close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > المنتديات العامـﮧ > الاسلام والشريعه > قصص الانبياء و الصحابه


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-31-2011, 10:50 PM   #1 (permalink)
نرجس
مستشارة المؤسس ~
زهرة نرجس

 
الصورة الرمزية نرجس

 آلحـآله ~ : نرجس غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 8333
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 فترة الأقامة : 5314 يوم
 أخر زيارة : 10-01-2013 (12:57 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : في قلوب المحبين
 المشاركات : 8,249 [ + ]
 التقييم :  45
  معدل التقييم ~ : نرجس is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 17016
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 اوسمتي
وسام شكر وتقدير 

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Crimson
 
 

مقاصد سورة يونس



انا : نرجس


سورة يونس هي السورة العاشرة بحسب الترتيب القرآني، وآياتها تسع ومائة آية. وهي سورة مكية في معظمها. ذكر الأصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فإنها مدنية، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكية، إلا ثلاث آيات من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا} (يونس:94) إلى آخر السورة.
تسميتها
ليس لهذه السورة سوى هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس، وهي أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما آمنوا. وذلك في قوله تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:98). وتلك الخصوصية كرامة لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.
فضلها
ورد في فضل سورة يونس بعض الأحاديث والآثار، هي وفق التالي:
- روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رُفعت ثنتان وبقي أربع.
- روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخذ السبع الأُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يونس إحدى الطول.
- وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (آلر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض} حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليها أبداً! ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين.
-*وروى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكى بكاء شديداً، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
مقاصد سورة يونس
اعتنت سورة يونس بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بآيات الله تعالى وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالى بأوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظة بالقرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصة قوم يونس الذين آمنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصة هي النموذج الإيجابي للغرض الذي اعتنت السورة بإبرازه.
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالى، وأفعاله، وتنزيهه، وآياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم وأعمالهم، ومحاجة مشركي مكة في ذلك كله، ولا سيما هداية القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بأحوال الرسل مع أقوامهم، فهي كسورة الأنعام في السور المكية، إلا أنها أكثر منها ومن سائر السور إثباتاً للوحي والرسالة، وتحديًّا بالقرآن، وبياناً لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد أو العقائد مكررة فيها بالأسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها أروع الإقناع والتأثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.
وعلى الجملة، يمكن تلخيص مقاصد سورة يونس على النحو التالي:
أولاً: بيان توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لأمور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من أوهامهم.
ثانياً: بيان حقيقة الوحي المحمدي وهو القرآن، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهداية خلقه. وبيان عقيدة الإيمان بكتبه تعالى في المرتبة الثانية بين الإيمان به، والإيمان برسله.
ثالثاً: بيان أمر النبوة عامة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
رابعاً: بيان عقيدة البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً إلى الله ربهم، الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان أن جزاء الآخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.
خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من أعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمة التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني.
سادساً: بيان الأعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يقابلها من الأعمال العامة. فمفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الإسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضى الإيمان، ولا يصح الإسلام فيكون إسلاماً إلا به.
سابعاً: وَصْفُ الكتاب بأنه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره. وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، فإنهم لما آمنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل* قطعاً على أن الآتي به، إنما هو الله الذي آمنوا به؛ إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا: {قد مس آباءنا الضراء والسراء} (الأعراف:95). ودلَّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الإلهية، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب. ومن أنه كلما انتفى في وقت تُقْبَل فيه التوبة، انتفى.
ثامناً: سجلت السورة عجز من نزل القرآن بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان أن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - أن يأتوا بمثلها، فلولا أنه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ إذ هو مركب من حروف كلامهم.
*


