منتديات بنوته

منتديات بنوته (http://www.bnota.net/vb/index.php)
-   للروايات المكتمله (http://www.bnota.net/vb/forumdisplay.php?f=102)
-   -   أسى الهجران (http://www.bnota.net/vb/showthread.php?t=11399)

قمرهم كلهم 10-04-2010 11:53 AM

رد: أسى الهجران
 
غرفة مشعل بن عبدالله

بعد أن سلم مشعل من صلاته التفت على هيا وجدها ماتزال جالسة على نفس جلستها
سألها: ماتبين تنامين؟؟

هيا بتوتر: لا مافيني نوم..

مشعل بهدوء: لنا تقريبا يومين ما نمنا.. أكيد تعبانة وبكرة وراش مشاوير
لطيفة قالت لي.. قومي نامي

هيا بخجل كاسح والكلمات تقف في بلعومها: وين أنام؟؟

مشعل انتبه للتو لسبب حرجها
تنهد: نامي على السرير أنا بأنام على الكنبة
ومافيه داعي تحرجيني بخجل ماله داعي
احنا صار لنا شهرين متزوجين وما أعتقد أني ضايقتش خلالها بشيء

هيا بحرج: خلاص بأقوم أجيب لك غطا

هيا بحثت عن أية أغطية لكنها لم تجد

مشعل بهدوء: ماراح تلاقين
المفارش والبطانيات الزايدة وحتى الجديدة كلها في غرفة تخزين الفرش فوق
أنا بأروح أجيب لي

هيا برجاء: لا مشعل تكفى لا تروح

مشعل باستغراب: ليش؟؟

هيا بخجل مر: وش يقولون لو حد شافك جايب لك فراش؟؟

مشعل بهدوء وهو يريد الخروج: ماعلي من حد..

هيا يخجل أكبر: بس أنا علي..ما أبي حد يحس أن فيه شيء غير طبيعي بيننا

مشعل وهو يتجاوزها ويخرج ويقول بعتب بنبرة خاصة:
زين إنش حاسة إنه شيء غير طبيعي..

ثم أكمل:
ولا تخافين لو حد شافني بأقول نبي لنا غطا زيادة لأنه أنتي تبردين في الليل

هيا كان كل تفكيرها بجملته العاتبة:
(زين إنش حاسة إنه شيء غير طبيعي..)

غرفة فارس

يتمدد الجسد الضخم على سريره وظهره مسند إلى ظهر السرير
هاتفه بيده يدق بثقة
وقلبه به زلازل وبراكين واعاصير

على الطرف الآخر
العنود متوترة
متوترة جدا.. لم تكن تريد أن ترد عليه
ولكنها لم تكن تريد أن تأزم الوضع بينهما

رن هاتفها انتفض قلبها بعنف
ردت بصوتها الذي ينحره نحرا: هلا

(آه ياقلبي.. أحلى هلا سمعتها في حياتي
مستحيل يكون هذا صوت بشري
هذا معجزة
أسطورة
سحر
خيال
أي شيء مبهر إلا أنه صوت بشري عادي
مستحيل.. مستحيل)

فارس بهدوء: هلا بش

صمت على الطرف الآخر

فارس بنفس هدوءه: ليش ساكتة؟؟

العنود بتوتر تحاول تغليفه بالهدوء: أنت اللي تبيني

(إيه والله أني أبيش وأبيش وابيش
ولأخر قطرة في دمي أبيش)

فارس تنحنح ليقول بثقة: وش اللي سويتيه اليوم؟؟

العنود بعتب: وممكن أنا أسأل نفس السؤال وأقول وش اللي أنت سويته اليوم؟؟

فارس بثقة: أنا ما سويت شيء

العنود بحزن: إذا أنت ما سويت شيء.. أنا ماسويت شيء بعد

فارس بنبرة غضب خفيفة: وإنش تخلين موضي تكلمني.. شتسمينها؟؟

العنود عبراتها بحلقها: وإنك تكلم بنت في مكان عام
لا والبنت توشوشك في أذنك.. شتسميها؟؟

فارس شعر بقلبه يهوي وهو يعرف من تغير صوتها انها تغالب بكائها
لم يعرف كيف يشعر أو يتصرف
أ يتمزق لأنها تبكي؟!!
أو يعاتبها لأنها شكت فيه؟!!
أو يغضب لأنها ضخمت القصة –من وجهة نظره- وأدخلت موضي فيها؟؟
أو
أو
يجن سعادة لأنها تغار عليه؟؟
نعم تغار عليه لدرجة أن تبكي وتتألم لمجرد رؤيته مع أخرى؟!!

( أ تغارين علي يا صغيرتي؟!!
أحقا تغارين؟؟
ما أسعدني هذه الليلة بأحاسيسك!!
هل حقا تحملين لي شعورا ما
بعد أن مزقتي قلبي من فرط المشاعر لكِ؟!)

الطرفان يتبادلان الصمت

العنود مازالت تغالب عبراتها لا تريد أن تبكي وهو يسمع
(يبدو أن لا أهمية لمشاعري عنده
لم يفكر أن يبرر لي... أن يعتذر
أن يكذب حتى ..كما هو مفترض من شاب في موقفه
لمجرد أن يرضيني)


العنود صوتها أصبح أكثر اختناقا كانت أول من قطع الصمت:
خلاص فارس تبي شيء أو أسكر؟؟

فارس شعر أن قلبه يتمزق أشلاء وهو يسمع صوتها المختنق
همس لها بهدوء: العنود اسمعيني
أنا ما أدري أشلون أنتي فسرتي اللي شفتيه
لكن أنا ما أبرر تصرفاتي لأحد
وخصوصا لما أكون أنا ماغلطت نهائي

العنود ماعادت تحتمل قسوته وعجرفته
( أ يصعب عليه لهذه الدرجة أن يطيب خاطري؟؟)
غصبا عنها ارتفع صوت بكائها وهي تشهق وتقول:
أنت ليش قاسي كذا؟؟
ليش؟؟
والا أنا مالي قيمة عندك لدرجة أنك مستخسر فيني أنك تطيب خاطري بكلمتين
يعني مكلف على نفسك تتصل عشان تجرحني وبس
يعني رجولتك الغالية بتنهز لو راضيتني بكلمة حتى وإن كانت كذب

ثم أنهت هي الاتصال
لتترك فارس ممزقا
فهو منذ سمع بكائها شعر بطعنات تتوالى على روحه مع كل شهقة من شهقاتها
كل شهقة كانت سهما مراشا يخترق روحه

(أين خزعبلات الانتقام يافارس
إن كنت لم تحتمل حتى سماع بكائها
فكيف لو رأيتها تبكي؟!)

كان فارس يريد أن يتصل بها مرة أخرى
يريد أن يعتذر لها ألف مرة
ويبرر ألف مرة
ويقول أنه يحبها ويعشقها ويذوب من أجلها آلاف آلاف المرات
أن يقول لها: أرجوكِ لا تبكي
بكائكِ ينحرني


ولكن مايريده شيء
ومايقدر عليه ويسمح له كبرياءه به هو شيء آخر تماما



***************************



غرفة مشعل بن عبدالله

مشعل عاد بغطائه
كانت هيا تجلس على السرير
تخجل أن تتمدد أمامه

مشعل خلع ثوبه ووضعه في سلة الغسيل وبقي بفانيلته وسرواله الأبيضين
نبه هاتفه للصلاة
أطفأ الأنوار بقي فقط نور الأباجورة المجاورة للسرير عند هيا
ثم تمدد على الكنبة وهو يتمتم بأذكاره
انتهى وهي مازالت تجلس
همس بهدوء: أشفيش هيا؟؟

هيا لا تعرف ماذا تقول.. صمتت

مشعل يكرر السؤال: فيش شيء؟؟

هيا بخجل: لا.. إذا نمت أنت.. نمت أنا

مشعل يعطيها ظهره وهو يقول هذا أنا نمت.. نامي

هيا تمددت وهي تسحب شعرها لجوارها
نسيت أن تسأله عن توقيت الصلاة
خجلت أن تكلمه.. لم تكن تريد أن تسأله الآن
توقعت وقت تقريبي ونبهت هاتفها
لأنها لم تكن تريده أن يصحو قبلها ويراها نائمة

تركت الضوء جوارها مضاء ونامت بعد لحظات من شدة التعب



غرفة مشعل ولطيفة

مشعل بهدوء: تهربين مني؟؟

لطيفة بسخرية: وليش أهرب منك؟؟

مشعل بهدوء مسيطر: أسألي روحش

لطيفة ببرود : سألتها وتقول إنك غلطان.. والحين خلني أروح أنام

مشعل شد يدها التي يمسك بها
رفعها إلى شفتيه.. وطبع في باطن كفها قبلة طويلة عميقة
ثم أفلتها وهمس بنبرة خاصة: الحين روحي نامي

لطيفة ارتعشت أعماقها بعنف
كزوجين مضى على زواجهما 13 عاما
ومر بهما مئات اللمسات المشتركة
لما هزتها قبلته هذه؟!!
لما بدت لها مختلفة؟!!
بل ومختلفة جدا
بدت دافئة جدا وعميقة جدا
وموجعة جدا
موجعة لأبعد حد..

لطيفة غادرته
وهو بقي واقفا في مكانه

لطيفة تمددت على سريرها وهي مازالت ترتعش
بعدها بلحظات وصل هو
تمدد جوارها
دون أن يكلمها

ولو أنه فعل
لربما كانت انهارت
كان سيصل لمبتغاه لو أنه انتهز فرصة ضعفها الحالي
قبل أن تتماسك وتعاود تجميد مشاعرها ورص حصونها
التي دكها بقبلته التي تحرق كفها
كفها الذي تحتضنه الآن قريبا من صدرها

ولكن مشعل كان له مخطط آخر
مخطط يطهوه على نار هادئة
كما تفعل لطيفة به تماما
وهي تتسلى بطهي مشاعره وأعصابه ورغباته على نار هادئة

(إذا كانت لا تصدق أن تتدفق مشاعري فجأة كما تقول
لنذقها التدفق التدريجي
شيئا فشيئا)



قبل صلاة الفجر بقليل
منبه مشعل يرن.. صحا وأطفئه فورا

يركز بصره بهدوء
النور مازال مضاء بجوار هيا
جلس وهو ينظر لها
دقائق مرت وهو ينظر إليها وهي مستغرقة في النوم
كم تبدو قريبة وبعيدة
وكم يؤلمه هذا القرب البعيد
كم هي رائعة وهذا الشعر الموجع يتناثر حولها
كم يتمنى لو يدفن وجهه في طياته
يستنشق عبيره من قريب
يكون مخدته وغطائه

انتزعه صوت منبهها من أفكاره التي ذهبت بعيدا بألم
كان صوته حادا وعاليا
نهض ليطفئه
وهو يمد يده لتناوله
كانت تمد يدها لتمسك بيده بدلا من هاتفها
انتبهت مرعوبة
وقفزت لتجلس بعد أن كفت يدها وهي تشعر بخجل كاسح
مشعل أطفأ جرس هاتفها
ومرت لحظات وهما يتبادلان النظرات
مشعل واقف وهي جالسة
(لماذا كل هذه التعقيدات بيننا؟؟
لماذا؟؟
هأنا واقف أتمزق شوقا لها ورغبة بها
وهي زوجتي
ما هذا الجنون الذي نمارسه؟!)

مشعل تنهد وهو يقول: أنا بأتوضأ وأروح للصلاة

هيا هممت بكلمات غير مفهومة

ومشعل توجه للحمام




قبل صلاة الفجر
غرفة مريم


مازالت مريم لم تنم
ماحدث البارحة يلتهم تفكيرها
يلوكه ويمضغه ويلفظه في حلقة متصلة من التفكير الذي لا يهدأ

(سعد
غريبة؟؟
واحد مثل سعد وش يبي بوحدة مثلي
ضريرة لا وكبيرة في السن بعد
وهو يقدر يتزوج أحسن بنت
بعده شباب وعنده خير
وش يبي فيني أنا
وش يبي فيني؟؟)


تتذكر حوارها مع مشعل

مشعل بهدوء: مريم سعد بن فيصل كلمني عليش

مريم انتفضت بعنف: كلمك علي أشلون

مشعل ابتسم: أشلون يعني بعد.. خطبش
تدرين أنا وياه ربع
وهو كلمني أول عشان أخذ رأيش
لو أنتي موافقة كلم إبي
رجال في هيبته مايبي يحرج نفسه لو أنتي رافضته
والموضوع كله بيننا ثلاثتنا لين توافقين

مريم وقفت وهي تقول بعصبية: لا طبعا.. لا

مشعل وقف وشد يدها وأجلسها وهو يقول بمنطقية:
مريم طول عمرش أعقل وحدة فينا.. وصمام الأمان لنا كلنا
مهوب تجين عند نفسش وتخونش الحكمة
سعد ما ينرفض..
وإذا تقبلين بشهادتي.. أنا أبصم له بأصابعي العشر وأنا مغمض إنه سعد رجال مافيه مثله ثنين

مريم بحزن: أعرف سعد زين ولأنه رجال كامل والكامل وجه الله
وش يبي بوحدة مثلي..

مشعل بغضب: وأنتي وش قاصرش جمال ووعقل وبنت محمد بن مشعل........

قاطعته مريم كأنها تنزف الكلمات: وعمياء وكبيرة في السن

مشعل بغضب رقيق: مريم ما اسمح لش تقولين كذا على نفسش

مريم بحزن أرق: أنت لا تسمح لي.. بس رفضك للحقيقة مايلغيها

مشعل تنهد: مريم اخذي وقتش وفكري
سعد ملزم عليش فوق ما تتصورين.. ويقول إنه شاريش
ومن ناحية ثانية لا تخلين شيء يخليش توافقين إلا رغبتش أنتي
لأنه بيوتنا كلها لش أنتي الداخلة واحنا الطالعين


وهاهي مريم مازالت تفكر.. مثقلة بالهم وممزقة من التفكير
وبروحها تهب نسمة أمل ما
نسمة باردة في هجير حياتها


************************



هيا بعد أن صلت الفجر
قررت أن تبدل ملابسها وتنزل لرؤية جدتها
وفي ذات الوقت تتلافى رؤية مشعل في غرفتهما
يكفيها ضغط البارحة واليوم

لبست جلالها وأحكمت لفه على وجهها بعد أن أبدلت ملابسها ونزلت

دخلت إلى غرفة جدتها
الباب الذي رأت جدتها تدخل منه البارحة
وبالفعل كانت غرفة جدتها تحمل رائحة عميقة وأصيلة
وتفوح من الغرفة رائحة البخور المعتق

كانت غرفة شاسعة بها سريرين
سرير للجدة
وسرير آخر تستخدمه مشاعل أو أم مشعل وحاليا موضي حين يشعرون أن الجدة قد تكون متعبة

وبطرفها جلسة لطيفة تتسع لسبعة أو ثمانية

كانت جدتها ماتزال تصلي
جلست قريبا منها
حتى أنهت صلاتها
كانت الجدة مكشوفة الوجه
وحين سلمت من صلاتها ورأت هيا
ابتسمت وهي تتناول برقعها لتلبسه
ولكن هيا التي توجهت لها وسلمت واحتضنتها وقبلت كتفها ويدها
ثم أمسكت ببرقعها وهي تقول: لا خليني أشبع من وجهش أول

الجدة بابتسامة وهي تضع طرف جلالها على وجهها:
عيب عليش يا بنت.. خاف يجي عمش الحين وأنا ماعلى وجهي شيء

هيا بمرح: مشعل يقول أني أشبهش.. خليني أشوف
وإلا مشعل حلال يشوف وجهش وأنا لا

وهما تتحاوران حوارا مشبعا بالمرح والحنان دخل عليهم خيال صغير
يقول بمرح: وينها بنت عمي اللي من البارح أدورها ولا صدتها
وينها الخاينة اللي خذت أخي وخانتني؟؟

وقفت هيا بسعادة وشوق لاستقباله
فهي مشتاقة لهذا الفتى الذي كانت تهاتفه تقريبا بشكل يومي
رسمت له صورة في بالها من خلال حوارها معه
ولكن الصورة التي رسمتها كانت مختلفة تماما عن الحقيقة


قمرهم كلهم 10-04-2010 12:02 PM

رد: أسى الهجران
 

غرفة الجدة أم محمد

بينما هيا وجدتها تتحاوران حوارا مشبعا بالمرح والحنان دخل عليهم خيال صغير
يقول بمرح: وينها بنت عمي اللي من البارح أدورها ولا صدتها
وينها الخاينة اللي خذت أخي وخانتني؟؟

وقفت هيا بسعادة وشوق لاستقباله
فهي مشتاقة لهذا الفتى الذي كانت تهاتفه تقريبا بشكل يومي
رسمت له صورة في بالها من خلال حوارها معه
ولكن الصورة التي رسمتها كانت مختلفة تماما عن الحقيقة

ضحكت هيا حين رأته وهي تقول له (بعيارة):
ومسوي لروحك شخصية وأثرك شبر القاع ياولد عمي..

