عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2012, 07:47 AM   #43 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5053 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



الجزء الثالث والثلاثون
"صدمة"

حركت ملاك عجلات مقعدها قليلا.. لتلتقط الهاتف المحمول وتتطلع اليه بفضول وتوتر.. وشعرت بارتجاف اناملها وهي ترفع ناظريها الى اسم المتصل.. والتي لم تكن سوى (حنان)..
شعرت بالدهشة والغيرة في الآن ذاته من اسم المتصلة والتي يضيء اسمها على شاشة هاتف مازن..وضغطت زر الاجابة على الهاتف بدافع الغيرة هذه المرة وليس الفضول..وقبل ان تنطق بحرف واحد.. سمعت صوت حنان يأتيها وهي تقول في سرعة: حبيبي مازن ..ماذا بك؟.. ماذا جرى لك؟.. لماذا لا تجيب على اتصالاتي؟..قلقت عليك كثيرا.. اخبرني أأنت بخير؟..
الم يقولوا ان " الفضول قتل القط".. وها هو ذا يقتل قلبا بريئا لا ذنب له سوى انه احب وتعلق بانسان لا يستحق.. و لا يعرف معنى الحب..
أي صدمة شعرت فيها ملاك في تلك اللحظة.. أي خناجر طعنت قلبها وهي تسمع فتاة تتصل بمازن وتقول له (حبيبي) بكل جرأة .. ملاك التي احبته طوال عمرها لم تتجرأ حتى بعد عقد قرانها عليه بأن تنطق بهذه الكلمة.. فكيف لهذه الفتاة التي لا يربطها به أي صلة قرابة او رباط رسمي..ان تقول هذه الكلمة ..
وعلى الرغم من الالم الذي يعتصر قلبها وجدت ملاك نفسها تقول بعصبية: من انت؟..
قالت حنان وان استغربت من صوت ملاك في البداية: بل من انت؟.. لقد اتصلت بمازن.. فمن تكونين؟..
التقطت ملاك نفسا عميقا وقالت بحزم: زوجته..
بهتت حنان للوهلة الاولى بعد علمت ان من حدثتها هي زوجة مازن..ولكنها شعرت بحقدها على ما فعلها بها مازن كل تلك الشهور وتلاعبه بها ينصب على ملاك.. وعلى ما تسبب لها من الم ومعاناة عندما تركها دون ان يهتم بعدما احبته.. وقررت انه من المستحيل ان تترك ملاك تفوز بمازن.. فكما تألمت هي عندما تركها مازن..يجب ان تتألم ملاك ايضا وتذيقها من ذات الكأس الذي تجرعته.. فمن تكون ملاك حتى تحظى بمازن لها وحدها؟..
وقالت منحدثة بحقد: انت زوجته العاجزة اذا..
طعنات متواصلة الى قلب ملاك الجريح الذي لا زال ينزف ودماءه لم تجف بعد..واردفت حنان بقسوة وبلا رحمة على قلب ذلك الملاك الرقيق:والذي تزوجها لمجرد شفقة منه عليها .. وما ان يمضي بعض الوقت حتى يتركها ويرميها كأي كأس ماء فرغ من شربه..
قالت ملاك بصوت مختنق .. وبدموع تنذر بسقوطها في أي لحظة: اصمتي.. انت كاذبة..
قالت حنان وهي تضحك بسخرية: كاذبة؟.. ولم اكذب يا عزيزتي؟..يبدوا وانك لا تعرفين مازن جيدا.. مازن يا عزيزتي هو رفيق كل فتاة في النادي.. بل واكثر من ذلك .. ان رأيت مازن في حفلة او مكان ما.. من المستحيل ان لا تريه مع فتاة..
قلات ملاك بانفعال وقد انتصرت دموعها عليها لتسيل على وجنتيها بكل مرارة: اصمتي .. لا اريد سماع المزيد.. انت كاذبة ..لا اصدق حرفا واحدا مما تقولين.. مازن ليس هكذا .. انا اعرفه اكثر من أي شخص آخر في هذا العالم ..
قالت حنان بسخرية واستهزاء: اذا لا زلت لا تصدقين.. فعلا كما يقُال عنك.. مجرد ساذجة لا تعرف أي شيء مما يدور حولها.. استمعي الي اذا لتعرفي الدليل على كل ما قلته.. مازن لا يهتم بك ولا تفكري في هذا ابدا.. لديه المئات من الفتيات الفاتنات واللاتي لا يعانين أي عجز مثلك .. فأخبريني ما الذي سيجعله يهتم بفتاة مثلك؟؟.. ساذجة وعاجزة في الآن ذاته...
ارجوك يكفي.. يكفي ما اتلقاه من طعنات .. يكفي جروحا وآلام.. لم اعد استطيع ان احتمل.. الدموع تحجب الرؤية عن عيناي.. وقلبي يبكي بدموع من دم.. الى متى ستظل تبكي يا قلب؟.. الى متى؟.. اليس من حقك ان تشعر بالسعادة الا لدقائق وبعدها تعود وتتألم؟..
وقالت حنان وهي تشعر بالانتصار وهي تستمع الى صوت نحيب ملاك وشهقاتها: والدليل بين يديك.. ابحثي في هاتفه في (صندوق الوارد) .. وايضا (الرسائل المرسلة).. ولن تجدي دليل واحد فقط.. بل العشرات منها.. فاستمتعي.. الى اللقاء عزيزتي..
