
قال والده باهتمام هذه المرة: معك حق..
قال مازن متسائلا: ما اريد معرفته يا والدي.. هو متى هي آخر مرة اخذها والدها من اجل ان يجد علاجا لحالتها هذه؟..
- هذا السؤال ستجيبك عنه ملاك وحدها..ولكن لماذا تسأل سؤالا كهذا؟..
ابتسم مازن وقال: الم تعرف بعد لماذا يا والدي؟.. ان العلم يتقدم باستمرار ومن يدري.. ربما وجدت املا يقود ملاك الى الشفاء..
واردف وهو ينهض من مقعده قائلا: ساذهب لرؤيتها والتحدث اليها بهذا الخصوص..
ومن جانب آخر كانت مها تقول لملاك في تلك اللحظة: اعرف انك تحبين التجوال في حديقة منزلنا.. ما رأيك لو تستبدلين ملابسك ونخرج اليها؟..
هزت ملاك رأسها نفيا.. فقالت مها مبتسمة: ولم هذا العناد؟.. فلتغيري من نفسيتك قليلا حتى تشعري بالراحة والـ...
بترت مها عبارتها عندما سمعت طرقا على الباب.. والتفتت الى الباب لتقول بملل: من؟..
جاءها صوت مازن وهو يقول: انا.. هل استطيع الدخول؟..
اسرعت مها تنهض من مكانها وتقول في سرعة وهي تتوجه نحو الباب: لقد فقد شقيقي عقله ولا شك.. يريد دخول غرفة نوم ابنة عمه هكذا..
ابتسم ملاك بحرج.. في حين فتحت مها الباب وقالت وهي تطل برأسها من خلفه: ماذا تريد؟..
قال وهو يبتسم ويصطنع الدهشة: من مها؟.. انت هنا؟..
رددت بملل: ماذا تريد؟..
قال وهو يشير الى الداخل: اريد ان اتحدث مع ملاك..
قالت مها في حنق: عندما تخرج من غرفتها .. يمكنك الحديث اليها.. ثم انها الآن ليست في مزاج رائق يسمح لها بالحديث معك..عن اذنك..
قالتها واغلقت الباب بقوة.. فقال مازن بحنق وهو يبتعد عن الغرفة: ستندمين يا مها.. لا احد يتحدث الى مازن امجد هكذا.. ستندمين على فعلتك هذه..
وتوجه ليغادر المنزل..وقد غاب عن ذهنه سبب قدومه الى غرفة ملاك وما كان يريد ان يحادثها بشأنه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(اذا .. فحتى الخدم لم يعطوك اجابة مقنعة او واضحة)
قالها عادل وهو يجلس على احد المقاعد في مكتب فؤاد بمنزله.. فقال هذا الاخير بضيق: بصراحة لم اتوقع ابدا ان لا يمنحني من يعملون في منزل امجد اجابات شافية عن اسألتي.. على الرغم من اني عرضت عليهم مبلغ وصل الى الف قطعة نقدية ..
قال عادل بشك: ربما لم تكن هي فعلا..
قال فؤاد بحدة: بل هي ملاك.. انا واثق.. انت رأيتها بنفسك.. انها تشبه والدتها كثيرا..ولها نفس عينين خالد..
اومأ عادل برأسه ومن ثم قال: انا معك في انها تشبه والدتها.. ولكن اين هو الدليل على انها ملاك ابنة خالد فعلا؟..
قال فؤاد بعصبية: انا واثق انه امجد ولاشك.. تدارك الامر بسرعة.. وحرص على الخدم ان لا يبوحوا بالامر ابدا.. وبالتأكيد منحهم مبالغ كبيرة حتى يحفظوا السر..
قال عادل بغير اقتناع: اتظن ذلك؟.. اننا نحن من نملك شركاته تقريبا ولو فعل أي شيءضدنا فهو يعلم جيدا اننا سنهدده بسحب رأس مالنا من شركاته..
قال فؤاد وهو يلوح بكفه بعصبية: لست اعلم.. لست اعلم .. كل ما اعرفه ان هذه الفتاة هي ملاك.. وعلينا ان نتأكد من ذلك ان عاجلا او آجلا..
سأله عادل قائلا: ولو تأكدت انها ملاك فعلا.. ما الذي ستفعله حينها؟..
ابتسم فؤاد بدهاء ومن ثم قال: حينها سيصبح خالد في قبضتنا هو وامواله وشركاته وابنته...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اجتمعت العائلة حول المائدة كالعادة عند وقت الغداء ..وكانت ملاك تتناول طعامها وقتها كما اعتادت ان تتناوله وهي في ايامها الاولى في منزل عمها.. بشرود ودون ان تشعر للطعام أي مذاق او طعم.. كيف لا وهي تجد والدها سيتأخر عن الحضور لأكثر من اسبوع وهي التي لم تعتد على غيابه لاكثر من ثلاثة ايام فحسب..
ولاحظ امجد شرودها وعدم رغبتها في تناول أي شيء من طبقها.. فسألها قائلا: ماذا بك يا ملاك؟..
التفتت له ملاك وقالت وكأنها للتو قد تنبهت لوجودها بينهم: ماذا قلت يا عمي؟..
قال امجد بهدوء: قلت ماذا بك؟.. وما الذي يجعلك شاردة كل هذا الوقت؟..
قال مازن بسخرية في تلك اللحظة: بالتأكيد تفكر في من اهداها تلك القلادة..
لم يعلم مازن ان عبارته صحيحة تماما.. ذلك لانه لا يعلم من اهداها تلك القلادة اصلا.. في حين قالت مها وهي تلتفت الى والدها: لقد اتصل عمي خالد اليوم يا ابي..
التفت لها امجد ومازن في اهتمام في حين اكتفى كمال بارهاف السمع.. فاردفت مهاقائلة: ولقد قال انه ربما سيتأخر لأربعة ايام اخرى..
قال مازن بابتسامة: حقا؟.. هذا امر يدعو للسروربكل تأكيد.. ما دامت ملاك ستبقى هنا وقت اطول..
تطلعت له ملاك بضيق.. ايظن انها راغبة في البقاء هنا لوقت اطول بعيدة عن والدها.. لا ابدا.. انها تريد ان يعود والدها في اسرع وقت.. حتى ان كان هذا سبب في وحدتها.. المهم ان تراه يوميا وتتحدث اليه.. وتتطمأن الى انه معها في نفس البلاد .. نتظره بفارغ الصبر في نهاية كل يوم حتى يمنحها ولو القليل من حنانه وكلماته الدافئة...
وقال امجد باهتمام: ولم لم تخبريني انه اتصل قبل الآن؟..
قالت مها وهي تلتفت الى ملاك: لقد اخبرت ملاك اولا لاني علمت ان الامر يهمها اكثر من أي شخص آخر..
قال مازن وهو يحاول ان يضفي بعض المرح: وان كانت تريد الحديث اليه.. فأنا مستعد لأمنحها هاتفي لتتصل به.. بشرط ان لا تسكب دموعا..
التفتت له ملاك ورمقته بنظرة تجمع ما بين الضيق والحزن.. واحس مازن بالدهشة من نظرتها هذه .. في حين التفتت عنهم ملاك لتقول : لقد شبعت..
واستدارت بمقعدها عن المكان..لتتحرك بين ارجاء الردهة مبتعدة عن طاولة الطعام.. وبينما هي تفعل لم تنتبه لعجلة مقعدها التي اصطدمت بغتة برجل الطاولة الصغيرة الموجود بالردهة.. وشهقت ملاك بقوة وهي ترى نفسها تسقط من على مقعدها اثر الاصطدام ..وشعرت بآلام مبرحة بظهرها ووجدت نفسها تطلق أنات الم دون ان تصرخ طالبة المساعدة..حاولت رفع نفسها مرارا وتكرار دونما فائدة بواسطة ذراعيها.. وهي تشعر بآلام ظهرها المبرحة وبرجليها العاجزتين تماما.. وضربت بقبضتها الارض بقوة وهي تهتف في صوت حمل في طياته الكثير من الالم والمرارة: تبا.. تبا.. اريد النهوض.. لا اريد مساعدة من احد.. اريد ان انهض وحدي..