سلطان يقترب منها ويسلم دون أي ملامسة ولا حتى مصافحة كما تربى
مع أن هيا كانت تود تقبيله فعلا
وهو يقول بمرح: أخ جيتي لي عالوجيعة..

لم يكن سلطان طويل اللسان سوى طفل حقيقي قصير القامة
ولم تبدو عليه أي بوادر للفوران المبكر التي قد تبدو على من هم في سنه
هو في الثالثة عشرة ويبدو للناظر كما لو كان في التاسعة..

يقترب من جدته التي تحتضنه وتقول له بحنان: ماعليك منهم
مشعل يوم إنه كبرك كان أقصر منك
بتغدي أنت أطول منهم كلهم

سلطان يرقص حاجبيه لهيا: شفتي بكرة بأغدي أطول من رجالش
وأنتي بتحسفين إنش خليتيني عشانه

هيا تضحك: سليطين غن وراي ياليل ما أطولك

سلطان يضحك: خاينة وسراقة بعد..
على الأقل أنا أحسن من رجالش الزرافة
أشلون تفاهمون ما أدري
أكيد أنتي إذا بغيتي تقولين له شي تكتبينه في ورقة وتسوينها طيارة وتطيرينها له

هيا بداخلها تكاد تموت من الضحك لكنها قلبت شفتيها وهي تقول بسخرية:
حبوا لي خشمه ما أطوله
ويلك بس تصير مثل ميشو حبيبي

يقاطع حوارهما المرح صوت يقول بنبرة خاصة: سامع حد يدلعني

هيا كحت من الحرج وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها

وسلطان يقول بمرح: ياحظك يا مشيعل بس
جعل يسقى عقب 20 سنة الاقي لي وحدة تغازلني قدام الناس مايهمها حد

هيا كان بودها أن تخنق سلطان الذي بدأ في مبالغاته:
تعال شوف مرتك وهي تغزل فيك..
تصدق شكيت هي تكلم عن أخي مشعل
وإلا تكون تحسب روحها خذت رئيس أمريكا

مشعل ينظر لهيا نظرة خاصة ويبتسم ابتسامة جانبية
وهو يرى وجهها الذي احمر وبدأ يتصبب عرقا
يسلم على جدته التي لبست برقعها
ويجلس جوارها ويسأل سلطان: ليه وش قالت لك؟؟

سلطان ينعم صوته ويقول بطريقة أنثوية مصطنعة:
مشعل حبيبي فديت روحه مافيه مثله اثنين.. ليت كل الرياجيل مثله
ولا ليش مثله.. ليت كل الرياجيل فدوتن له.. جعل يومي قبل يومه
وه بس فديت طاري مشعل واسم مشعل

هيا بدأت تكح بصوت مسموع وهي لا تعرف من أين أتى هذا الفتى بهذه التخاريف

وسلطان يكمل وهو ينظر لهيا ويرقص حاجبيه دون أن ينتبه مشعل:
فديت طول حبيبي مشعل وفديت رزته..
وشبر القاع راحت عليه
وحبو لي خشمه ما أطوله
والناس الخاينين يستاهلون اللي جاهم
عشان ماعاد يحارشون شبر القاع

مشعل لم يفهم الجزء الأخير من كلامه
ولكن هيا فهمت أنه ينتقم منها لأنه سمته )شبر القاع(
لم تستطع منع نفسها من الابتسام
لهذا الفتى قدرة عجيبة على شرح الخاطر وشق الابتسامة في الوجوه

وقدرة أخرى عجيبة في كسر الحواجز الغبية المرتفعة
حاجز ما انكسر بين هيا ومشعل
كلاهما شعر بهذا بوضوح وارتياح شفاف
هو سمعها تتغزل به حتى وإن كانت لتغيظ سلطان
وهي لم تنكر كلام سلطان وكأنها كانت تتمنى فعلا أن تقوله

الجدة بعذوبة: زين يأمكم أنا أبي أتمدد شوي لين شرقة الشمس
البارحة رقادي مهوب زين..

مشعل باحترام: خلاص يمه نخليش براحتش..

وسلطان بمرح: وأنا بأروح أنخمد شوي قدام تجيني موضي تذهني للمدرسة مثل القضاء المستعجل

هيا بحرج: بأنام عندش يمه

الجدة برفض: لا يأمش روحي مع مشعل

مشعل بهدوء: خليها يمه.. هيا ماشبعت منش..

مشعل خرج.. وهيا تجلس بجوار سرير جدتها التي تمددت
جدتها همست لها بحنان: قومي يأمش انسدحي على السرير الثاني

هيا بحنان ممزوج بالحنين وهي تحتضن كف جدتها: باقعد جنبش لين تنامين



الساعة العاشرة صباحا

هيا تصحو من النوم.. تنظر لسرير جدتها الخالي
تبتسم بحنان وهي تتذكر كيف أنها بقيت بجوار جدتها حتى استغرقت في النوم
وكان لديها استعداد أن تبقى تراقبها لساعات دون ملل


هيا الآن تريد أن تغسل وجهها وأسنانها وتبدل ملابسها
استعدادا للخروج مع لطيفة التي قالت أنها ستخرجان العاشرة والنصف

تريد الذهاب لغرفتها
(هل مشعل هناك أو خرج؟؟)

حين خرجت من غرفتها وجدت جدتها وأم مشعل جالستان
عند قهوة الصباح
قبلت رأسيهما
وكم شعرت بسعادة مختلفة وهي ترى هذا الصباح المختلف
روح مختلفة ترفرف حولها
سكينة وإطمئنان وإنشراح قلب
أم مشعل بحنان: اقعدي تقهوي مشاعل وموضي بينزلون ذا الحين؟؟

هيا بتوقير: بأغسل وأبدل وأجي الحين

صعدت هيا فتحت باب غرفتها بهدوء
كان الضوء خافتا بالداخل
(أي أنه لا يزال نائما)

دخلت بالفعل كان مشعل نائما
وكان نائما على السرير وغطاه متكوم عند قدميه

شعرت هيا بحنان متعاظم ناحيته
كيف استطاع تحملها طوال الأسابيع الماضية
حرمته من أبسط حقوقه المفترضة ولكنه لم يقسُ عليها يوما
صبت عليه كل كراهيتها لأهل والدها وتحملها
شعرت بالضآلة أمامه وهو يتسامى فوق أحقادها وعنادها وتصرفاتها الغريبة
هاهو ينام بسكينة وملامحه الأثيرة مسترخية بشموخ حتى وهو نائم
دموعها تنسكب على خديها بدون أن تشعر

اهتزت أعماقها وهي تحاول نفض أفكارها الملتصقة بتلافيف مخها
توجهت للحمام واغتسلت سريعا
وأبدلت ملابسها
جهزت عباءتها وشيلتها ونقابها كانت تريدها أن تكويها
ستسأل موضي عن ذلك

قبل أن تخرج مرت بمشعل وهي تتأمله مرة أخرى بحنان أكبر وأكبر
اقتربت منه بهدوء
جلست جواره تتأمله من قرب
حزن شفاف يكتسح روحها من أجله
كم كان صبورا ورائعا معها
كان رجلا بكل معنى الكلمة
رجلا نادرا قل نظيره
(على قولت سليطين ليت كل الرياجيل فدوتن لك)

شعرت أن مشاعرها تضغط عليها بعنف
اقتربت أكثر وأكثر
قربت شفتيها من وجهه
لتطبع قبلة خفيفة وخاطفة على عظم وجنته
شعرت أن دقات قلبها تتصاعد كما لو كانت ارتكبت جريمة ما
واحساس متعاظم بالخجل يلفها وهي تنهض لتغادر وتغلق باب الغرفة وراها
وهي تحمد الله أن مشعلا لم يستيقظ
دون أن تنتبه أن هناك عينين انفتحتا ببطء
مع ارتسام ابتسامة نصر وشجن وسعادة على وجه صاحبها
( لو أدري كان جينا الدوحة من زمان)


صالة بيت مشعل بن عبدالله السفلية
الستائر مرفوعة عن الشبابيك الضخمة
ونور الشمس القوي يغمر الصالة الواسعة

نزلت هيا لتجد جدتها وأم مشعل وموضي ومشاعل
سلمت

موضي تفسح لها مكان لتجلس جنبها: تعالي جنبي
شكلش محتاجة حنان.. تعالي يأمش أنا عندي فائض حنان

هيا تضحك: ومن قال لش يافائض الحنان أنتي؟؟

موضي تبتسم: طليت الصبح على جدتي لقيتي نايمة عندها
ومهملة أخيي المسيكين..
قلت أكيد محتاجة شوي حنان أمومي..

رغم إحساس هيا بالحرج إلا أنها ردت على موضي:
يا أختي أخيش زهق مني شهرين مقابل وجهي
قلت خله يرتاح مني

أم مشعل بحنان: الله لا يغير عليكم
هاش يأمش فنجال قهوة
مشاعل قربي القدوع من هيا..

هيا تناولت الفنجان وهمست لموضي: أبي أكوي عباتي

موضي بصوت عالي: ميشو.. قومي فزي اخذي عباية هيا
وعطيها وحدة الشغالات تكويها

هيا بخجل: لا تامرين على مشاعل أنا بأوديها

مشاعل ابتسمت وهي تتناول عباءة هيا من المقعد:
أنتي عروستنا.. لازم ندلعش

هيا تبتسم : أي عروس خلاص عتقنا.. أنتي العروس الحين

مشاعل تغير وجهها.. التغير الذي لاحظته هيا
همست هيا لموضي بعد ذهاب مشاعل: وش فيها؟؟

موضي بقلق: واجد تستحي من طاري العرس

هزتت هيا كتفيها: الله يعين ناصر عليها

(وأنتي ياهيا؟؟
أ ليس مشعل أيضا أعانه الله عليكِ؟؟)

حوار حميم كان يدور بينهن قاطعه صوت واثق عميق:
السلام عليكم

هيا انتفضت بعنف
(لاحول ولاقوة إلا بالله.. واشفيني صرت أخاف منه هنا
في واشنطن كان عادي يدخل وإلا يطلع)

مشعل يصلهن ويقبل رأس كل من جدته ووالدته
موضي حين رأته وقفت
توجهت هي ناحيته وقبلت كتفه وقالت بمرح:
أنا قمت من جنب المدام قبل ماحد يقومني

مشعل جلس بجوار هيا
وهو يقول : صبوا لي فنجال قهوة

هيا قامت لتصب له لأنها كانت أساسا تريد القيام من جواره
لكن موضي حلفت عليها أن تجلس
عادت للجلوس وموضي تتولى مسئولية الصب

الجدة بحنان: يأمك كان رقدت ألين تقرب صلاة الظهر وقمت تصلي
أكيد إنك تعبان

مشعل بنبرة خاصة: أنا كنت راقد بس صحيت على حلم حلو طير النوم من عيني
قالها وهو يلمس خده مكان قبلة هيا بطريقة بدت عفوية
لكن هيا انتبهت لها تماما وهي تشعر بصدمة حرج بالغ
بل شعورها تجاوز حدود الحرج والخجل وهي تدعك أصابع يدها بحدة
لدرجة الشعور بالخزي وكأنها مجرم أمسكوا به بالجرم المشهود

وأنقذها من الحرج دخول لطيفة وهي تمسك بيد جود
وتسلم على الجميع
وأولهم مشعل الذي وقف لاستقبالها

وقتها كانت مشاعل تعود بعباءة هيا

لطيفة بهدوء: هاه هيا نمشي؟؟

هيا التفتت بحرج لمشعل تستأذنه

مشعل بهدوء: ماتبوني أوديكم؟؟

لطيفة برفض: لا فديتك احنا بنلف كم مكان..
ثم ألتفتت لموضي: خلي بالش من جود وتراها مابعد تريقت
لبستها وجبتها على السريع

مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته

هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)

قمرهم كلهم 10-04-2010 12:16 PM

رد: أسى الهجران
 
مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته

هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)

لكنها تبعته

مشعل أخرج ظرفا من جيبه: خذي

هيا باستفسار: شنو هذا؟؟

مشعل بتلقائية: فلوس

هيا بحرج: مشعل أنت عارف أني عندي فلوس

مشعل بعتب: أنتي لازم تعاندين في كل شيء
عطيتش فلوس.. خذيها بدون ماتراديني

هيا تناولت الظرف ووضعته في حقيبة يدها
وقالت بعذوبة: هذا أنا خذته.. شيء ثاني؟؟

مشعل بخبث:إيه فيه شيء ثاني.. فيه دين لي عندش

هيا باستغراب: دين شنو؟؟

مشعل أحنى قامنى الطويلة قليلا قرب وجهه منه
وهيا ارتعشت بحدة وهي ترى وجهه من هذا القرب
شعيرات عارضه.. أهداب عينيه
اقترب أكثر
وطبع قبلة على وجنتها تماما مكان قبلتها
وقال بعمق: الحين متعادلين..

ثم غادرها

مشعل بعد موقفها في واشنطن معه
قرر أنه لن يبادر حتى لا تصده مرة أخرى
لكن بما أنها بادرت اليوم
فلن يفلت الفرصة.. فهو مرهق من هذا الجفاف العاطفي الذي يغلف حياتهما
لذا قرر أن يطرق الحديد وهو ساخن
وأن يساهم في تقويض الجدار المتعالي بينهما


هيا تتسند على الحائط تشعر أن قدميها عاجزتين عن حملها
وقلبها تتعالى دقاته بعنف

صوت لطيفة يناديها من الخارج: هيا يالله تأخرنا

خرجت وهي تتحاشى النظر للموجودين
وموضي تقول بمرح وهي تطعم جود: هذا كله اجتماع قمة مع أبو العيال
ومداولات عقبه بعده

ومشعل الذي كان يرتشف كوبا في يده يقول لها:
ياشين اللقافة ياناس.. خليش في جود ريقيها
وعقب عطيني إياها الاعبها شوي
فديتها حبيبة خالها.. أبي أكل خدودها المدورة ذي

لطيفة تغادر وهي تضحك وتقول لأمها: يمه بنتي أمانة عندكم
لا تخلين ولدش الفجعان ياكلها


بعد المغرب
بيت عبدالله بن مشعل

خبيرة التجميل تصل

لطيفة أخذت هيا اليوم لشراء فستان ومستلزماته
ثم مرت بها مركز التجميل
للقيام بعملية عناية شاملة لها
ولم تعودا إلا بعد صلاة العصر
ولم يكن مشعل موجودا ولم تراه هيا مطلقا
ولكنها علمت أنه ذهب مع ابن عمه راكان لإخراج طيره من مركز الصقور

بعد دقائق موضي تتصل بلطيفة
لطيفة باستعجال: موضي الله يهداش وش تبين داقة؟؟
تدرين إني أدرس عيالي
ماعندي وقت يالله ألحق أخلصهم وألبس وأتمكيج

موضي تضحك: لو إنش بدال ذا المحاضرة اللي عطيتيني
خليتني أتكلم كان الحين مخلصة اللي عندي

لطيفة تبتسم: زين خلصي اللي عندش

موضي: بنت عمش

لطيفة: أي وحدة فيهم؟؟

موضي: مرت أخيش

لطيفة باهتمام: وش فيها؟؟

موضي تضحك: شعرها طويل ماشاء الله

لطيفة تضحك: زين ماشاء الله.. متصلة علي عشان تقولين لي

موضي تضحك ثم تقول باهتمام: يالمتنحة ركزي معي الثانوية العامة مع عيالش لحسوا مخش
البنية شعرها طويل طويل ويجنن تبيني أخليها تفكه عند جماعتنا المشفح يطسونها عين..
ماعاد فيه حد شعره ذا الطول.. خايفة عليها

لطيفة بهدوء: حصنيها واقري عليها.. شعرها طويل يعني لازم ينكوي وينفرد
ماينفع ينعمل شنيون أو يرفع
وخلي أمي وجدتي يحصنونها بعد..