واردفت بخبث: ولا تنسي ان تخبري مازن ان حبيبته حنان قد اتصلت.. وداعا ايتها العاجزة..
ضغطت ملاك على الهاتف المحمول بكل قوتها.. بكل الم وعذاب.. بكل مرارة تعتصر قلبها لتجعل دموعها تتساقط دون استئذان.. وارتجفت كفاها وصوتها وهي تهمس قائلة وتقول بلهجة لم تقنعها هي نفسها: هذه الفتاة تكذب.. اجل .. مازن قال هذا.. قال انهن يشعرن بالغيرة مني لهذا يردن مضايقتي بكل طريقة.. اجل هذه هي الحقيقة.. وما قالته هذه الفتاة كذب ..
وتطلعت الى الهاتف الذي بين يديها وهي تقول من بين شهقاتها: لكنها بدت واثقة مما تقول.. وكأنها تعلم مسبقا ان ما تقوله هو الصدق.. لكن لن افعل شيئا سوى ان اتأكد .. انا اعلم مسبقا ان مازن ليس كما وصفته.. وانه انسان حنون وصادق.. طيب القلب و...
بترت عبارتها وازدردت لعابها مرتين متتاليتين.. لعلها تطفأ اللهيب المشتعل بقلبها..وبتردد وبقلق كبير اخذت تضغط زر فتح صندوق الوارد.. فما ستقرأه من رسائل قد يبنى عليه مستقبلها وحياتها..
التقطت نفسا عميقاحاولت ان تملأ به رئتيها.. قبل ان تتطلع الى الرسائل الموجودة بصندوق الوارد.. واتسعت عيناها بصدمة.. فأغلب تلك الرسائل كانت مرسلة من فتيات.. ندى.. رشا.. حنان.. غدير.. وغيرهن الكثير.. وشعرت بقلبها يخفق بلوعة وهي تفتح احدى رسائل ندى وتقرأ كلماتها التي كانت تقول (مازن.. اشتقت اليك كثيرا.. متى ستأتي الى النادي؟)..
ازداد ضغطها على هاتف مازن المحمول وهي تحاول ان تجد مبررا لكل ما تقرأ.. وفتحت رسالة اخرى لعلها تكون ابسط من سابقتها وكانت مرسلة من رشا تقول فيها ( عزيزي.. اشكرك على هديتك .. وكلماتك الرائعة التي كانت كالبلسم لقلبي)..
وكلما كانت تقرأ رسالة مرسلة من احداهن تشعر بقلبها يكتوي بنار .. نار الغيرة.. نار الغضب.. نار الكره.. شعرت بالكره تجاه مازن يتولد تجاهه في لحظة.. وهي تعيد كل ما اصابها بسببه وبسبب صديقاته..وقالت بصوت مرتجف وبقلب يعتصر بكل حزن وندم على حبه لشخص مثل مازن: اذا فقد كان يخدعني.. كان يكذب علي.. اهتمامه بي كان شفقة لا اكثر.. طلب الزواج مني لانه يشفق على عاجزة مثلي.. وانا الحمقاء التي احبته بكل اخلاص والتي صدقت كل ما كان يقوله..كنت اعتبره انبل شخص في العالم واكثرهم حنانا لي بعد والدي.. لكني غبية .. لاني صدقت كاذب مثله..خدعني وحطم قلبي دون رحمة..
ووجدت نفسها ترمي بالهاتف بقوة على الحائط وتقول بصوت اقرب الى الصراخ: اكرهك يا مازن.. اكرهك..
وبكى قلبها الجريح بدموع من دم.. وسالت تلك الدماء على قلب احب بكل صدق وكان نصيبه الزيف والخداع.. تماما كما انجرحت اناملها وسالت دمائها بغزارة بحلمها ذاك عندما حاولت قطف زهرة الحب...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قبل ربع الساعة من الاحداث.. وبعد ان خرج مازن من غرفة ملاك اثر نداء والده.. توجه الاول الى هذا الاخير في الردهة .. وقال بابتسامة هادئة وهو يقف الى جوار والده الذي يتخذ مجلسه على الاريكة: هل ناديتني يا والدي؟..
قال امجد بهدوء وهو يشير على المقعد: اجل.. اجلس..
جلس مازن بجوار والده على الاريكة.. فقال امجد بهدوء: لقد اتصل بي اليوم خالك .. والد حسام ..ويريد ان يأتي هو وابنه هذا المساء..
مازن فهم الامر تقريبا ولكنه قال متسائلا حتى لا يعرف والده انه قد علم بالامر قبله: بشأن ماذا؟..
قال امجد وهو سند رأسه لمسند الاريكة: لست اعلم.. قال انه سيخبرني بالموضوع عندما يأتي مساءا.. هو وابنه.. وبصراحة استغربت هذه الزيارة..فليس بالعادة ان يزورني خالك الا فيما ندر او في المناسبات..
قال مازن مبررا: ربما يكون الامر مهما..
قال امجد وهو يهز كتفيه: ربما..
واردف قائلا وهو يلتفت الى مازن ويقول بصرامة: لهذا.. لا تغادر اليوم المنزل .. لا انت ولا كمال.. اريد ان تكونا في استقبالهما..
اومأ مازن برأسه وقال: لن اغادر كما تأمر يا والدي ..وسأبلغ كمال ايضا ..
واردف قائلا: ايمكنني ان اذهب الآن؟..
حدجه والده بنظرة ثاقبة ومن ثم قال: اذهب..