رأت دموع عينيها تتساقط على كفيها دون ان تشعر بها.. لم تأبه بكل هذا وهي ترى نفسها عاجزة.. لاول مرة تشعر بألم كونها عاجزة وهي ترى نفسها ملقاة على الارض دون ان تكون قادرة على مساعدة نفسها...
وعلى طاولة الطعام.. عقد مازن حاجبيه وقال وهو يرهف سمعه: اتسمعون .. انه صوت ملاك؟..
ارهفت مها سمعها بدورها ومن ثم قالت: اظن انها هي حقا..
اسرع مازن ينهض من مكانه وقال في سرعة: سأرى ما بها..
لحقت به مها وقالت في سرعة : سآتي معك..
لم يهتم مازن بما قالته .. فقد تحرك بخطوات سريعة بين ارجاء الردهة.. واخيرا شاهدها.. كانت تبكي بمرارة وهي غير قادرة على رفع جسدها عن الارض..فقال وهو يرفع حاجبيه باشفاق: ملاك...
واندفع نحوها في سرعة ومال نحوها قائلا: هل انت بخير؟.. هل اصابك مكروه؟..
التفتت له لتتطلع اليه بعينين مغرورقتين بالدموع.. فأمسك مازن بذراعها وقال : دعيني اساعدك..
جذبت ذراعها بقوة من كفه..وقالت بصوت خافت: لا اريد..
اقتربت منهما مها في تلك اللحظة وقالت بخوف وقلق: ملاك.. ما الذي جعلك تسقطين من مقعدك؟.. هل اصابك شيء؟..هل انت بخير؟..
قالت ملاك وهي تمسح دموعها في سرعة: انا بخير..
قال مازن بهدوء: اذا دعيني اساعدك.. لن تستطيعي الجلوس على مقعدك لوحدك..
اسرعت مها تقول مؤيدة وهي تهبط الى مستواها: اجل دعيه يساعدك يا ملاك..
التفتت ملاك في تلك اللحظة الى مازن وشاهدته لا يزال يمسك بذراعها وهو ينتظر منها ردا يسمح له بمساعدتها.. فالتفتت عنه ملاك وقالت بصوت اقرب للهمس: افعلوا ما تريدون..
اسرع مازن يحمل جسدها الصغير بذراعيه ليجلسها على المقعد .. اما ملاك فقد اغمضت عينيها عندما شعرت بأن كل خلية من جسدها ترتجف لقرب مازن منها.. شعرت بانفاسه تكاد تلفح وجهها.. وبقربه يكاد يعصف بمشاعرها وكيانها.. اخذ قلبها يخفق بقوة .. وعرفت حينها ان مشاعرها لم تعد تحمل سوى معنى واحد من قرب مازن لها.. انها ليست معجبة به او تميل اليه فحسب.. انها تحبه.. تحب!!.. تحب مازن.. بهذ السرعة؟.. هل حقا عرف قلبها طريق الحب؟.. ولكن ماذا عن مازن؟..ما هو شعوره تجاهها؟ .. لا تعلم..المهم الآن انها بقربه وهذا ما يهمها في هذه اللحظات ولا شيء آخر..
وقال مازن في تلك اللحظة وهو يميل نحوها: واخيرا انتصرت على عنادك.. وجعلتك تقبلين بفعل شيء بالرغم منك..
تطلعت مها الى مازن بحنق.. وقالت بضيق: مازن هذا ليس وقت مثل هذا الكلام..
والتفتت الى ملاك لتقول: اتشعرين بأي الم يا ملاك؟.. اتودين ان نأخذك الى المستشفى؟..
قالت ملاك بصوت خافت : لا.. اشكركم على مساعدتكم.. انا بخير الآن..
قال مازن متسائلا: سأسألك سؤالا يا ملاك؟..
خفق قلبها والتفتت له لتقول: تفضل..
قال وهو يتطلع لها: لماذا لم تناد احدا ليساعدك وفضلت لابقاء هكذا طوال تلك الـ...؟
اسرعت مها تقاطعه باستنكار: مازن.. ماذا تقول؟..
ولكن ملاك اجابت بهدوء: لا اريد ان اشعر احد بعجزي وضعفي هذا.. اريد ان اكون كأي فتاة اخرى.. افعل كل ما يخصني لوحدي.. هل فهمت الآن لماذا؟..
قال مازن وهو يتطلع اليها: ان اردت الصراحة فلم افهم.. فهاهي ذي مها امامي.. لا تزال تطلب مساعدتنا في اتفه الامور ..
قالت مها بحنق وهي تضربه على كتفه بضيق: هل لك ان تصمت قليلا؟..
امسك بمعصمها وقال بسخرية: جربي فقط ان تحاولي ضربي مرة اخرى..و ستجدين يدك الجميلة هذه محطمة..
قالت مها وهي تجذب معصمها من كفه: يالك من سخيف.. هذا عوضا من ان تدافع عني وتساعدني..
التفت مازن الى ملاك وغمز بعينه قائلا بمرح: الم اخبرك؟.. ها هي ذي تطلب المساعدة امامك..
ابتسمت ملاك بشحوب ومن ثم قالت بصوت خافت: ربما اكون قد بالغت قليلا في عدم حاجتي الى احد..
- بل بكل تأكيد.. اسمعي يا ملاك.. أي شيء ستحتاجينه .. فمازن سيكون موجودا دائما..ثقي بهذا..
ابتسمت ملاك بخجل .. وازدردت لعابها لتخفي ارتباكها.. فقال مازن وهو يهم بالابتعاد: والآن سأعود لأكمل تناول طعام الغداء.. وارجو ان تأتي انت ايضا يا ملاك.. فطبقك لا يزال ممتلأً..
تطلعت له ملاك وهو يبتعد عنها.. احقا لاحظ الطبق الذي كنت اتناول منه؟..شعرت بأن مازن يهتم بها بالفعل ..ويهتم لامرها بشكل خاص.. ربما هو معجب بها.. ربما يحمل لها بعض المشاعر.. ربما وربما... دون ان تجد أي دلائل تأكد او تنفي ما تظنه.. تريد ان يكون ظنها واحساسها صحيح بأن مازن يهتم بها فعلا وليست تتخيل هذا الاهتمام.. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
رنين مستمر جعل حسام يلتقط هاتفه ويجيبه بعد ان رأى الرقم على شاشته: اهلا مها..
قالت مها بهدوء: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال مبتسما: بخير..ماذا عنك انت؟..
- على ما يرام.. المهم اني اردت ان اشكرك..
قال بحيرة: وعلام تشكريني؟..
قالت وهي تبتسم بامتنان: لقد كنت محل ثقة بالفعل عندما اخفيت الامر عن اعمامي ذلك اليوم..
قال حسام وهو يهز كتفيه وعلى شفتيه ابتسامة: انا لم اخف شيئا عن احد.. لقد اكتفيت بعدم التعليق وحسب..
- ولكن حقا اسعدني انك اخفيت الامر عن الجميع..
قال حسام وهو يتحرك في ارجاء غرفته: لقد فعلت ذلك لاني وعدتك ولاني لا اكون سببا في ما قد يصيب ملاك..
- ماذا تعني؟..
- بكل بساطة.. اعمامها قد يكونوا سببا في حزنها والمها ولا اريد ان اكون سببا في حزنها ذاك..
قالت مها بشك: لم انت مهتم بملاك؟..