لطيفة تبتسم: ليه أنا ما كفي..أصلا الناس يجوني أقرأ عليهم..
وبكرة بتلاقيني أبيع ماي وزيت مقري فيه

لطيفة تريد إنهاء المكالمة: سوي اللي قلته وبس
وتأكدي من ترتيب طاولات البوفية
والمضيفات تراهم على وصول..
وفيه كم طلبية بتوصل الحين بعد..
لا تخلين حد من الخدامات يطلع عليهم إلا فاطمة.. الباقيات غبيات

موضي تبتسم: يازينش وأنتي تأمرين بس..

لطيفة باستعجال: وش أسوي مشاعل والعنود عرايس ومايصير نتأمر عليهم
وخصوصا أنهم مهوب حاضرين
ومعالي مايعتمد عليها
ومافيه غيرش
من زين نفعتش يعني؟؟
وش حدك على المر على قال اللي أمر منه..

موضي تضحك: الله يعيني عليكم
أنا مثل العومة ماكولة ومذمومة

القاهرة
منزل طه الرشيدي

باكينام تجلس في صالة الاستقبال الرئيسية بعد أن صلت المغرب
وتقرأ لها كتابا
كانت مسغرقة في القراءة حتى وصلتها الخطوات الثقيلة الهادئة
التفتت باحترام وهي تفسح مكانا إلى جوارها:
تعالي أنّا جنبي

صفيه بهدوء: فين صاحباتك اللي كانوا هينا؟؟

باكينام برقة: مشيو يا أنّا.. بئولو عاوزين يروحون سيتي ستارز..
والله مسكت فيهم للعشاء بس هم مارضيوش..
عشان ما تزعليش وتئولي احنا العرب بخلاء

صفية بنبرة خاصة: وانتي مارحتيش معاهم ليه؟؟

باكينام تبتسم: من هنا من المعادي لسيتي ستارز في مدينة نصر وفي الزحمة دي
عاوزين ساعتين رايح ساعتين جاي
وأنا ماليش خلئ

صفية بذات النبرة الخاصة: بت باكي انتي من لما جيتي هينا.. وأنتي ما بيخرجش خالص

باكينام تحتضن ذراع جدتها: انتي عاوزاني أسيب أحلى أنا وأروح فين

صفية مستمرة في الاسئلة المبطنة: شباب يحبوا يخرجوا..

باكينام تبتسم وتقول بنبرة خاصة كجدتها: أنّا.. مبروم على مبروم مايلفش
جيبي اللي عندك م الآخر

ضحكت الجدة ضحكة قصيرة وهي تقرص خد باكينام: عفارم باكينام عفارم
صحيح بنتي أنا ..مخك زي مخ أنّتك
هيجي يخطبك أمتى؟؟

باكينام شرقت بدون شيء وبدأت تكح بعنف..
وجدتها ارتعبت وهي تحرك يديها أمام وجهها:
بت باكينام خدي نفس يخرب بيته خلاص مش عاوزينه يجي

باكينام تبتسم رغم عينيها التي امتلئت بالدموع من الكحة المتواصلة:
إيه حكاية يخطبني دي يا أنّا؟؟

صفية ترقص حاجبيها بخبث: بت باكي أنا عارفاك كويس
فيه واحد معشش هنا وهنا (قالتها وهي تشير على قلب باكينام وراسها)
أنا عاوزة أعرف هو هيجي يخطبك أمتى
ثم أكملت صفية بغضب وكأنها تتذكر شيئا: أوعي بت باكينام تكوني تعملي حكايات غرام وتئولي نتعرف كويس وجواز بعدين

باكينام تضحك: أنتي عملتي حكاية طويلة من مخك الحلو ده
مافيش حاجة من اللي أنتي بتئوليها

صفية بغضب: أنتي هتكدبي عليا بت باكي
أنا مش بت امبارح

باكينام تتنهد: لما يكون عندي حاجة أئولها هائول..
ربنا يخليكي أنّا ما تزعليش مني



قبل صلاة العشاء
لطيفة انتهت من اللبس وكانت على وشك لبس عباءتها
بعد أن أنهت بناتها أولا وأرسلتهن لبيت والدها

دخل مشعل وهو مستعجل
لم ينظر ناحيتها وهو يدخل الحمام بسرعة ويقول لها:
لطيفة لو سمحتي طلعي لي ثوب وغترة مستعجل

لطيفة فرشت عباءتها على السرير
وأخرجت له ثوب وغترة وعطرتهما كما اعتادت

ثم اقتربت من باب الحمام ورفعت صوتها:
مشعل أنا طلعت ثيابك وباروح.. تبي شيء ثاني؟؟

مع انهائها لجملتها كان مشعل يفتح الباب
وكاد أن يصدم بها
توقف قليلا وهو ينظر لها بتركيز
ولطيفة تنسحب بعفوية لتلبس عباءتها

مشعل بنبرة غضب: لطيفة انتي بتروحين بالثوب هذا؟؟

لطيفة انتبهت لسبب غصبه.. فالفستان كان بحمالتين رفيعتين
ولطيفة أساسا تلبسه مع جاكيت قصير والجاكيت معها
لكنها لم تكن تريده أن يتجعد لذا تركته في علاقته لتلبسه في بيت أهلها

ومع ذلك ردت عليه ببرود مدروس: ليه؟؟ وش فيه ثوبي؟؟

مشعل يتنهد بعمق حتى لا يثور فيها: افسخيه الحين والبسي شيء ثاني

لطيفة تلعب لعبة لا تعلم ماذا تهدف منها: إن شاء الله أغيره
بس أقنعني بأسبابك

مشعل اقترب منها ليمرر أصبعه على كتفها وأسفل عنقها ويقول بنبرة خاصة:
أنا ما أسمح لأحد يشوف شيء مالحد حق بشوفته إلا أنا

لطيفة تراجعت بعنف وهي تقول بخفوت: الفستان معه جاكيت
وأنا أخاف ربي قبل أي شيء
وأعتقد أنك عارف إني ماتعودت ألبس عاري حتى عند الحريم

مشعل ابتسم: ولو حتى شنو مالبستي.. أنتي أحلى منهم كلهم

قال جملته وتناول ثوبه ليبلسه
ولطيفة مصدومة
(هو مدحني وقال لي أني حلوة
أو أنا يتهيأ لي وسمعت أشياء على كيفي؟؟)

مهما كانت المرأة جميلة
يهمها أن تكون جميلة في نظر إنسان واحد
نظره هو..
فما فائدة جمال لا يحرك مشاعره ويدفعه للتعبير والصراخ
وهو لن يرى جمال وجهها حتى يرى جمال روحها أولا..
وحينما رأى هذا الجمال
رأى كل ماعداه من جمال


لطيفة لبست عباءتها ونقابها وكانت على وشك الخروج
مشعل الذي كان يعدل غترته أمام المرآه ناداها: لطيفة

لطيفة عند الباب ردت بعفوية: لبيه

مشعل بابتسامة وعيناه مركزتان في المرآة:
لبيتي في مكة...أبي أقول الأحمر عليش يضوي ضوي

قمرهم كلهم 10-04-2010 12:26 PM

رد: أسى الهجران
 
بيت عبدالله بن مشعل
الحفلة

النساء توزعن بين حديقة البيت وصالاته الداخلية
الجو هذه الليلة كان لطيفا وبرده محتمل

معالي تقترب من هيا وتهمس : وين كنتي داسة ذا الزين كله
وإلا ذا الشعر ماشاء الله تبارك الله انصرعت لما شفته
سلفيني شوي بدل شعري اللي ماضغته المعزى على قولت أمي هيا

هيا تبتسم وتهمس لها: صدقتش الحين
حاسة إني على قولت صديقتي باكينام مثل عروسة المولد
صبغوني لين قلت بس

اقترب فوج نساء للسلام على هيا
إحداهن وضعت يدها على رأس هيا وقرأت عليها
ثم دعت لها بالتوفيق هي وزوجها وأن يجمعهما الله في خير وعلى خير
وهيا شعرت بحرج شديد من رقة هذه السيدة

حين ذهبن التفتت هيا لمعالي: من هذي؟؟
معالي هزت كتفيها: ما اعرفها
بس لا تستغربين.. الناس فيهم خير..

ثم أكملت بعيارة: تصدقين أنا ما أروح مكان إلا كل شوي توقفني وحدة
تقول خلني أقرأ عليش لأنش فتنة متحركة ينخاف عليش من العين

موضي تقاطعهما وهي تحشر نفسها بين الأثنتين:
إيه كثري من ذا الهياط طال عمرش
يقرون عليش يقولون يالله سكنهم مساكنهم

موضي كانت متألقة من فستان أصفر أنيق
ومعالي كانت مليئة بالحياة في فستان حرير مشجر
وشقيقاتها علياء وعالية كالعادة متطابقتين ولكن في غاية العذوبة في طقم سماوي
بينما الفتنة المذهلة كانت لطيفة في فستانها الأحمر
وهاهي تجلس بجوار صديقتها شيخة التي تقول لها: أنتي ما تخافين الله في مشاعري
لا عاد تلبسين ذا الأحمر تجلطيني

لطيفة تضحك: ليه أنتي عندش مشاعر؟؟

شيخة تضحك: مشكلتش صايدتني.. تدرين ياوخيتي أحاول
يمدحون المشاعر ذا الأيام
ثم همست وهي تلتفت على هيا: ماشاء الله مرت أخيش تجنن
كفاية ذا الشعر ماشاء الله.. ماألومه أخيش ينجلط.. الله يبارك له

لطيفة برقة: عقبال راشد إن شاء الله.. يلاقي اللي تعوضه عن زواجه الأول

غمزت شيخة وهي تلتفت لموضي: راشد مطلوبه عندكم
زوجونا ذا الأصفراني المشعشع

لطيفة تهمس لها: موضي ما تبي تعرس خلاص من غير قصور في راشد

شيخة بهدوء: حرام يا لطيفة موضي عادها صغيرة.. بتدفن روحها يعني؟؟

لطيفة برقة: ما نقدر نجبرها على شيء
وبعدين تو الناس.. توها طالعة من تجربة.. يمكن مع مرور الوقت تفكر




غرفة مشاعل

العنود تطل مع شباك مشاعل المطل على الحديقة
وتقول بتحسر: الناس برا مستانسين واحنا محبوسين هنا

مشاعل بهدوء: من جدش تبين الناس يشوفونش وأنتي ماباقي على عرسش إلا كم يوم

العنود (بعيارة): ليه هو عرسي بروحي
ثم أكملت وهي تقفز على السرير بجوار مشاعل:
أخيش الملقوف ماهان عليه يخليش تستانسين أنتي وناصر بروحكم
إلا يدخلنا معكم..
آه ياناس خبرتوا وحدة تتزوج قبل امتحاناتها بأسبوع.. الله يعديها على خير

مشاعل بخجل: عيب العنود استحي..

العنود تضحك: ليه أنا وش قلت.. ياحرم الشيخ ناصر

مشاعل يحمر وجهها: العنود تحشمي..

العنود تقترب من مشاعل وتلتصق بها وتمسك يدها بطريقة تمثيلية وتقول بخبث:
على ذا السحا اللي عندش
لو ناصر قرب منش كذا ومسك يدش كذا
وش بتسوين؟؟

مشاعل قفزت وهي تنتزع يدها من العنود وكأن ناصر هو من أمسكها
وهي تقول بخجل كاسح: العنود والله العظيم بأزعل عليش

العنود غابت في عالم آخر من الضحك: والله العظيم منتي بصاحية
زين يا ميشو دواش عندي..

العنود التقطت هاتفها ورنت على رقم معين ووضعته على السبيكر
طال الرنين حتى جاءها صوت رجولي عميق: هلا والله بعنودة قلبي

مشاعل شعرت أن قلبها توقف وهي تريد لها منفذ تهرب معه وهي تسمع صوت ناصر

العنود بمرح: نصوري حبيبي إذا مشاعل تسمعك الحين وذايبة على روحها من السحا
وش تقول لها؟؟

ناصر بنبرة خاصة: هي تسمعني الحين؟؟

العنود بابتسامة: yes

ناصر بنبرة عميقة مليئة بعبق رجولة خاص:
أقول لها تدللي واستحي على كيفش
بدل اليوم عشرة.. وبدل السنة عشرة
أنتظرش عمري كله.. لا تخافين من شيء وأنتي معي
وخلاص عنودة لا تحرجينها أكثر من كذا
مع السلامة

وأغلق ناصر وعينا العنود تغيم بالدموع من التأثر بمشاعر شقيقها العذبة
(يعني فارس ماهان عليه يقول لي كلمتين مثل هذي
فديتك يا ناصر الله يوفقك
ويسخر مشاعل لك)

وإذا كانت العنود غامت عيناها
فغيرها انهار يبكي بانفعال
مشاعل شعرت أن سماع صوته والكلمات التي حملها صوته العميق
كانت أكثر من احتمالها
أكثر بكثير



***************************



عزبة آل مشعل
الشباب والشياب مجتمعون
وبعد العشاء المبكر الذي كان بعد صلاة العشاء مباشرة
بدأوا بالتحزب كل اثنين يتحدثان سويا

عبدالله ومحمد
راكان ومشعل بن عبدالله
وسعد ومشعل بن محمد
وناصر وفارس

والشباب الصغار في الزاوية يلعبون بيلوت
فيصل ومحمد بن مشعل فريق
وسلطان وفهد فريق
وعبدالله الصغير متفرج


رن هاتف ناصر رأى اسم المتصل
فقام بعيدا عن الرجال حتى أنهى الاتصال وعاد
حينما عاد كانت ترتسم على وجهه ابتسامة مختلفة
فارس يميل عليه ويهمس بمرح: نويصر لا تكون تغازل
مالي بذا القومة ولا ذا الابتسامة اللي تقول اعلان معجون أسنان

ناصر فتح هاتفه على قائمة الاتصالات الواردة
ولف الجهاز ناحية فارس دون أن يتحدث
فما زال تحت نشوة إحاسيسه

"الأهل ع"

الاسم الذي يعرفه فارس جيدا
والذي نقله بالأمس فقط من جهاز ناصر
تنهد فارس بعمق ولكن دون أن تتجاوز تنهيدته روحه المثقلة بالكبرياء
( هل مازالت غاضبة؟
بالتأكيد غاضبة..
هل أرضيتها يا فارس حتى ترضى؟!
أم تعتقد أنها سترضى لوحدها مكافأة لك على لطفك وحنانك معها؟؟
لِـمَ هي رقيقة هكذا؟؟
وهشة هكذا؟؟
كيف ستحتمل لؤمي وفظاظتي وقسوتي؟؟
أعلم أني لئيم وفظ وقاسٍ
بالكاد أحتمل نفسي
فكيف ستتحملني؟؟
آه يا صغيرتي.. آه
تمزق الآهات قلبي.. وأنتِ يوماً تلو الآخر تصبحين هاجسي وجنوني وولعي
وأنا سادر في غيي
هل رأيتِ جنونا مثل هذا؟؟؟
أعرف تماما مشكلتي ولكني عاجز عن حلها
يا لا عرق الكبرياء المجنون المتضخم في عروق رأسي!!)


راكان ومشعل
راكان بهدوء: ها بوعبدالله.. متى نمشي؟؟

مشعل بذات هدوءه: عقب بكرة بعد صلاة العشاء.. وش رأيك

راكان: مثل ما تبي..على سيارتك وإلا سيارتي؟؟

مشعل: سيارتي أحسن..