ابتسم مازن وهو ينهض من مكانه ويتجه الى غرفة ملاك التي كانت في نهاية الردهة.. ويطرق بابها في سرعة ليقول وهو يفتحه: عذرا يا عزيزتي ان كنت قد تأخرت عليك فـ...
تلاشت الكلمات الباقية من على طرف لسانه.. وتبخرت اية كلمات بذهنه عندما تطلع الى ملاك الجالسة على مقعدها وتحدجه بنظرة لأول مرة يراها في عينيها.. نظرة تعبر عن الحقد والكره.. وتقدم منها مازن وقال بقلق: ملاك.. ماذا بك؟..
رفعت ملاك رأسها اليه وقالت بنظرة تجمع ما بين الالم والكره: لماذا؟..
ارتفع حاجبا مازن باستغراب شديد وقال : لماذا ماذا يا عزيزتي؟ ..
هتفت ملاك فجأة بانفعال: لماذا خدعتني؟ ..لماذا كذبت علي؟ ..لماذا جعلتني احيا في حلم جميل ومن ثم قتلتني دون شفقة بي او رحمة؟.. ماذا فعلت لك؟ .. فيم اذنبت؟ ..
بهت مازن من انفعالها وقال بدهشة : ما الذي تقولينه؟..
قالت ملاك بصوت اقرب الى الصراخ: لم تزوجتني؟.. لقد كنت اعيش بهدوء.. فلم ظهرت في حياتي؟ .. لم احطني بحنانك واهتمامك ؟.. وبعد ان اصبحت كل شيء في حياتي جئت لتقتلني بكل قسوة.. اخبرني لماذا؟..
قال مازن بذهول وهو يهبط الى مستوها ويمسك كتفيها بقوة: ملاك .. ما الذي جرى لك؟؟.. لقد تركتك وانت على ما يرام.. فما الذي حدث؟.. ما الذي جعلك تنطقين بكل هذه التفاهات؟..اي خداع او قتل تتحدثين عنه؟..
قالت ملاك بانفعال وهي تبعد كفيه عن كتفيها: اسأل حنان .. اسأل حبيبتك.. لقد اخبرتني بكل شيء..اخبرتني انك مخادع وكاذب.. انك لم تتزوجني الا شفقة بي.. وبعدها ستتركني وتتخلص مني عندما تشعر بالملل..
قال مازن بحدة: وصدقتيها بكل هذه السهولة.. حنان هذه كاذبة .. هي من تحبني.. ولكني لم اهتم بها في يوم.. لهذا تريد التفريق من بيننا..
قالت ملاك ودموعها تسيل على وجنتيها بكل الم ومرارة: يكفي اكاذيب.. ارجوك لم اعد احتمل خداعك.. لقد قرأت كل الرسائل الموجودة بهاتفك.. وعلمت أي شخص تكون .. فدعني وشأني ارجوك.. لا اريد ان اراك بعد الآن..
قال مازن وعيناه متسعتان بذهول: أي هراء تتفوهين به؟.. والرسائل التي تتحدثين عنها هن من كانوا يرسلونها الي وذلك قبل ان اعقد قراني عليك..و....
بتر عبارته اثر ملاك التي صرخت بهستيرية: قلت لك اخرج خارجا.. لا اريد ان اسمع أي شيء مما تقوله .. يكفي خداعا..
قال مازن وهو يمسك كتفيها بقوة: ملاك يكفي.. صدقيني .. لست اكذب في شيء.. اقسم لك اني لم اتزوجك شفقة بك او...
ملاك التي كانت دموعها تسيل دون توقف ..صرخت في وجهه بغضب قائلة: قلت اخرج خارجا.. لا اريد رؤيتك او سماع صوتك.. كلكم كاذبون ومخادعون.. كلكم .. لقد ظننت ان هناك شخص آخر غير ابي يعرف معنى الصدق والحب.. لكني قد اخطأت ـ.. لاني كما قالت عني ساذجة .. وعاجزة..
قال مازن بعصبية: من وضع في رأسك هذا الكلام؟ .. لا تهتمي بكلام حنان فهي مجرد تافهة..
قالت ملاك وهي تتطلع اليه بنظرة قاسية: وانت.. انت مخادع.. كاذب.. اكرهك يا مازن .. اكرهك..
لم يعلم مازن لم في تلك اللحظة شعر بقسوة تلك الكلمة.. ووقعها على اذنيه.. وقلبه الذي اعتصر الما لسماعها.. وقال وهو يتطلع اليها: انت لا تعرفين ان تكرهي يا ملاك.. انت تجسدين معاني الطيبة والقلب الابيض والحب والتسامح.. فكيف لك ان تعرفي معنى الكره؟..
قالت ملاك بصوت منفعل: الفضل يرجع لك..
وصرخت مردفة: دعني وحدي لا اريد ان اراك..
في تلك اللحظة كانت مها تهبط على درجات السلم واستغربت من صوت الصراخ المنبعث من غرفة ملاك.. وفتحت الباب لتقول باستغراب: ما الذي يجري هنا؟..
شاهدت مازن يحاول تهدئة ملاك بشتى الطرق وتلك الاخيرة تصرخ وتبكي بهستيرية.. فتقدمت وقالت بذهول ممزوج بالخوف: ما الذي جرى؟..
التفت مازن لها في سرعة وقال بتوتر: جئت في وقتك يا مها.. ارجوك اخبريها ان حنان مجرد كاذبة.. وانها لا تريد الا التفريق من بيننا..