قال حسام بهدوء: الاشفاق ليس الا.. خصوصا وانا اراها بالامس في عمر الزهور.. لا تكاد تشعر بنعمة السير على قدمين..
وسألها بغتة: ما اخبار احمد؟..
قالت بدهشة: من الذي تحدث عن احمد الآن؟..
قال بابتسامة سخرية: لقد كان مهتم بك بالامس .. فقلت انك ربما تعرفين اخباره..
قالت وهي تصطنع الجدية.. ربما لاثارة غيرته: اظن انه مهتم بي بالفعل..لقد لاحظت هذا بالامس.. ما رأيك انت بالامر؟ ..
قال حسام ببرود: وما شأني به؟.. فليهتم بك.. هذا شأنه.. ولكن اخبرك منذ الآن بأنه شاب عابث.. ليس له مستقبل على الاطلاق..
قالت مها مبتسمة وقد شعرت من تغير نبرة صوته انه ربما ضايقه حديثها عن احمد: ربما.. ولكنه ابن عمي.. ووالده لديه ثروة كبيرة.. لهذا اظن ان مستقبله مضمون..
قال حسام ببرود اكبر: انها حياتك الخاصة.. فأن كنت ترين هذا فهذا شأنك.. اما نظرتي انا فمختلفة عنك تماما تجاه احمد هذا..
- ولم تضايقت هكذا..
قال بهدوء: لو كنت قد تضايقت.. فلأجلك.. لا اريد ان يشغل تفكيرك شاب عابث مثل احمد..
تنهدت مها وقالت متحدثة الى نفسها: (لو تعلم يا حسام انه لا يشغل ذهني سواك..)
وقالت متحدثة الى حسام: لا تقلق علي انه لا يشغل بالي ابدا..
ابتسم وقال: هذا جيد.. فكري بدراستك الآن.. وابعدي هذه الافكار عن رأسك..
قالت مها بخيبة امل وهي تظن انه سيهتم ويسأل عمن يشغل تفكيرها: سأفعل بالتأكيد..
- اعتذر الآن يا مها.. فأنا مضطر لانهي المكالمة لاني سأغادر بعد قليل..
- لا بأس الى اللقاء..
انهت المكالمة ومن ثم تطلعت الى هاتفها بيأس.. احقا لا يشعر بمشاعرها وعواطفها تجاهه.. احقا مشاعرها ليست واضحة على مرأىعينيه.. ليته يفهم.. ليته يسالني مرة واحدة عن سبب اتصالاتي المتكررة له.. او على الاقل يسال نفسه عن سبب لجوئي له اولا كلما احتجت للحديث الى شخص ما..ترى يا حسام.. هل تبادلني مشاعري هذه.. ام اني احلامي اكبر مما اظن و...
قطع افكارها صوت طرقات على باب غرفتها فالتفتت اليه وقالت بهدوء: ادخل..
فتح الباب ليأتيها صوت كمال وهو يقول: ما الذي تفعلينه؟..
عقدت حاجبيها باستغراب.. فالمرات التي يأتي فيها كمال الى غرفتها تكون نادرة .. الا اذا كان في الامر سببا مهما .. واجابته وهي تهز كتفيها: لا شيء مهم.. اخبرني انت... ما الذي...
قاطعها كمال وهو يحتل المقعد المجاور لطاولة الدراسة: بل اخبريني انت.. هل صحيح ما قلتيه اليوم على الغداء؟..
قالت بحيرة: ما الذي قلته؟..
-بشأن ملاك..
قالت مها مستغربة: ماذا تعني بالضبط؟..
قال كمال بملل: ماذا بك يا مها؟.. انسيت بهذه السرعة؟.. الم تقولي بنفسك بأن ملاك لن تذهب غدا وستبقى اربعة ايام اخرى؟ ..
قالت مها بحيرة: بلى قلت هذا..
- حسنا اذا انا جئت الى هنا لاتأكد ان كان ما قلته صحيح ام لا..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها: بالطبع صحيح.. اتظن اني كنت اكذب مثلا؟..
قال وهو ينهض من على مقعده: انتهى النقاش اذا..
قالت مها في سرعة: لحظة.. ماذا تعني بقدومك هنا لتتأكد من امر بقاءها من عدمه؟.. هل تضايقت لانها ستبقى..
قال كمال في ضيق: كفاك حماقات انت ومازن..
قالت مها في حدة وهي تراه يبتعد باتجاه الباب: توقف..اخبرني لم سألت عن ملاك؟..
القى عليها نظرة باردة ومن ثم توجه الى الباب ليخرج مغادرا غرفتها .. في حين تنهدت مها بحدة .. وهي تفكر فيما يمكن ان يشغل ذهن كمال ويجعله يسأل عن ملاك....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
وضعت ملاك كفها اسفل وجنتها وهي تجلس في غرفتها بشرود .. اغمضت عينيها لتتذكر ما الذي حدث لها اليوم .. لا زال جسدها كله يرتجف حتى الآن وهي تتذكر مازن..تذكرت نظراته.. كلماته.. وقربه الذي ارجف جسدها .. ودون ان تشعر عاد ذهنها الى الوراء.. قبل اثنتي عشرة سنة...
ابتسم ذلك الرجل وهو يدفع المقعد المتحرك امامه وقال بحنان: ما بالك يا صغيرتي؟..
التفتت له الطفلة التي تجلس على المقعد وقالت متسائلة: الى اين نحن ذاهبان يا ابي؟..
وضع والدها كفه على رأسها وقال بابتسامة: لدي بعض الاعمال التي يتوجب ان انهيها مع اخي..
قالت وهي تفكر: اذا نحن ذاهبان الى منزل عمي..
اومأ والدها برأسه ومن ثم قال: هذا صحيح يا صغيرتي..
قالت الطفلة بلهفة: هل سأجد هناك من يلعب معي؟..
ابتسم والدها وقال وهو يواصل دفعله للمقعد: اجل..
- حقا.. اذا اسرع .. اسرع يا ابي..
قال والدها وهو يميل نحوها: سأفعل يا ملاك.. ولكن لا تكوني لحوحة هكذا..
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت: انا لست لحوحة..
تلاشت ذكرياتها بغتة مع صوت طرق لباب غرفتها .. فاسرعت تعتدل في جلستها وتقول بصوت هادئ: من؟..
فتحت مها الباب في سرعة وقالت: ملاك .. ملاك..
التفتت لها ملاك وقالت باستغراب: اجل..
قالت مها وهي تشير الى الخارج: والدك على الهاتف..
شهقت ملاك وقالت بغير تصديق : ابي..
اومأت مها برأسها وقالت بابتسامة: اجل .. اسرعي..
اسرعت ملاك تحرك عجلات مقعدها واسرعت مها تساعدها في دفعه.. وهناك شاهدت عمها امجد يتحدث الى والدها وما ان رآها تقترب حتى قال متحدثا الى خالد وهو يبتسم: لقد وصلت صغيرتك.. اتريد التحدث اليها؟..
قال خالد ببرود: بكل تأكيد..
قال امجد وهو يمنح ملاك سماعة الهاتف: خذي تحدثي الى والدك..
قالت ملاك بلهفة وهي تلتقط السماعة وتتحدث الى والدها: ابي.. كيف حالك؟..اشتقت اليك كثيرا..
قال خالد بشوق: بخير .. اخبريني انت كيف هي احوالك؟ .. وهل تنامين وتأكلين جيدا؟..
ضحكت ملاك وقالت: ابي أتظن اني لاازال طفلة؟..
- انت كذلك بالنسبة لي وستبقين كذلك..
واردف بحنان: اشتقت اليك باكثر مما تتصورين.. سأنهي اعمالي قريبا واعود اليك.. هذا وعد..
قالت بسرعة: متى .. متى؟؟..
- ربما بعد يومين..
هتفت بفرحة: حقا؟؟..
قال مبتسما: اجل.. من اجلك فحسب يا صغيرتي..
قالت بابتسامة واسعة : احبك يا ابي..
قال خالد بحنان: وانا احبك اكثر من أي شخص اخر في هذا العالم..
ومن ثم اردف قائلا: والآن مادمت قد جعلتك تفرحين.. سأنهي المكالمة واتصل بك في وقت آخر..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: لا بأس..
- الى اللقاء يا صغيرتي..
- الى اللقاء يا ابي..
وفي هذه المرة ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة بدل ان تترقرق عيناها بالدموع وهي تغلق السماعة.. حتى ان مها تسائلت وهي ترفع حاجبيها بحيرة: تبدين سعيدة يا ملاك.. ما الامر؟..
قالت ملاك بسعادة: كيف لا وابي سيعود بعد يومين فحسب..
قالت مها بدهشة : ولكنه اخبرني بأنه سيعود بعد اربعة ايام..اخبريني..هل اخبرك هو بذلك؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا وابتسامتها لم تفارقها بعد.. في حين قالت مها بابتسامة باهتة: سأفتقد وجودك معنا بالمنزل كثيرا..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: ومن قال اني سأترككم؟ .. سآتي لزيارتكم يوميا..
قالت مها متسائلة: وهل سيوافق والدك على ذلك؟..
قالت ملاك وهي تهز كتفيها بتردد: لا اعلم.. ولكن سأحاول اقناعه..
ربتت مها على كتفها وقالت محاولة تغيير الموضوع: اتذكرين طلبك لي؟..
قالت ملاك بدهشة: أي طلب؟..
قالت مها وهي تغمز بعينها: ان تحضري السباق الذي سيقام في النادي..
- بلى تذكرت.. ماذا عنه؟..
قالت مها بلهجة ذات مغزى: سأحققه لك غدا..
تطلعت لها ملاك باهتمام وهي تنتظر منها ان تشرح لها عبارتها الاخيرة.. وقالت مها وهي ترى اللهفة في عيني ملاك : فالسباق سيقام في الغد..
قالت ملاك بلهفة ممزوجة بالتوتر: حقا؟؟..
- اجل ..وبصراحة لا اعلم من اشجع لان كمال ومازن سيشاركان في هذا السباق.. ما رأيك انت؟.. من فيهما اشجع؟..
قالتها مها بمرح.. في حين خفق قلب ملاك عندما سمعت اسم مازن.. ما الذي يصيبها كلما سمعت اسمه؟.. هل هو الحب الذي يجعل جسمها يقشعر لمجرد ذكر اسمه وكأنه يقف امامها في هذه اللحظة..
وكادت ملاك ان تجيبها بكلمة واحدة.. مازن.. شجعي مازن.. ولكن خجلها عقد لسانها .. فازدردت لعابها وقالت بارتباك: شجعي شقيقيك..
قالت مها وهي تضحك بمرح: لدي اقتراح آخر.. ما رأيك في ان اشجع أي متسابق آخر؟..فكلاهما لا يستحقان التشجيع..
قالت ملاك متسائلة: وحسام.. الن يشارك في هذا السباق؟ ..
قالت مها بابتسامة باهتة: لا.. انه لا يهتم برياضة الفروسية ..
صمتت ملاك للحظة ومن ثم قالت: ومتى سنذهب غدا لرؤية السباق؟..
اجابتها مها بهدوء: عند الساعة الرابعة بعد الظهر..
قالت ملاك بابتسامة : اتمنى ان يحصل على المركز الاول في السباق ..
قالت مها وهي تميل نحوها بابتسامة ماكرة: ومن هو؟..
ارتبكت ملاك واشاحت بنظراتها بعيدا.. واعتلت الحمرة وجنتيها.. وهمت بان تقول شيء ما.. يصحح ما فهمته مها.. لولا ان تعالى صوت بغتة بالردهة يقول: انا...
والتفتت كلاهما الى مصدر الصوت.. وارتسمت الدهشة على وجهيهما .. فقائل تلك العبارة كان ..كمال...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2012, 07:15 AM   #20 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5041 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء العاشر
"تجاهل"

تطلعت ملاك بدهشة الى كمال.. وهي تستغرب قوله هذا.. في حين لم تكن مها باقل منها دهشة..فد ارتفع حاجبها بدهشة كبيرة والتفتت الى كمال لتقول : ماذا قلت؟..
عقد كمال ذراعيه امام صدره وقال ببرود: لماذا تتطلعان الي هكذا؟.. اجل انا من سوف يحصل على المركز الاول..
قالت مها وهي تمط شفنيها: ولماذا انت واثق الى هذه الدرجة؟ ..
قال كمال وهو يبتعد عن المكان: لاني اعرف مهارتي جيدا ..
تطلعت له مها بصمت وهو يبتعد عنهم وقالت بحنق: ان تشابه كمال ومازن في شيء.. فهو الغرور..
ابتسمت ملاك بهدوء.. فقالت مها وهي تميل نحوها: اترغبين في الخروج الى حديقة المنزل قليلا؟..
اسرعت ملاك تجيبها قائلة: اجل بالطبع..
ابتسمت مها وقالت وهي تدفعها: في الحال..
ولكنها توقفت بغتة والتفتت الى نادين التي تقدمت منهم وقالت بتأنيب: آنستي.. لم تفعلين كل شيء وحدك دون ان تخبريني..
قالت ملاك ببرود: وما الذي فعلته؟..
قالت نادين وهي تتطلع اليها: لقد خرجت بالامس دون ان تخبريني ..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: انا لست طفلة..
قالت نادين وهي تومئ برأسها: اعلم ولكنك امانة في عنقي.. لو اصابك شيء.. سأكون انا المسئولة..
عقدت ملاك حاجبيها ومن ثم قالت متحدثة الى مها: فلنذهب الآن يا مها..
قالت مها بصوت خفيض وهي تدفع المقعد: ماذا بك يا ملاك؟..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها: لا تلبث ان تشير الى اني عاجزة ويجب ان اخبرها عن أي خطوة اقوم بها..
قالت مها بهدوء: انه عملها.. الاهتمام بك..
قالت ملاك بمرارة: وانا لا اريد من يهتم بي.. ها انتذا تتصرفين بحرية .. هل يطلب منك احد ان تأخذي مرافق معك حتى لا تتعرضي لأي اذى؟..
ابتسمت مها وقالت وهي تفتح الباب الرئيسي للمنزل وتخرج منه مع ملاك: لو قدر لي ان احصل على كل الاهتمام الذي تحظين به.. لفرحت وانا ارى نفسي محاطة بكل هذا الحب ..لو لم يكونوا يحبونك لما اهتموا بك كل هذا الاهتمام.. اليس كذلك يا ملاك؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا وقالت بخفوت: بلى ..
ابتسمت مها وهي تتجول في حديقة المنزل: اذا لا داعي لحزنك كلما حدثتك نادين بشأنك.. فما يهمها هو ان تكوني بخير..
اكتفت ملاك برسم ابتسامة هادئة على شفتيها ولم تعلق على عبارتها.. وقالت بغتة: اتركي المقعد يا مها.. سأتحرك بمفردي ..
نفذت مها ما طلبته منها.. لتراها تتوجه بمفردها الى مكان حوض الازهار.. وابتسمت ملاك وهي تمد يدها لتداعب احدى الزهرات.. ومن ثم اغمضت عينيها وهي تشعر بالهواء البارد يداعب وجنتها ويحرك خصلات شعرها.. كم تحب ان تشرد بخيالها بعيدا وهي وسط هذه الطبيعة والجو الساحر ..تشعر ان كل ما حولها ساكن هادئ.. ينتظر منها ان تتحدث اليه او حتى تتطلع اليه بعينيها..
شعرت بغتة بشيء ما يداعب وجنتها.. فأسرعت تفتح عينيها وتطلعت بدهشة الى مازن الذي كان يداعب وجنتها باحدى الازهار..ازدردت لعابها بارتباك شديد وقالت وهي تشيح بوجهها بعيدا: منذ متى وانت هنا؟..
قال مبتسما وهو يتطلع الى ساعة معصمه: دعيني ارى الوقت للحظة.. حسنا منذ خمس دقائق تقريبا..
تلفتت ملاك حولها وقالت متساءلة: واين مها؟..
اشار مازن الى مها الجالسة تحت احدى المظلات بالحديقة وشاردة الذهن: هناك..
ظلت صامتة دون ان تعلق على عبارته.. فقال متسائلا: هل ضايقتك؟..
اسرعت ملاك تهز رأسها نفيا.. فقال وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة وهو يمد لها يده بالزهرة: خذي اذا..
تطلعت ليده الممدودة لها بالزهرة ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تمد اناملها باصابع مرتجفة لتلتقط الزهرة من يده: شكرا لك..
امسك مازن كفها بغتة حين كانت تهم بأخذ الوردة.. فشهقت ملاك بتوتر وخوف.. فقال بابتسامة وهو يتطلع لها: اجمل زهرة لاجمل ملاك رأته عيناي..
اخذ قلبها يخفق بعنف من كلماته.. وجسدها كله بات جامدا من مسكة كفه لكفها.. لم تعلم ماذا تقول .. واشاحت بعيناها بعيدا لتسيطر على ارتباكها وخوفها وخجلها .. فقال مازن وهو يهمس لها: هل يخيفك وجودي لهذه الدرجة؟..
لم تستطع ان تنطق بحرف واحد واكتفت بهز رأسها نفيا.. فقال وهو يحرر كفها من كفه: اذا لم كنت ترتجفين؟..
شعرت بجفاف حلقها.. يكفي يا مازن ارجوك.. لم اعد احتمل.. وحركت عجلات مقعدها لتبتعد عنه وتتوجه الى مها.. فاسرع مازن يناديها قائلا: ملاك..
توقفت ملاك للحظة ولكنها عادت لتواصل تحركها بالمقعد.. وشعرت بالراحة عندما رأت مها تنهض من على مقعدها وتقول بهدوء: هل ندخل الآن؟..
قالت ملاك وهي تهز رأسها باضطراب: اجل.. اجل..
تطلعت لها مها بشك وقالت: ماذا بك يا ملاك؟.. تبدين متوترة ..
اسرعت ملاك تقول: لا شيء.. اريد الذهاب الى غرفتي..
اقترب مازن في تلك اللحظة منهما وقال مبتسما وهو يلتفت لملاك : لقد نسيت اخذ هذه..
قالها وسلمها الوردة بهدوء وانصرف .. دون ان تقوى على قول شيء ما.. في حين قالت مها بحدة: هل مازن هو سبب توترك هذا؟.. ما الذي قاله لك؟..
اطرقت ملاك برأسها وقالت بتوتر: لا شيء.. لقد اهداني هذه الوردة فحسب..
- اذا لم تبدين متوترة كل هذا الـ...
بترت مها عبارتها وكأنها استوعبت الامر لتوها.. واتسعت عيناها عندما انكشفت لها حقبقة الامر.. وقالت مرددة بينها وبين نفسها: ( لقد صدق ظني اذا.. ملاك متعلقة بمازن.. مازن الذي لديه بدل الفتاة مئة.. يا الهي .. أي صدمة ستتصيبك يا ملاك.. لو علمت بحقيقة مازن الذي تحبين.. أي صدمة؟ )
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
يوم دراسي جديد قضته مها بملل بين ارجاء الجامعة .. ولم تجد امامها سوى السير في ارجاءها وحيدة بعد ان تغيبت صديقتها اليوم عن الحضور..ضمت كتبها الى صدرها وتنهدت بملل وهي تتوجه الى كافتيريا الجامعة.. ولكنها توقفت فجأة عندما سمعت صوتا يهتف باسمها..التفتت الى مصدر الصوت ورأته امامها.. حسام وابتسامته المعهودة على شفتيه.. وقالت بابتسامة تحمل كل اللهفة التي في قلبها: اهلا حسام..
قال حسام مبتسما وهو يتقدم منها: اهلا.. كيف حالك؟..
اجابته قائلة: بخير..
قال متسائلا: الى اين انت ذاهبة؟..
تطلعت الى الامام للحظة ومن ثم عادت تلتفت له وقالت بابتسامة: الى الكافتيريا .. وانت؟..
هز كتفيه وقال: ليس لدي وجهة معينة..
واردف قائلا وهو يسر الى جوارها: كيف حال الدراسة معك؟..
زفرت قائلة: على ما يرام ولكني اشعر بالملل.. متى ينتهي هذا العام؟..
قال متسائلا بغتة: ولم كنت تسيرين وحيدة؟.. اين صديقتك؟ ..
دهشة.. ذهول.. صدمة.. كل هذا سيطر على مها في تلك اللحظة وتوقفت بغت لتقول بحدة: وماذا يعنيك من امر صديقتي؟ ..
توقف حسام بدوره عن السير والتفت لها ليقول وقد استغرب تغير موقفها على هذا النحو: ماذا بك؟.. انا اسأل عنها لاجلك.. فقد رأيتك تسيرين وحيدة و...
قاطعته بانفعال وهي تشعر بمرارة قلبها الذي لم يحب سواه: لماذا تتعمد ذلك؟؟..
قال بدهشة: اتعمد ماذا؟..
قالت مها بصوت مليء بالحزن والالم: تتعمد تجاهلي..
قال حسام وهو يعقد حاجبيه: انا؟.. وكيف اتجاهلك؟..
عضت على شفتيها بمرارة ومن ثم قالت: انت حتى لا تقدر مشاعري..
قال حسام بدهشة: مها .. ماذا تقولين؟.. ماذا تعنين بقولك هذا؟ ..
سمع حسام بغتة صوت صديقه يناديه.. فالتفت له وقال: ماذا؟..
ساله صديقه قائلا: الن تأتي ؟.. المحاظرة ستبدأ بعد دقائق..
قال حسام في سرعة: اذهب انت وسأتبعك بعد قليل..
هز صديقه كتفيه وقال بهدوء: كما تشاء..
ومن ثم اكمل سيره مبتعدا..في حين عاد حسام ليلتفت الى مها التي ضمت كتبها اليها في الم.. والتفتت عنه لتغادر المكان وهي تقول: اذهب لمحاظرتك..
اسرع يتوقف امامها مانعا اياها من التقدم وقال متسائلا: ليس قبل ان تقولي لي ماذا عنيت بقولك؟..
اشاحت بوجهها بعيدا وقالت بضيق والم: لم اكن اعني شيئا..
قال بهدوء: مها .. انا افهمك جيدا.. انت لا تستطيعين الكذب وعيناك في مواجهة عيني .. اليس كذلك؟..
اسرعت تلتفت له وتقول في حنق: لا ليس كذلك..
مال نحوها قليلا وقال: اخبريني ما الامر يا مها؟.. ما الذي غيرك فجأة.. وجعلك تنفعلين على ذلك النحو.. وتتهميني بأني اتجاهلك..
قالت مها وهي تلتقط نفسا عميقا: ارجوك يا حسام.. ابتعد عن طريقي .. الجميع ينظر الينا..
قال حسام في سرعة: حسنا لا بأس.. ولكني سأنتظرك بعد ان تنتهي محاظراتك لأفهم الامر منك.. اخبريني.. متى سوف تنتهين؟..
قالت ببرود: الثانية ظهرا..
قال حسام وهو يهم بالابتعاد عنها:حسنا سأنتهي انا في الواحدة والنصف وسأنتظرك بعدها في المواقف.. اتفقنا؟..
واسرع يبتعد دون ان ينتظر اجابتها.. في حين تنهدت مها وهي تشعر بالحيرة الكبيرة من تصرفاته..ومن موقفه المتناقض.. يهتم بها ويسأل عن صديقتها..ومشاعره التي لا تزال غامضة بالنسبة لها لا تكاد تفهمها.. فلو كان يحبها ما الذي يمنعه من اخفاء هذا الامر.. اما لو كانت مشاعره تجاهها لا تحمل سوى مشاعر صلة القرابة فهذا يعني انه لا داعي لأن يخبرها بشيء من الاساس..
وابتسمت بسخرية مريرة لنفسها.. لقد فقدت الامل تماما تجاه حسام.. من قال انه يبادلها المشاعر.. او حتى يشعر بكل ما تحمله له من حب..انه اذا اهتم بها فهذا لا يعني انه مهتم بها لسبب خاص.. بل لانها ابنة عمته وحسب..
وسارت مها مبتعدة عن المكان.. وهي تكاد تودع حبها الذي لم يرى النور بعد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت ملاك الى ساعتها للمرة العاشرة.. لا يزال الوقت مبكرا على السباق.. والساعة لم تتجاوز الثانية عشرة بعد.. ولكنها تشعر بالحماس له.. تريد الذهاب والتشجيع .. ستشجع مازن بكل قوة.. لن تنطق اسمه لأن هذه مشاعرها الخاصة.. ستكتفي بترديد عبارات التشجيع فقط.. ثم لم تنطق اسمه وقلبها ينبض به؟...
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تتحرك بمقعدها في غرفتها .. تطلعت الى نفسها في المرآة ومن ثم قالت مبتسمة: سأرتدي شيء اجمل هذا اليوم..
اخذت تبحث بين ثيابها.. حتى وجدت تنورة ذات لون ازرق من نوع الجينز..وقميص احمر اللون.. وابعدت خصلات شعرها الى الوراء باستخدام ربطة للشعر حمراء اللون.. وابتسمت برضا عن شكلها..ترا ماذا سيقول لها مازن لو رآها؟.. سيقول انها جميلة..ام رائعة.. ام...
ضحكت بخجل من نفسها وافكارها.. يا ترى هل سيشتاق لها مازن لو غادرت بعد يومين.. تغادر!.. اجل ستغادر مع والدها الى منزلهم.. وستترك مها ومازن وكمال ايضا..ستغادر لتعود الى حياتها الطبيعية.. ولكن ماذا عن مازن؟..هل ستراه مجددا؟...
ورددت بحزم و بصوت مسموع : اجل سأراه .. سأقنع ابي ان يصحبني الى هنا.. وحينها سأراه..سأتحدث اليه و...
بترت عبارتها وتوردت وجنتاها بحمرة الخجل .. ما هذه المشاعر التي سيطرت على تفكيرها وكيانها كلها؟.. اصبحت لا تفكر في شيء سوى مازن.. مازن ولا احد آخر..
اسرعت تلتقط لها رواية من حقيبتها علها تبعد مازن عن ذهنها .. وابتسمت وهي تتطلع الى العنوان (حب الى الابد).. مثل الرواية التي سخر مازن منها.. حتى عندما كانت تريد الهرب من التفكير بمازن عاد الى ذهنها من جديد..
اعادت الرواية الى مكانها واسرعت تغادر الغرفة.. واسرعت تنادي بصوت عالي بعض الشيء: نادين .. نادين..
لم يجبها احد فرددت بصوت اعلى: نادين.. اجيبيني.. نادين ..اين انت؟..
(ليست هنا)
شهقت ملاك بقوة عندما رأت كمال قائل العبارة السابقة يقف خلفها.. وقال ببرود: لا اظن ان شكلي يخيف الى هذه الدرجة؟ ..
ازدردت ملاك لعابها وقالت بصوت خافت: اين نادين؟..
سار كمال متجاوزا ملاك ليجلس على الاريكة ..ومن ثم قال: رأيتها تخرج الى الحديقة..
تساءلت ملاك قائلة: ولماذا؟..
مط شفتيه وقال: وما ادراني..
صمتت ملاك .. اذا تحدثت الى كمال فعليها ان تتجنب ان تتحدث اليه كثيرا والا اتهمها بالازعاج.. وتحركت مبتعدة عنه.. فأسرع يقول: الى اين؟..
ارتفع حاجبيها بحيرة وقالت: الى غرفتي..
قال كمال بهدوء: لماذا تسجنين نفسك؟.. اذهبي الى الحديقة ان اردت..
قالت ملاك بتردد: كنت اود ذلك ولكن .. نادين ليست هنا..
تطلع لها كمال للحظة ومن ثم قال: سأصحبك انا ان شئت..
تطلعت له في دهشة.. هذا كمال.. احقا؟.. انه يتحدث اليها بكل هدوء.. ربما لم تكن تفهم تصرفاته في السابق لهذا هي مندهشة منه..وازدردت لعابها وقالت: لا شكرا لك.. سأذهب وحدي..
قال كمال ببرود وهو ينهض من على الاريكة ويبتعد عن المكان: افعلي ما شئت..
عاد الى بروده من جديد..وابتسمت بينها وبين نفسها.. هذا هو كمال الذي تعرفه.. وتحركت بهدوء لتغادر المنزل الى الحديقة الخارجية.. وابتسمت وهي تطلع الى المكان الذي كانت عنده بالامس.. عاد لها ذكرى مازن والزهرة التي اهداها لها..لقد وضعتها بين صفحات روايتها (حب الى الابد) .. لتثبت له اولا ان الحب لازال موجودا.. وان قلبها سيظل يحبه الى الابد ثانيا.. لا تفهم لماذا يرفض منطق الحب؟.. لو احب يوما فتاة ما بكل مشاعره واحاسيسه.. فيومها سيدافع عن الحب ويؤيده.. ولن يعارضه مطلقا.. سيعرف حينها معنى الحب في هذا العالم.. وربما يكون قد احب فعلا و...
احب؟.. احب من؟.. فتاة من النادي ؟.. لا .. لا.. مازن سيشعر بحبي له وسيبادلني حبا بآخر.. انه يهتم بي كثيرا .. انه يتطلع الي بكل حنان الدنيا.. اشعر بقربه بالامان والراحة..
تنهدت براحة وارتسمت ابتسامة على شفتيها وذهنها يعود ليشرد بالتفكير في مازن.. وقد نست تماما انها جاءت الى هنا حتى تبعد مازن عن ذهنها.. ولكنه بالرغم منها.. عاد يسيطر على تفكيرها.. كما سيطر على قلبها ومشاعرها ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
سارت مها مغادرة بوابة الجامعة وهي تتوجه حيث سيارة ابيها التي تنتظرها عند المواقف.. وعلى الرغم من انها تذكر ما قاله لها حسام بأنه سينتظرها بعد ان تنهي محاظراتها.. لكنها تناست الامر تماما وهي تسير مبتعدة الى سيارة ابيها..لقد تجاهلها كثيرا ولم يقدر مشاعرها في يوم .. من حقها ان تتجاهله وتعامله بالمثل و...
(مها.. الى اين تذهبين؟)
كانت تعلم انه حسام لهذا لم تلتفت له وواصلت طريقها.. فعاد يهتف بها: مها .. توقفي..
لم تتوقف بل واصلت السير فهتف بصوت عالي وصارم: قلت توقفي..
توقفت في مكانها من لهجته الصارمة ولكنها لم تلتفت له ..فتقدم منها وقال بحزم: الى اين كنت تريدين الذهاب؟..
قالت مها ببرود متعمد: الى سيارة ابي.. الى اين تظن اني ذاهبة؟ ..
قال حسام وهو يقف في مواجهتها: الم اطلب منك ان لا تذهبي حتى افهم الامر منك؟..
تظاهرت بعدم فهم ما يقول وقالت: أي امر تعني؟..
عقد حاجبيه وقال: انك تفهمين عن أي امر اتحدث فلا تتظاهري بالغباء..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: على الاقل انا لا اتجاهل الآخرين..
قال حسام بحدة: كفي عن التحدث بالالغاز واخبريني متى تجاهلتك؟..
قالت بحدة مماثلة: دائما كنت تتجاهلني.. اقف امامك.. ومع هذا لا تنظر الي ابدا..
وضع حسام كفه على جبهته وقال وهو يحاول فهم حديثها: تحدثي مباشرة يا مها.. لا اكاد افهم حرفا مما تقولين..
قالت وهي تبتعد عنه: افضل..
قال بعصبية وهو يراها تبتعد: انتظري.. انا لم انتظر نصف ساعة حتى تبتعدي هكذا دون ان تفسري لي الامر..
قالت مها وهي تتطلع اليه بطرف عينها: ان اردت تفسيرا فأبحث عنه بنفسك..عن اذنك..
امسك بمعصمها ليوقفها وقال بعصبية اكبر: اهذا جزاءي يا مها اني انتظرتك كل تلك المدة لاني قلقت عليك؟.. تمضين وتتركيني وكأني لست رجلا اقف امامك.. ولكن.. اعلمي انك انت من اراد هذا.. وداعا..
قال عبارته وابتعد هو هذه المرة .. شعرت مها بغصة في حلقها .. كادت ان تهتف به.. ان تلحقه.. ولكن كرامتها منعتها .. جعلتها تكتفي بأن تتطلع اليه بالم وهو يركب سيارته ويمضي بها.. واطرقت برأسها في الم وهي تكمل سيرها الى سيارة ابيها.. وان شعرت بالحزن يعتصر قلبها.. وتسائلت وهي تتنهد بالم وتجلس على المقعد الخلفي للسيارة.. هل اخطأت في تصرفها مع حسام ام انها فعلت الصواب؟؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(لقد وجدتها)
قال فؤاد هذه العبارة وهو يتطلع الى عادل الذي جلس يتطلع الى احد الملفات الخاصة بالشركة.. والتفت له عادل ليقول باستغراب: ماذا وجدت؟..
قال فؤاد مبتسما: وسيلة قد تكشف لنا امر ملاك..
قال عادل في اهتمام: وهل هذه الوسيلة مضمونة؟..
- لا يمكنني ان اخبرك ان كانت مضمونة ام لا .. لانها تعتمد على شخص ما..
عقد عادل حاجبيه: أي شخص تعني؟..
فكر فؤاد قليلا ومن ثم قال: احتاج الى شخص رآها من قبل وتحدث اليها.. شخص على الاقل له الحق في ان يتحدث معها بحرية وفي الوقت ذاته لا يكون من ابناء امجد..
قال عادل بهدوء: الم تكن تتحدث مع احد في الحفل سوى ابناء امجد؟..
عقد فؤاد حاجبيه وقال: دعني اتذكر.. لقد كانت تتحدث الى حسام ايضا..ما رأيك به؟..
صمت عادل للحظات ومن ثم قال: حسام لا يمت لنا بصلة بل هو من عائلة زوجة امجد-سابقا-..نحتاج الى احد من وسط العائلة .. حتى يكون محل ثقتنا..
فكر فؤاد من جديد وغرق في تفكير عميق لدقائق ومن ثم قال فجأة: اجل ..لقد وجدت الشخص المطلوب..
قال عادل بلهفة: من هو..
قال فؤاد بابتسامة ماكرة: ابنك يا عادل.. احمد..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ابتسمت ملاك بفرحة وهي تجلس في المقعد الخلفي للسيارة مع مها متوجهين للنادي حيث سيقام السباق.. وقالت بسعادة: واخيرا سأذهب لرؤية السباق..
واردفت وهي تنطلع الى مها: لقد كنت متلهفة لرؤيته.. فلاول مرة سأرى سباق للخيل.. وسيكون مشتركا به مازن وكمال.. وبالتأكيد سيكون الـ...
بترت ملاك عبارتها عندما شاهدت مها شاردة الذهن وغير منتبهة لما تقول..ونادتها قائلة: مها.. هل سمعت ما قلته؟..
لم تجبها مها وهي على شرودها وتلك النظرة الحزينة جلية في عينيها..فرددت ملاك وهي تهز كفها بهدوء: مها.. هل تسمعيني؟..
التفت لها مها وقالت وكأنها تفيق من نوم عميق: هه.. هل تحدثيني؟..
تساءلت ملاك وقالت: ماذا بك؟.. انت صامتة وشاردة طوال الوقت.. ما الذي حدث؟..
هزت مها رأسها نفيا دون ان تعلق فعادت ملاك تقول: ولكنك حزينة.. اعلم ذلك.. عيناك تكشفان ما بقلبك من حزن .. وملامح وجهك واضحة للجميع..اخبريني ما الذي يحزنك؟ ..
قالت مها بصوت خافت: لا شيء..
صمتت ملاك عندما رأتها لا ترغب في قول أي شيء يتعلق بسبب حزنها والتفتت الى النافذة لتتطلع منها لدقائق.. ولكنها عادت تلتفت الى مها الواجمة وهي تستغرب حزنها هذا.. فمنذ ان عادت من الجامعة وهي على هذه الحال.. بالتأكيد قد حصل شيء ما هناك...
توقفت سيارة السائق في تلك اللحظة بجوار النادي.. فهزت ملاك كف مها وقالت: مها لقد وصلنا..
قالت مها وهي تلتفت لها: وصلنا الى اين؟..
ابتسمت ملاك ابتسامة باهتة وقالت: الى النادي بالتأكيد..
صمتت مها ولم تجبها.. وهبطت من السيارة لتشير للسائق ان يفتح الصندوق ويأتي ليخرج كرسي ملاك.. نفذ السائق طلبها.. فقالت مها وهي تدفع مقعد ملاك بجوار باب السيارة الخلفي : عندما اتصل بك.. تعال لتأخذنا من النادي..
قال السائق بهدوء: امرك آنستي..
غادرت ملاك السيارة لتجلس على المقعد.. ودفعتها مها بهدوء لتتوجه الى حلبة السباق.. وسألتها ملاك في تلك اللحظة: لم لم نأتي مع مازن مثل كل مرة؟..
قالت مها بهدوء: لانه غادر المنزل قبل ساعة من الآن من اجل ان يستعد جيدا للسباق..
صمتت ملاك واكتفت بأن اومأت برأسها في تفهم.. في حين كانت مها تدفع مقعدها وهي في عالم آخر تماما.. تفكيرها في ما حصل اليوم ..هل ما فعلته كان الصواب؟ .. لقد ثأرت لكرامتها ولكن.. ماذا عنه هو؟؟..هل خسرته؟..لقد بدى غاضبا وعصبيا كما لم تره من قبل.. ولكنه هو من كان يتجاهلها ولا يقدر مشاعرها.. وكأنه يتعمد سؤالها عن أي فتاة حتى يثير اعصابها.. اجل هو من بدأ .. هو من كان يجعلني اتعذب بسببه.. وقد حان الوقت لأثأر لنفسي ولكرامتي ..
ولكن لماذا لا اشعر بالراحة؟.. لماذا اشعر وكأني آلامي قد تضاعفت؟.. وان قلبي يكاد يتمزق الما ومرارة..ربما لان حسام يتألم الآن وانا لا احب ان اراه حزينا او مهموما ابدا .. احب ان اراه والابتسامة تشرق على وجهه..والفرحة تطل من عينيه.. يتحدث بهدوء ومرح.. هذا هو حسام الذي اعرفه .. ولكن...
شعرت بغصة في حلقها ولم تستطع مواصلة التفكير.. لا تريد ان تفكر فيه.. تريد ان تنسى .. تبعده عن ذهنها ولو لخمس دقائق فقط..
زفرت في حدة وهي تدخل الى مدرجات السباق.. ودفعت مقعد ملاك في المكان المخصص..حتى وصلت الى مقدمة المدرجات تقريبا ووجدت مقعدا لها .. فتنهدت وقالت: من الجيد اننا وجدنا مقعد في المدرجات الامامية.. احيانا اضطر للجلوس في الخلف..
قالت ملاك بلهفة طفولية: لا يهم ان نجلس في الامام او الخلف المهم ان يحصل اخويك على المراكز الاولى..
ابتسمت مها وقالت وهي تحتل مقعدها: لا تظني انهما ماهران كما اخبراك.. لم يحصلا ابدا على أي مركز من المراكز الاولى..
تطلعت لها ملاك بدهشة وقالت: ابدا؟؟..
اومأت مها برأسها وقالت: ابدا..
ارتجف قلب ملاك توترا.. اذا لم قال مازن انه حصل على احد المراكز الاولى فيما مضى ؟.. مبررا ان لديه العديد من المعجبين والمعجبات ..هل كان يكذب علي؟.. لا لا بالتأكيد هو يعني امرا آخر.. لا يمكن ان يكذب علي.. ثم لم يكذب؟..
عقدت حاجبيها بتوتر دون ان تفهم سبب قوله هذا.. وان كان يعني امر آخر ام لا؟.. وقالت متسائلة: متى سيبدأ السباق؟..
تطلعت مها الى ساعتها ومن ثم قالت وهي تلتفت الى ملاك: بقي على وقت بدء السباق ربع ساعة تقريــ...
بترت مها عبارتها عندما وقعت عيناها عليه..على حسام.. ازدردت لعابها بتوتر وهي تراه واقفا شارد الذهن يتطلع الى حلبة السباق بصمت.. يبدوا ان حاله لا يختلف كثيرا عن حالها.. هل تذهب اليه؟.. ام تناديه فحسب؟.. ام تتجاهل وجوده؟..لا تعلم الى ايهما تستمع الى قلبها الذي يتلهف للحديث اليه.. ام الى عقلها الذي يصر على المحافظة على كرامتها..
في حين تطلعت لها ملاك للحظة وهي تراها تراقب شيء ما بجوارهما.. فالتفتت بدورها لترى ما الذي تتطلع اليه مها ..وارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تقول: انه حسام..
قالت مها ببرود ظاهر وان كانت لهفتها له تكاد تجعلها تسرع اليه وتعتذر منه: اعلم.. لقد رأيته..
قالت ملاك وهي تلتفت لها: ما رأيك ان نناديه لكي يجلس معنا.. انه يقف وحيدا..
وقبل ان تهم مها بقول حرف واحد.. اسرعت ملاك تهتف بحسام وهي تلوح بكفها: حسام.. حسام.. نحن هنا..
التفت حسام في تلك اللحظة الى مصدر الصوت وتطلع الى ملاك التي قامت بندائه.. في حين ارتبكت مها ولم تجد امامها سوى ان تطرق برأسها هربا من نظراته.. وابتسم ببرود وهو يتقدم من ملاك وقال: اهلا ملاك.. ما هي احوالك؟..
قالت ملاك بابتسامة: بخير.. ماذا عنك؟..
-على مايرام..
تعمد تجاهل مها.. تعمد عدم النظر اليها حتى.. اعتصر قلب مها الحزن وهي تراه يتجاهل وجودها تماما.. هو يتجاهلها فعلا الآن؟.. هل يتعمد هذا؟.. هل يتعمد اخبارها انه لم يتجاهل وجودها في يوم وانه يفعل ذلك اليوم فقط لتعرف الحقيقة؟..
التفتت له مها بالرغم منها وتطلعت اليه بتوتر والم.. فالقى عليها نظرة لا تحمل أي معنى ومن ثم التفت عنها ليتطلع الى حلبة السباق .. لم تنتبه ملاك الى الجو المتوتر بينهما وقالت لحسام: من برأيك سيحصل على المراكز الاولى يا حسام؟..
قال حسام وابتسامة هادئة مرتسمة على شفتيه: أي شخص آخر غير كمال ومازن .. فهما لا يستحقان الفوز..
ضحكت ملاك بمرح.. فالتفت لها حسام وقال مبتسما: هل ما قلته يضحك الى هذه الدرجة..
قالت بمرح وهي تشير الى مها: عندما سالت مها السؤال ذاته.. اجابتني بعبارتك ذاتها.. يبدوا انكما تتشابهان في طريقة التفكير..
التفت حسام الى مها وتطلع لها لوهلة ومن ثم التفت عنها وهو يقول بسخرية لم تنتبه اليها سوى مها: لا اظن..
تطلعت اليه مها بالم.. بندم.. بعتاب..باستنكار لمعاملته لها.. هي لم تطلب اكثر من ان يشعر بها وبمشاعرها تجاهه.. لكنه لا يفهم.. لم تحتمل تجاهله لاكثر من هذا.. ووجدت شفتيها تنفرجان وتهمسان باسمه قائلة: حسام..
ورغم دهشته انها قد نادته .. التفت لها وقال ببرود: نعم..
ارتبكت لوهلة ولم تدر ما تقول.. ووجدت نفسها تهز رأسها قائلة بالم: لاشيء..
تطلع لها حسام وقد شعر بحزنها.. اهي حزينة لما حصل اليوم بينهما .. ربما.. ولكن هي من اخطأت.. وهي من عليها ان تبدي ندمها وتعتذر عما فعلت.. لقد كافأته بالمضي عنه وهو الذي لم يستطع التركيز في أي محاضرة من شدة قلقه عليها؟ ..
زفر بحدة وعاد لبلتفت الى حلبة السباق.. في حين قالت ملاك متحدثة الى مها: كم بقي على السباق؟..
قالت مها بصوت خافت: دقائق فقط..
قالت ملاك مبتسمة وهي تتطلع الى حلبة السباق: لا اكاد اراهم..
قالت مها مبتسمة: بكل تأكيد لن تريهم.. فالخيول تستعد عند بداية الحلبة.. ونحن نجلس الآن تقريبا عند منتصفها..
قالت ملاك مبتسمة: لقد فهمت..
وعند حلبة السباق ذاتها.. ولكن عند خط البداية.. امتطى مازن جواده الذي يحمل الرقم (5) وقال مبتسما: سأحصل هذه المرة على احد المراكز الاولى..هذا وعد..
قال كمال الذي امتطى جواده الذي يحمل الرقم (2)منذ لحظات بابتسامة باردة: لطالما رددت هذا الهتاف ولم تحققه ابدا..
قال مازن وهو يغمز بعينه: سأحققه هذه المرة..
قال كمال بحزم: سنرى من سيحققه هذه المرة.. انا ام انت؟..
قال مازن مبتسما: لاول مرة اراك متحمسا للسباق هكذا..
ابتسم كمال ابتسامة غامضة وقال: لاني قد وعدت شخص ما بالحصول على احد المراكز الاولى..
وقبل ان يسأله مازن عن كنه هذا الشخص.. سمعا صوت في مكبر الصوت يقول: فاليستعد جميع المتسابقين.. سيبدأ السباق بعد لحظات..
تحفزت عضلات الجميع على لجام خيولهم..في حين استطرد الصوت قائلا: استعداد.. ثلاثة .. اثنان .. واحد.. انطلاق...
وانطلق جميع المتسابقين بخيولهم مخلفين وراءهم سحب من الغبار.. وكل منهم يأمل في الحصول على المركز الاول ...








 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:35 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0