راكان يتذكر شيئا: إيه ترا مشعل يقول إنه يمكن يروح معنا

مشعل باستغراب: غريبة ماخبرت مشعل يحب سوالف القنص
مخه مافيه غير شغله

راكان يبتسم: حاب يغير



مشعل وسعد
مشعل يبتسم: اركد يارجال والله العظيم إني قلت لها البارحة
أبد طلعت من عندكم من المجلس رحت لها على طول

سعد بلهفة: زين ومتى بتردون علي؟؟

مشعل بابتسامة: عطها وقت تفكر
ثم أكمل باهتمام: البارحة عشا رياجيل وعالم ماقدرت أخذ راحتي وأتكلم معك
تدري سعد أنا عني أشوف أختي مافيه مثلها ثنتين
لكن أنت وش اللي يخليك مصمم عليها؟؟

سعد كأنه يتأمل: مشعل أنا تعبت من الوحدة
لكن في نفس الوقت أنا تعودت على السكينة والهدوء
أبي وحدة تكون شريكة لي بكل معنى الكلمة.. شريكة حياة وفكر
نتحاور بعقل وبعمق وفي نفس الوقت تكون لي مصدر هدوء وسكينة
وذا الشيء حسيت إن بنت محمد تقدر تهديني إياه الله يكملها بعقلها



عودة للحفل
انتهى العشاء

وأكثر الزائرات غادرن

مريم تجلس في الزاوية..
بالها مشغول بهذه الخطبة المفاجئة التي قلبت حساباتها
بداخلها مترددة على الموافقة تخشى من أسباب سعد في الإصرار عليها
ولكن من ناحية أخرى تفكر
(أليست هذه فرصة أخيرة لأشعر كامرأة مكتملة بالقرب من رجل رائع؟!!)

أحلامها تتسع بوجع

(أنجب طفلا ربما؟؟)

مريم انتفضت وهي تنهر نفسها بقسوة

(أي طفل يامريم ؟!!
أ تريدين انجاب طفل تعذبينه بعجزك عن العناية به وتربيته؟؟)

الأمل يناديها بشفافية مؤلمة

(بس أنا ربيت العنود
وما أعتقد أني فشلت في تربيتها ولا في الاهتمام بها)

( يا الله تعبت
والله العظيم تعبت من التفكير)


(الحلو سرحان في ويش؟؟) كان صوت لطيفة التي جلست جوارها

مريم بهدوء: موضوع شاغلني وأبي أخذ رأيش فيه
بس مهوب هنا ولا الحين
مرينا بكرة لو تقدرين

لطيفة برقة: حاضرين بأجيكم بكرة عقب المغرب


غرفة مشعل وهيا
الساعة 12 ونصف بعد منتصف الليل

هيا تدخل وترمي نفسها على الأريكة
وموضي تدخل وراءها
هيا بتعب: انهديت والكعب ذبحني
أبي أسبح وأنام

موضي باستنكار مرح: نعم نعم نعم
والله العظيم ماتغيرين شيء وحتى الكعب ما تحطينه لين يوصل مشعل
أبي أصوركم مع بعض
محسوبتش خبيرة تصوير من الطراز الأول وتعديل على الكمبيوتر وحركات ومونتاج..ولا أحسن استوديو
وأنا أطبع الصور بنفسي يعني لا تخافين على صورش

هيا ابتلعت ريقها وهي تتخيل أن مشعل سيراها وهي بهذا الشكل
قالت برجاء: لا موضي تكفين

موضي باستغراب: من جدش أنتي؟؟

هيا بصراحة: مشعل ماعمره شافني كذا
وش يقول عني مصبغة وجهها
لا والفستان عاري شوي

موضي تتصنع الغضب: وين عاري؟؟ اسكتي بس لا تجلطيني
أنتي ورجالش من أي كوكب جايين
وش فايدة ذا الزين واللبس إذا ماشافه هو
هو أصلا الأساس
والله ما تتحركين لين يجي ويشوفش


(من اللي يجي ووش يشوف؟؟)
صوته يصلهم وهو مازال واقفا عند الباب


قمرهم كلهم 10-05-2010 08:02 AM

رد: أسى الهجران
 
غرفة مشعل وهيا

مشعل مازال واقفا عند الباب وهو يقول:
من اللي يجي وش يشوف؟؟

هيا تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها!!
أن تختفي!!
أن تصبح غير مرئية!!
تحدث معجزة ما تنقذها من شعور الحرج الجارح الذي غشاها مع سماعها لصوته!!


موضي تهتف بمرح:
أنت اللي تجي عشان تشوف المدام
وأصوركم سوا

أنا بأروح أجيب كاميرتي
مهوب أجي ألاقيكم سكرتم الباب من دوني

موضي خرجت

ومشعل دخل

وهيا تراجعت للخلف وعيناها تنغرزان في الأرض
دقات قلبها تتعالى وتتعالى حتى أصبحت أنفاسها تخرج وتدخل بصعوبة
وخجل مر يكتسحها
ووجيب مشاعر مختلطة شديدة الكثافة والضغط يتخللها

هو تقدم أكثر
شعر أن يدا هائلة القوة اعتصرت قلبه بعنف
يكاد يحس بألم فعلي في خلايا قلبه المعصور
قلبه عاجز عن الاحتمال
مشاعره مُستنزفة
وهو متعب.. متعب
مـــــتـــــعــــــــب

هي كانت تعجبه ببساطتها وبدون أي زينة بملامحها الناعمة
فكيف وهو يراها بهذا التألق الأنثوي المختلف
ساحرة
خيالية
موجعة
فتنة متجسدة
هو يراها هكذا بعين المحب!!

كانت هيا تقف أمامه تذوب ارتباكا ولكنها تحاول الوقوف بثقة

كانت ترتدي ثوبا من الحرير التركوازي والدانتيل الذهبي
يد بدون كم واليد الاخرى كاملة الطول إلى منتصف كفها من الدانتيل الذهبي الملتصق بذراعها
مع (هاي نك) من الدانتيل أيضا
والفستان ضيق ليتسع عند أسفل الوركين في قصة راقية

جبينها ومقدمة شعرها ملفوفان بعصبة من الدانتيل الذهبي ينحدر طرفاها على كتفها
وشعرها السرمدي مسترسل كالحرير
أمواج ليل هادر تعانق سماء من الذهب والتركواز
وفرد شعرها زاده طولا ولمعانا ونعومة
وفتنة أكثر انغرازا في قلب هذا المتيم المسحور!!

لم يتكلم
ولم تتكلم

كل الكلمات لا معنى لها
فمعركة شفافة من المشاعر الجياشة كانت تدور رحاها بينهما
و(لا صوت يعلو على صوت المعركة) كما قيل
فكيف إذا كانت معركة عميقة حادة لذيذة وموجعة
كالمعركة التي تدور بسلاح النظرات والإيماءات وحديث النفس بين مشعل وهيا

(أميرتي
ارفعي وجهكِ قليلا
اجعلي الشمس تشرق
واجعلي روحي تشرق
واجعلي حياتنا تشرق
أما لهذا الخجل والتباعد من آخر؟!!
تعبت يا أميرتي تعبت
مرهق أنا.. ألا تشعرين بوجع روحي المستشري
وقد اُستنزفت ولعا وشوقا واحتياجا وحبا؟!!
اسمحي لي أن أحتويكِ.. أغمركِ بهذه النار المشتعلة في جوفي
لا تكوني كالمهرة النافرة
لا أريد ترويضكِ
ولكن أريدكِ أنتِ أن تروضي مشاعركِ)


(آه.. أيها السامق حتى طاولت هامتك السحاب
أعجز عن رفع عيني إليك
نورك محرق وأكثر إشعاعا من احتمالي
أروع من كل أحلامي أنت
أعذب من كل أمنياتي أنت
تساميت فوق صغائري
لتكون أنت وحدك فوق السمو الإنساني
لتكون الرجل الأعظم والمعادلة التي لا تكرر
وحدك رهان الاستثنائية
وحدك كسرت أقفال هذا القلب المغلق على سنوات طويلة من الحقد والكراهية
ساحر أنت.. ساحر
حولت كل مشاعري.. أعدت صياغتها من جديد
لتجعلني أخرى
أخرى مشبعة بمشاعر جامحة هي لك وحدك
أنت فقط ولا سواك )


موضي عادت بكاميرتها
ظلت واقفة للحظات وهي تراقب مشعل المبحلق
وهيا المطأطة
وهي تكاد تنفجر ضحكا من غرابة الاثنين
موضي (بعيارة): نحن هنا يا بو الهول أنت ويا نفرتيتي

مشعل ألتفت لها بهدوء وابتسم: زين وأنتي هنا.. نسوي لش استقبال رسمي؟؟

موضي تضحك: لا خلصوني أبي أصوركم..
يالله أصلي قيامي وانخمد.. ميتة تعب..

موضي تقمصت الدور وهي تلصقهما ببعضهما
ارتعشت هيا وابتلعت ريقها بصعوبة
وهي تشعر بحفيف كم مشعل على ذراعها العاري
حلقها جاف ومشاعرها مضطربة

موضي (بعيارة) : ماراح أطول عليكم
صورتين وانتوا واقفين وثنتين وأنتم قاعدين وبس
مافيه داعي للخساير.. الحبر حق الصور وورق طباعة الصور غالي
خسارة فيكم أنتو وتعابيركم المحزنة

أجلستهما على الأريكة.. حاولت هيا أن تبتعد قليلا
ولكن موضي نهرتها: خالتي قماشة حدش
خليش جنب عمي قحطه
وابتسمي وإلا والله لأحرق صوركم

دقات قلب هيا تتعالى بعنف مرعب وعقلها يتوقف جراء قربها الملاصق من مشعل
الذي كان يشعر بتسلية غامرة وهو يراقب انفعالات وجهها
مشعل مال عليها وهو يهمس لها: ابتسمي على الأقل عشان خاطر موضي

هيا ابتسمت ابتسامة صغيرة
وموضي هتفت بابتهاج مرح فيه كم هائل من الخبث:
الحمدلله ابتسامة وأخيرا..
يا أخي كان من زمان وشوشتها وقلت لها : أحبش يا حبيبتي.. عشان تبتسم
الظاهر كلامك الحلو هو البتري اللي يشغل ابتسامة المدام

وخلاص أنا خلصت وتصبحون على خير

قالتها موضي وهي تنسحب فعلا وتغلق الباب خلفها

مرت دقائق والاثنان صامتان
مشاعر أعمق وأكبر من كل تعبير تمر بينهما
كل برودهما المصطنع السابق يشوى على صفيح ساخن
وكل الجمود وخزعبلات الكبرياء والخجل أصبحت غاية في الهشاشة
وتنذر بانهيار تام قريب أمام روحين مثقلتين بالوجع والهجران
تتوقان للتمازج والاندماج وأن تسكن كل منهما إلى الأخرى
كما هي فطرة البشرية دون أي حواجز غبية


هيا وقفت بتردد وخجل
شعرت بأصابع دافئة تلامس أطراف أناملها
كان ينظر للأرض
همس بنبرته الدافئة العميقة مغلفة بعبق رجولي خاص:
لو قلت اقعدي
بتهربين مني نفس ماسويتي في واشنطن

هيا برقة وخجل: بأهرب ..بس لمكان ثاني
مكان من زمان نفسي أهرب له وألجأ لأحضانه
بس يا ترى بيستقبلني أو لا ؟؟

قالتها وهي تعاود الجلوس جواره
وتشدد احتضانها ليده التي تمسك بيدها



فارس بغرفته
عاجز عن النوم
عاجز عن التفكير
مثقل بالألم وبالكثير الكثير من العشق الموجع الموغل في العمق

هاتفه بيده
يريد أن يتصل بها
يريد أن يتأكد أن الصوت الباكي الذي نحره ببكائه بالأمس
عاد اليوم للتغريد الذي ينعش روحه بهمساته

تردد للحظات ولكن ليس هو من يطيل التردد في قراراته

اتصل بها عدة مرات ولكنها لم ترد

أرسل لها رسالة قصيرة
" العنود ردي"

وصله الرد بعد ثواني.. كما لو أنه كان جاهزا لديها
" آسفة
ما بيننا كلام
اعتذر لي أول
ما أبيك تعتذر بلسانك أدري صعب على كرامتك الغالية
اعتذر لي بمسج وعقب بأرد عليك"

فارس اشتعل من الغضب
كيف تجرؤ؟؟ كيف تجرؤ أن تطالبه بالاعتذار بينما هو لم يخطئ
لو كان أخطأ ربما كان فكر ..ربما فكر أن يكتب لها رسالة اعتذار
فحبه لها أصبح أكبر من أي شيء وأعمق من كل شيء
ولكنه لم يخطئ.. لم يخطئ
ويستحيل أن يعتذر بينما هو لم يخطئ بشيء
فهو لم يكلم الفتيات ولم يلقِ لهن بالا أصلا
والحقيقة أن ما ضايقه هو مطالبتها له بالاعتذار بهذه الطريقة المباشرة
شعر أنها تريد تصغيره وإهانته

(ليش اتصلت عليها
أنا اللي غلطان
أكيد عرفت قدرها وغلاها
وتبي تفرض أوامرها علي
زين العنود زين
توج ماعرفتي فارس
ومهوب فارس اللي يقاد ويمشي عليه شور حد)


وصلها الرد بعد دقيقة
" أنا ما غلطت عشان أعتذر
واللي زعل بدون ماحد يزعله
يرضى بدون ما حد يرضيه"

لطيفة عادت لبيتها حدود الساعة 12
كانت جود قد نامت
لذا ذهبت بها لغرفتها وأبدلت ملابسها وهي نائمة
وأبدلت لمريم ووضعتها في سريرها
كانت تتوقع أن أبنائها لم يعودوا بعد.. فهم مع والدهم في العزبة
وغدا الجمعة لذا توقعت أن يطيلوا السهر قليلا

لكنها قررت المرور بغرفتهما أولا لتخرج لهم بيجاماتهما
فوجئت أنهما في سريريهما نائمان
توترت
(هل يعني هذا أن مشعل هنا؟؟)
نظرت للمرآة في غرفة أولادها
توترت أكثر
لأول مرة يقول أنها جميلة
هل يراها جميلة حقا؟؟
أم كان يجاملها؟؟

أخرجت أحمر شفاهها من حقيبتها وفرشاة شعرها
عدلت زينتها قليلا

لِـمَ؟؟
لا تعرف السبب

كانت مازالت ترتدي عباءتها
نثرت شعرها على عباءتها ومشطته

ثم توجهت لغرفتها وفتحت الباب بهدوء وتوجس





عزبة آل مشعل

الكل عادوا لبيوتهم.. تبقى ناصر وراكان فقط

ناصر يصب لراكان كوبا من الكرك ويناوله له
ويصب لنفسه كوبا آخر ويعود ليجلس بجوار راكان
يرتشف بضع رشفات من كوبه.. ينزله أمامه ثم يهمس لراكان بنبرة خاصة:
بنت عمك عقب أسبوعين ثلاثة بتخلص عدتها

راكان يرتشف بدوره بضع رشفات ثم يضع كوبه ويهمس بهدوء: وإذا؟؟

ناصر باستغراب: وإذا؟؟ لا تقول لي إنك مفكر تفرط فيها للمرة الثانية

راكان بعمق: أنا فرطت فيها وخلاص
موضي قضية وانتهت.. ما ينفع ينعاد فيها الحكي

ناصر باهتمام: راكان.. موضي من الحين فيه ناس قاعدين يتكلمون عليها
تكفى تحرك.. لا تضيعها من منك

قمرهم كلهم 10-05-2010 08:06 AM

رد: أسى الهجران
 
عزبة آل مشعل

الحوار بين ناصر وراكان

ناصر باهتمام: راكان.. موضي من الحين فيه ناس قاعدين يتكلمون عليها
تكفى تحرك.. لا تضيعها من منك

تيار ما سرى في العضلة الشمالية من قفصه الصدري
لكنه أنكر هذا التيار وكذبه لأن هذه العضلة ماتت منذ زمن
ومن المستحيل أن ينبض شيء ميت
لذا رد على ناصر بهدوء: الله يوفقها

ناصر بنبرة غضب: راكان لا تجنني.. وش الله يوفقها ذي
الله يوفقها معك..
عاجبك حالك ذا.. عمرك الحين 30 وما تبي تعرس

راكان بهدوء عميق: ناصر خلاص.. ألف مرة قلت لك هذا مات
(قالها وهو يشير لقلبه) ماعاد ينفع موضي ولا غيرها
خل موضي تشوف نصيبها
كفاية ما توفقت مع حمد (ناصر لا يعلم بضرب حمد لها)
خلها تأخذ واحد يعرف قيمتها عدل

ناصر بنبرة غامضة: قول نفس الكلام اللي قلته يوم خذت حمد
"واحد يعرف قيمتها"
موضي ماحد بيعرف قيمتها غيرك
ما أدري متى تصحى من الغيبوبة اللي أنت فيها
إذا لقيت إنه فاتك كل فرصة للسعادة في الدنيا

راكان يسند ظهرة للخلف وتفكيره يذهب للبعيد:
خلاص يا ناصر السعادة الله إن شاء يكتبها لنا في الآخرة
لأنه سعادة الدنيا مهيب من نصيبي



غرفة مشاعل


يثقلها التفكير ويمزقها الأسى
بدا لها ناصر الليلة رائعا ومذهلا ومتفهما في كلامه

(ولكن مايدريني قد تكون هذه مجرد واجهة منمقة يخفي خلفها حقيقته
ما الذي ينتظرني معه؟؟
ماذا؟؟
أشعر بخجل كاسح من مجرد التفكير برجل لا أعرفه
يغلق علينا باب وتكون له حقوق علي في أعمق خصوصياتي الروحية والجسدية

ثم ماذا؟؟
أعلم أني سأتجاوز الخجل يوما.. ولكن بعد تجاوزه مالذي ينتظرني؟؟
هل أذوب فيه هياما مثل لطيفة ويكون رده على حبي له برودا وتجاهلا مثل مشعل؟؟
أو هل يضربني مثل حمد وأضطر أن أصبر عليه مثل موضي حفاظا على الروابط الأسرية؟؟
هل ستذوي روحي ويُنتهك جسدي في كل الأحوال؟؟
ما الذي ينتظرني؟؟
ماذا تخبئ لي الحياة مع ناصر؟؟
ماذا تخفي لي؟؟!!)