اشارت ملاك الى الباب وقالت بصوت متحشرج: اخرج.. لا اريد سماع شيء .. كلكم تكذبون.. كلكم ..
قالت مها بهدوء: ملاك.. لست اكذب عليك.. حنان حقا كانت تلاحق مازن بين الفينة والاخرى.. حتى يمنحها ...
التفتت له ملاك وقالت بعينين دامعتين: انت ايضا تكذبين.. لقد كنت تعرفين ان شقيقك مازن يعرف مئات الفتيات غيري.. ولكنك اخفيت عني ذلك.. ظننت اني غبية لن اعلم ذلك في يوم ما..
شعرت مها بالندم والالم .. لانها كانت سببا قريبا او بعيدا في ما يحدث الآن لملاك.. فلو اخبرتها بالحقيقة.. فربما ملاك لم تكن لتوافق على مازن.. وحينها قد يتغير الكثير ..في في حين اردفت ملاك وصوتها يكاد يفطر اقسى القلوب وهي تلتفت الى مازن: اذهب اليهن.. فماذا تريد بعاجزة مثلي؟..
قالتها وهي تضرب ساقيها بقبضتيها في قهر.. فأمسك مازن كفيها وقال بصوت عالي: يكفي يا ملاك .. يكفي..لا تفعلي بنفسك هكذا.. اهدئي فقط.. وسأفهمك الامر..
شعر بكفي ملاك يرتجفان بين يديه.. وبكلماتها تتقطع وهي تقول بصوت مختنق: لن اصدق أي شيء مما تقول.. لن اكون ساذجة.. بعد الآن..
قال مازن بقلق وهو يرى شحوب وجهها: ملاك اهدئي..سأفعل كل ما تريدين لكن اهدئي اولا..
قالت ملاك وهي تشعر بارتجافة جسدها كله وبالبرودة تسري في اطرافها:اخرج .. لا اريد رؤيتك..
التفت مازن الى مها وقال وهو يلمح الخوف في عينيها: مها .. اتصلي بأي طبيب حالا..
اومأت مها برأسها في توتر وخوف.. واسرعت تغادر الغرفة .. فقال مازن وهو يمسك يدي ملاك في قوة: اهدئي الآن يا ملاك .. من اجلي..لا بل من اجل والدك.. اهدئي.. لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من عينيك وحتى انا..
قالت ملاك وهي تشعر بانهاك بدأ يسيطر عليها وبارتجافة جسدها تزداد: ومن قال اني ابكي بسببك.. انا ابكي بسبب ماحدث لي.. لم اتخيل انه يوجد بشر مثلك.. يخدعون ويتلاعبون بمشاعر شخص لم يحاول اذيتهم في شيء.. بل على العكس...
بترت عبارتها وازدردت لعابها بتعب واردفت وهي تتطلع الى مازن بعينين تعبران عن اشد واقسى انواع الحزن: لقد كنت في نظري مصدر الامان.. مصدر الحنان .. لقد كنت تخفف من احزاني وآلامي.. لكنك الآن...
وهتفت مستطردة بألم ومرارة : لكنك الآن اصبحت مصدر آلامي.. فإلى من الجأ؟..
قال مازن باشفاق وحنان: يكفي يا ملاك..ارجوك اهدئي.. كلماتك تقطع قلبي.. لم اقصد ان اكون سببا في آلامك او...
قاطعته ملاك وقالت وكأنها لم تسمعه.. وشحوب وجهها يزداد.. وشعرت بأن جفنيها بدآ يتثاقلان: لقد رسمت لك في ذهني صورة القلب الحنون والابتسامة الرائعة التي تدخل الفرح الى قلب كل من يراها.. لقد كنت اراك دائما ملجئ الامان.. لكنك حطمت هذه الصورة بيديك يا مازن.. وبلا ادنى اهتمام..
قال مازن وهو يتطلع الى عينيها مباشرة وبقلق عليها: سأكون لك كذلك دائما يا ملاك..سأكون لك الصدر الحنون الذي تشكين عليه آلامك.. وملجئ الامان الذي تحتمين فيه من أي خوف.. لن اسمح لأي شخص بأن يفرق بيننا.. هم يكذبون .. لا تصدقيهم.. لقد تغيرت يا ملاك.. اقسم لك.. منذ ان رايتك وانا اشعر بأنك ستغيرين حياتي وتقلبينها رأسا على عقب بطيبتك وبرائتك وحنانك ورقة قلبك..
ابتسمت ملاك ابتسامة استغرب منها مازن وقالت: لو كنت قلت لي هذا قبل ساعة واحدة فقط.. لكنت صدقتك .. ورقص قلبي فرحا لسماع هذه الكلمات منك.. لكني الآن .. اكرهك.. اكرهك.. ولم يعد بامكاني ان اصدقك ..
"اقسى انواع الجروح..هو ان تُجرح ممن تحب"
واردفت بصوت متهالك: مازن انت.. انت كنت .. كنت كل شيء..في حياتي.. اما الآن فقد اصبحت لاشيء.. لاشيء..
في هذه المرة الطعنات كانت موجهة لقلب مازن الذي شعر بالالم والدهشة من الكلمات التي تخرج من بين شفتي الملاك الذي يجلس امامه.. وادرك في تلك اللحظة أي جرح قد سببه لها.. الآن اصبحت تراه احقر انسان في الوجود.. انسان نذل وحقير .. يتلاعب بمشاعر الآخرين بلا ضمير..