سورة يونس هي السورة العاشرة بحسب الترتيب القرآني، وآياتها تسع ومائة آية. وهي سورة مكية في معظمها. ذكر الأصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فإنها مدنية، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكية، إلا ثلاث آيات من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا} (يونس:94) إلى آخر السورة.
تسميتها
ليس لهذه السورة سوى هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس، وهي أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما آمنوا. وذلك في قوله تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:98). وتلك الخصوصية كرامة لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.
فضلها
ورد في فضل سورة يونس بعض الأحاديث والآثار، هي وفق التالي:
- روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رُفعت ثنتان وبقي أربع.
- روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخذ السبع الأُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يونس إحدى الطول.
- وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (آلر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض} حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليها أبداً! ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين.
-*وروى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكى بكاء شديداً، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
مقاصد سورة يونس
اعتنت سورة يونس بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بآيات الله تعالى وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالى بأوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظة بالقرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصة قوم يونس الذين آمنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصة هي النموذج الإيجابي للغرض الذي اعتنت السورة بإبرازه.
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالى، وأفعاله، وتنزيهه، وآياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم وأعمالهم، ومحاجة مشركي مكة في ذلك كله، ولا سيما هداية القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بأحوال الرسل مع أقوامهم، فهي كسورة الأنعام في السور المكية، إلا أنها أكثر منها ومن سائر السور إثباتاً للوحي والرسالة، وتحديًّا بالقرآن، وبياناً لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد أو العقائد مكررة فيها بالأسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها أروع الإقناع والتأثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.
وعلى الجملة، يمكن تلخيص مقاصد سورة يونس على النحو التالي:
أولاً: بيان توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لأمور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من أوهامهم.
ثانياً: بيان حقيقة الوحي المحمدي وهو القرآن، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهداية خلقه. وبيان عقيدة الإيمان بكتبه تعالى في المرتبة الثانية بين الإيمان به، والإيمان برسله.
ثالثاً: بيان أمر النبوة عامة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
رابعاً: بيان عقيدة البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً إلى الله ربهم، الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان أن جزاء الآخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.
خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من أعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمة التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني.
سادساً: بيان الأعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يقابلها من الأعمال العامة. فمفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الإسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضى الإيمان، ولا يصح الإسلام فيكون إسلاماً إلا به.
سابعاً: وَصْفُ الكتاب بأنه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره. وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، فإنهم لما آمنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل* قطعاً على أن الآتي به، إنما هو الله الذي آمنوا به؛ إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا: {قد مس آباءنا الضراء والسراء} (الأعراف:95). ودلَّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الإلهية، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب. ومن أنه كلما انتفى في وقت تُقْبَل فيه التوبة، انتفى.
ثامناً: سجلت السورة عجز من نزل القرآن بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان أن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - أن يأتوا بمثلها، فلولا أنه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ إذ هو مركب من حروف كلامهم.
*


سورة يونس هي السورة العاشرة بحسب الترتيب القرآني، وآياتها تسع ومائة آية. وهي سورة مكية في معظمها. ذكر الأصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فإنها مدنية، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكية، إلا ثلاث آيات من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا} (يونس:94) إلى آخر السورة.
تسميتها
ليس لهذه السورة سوى هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس، وهي أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما آمنوا. وذلك في قوله تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:98). وتلك الخصوصية كرامة لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.
فضلها
ورد في فضل سورة يونس بعض الأحاديث والآثار، هي وفق التالي:
- روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رُفعت ثنتان وبقي أربع.
- روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخذ السبع الأُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يونس إحدى الطول.
- وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (آلر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض} حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليها أبداً! ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين.
-*وروى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكى بكاء شديداً، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
مقاصد سورة يونس
اعتنت سورة يونس بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بآيات الله تعالى وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالى بأوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظة بالقرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصة قوم يونس الذين آمنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصة هي النموذج الإيجابي للغرض الذي اعتنت السورة بإبرازه.
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالى، وأفعاله، وتنزيهه، وآياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم وأعمالهم، ومحاجة مشركي مكة في ذلك كله، ولا سيما هداية القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بأحوال الرسل مع أقوامهم، فهي كسورة الأنعام في السور المكية، إلا أنها أكثر منها ومن سائر السور إثباتاً للوحي والرسالة، وتحديًّا بالقرآن، وبياناً لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد أو العقائد مكررة فيها بالأسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها أروع الإقناع والتأثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.
وعلى الجملة، يمكن تلخيص مقاصد سورة يونس على النحو التالي:
أولاً: بيان توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لأمور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من أوهامهم.
ثانياً: بيان حقيقة الوحي المحمدي وهو القرآن، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهداية خلقه. وبيان عقيدة الإيمان بكتبه تعالى في المرتبة الثانية بين الإيمان به، والإيمان برسله.
ثالثاً: بيان أمر النبوة عامة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
رابعاً: بيان عقيدة البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً إلى الله ربهم، الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان أن جزاء الآخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.
خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من أعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمة التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني.
سادساً: بيان الأعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يقابلها من الأعمال العامة. فمفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الإسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضى الإيمان، ولا يصح الإسلام فيكون إسلاماً إلا به.
سابعاً: وَصْفُ الكتاب بأنه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره. وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، فإنهم لما آمنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل* قطعاً على أن الآتي به، إنما هو الله الذي آمنوا به؛ إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا: {قد مس آباءنا الضراء والسراء} (الأعراف:95). ودلَّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الإلهية، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب. ومن أنه كلما انتفى في وقت تُقْبَل فيه التوبة، انتفى.
ثامناً: سجلت السورة عجز من نزل القرآن بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان أن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - أن يأتوا بمثلها، فلولا أنه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ إذ هو مركب من حروف كلامهم.
*