غرفة موضي

تبدل ملابسها
تخلع الأصفر المنعش وكأنها تخلع قناع البهجة الذي تتسربل به أمام الناس
لينهار هذا القناع حالما تخلو إلى نفسها

تنظر في المرآة

علامة واضحة على كتفها من ناحية الصدر تأبى الانزياح
وشم ماكن كوشم الألم والجرح والمرارة في روحها

تقترب من المرآة أكثر.. تلمس الأثر بأطراف أصابعها
أثر عقال حمد الغائر في كتفها.. تتحسسه
ترتعش بعنف
تشعر بألم ما.. ألم غريب غير مفهوم
ليس ألما جسديا
فهذا الأثر ماعاد يثير ألما جسدا.. يثير ألما أعمق بكثير
يذكرها بكل الذي تحاول نسيانه فلا تستطيع
حياتها البائسة مع حمد
وهي تتحول لمخلوق هلامي بلا كرامة
كرامتها التي بعثرها حمد يمينا ويسارا وهو يمتهن جسدها وإنسانيتها
وهي صامتة خرساء حفاظا على مشاعر أهلها

فبماذا خرجت بعد تفضيل الجميع على نفسها؟؟
تشويه في جسدها
وتشويه أبشع في روحها

(لا ويبوني أتزوج مرة ثانية
وش عندي أقدمه للزوج رقم 2

بقايا امرأة؟؟!!!)



غرفة لطيفة
لطيفة تقف أمام الباب تشعر بتوجس غير مفهوم
لِـمَ هي خائفة من مقابلته؟؟

استجمعت شجاعتها
ودخلت

ويالا صدمتها!!

كان نائما

شعرت بخيبة أمل حادة غير مفهومة
لأول مرة تحدث.. أن ينام هو قبلها

نظرت لناحية السرير
وابتسمت
(تلاعبني يا مشعل؟!!)

عرفت أنه ليس نائما
فهو كان نائما على جنبه اليسار
وهي تعرف أن مشعل يستحيل أن ينام على جنبه الأيسر
إنها عشرة 13 عاما
تعرفه وتعرف عاداته أكثر منه حتى
هو لا ينام إلا على جنبه اليمين ووجهه للقبلة

ابتسمت أكثر
(العب.. ليش لا؟؟
ماني معبرتك
خلك على نومتك)



بيت سعد بن فيصل
غرفة سعد تحديدا

عاد منذ وقت ليجد أبا صبري غاضبا
فهو نسي أخباره إنهم سيتعشى وأولاده خارجا

أبو صبري يعمل عند سعد منذ وفاة زوجة سعد..
وسعد يعده هو صاحب البيت وهم ضيوفه
تعرف على أبي صبري قبل سنوات في دورة عسكرية في القاهرة
وأبو صبري وقتها كان طباخ الثكنة..
بعد سنوات كُسرت قدمه وأحيل للتقاعد فأرسل لسعد يطلب منه أن يبحث له عن عمل
وكان ذلك قبل وفاة زوجة سعد بقليل وانشغاله بمرضها
بعد وفاتها بشهر شعر بحاجته لمن يساعده
أولاده كانوا عند شقيقته وضحى.. ورغم أنها كانت تصر على العناية بهم
ولكن سعد كان رافضا فكرة إبعاد أولاده عنه أو أن يربيهم أحد سواه
حينها تذكر أبا صبري
ومن حينها وأبو صبري هو الفرد الرابع في أسرتهم ومتولي شؤونهم


أبوصبري بغضبه الطريف: والأكل ده أعمل فيه إيه؟؟ أديه لقطاوة الفريج؟؟

سعد يبتسم: ياحلوها قطاوة الفريج من ثمك..
أبي أدري أنت من وين تجيب ذا المصطلحات.. إذا احنا ما نقولها؟؟

أبو صبري بتأفف: آه ياواد يا سعد خدني في دوكه..
عشان ما أزعلش إنك ما ئلت ليش أنك هتتعشى برا أنته والمفاعيص عيالك..

سعد يتجاوزه ليصعد لغرفته: السموحة يابو صبري.. أخر مرة
والعشا حرام لا تكبه.. عطه حد

أبو صبري يعود للمطبخ وهو غاضب: خلاص مالكش دعوة.. أنا هتصرف
وهأوكلهو لك أنته وجوز الئرود بكرة على الغداء
عشان تاني مرة تئولي ئبل ما تسيبوني ئاعد ده كلو أتناكم

سعد كان على أول الدرج انفجر ضاحكا: أما (أتناكم) ذي منك فلة
بس تكفى دخيلك فكنا في عشاك اللي تبغي تغدينا منه
عطه حد الليلة وبكرة لا تطبخ أنا عازمك أنت والعيال نتغدى برا

أبو صبري يبتسم: كده خوش كلام ياواد ياسعد



وهاهو سعد في غرفته الشاسعة وحيدا تلتهمه أفكاره
ينظر إلى المكان الخالي جواره
قبل حوالي عامين كان فهد ينام معه أحيانا
لكن فهد الآن أصبح يرى نفسه كبيرا
يريد الاستقلال بغرفته
وأصبح أكثر التصاقا بفيصل
وهكذا هي سنة الحياة
الصغير يكبر ويريد الاستقلال
والمكان الخالي بجوار سعد أصبح خاليا دائما

(يا ترى ممكن توافق علي؟؟
ياترى بيجي اللي بيونس وحدتي؟؟
يا ترى ممكن ألاقي حد يقصر علي ذا الليالي الطويلة اللي ماعاد انقضت من طولها؟؟)

(ولو ماوافقت ياسعد؟؟)

انتفض بعنف

(ليش ما توافق؟؟
ليه أنا سيء لدرجة أنها ترفضني)

مطلقا لم يكن سعد ينظر لعماها أنه عيب فيها
أو يرى نفسه أفضل منها
أو يرى في نفسه فرصة لا ترفض لمن هي مثلها
بل كان يراها شيئا باهرا يتجاوز أمنياته
لذا كان في غاية الخوف أن ترفضه
كان يتصبر على أمل موجع أنها ستوافق
فمريم منذ لقائه القصير معها
وهي تمكنت من روحه بشكل غريب عاجز هو عن تفسيره
وكأن روحها المحلقة اقتنصت روحه الهائمة


غرفة ناصر
صلى قيامه
وتمدد على سريره

ينظر لغرفته التي كانت مستقره لسنوات
بعد أيام سيغادرها
شعور حنين غريب يجتاحه
فهو أنجز بناء قسم خاص له ملاصق لبيتهم

هو شخصيا كان يريد البدء ببناء منزله مباشرة
فأرضه موجودة.. والخير وافر ولله الحمد
ولكن مريم كانت من أصرت عليه أن يبدأ ببناء قسم جوارهم
ثم يبني بيته بالاتفاق بينه وبين مشاعل

والحقيقة التي يعلمها تماما والتي لم تشدد عليها مريم وإن كانت تشير لها من وقت لآخر
أن مشاعل خجولة جدا
لذا تريدها أن تبقى قريبة منهم
لا تريدها أن تشعر برعب وجودها معه في بيت منعزل لوحدهما منذ البداية

(الله يعيني على ذا الخجل
اللي الكل يحذرني منه
أنا من يوم شفتها وأنا أعد الأيام والليالي اللي بتصير فيها خلاص حلالي
بس ماعليه اللي صبرني ذا الشهور كلها
يصبرني لين تتعود علي)







قمرهم كلهم 10-05-2010 08:08 AM

رد: أسى الهجران
 
اليوم التالي

غرفة مشعل وهيا

هيا صحت منذ بعض الوقت
مشعل مازال نائما

أبدلت ملابسها
ولأول مرة تفكر أن تضع بعض الزينة بنفسها
أحمر شفاة هادئ اللون وبعض الكحل والماسكرا

بدأت تشعر بالجوع
يوجد الكثير من العصير والحلويات في ثلاجة الغرفة
لكنها تود شرب شيء ساخن.. تتوق لفنجان قهوة
وفي ذات الوقت لا تريد ترك مشعل خلفها نائما

" سبحان من يغير ولا يتغير"

اقتربت من مشعل النائم
جلست جواره
همست في أذنه من قرب: مشعل الآذان الأول للجمعة قرب يأذن
ماشبعت نوم؟؟.. من عقب مارجعت من صلاة الفجر وأنت نايم

مشعل يهمس وعيناه مغلقتان: مشعل وحاف بعد.. ماني بقايم

هيا همست برقة: قوم حبيبي..

مازالت عيناه مغلقتان: خلصنا من مشعل بس ماخلصنا من حاف

هيا تبتسم: صدق طماع..
تميل عليه وتقبله وتهمس بحنان: خلصنا قوم.. أنا ميتة جوع

مشعل يجلس ويبتسم: ليه أنا طردتش تاكلين

هيا بعذوبة: تبيني أطلع وأخليك وراي نايم

مشعل يتنهد ويقرص خدها: شكلها أمي دعت لي البارحة من قلب
فديت أمي ياناس.. ليتها دعت لي من زمان

هيا بخجل: تحشم

مشعل يبتسم: عدال على تحشم ذي.. أكون قايل كفر

نظر لها ثم همس: فكي شعرش.. لا عاد ترفعينه وأنتي عندي
كفاية شهرين حارمتني منه يالمجرمة

هيا رفعت يدها للمشابك في شعرها وأطلقت أساره: مع أني بالمه الحين
بس حاضرة تدلل..

مشعل أدخل يديه في طوفان شعرها أحتضنه بين كفيه وهو يستنشق عبيره بعمق
ثم همس: ياويلش يجيش جنون النسوان وتفكرين تقصينه.. بأقص رقبتش

ابتسمت هيا : وتهدد بعد؟؟

وقف وهو يقول بابتسامة: يحق لي

ثم وقف أمام المرآة يمشط شعره
ثم قال كمن تذكر شيئا: إيه ترى بكرة عقب صلاة العشاء إن شاء الله
بأروح أنا وعيال عمي للقنص

هيا انتفضت بعنف ثم توجهت له: تكفى مشعل مالنا يومين من يوم جينا
تبي تروح وتخليني

مشعل ألتفت لها واحتضن وجهها بين كفيه وقال بابتسامة:
لو أنتي مراضيتني من يوم كنا في واشنطن ماكان رحت
بس الحين خلاص اتفقت مع الشباب ما أقدر أخلف.. تبيني أطلع صغير قدام الرياجيل

هيا باستجداء: تكفى مشعل عشان خاطري

مشعل تنهد: أنتي تكفين هيا..والله خاطرش كبير..بس خلاص الموضوع منتهي.. 5 أيام بس ونرجع

شهقت هيا: يالظالم 5 أيام عندك شوي
همست هيا بشفافية: تذكر يوم زعلت ورحت لبيت سعيد

ضحك مشعل وهو يلمس أرنبة أنفها: لا تغيرين الحقائق أنتي اللي زعلتي

هيا ابتسمت وخيالها يسرح: أنا اللي زعلت وأنا اللي مخي صغير
بس تدري والله العظيم ماقدرت أنام وانت منت في الشقة
تعودت على وجودك جنبي.. أشلون الحين
والله ما أقدر حرام عليك

مشعل احتضنها بقوة كأنها يريد زرعها بين أضلاعه، همس في أذنها:
تسلي مع البنات وانبسطي لين أرجع
وكلها كم يوم وتلاقيني ناط عندش


صالة بيت عبدالله بن مشعل

هيا نزلت أولا لأنها كانت جاهزة
مشعل بقي ليستحم ويلبس استعداد للذهاب لصلاة الجمعة

هيا نزلت بدراعة واسعة وجلال استعدادا لمقابلة سلطان لو صدفته

كان الكل مجتمعون عدا عمها عبدالله وسلطان اللذين ذهبا مبكرين للمسجد

سلمت هيا وجلست بجوار جدتها وهي تحتضن ذراعها وتقبل كتفها
الجدة بحنان: كيف أصبحتي يأمش؟؟

كانت من موضي من ردت (بعيارة): أنا أصبحت بخير يمه
وجهي مورد.. والابتسامة شاقة.. شكلي يمه طول الليل أحلم أحلام تونس

الجدة باستغراب: شكلش؟؟ ليه مني بدارية أنتي تحلمتي وإلا لا

موضي تضحك: وش يدريني يمه.. أقول شكلي وإن بعض الظن أثم

هيا بدأت تكح كعادتها حين تشعر بالحرج..

والحوار مستمر بين الجدة وموضي.. الجدة: وبعدين يالملقوفة أنا ما سألتش
أنا أسال هيا

موضي كأنها تفاجأت: أثرش تبين تسألين هيا... توتوتو مادريت يمه حسبتش تسأليني
هيا جاوبي أمي هيا كيف أصبحتي؟؟

هيا تنظر لموضي وهي تشير لها إشارات تهديد وتجاوب جدتها:
طيبة يمه يسرش الحال

أم مشعل بحنان: دوم يامش.. مشعل وينه؟؟

هيا باحترام: بينزل الحين يمه..


مشاعل كانت في عالم آخر بعيدا عن كل الحوار الدائر
تبقت أيام فقط
أيام فقط لتنقلب حياتها رأسا على عقب
مليئة بالرعب والتوتر
لا أحد يشعر بها.. لا أحد يفهمها
تشعر أنها تدور في فلك كوني مهجور لا سكان فيه سوى خوفها
الذي أصبح يحيط بروحها إحاطة السوار بالمعصم


العصر
القاهرة

غرفة باكينام

باكينام تطبع بحثا على جهاز الحاسوب استعدادا للعودة للجامعة فيما بعد
وتسلي نفسها

شعرها الأشقر الذهبي المحمر الذي ورثته من فيكتوريا مرفوع بشكل فوضوي
وتتناثر خصله العنيدة على وجهها الثلجي

دخلت عليها والدتها وهي تحمل كيسا طويلا من الجلد
يحمل اسم مصممة مصرية معروفة في ملابس المحجبات وأكياس أخرى

وضعت الأكياس على السرير
وباكينام وقفت لتقبل أمها: أين ذهبتي منذ الصباح الباكر؟؟
أفقت من النوم لم أجدك؟؟

والدتها تخلع حجابها وترميه على السرير
ليظهر تحته شعرها الأشقر القصير المائل بشقاره للون الرمادي
وهي تتناول الاكياس وتقول بحماس:
تعالي لأريكِ؟؟

باكينام تنهض وتبتسم: ماهذا كله؟؟

سوزان باهتمام: لكِ

باكينام باستغراب: لي؟؟

سوزان: لتحضري معنا الحفل الذي يقيمه طاهر عزت غدا
إنها المرة الأولى التي تحضرين حفلا بهذا الحجم
رئيس مجلس الوزراء ذاته سيكون موجودا
لذا لابد أن تظهري بشكل أنيق وراقٍ جدا

باكينام بغضب: ومن قال أني سأحضر؟؟

سوزان بغضب مشابه: لا تعانديني يافتاة
منال زوجة طاهر عزت اتصلت بي البارحة وشددت على حضوركِ شخصيا وبالاسم
هل تريدين إحراجي وإحراج والدك؟؟
أنتِ تعلمين أن مصانع عزت الغذائية ومصانعه للقطن
هي التي تشتري جميع محاصيل أراضي والدك الزراعية وعلاقتنا بهم متينة
لا تحرجينا معهم..

باكينام تتنهد: علاقتكم أنتم بهم متينة ولكن أنا لا أعرفهم
أرجوكِ ماما لا تجبريني
وخصوصا أن جدتي فيكتوريا ستصل غدا عند الظهر
أريد البقاء معها

سوزان تتنهد وتحاول أن تتكلم بعقلانية:
حبيبتي.. أمي ستصل عند الظهر ابقي معها حتى المساء
واذهبي معنا بسيارتك.. ربع ساعة فقط تلقين التحية عليهم
ثم عودي.. أرجوكِ حبيبي

باكينام برجاء: لكن ماما

أمها برجاء مشابه: باكي أرجوكِ.. من أجل ماما

باكينام باستسلام: حسنا ماما.. لا بأس كما تشاءين


بعد صلاة العصر
الدوحة

بيت عبدالله بن مشعل

بعد أن خرج مشعل لصلاة العصر
هيا نزلت لجدتها
وهاهي عندها
تستمتع بحديثها
وما فاجأ الجدة أن هيا تعرف كثيرا من الحكايات والأشعار القديمة
مما جعل للحديث متعة أكبر
فهيا كانت تذكرها ببعض الأشياء التي سقطت من ذاكرتها بحكم الزمن
وكأن الاثنتين تحكيان حكاية واحدة انقطع طرفاها وهما تعيدان وصلها
هيا الكبيرة حكتها لسلطان وهي مازالت شابة
وهاهي ابنة سلطان تعيد الحكايات لها بعد أن خارت بها سنوات عمرها
وكلاهما تكتشف لجمال الحكاية بعدا آخر
بعدا مليئا بالشجن والحنين والوجع
قاسمه المشترك كان سلطان الذي كان حاضرا بعنف
رغم أن الاثنتين تتجنبان ذكره حتى لا تنكئان الجروح الرطبة المطمورة بغلاف هش


مشعل دخل عليهما
سلم
الاثنتان ردتا السلام
كلا بطريقتها وكلا لها نظرتها المختلفة
هيا الجدة بحنان مصفى
وهيا الحفيدة بشغف مصفى

مشعل همس لهيا من قرب: حبيبتي تعالي.. إبي وعمي يبونش في مجلس الحريم

هيا همست بدورها: فيه شيء؟؟

مشعل يمسك بيدها ويشدها ليوقفها: أنتي الحين تعالي وبتعرفين
يبونش في شيء مهم هم بيقولونه لش


ذات اليوم في الليل
غرفة لطيفة


كانت لطيفة تدرس كعادتها بعد أن نومت أطفالها
الامتحانات اقتربت وهي تشعر بتوتر كبير
تريد أن تحصل على مجموع كبير
تريد أن ترد اعتبار ذاتها أمام نفسها قبل أي أحد
ومن ناحية أخرى زواج أشقائها وأبناء عمها بعد أيام
وهي من رتبت كل شيء والضغط النفسي عليها كبير من كل ناحية
الكل يطالبها بالانجاز
ومشعل لوحده حكاية عويصة

بل مشعل هو كل الحكايات
لا تنكر أنها شعرت بجرح عميق حين عبر عن مشاعره تحت ضغط إحساسه بالذنب ربما
لا تنكر أن مشاعرها ظلت لعدة أيام مطمورة تحت جليد مصنوع
ولكن تحت جليد الأيام سنوات متطاولة من الاشتعال
وأبسط منطق سيقول أن سنوات من الاشتعال ستنسف بالتاكيد وفي ثواني أيام الجليد
هكذا حكم الطبيعة.. ومن يستطيع الوقوف أمام قوة الطبيعة؟!!

ولكنها في ذات الوقت
تخشى أن تعاود سكب مشاعرها تجاه مشعل
فيعود لمقابلة اشتعالها ببروده
حينها لن تحتمل
لن تحتمل مطلقا
ستنهار نهائيا


وهي غارقة في أفكارها
دخل مشعل
سلم
ردت السلام وهي سارحة

مشعل بعمق: الحلو سرحان في شيء غيري؟؟

(وهل هناك شيء سواك
يلتهم التفكير ويشغل العقل والفؤاد؟؟)

لكن لطيفة ردت عليه بهدوء: أفكر في امتحاناتي.. قربت

مشعل شعر بخيبة أمل لم تظهر في نبرة صوته الهادئة: أهه الله يوفقش

ثم قال كمن تذكر شيئا رغم أن هذا الشيء في باله منذ دخل
لكنه كان ينتظر ردة فعلها: إيه لطيفة ولا عليش أمر
بكرة رتبي لي شنطة صغيرة وجهزي السليب باق حقي
بأروح مع مشعل وراكان القنص

انتظر منها ردا
لم ترد.. تنهد ثم نهض ليتوضأ ويصلي قيامه

بينما لطيفة كانت مازالت في مرحلة عدم التوازن
ومحاولة الاستيعاب

(مشعل وقنص؟؟)



قمرهم كلهم 10-05-2010 08:33 AM

رد: أسى الهجران
 
غرفة لطيفة ومشعل



لطيفة كانت مازالت عاجزة عن استيعاب فكرة ذهاب مشعل للقنص

(أي جنون يصطرع في رأس هذا الرجل
عاد من ألمانيا منذ أيام
وهاهو يريد الطيران للقنص
لم يكن يوما من هواة القنص
ماهذا الولع المفاجئ؟؟)


مشعل أنهى صلاته
ولطيفة مازالت سارحة تفكر

مشعل أطل عليها وهو يقول بهدوء: تصبحين على خير بأنام

لطيفة همست بهدوء فيه رنة جزع:
مشعل وش طاري عليك روحة القنص؟؟

مشعل ابتسم بانتصار وهو يجلس على الأريكة المقابلة لمكتبها
ويقول بهدوء مدروس..مدروس تماما: راكان ومشعل بيروحون قلت بأخاويهم

لطيفة تتنهد وهي تحاول أن تتحكم في انفعالاتها التي تكاد أن تهزمها:
بس أنت ما تحب سوالف القنص ذي؟؟

مشعل بخبث: نجرب ليش لا؟؟ لكل شيء مرة أولى
يمكن يعجبني الحال وتلاقيني كل يوم رايح القنص

(مهوب كفاية علي شغلك
تطلع لي سالفة القنص بعد؟؟!!)

لطيفة بدأت تتوتر فعلا ولكنها مازالت تتحكم بدرجة صوتها الهادئة:
زين وعرس العيال عقب كم يوم؟؟
تبون تروحون كلكم وتخلون المعاريس والشيبان يبلتشون

مشعل بهدوءه الخبيث: أولا العرس باقي عليه حوالي 8 أيام
وكل شيء مرتب والحجوزات انتهت والبطاقات وزعت
واحنا 5 أيام وبنرجع.. يعني بنرجع على وقت ترتيب مكان الحفل
ولين هاذاك الوقت ماعندنا شيء نسويه


لطيفة توترت لا تستطيع الاخفاء أكثر من هذا
فهي لا تريده أن يسافر
يكفيها كل هذا الضغط الذي تعانيه
وجوده جوارها يطمئن روحها
لن تحتمل غيابه مع كل هذا الضغط
لكنها مازالت تكابر: بس مشعل حتى ولو.. مايصير كلكم تسافرون

مشعل بخبث: خلاص بأخلي راكان يقعد
وبأروح أنا ومشعل دامش لذا الدرجة خايفة على الشباب المعاريس يتعبون عمارهم

(أيها الخبيث
لن ترتاح حتى تنبشني)
لطيفة بهدوء: بس يا مشعل.....

مشعل قاطعها وهو ينظر لها بشكل مباشر ويقول بنبرة خاصة:
بدل ذا الحجج كلها قولي السبب بصراحة
وأنا أوعدش أقعد وألغي فكرة الروحة كلها

لطيفة تبتلع ريقها: أي سبب؟؟

مشعل يبتسم: إنش أنتي تبيني أقعد

لطيفة بغضب مكتوم: تدري إنك مغرور

مشعل وقف وهو يقول بابتسامة شاسعة: يحق لي
اللي عنده لطيفة إذا ماصار مغرور ماعنده سالفة إذا ما اغتر بذا الجوهرة

(أيها اللئيم
لا تفعل هذا بي)


لطيفة تنظر للكتاب في يدها: زين.. يعني بتروح أو لا؟؟

مشعل يتوجه لسريره.. ابتسم وهو يعطيها ظهره: بأروح
والله انتظرت حد يقول لي اقعد عشان خاطري
بس ماحد عبرني
الظاهر روحتي وقعدتي سوا

مشعل تمدد على سريره
بعدما ألقى الكرة في ملعبها
يلفه توتره وترقبه وشوقه
(لا تخذليني لطيفة
لا تفعلي ذلك بي!!)


لطيفة مازالت تجلس على مكتبها
ممزقة.. مليئة بالحيرة
وأهم مايشغل بالها
ألا يذهب
لا تريده أن يذهب
تريده جوارها
حتى لو كان غاضبا وهي غاضبة
وبينهما جبال من جليد بليد غبي
المهم أنه قريب منها


لطيفة نهضت عن مكتبها
وتمددت جواره
ورائحة عطرها الأثير تخترق كل خلاياه

صامتان كلاهما
مرت دقائق من الصمت
والجو مشحون بينهما
مشحون لأقصى حد


لطيفة كانت تعطيه ظهرها
وهو ينظر إلى ظهرها ويكاد يعد النجمات الذهبية التي تتلألأ على ظهر قميص بيجامتها السوداء
ينظر وهو يتمنى أن يرى عينيها وانفعالات وجهها

همست بصوت مخنوق وهي مازالت تعطيه ظهرها:
مشعل لا تروح.. عشان خاطري

مشعل بعمق رجولي آسر: التفتي علي
وقوليها لي

لطيفة لفت بجسدها ووجهها ناحيته
صمتت
وهي تنظر له نظرتها التي باتت تذيب مفاصله مؤخرا
مشعل نظر لها بحنين
مد يده
مسح خدها بطرف أصبعه
كان يمسح دمعة فرت من عينها

همس لها بخفوت: لطيفة تعالي

قالها وهو يفتح ذراعه لها
لطيفة اقتربت.. وضعت رأسها على صدره
ماعادت تحتمل كل هذا
ماعادت تحتمل
انخرطت في بكاء مر
وهي تدفن وجهها بين عضلات صدره
فهي مستنزفة من كل ناحية
وتحتاج إليه بكل وجع الدنيا
اشتاقت له شوقا يكفي أن يوزع على كل العالم ويفيض
وتعبت من التمثيل.. ومن هذه الحياة
فهي عاشقة حتى الثمالة
عاشقة حد الجنون
عاشقة حتى النخاع
هذا الرجل يتغلغل في كل خلاياها
تشربت به مسامات جسدها
وتخلل نبضات روحها
تعبت من صده.. وهي بصده كأنه تمزق روحها إلى شظايا
تريد أن تنتهي من كل هذه الألاعيب
تتوق للعودة لأحضانه
وكم اشتاقت للاستكانة بين أضلاعه!!


مشعل شعر أن قلبه انتزع من مكانه
وهي تشهق على صدره
احتضنها بشدة بيد
وبالأخرى رفع وجهها وغمره بقبلاته الحانية المشتاقة
وهو يقول بابتسامة شفافة وعبق رجولي:
لا أبو القنص ولا أبو أمه
ماني برايح مكان
والله ما أروح مكان
قاعد عندش يا قلبي

غرفة مريم

مريم تتمدد على سريرها
بعد أن صلت قيامها وأنهت وردها المسائي

تريد أن تنام لكن النوم يبدو حلما بعيد المنام

تتذكر كلام لطيفة لها اليوم

"مريم لا تكونين مثل اللي طول عمره يوزع الخير على الناس
ويوم جا دوره عشان يأخذ
قال ما أبي.. الخير وش يبي بي

سعد رجال فيه خير
وألف منهي تمناه
ولا تقولين زين وش يبي فيني وألف يتمنونه على قولتش

الله أرسله لش
والله كتبه من نصيبش
لا تشغلين بالش بالتفكير اللي ماوراه فود
ليه وشهو عشانه؟؟
وافقي وبس
وأسبابه اسمعيها منه بعدين
ومهما كانت أسبابه
فرجال مثل سعد أسبابه أكيد مامنها خوف
لأنه رجال يخاف ربه

وبعدين أنا متأكدة إنش صليتي استخارة كم مرة
قلبش وش يقول؟؟؟"


وهي غارقة في أفكارها وفيما قاله لها قلبها

سمعت صوت الباب يُفتح
خطوات مترددة
ورائحة عطر عذب رقيق تغشى المكان

تبتسم مريم وهي تزيح مكانا جوارها

" تعالي عنودتي
بتنامين؟؟ وإلا مجرد زيارة؟؟"

العنود بعذوبة: بأنام.. ممكن؟؟

مريم بحنان: أكيد ممكن


العنود تتمدد بجوار مريم ونعومتها ورائحتها العذبة العميقة تغمر ماحولها بسحر خاص بها..
سحر هو خليط من أنوثة طاغية وبراءة عذبة

مريم بحنان أمومي مصفى: ياحظه اللي بتنامين في حضنه عقب أسبوع
أمه وضحى بنت فيصل شكلها كانت تدعي له ليل ونهار

العنود تبتسم بحزن: مهوب كنتي تقولين داعية عليه..

مريم بعتب: أمزح يا قلبي.. حد يلاقي عنود الصيد وتكون أمه داعيه عليه

العنود تحتضن كف مريم بالقرب من صدرها: خايفة يا مريم من فارس
فارس قاسي واجد..

مريم بحنان وهي تحتضن العنود ابنتها الصغيرة قبل أن تكون شقيقتها:
مهما كان قاسي مستحيل يقسى عليش
أنتي مخلوق مستفز للعواطف
الواحد غصبا عنه لازم يحبش

العنود بحزن: هذا عشانش أنتي تحبيني.. بس فارس......

مريم تقاطعها وهي تقول بحزم حنون:
العنود اسمعيني.. الرجّال مهما كان قاسي
المره تقدر تحتويه بحنانها
وتجبره يقابلها بحنان مشابه
وأنا ما أوصيش في فارس
لا تقصرين في حقه... فارس صدق رجّال حار وعصبي
بس بعد هو فعلا رجّال بمعنى الكلمة
فلا تقصرين في حقه.. وإن شاء الله إنش أنتي اللي بتكسبينه

العنود بتوتر: أنا ماني مقصرة في حقه بس..

مريم بحنان: لا بس ولا شيء
أنتي أرضي ضميرش وربش من ناحيته ولا تخافين من شيء



غرفة هيا ومشعل


مشعل يتمدد على سريره وظهره مسند لظهر السرير
وينظر بوله لهيا التي تمشط شعرها أمام المرآة
وكأن ضربات المشط تمر عبر روحه

هيا أنهت تمشيط شعرها
ثم توجهت له
مشعل أشار على فخذه
وهيا تمددت ووضعت رأسها على فخذه
ومشعل يمرر أصابعه خلال خصلات شعرها بحنان

هيا باستجداء: لازم روحة القنص ذي؟؟

مشعل يبتسم: أنتي ما تيأسين؟؟ خلصنا حبيبتي

هيا بعبوس: خلصنا.. خلصنا

ثم قالت كمن تذكر شيئا وهي تنهض وتستوي جالسة
وهي تقول بخجل: ظنك عماني ماخذين على خاطرهم مني؟؟

مشعل يجذبها ويريح رأسها على صدره
وهي تشدد احتضانها لخصره
ويقول لها بحنان: بعد أنتي الله يهداش الكلام اللي قلتيه ماينقال

هيا تبتسم وتهمس ووجهها مدفون في صدره: أنتو يا آل مشعل غريبين
يعني أنا ماقلت شيء يزعل

مشعل يطبع قبلاته على شعرها ويهمس:
من حيث هو يزعل إلا يزعل ويزعل.. لا تقولين ماقلت شيء يزعل



هيا تتذكر ماحدث اليوم بعد صلاة العصر
حين ناداها مشعل لمقابلة عميها

وجدت الاثنين يجلسان متجاورين
بديا لها مذهلين
لهما ألق غريب وحضور كاسح
وعبق وجودهما في المكان عميق وحنون وشامخ ومفعم بالكبرياء

قبلت رأسيهما
ثم جلست بجوار مشعل

بعد السلامات المعتادة
كان محمد أول من تكلم
قال لها بحنان: أدري عادش تعبانة وتوه البارحة عشاش عند عبدالله
وبكرة مشعل رايح القنص
فعشاش بعد بكرة عند أمش أم مشعل وخواتش مريم والعنود

هيا باعتراض: بس يبه...

محمد يقاطعها بحزم: خلاص يا أبيش لا تراديني

هيا باحترام: خلاص يبه تم

عبدالله فتح الموضوع الرئيسي وهو يقول بهدوء:
أكيد يا أبيش أنتي تدرين إن جدش
توفى قبل أبيش الله يبيح منهم كلهم

هيا انتفضت بعنف
وذكرى وفاة والدها تحضر
ابتلعت ريقها وصمتت

ومحمد يكمل وهو يبتسم: مهوب المفروض تسألين عن ورثش؟؟

هيا انتفضت وهي تقول باحترام: أبي خلا لي حلال واجد
الله يبيح منه كان كل شيء مسجلة باسمي قبل يموت
أراضي وفلوس في البنك.. وزيادة عن كذا وش أبي

عبدالله بهدوء: جعلش في زود
بس سلطان أبي خلا له ورث مهوب شوي
وهذا حقش واحنا الحين نبي نسلمه لش

هيا بهدوء: إذا بتكلمون في حق.. فأنا لي نصه بس
والنص الثاني لكم.. لأنه البنت ما تحجر الورث عن عمانها

محمد وعبدالله وقفا كلاهما بغضب
والاثنان يحاولان كتم غضبهما
وهيا انتفضت بعنف من وقفتهما المفاجئة
وردة فعلهما المتشابهة

محمد بغضب وهو يستعد للخروج: مشعل فهم مرتك
إنه مهوب حن اللي ينقال لنا ذا الكلام

محمد خرج وعبدالله خرج خلفه

هيا التفتت على مشعل وهي مستغربة:
اشفيهم زعلوا مشعل؟؟ أنا ماقلت شيء يزعل

مشعل تنهد وهو يقول لها بعتب:
إلا قلتي شيء يزعل بس ما تنلامين لأنش مابعد تعرفين إبي وعمي
هيا.. أبي وعمي لو بيموتون من الجوع ماحطوا عينهم على ورثش
أشلون وهم عندهم خير ربي ولله الحمد

هيا بعناد: بس أنا بعد عندي خير.. وأنا ماتكلمت إلا في حق

مشعل بحزم: هيا خلاص.. الموضوع منتهي
ولا عاد تفتحينه مرة ثانية
أنا بأخلص لش اجراءات الورث وأحوله كله باسمش قبل نرجع أمريكا



قمرهم كلهم 10-05-2010 08:35 AM

رد: أسى الهجران
 
اليوم التالي
نهار السبت

فارس في سيارته ويخرج من بوابة بيته للخارج
وهو خارج رأى سيارة ناصر تخرج من بيت عمه المجاور

اتصل بناصر: وقف خلني أعطيك البطاقات اللي طلبتها
مهوب تقول باقي اثنين ماعطيتهم بطاقات

ناصر بهدوء: خلاص أوكيه

تصادفت السيارتان في الخارج بشكل متعاكس
كان هناك من تجلس بجاور ناصر
ورغم أنه لا يظهر منهما شيء إطلاقا
فطرف الشيلة مسدل على فتحي العينين
وأكمام العباءة مضفاة على كفيها
ولكنه لم يحتج من يخبره من هي
فقلبه أخبره من تكون
وروحه التي غادرته منذ زمن لتحلق حولها أخبرته من تكون

كل منهما أشاح حتى لا ينظر للآخر وحتى يُشعر الآخر بذلك
ولكن كل منهما استرق من النظرات الكثير
هو من تحت نظارته الشمسية
وهي من تحت شيلتها التي تغطي عينيها

(أخ.. الله يعدي ذا الأيام بسرعة على خير
وتقعدين جنبي أنا)


(إيه ما ألومهم البنات يغازلونه
الأخ كاشح ومتعدل كنه رايح عرس)


فارس بنبرة عدم اهتمام مصطنعة وهو يناول ناصر البطاقات:
وين رايح؟؟

ناصر بتلقائية: الأهل عندهم موعد عند دكتور الأسنان

فارس غصبا عنه اشتعل: دكتور وإلا دكتورة؟؟

ناصر بخبث: والله مهوب شغلك..

فارس من بين أسنانه وهو يقول بحزمه الطبيعي:
ناصر أنا سألت سؤال محدد تجاوبني جواب محدد
سألتك دكتور وإلا دكتورة؟؟

العنود دقات قلبها بدأت بالتصاعد
(يعني مهوب أنا بروحي اللي أغار)

ناصر بذات الخبث: دكتور.. وش عندك؟؟

فارس بحزم: رجعها.. مافيه روحة

ناصر يضحك: ماني متفرغ لك وإلا كان طولتها عليك شوي
تأخرنا على الدكتورة
سامعني.. الـــــدكــتــورة.. تاء تأنيث في الأخر

فارس يشتعل من الغضب من ناصر الذي بالغ في إحراجه أمام العنود
أغلق نافذته وتحرك دون أن يرد على ناصر

العنود كانت تبتسم.. شعرت أنها انتقمت منه انتقاما لطيفا ممتعا
لكنها همست لناصر بخجل: حرام عليك احرجته

ناصر يلتفت لها وهو ينظر لها بنصف عين: عشتو.. الأخت شايلة همه؟؟



بعد صلاة الظهر
بيت مشعل بن محمد

لطيفة في المطبخ الداخلي
تصنع حلوى سريعة من أجل الغداء

مشعل عاد من الصلاة هو وأبناؤه
محمد وعبدالله صعدا لشقيقتيهما

ومشعل أطل في غرفته ولم يجد لطيفة
عرف أنها لابد في المطبخ
نزل لها

وجدها منهمكة في عملها

همس بهدوء: السلام عليكم

لطيفة التفتت له وابتسمت: وعليكم السلام
وهي تحاول إزاحة خصلة بظهر كفها
لأن يديها متسختين بصف البسكويت المبلل بالحليب في الصينية

مشعل اقترب منها وأزاح الخصلة خلف أذنها
وهمس لها: شتسوين؟؟

لطيفة برقة: حلا

مشعل بابتسامة: كفاية حلاش

لطيفة ضحكت: لا بصراحة تطورك مذهل

مشعل بعمق: أدري قصرت واجد في حقش
في كل شيء كنت مقصر .. حتى في الحكي مقصر.. و....

لطيفة تقاطعه: لا تقول شيء حبيبي
المهم ما تخلي شيء يخرب بيننا
لأني عقبها ماني بمسامحتك لو مهما صار

مشعل احتضنها من الخلف وهو يهمس في أذنها:
أنا والله ما أستاهلش
سامحيني حبيبتي

ابتسمت لطيفة: كفاية تقول حبيبتي عشان أنسى كل شيء




**********************




المساء
مساء السبت
المساء الثوري
الذي يحمل وسيحمل الكثير من الأحداث



الدوحة
بعد صلاة المغرب

غرفة موضي

كانت موضي مازالت تصلي
دخلت عليها والدتها

جلست أم مشعل على السرير تنتظر انتهاء موضي من الصلاة

موضي سلمت
ابتسمت وهي تقول لأمها: أم مشعل مشرفتنا بالزيارة
كان دعتيني فديتش وأنا جيتش لين مكانش

أم مشعل بنبرة غامضة: أبيش في موضوع ما أبي حد يسمعه

موضي استغربت وتوترت: وش فيه يمه؟؟ مهوب عوايدش

أم مشعل بحزم لم تعتده منها موضي: اسمعيني موضي
أنا دارية إن الزفت ولد أخي في مصر يعالج
جابر قال لي.. ولولا غلا جابر اللي ماله حد عندي
وإلا كان دعيت على ولده اللي حرق قلبي باللي أنا شفته فيش
أنتي كنتي أكثر وحدة في بناتي جاها خطّاب لكن حن بديناه على خلق الله..
لكنه بدل مايصون الجوهرة اللي عطيناه إياها
داسها بدون ما يحشم إني عمته وإن عبدالله خاله

موضي توترت وتوترت بشدة.. لم تتخيل أن أمها تحمل هذه المشاعر العنيفة المتشابكة ناحية موضوعها
فهي كانت صامتة غالبا.. لا أحد يعلم بالذي يدور في عقلها
مستعدة لتقديم الحنان للكل وبلا حدود.. ولكنها مغلقة غير قابلة للتفسير
تماما مثل مشاعل التي كانت أكثرهن شبها بها حنانا وغموضا وشكلا

موضي بتوتر: خلاص يمه موضوع حمد انتهى.. وش تبين فيه؟؟

أم مشعل بذات الحزم: اسمعيني موضي عدل.. أنتي قربتي تخلصين عدتش..
وأنتي عارفة إنه فيه كم رجال لمحوا أنهم يبونش عقب العدة
وكلهم رياجيل فيهم خير... استخيري ربش.. وشوفي من اللي أنتي تبين منهم عشان نرد الباقيين إذا خطبوا.. لأنه تدرين إن خطبة المسلم على المسلم ما تجوز

موضي برعب حقيقي: يمه تكفين أنا ما أبي أعرس خلاص..
أنتي عارفة إني قاعدة أخلص اجراءاتي وباستلم شغلي قريب.. ما أبي عرس خلاص

أم مشعل بحزمها الغريب: تبين حميّد الكلب يرجع من العلاج ويعينش قاعدة
لا والله واللي رفع سبع سماوات بليا عمد
مايرجع إلا وأنتي في رأس رجال أخير منه ومن لحيته

موضي لم تحتمل
بدأت بالبكاء.. رغم أنها لا تحب أن يراها أحد وهي تبكي
انكبت على يد والدتها تقبلها.. وهي تتضرع بمرارة: يمه تكفين ما أبي أعرس..

أم مشعل لا تحتمل دموعها ولكنها مصرة على أفكارها الغريبة
فقلبها محترق على موضي
وهي تعلم يقينا أن موضي مهما أخفت جروحها فإن هذه الجروح لا تتوقف عن النزيف
وتعتقد أن علاج جروح موضي سيكون في رجل ينسيها حمد..ومافعله بها..
رجل يعيد ثقتها بالرجال.. وأنه كما كان هناك حمد المتوحش.. سيكون هناك رجل حنون قادر أن يحتويها
فهي لا تريد أن يعود حمد من مصر.. وتنكأ عودته جروح ابنتها
همست باستجداء و داخلها يذوي وهي تحتضن موضي:
برضاي عليش ياموضي
برضاي عليش ما ترديني



القاهرة
بعد المغرب

باكينام اليوم سعيدة جدا
فهي تجلس بين جدتيها الأثيرتين
وتقوم بدور الترجمة بين الاثنتين
والعجوزان تتجادلان طويلا وتتفقان حينا وتتعارضان أحيانا
وباكينام مستمعة جدا بهما ومعهما
لم تشعر بالسعادة منذ زمن
مـــــنــــــــذ .............

نفضت الفكرة من رأسها
وهي تعود للاستغراق مع جدتيها ومتعتها معهما
وهي تعدهما بجدول تأخذهما فيه لكل أرجاء القاهرة بل ومصر كلها
فهي تريد أن تذهب بهما للاقصر وأسوان وشرم الشيخ والاسكندرية
خلال الشهر الذي تبقى فيه في مصر
ورغم أن فيكتوريا قررت أنها ستبقى لأسبوع فقط

باكينام بحماس: لا لا ماما أسبوع لا يكفي مطلقا
ستبقين معنا حتى أعود لواشنطن وأنتي تعودين مع ماما وبابا لبريطانيا

فيكتوريا بتردد: لكن صغيرتي..

باكينام باستجداء: أرجوكِ فيكي

فيكتوريا بحنان: حسنا لابأس.. أنتِ بالذات لا أستطيع أن أرفض لكِ طلبا

صفية تقاطع الحديث: بتئول لك إيه أنتك الخواجايه؟؟

باكينام تبتسم وهي تحتضن صفيه من كتفها: بتئول أنتك التركية دي زي فلئة الئمر

صفية تبتسم: والله كلها زوء الوليه دي.. مع أني عارفة إن دي تأليفة من جناب حزرتكم

سوزان تدخل عليهم قادمة من المطبخ بعد أن أوصتهم بإعداد العشاء للعجوزين
وهي تهتف لباكينام بالعربية: باكي ماما.. مش يئوم يلبس؟؟ مافيش وئت هبيبي

باكينام بتأفف: من فين طلع لي الحفل الزفت ده... والله مش عاوزه أروح

سوزان التي كانت تصعد: أسمعكِ يافتاة.. اشتمي بكل اللغات التي تعرفينها
لأنكِ ستذهبين في كل الأحوال


الدوحة

بعد صلاة العشاء
غرفة مشعل وهيا

مشعل يربط حقيبة النوم الخاصة به جيدا ثم يضعها بجوار حقيبته

هيا تقف صامتة

مشعل يقترب منها ويهمس وهو يرفع وجهها: على الأقل ودعيني بابتسامة

هيا بحزن: أبتسم غصبا عني يعني؟؟

مشعل تضايق فعلا: هيا حبيبتي أنتي كذا تخليني أروح وأنا متضايق

هيا أشاحت وهي تعطيه جنبها: خلاص لا تروح

مشعل تنهد: طالعيني

مازالت تشيح..