ووجد الملاك الذي امامه يتهالك.. لتغمض عيناها بتعب وتسيل دمعة تعبر عن العذاب الذي تحياه على وجنتيها.. ومن ثم يسقط جسدها على صدر مازن دون شعور منها..
ولما شعر مازن بأنها غائبة عن الوعي..وانها لم تعد تشعر بالواقع المرير الذي تحياه.. احاط جسدها بذراعيه بكل حنان.. وقال وهو يشعر بحجم المعاناة الذي مرت بها: انا آسف يا ملاكي .. لقد اخطأت في حقك كثيرا.. صفيني كما تشائين.. لكن لا تقولي انك تكرهيني.. اعلم ان قلبك لم يعرف الكره في يوم.. اغفري زلة انسان احمق.. لم يعرف قيمة الملاك الذي معه.. اغفري لي يا ملاك.. فلم اعد استطيع الابتعاد عنك او تخيل الحياة بدونك..
وحمل جسدها الصغير بين ذراعيه.. ليرقدها على فراشها.. ويغطي جسدها بالغطاء بكل حنان.. وهو يشعر بالندم على كل ما سببه لها من آلام..ومسح على شعرها الاسود قبل ان يبعد كفه عنها ويقول وهو يكور قبضته في الم : انا السبب في كل ماحدث لك يا ملاك.. انا..
والقى عليها نظرة حانية ولمح في تلك اللحظة ان قطرات العرق بدأت تتجمع على جبينها.. فمد كفه ليتحسس جبينها ومن ثم قال بتوتر: حرارتها مرتفعة..
وعقب قوله دخول مها الى الغرفة التي قالت: لقد قال الطبيب انه سيحضر بعد دقائق فقط و...
اشار لها مازن بالصمت وقال بصوت خافت: لقد نامت للتو..
قالت مها بخوف: كيف حالها؟..
قال مازن بتوتر وهو يتطلع الى ملاك: حرارتها مرتفعة.. لا اعرف ان كان ذلك بسبب الجو المتغير.. او بسبب الصدمة التي مرت بها..
قالت مها متسائلة: ما الذي حدث بالضبط؟..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بتوتر: لست اعلم ما حدث بالضبط.. سأخبرك بكل شيء بالخارج.. دعينا نتركها لترتاح الآن..
اومأت مها برأسها وسارت معه لتغادر الغرفة وحينها لمح مازن هاتفه الذي فتح غطاءه وسقطت منه البطارية.. فمال بجسده ليلتقطه وهو يتنهد.. ومن ثم يغادر الغرفة مع مها.. وقبل ان يغلق الباب القى نظرة اخيرة على جسد ملاك الممد على الفراش.. واعتصرت قلبه قبضة باردة.. وشعر بالمرارة وهو يغلق الباب ويقول لمها: اطلبي من نادين ان تبقى معها بالغرفة ومن ثم تعالي الى غرفتي حتى نتحدث بهدوء واخبرك بكل شيء فهمته منها..
قالت مها مغمغمة: فليكن..
ابتعدت عنه ..وسارت الى حيث غرفة نادين لتطرق الباب .. ولكن نادين لم تكن في غرفتها.. ولمحت مها تطرق باب غرفتها فجاءتها لتقول متسائلة: ما الامر آنسة مها؟..
قالت مها بقلق وهي تلتفت لها: ملاك..
قالت نادين بحيرة: لقد اعددت لها الفطور.. هل تريد أي امر آخر؟..
التقطت مها نفسا عمبقا ومن ثم قالت: انها متعبة في غرفتها.. اذهبي للبقاء معها ريثما يأتي الطبيب..
شهقت نادين قائلة بخوف: مابها؟..
قالت مها بارتباك: حرارتها مرتفعة..
قالت نادين في سرعة وتوتر: سأذهب اليها في الحال..
شعرت مها في تلك اللحظة بخوفها يزداد على ملاك.. لم تعرف ما حدث تماما.. لكنها كانت تعلم ان السبب هي حنان .. شيء ما قالته هذه الاخيرة لملاك.. جعل حالتها النفسية تسوء الى هذه الدرجة..عن مازن.. او عن عجزها.. لا تعلم بالضبط و...
طردت تلك الافكار من ذهنها وهي تصعد درجات السلم ..وبينما هي كذلك.. شعرت بشخص يقف امامها مانعا اياها من المرور.. فرفعت رأسها اليها وما ان فعلت حتى قال: ماذا بها ملاك؟..
قالت مها وهي تتنهد: لا شيء .. دعني امر يا كمال..
تطلع لها كمال بنظرة باردة وقال:اظن انك سمعت سؤالي جيدا.. اخبريني ماذا جرى لملاك؟..
قالت مها بارتباك وهي تشيح بنظراتها: أأ.. حرراتها مرتفعة قليلا..
عقد كمال حاجبيه بحدة.. وبان على وجهه ملامح الضيق.. ومن ثم قال وهو يميل نحوها: وايضا؟..
لم تجبه مها.. فقال وهو يمسك ذراعها: اجيبي يا مها.. لقد سمعت صوت بكاءها وصراخها.. فما الذي حدث لها؟..
قالت مها وهي ترفع رأسها اليه: صدقني لا اعلم.. انا ايضا سمعت صوت صراخها مثلك.. فذهبت الى غرفتها وهناك ما ان رآني مازن حتى طلب مني ان اخبرها بأن حنان كاذبة.. وانها تريد التفريق بينهما ..