سورة يونس هي السورة العاشرة بحسب الترتيب القرآني، وآياتها تسع ومائة آية. وهي سورة مكية في معظمها. ذكر الأصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فإنها مدنية، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكية، إلا ثلاث آيات من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا} (يونس:94) إلى آخر السورة.
تسميتها
ليس لهذه السورة سوى هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس، وهي أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما آمنوا. وذلك في قوله تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:98). وتلك الخصوصية كرامة لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.
فضلها
ورد في فضل سورة يونس بعض الأحاديث والآثار، هي وفق التالي:
- روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رُفعت ثنتان وبقي أربع.
- روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخذ السبع الأُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يونس إحدى الطول.
- وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (آلر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض} حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليها أبداً! ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين.
-*وروى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكى بكاء شديداً، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
مقاصد سورة يونس
اعتنت سورة يونس بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بآيات الله تعالى وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالى بأوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظة بالقرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصة قوم يونس الذين آمنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصة هي النموذج الإيجابي للغرض الذي اعتنت السورة بإبرازه.
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالى، وأفعاله، وتنزيهه، وآياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم وأعمالهم، ومحاجة مشركي مكة في ذلك كله، ولا سيما هداية القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بأحوال الرسل مع أقوامهم، فهي كسورة الأنعام في السور المكية، إلا أنها أكثر منها ومن سائر السور إثباتاً للوحي والرسالة، وتحديًّا بالقرآن، وبياناً لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد أو العقائد مكررة فيها بالأسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها أروع الإقناع والتأثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.
وعلى الجملة، يمكن تلخيص مقاصد سورة يونس على النحو التالي:
أولاً: بيان توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لأمور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من أوهامهم.
ثانياً: بيان حقيقة الوحي المحمدي وهو القرآن، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهداية خلقه. وبيان عقيدة الإيمان بكتبه تعالى في المرتبة الثانية بين الإيمان به، والإيمان برسله.
ثالثاً: بيان أمر النبوة عامة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
رابعاً: بيان عقيدة البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً إلى الله ربهم، الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان أن جزاء الآخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.
خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من أعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمة التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني.
سادساً: بيان الأعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يقابلها من الأعمال العامة. فمفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الإسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضى الإيمان، ولا يصح الإسلام فيكون إسلاماً إلا به.
سابعاً: وَصْفُ الكتاب بأنه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره. وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، فإنهم لما آمنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل* قطعاً على أن الآتي به، إنما هو الله الذي آمنوا به؛ إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا: {قد مس آباءنا الضراء والسراء} (الأعراف:95). ودلَّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الإلهية، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب. ومن أنه كلما انتفى في وقت تُقْبَل فيه التوبة، انتفى.
ثامناً: سجلت السورة عجز من نزل القرآن بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان أن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - أن يأتوا بمثلها، فلولا أنه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ إذ هو مركب من حروف كلامهم.
*


سورة يونس هي السورة العاشرة بحسب الترتيب القرآني، وآياتها تسع ومائة آية. وهي سورة مكية في معظمها. ذكر الأصفهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنها مكية إلا آية واحدة، هي قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} (يونس:40)، فإنها مدنية، نزلت في اليهود. وقال البغوي: مكية، إلا ثلاث آيات من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا} (يونس:94) إلى آخر السورة.
تسميتها
ليس لهذه السورة سوى هذا الاسم، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم يونس، وهي أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب، فعفا الله عنهم لما آمنوا. وذلك في قوله تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:98). وتلك الخصوصية كرامة لـ يونس عليه السلام، وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك.
فضلها
ورد في فضل سورة يونس بعض الأحاديث والآثار، هي وفق التالي:
- روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول، وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح رُفعت ثنتان وبقي أربع.
- روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخذ السبع الأُول، فهو حبر). وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يونس إحدى الطول.
- وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (آلر)، فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حاميم)، فقال: مثل مقالته، فقال: اقرأ ثلاثاً من (المسبحات)، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله! أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت الأرض} حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليها أبداً! ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين.
-*وروى ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس:61)، فبكى بكاء شديداً، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبت ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
مقاصد سورة يونس
اعتنت سورة يونس بالحديث عن الموعظة والدعوة بالترغيب؛ ولذلك افتتحت بالتذكير بآيات الله تعالى وبيان حال المكذبين بها، وتخلل ذلك عَرْض للطف الله تعالى بأوليائه، وعباده المؤمنين والتائبين. وتضمنت الموعظة بالقرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57)؛ ولذلك تضمنت قصة قوم يونس الذين آمنوا بعد ما دعاهم يونس، وهددهم بالعذاب، فكشف الله عنهم العذاب، فهذه القصة هي النموذج الإيجابي للغرض الذي اعتنت السورة بإبرازه.
وسلطت آيات السورة الضوء على أصول عقائد الإسلام، التي كان ينكرها مشركوا العرب، وهي: توحيد الله تعالى، والوحي والرسالة، والبعث والجزاء، وما يناسب هذه العقائد الثلاث ويمدها من صفاته تعالى، وأفعاله، وتنزيهه، وآياته، وسننه في خلقه، وشؤون البشر في صفاتهم وعاداتهم وأعمالهم، ومحاجة مشركي مكة في ذلك كله، ولا سيما هداية القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بأحوال الرسل مع أقوامهم، فهي كسورة الأنعام في السور المكية، إلا أنها أكثر منها ومن سائر السور إثباتاً للوحي والرسالة، وتحديًّا بالقرآن، وبياناً لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده. وهذه المقاصد أو العقائد مكررة فيها بالأسلوب البديع، والنظم البليغ، بحيث يُحْدِث في نفس سامعها وقارئها أروع الإقناع والتأثير، من حيث لا يشعر بما فيه من التكرير.
وعلى الجملة، يمكن تلخيص مقاصد سورة يونس على النحو التالي:
أولاً: بيان توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وصفات عظمته وعلوه، وتدبيره لأمور عباده، وتصرفه فيهم، وفضله عليهم، ورحمته بهم، وعلمه بشؤونهم، وتنزيهه عن ظلمهم، وعما لا يليق به من أوهامهم.
ثانياً: بيان حقيقة الوحي المحمدي وهو القرآن، وكونه كتاباً منزلاً من عند الله سبحانه لهداية خلقه. وبيان عقيدة الإيمان بكتبه تعالى في المرتبة الثانية بين الإيمان به، والإيمان برسله.
ثالثاً: بيان أمر النبوة عامة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
رابعاً: بيان عقيدة البعث والجزاء، وذكر رجوع الناس جميعاً إلى الله ربهم، الذي يبدأ الخلق بأجناسه وأنواعه المختلفة، وتفصيل جزاء المؤمنين والكافرين، وبيان أن جزاء الآخرة أثر لازم لسلوك العبد في الدنيا.
خامساً: بيان صفات البشر وخلائقهم وعاداتهم، وما يترتب عليها من أعمالهم، وسنن الله فيها، وبيان الصفات الذميمة التي تجب معالجتها بالخُلُق الديني.
سادساً: بيان الأعمال الصالحات التي هي الركن الثالث مما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يقابلها من الأعمال العامة. فمفهوم الإيمان التصديق الإذعاني الجازم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين، وهو يستلزم العمل به، ومفهوم الإسلام التسليم والانقياد بالفعل، وهو العمل بمقتضى الإيمان، ولا يصح الإسلام فيكون إسلاماً إلا به.
سابعاً: وَصْفُ الكتاب بأنه من عند الله؛ لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه؛ وذلك دال بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره. وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، فإنهم لما آمنوا كشف الله عنهم العذاب، فدل* قطعاً على أن الآتي به، إنما هو الله الذي آمنوا به؛ إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا: {قد مس آباءنا الضراء والسراء} (الأعراف:95). ودلَّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما هو معهود من السنن الإلهية، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب. ومن أنه كلما انتفى في وقت تُقْبَل فيه التوبة، انتفى.
ثامناً: سجلت السورة عجز من نزل القرآن بلسانهم عن معارضته؛ وذلك ببيان أن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم، ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - أن يأتوا بمثلها، فلولا أنه من عند الله، لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالاً؛ إذ هو مركب من حروف كلامهم.
*




 

رد مع اقتباس
قديم 09-02-2011, 07:06 AM   #2 (permalink)
نرجس
مستشارة المؤسس ~
زهرة نرجس

 
الصورة الرمزية نرجس

 آلحـآله ~ : نرجس غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 8333
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 فترة الأقامة : 5314 يوم
 أخر زيارة : 10-01-2013 (12:57 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : في قلوب المحبين
 المشاركات : 8,249 [ + ]
 التقييم :  45
  معدل التقييم ~ : نرجس is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 17016
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 اوسمتي
وسام شكر وتقدير 

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Crimson
 
 

افتراضي رد: مقاصد سورة يونس



انا : نرجس


وين ردودكم


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماهي الحكمه من قراءة سورة الكهف يوم الجمعه.؟ $بنت شيوخ$ الاسلام والشريعه 5 03-20-2011 05:25 PM
فضل سورة البقرة كلى ذووووق الاسلام والشريعه 9 11-26-2010 09:11 AM
قصص الانبياء بنـ البدو ـت الاسلام والشريعه 39 08-26-2010 10:07 AM
ريفالدوو MAJR0O7EN نجۈم آلملآعب 4 12-28-2007 11:27 PM


الساعة الآن 08:16 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0