مشعل بحنان: حبيبتي طالعيني

نظرت له.. كانت تحاول أن تخفي دموعها العنيدة

مشعل شدها واحتضنها بحنان: حبيبتي أنا رجال أحب القنص
كل ما أجي أروح بتسوين لي كذا يعني؟؟
لا تصيرين نكدية باقلبي

هيا بحزن: عشان هذي أول مرة
أنا آسفة حبيبي
تروح وترجع بالسلامة

مشعل يبتسم وهو يبعدها قليلا عنه وينظر لوجهها:
إيه كذا عفيه عليش

طبع قبلة عميقة على جبينها
ثم مال ليحمل حقيبته وهمس لها: خلي بالش من نفسش
وأي شيء تبينه دقي علي معي تلفوني ومعي خط ثريا بأرسل لش رقمه الحين

القاهرة
حدود الساعة العاشرة مساء
فندق الفورسيزونز على الناحية الغربية من النيل
حيث يُقام حفل عشاء طاهر عزت الذي أقامه على شرف أعضاء مجلس الشعب الجدد
طاهر عزت من كبار رجال الأعمال المصريين
ورغم علاقته الوثيقة بالسياسيين إلا أنه هو نفسه رفض خوض غمار السياسة
رغم أنه عرض عليه عدة حقائب وزارية رفضها
كما رفض ترشيحاته لخوض غمار انتخابات مجلس الشعب
فهو مكتفٍ بضغط أعماله وليس مستعدا لخوض مشاكل السياسة

الليلة نخبة المجتمع المخملي المصري تحضر
500 مدعو فقط من السلك الدبلوماسي وأطياف السياسة وحتى المعارضة ورجال الأعمال الكبار

باكينام كانت تتبع سيارة والدها لأنها كانت تريد إلقاء التحية بسرعة
والعودة هروبا لأحضان جدتيها
تضايقت كثيرا من الأجراءات الأمنية المشددة
ولولا أنها دخلت ولا تستطيع التراجع أو كانت تحججت بالإجراءات الأمنية وعادت
لأول مرة تكره بهذه الطريقة الذهاب لمكان

وصلت وهاهي تمشي خلف والدها ووالدتها
كانت باكينام متألقة تماما
في بنطلون واسع من الحرير الأسود الثقيل
فوقه قميص حرير أخضر واسع بقصة مبتكرة ينحدر من أعلى ركبة أحد الرجلين ليصل لمنتصف ساق الرجل الثانية
وحجاب هو خليط حريري من اللونين
واللون يبرز بشفافية إخضرار عينيها وصفاء بشرتها الثلجية

رأت وجوها لم ترها في غير وسائل الأعلام والصحف
ووالدها يبتعد عنهما لينخرط في الحديث معهم
كانت باكينام تشعر بغثيان حقيقي من الجو العام وتريد أن تنهي مهزلة الاستعراض هذه لتعود لبيتها
همست في أذن والدتها: ماما فين الست منال دي عاوزة أسلم عليها وأمشي؟؟ (قالتها بالعربية)

والدتها ترد بعربيتها المكسرة: ماما باكي شويه سبر

ومع إنهاء سوزان لجملتها كانت السيدة منال تصل
وكان منظرها مفاجئا لبيكنام تماما
فهي توقعت بحكم مكانة زوجها وغناه أن تكون سيدة متحررة في لباسها
وخصوصا أن والدتها أخبرتها أنها درست سنوات دراستها كلها في بريطانيا
ولكنها تفاجأت أنها ترتدي عباءة خليجية سوداء مطرزة بتطريز خفيف على الأكمام والشيلة
وبدا منظرها لطيفا محتشما جدا.. وهي بدت مهذبة وحنونة لأبعد حد

رحبت منال ببكينام كثيرا بل وبطريقة بدت لبكينام مبالغا فيها
(هي لا تعرفني
فلمَ هذا الترحيب كله؟؟)

منال باهتمام: أنتي بتدرسي ماستر في جورج تاون.. صح؟؟

باكينام بأدب وهي تريد أن تنتهي لتذهب: آه صحيح

منال برقة: ابني كمان في جورج تاون بس دكتوراة علم اجتماع ئرب يخلص خلاص
هو أستاز جامعة هنا في جامعة القاهرة
هو كان درس البكلوريا الدولية والليسانس والماستر في بريطانيا بس بعدها حب يغير
هو تفكيره غريب شوية
تعرفي حبيبتي باكينام هو اللي أصر أنك لازم تنعزمي.. أكيد بتعرفوا بعضيكم في الجامعة

منال قالت الجملة الأخيرة بنبرة خاصة توحي أن مابينهما يتجاوز مجرد التعارف
وهي تنظر لبكينام نظرة استحسان تقييمية
بينما باكينام كانت تستمع لها وهي تدعي الاهتمام من باب الذوق رغم أنها غير مهتمة إطلاقا
(وأنا أعمل إيه بابنها الدلوعة زفت الطين؟؟!!)
حنى وصلت منال للجملة الأخيرة
حينها تحفزت مشاعر وذهن باكينام بعنف
وخصوصا حين مر بهم أحد مساعدي طاهر عزت ونادته منال وهي تقول:
فتحي لو سمحت انده يوسف ئول له مامتك عاوزاك حالا

قمرهم كلهم 10-05-2010 08:37 AM

رد: أسى الهجران
 
القاهرة /فندق الفورسيزونز


منال توجه الحديث لأحد مساعدي زوجها:
فتحي لو سمحت انده يوسف ئول له مامتك عاوزاك حالا

باكينام شعرت أن قلبها نزل إلى أخمص قدميها
لم تكن بحاجة لترى يوسف هذا لتعرف من هو
رغم صعوبة التخيل وتباعد طرفيه
من نادل لابن واحد من أغنى أغنياء مصر
ولكن واحداً زائد واحد يساوي اثنين

يوسف؟؟.. ومعها بذات الجامعة؟؟.. ويعرفها؟؟

ناتج جمع الاحتمالات: لا أحد غيره
رغم استحالة التصور الذي جعلها تشعر بألم في أسفل معدتها
وألم أشد في رأسها الذي شعرت فيه بصداع حاد ناتج عن إرتفاع ضغطها فعليا
وألم أشد وأشد في عروق قلبها التي تكاد تنفجر من ضغط الدم المتدفق بكثافة لشرايينه
لا تتخيل أن تراه
بل يستحيل أن تراه

كانت تريد الهرب قبل يصل
(لِمَ الآن؟؟ ولِـمَ هنا؟؟)

باكينام بأدب وهي تتحكم تماما بطبقة صوتها حتى لا تشي بالبركان الذي ثارت حممه في داخلها:
خلاص اسمحوا لي أستأزن
ستي لسه واصلة من لندن ولازم أرجع ليها

منال أمسكت بيدها: تروحي فين.. ده يوسف جننا عشانك
وهو عامل لك سربرايز الليلة تروحي إزاي

"تروح فين؟؟"
الصوت العميق الساحر الذي ألهب خيالها وأحلامها وقلّب كل مواجعها وأقسى آلامها
الصوت ذاته
ذاتــــه

منال بحنان: أهلا ياحبيبي.. تعالى.. باكينام عاوزة تروح.. خد بالك منها
أنا وسوزي هنشوف العواجيز اللي زينا

لم تكن سوزان تريد ترك ابنتها مع هذا الشاب الذي بدا لها بحضوره الكاسح خطرا كاسحا
ولكن منال همست لها عدة همسات جعلت سوزان تبتسم وتنسحب معها

باكينام لم تنتبه لانسحاب أمها ومنال
لم تنتبه لشيء ولا لأحد
المئات حولهما
ولكن كل هذه الحشود تحولت لسراب.. لخيالات
أمام حقيقة راسخة واحدة

يـوســف
يــــــــوســـــف


بدا لها أكثر وسامة.. أكثر إيلاما في طقم رسمي أسود أبرز عرض كتفيه
مختلف.. مختلف جدا
هل بسبب عبق الغنى والنفوذ الذي يحيط به؟
لا.. لا
إنها نظرته المختلفة
نظرة عتب وحزن....... وقسوة

صامتان
تمور بهما وحولهما عشرات الانفعالات

باكينام كانت أول من تكلم وهي تقول بثقة
وكل عروقها المجنونة تحضر وتصطرع التركي والإيرلندي والانجليزي والمصري
وهي تحاول التركيز مع كل الآلام التي اجتاحتها مع رؤيته:
أتمنى إنك مش جايبني هنا عشان تهزئني

يوسف ببرود: أنا مش رخيص للدرجة دي عشان أعملها
مع إنها فكرة حلوة
أرد الإهانة بإهانة
بس أنا ما أنزلش نفسي للمستوى التافه ده
لأني مش تافه وفاضي زيك
أنا جايبك لسبب.. بس أهم أهم بكتير

باكينام تحاول السيطرة على أعصابها:
خلاص خليك في مستواك ومع الناس اللي من مستواك
أنا أستازن لأني مش مستعدة أئعد وأسمع اهانات
وأسبابك ما تهمنيش.. خليها لك

يوسف بذات البرود وبثقة مرعبة: أسبابي هتهمك
وهتهمك أوي كمان

باكينام بأدب إجباري يفرضه عليها وضع والدها وطبيعة الحفل الذي هما فيه:
يوسف احنا مافيش حاجة بيننا نتكلم فيها
الكلام كلو خلص في واشنطن

يوسف مازال يتكلم بثقة مخيفة:
أولا ما تنادنيش يوسف حاف
سانيا: الكلام لسه هيبتدي.. في واشنطن أنتي تكلمتي
دلوئتي دوري أنا أتكلم وأنتي تتخرسي

باكينام بغضب مكتوم وعروق كرامتها تتصادم في رأسها:
عاوزني أقول لك إيه؟؟؟.. يوسف باشا مثلا
وأنته اتكلم براحتك مع نفسك
ماعنديش استعداد أسمع مجانين
سلم ع الست مامتك

يوسف ببرود وثقة قاتلين: أوعي تتحركي
أما تئولي إيه؟؟ فمخك راح للبشوات
لأنه وحدة فاضية مثلك مايملاش فضاوتها غير الألقاب الكبيرة
أنا عاوزك تئولي: يوسف حبيبي
عشان الليلة هنعلن خطوبتنا ياحبيبتي

قال الكلمة الأخيرة (حبيبتي) وهو يضغط على كل حرف بطريقة مقصودة
وبسخرية لاذعة




الطريق البري الواصل بين سلوى والأحساء

راكان ومشعل تجاوزا المراكز الحدوية للتو
طيراهما (لطّام) صقر مشعل و (كسّاب) صقر راكان على المقعد الحلفي
وكان راكان هو من يقود
والاثنان يتبادلان الحديث

مشعل لراكان: وش فيه أبو محمد غير رأيه من الروحة معنا؟؟

راكان يبتسم وهو يخلع غترته ويضعها جواره ويمسح على شعره القصير الناعم:
على قولتك مخه مافيه غير شغله
يقول جا له شغل طارئ
أسأله شنو ذا الشغل الطارئ
يقول لي: شغل مالك خص فيه

مشعل يضحك: لا يكون أخيك يبي يعرس على أختي
ترا بأقطع أذانيك أنت وياه

راكان يضحك: زين قطع أذانيه هو.. أنا وش ذنبي؟؟

مشعل بمرح: أخيه.. لازم نعاقبك معه..

راكان بمرح مشابه: لا لا تخاف على أم محمد
مسيطرة على الوضع تمام
مشعل صار له كم شهر وهو من الساعة 10 أو 11 محضر في البيت
صاير بيتوتي يغثي

مشعل بابتسامة: إيه طسهم عين يالبندق

راكان بمرح: والله بطسك أنت اللي نص ساعة قاعد أنتظرك على باب بيتكم لين طلعت علي..
ذا كله مهوب هاين عليك فراق بنت سلطان
يا أخي كان قلت لي من أولها وهوننا

مشعل بشفافية مرحة: مشكلتك كاشفني
ثم أكمل باهتمام: هاه أشرايك نمسي الليلة في الحسا؟؟ وعقب صلاة الفجر نغبش

راكان بهدوء مبتسم: شورك وهداية الله


موضي في غرفتها
لم تخرج منها منذ صلاة المغرب
بعد الفاجعة التي فجعتها بها والدتها

لا تريد أن ترى أحدا
فهي ليست في مزاج لمقابلة أحد أو الحديث مع أحد
أو إرتداء أقنعة المرح المتعبة

طرقات خفيفة على الباب
ثم دخل الطارق

هيا بتردد: موضي وش فيش؟؟
حتى عشا ما تعشيتي

كانت موضي تتمدد على سريرها.. ردت بتعب:
تعبانة شوي هيا

هيا اقتربت منها وجلست جوارها:
تبين أجيب لش شيء؟؟

موضي بذات النبرة المتعبة: لا فديتش.. أنا كلت حبيتين بنادول بأنام شوي وبأصير أحسن

هيا تقف وتقول بحنان: خلاص بأخليش ترتاحين

موضي تلتفت لها وتقول بأسف: أنا آسفة هيا
أدري مشعل مسافر وأكيد إنش ضايقة
بس اسمحي لي الليلة بس.. أنا فعلا تعبانة

هيا التفتت لموضي لتقول لها بعمق:
موضي لا تحملين نفسش فوق طاقتش
وأنتي منتي بمطالبة تكونين السوبرومن اللي تطيب خاطر كل الناس
وهي خاطرها مسكور
متضايقة وحزينة.. عبري عن اللي في خاطرش
ولا تهتمين لأحد غير نفسش
أنا بأنزل لجدتي وبأنام عندها
بس أنتي انتبهي لنفسش وطيبي خاطرش
لأنه مافيه شيء في الدنيا يستاهل نحزن عليه
خذي ذا الكلام من وحدة شافت الحزن ألوان وألوان



مجلس آل مشعل

سعد ومشعل في الزاوية يدور بينهما حديث خاص

سعد بلهفة: هاه مشعل ردت عليك بنت محمد؟؟

مشعل يبتسم: أنت منت بشايف إنك قدك كبير على ذا الطفاقة؟؟

سعد يبتسم: وأنت منت بشايف إنك قدك كبير على ذا الملاغة؟؟

مشعل بمرح: عاد لا تخلي الملاغة تحضر.. وأقول ماعندي خبر لين الأسبوع الجاي وإلا اللي عقبه

سعد بابتسامة: مشعل خلصني.. ماتسوى علي ذا الخطبة وترتوني.. والليل ماعاد أمسيته

مشعل همس لسعد وهو يضحك: زين قوم الحق على أبي قدام يروح يمسي
كون كنك تبي تأجل الخطبة لوقت ثاني؟؟؟

سعد وقف بحزم: وش أأجل؟؟ الحين أكلمه.. ماصدقت تبلون ريقي


شقة من الشقق الفندقية المفروشة على أول الأحساء
لا يستطيعان النزول في فندق
لأن الفندق لن يقبل بإدخال طيريهما معهما

مشعل يستحم
وراكان كان يصلي قيامه
سمع هاتف مشعل المحمول يرن عدة مرات

حين سلم.. سمعه يرن مرة أخرى
التقطه
المتصل: نبض قلبي

راكان قرر أن يرد
أولا رأى أنها فرصة أن يسلم على ابنة عمه زوجة مشعل
يبارك لها زواجهما ويرحب بعودتها
وثانيا هي اتصلت عدة مرات خشي أن يكون هناك طارئ

رد بصوته الواثق العميق: حيا الله بنت سلطان

صوت أنثوي عذب مرتبك ومتعب وغير غريب: حياك الله بس أنا بنت عبدالله

راكان باستغراب: موضي؟؟

موضي بصوتها المستنزف إرهاقا والواضح به أثار البكاء:
إيه طال عمرك.. وين مشعل؟؟

راكان لا يحتاج كثير ذكاء ليعلم أنها كانت تبكي
صوتها الباكي هزه بعنف.. فمهما كان هذه إحدى بنات مشعل
وليس لكونها موضي بالذات أي دخل في اهتمامه
سألها بهدوء قلق: موضي.. فيه شيء؟؟ حد صاير عليه شيء؟؟

موضي باستنكار: لا والله العظيم كلنا طيبين بس كنت أبي مشعل في موضوع

راكان بثقة: مشعل قريب.. إذا أنا اقدر أسوي شيء تراني حاضر

موضي صمتت
وفكرة مجنونة مجنونة
مــجــنــونــة تخطر ببالها..
طال صمتها الذي أثار قلق راكان أكثر: موضي إذا تبين شيء أنا حاضر

موضي تنهدت بعمق ثم قالت بخجل هامس: راكان أنا بسألك سؤال
وبناء على ردك على ذا السؤال بيكون الطلب اللي بطلبه

راكان استغرب: سؤال ثم طلب؟؟.. تفضلي

موضي بهدوء متردد: مرت رفيقك محمد الله يرحمه عادها على ذمتك وإلا طلقتها؟؟؟

راكان صُعق.. بهت.. صُدم صدمة عمره
من أين تعرف.. وكيف؟؟
يستحيل أن يكون ناصر أخبر أحدا..
حتى لو كان ناصر من أخبر، مع أن هذا مستحيل،فلابد أن تكون عرفت بالطلاق أيضا
ولكن بما أنها لم تعرف بالطلاق فمعرفتها بالموضوع قديمة
راكان كان مصدوما بكل معنى الكلمة.. رغم أن راكان بشخصيته الموغلة في الثقة لا يهزه شيء..
كما أن كبرياءه لا يسمح له أن يستجوبها: كيف عرفت ومن أين
فهي عرفت وانتهى.. ويبدو أنه لا أحد سواها يعرف أو كان تفاجأ بمعرفة أهله للموضوع أيضا

لذا أجابها بهدوء واثق: طلقتها من سنة تقريبا

موضي تنهدت وهي تقول بارتباك: زين أنت مستعد تعيد اللي سويته مع مرت محمد
تتزوج وحدة زواج صوري كخدمة إنسانية لذا الوحدة؟؟

راكان مستغرب بشدة.. يبدو أنها تعرف الكثير عن زواجه وظروفه
(وموضي بالذات؟!!)

راكان بهدوء: موضي مافهمت أنتي وش تقصدين؟؟

موضي ابتلعت ريقها الجاف المنغرز بألم في حنجرتها كأشواك حادة
والكلمات تخرج متعسرة مذبوحة مفككة .. كلمات تشبه موضي في ألمها:

راكان تقدر تزوجني أنا؟؟




الساعة الآن 09:21 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0