قال كمال وهو يضيق عينيه: اذا مازن ورفيقاته هم السبب فيما اصابها..
واردف قائلا: اكملي ..وماذا حدث بعد ذلك؟..
زفرت مها بحدة وقالت: بدأت ملاك بالصراخ وهي تتهمنا جميعا بأننا خدعناها واننا كنا نكذب عليها .. وبعدها طلب مني مازن الاتصال بطبيب ما عندما شاهدها في حالة هستيرية.. ففعلت ما طلب مني.. وعندما عدت اليه مجددا.. وجدت ملاك تنام على فراشها باعياء.. هذا كل ما اعرفه .. صدقني..
ترك كمال ذراعها وقال بغضب: لو اصيبت ملاك بأي مكروه .. فسيدفع شقيقك الثمن غاليا..
تطلعت له مها بدهشة في حين تركها هو ومضى في طريقه .. ومن ثم لم تلبث ان هزت رأسها بحيرة وهي تكمل صعودها لدرجات السلم.. وقبل ان تذهب الى غرفة مازن .. ذهبت الى غرفتها واتجهت الى هاتفها لتلتقطه.. ولكن استدعى انتباهها عدد المكالمات التي لم يتم الرد عليها.. كانت سبع مكالمات وكلها من حسام..
وابتسمت ابتسامة باهتة لتقول متحدثة الى نفسها: ( يبدوا واني في غمرة الاحداث التي جرت اليوم.. نسيت انك ستأتي لخطبتي هذا المساء يا حسام)..
وكادت ان تتصل به.. لكن رنين هاتفها قد سبقها .. فاجابت عليه بعد ان عرفت هوية المتصل: اهلا حسام ..كيف حالك؟ ..
قال حسام بحدة: في اسوأ حال.. أي برود تملكين يا مها؟ .. منذ ساعة وانا اتصل بك دون جواب.. قلبي يكاد يتوقف من شدة القلق والخوف عليك..
قالت مها بابتسامة شاحبة: لا تقلق انا بخير..
قال حسام عندما انتبه لرنة صوتها المتغير: مها.. هناك امر ما قد جرى..اخبريني هل الجميع بخير؟..
قالت مها مجيبة وهي تجلس على طرف فراشها: اجل الجميع بخير ..لكن ملاك متعبة قليلا.. عذرا لاني لم اجبك قبل قليل.. فقد كنت معها و...
قاطعها حسام قائلا بحنان: لا تعتذري.. لقد قلقت عليك ليس الا.. واتمنى ان تتعافى ملاك قريبا..
قالت مها بحزن: لا اظن..
- لم تقولين هذا؟..
قالت مها بأسى: قد يشفى المرء من مرضه الجسدي.. لكن كيف يمكن له ان يشفى من مرضه النفسي؟..
قال حسام بهدوء: لكل داء دواء.. وان كانت ملاك متضايقة من امر ما.. فحاولي ان توضحيه لها على حقيقته بأبسط طريقة .. وكذلك حاولي مواستها قدر الامكان والتخفيف عنها ..
ابتسمت مها وقالت: أي طبيب نفسي اعرف..
قال حسام بغرور مصطنع: المشكلة انك لا تقدرين امكانياتي ..
واردف قائلا بابتسامة حانية: والآن يا حبيبتي اخبريني ما هو شعورك هذا اليوم؟..
قالت مها بخجل: بكل تأكيد سعيدة.. اشعر بأني في حلم واني سأستيقظ في اية لحظة من كل هذه السعادة التي اشعر بها..
قال حسام بتأنيب: عدنا للأحلام من جديد..
ضحكت مها ضحكة قصيرة ومن ثم قالت: لا.. لن يكون هناك احلام بعد الآن.. بل هو واقع جميل سنحياه معا والى الابد..
قال حسام بابتسامة: اجل هكذا..
قالت مها عندما تذكرت مازن الذي ينتظرها في الغرفة: حسام.. انا مضطرة الآن للذهاب.. سأتصل بك فيما بعد..
قال حسام بحنان: حسنا.. واهتمي بنفسك عزيزتي..
قالت مها بحب:وانت كذلك.. والآن الى اللقاء..
- الى اللقاء واراك مساءا..
اغلقت مها الهاتف وهي تشعر بحب حسام قد استولى على مشاعرها وكيانها كله.. اصبح كالهواء الذي تتنفسه الذي لا يمكن لها ان تمضي ثانية دون ان تتذكره او تتحدث اليه..كالدماء التي تسري في عروقها..فقد اصبح حسام جزءا لا يتجزأ منها ومن حياتها..
نهضت مها من مكانها.. واتجهت الى غرفة مازن..وهناك طرقت باب غرفته مرتين متتاليتين دون اجابة.. وعاودت الطرق.. لكن لم تجد أي جواب.. وتطلعت الى الباب في حيرة.. ومن ثم لم تلبث ان فتحت قائلة: مازن .. أخرجت من...
بترت مها عبارتها.. عندما لمحت مازن يجلس على طرف فراشه.. لا.. لايمكنها ان تقول ان هذا هو مازن الذي تعرفه .. مازن الذي تعرفه لا تفارق الابتسامة شفتيه.. ويواجه أي مشكلة او صعوبات بسخرية او تحدي .. مازن الذي يفتعل أي شجار بينه وبينها حتى يتسلى قليلا بمضايقتها..
اما من امامها فقد كان ابعد ما يكون عن مازن الذي تعرف .. كان يجلس على طرف الفراش وينظر الى الفراغ.. وهو يطرق برأسه في مرارة.. وذراعاه تسندان رأسه وكأنه يحمل هموم العالم كله.. وقالت باشفاق: مازن.. مابك؟..
التفت لها مازن بهدوء وقال: متى دخلت الى الغرفة؟.. لم انتبه اليك..
قالت مها وهي تقترب منه وباهتمام قائلة:لا اظنك ستنتبه الى شيء وانت في هذه الحال.. اخبرني ما بك؟.. وماذا بها ملاك؟..
ابتسم مازن بسخرية مريرة وقال: ملاك؟.. لقد قالت انها تكرهني.. ولم تعد تريد ان تراني مجددا..
قالت مها وهي تهتف بصوت اقرب الى الرجاء: اخبرني ما حدث بينك وبينها حتى يحدث كل هذا..
اخبرها مازن بما حدث وما فهمه باختصار شديد.. ومها تستمع اليه وقلبها يشفق علىحالة ملاك التي لم تحتمل مثل هذه الصدمة ..واعقب قوله قائلا: صدقيني يا مها.. الرسائل التي رأتها في هاتفي كانت منذ اسبوع .. أي قبل عقد قراني عليها..
قالت مها بحدة: ولم لم تمسحها اذا؟..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: لم اتوقع ان تراها ملاك في يوم..
قالت مها وهي تمط شفتيها: لهذا السبب لم تقم بمسحها.. لأنك ظننت ان ملاك لن تراها.. ياله من مبرر!..على الاقل عليك ان تفهم انك الآن انسان متزوج عليك ان تقطع أي صلة لك بالماضي ..
قال مازن بصدق: اقسم لك يا مها.. لم تعد أي فتاة تهمني كالسابق.. لم اعد الاحق الفتيات واحاول الحصول على صداقتهن.. هذه الايام اجد نفسي.. لا اهتم بأي فتاة فاتنة تراها عيناي.. وكلما حاولت التفكير في فتاة ما.. ارى ملاك تخطر على ذهني.. لاتوجد فتاة قبلها سيطرت على تفكيري بهذه الطريقة.. ولا فتاة أثرت في مشاعري كل هذا التأثير.. شعوري تجاهها ليس شفقة.. كل ما افعله افعله لاني اريد ذلك.. اريد ان اهتم بها.. اريد ان احنو عليها.. اريد ان ارى ابتسامتها وارى نظرات الخجل في عينيها.. لم افكر يوما في ان اكون سببا لحزنها.. وهل تصدقيني ان قلت لك ان شعرت بحزن والم فظيع؟.. لأنها قالت لي اني كنت كل شيء في حياتها .. والآن لا شيء..
وقال وهو يزفر بحرارة مردفا :أخبريني يا مها.. ما الحل في رأيك؟ ..
قالت مها وهي تهز رأسها: لست اعرف.. لقد حذرتك يا مازن مرارا.. لكن انت لم تكن تستمع الي.. لو صارحتها قبلا.. لكن الوضع افضل بكثير من معرفتها من تلك الحقيرة حنان.. لا تعرف أي سموم بثتها في اذني ملاك الآن..
واردفت قائلة: ولا تنسى ان ملاك ليست لديها اية خبرة بنفوس البشر واطباعهم.. وكانت هذه اقوى صدمة قد مرت عليها وهي تظن ان الانسان الذي وثقت به وارتبطت به قد خدعها..
نهض مازن من مكانه وقال بحدة:لم اعد احتمل.. انت تزيدين الامر صعوبة.. فلنذهب لها .. فربما يأتي الطبيب بعد قليل..
نهضت مها من مكانها وهي تقول: اتتوقع ان ادافع عنك مثلا؟ ..او اقول ان ملاك لم يكن لديها حق بوصفك بالكاذب والمخادع .. او اقول انها قد بالغت فيما فعلته وانه يجب عليها ان تسامحك وتغفر لك خداعك لها..
قال مازن وهو يتطلع الى خاتم الخطبة الذي يحتل اصابعه: انا لم اقل هذا ولكن على الاقل تمنحني فرصة لاشرح موقفي لها..
قالت مها وهي تحدجه بنظرة حانقة: ما رأته بعينيها لا يحتاج الى شرح.. رسائل من فتيات يبثنك فيها الاشواق والحب..
هز مازن رأسه ومن ثم التفت عنها ليمضي في طريقه الى باب الغرفة ومها بدورها تبعته وغادرت الغرفة..ليهبطا الى الطابق الاسفل ويتوجهان الى غرفة ملاك.. وهناك شاهدت مها نادين وكمال اللذين ينتظران خارج غرفة ملاك.. فقالت مها متسائلة: هل جاء الطبيب؟..
التفتت نادين الى مها وقالت: اجل.. وهو معها في الغرفة الآن..
اما كمال فقد رمق مازن بنظرة تحمل كل معاني الغضب المكبوت بداخله.. واستغرب مازن من تلك النظرة وان لم يلتفت لها.. وانتظر بقلق خروج الطبيب..
افكارهم كانت مختلفة في تلك اللحظة.. بين كمال الذي يشعر بالغضب على مازن.. ومها التي تشعر بالقلق على ملاك.. ومازن الذي يشعر بالندم لما حدث لهذه الاخيرة بسببه ..ولكن كان يجمعهم خوفهم على ملاك وترقبهم لخروج الطبيب حتى يستفسروا منه عن حالتها..
وما ان خرج الطبيب حتى تعلقت به نظرات الكل.. وسأله مازن قبل الجميع قائلا: كيف حالها الآن ايها الطبيب؟..
قال الطبيب وهو يبتسم بهدوء ليطمئنهم: لا تقلقوا.. اعصابها متعبة قليلا.. وحرارتها مرتفعة فيبدوا انها تعرضت للجو البارد لفترة.. وستشفى باذن الله اذا لازمت الفراش ليومين وداومت على هذا الدواء..
قالها وهو يسلم مازن الورقة التي خط عليها اسم الدواء.. فقالت مها وهي تلتفت الى مازن بضيق: لابد وانها قد اصيبت بالحمى لكونها قد تعرضت للهواء البارد بالامس عندما اخذتها الى الشرفة..
قال مازن وهو يتنهد: هي من ارادت ذلك..وكل ما فعلته اني لبيت رغبتها.. انت لم تريها كيف كانت متضايقة عندما ادخلتها الى المنزل وحرمتها الجلوس تحت المطر كما كانت تتمنى..
واردف قائلا متحدثا الى الطبيب: شكرا لك يا ايها الطبيب.. واتعبناك معنا..
قال الطبيب بهدوء: لاشكر على واجب يا بني..
التفت مازن الى نادين وقال: اوصليه يا نادين..
اومأت نادين برأسها.. وسارت مع الطبيب مبتعدة عنهم.. في حين تقدم كمال من مازن وعيناه تحملان كل قسوة وغضب: الطبيب قال انها كادت ان تصاب بانهيار عصبي بسبب ما جرى لها عندما جاء.. فما الذي فعلته بها؟..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: لم افعل شيئا..
انقض كمال على ياقة قميصه ليقربه منه ويقول وغضبه يتضاعف: ما الذي فعلته بها؟..اجبني..
قال مازن وعيناه تتسعان بدهشة وهو يمسك بكف كمال ويحاول ابعادها عن ياقة قميصه: كمال.. هل جننت؟.. ابعد يدك عني..
قال كمال وهو يهتف بثورة ويتطلع اليه بعينان تقدحان شررا: لن اتركك قبل ان تخبرني ما الذي فعلته بملاك حتى اوصلتها الى هذه الحال؟..
مها التي توترت مما تراه امامها قالت بتردد: كمال.. مازن شقيقك الاكبر.. وعليك ان تحترمه وتـ...
قاطعها كمال بقوة وهو يشد من قبضته على ياقة قميص مازن: فليتعلم هو اولا احترام الآخرين ومشاعرهم.. قبل ان تطلبي مني ان احترمه..
ابعد مازن كف كمال عنه وقال بعصبية: لست اسمح لك.. اتفهم..
قال كمال بانفعال وهو يكور قبضته : لا يهمني ان سمحت لي ام لم تسمح.. ما يهمني ان لا تصاب ملاك بأي مكروه.. والا فالويل لك..
قال مازن بغضب: ملاك بخير.. ما حدث بيننا سوء تفاهم.. ثم لا تنسى انها زوجتي.. وانه ليس من حقك ان تتدخل بيننا ..
قال كمال وهو يحدجه بغضب ومن ثم يلتفت عنه: سنرى ان كان لي الحق في الدفاع عنها ام لا..
قالها وسار مبتعدا عنه .. وهو يتجه الى بوابة المنزل الرئيسية.. في حين قال مازن وهو يزفر بحدة ويلتفت الى مها: سأذهب لأحضار الدواء لها.. ابقي بجوارها..
اومأت مها برأسها.. وهم مازن بالابتعاد عن المكان لكنه توقف وعاد ليلتفت الى مها ليقول بصوت حاني: واهتمي بها جيدا ..
ابتسمت مها له مطمئنة.. وشاهدت مازن يبتعد عنها.. بخطوات مسرعة.. وكأنه يخشى ان يتأخر في احضار الدواء لملاك..وابتسمت ابتسامة شاحبة لتقول متحدثة الى نفسها : ( اخيرا بدأت اشعر ان الحجر قد لان.. وان قلبك الذي اغلقته عن حب ملاك.. بدأ ينبض لها.. لست الومك ..فمن يستطيع ان يعرف ملاك ولا يحبها؟.. ولكن...)
قطعت افكارها وهي تدخل الى غرفة ملاك.. وتتجه نحو فراشها.. واكملت حديثها مع نفسها قائلة وهي تتطلع الى وجه ملاك الشاحب: ( ولكن.. كيف يمكن لملاك ان تتخطى كل ما جرى لها..وتغفر لك ما سببته لها من صدمة ومعاناة ..و ايضا..)
عادت لتقاطع افكارها وهي تجذب مقعدا وتجلس الى جوار فراش ملاك .. وتنهدت بقوة وهي تتطلع الى ملاك بنظرة مشفقة .. ومن ثم تقول مستطردة بافكارها: ( ولست اعلم ان كان ما افكر به صحيح ام لا.. وان كان هذا من حسن حظك او سوءه.. ولكني شعرت اليوم .. انك قد حزت على حب اخوين.. احدهما احبك حب صامت لم يتمكن من التعبير عنه .. والآخر اغلق قلبه امام حبك.. لأنه كان ينظر لك كعاجزة.. وعاد ليفتحه لك ولكن متأخرا جدا..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس