close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ > ڪآن يآمآ ڪآن > للروايات المكتمله


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-05-2010, 08:38 AM   #61 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


الحوار الهاتفي مستمر بين راكان وموضي


راكان بهدوء: موضي مافهمت أنتي وش تقصدين؟؟

موضي ابتلعت ريقها الجاف المنغرز بألم في حنجرتها كأشواك حادة
والكلمات تخرج متعسرة مذبوحة مفككة.. كلمات تشبه موضي في آلمها:

راكان تقدر تزوجني أنا؟؟


راكان شعر كما لو قنبلة ما انفجرت في منتصف رأسه.. شعر بصداع مؤلم حقيقي
هل سمع موضي تعرض عليه أن يتزوجها أو كان يتخيل؟؟؟

راكان بصدمة حقيقية: أنتي يا موضي؟؟

موضي كانت أشبه بحطام مدمر..
ليست أشبه.. بل كانت فعلا حطاما متناثرا
لا تعرف كيف تجرأت أن تفعل هذا
أو كيف خرجت الكلمات من بين شفتيها
ولكن الفكرة خطرت ببالها فجأة وشعرت أن راكان قد يكون حلها الوحيد
كان أخر ماخطر ببالها أن يرد راكان على هاتف مشعل
وكأن قدرته سبحانه ترسم لها هذا المسار
أن تتصل وهي في محطمة تماما تبحث عن بعض السلوى عند شقيقها
فيكون راكان هو من يرد
وتقفز الفكرة لذهنها فورا ودون تخطيط

ردت عليه موضي بحزن وخجل : راكان أدري إن واحد مثلك مستحيل يفكر بوحدة مثلي

راكان شعر أن تقليل ابنة عمه من نفسها أمامه يخترق بقسوة روحه المشبعة رجولة:
لا موضي أرجوش لا تقولين كذا

موضي بذات الحزن والخجل: راكان خلني أكمل كلامي..
وأنت عقب لك مطلق الحرية توافق أو ترفض

راكان صمت

وموضي أكملت نزف روحها: راكان أنا أدري إنك تدري إن حمد كان يضربني
ويهيني من يوم خذني

راكان شعر أن جوفه يشتعل نارا محرقة وغضبا كاسحا وهو يتذكر الموضوع وعلى لسانها وبهذه النبرة النازفة ألما

وموضي تكمل بصراحة جارحة مؤلمة:
حمد ياراكان حطمني.. أقولها لك بكل صراحة.. ضربني وهانني فوق كل شيء ممكن تتخيله
أنا وحدة ما عاد أنفع لرجال لا جسديا ولا روحيا.. وأمي حالفة علي إني لازم أتزوج إذا خلصت عدتي
إذا أنت عندك استعداد تزوجني فأنا أوعدك أني أقوم بكل شيء يخصك على أكمل وجه
مكانك ثيابك عزايمك كرايمك.. لكن أكثر من كذا ماعندي استعداد أقدم
ومتى ما بغيت أنت تتزوج أنا مستعدة أخطب لك اللي تبي متى مابغيت
ومثلك ماحد يرده حتى لو عنده مره
وما أبي منك إلا أنك تحترمني وتخليني أشتغل
أنت سبق لك جربت الزواج الصوري في السر
ياترى ممكن تجربه الحين في العلن عشان بنت عمك وتسترها ؟؟
لأني لو انجبرت وخذت رجّال ثاني صدقني بانفضح عنده لو شاف رفضي له
وأنت خذ وقتك وفكر.. ولو رفضت صدقني ما ألومك لأنه حقك

ولكن ما فاجأها تماما كان رد راكان المباشر الواثق: مافيه داعي أفكر
لأني موافق

موضي بخجل: لا راكان أرجوك لا تحسسني بالذنب إني ضغطت عليك
فكر وشوف لو ذا الشيء يناسبك أو لا

راكان بثقة: خلاص موضي اعتبري الموضوع منتهي
بس أنا عندي طلب

موضي بلعت ريقها: أي طلب؟؟

راكان بهدوء: أنتي قلتي إنه أنتي مستعدة تقومين بكل شيء يخصني على أكمل وجه
وفيه شيء بعد لازم تحطينه في اعتبارش

موضي بحذر: اللي هو؟؟

راكان بهدوء: في منصبي في الشغل المجاملات لها دور كبير
وأنتي بنفسش بتشوفين زوجات زملائي كلهم بيجونش وبيجيبون لش هدايا غالية
فأنتي مضطرة تردين بالمثل.. وهو فعلا شيء متعب..
أي واحد فيهم زوجته تولد
أو وولده أو بنته يتزوجون لازم تروحين تباركين وتودين هدية
أنا قبل كنت عزابي فكنت معفي من المجاملات.. لكن إذا تزوجت لازم زوجتي تجامل زوجاتهم
مستعدة لذا المجاملات الكثيرة؟؟

موضي بحزن: إذا أنت مستعد تتزوجني.. فليش ما أكون مستعدة أرد جزء بسيط من جميلك
الشيء الثاني إذا ماعندك مانع خلها ملكة بس عشان أمي ترتاح
والزواج نفسه أجله قد ماتقدر


موضي أنهت أتصالها

والاثنان يغرقان في تفكيرهما الخاص
كلاهما يلفه ألم عميق.. عميق..
عـــمــــيـــــق

موضي مجروحة بعمق
نعم وافق أن سيتزوجها ولكن كيف تستطيع رفع عينيها له وهي من عرضت نفسها عليه
(الله يسامحش يمه
كله منش
خليتني أمام خيارين أحلاهما مر
وأحلى المرين أني أعرض على راكان يتزوجني
على الأقل راكان عارفة إنه بيستر على أي تقصير بيطلع مني
لكن أي رجّال ثاني لا)

كانت تشعر بألم عميق شديد الحزوز في روحها

(ألا يكفيني إحساسي بالمهانة حتى أكمله بعرض نفسي على رجل لم أخطر بباله يوما؟؟!!
رجل هو فوق الكمال
ويستحق من توازيه اكتمالا
وأتمنى أن يجدها يوما ليكمل معها حياته فعليا
فراكان رجل مختلف
رجل متخم بالشهامة والنخوة
أعرف هذا من سنوات
سره الذي كتمته لسنوات
وسأكتمه حتى أخر يوم بعمري
سره الذي جعله يكبر في عيني ألف مرة
وزاد احترامه في ذاتي الاف المرات
وهذا هو ما أريده رجل أحترمه ويحترمني
لا أريد شيئا غير الاحترام
استنزفني عيشي مع رجل أنا أحتقره وهو يهينني)


راكان كان في طوفان مشاعر مختلف
(موضي تعرض نفسها علي
ليه ليه؟؟ وعقب أيش جايه؟؟
موضي أنا ماعندي شيء أعطيه لش
أنتي تستحقين رجّال أحسن مني
أنا واحد ماعاد عندي مشاعر
أجدب قلبي وتصحرت روحي
أنا ماعاد أنفع أي مره.. أشلون موضي؟؟ موضي بالذات؟؟)

راكان كان بوده أن يرفض طلبها
بل تمنى رفض طلبها
ولكن رجولته أبت عليه أن يرفض امرأة تستنجد به
وهكذا فعلت موضي؟؟
فروحها المليئة بالثقوب لا تريد لأي رجل أن يراها
هو وحده يستطيع ستر عيوبها وتغطية ثقوبها حتى لا يراها سواه

راكان ماعرف قرب امرأة يوما
وماعاد يريد قرب إحداهن
مستغرق في عوالمه الخاصة التي استنفذته واستنفذت وقته
حتى ماعاد لديه وقت للتفكير في شيء
عمله المعقد الحساس
بطولات الرماية
مسابقات الشطرنج
فكيف يستطيع الآن استقبال هذا الهجوم الأنثوي المرفوض على حياته؟؟؟


(هيه هيه يا أخ أنت)
يد تهزه.. وصوت ضاحك

راكان بعدم انتباه: نعم مشعل

مشعل بمرح: تدري إني طلعت من الحمام
وصليت قيامي
وصار لي نص ساعة أدور تلفوني
وأنت ولا حاسس بشيء
لا ومتلوي على تلفوني بعد
وش سرحان فيه ذا كله.. وهات تلفوني..


مشعل يناوله تلفونه ويقول بعمق واثق:
مشعل ظنك موضي توافق علي إذا خلصت عدتها؟؟

فارق توقيت زمني هو ساعة أبكر
هو التوقيت الشتوي في مصر
الساعة 11 مساء في القاهرة
وعودة للجبهة الأخرى
على ضفة أخرى
حفل طاهر عزت


الحوار الناري المغطى الدائر بين باكينام ويوسف

باكينام بغضب مكتوم وهي تصر على أسنانها
وعيناها الخضروان تشعان بإخضرار عميق مرعب وفتّان: خطوبة إيه يا مجنون أنته؟؟

يوسف بنبرة مستفزة: خطوبتنا يائلبي

باكينام بصوت خافت وهي مازالت تسيطر على أعصابها:
أنا مش مستعدة أئعد وأسمع الجنان ده
أنت لو أخر راجل في العالم مستحيل أتجوزك

يوسف بثقة بردت دماءها: لو مشيتي هتندمي سدئيني

باكينام باستفسار غاضب: أنا عاوز أعرف أنت جايب السئة دي منين

يوسف بذات الثقة: بصي ناحية باباكي وماماتك دلوئتي
هتلائيهم بيبصوا ناحيتنا وبيبتسموا

وفعلا استرقت باكينام النظرات لتجد والدها ووالدتها يقفان مع طاهر عزت ونظراتهم عليها
وابتسامة مشرقة تنير وجه كل واحد منهما

باكينام برعب: أنتو ئلتوا إيه لماما وبابا؟؟

يوسف يبتسم ببرود: الحئيئة يا ئلبي..الحئيئة وبس
إنو احنا عارفين بعضينا في واشنطن
متفئين على الجواز بس أنتي ماحبيتيش تئولي لأهلك حاجة لحد ما أنا أتكلم رسمي
زي ما بنات الزوات اللي زي حضرتك بيعملوا
ماما ماكنتش عارفة التفاصيل كلها بس بابا عارف وهو اللي ئال لمامتك وباباكي

باكينام بغضب مر وهي ترتجف من غضبها
ولكن مازالت تتكلم بصوت خافت.. فهذه سنوات متطاولة من التربية الرفيعة:
أنت أكيد مجنون.. أنا هاروح لبابا وأئول إنك كداب
وإنك أنته اللي كنت بتطاردني في واشنطن.. وزي ما كدبت أنا هأكدب

يوسف بابتسامته التي باتت تكرهها بعد أن كانت تراها أحد أجمل الأشياء في الدنيا:
اعملي كده وشوفي اللي هيجرالك

باكينام بثقة: أنت مش ماسك لي زله عشان تهددني..
وأنا عمري ماعملتش غلط عشان أخاف منه

يوسف بثقة: باكي أنتي في واشنطن شفتي وشي السمح المتواضع الطيب
وماعجبكيش
ماتجبرينيش أوريكي وش الواد المتبغدد اللي بفلوسه ممكن يعمل كل حاجة

باكينام بثقة مثل ثقته: أعلى مافي خيلك اركبه

يوسف بابتسامة: من أوطى خيلي مش أعلاها أني هأروح لباباكي دلوئتي
وأئول له إنه احنا تجوزنا في واشنطن جواز عرفي
وممكن أديه تفاصيل حميمة أوي منها مسلا مسلا
الشامة الكبيرة اللي في أخر ظهرك
وطبعا نسخة من عقد زواجنا العرفي
فتخيلي أعلى خيلي هيبئى إيه

باكينام تريد أن تبكي.. تريد فعلا أن تبكي
لم تتخيل أن فارس أحلامها المليء بالرجولة والسحر
يتحول أمامها لوحش مريع مرعب
مستعد لنسفها للانتقام منها
وإجبارها عليه
(والشامة دي عرف عنها إزاي؟؟)

باكينام تتنهد لكنها يستحيل أن تظهر انفعالها:
يوسف أنت بتعمل كل ده ليه
ألف وحدة تتمناك.. أنا مش عاوزاك سيبني في حالي

يوسف ينظر لها بتحدي: ولا أنا عاوزك.. بس أنتي عاوزة تأديب
وأنا عاوز أعمل خدمة لأهلك وأربيكي من جديد

باكينام بتحدي مشابه: أنا متربية ئبل ما أشوفك
وسدئني لو عملت اللي في رأسك.. مافيش حد هيندم غيرك

فور إنهاءها لجملتها كان والدها يقف بجوارها وهو يهمس لها:
ليه ما ئلتي ليش ئبل كده يا باكي؟؟

باكينام صمتت

يوسف كان من استلم زمام الحديث بثقة:
أنا اللي ئلت لها ياعمي.. ماتئولش لحد ،لحد ما أتكلم رسمي..
أو حضرتك شايفني ما أستاهلش باكي؟؟

طه بابتسامة مهذبة: لا والله يا ابني..

يوسف بثقة: الحفلة دي فرصة ما تتعوضش نعلن فيها خطوبتنا
كبرات مصر كلهم موجودين

طه التفت لباكينام وقال بحنان: الرأي رأي باكي

يوسف التفت لباكينام وهو يشعر بتوتر عميق في داخله
قد يكون أقنعها بترهات الغضب والكراهية
ولكنه يستحيل أن يسمح لها أن تطل على روحه التي تغلغلت هي في كل خلاياها منذ أشهر
منذ اليوم الأول الذي رأها فيه في واشنطن
قبلا لم يهتم يوما بالنساء مع انشغاله بدراسته وأبحاثه
حتى جاءت هي.. وكأنه كان ينتظرها طوال حياته
قيدت مشاعره وشدتها ناحيتها بقوة
وبعد ما حدث في واشنطن حاول تناسيها وإقناع نفسه أن إحساسه ناحيتها ليس سوى مجرد إعجاب
لكنه اكتشف أنه يخدع نفسه.. فهذه الأنثى اختلطت بأنفاسه

والليلة
من بداية الحفل وعيناه على المدخل ينتظر وصولها
ومنذ رأها وهي تدخل خلف والدتها ووالدها
وهو يشعر أن روحه نُسفت
بدت له أجمل وأعذب من كل أحلامه
نعم هو مجروح حتى أخر أعماقه منها ولكنه يريدها.. يريدها بجنون
كان يصبر نفسه وهو يسترق النظرات لها
حتى نادته والدته
وجاءت عيناه في عينيها ..الموج الأخضر الساحر
شعر أن قلبه يذوب.. وكل إيماءة منه طعنه في روحه


وهاهو ينتظر ردها وكأن حياته تتعلق على كلمة منها
يستحيل أن ينفذ شيئا من تهدايداته لها
فهو يستحيل أن يضرها بشيء
ولكن مهمته كانت تتركز على إقناعها بقدرته على فعل ذلك

باكينام بمرارة وعيناها في الأرض : موافئة يابابا



 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 12:30 PM   #62 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم



القاهرة
حفل طاهر عزت

باكينام أعلنت موافقتها كأنها تعلن حكم إعدامها
كانت مثل المغيبة
لم يخطر لها لافي أحلامها ولافي كوابيسها
أنها تعود لمقابلة جو ويكون عكس ماعرفته وتخطب له
وكل هذا خلال نصف ساعة كأنها مشاهد مجزوءة من فيلم سيء الإخراج
لا تنكر أنها تحب يوسف بل هي مغرمة به
فهو الرجل الوحيد الذي استطاع تسلق أسوارها
وغرس رايات انتصاره على صفحة قلبها
ولكنها ترفض الزواج به
فزواج بهذه الطريقة وبكل هذه التعقيدات التي بينهما
هو زواج فاشل منذ بدايته
ومعركة خاسرة قبل أن ترفع أسلحتها

لم تعرف كيف تتصرف
فقررت أن تساير يوسف حتى تنتهي من هذه المهزلة أمام أعين مئات البشر
حتى تختلي بروحها وتصفي تفكيرها

كان يوسف الوقح مستعدا لكل شيء
والده أعلن الخطبة
وهاهو يمسك بيدها ليلبسها دبلة ألماسية ثمينة يتمدد اسمه في ثناياها
كانت أناملها باردة متصلبة
تشعر أنها في عالم آخر
كأنها نائمة ووتحلم بكابوس مريع لا تستطيع التدخل لتغيير مساراته
وصداعها يتزايد

همس يوسف لها ببرود: ممكن تلبسيني دبلتي لو سمحتي
شكلنا بئى بايخ أوي

باكينام تبتسم أمام الناس و تهمس له: انته اللي جبته لنفسك

لكنها وجدت نفسها مجبرة على على إلباسه دبلته الفضية في بنصر يده اليمنى
وفرق شاسع بين أناملها الثلجية الشفافة الباردة التي تسكن الآن في يده السمراء الدافئة
كالفرق تماما بين مشاعر كل منهما


فكرة مجنونة تخطر ببال يوسف.. فهو لم يحتمل ضغط مشاعره وملمس يدها في يده.. وحتى هذه اللمسة لا تجوز له شرعا
بينما هو يتمزق لهفة لاحتضان كفيها وغمرها بقبلاته
حتى وإن كانت هي رافضة..لا يهمه رفضها

لذا همس لها وكأنه يتحدث في موضوع اعتيادي:
شيخ الأزهر موجود هنا.. إيه رايك نخليه يكتب كتابنا بالمرة؟؟

باكينام برعب صرف: أنته أكيد مجنون..

(كنت أقول أن الخطبة فسخها هين
ولكن هذا يريد تقييدي بعقد قران)

يوسف لم يمهلها.. فهو رأى فعلا أنها تبدو كالتائهة
وهي فعلا كانت تشعر بصداع أليم واضطراب شديد في عوطفها وتفكيرها
لذا قرر أن ينتهز فرصة عدم التوزان الذي تشعر به ويربطها به

يوسف توجه لطه.. وباكينام يزداد قوة صداعها ورؤيتها أصبحت غائمة
مازالت غير مستوعبة وعشرات التهاني تنهال عليها

والدها اقترب منها سألها بقلق: باكي حبيبي مش شايفة إنكم مستعجلين على كتب الكتاب
خلوها خطوبة بالأول تتعرفوا على بعض كويس

يوسف الذي كان يتحرك كالعنكبوت هو من أجاب:
احنا خلاص اتعرفنا على بعضينا في واشنطن وعاوزين يكون بيننا رابط شرعي
عشان نتعرف على بعض أكتر ونئدر نخرج مع بعضينا بدون احراج

ثم مال وهمس على أذن باكينام بخبث: أو يمكن فيه رابط شرعي خلاص

باكينام انتفضت بعنف وهي تقول كأنها تسحب الكلمات من حنجرتها سحبا:
زي ماتشوف يابابا

طاهر تقدم وهو يضع يده على كتف طه ويقول بنبرة رجل الأعمال الذي يحسب لكل شيء حسابه:
هتكون فرصة ما تتعوضش شيخ الأزهر يكتب كتابهم دلوئتي
والشهود يكونوا الدكتور نظيف والدكتور سرور رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب
مادام كلهم موجودين... ويمكن مستحيل يجتمعوا تاني



***********************


الأحساء

حوار مشعل وراكان

مشعل كان مصدوما: أنت ياراكان تبي موضي؟؟

راكان بشبح ابتسامة: ليه ما أترس عينك؟؟

مشعل بابتسامة حقيقية: إلا تترسها وتبطها بعد.. بس ماخطر ببالي

ثم أكمل بعمق: أنا توقعت إنك تخطبها قبل حمد
لكن بعدها.. السنين مرت وأنت ماتزوجت
ورافض فكرة الزواج
توقعت إنك خلاص ماعاد تبي تتزوج

راكان بهدوء: كل شيء في وقته حلو

مشعل يشعر بسعادة حقيقية صديقه وتوأم روحه يتزوج شقيقته الأقرب لروحه:
أنا موافق بس بشرط.. تزوجون قبل أرجع واشنطن

ارتبك راكان داخليا.. موضي نفسها تريد التأجيل قدر ما تستطيع
وهو غير مستعد بعد نفسيا..
ومع ذلك أجاب بهدوء: يمكن موضي ماترضى

مشعل يبتسم: خل كل شيء علي..


القاهرة
انتهى حفل طاهر عزت
ومعه عقد قران باكينام ويوسف
والربع ساعة المقررة أصبحت عدة ساعات
باكينام على وشك الانهيار
مازالت عاجزة عن التصديق
ما كل هذا؟!!
كانت ستحضر لربع ساعة مجاملة لوالديها تلقي التحية وتعود لجدتيها
فإذا الربع ساعة تتحول لكابوس من أسوأ كوابيس حياتها
وينتهي الكابوس بزواجها من يوسف

تبقى عدد محدود من الضيوف
باكينام تهمس لوالدتها بالانجليزية: ماما أنا ذاهبة

سوزان بحنان: انتظري 5 دقائق فقط وسنذهب كلنا

يوسف كعادته الرديئة التي برزت مؤخرا كان من تدخل: اسمحي لي سيدتي أنا سأوصلها

سوزان تبتسم: لا تستأذني فهي أصبحت زوجتك

انتفضت باكينام بعنف
زوجته.. زوجته.. زوجته
(أنا أصبحت زوجته
أي كابوس مرعب هذا؟!
متى سأصحو من هذا الكابوس
وأجد أني كنت أحلم حلما طويلا مريعا)

يوسف يمسك بيد باكينام ودفء يده يقنعها أنها لا تحلم: يالله حبيبي عشان أوصلك

باكينام تود أن تنتزع يدها من يده وأن تصفعه وتعضه
وتخلع حذائها وتحدث بكعبه ثقوب عميقة في رأسه العنيد المجنون
لم تشعر في حياتها كلها بالقهر كما تشعر الآن
هذا اليوسف الخبيث أجبرها على تنفيذ كل مايريد وقادها كما تُقاد الشاه للمسلخ
لا تحتمل وجوده ولا حتى دقيقة إضافية همست له:
يوسف اعتئني عشان ربنا..أنا مش طايئاك سيبني امشي

يوسف يهمس: وأنا كمان ياحبيبتي مش طايئك.. امشي أوصلك

باكينام بتعب: عربيتي معايا مش محتاجة حد يوصلني

يوسف بهدوء: هاتي مفاتيح عربيتك.. هاخلي فتحي يسوئها ورانا
وبعدين هأرجعه

باكينام مرهقة حقا: يوسف أنته ما بتهمدش..
حرام عليك بائول لك مش طايئاك.. يارب أموت عشان أرتاح

مزق يوسف دعائها على نفسها بالموت (لهذه الدرجة تكرهني!!!)
لم يرد عليها
تناول كفها وهو يعتصرها في كفه وخرج بها خارج القاعة وهو يجرها حتى وصل سيارته: اركبي

باكينام ركبت
ماعاد بها أدنى طاقة للصراخ.. مستنزفة تماما من هذه الليلة المارثونية
وهاهي في سيارته الفخمة تجوب بهما شوارع القاهرة التي لا تهدأ حتى في وقت متأخر كهذا

مسافة طويلة تفصل بين فندق الفورسينز وبيتها في المعادي
لم يسألها عن مكان بيتها فهو يحفظه
ووقف أمامه عدة مرات الأيام الماضية عله يلمحها
ولكنها لم تكن تخرج مطلقا

أكثر من عشر دقائق من الصمت مرت
كلاهما غارق في تفكيره الخاص

يداه على مقود السيارة
ويداها ترتاحان على فخذيها
مد يده لكفها الأقرب له
تناوله
باكينام ارتعشت بعنف
هناك أمسك يدها أمام الناس ومن أجل المظاهر
فماذا يريد الآن؟؟

رفع يدها إلى شفتيه وطبع على ظاهرها قبلة عميقة
باكينام انتزعت يدها وهي تحتضنها وترتعش:
ما اعتقدش أنه من لوازم تربيتي الحركات اللي مالهاش داعي دي

لم يرد عليها
مسكون بالنشوة
(إذا كان لملمس كفها هذا التأثير على روحي
فكيف بملمس خدها أو شفتيها؟!!)

تسربل الجو بينهما بالصمت لدقائق أخرى
همس بصوت عميق: تحبي نوئف شوية في كورنيش المعادي قبل ماأرجعك البيت؟؟

باكينام انفجرت
انفجرت تماما
كل كبت الساعات الماضية -الذي يوزاي سنوات- تدفق كحمم بركانية:
أنته تكون فاكر نفسك خطيبي وإلا جوزي بجد
نمشي عالكورنيش ونئزئز لب ووكل واحد يتغزل في التاني
اصحا يادلوعة ماما
أنا بأكرهك باكرهك.. ومهزلة الجواز دي زي ماورطتني فيها
تخلصني منها..
أنا عمري ماشفتش واحد حقير وندل زيك
أنا بأكرهك باكرهك ولاخر يوم في عمري هأكرهك

يوسف همس وابتسامة ملولة تتلاعب على شفتيه: خلصتي شتيمة؟؟

باكينام بغضب: لا ما خلصتش ومش هأخلص لحد ما تطلئني

يوسف ببرود: يبئى أجليها ليوم تاني لأنو خلاص أدي بيتكم
وأنا ماليش خلئ أسمعك

باكينام بغضب كاسح: لا هتسمعني وغصبا عنك هتسمعني
مش كل حاجة على كيفك

يوسف بحزم: باكي انزلي.. ئبل ما أنزلك سحب من العربية

باكينام تشتعل.. نزلت وهي تغلق الباب بعنف
ثم لفت من ناحيته لتقول له بهمس غاضب:
أتمنى يكون عندك شوية كرامة
وماتورنيش وشك تاني وتبعت لي ورئة الطلاء
خلاص أنته عملت اللي أنت عاوزه
ورديت لي الألم وزيادة..وزليتني وهنتني
وكده خالصين.. وده أخر كلام بيننا

كانت باكينام تتكلم بكل جدية
وكان رد يوسف عليها أن حرك سيارته وتركها تصرخ في الشارع
أمام باب بيتها

(كم هي غبية
غبية ولذيذة
"ئال خالصين ئال؟؟"
"إحنا لسه هنبتدي؟!"
مغرورة وسخيفة وتافهة
ولكنها تثير جنوني
لم تفعل بي امرأة هذا مطلقا
لطالما كانت المرأة مخلوقا فاقدا للأهلية في عرفي
حتى عرفتها
قلبت موازيني
قلبتها تماما!!)


قبل الفجر
الكثير من القلوب عاجزة عن النوم هذه الليلة


مريم جاءها والدها
وأخبرها بخطبة سعد لها
وطلب منها أن تفكر وتأخذ وقتها في التفكير
بعد أن أشاد في سعد كثيرا وزكاه كما يفرض عليه الحق
ولكنه في داخله كان يشعر بحزن عميق شفاف
بالكاد احتمل فكرة ذهاب العنود لبيت آخر
فكيف بمريم شمعة بيتهم؟!!

وهاهي مريم تفكر.. للمرة الثانية تفكر
أو ربما المرة الألف!!!


هيا عاجزة عن النوم
لم تستطع البقاء في غرفتها مع رائحة مشعل العميقة التي تغمر المكان
لذا قررت أن تستغل أيام غياب مشعل بالنوم عند جدتها
منها أن تتلهى عن غيابه
ومن ناحية أخرى تستمتع بقرب جدتها وأحاديثها

وهاهي مازالت ساهرة
وهي تنظر بحنان متعاظم لجدتها المستغرقة في النوم
وتدعو الله بعمق أن يحفظ مشعل ويعيده لها سالما
تشعر أن مشعلا هو كل ما تبقى لها في الحياة
نعم هي سعيدة بعودتها لأهلها واحتضانهم لها
ولكنها تشعر أنها لا تنتمي لأي شيء إلا لمشعل
لــمشــعـــل فقط


مشعل كان نائما وقتها
استعداد لنهوضه المبكر لصلاة الفجر وإكمال رحلتهما
لكن رفيق سفره جافاه النوم

راكان مستنزف من التفكير
لم يخطر له مطلقا أنه قد يتزوج موضي وبعد كل هذا الوقت
الأمر كما لو أنك كنت عطشانا طوال عمرك
ستموت من أجل قطرة ماء
وحينما أصابك الجفاف وأصبحت على شفير الهاوية
وماعادت كل مياه العالم لتنقذ روحك الذاوية
أحضروا الماء أمامك وأجبروك على ازدراده
ورغم أن الماء يبقى نعمة لا مثيل لها ولكنها نعمة ماعادت لتنفعك بشيء
ولا تستثير رغبتك فيها

وهذا هو حاله تماما مع موضي
هاهو يُجبر على ازدرادها
ورغم أنه يراها نعمة حقيقية ولكنها نعمة هو في غنى تام عنها وماعاد راغبا بها!!!


موضي ساهرة دامعة.. روحها تبكي قبل عينيها
محطمة ممزقة مشتتة ومُهانة
تكره نفسها
وتكره الظروف التي دفعتها لعرض نفسها على راكان بهذه الطريقة المزرية
راكان ذاته وحتى قبل أن تتزوج حمد لم تفكر به يوما كزوج
ولم تحمل له أي مشاعر خاصة
رغم أن المنطق الرومانسي قد يفترض شيئا من هذا

فراكان بشخصيته الواثقة الناجحة ومزاياه العديدة كان يبدو لها شيئا أشبه بأسطورة
ولا أحد يتزوج الأساطير
وخصوصا أنها عرفت بزواجه بعد زواجه بأشهر فقط
كانت حينها في الثامنة عشرة
السن الذي قد تبدأ الفتاة فيه بالتفكير في شخص قد يكون هو نصفها الآخر
معرفة موضي بزواج راكان وأسبابه وظروفه عززت صورته الأسطورية في خيالها
وأبعدته عن إطار تفكيرها الرومانسي
وفعليا هي لم تفكر مطلقا بأي رجل محدد
فهي كانت متفوقة في الدراسة
وفي الجامعة كان تخصصها الصعب يستنزف تفكيرها
وبعد تخرجها بأشهر تزوجت حمد
وطوال هذه السنوات كلها ظلت تحتفظ بسر راكان في أعمق بئر في روحها
شعرت أن احتفاظها بسره هو أقل شيء قد يقدم لمن هو في عظمة راكان وشهامته ونخوته
وهاهي خطوط حياتها تتقاطع مع خطوط حياته
رغم أنها رافضة لهذا التقاطع ورافضة لاقتراب أي رجل من حدودها الممتهنة المدمرة
تريد أن تحتفظ بما بقي من روحها الذاوية لنفسها
وتريد أن تعيش مابقي من حياتها لنفسها
وتريد أن تحتفظ بجسدها لنفسها
ولكنها مجبرة على تقديم التنازلات من أجلها.. من أجل المخلوقة الأعز والأغلى
كما اعتادت أن تتنازل طوال عمرها من أجل غيرها
في هذا التنازل ستخسر أشياء كثيرة
ولكنها على الأقل واثقة أنها مع راكان ستحتفظ بما تبقى من كرامة روحها وجسدها


باكينام
بعد أن تركها يوسف تصرخ في الشارع
دخلت إلى البيت وهي تتسحب لم تكن تريد أن ترى جدتيها في هذا الوقت بالذات
وهي مستثارة وتشعر برغبة حادة في البكاء والاختلاء بنفسها
دخلت غرفتها وأغلقت الباب على نفسها بالمفتاح
فهي تعلم أن والدتها ووالدها على وصول
وبالتأكيد سيمران بها لتهنئتها على حظها العظيم الذي بعث لها بهذا المغرور المعتوه أستاذ الجامعة المجنون ابن الذوات
وأخر شيء تريده هو أن يهنئها أحد
يعزونها ربما!!
لِـمَ عاد لحياتها بهذه الطريقة وبهذه الصورة المبالغ في تراجديتيها؟؟
كان يعرف مكانها طوال الوقت ويعرف من هي
لماذا لم يطلب مقابلتها كما قد يفعل كل الناس الطبيعين
يصفون مابينهما
ثم يطلبها للزواج
كانت حينها ستكون أسعد مخلوقات الله
ولكنها الآن وبما فعله هذه الليلة تشعر أنها المخلوق الأكثر تعاسة على وجه الأرض
فهي كانت تراه شيئا عظيما ومشاعرها نحوه كانت استثنائية تماما
ولكنه بما فعله الليلة كسر شيئا ثمينا في روحها
سلبها حقا مقدسا
حق اتخاذ القرار
فهو من اتخذ كل القرارات ونحاها جانبا
وكم كان هذا قاسيا على من هي مثلها
معتادة على الاستقلال واتخاذ قراراتها بنفسها
شعرت أنه بالغ في إهانتها والعبث بها والحط من شأنها
(يبدو أن أنّا صفية كانت محقة
عربي همجي.. يراني بضاعة تُشترى
أين كان عقلي حين نحيت قناعاتي وسمحت لقلبي أن يتعلق به
حتى بعد أن عرفت أنه مصري
ولكن لم تنتهِ اللعبة بعد يا يوسف
وأنت لم تعرفني بعد
فأنا سليلة عناد أصيل)


يوسف في شقته الخاصة في منطقة الزمالك
فهو استقل بسكنه منذ سنوات
فحياة والديه المليئة بالمجاملات والكثير من العزائم والضيوف
لم تكن تناسب رتم حياته الهادئ
فهو اعتاد على القراءة والبحث
لذا منذ بدأ بالعمل كأستاذ علم اجتماع في جامعة القاهرة
استقل بسكنه بحجة أنه يريد أن يكون قريبا من مكان عمله
وخصوصا أن قصر والده الجديد بناه في منطقة السادس من أكتوبر البعيدة قليلا عن قلب القاهرة
رغم أنه بات يفكر أن يعود للسكن معهما مجددا بعد تخرجه المقرر بعد عدة أشهر
فشقيقته الصغرى ستتزوج بعد أشهر
ولا يستطيع ترك والديه وحيدين في بيت ضخم ليس معهما سوى الخدم
وخصوصا أنه هو ذاته سيتزوج

تتسع ابتسامته وهو يتذكر هذا الأمر
من يصدق؟؟
هو ذاته مازال عاجزا عن التصديق
ينظر ليده اليسرى.. يدير دبلته عدة مرات
فهذه الدبلة لم تستقر في يمناه إلا أقل من ساعة لتنتقل بعدها ليسراه
في أقصر فترة خطوبة في التاريخ
يشعر بخدر لذيذ وهو يتذكر ملمس يديها
لا يصدق أن مخططه نجح
وضع كل الاحتمالات في ذهنه حتى يحكم سيطرته على الوضع

فهو عرف ابنة من تكون منذ أيام واشنطن
فهو يعرف والدها جيدا ورأه عدة مرات في بريطانيا في السفارة.. وفي القاهرة عند والده
شعر بتسلية غامرة وهو يراها تظنه مكسيكيا
وهذا الظن جعلها تتحدث أمامه بالعربية
تتحدث مع صديقتها في أشياء خاصة دون حرج لأنها تظنه لا يفهمها
بل وتتغزل به أحيانا
يبتسم وهو يتذكر
وحقيقة :كان يريد إخبارها بالحقيقة
ولكنه كان يريد إخبارها خارج إطار المقهى
لتراه بحقيقته وتتعرف عليه
ولكنها كانت ترفض مقابلته
وهي تضع بينهما حدودا رسمها غرورها وتكبرها
كان يكره فيها هذا الغرور.. كما كره الغرور طوال حياته
لذا يريد أن يكسر فيها هذا الغرور

تتسع ابتسامته وهو يتذكر أحداث هذه الليلة
التي سارت بشكل أفضل مما خطط له
فمخططه كان يشمل الخطبة فقط
فجاءت فكرة عقد القرآن كمكافاة حقيقية له
وسارت بشكل رائع ولا حتى أجمل أحلامه

أما لِـمَ فعل كل هذا؟؟ لِـمَ لم يطلبها للزواج بشكل طبيعي؟؟
لسبب وحيد
أنه يجهل مشاعرها
لذا خشي أن ترفضه.. وقرر أن يضعها أمام المدفع
حتى لا تجد لها منفذا للهروب من براثنه
وفعلا لم تجد لها منفذاً


اليوم التالي

القاهرة بعد صلاة الظهر

باكينام صلت الظهر ومازالت في غرفتها تغلق عليها الباب
فهي متأكدة أن جدتيها عرفتا بخبر عقد قرانها
وهي غير مستعدة لمواجهتهما
ولمواجهة أنّا صفية بالذات
تكره أن تسمع تقريع جدتها لها
والأسوا من التقريع أنها كانت محقة
(فهأنا أتزوج من عربي متخلف مهما درس وتعلم يبقى متخلفا
يريد إعادتي لعصور العبودية والجواري
بل أعادني وهو يجبرني عليه
كأني جارية له
أنا باكينام الرشيدي
التي لم يُفرض علي يوما شيئا حتى والدي نفسه لم يجبرني يوما على شيء
يأتي هذا اليوسف الحقير ليفعل بي مايشاء
أتمنى أن يكون راجع تفكيره اليوم وقرر أن يطلقني)

باكينام بعد فترة قررت أن تنزل
فهي ليست ضعيفة لتهرب من المواجهة
وهي لابد ستواجه جدتيها
فلماذا تأجل هذه المواجهة؟!!
وخصوصا أنها وعدت الاثنتين أن تأخذهما للأهرامات
ثم يتغدين سويا في المينا هاوس لتتذكر جدتها فيكتوريا ذكرياتها مع جدها وليام
ارتدت ملابسها
ونزلت وحجابها في يدها
فداخل المنزل لا يوجد خدم رجال
سمعت أصواتا وهي تنزل الدرج
تنهدت وتسلحت بقوتها
ورسمت ابتسامة على وجهها وهي تقول:
نهاركم نادي

لتتفاجأ بمن وقف لاستقبالها غامرا المكان بحضوره المختلف
وفي عينيه تلمع نظرة مختلفة




 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-05-2010, 12:33 PM   #63 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


القاهرة
بيت طه الرشيدي

كان يوسف يجلس مع الجدتين
واستطاع بكل براعة السيطرة على انتباههما والفوز بإعجابهما
كل ما احتاجه مجرد بضع شحنات من الإشادة بالإيرلنديين والأتراك
وبوبي ساندز (ثائر إيرلندي شهير) من ناحية والسلطان عبدالحميد من ناحية أخرى..
وثقافته الشاسعة أتاحت له أن يتحدث مع كل واحدة منهما في خصائص تاريخ شعبها
بالتأكيد لاحظ بذكائه أن فيكتوريا أكثر تقبلا له
لذا زاد جرعة تمجيد الأتراك وأيام حكم العثمانيين ليستولي على إعجاب العجوز الأخرى

ومضى له مايوازي الساعة وهو مع العجوزين
فهو صلى الظهر في المسجد المجاور لبيتهم
ثم قدم مباشرة
لم يجد طه وسوزان
وعرضت عليه فيكتوريا أن تنادي باكينام لكنه رفض
وقال إنه اليوم قادم للتعرف على أروع سيدتين في العالم
جدتا باكينام اللتان حدثته كثيرا عنهما
(بالتأكيد هو لم يقصر مطلقا خلال الساعة الماضية في إقناع العجوزين
بعمق علاقته بباكينام)


وهو في حديثه معهما أقتحمهم صوت مرح:
صباحكم نادي

وقف يوسف من باب الذوق للترحيب بها
ليصدم بإحدى أجمل صدمات حياته
شلال ذهبي متموج ينحدر إلى أسفل كتفيها بقليل
بالتأكيد هو توقع أن من لها هذه البشرة البيضاء والعيون الموغلة إخضرارا
أن شعرها لابد سيكون فاتحا
ولكن اكتمال الصورة على الطبيعة كان موجعا لقلب عاشق مثله
وهذا اللون المشع كسلاسل ذهبية كان مبهرا لعينيه

باكينام ارتبكت بعنف
تناولت حجابها وارتدته على رأسها كيفما اتفق
لتبقى خصلها تتناثر من الأمام والخلف

صفية كانت أول من تحدث: تعالي بت باكينام
واد يوسف من زمان هينا.. تعالئ اقعد جنبه

(يا ســــــلام
أدي اللي كان نائصني
إزا أنّا شكلها راضية عليه أوي
يبقئ فيكي هتبوس في إيديه دلوئتي)

باكينام اقتربت.. قبلت جدتيها
ثم توجهت للجلوس بجوار فيكي الأبعد مكانا عن يوسف

لكن صفية نهرتها بحزم: بت باكي تعالي سلمي على جوزك واقعد جنبه
أنتي مش سامعاني أول مرة؟؟

باكينام قامت لتنفيذ أوامر صفية..فهي تعرفها جيدا..
وهي لا مانع لديها من زجر باكينام أمام الناس كطفلة صغيرة إذا لم تنفذ أوامرها..
كعادة الأتراك الأجلاف الذين قد يبدون في كثير من الأحيان جاهلين في أصول اللياقة
وأخر ما تريده باكينام أن يتشمت فيها هذا اليوسف

اقتربت منه.. مالت عليه
بالكاد ألصقت خدها بخده
إقناعا لجدتها أنها سلمت عليه
ولكن هذه الحركة كانت كافية لصعق يوسف وشد أوتار قلبه المشدودة أصلا
أولا رائحة عطرها الخفيف الناعم
ثم ملمس خدها الزبدي على خده الحشن
وهي تهمس بصوت مسموع واحترام مصطنع: إزيك يوسف؟؟
ثم تجلس جواره

يوسف ذائب وخده يشتعل ولكنه رد بهدوء: كويس.. انتي ازيك؟؟

مالت على أذنه: زفت ولله الحمد على كل حال.. والفضل طبعا ليكم

كان رد يوسف عليها أن سحب حجابها من فوق رأسها أمام جدتيها وهو يقول بصوت عالي:
مش حرام عليها يا أنّا حرماني أني أشوف شعرها وأنا جوزها

صفية بابتسامة: إيفيت واد يوسف إيفيت

وأعاد من باب اللياقة نفس الجملة لفيكتوريا بالانجليزية التي كان ردها عليه هزة رأس مهذبة

بينما باكينام كانت تشتعل منه ومن جرأته
همست له من قرب: يوسف اديني حجابي

يوسف همس لها: لا

العجوزان حينما رأيا أنهما بدأ بالتهامس قررا الخروج
ولم ينتبه الزوجان اللدودان لمغادرتهما

حرب متبادلة من النظرات دارت رحاها بين الطرفين
باكينام همست بغيظ: ممكن أعرف أنت جاي ليه؟؟ ومن أمتى وحضرتك مشرفنا بالزيارة؟؟

يوسف ابتسم ابتسامة شاسعة:
أولا أنا جاي أزور مراتي..
سانيا أنا بئى لي ساعة هنا.. ستاتك التركية والإيرلندية زي العسل
وأنا كنت بأئول أنتي طعمه كده لديه
دا أنتو عندكم مركز طعامة عالمي

قالها وهو يمد يده ليقرص خدها.. باكينام انتبهت أن جدتيها غادرتا
لذا أشاحت بوجهها قبل أن يلمسه ونهضت
وهي تقول بحدة: ما تلمسينيش

يوسف ابتسم بسخرية: ماعنديش جرب.. أكيد أنتي عندك جرب وخايفة عليا

باكينام بغيظ: يخرب بيت سئالتك.. دمك بيلطش
ثم أكملت ببرود: وأمتى هتطلئني؟؟

يوسف يضحك باصطناع مقصود: حلوة النكتة دي

باكينام بجدية: أنا بأتكلم جد

يوسف يبتسم ببرود: شكلها هتبئى نكتة بايخة
والنكت البايخة الأحسن أنو الواحد يخليها لنفسه

باكينام تقف: لحد ما تفكر بموضوع الطلاء ما تشرفنيش بالزيارة
ودلوئتي اتفضل من غير مطرود
لأني خارجة أنا وأنَّا وفيكي

يوسف يقف: وأنا خارج معاكم لأني خلاص اتفئت معاهم إني أكون دليلهم السياحي
وحدة خواجايه زيك إيه هيعرفها في مصر زيي

أخر ماتريده باكينام أن يتدخل هذا البارد بينها وبين جدتيها المقربتين من روحها
وأن يكسبهما لصفه
أي سحر خبيث مارسه على جدتيها العنيدتين الحذرتين الفطنتين حتى يكسبهما؟!!
فلطالما حذرتاها الاثنتان من سرعة الوثوق بالناس
فكيف يثقان هما به سريعا
هل كونه أصبح زوجها جعلهما ترتاحان له
فابنتهما لن ترضى إلا بمن هو أهل للثقة
هل هكذا فكرتا؟؟!!
لكن هي لا تريده معها ولا قريبا منها
فهي باتت تشعر أن حضوره يلغي حضورها
ولشد ماتكره هذا الاحساس!!

وفعلا كان يوسف هو من ذهب بالثلاث إلى الأهرامات
ثم للغداء
والجدتان مبهورتان بحديثه وسعة إطلاعه
وهو يرواح ببراعة وسرعة في حديثه بين العربية والانجليزية
وباكينام شعرت بالحرج من إصراره على الدفع في كل شيء
بل تجرأ على نهرها حين حاولت الدفع
وهو يهمس لها بغضب: أوعي تعيديها.. أنتي مع راجل مش مع حيطه

انتهت رحلتهما قبل المغرب بقليل
وعاد بهما يوسف لبيت الرشيدي
الجدتان نزلتا
باكينام كانت تريد النزول
ولكن يوسف أمسك ذراعها وهو يقول: استني شويه
عاوز أكلمك

باكينام بغضب بعد نزول جدتيها: أنا مش ئلت لك ما تلمسينيش

يوسف ببرود: أنتي كلك بتاعتي.. ومافيش حد يتحاسب على لمس أملاكه

باكينام ببرود مشابه: سيبنا من كلام المجانين ده.. عاوز إيه؟؟

يوسف بثقة: أنا هأرجع الساعة 10 عشان نخرج نتعشى سوا

كان رد باكينام عليه أن نزلت وأغلقت الباب خلفها
ثم همست وهي تبتعد: أعتقد أنو ردي وصلك


****************************



بعد مرور أربعة أيام

ليلة عودة مشعل وراكان من القنص التي تقرر اختصار يوم منها لهطول أمطار الخير
تبقى ثلاثة أيام فقط على حفل زفاف أبناء آل مشعل وبناتهم

عدة أحداث حدثت خلال الأيام الماضية
أبرزها أن مريم وافقت أخيرا على سعد
سعد كان يريد عقد القرآن فورا
ولكن مريم رفضت أن يعقد قرانها وراكان غائب


الوضع الأكثر تأزما هو جبهة القاهرة بين باكينام ويوسف
باكينام أصبحت أعصابها مشدودة دائما
فهو أصبح يتدخل في حياتها كثيرا
الشيء الذي هي لا تحتمله أبدا
ربما لو كانت متقبلة وجوده وموافقة على هذا الزواج
كان من الممكن أن تحاول تقبل تدخلاته
التي هي بوجهة النظر الطبيعية طبيعية جدا
فهو زوجها ومن حقه أن يستفسر أين ذهبت
بل وأن يطالبها أن تستأذنه قبل خروجها
وأن يفرض وجوده عليها
أصبحت تستغرب كيف أنها مر عليها وقت كانت معجبة فيه بهذا الطاغية المتحكم المملل بل ومغرمة به
أصبحت أمنيتها في الحياة أن تجد لها وسيلة للتخلص منه
وغشاوة متينة باتت تغطي عينيها وتحاصر مشاعرها التي ماعادت تفهمها
هل هي تحبه؟؟ أم تكرهه؟؟
لا تدري.. لا تدري
لا تدري..
ما تعرفه أنها لا تريده..
لا تريده
لا تـــريــــــــده


يوسف نفذ مايريد
أصبحت باكينام له
وبدأ في مخططه لترويضها
فهذه الفتاة القوية الشخصية التي ما اعتادت أن تستأذن
أو أن تشارك أحدا في اتخاذ قرارتها تحتاج إلى من يعيد تقويمها
وهاهو يتسلى لأبعد حد بمحاولات التقويم هذه
يستمتع بنوبات غضبها وجنونها اللذيذة
يكاد يجن ولعا حين يرى عينيها تشعان بنار خضراء مثيرة
تأسره هذه الفتاة وتثيره وتصيبه بالجنون
بات يستغل كل وقت فراغه في مرافقتها هي وجدتيها
يعلم أن جدتيها هما من تستمتعان بوجوده
أما هي فتود قذفه لأبعد مجرة
تفكير جديد بدأ يستولي على يوسف
التعجيل بالزواج
فهو ماعاد يحتمل مطلقا ضغط قربها على مشاعره
يريد أن يعودا معا إلى واشنطن زوجين فعليين
يعلم أن إقناع أهلها ليس بمشكلة
ولكن هي المشكلة
كل المـــــشــــكــــلـــة!!



هيا قضت الأيام الأربعة الماضية بين بيتها وبيت عمها محمد
توطدت علاقتها ببنات عميها
وأكثر وقتها تقضيه مع جدتها في أحاديث طويلة ممتعة
بدت تتعرف على عادات جدتها وأدويتها وتستلم هي وموضي المهمة شيئا فشيئا من مشاعل
مشاعل التي كانت قلقة جدا على جدتها
لذا حرصت أن تكتب كل شيء يخص جدتها في ورقة
ونسختها وأعطت نسخة لهيا وأخرى لموضي
وتركت نسخا على مكتبها في غرفتها
كانت مشاعل خلال الفترة الأخيرة لا تهدأ
لا تبدو كعروس عرسها بعد أيام
بل أم مسافرة تريد التأكد أن كل شيء سيكون على مايرام خلفها
والحقيقة أنها كانت تحاول أن تنسى أنها عروس
وتتناسى ما ينتظرها
قضت الأيام الماضية في إعادة ترتيب البيت كاملا
قلبت جميع أطقم البيت ونظفتها
أعادت تنظيف كل غرف البيت وترتيب الملابس
وخصوصا غرفتا سلطان وريم وملابسهما
المطابخ أخرجت كل مافيها ونظفتها من جديد
أشغال شاقة تماما
فلا يأتي الليل إلا وهي منهارة من التعب وتريد الإلقاء بجسدها المتعب على السرير للنوم عاجزة حتى عن مجرد التفكير الذي هي تهرب منه
كان كل من أم مشعل ولطيفة وموضي وهيا يطاردنها طوال اليوم
وهن يحاولن إجلاسها ولكنها كانت ترفض
وتقول أنها تتسلى في العمل عن التوتر الذي يصيب أي عروس
ولكن لطيفة على كل حال لم تكن تتركها مطلقا تهرب من مخططاتها لها وللعنود
فلم تسمح لها أن تفوت موعدا واحدا مع طبيبة البشرة أو جلسات العناية وخبيرة التجميل
فإذا كانت هذه المجنونة لا تعرف مصلحتها فلن تتركها لجنونها
وفي ذات الوقت لطيفة وموضي كانتا تحاولان دفع شحنات إيجابية في عروق مشاعل من ناحية ناصر
يحاولان أن يكسرا حدة خجلها ويجعلانها أكثر تقبلا للزواج
ولكن حالة مشاعل كانت مستعصية على الحل
خجل وخوف متراكم يحتاج لقنبلة ما لنسفه
لأن محاولة التفكيك التدريجي التي كانت شقيقتاها ومعهما مريم يمارسنه عليها طيلة الأشهر الماضية لم يؤدِ لفائدة


لطيفة هي المخلوق الأسعد
لأول مرة تكون بهذه السعادة
تدفق مشاعر مشعل ناحيتها أكثر من مرضي لمشاعرها وأنوثتها
ومشعل على الجبهة الأخرى كان أكثر سعادة بهذا الصفاء بينهما أخيرا


راكان ومشعل استمتعا في رحلة القنص كثيرا مع طيريهما (لطّام) و(كسّاب)
بالتأكيد مشعل لاحظ أن راكان مهموم
حاول أن يجره للحديث ولكن راكان كان مصرا أنه بخير
مشعل لم يلح عليه.. فهو يعرف راكان ككف يده
ولطالما كان مغلقا على أسراره
وإذا لم يرد أن يتحدث فيستحيل أن يجبره شيء أو أحد على البوح

مشعل قضى الأيام الماضية في غزل لذيذ عبر الهاتف مع زوجته..
فهو كان يقضي كثيرا من الوقت كل ليلة قبل أن ينام
يهاتفها... يخبرها بكل شيء فعله وهي بالمثل
وهما يكتشفان مجاهل جديدة وعميقة من مشاعرهما

بينما راكان غارق في أفكاره
وفيما ينتظره في الدوحة بعد أيام قليلة حين تنهي موضي عدتها
ويجد نفسه مجبرا على تنفيذ وعدها له
يشعر أنه في دوامة حقيقية كان في غنى عنها
لِـمَ كُتب عليه أن تكون كل زواجاته بهذه الطريقة الموجعة؟!!
أن يفقد حقه في الاختيار الطبيعي وأن يعيش مشاعره كما يحس هو بها
حين كان يريد موضي بجنون ومتشبع بحبها اُجبر أن يتزوج سواها وأن يتركها تذهب لسواه
وحين فقط الرغبة في كل النساء وعلى رأسهن موضي يُجبر على الزواج منها..
كم هي معقدة هذه الحياة!!!
كم هي معقدة؟!!


موضي تجاوزت صدمتها بما حدث
وأعادت لبس أقنعة مرحها ببراعة
فأهلها يحتاجونها هذه الفترة كثيرا
فزواج أشقائها وابناء عمها اقترب
وهناك الكثير لتجهيزه
موضي تقضي الكثير من الوقت مع هيا
خرجا كثيرا للتسوق
وفي عشاء بيت عمها محمد كادت هيا تموت ضحكا
وموضي تعرفها على كل الموجودات بطريقة مرحة
وهاهي موضي تقضي نهارها في مرح وصخب
ولكن ما أن يأتي الليل حتى تحضر الهواجس والألم
لذا قررت أن تنام مع هيا في غرفة جدتها
تتسامران
وكل منهما تُنسي الأخرى الغائبين في رحلة القنص


يوم الثلاثاء مساء

بيت فارس بن سعود

أم فارس كانت ترتب جناح فارس الجديد
زواجه اقترب وهي تفرغ توترها في أي شيء
جأتها الخادمة وأخبرتها أن شقيقها سعد ينتظرها بالأسفل

نزلت له
وقف حين رأها تنزل قبل رأسها ثم جلس
قال لها باحترام حنون: عادش زعلانة؟؟

أم فارس بعتب: يعني كن رضاي وإلا زعلي يهمك
ماكني بأختك الكبيرة اللي مالك غيرها

سعد بهدوء: يا أم فارس جعلني الأول
أول ماكلمت محمد جيت وقلت لش على طول قبل حتى ما يردون علي
وش اللي مزعلش علي جعلني فدا خشمك؟؟

أم فارس بذات نبرة العتب: كان المفروض تشورني قبل الخطبة
قد لي سنين أحن على راسك أبي أخطب لك
ثم تروح تخطب من وراي

سعد وقف وجلس جوارها وهو يحتضنها من كتفها ويقبل رأسها مرة أخرى:
خلاص مالش إلا الرضا
أنا محقوق لش.. وش اللي يرضيش؟؟

أم فارس بخفوت: لا فات الفوت ما ينفع الصوت

سعد بتأثر: أفا.. ليه تقولين كذا ياوضحى؟؟

أم فارس بحزن شفاف: من غير قصور في بنت محمد
بس أنا كنت أبي لك الأحسن

(وبنت محمد هي الأحسن)
صوت واثق قوي يقاطعهما

سعد يبتسم: إيه يا سنايد خالك.. تعال عاوني على أمك

أم فارس بنبرة متعبة: لا تساعدون علي عشانكم بتصيرون عدايل الولد وخاله
مريم من غير قصور فيها وأنا أشهد أنه مافيه مثلها
لكن سعد ألف من هي تمناه أصغر وأزين وصحيحة بصر

فارس اقترب وقبل ورأس خاله وجلس وهو يقول
بنبرة هي خليط من الاحترام البالغ والحنان المصفى والقوة المتأصلة نبرة خاصة به لأمه:
يمه مريم مايعيبها إنها ماتشوف
والعمى عمى البصيرة مهوب عمى البصر

سعد بابتسامة: صح لسانك

أم فارس بهدوء: خلاص ياسعد المهم أنك مقتنع وراغبها
أنت اللي بتعاشرها مهوب غيرك
ثم أردفت باستفسار: زين ومتى الملكة؟؟

سعد بهدوء: ننتظر راكان بيجي الليلة.. يمكن أتملك قدام عرس فارس
والعرس عقب شهرين ..ثلاثة ..في الصيف.. اللي تشوفينه أنتي والعرب


القاهرة
بعد صلاة العشاء

طه الرشيدي في مكتبه ويوسف عنده
وباكينام خرجت مع جدتيها لزيارة خان الخليلي والحسين ولن تعودا حتى وقت متأخر
استغربت أن يوسف لم يقفز ليصر على مرافقتهن كعادته
لم تعلم أن يوسف هذه الليلة قرر المحاربة على جبهة أخرى

طه بهدوء: أنا عاوز أعرف يا ابني أنته متسربع على إيه؟؟

يوسف بهدوء أعمق فيه خبث شاسع: خليك منطقي ياعمي وفكر بمنطقية
أنا وباكينام هنرجع واشنطن بعد 3 أسابيع.. شهر بالكثير لو مددنا شوية
واحنا الاتنين موجودين في نفس المكان ومتجوزين
لكن محكوم علينا إنه كل واحد في مكان

ثم صمت يوسف بطريقة مدروسة

والفكرة وصلت كاملة لطه الرشيدي وأرعبته
منطق الطبيعة يقول النار بجانب البترول حريق لابد منه

طه الرشيدي بهدوء واثق: خلاص نعمل الفرح يوم سفركم بالزبط
احجز الأوتيل والتزاكر في نفس اليوم

يوسف تجاوز العقبة الأولى بقيت العقبة الأكبر (باكينام)

يوسف بهدوء: بس أنا خايف باكي ما توافئش

طه بهدوء مشابه: يعني وافئت على خطوبة وكتب كتاب بالسرعة دي
مش هتوافئ على الفرح؟؟
خلاص سيب الموضوع عليا
أنت إبدا في الحجوزات وسيب باكي عليا

ابتسم يوسف إبتسامة انتصار وهو يعيد ظهره للخلف
ونظره يسرح للبعيد


الساعة 10 مساء
مشعل وراكان يصلان

الاثنان ذهبا للمجلس أولا
سلما على والديهما والشباب المتواجدين
وأنزلا طيريهما في المقلط الداخلي
ثم توجه كل منهما لبيته

وهاهو راكان يصل
سلم على والدته في الأسفل
ثم صعد لمريم أولا

طرقات خفيفة على الباب، مريم بابتهاج عميق شفاف: ادخل راكان

راكان وجد مريم والعنود سويا: ماشاء الله العرايس كلهم مجتمعين

يحتضن الاثنتان والعنود تقول بمرح: شفت أختك ماهان عليها أنا بروحي عروس
تبي تنافسني

راكان يبتسم: يحق لها
ثم أكمل بمرح هادئ: وتراني واجهت سعد في المجلس
كنه شايفني نازل من السماء... أقول وش فيه الأخ مشتاق لي كذا
أثركم رابطين الملكة فيني

مريم صمتت بخجل

وراكان يكمل: تراني قلت له لو يبي الملكة بكرة براحته
فهو ماصدق شاور إبي والملكة بكرة إن شاء الله عقب صلاة العصر



ومشعل أيضا توجه لبيتهم سلم على والدته وجدته ومشاعل اللاتي كن في الأسفل
سأل عن موضي قالوا له أنها مع هيا بالأعلى وقد تكون بغرفتها

مر بغرفة موضي
طرق الباب

استقبلته موضي بفرح غامر
بعد السلامات هتفت له بمرح: لا عاد تعودها
مرتك سيلت الدوحة من دموعها
غير مسموح لك بتاتا .حلوة بتاتا صح.. المهم غير مسموح لك بتاتا
بروحات القنص ذي.. خلصنا... خل القنص للبزارين
أنت دكتور.. دكتور ويقنص.. متى صارت ذي؟؟

مشعل بخبث: يعني أنتي عقب منتي مخلية راكان يقنص؟؟

موضي كحت بحرج وهي تقول: وش دخلي في راكان؟؟
(على أساس أنها لا تعرف بموضوع الخطبة التي هي بدأتها)

مشعل بهدوء: راكان يسأل أنتي بتوافقين عليه إذا خلصتي عدتش بعد كم يوم؟؟

موضي صمتت

مشعل يبتسم: أدري إن راكان ما ينرد
عشان كذا أنا أبيكم تزوجون قبل أرجع واشنطن

موضي برعب حقيقي: لا مشعل تكفى
ماعليه.. الملكة تصير قبل رجعتك لواشنطن
والعرس خليه بعدين.. أنا ماني بمستعدة نفسيا له
أرجوك مشعل تكفى

مشعل يحتضنها بحنان: خلاص خلاص
بدون تكفى ذي.. تدرين عظامي ما تشلني على وحدة منكم
بعد تكفى ذي ما استحملها
اللي تبينه يا نبض قلبي



غرفة مشعل وهيا

هيا منذ علمت بوصول مشعل وهي مرتبكة
لا تعرف لماذا؟؟
سعيدة مشتاقة ومتوترة
استلمتها موضي بتعليقاتها طويلا
وهاهي الآن تعود لغرفتها التي هجرتها طيلة الأيام الماضية
لا تستطيع الجلوس أو الاستقرار في مكان
كأنها تقف على صفيح ساخن في انتظارها لمشعل
والدقائق تمر كأنها ساعات لا تنقضي


كانت قد اشترت الكثير من الملابس خلال الايام الماضية
غصبا عنها وفرضا من موضي التي تتمتع فعلا بذوق رفيع في الملابس
وهاهي تختار شيئا جديدا لتلبسه
تريد أن يحس مشعل بالاختلاف
فهي قصرت كثيرا في حقه
وحق له أن تعوضه
قررت أن ترتدي تنورة قصيرة
مع توب يُعلق في العنق
وشعرها الذي يعشقه يسترسل أمواج ليل على ظهرها
ويصل حتى أطراف تنورتها

وهاهو الباب يفتح
ومشعل يدخل
وقف للحظات ينظر لها بشوق وحنين وحنان جارفين... وإعجاب
إعجاب موجع
(أميرتي
أربعة أيام مضت على روحي المثقلة شوقا
كأربعة قرون
الآن أعلم يقينا لِمَ لم أتزوج قبلا؟؟
كنت أنتظركِ
وطوال عمري كنت أفعل
صلبت نفسي على أبواب الوجع والانتظار
انتظارا لشيء مجهول استوطن روحي
كان أنتِ!!!
يا أميرة روحي وارتشافات عروقي
اقتربي مني
أروي هذا الصدر الضامئ والعروق اليابسة
التي أجدبت شوقا لعينيكِ ودفء أنفاسكِ)

همس بابتسامة: ياحي ذا الشوف
4 أيام ماشفت غير راكان ولطّام وكسّاب
انقرفت من الثلاثة

هيا كانت تقف انفعالها يهزها وعيناها ضارعتان لكل تفصيل في وجهه الأثير الذي استنزفها شوقها له
( أحقا أتيت؟!!
وها أنت تقف أمامي
ليتك تعلم كيف مضت كل دقيقة بعيدا عنك
وكأن روحي تصفد في الأغلال
وكل دقيقة تمضي تضيق أغلالي علي
آه يا مشعل
عشت حياتي كلها خائفة جزعة تقتلني الوحشة
ويسمم روحي خوف الوحدة
أدعيت القوة.. وانا أرى في كل زاوية شبحا يستعد للانقضاض علي
حتى أتيت أنت
كالسحر مسحت خوفي
بجوارك لا أخشى شيئا.. في أحضانك عرفت معنى الأمان الذي ماعرفته يوما
لا تتركني يوما
عِدني ألا تتركني مهما حدث!!!)

رمت بنفسها على صدره وهي تقول بتأثر عميق:
خلاص ماعاد فيه روحة مكان
إلا رجلي على رجلك

مشعل احتضنها بشدة وهو يهمس في أذنها بعمق:
اشتقت لش ياقلبي
والله العظيم اشتقت لش فوق ما تخيلين

هيا تدفن رأسها في صدره أكثر وبدأت دموعها تسيل:
أوعدني إنك ما تخليني يوم.. أوعدني

مشعل يحتضنها أكثر: حبيبتي الله يهداش أنا وين رحت.. كلها يومين ورجعت

هيا تشهق: أنت فاهم قصدي.. ما أقصد سفرة يومين وترجع
أقصد ما تسمح لشيء يبعدك عني
مشعل أنا عقب ما لقيتك ما لي حياة من غيرك

مشعل يرفع وجهها المبلل بالدموع ويمسحه بكفيه
ويطبع قبلاته على عينيها
وهو يقول لها برجولة عميقة: أوعدش عمري ما أخليش
ولاعمرش تحاتين شيء وأنتي معي




 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 09:47 AM   #64 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


مضت الأيام سريعة على البعض
وبطيئة على البعض الأخر
أصبحنا في يوم الجمعة
يوم الزواج

ملكة مريم تمت على خير قبل يومين.. وأصبحت رسميا حرم سعد بن فيصل

باكينام لم تعرف بعد أن موعد زواجها تقرر
ووالدها جاءته سفرة مفاجئة للأمم المتحدة في نيويورك
لذا لم يخبرها بعد.. ووالدتها غير قادرة على مواجهتها وحيدة
لذا تنتظر عودة طه ليكون هو من يخبرها

راكان ألمح لعمه أنه يريد موضي إذا أنهت عدتها
وأنه يريد الملكة فورا ولكن الزواج نفسه ليس قريبا
بعد أن أنقذه مشعل بإخباره أن موضي لا تريد الزواج قريبا
عبدالله بقدر استغرابه بقدر سعادته
لم يخطر بباله أن راكان الذي ترك موضي تتزوج غيره وهي بنت
يعود ليتزوجها بعد أن أصبحت مطلقة
أم مشعل ارتاحت نفسيا وبعمق.. وراكان في رأيها خير من يعوض موضي
فهي تراه رجلا حقيقيا وأفضل من حمد بألف مرة


العرسان الأربعة تختلف مشاعرهم بين اللهفة والشوق والخوف والترقب


بعد صلاة الجمعة

سعد ومشعل خارجان من الصلاة سويا
وكل واحد منهما معه ابناه
توجها لمجلس آل مشعل
فالغداء عندهم

ما أن جلسا حتى أخرج سعد من جيبه وصل إيداع وإعطاه لمشعل
مشعل نظر للوصل وهمس بهدوء: واجد يا سعد
ماهان تبارك.. وحن نشتري رجّال

سعد يبتسم: وبنت محمد مهيب أقل من غيرها
قدرها عندي عالي ومهوب بالفلوس

ثم تلفت حوله وهو يرى الكثير من الرجال ولكنه لا يرى شباب آل مشعل:
وين الشباب اليوم؟؟

ابتسم مشعل وهو يضع في جيبه وصل مهر مريم الذي تم إيداعه أمس في حسابها ليعطيه لمريم ويقول:
خبرك حركات الشباب كل واحد منهم في جناحه في الفندق
خلوني اليوم أنا والشيبان

سعد يضحك: قال خلوني أنا والشيبان.. يعني إنك أنت شباب
يا اخي أنت بروحك شيبة قاضي

مشعل يبتسم: راضي بشيباتي وخلينا الشباب لك يا العريس الجديد


بيت جابر بن حمد
حدود الساعة الواحدة ظهرا

معالي تدخل كالأعصار لغرفة شقيقتيها وتصرخ بصوت عالي:
هيه كوبي وبيست
ترا الكوافيرة كلمتني تقول ربع ساعة وواصلة
خلصوني

عالية كانت تلف جسدها بروب الحمام ومازالت منشفتها على شعرها:
أنا تسبحت خلاص، وعلياء في الحمام شوي وتخلص

معالي بتأفف: أنتو الوحدة منكم إذا شافت الحمام كنها شايفة أمها عقب غربة
ماعاد تخلصت
ما ألوم جلدكم صوفر من كثر السبوح

عالية تفك منشفتها وتبدأ بتمشيط شعرها وهي تبتسم:
شيء من حلالش يالكويحة
أصلا مهوب ذابحش إلا ذا اللون اللي بعيد عن شواربش
وحلوة صوفر ذي.. مصطلحات أمي هيا ماخليتي منها شيء

معالي تقفز وتشد شعر عالية للاسفل: قال اللون قال
لون مرضان اللهم ياكافي.. الموضة الحين السمار طال عمرش

علياء خرجت من الحمام بروبها ومنشفتها المطابقة لروب ومنشفة لعالية
لتشتبك معهم فورا في الحوار:
أنتي منتي بعاتقتنا من معلقة مدح السمار اليومية ذي؟؟

معالي تضحك: وش أسوي
باقعد أمدح روحي لين أعرس
ادعو لي كود عجوز عمياء ماتشوف الليلة تخطبني لولدها ردي الحظ

(إخسي واقطعي يابنت جابر
أنا كم مرة قايلة لش لاعاد أسمع طاري العرس عندش ياقليلة الحيا)

معالي تتصنع الإرتباك والخجل: أوبس مامي
أنتي ماتدخلين إلا في الوقت الغلط

نورة تقترب وتقرص إذن معالي: أنتي متى بتعرفين السنع؟؟
توش أم 17 وفي المدرسة وبتفلجين على العرس

معالي تدعك أذنها وتضحك ثم تحتضن أمها: أضمن مستقبلي ماماتي
بناتش البيضان ذولا ماينخاف عليهم
بس أنا اللي شكلي بأعنس فوق رأسش أنتي وجويبر

نورة مهما ادعت الغضب في داخلها لكنها لا تقدر على معالي
عادت لتقرص أذنها وهي تقول بابتسامة:
أجل حطي في بالش و اللي مايحلف به زور
إنه مافيه عرس لين تخلصون كلكم جامعة
وياويلكم كلكم لو ماجبتوا نسبة السنة الجاية تدخلكم الجامعة

معالي تضحك: زين فرضا فرضا مامي ماجبت نسبة

أمها تضحك وترد عليها بخبث شفاف: عادي خلش تعيدين السنة لين تجيبين نسبة
والعرس يتأجل مهوب طاير

معالي تضحك: لا خلاص أوعدش من أول مرة أجيب نسبة
هذي فيها عرس عرس
كل سنة تاخير بتأخير زواجي الميمون

نورة تبتسم: خلصوني أنتو هذرتكم
المره على وصول
وأنا أبي أروح الصالة بدري
أبيكم كلكم عقب صلاة المغرب خالصين



جبهتا العروستين

العروسان وشقيقاتهما وأمهاتهما في القاعة من بعد صلاة الظهر
تقرر أن العروسين لن تجلسا أمام الضيفات
وإنما ستكونان في الغرف الداخلية من القاعة
ومن تريد السلام عليهن تستطيع الدخول لهن


بالنسبة لمشاعل هي من رفضت
لأنها تخجل من المشي أمام كل هذه الأعين

وبالنسبة للعنود مريم هي من رفضت
والعنود وافقتها دون نقاش
ورفض مريم كان من الوجهة الدينية لأن عرض العروس ليس من الدين في شيء
ومن ناحية أخرى مريم تخشى كثيرا على أختها من العين
فهي تعرف أن أختها جميلة وسمعت ذلك كثيرا وللعروس أي عروس في تلك الليلة ألق مختلف
فكيف من هي في جمال ابنتها وشقيقتها الصغرى؟!!

أما هيا فقد قررت البقاء مع جدتها حتى تحضرها وتأتي معها
لذا البنات حجزن لها كوافيرة تأتيها في البيت
وبعد صلاة المغرب مباشرة تحضر جدتها وتأتي بها للقاعة


غرفة مشاعل في القاعة
مشاعل توترها قفز للذروة
وهاهي تكثر من قراءة آيات القرآن الكريم لتطمن قلبها الجازع
بدقاته التي تصاعدت بشكل مرعب
موضي لا تفارقها مطلقا وتقرأ عليها بدورها

موضي الواقفة تهمس لمشاعل الجالسة استعداد لعمل شعرها
وهي تضع يدها على كتفها:
حبيبتي اذكري الله ترا السالفة سهالات
وناصر والله العظيم يجنن ومافيه مثله
لا تخربين على نفسش أحلى ليلة في عمرش
بذا الخوف اللي ماله داعي

مشاعل تمسك بيد موضي وتنقلها لقلبها الذي تتقافز دقاته بجنون وهي تقول بصوت مختنق:
خايفة يا موضي خايفة.. غصبا عني.. أحاول أهدأ بس ماني بقادرة
خايفة

موضي تحتضن مشاعل بحنان وهي تهمس بداخلها:
يا الله يا كريم أنزل السكينة على قلبها
واشرح صدرها لناصر


العنود وضعها أفضل بكثير
وضع عروس اعتيادية بتوترها وخوفها
حتى موقفها الأخير مع فارس حاولت تناسيه
وهي تقرر أن تبدأ صفحة جديدة في كل شيء
مريم جوارها
قرأت وتقرأ الكثير من القرآن


لطيفة لا تهدأ تتنقل بين ترتيب الصالة
ووصول الطلبيات
وغرفتي العروسين
أحضرت ابنتيها معها
وأبنائها مع والدهما
تتذكر شيئا.. تلتقط هاتفها وتتصل:
هلا حبيبي تغديتو؟؟

مشعل كان في البيت ليرتاح قليلا ليذهب هو أبنائه لمكان حفل الزواج بعد صلاة العصر
يبتسم وهو يعدل المخدة تحت رأسه: تغدينا

لطيفة باهتمام واستعجال: وحمودي وعبودي تغدوا زين؟؟

مشعل مازال يبتسم: صاروا رياجيل لو ما تغدوا إذا جاعوا بيأكلون

لطيفة باستجداء: حرام عليك مشعل هذولاء الواحد لو ماقعد فوق رووسهم ماياكلون..

مشعل يضحك: والله العظيم تغدوا.. شيء ثاني؟؟

لطيفة باستعجالها وهي تتأكد من ترتيب أحد الطاولات:
إيه ملابس العيال طلعتها لهم.. معلقة على الدولاب من برا
تأكد إنهم بيلبسون الثياب اللي أنا طلعتها مهوب شيء غيرها

مشعل برقة: حاضر عمتي... شيء ثاني؟؟

لطيفة تبتسم: وش عندك على شيء ثاني.. لا.. مع السلامة

مشعل بابتسامة: زين أنا عندي شيء ثاني

لطيفة باستفسار: ويش؟؟

مشعل بعمق: أحبش.. ولا تتأخرين الليلة ياقلبي
أبي أشوف غزالتي شكلها أشلون
ترا على 12 بأجي أجيبش



بعد المغرب
اقترب الموعد.. اقترب كثيرا

الشباب أصبحوا كلهم متواجدين في مكان الحفل
مشعل وراكان مع فارس وناصر منذ الصباح
ووصلوا هم وإياهم بعد أن صلوا المغرب

عمالقة آل مشعل كلهم يجتمعون

فارس وناصر في الصدر مذهلان متألقان مفعمان برجولة خاصة
وأناقة مبهرة في بشتيهما السوداوين
حضورهما مختلف وألقهما كاسح
عن يمينهم ويسارهم محمد وعبدالله
وبالجوار جابر أبو حمد وسعد ابن عمهم ومشعل ومشعل وراكان

مشعل بن محمد يميل على أذن راكان ومشعل بن عبدالله وهو يقول بابتسامة:
أما الشيبان اليوم يبون يكسرون على المعاريس وهو ينافسونهم بذا البشوت السود تقول معاريس

مشعل بن عبدالله بمرح: والله المفروض لبسنا بشوت وصفينا جنبهم
خصوصا أنا مسكين مالبست بشت.. كان لازم أجرب روحي في البشت

الحوار المرح مستمر بين المشعلين
الحوار الذي تباعد عنه راكان وهو يفكر بنفسه
هل يأتي يوما ويجد نفسه مقيدا بمظاهر كهذه بشت ومعازيم
والأهم
الأهـــــــــــم
مقيدا بموضي!!!


حسن صديق ناصر يصل
يسلم على الجميع حتى يصل ناصر ليسلم عليه سلاما خاصا حماسيا
على طريقة الفرسان

ناصر بامتنان: والله ما أنسى لك جيتك

حسن بمرح: ما أبيك ما تنساها.. أبيك تردها لي عقب ما أرجع من الأردن
كل ليلة تسهر معي يا العريس

ناصر يضحك: مهوب كنك مسختها وهذا طلب تعجيزي

حسن بمودة: والله كان ودي أقعد بس أنت عارف إنه السباق بكرة
أنا راجع من الأردن عشان عرسك والحين طالع المطار

ناصر بمودة أكبر: تكفى سلم لي على شباب الفريق كلهم
وترا ما نبي نشوف وجيهكم إلا بمركز من المراكز الثلاثة الأولى
لو ما جبتوه اقعدوا هناك أحسن

حسن يضحك ويسلم مرة ثانية: الله كريم.. ويالله دعواتك لنا


فارس جالس بهدوءه المعتاد راسما ابتسامته الثقيلة
يمزقه التوتر انتظارا لرؤية قصة غرامه اللا متناهي
ناصر يميل عليه: هيه يالمعرس.. وش علومك؟؟

فارس بهدوء: وش علومه؟؟ شوفة عينك

ناصر يبتسم: ترا أختي شوفتها تسر القلب.. مافيه داعي تجيك حالة اكتئاب

فارس يبتسم ويرد عليه بخبث: وأختي شوفتها تسر القلب
وأظنك شفت على الطبيعة

ناصر (بعيارة): يا لبا الطاري.. من عقب ذيك الشوفة ماعاد أمسيت الليل

فارس يبتسم: ياكثر هياطك بس


قاعة الحريم

اكتمل عقد الحاضرات
وأميرات آل مشعل جميعهن غاية في التآلق
فالليلة يزففن أربعة من أبنائهن
مناسبة خاصة تستلزم ألقا وأناقة خاصين

وهاهن يطفن بين الضيفات في القاعة يرحبن بهن
وأحيانا يعدن للاطمئنان على وضع العروسين


العروسان كل واحدة منهما في غرفتها المقررة لها
مع كوشة ناعمة تتناسب مع طلة كل منهما
وبالفعل كانت طلة كل واحدة تتناسب مع شخصيتها

مشاعل شعرها الحريري القصير رُفع كاملا في شينيون كلاسيكي
طرحتها دانتيل خفيف وُضعت على رأسها بطريقة الشيلة الكلاسيكية
الفستان كان بسيطا وراقيا جدا خليط من الساتان الحريري والدانتيل المتداخلين بدون أي شك أو تطريز

العنود لم ترتدِ طرحة أساسا
وشعرها المدرج الذي يصل لمنتصف ظهرها ينسدل في خصلات لولبية تختلف أطوالها
وتتوزع فيه زهرات بيضاء صغيرة
ذات الزهرات تتوزع على الفستان الفخم المبهر في نفاصيله


مضى الوقت واقترب وقت حضور العريسين
الغرف التي فيها العروسان لها مداخل على خارج القاعة لا تمر على الحضور
فتقرر أن ناصر يحضر أولا ليأخذ مشاعل
ثم يليه فارس ليأخذ العنود


مشعل اتصل بشقيقته موضي وأخبرها أنه سيحضر الآن مع ناصر لأخذ مشاعل
موضي لبست عباءتها ونقابها واقتربت من مشاعل وأخبرتها أن ناصر سيحضر
مشاعل بدأت ترتعش بشكل عنيف واضح
موضي اقتربت واحتضنتها وهي تقرأ عليها وهي تقول لها:
تكفين مشاعل لا تفضحينا في ناصر
والله ناصر مافيه مثله
أنتي هدي أعصابش بس
مشعل جاي معه.. وأنتي عارفة مشعل بيمتغث لو شافش كذا

مشعل الكلمة السحرية لشقيقاته
حاولت مشاعل التماسك من أجل مشعل
ومن أجل مشعل فقط

المتواجدات في الانتظار موضي ولطيفة وأمهات مشعل وأم حمد
ومريم أحضرتها سائقتها وأجلستها على كرسي قريب من الباب حتى تسلم على ناصر ثم تعيدها للعنود
أم مشعل بن عبدالله غاية في التوتر وحزن شفاف يغزو روحها
وهي تراقب لمعة الدموع في عيني ابنتها وارتجاف يديها
كانت تكثر من الدعاء لها
ودقات قلبها تتعالى وكأنها تتضامن مع دقات قلب ابنتها
التي يكاد قلبها يتوقف من قوة تصارع العروق وتعالي النبضات

ناصر دخل
قبل أن يرى شيئا عرف مريم عند المدخل تجلس بعباءتها وغطاها
وقف عندها وهو يحتضنها ويقبل رأسها ومريم تهمس له بحنان:
مبروك ياقلبي.. جمع الله بينكما في خير

ثم نزلت له أمهات مشعل وقبل رأس كل واحدة منهما
وهو يشعر بشوق كاسح لإنهاء هذه السلامات حتى يراها
حينها استطاع أن يرفع عينيه أن ينظر لملاكه الذي طال اشتياقه له
بدت له أكثر عذوبة ورقة من أن تكون حقيقة
كانت أشبه ما تكون بحلم شفاف
نسمة عابرة
شيء خيالي يستعصي على خيال البشر الإحاطة به
(آه ياقلبي
وش ذا العذوبة كلها
أحسها بتذوب من رقتها)

مشعل كان يمشي جواره وهو يلقي التحية على مريم وأم مشعل

صعدا سويا
موضي أوقفت مشاعل ونزلت
مشاعل شعرت أنه سيغمى عليها وهي ترى الجسد الفارع الطول يطل عليها من علو
وعيناها المنخفضتان تركزان في طرف البشت الأسود
شعرت به قريبا جدا
فرائحة عطره الرجولي الفاخر اخترقتها تماما
توترت بشدة (أ يعقل أنه يشم عطري الآن؟!)
وبالفعل كان ناصر منذ اقترب منها وهو يشم رائحة عطرها المسكر
الذي اكتسب من عذوبتها سحرا خاصا
اقترب أكثر ليطبع على جبينها الناعم قبلته الدافئة
ومشاعل شعرت أنها تكاد تذوب وتنتهي لم تتوقع شيئا من هذا ولا أنه اقترب لهذه الدرجة لأنها لم ترفع عينيها إطلاقا
ناصر بعد أن قبل جبينها وقف جوارها ليتيح لمشعل السلام عليها
مشعل قبل رأس شقيقته وهو يهمس لها بحنان:
مبروك يالغالية.. ما أوصيش في ناصر
ثم ألتفت لناصر وهو يقول بعمق: وما أوصيك في مشاعل

ناصر بعمق مشابه: في عيوني
ثم أمسك بيدها ليجلسها ويجلس جوارها ملاصقا لها على المقعد الطويل
يدها باردة وصغيرة وناعمة وترتعش.. ترتعش بشدة
مشاعل تدعو ربها بعمق أن يفلت يدها التي تسكن الآن في يده الكبيرة
وأن يبتعد قليلا فملاصقة جسده لها بهذه الطريقة أوقفت عقلها عن التفكير من شدة الخجل
ولكن ناصر لم يحقق أيا من أمانيها فلا هو ابتعد.. ولا هو أفلت يدها التي يمسكها الآن بحنان وبقوة
وهو يتأمل بإعجاب شفاف خطوط الحناء الناعمة فيها
(أخاف يدها الهشة تنكسر في يدي
بس بعد ماني بفاكها
وش هالسحر اللي فيش؟!!
وقفتي تفكيري وأشعلتي مشاعري)

(أرجوك.. حرام عليك
بيغمى علي
فكني
بعد عني شوي
والله العظيم بيغمى علي وقلبي بيوقف)


بعد دقائق ..مشعل همس لناصر: يالله نمشي

ناصر شعر بارتعاشة يدها أكثر في يده
مال عليها وهمس لها من قرب: ليش ترتعشين كذا؟؟
مشاعل لا تخافين من شيء

مشعل أشار لشقيقتيه لإحضار عباءة مشاعل
لطيفة كانت تلبسها
في الوقت الذي همست له موضي: بأروح معها

مشعل همس لموضي: مافيه داعي
أنا بأوصلهم للأوتيل
وبعدين أنتي رايحة اليوم الصبح ورتبتي أغراضها هناك
لا تحاتينها

خرجا سويا وركبا السيارة
مشعل يقود بهما
وناصر جلس معها في الخلف
مشاعل وضعت يديها متشابكتين في حضنها
حتى لا تسمح له بإمساكها
ناصر تفهم خجلها
وتركها براحتها
والسيارة تخرج من الصالة باتجاه الفندق


الثنائي الآخر
فارس والعنود

بعد أن خرج ناصر اتصل مشعل براكان ليحضر فارس
لطيفة ومريم وأم فارس وأمهات مشعل وأم حمد هم من يتواجد مع العنود الآن

مريم اقتربت من العنود
حصنتها مطولا بالأذكار والأدعية

ثم نزلت.. حاولت العنود التمسك بها ودقات قلبها تتزايد
همست لها مريم بمرح شفاف: لا تصيرين جبانة
فارس مايعض..

وصل فارس مع راكان
سلم على والدته أولا
وسلم على كل الموجودات وهو يتلافى النظر إلى من يلتهمه شوقه لها
شعر لأول مرة في حياته بضغط توتر هائل
معشوقته أمامه
من مزقت قلبه هياما أمامه
من أهانته أمامه
من شكت فيه أمامه
كل المتناقضات وسعير المترادفات أمامه

سلم على والدته وأمهات مشعل وشقيقته لطيفة وأطال وهو يسلم عليهم

وراكان يهمس له بمرح: يا أخي أنت مستغرب من هلك وعجايزك توك شايفهم اليوم
وشرايك نطلع القاعة ونخليك تلف على عجايز الجماعة كلهم تسلم عليهم عجوز عجوز
خلّصنا
مرتك واقفة تنتظرك

وبالفعل كانت العنود واقفة من قبل دخوله
أوقفتها لطيفة.. ونزلت.. وتركتها وحدها لتستحوذ على البهاء الأبدي
رفع فارس عينيه إليها وهو يتقدم بثقة ناحيتها

مــوجـعـة
مــوجـــــعـــة
مـــــــــــوجـــــــعـــــة
لم يجد وصفا أفضل للشعور الذي اجتاحه غير الوجع
كانت إطلالتها موجعة
وجمالها موجعا
وتأثيرها سلبا وإيجابا على روحه موجعا
وقف للحظات أمامها ضائعا في بحر ملامحها
(أ يعقل أنها أصبحت لي
وأخيرا لي
أ أستطيع مد يدي لشفتيها وألمسهما؟!
معانقة أهداب عينيها؟!
مصافحة زهر خديها؟!
أريد أن أتاكد أنها أمامي وكل هذا الحسن والجمال والروعة لي أنا
أنا وحدي)

راكان اقترب من شقيقته الصغيرة احتضنها بحنان:
مبروك عنودتي ألف مبروك

العنود همست بصوت خافت: الله يبارك فيك
بالكاد سمعها راكان
ولكن همساتها وصلت للقلب المتيم
لاول مرة يسمع صوتها الذي عذبه من هذا القرب
وكم بدا له صوتها مع صورتها عذابا لا يحتمل

العنود لم تستطع رفع عينيها خجلا
ولكنها شعرت أن فارس أطال في وقفته أمامها
راكان همس له: اقعد يا ابن الحلال

فارس وقف جوارها وكان على وشك أن يجلس
دون أن يمسك بيدها أو يجلسها
لطيفة اقتربت من ناحيته وهمست:
فارس الله يهداك أمسك يدها وقعدها

فارس لم يفكر أن يقبل رأسها كالعادة الشائعة
رغم أن شقيقاته أخبرنه بذلك سابقا
شعر أن اقترابه من حدود وجهها شيء خاص به هو وإياها
لا يريد لأحد أن يشهده
شيء خاص جدا.. لهما وحدهما

وإذا كان يشعر أن إمساك يدها فوق احتماله
فكيف بتقبيلها؟؟
ولكن مسك كفها أهون الأمرين
لذا تناول يدها
وليته ما فعل
فهو شعر كما لو أن ماسا كهربائيا صاعقا ضرب يده
مع إحساسه بسكون أناملها الناعمة الدافئة المرتعشة بين أنامله
ولكن أي من انفعالاته لم يظهر على وجهه وهو يجلسها ثم يفلت يدها

والدته كانت شديدة التأثر
وهي تدمع من الفرح
وتكثر من الدعوات له

كان ينظر للأمام بثقته الطبيعية
لكن داخله كان يهتز بعنف
وهو غير قادر على التركيز في أي شيء
كيف يركز وأقطاب التشتيت في العالم كله تجلس جواره؟!!

العنود كانت دقات قلبها تتصاعد بعنف
تعلم أنه لم يبدُ رومانسيا
ولكن لأنها تعرفه فهي لم تتوقع أبدا أن يكون رومانسيا
وتحمد الله أنه لم يكن كذلك
فارتباكها يكفيها
وهي تتفهم جيدا ثقله ورزانته وتشكر الله عليهما

بعد دقائق
راكان همس له: يالله قوم نمشي

فارس وقف وهذه المرة لم ينسَ أن يمد يده لها ويوقفها
هذه المرة كانت يدها أكثر ارتعاشا وفي أعماق روحه أكثر تأثيرا
(خائفة حبيبتي؟!
ليتني أستطيع اخفائكِ في صدري
حمل كل مخاوفكِ عنكِ
ولكن ماذا أفعل حين أكون أنا سبب خوفكِ؟!
ليتني أستطيع احتضان هذه اليد الصغيرة المرتعشة الغالية
غمرها بقبلاتي وزرعها بين أضلاعي
حتى أبعد عنكِ كل خوف)

لطيفة ألبستها عباءتها وساعدتها حتى أوصلتها للسيارة لضخافة فستانها ثم عادت
لتنطلق السيارة بهم


كل ثنائي وصل لفندقه
وكل شقيق أوصل أخته
أطمئن عليها
ثم تركها مع الرجل الذي يُفترض أن تكمل معه بقية حياتها





 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 09:49 AM   #65 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


الدوحة
فندق الانتركونتنتال
جناح ناصر ومشاعل

وصلا منذ دقائق
اطمئن مشعل عليهما ثم غادرهما

مازالت مشاعل غير مستوعبة كيف وصلت هنا دون أن تنهار
ومازالت تقف وعيناها في الأرض
وقلبها يكاد يتمزق من ضغط دقاته
تشعر بوجل وخوف وخجل غير طبيعي
تتمنى أن تنشق الأرض تبتلعها
وأن يتوقف هذا الموجود معها عن مراقبتها بهذه الصورة المتفحصة
مازالت حتى الآن لم تر ناصر.. فهي لم ترفع عينيها له مطلقا

انتزعها من أفكارها
صوت عميق هامس قريب:
تدرين إنش أحلى من كل أحلامي..مبروك ياقلبي

(متى صرت قلبك يا النصاب؟)

أكمل همسه: حبيبتي.. توضي خلينا نصلي ركعتين

(وحبيبتي بعد؟! وش عنده ذا)
تريد أن تتكلم ولكنها عاجزة.. فكل الكلمات تحجرت في بلعومها
ولكنها تحتاج فعلا أن تصلي وتصلي طويلا أيضا
لتطمئن الصلاة روحها الجازعة

تركته وتوجهت للدولاب.. تعلم أن موضي أعدت لها كل شيء
تناولت روبها ومنشفتها وبيجامتها
فشقيقاتها كن يعلمن أنها يستحيل أن تلبس قميصا في ليلتها الأولى
لذا أعدت لها موضي بيجامة حريرية بيضاء مطرزة
علقتها مشاعل في الحمام وهي تحشر نفسها وثوبها في الحمام

طوال حركتها في الغرفة
وناصر يراقبها باستمتاع وهو ينظر لها بإعجاب عميق
يشعر أن حرارته ترتفع وكل ما تفعله يبدو رقيقا وعذبا ومثيرا
وخطرا.. خطرا جدا.. وخصوصا أنها تتحرك بتلقائية متوترة بدت أكثر خطرا
(الله يعيني على خجلها بس!!)

مشاعل أطالت في الحمام وهو لم يسمع صوت الماء يُفتح
كان يريد أن يصلي قيامه
لكنه يريد قبلا أن يصليا سويا ركعتين ليبارك الله لهما في حياتهما معا

ناصر طرق عليها الباب
وهو يهمس لها برقة: مشاعل حبيبتي تأخرتي نبي نصلي

مشاعل كانت تبكي في الداخل
فهي مرتبكة وتكاد تذوب خوفا وخجلا
وهذا الثوب اللعين لم تعرف كيف تخلعه فهو لم ينفتح لها

تكررت الطرقات على الباب
أخيرا استطاعت أن تهمس له: شوي لو سمحت

كان وجهها قد أصبح خريطة ألوان من تمازج دموعها وزينتها
أخذت مناديل مسح الزينة التي تركتها لها موضي في الحمام
ومسحت وجهها كاملا بعناية

وختاما وجدت نفسها مضطرة لطلب مساعدته
فهي تريد أن تصلي
ولولا الصلاة لكانت بقيت في الحمام حتى الصباح

فتحت الباب
قفز ناصر الذي كان جالسا على الأريكة فور سماعه لفتح الباب
مشاعل بخجل مر ودموعها مازالت تسيل:
ممكن تساعدني لو سمحت


الدوحة
فندق الريتز
جناح فارس والعنود


راكان أوصل فارس والعنود لجناحهما
ثم انسحب

مازال الاثنان واقفان
يلفهما توتر عميق

في حالة ناصر ومشاعل
نجد مشاعر عريس طبيعي عند ناصر
وخجل غير طبيعي عند مشاعل

في حالة فارس والعنود
نجد مشاعر عروس طبيعية عند العنود
ومشاعر عشق متجاوز للحدود لكنها مغلفة بكبرياء غير طبيعي عند فارس


العنود خلعت عباءتها كمحاولة لتبديد توترها
وهاهي مازالت تقف بخجل وعباءتها بيدها
وعيناها في الأرض

فارس ينظر لها
ومضى وقت طويل وهو ينظر لها
ويشعر أنه لو ظل ينظر إليها طوال عمره فلن يشبع أو يرتوي أو يمل
يتأملها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها
(يا آلهي.. يا ألهي
أي مخلوقة أنتي؟؟
أي روعة أنتِ؟؟
أي معجزة أنتِ؟؟
ماذا فعلتِ وتفعلين بي
كفى
كفى
ارحمي قلبي الذي تطعنينه بأهداب عينيك الذائبتين خجلا
وتعصرينه بين ملتقى شفتيكِ المرتعشتين توترا)

العنود تعبت وهي تنتظر منه رد فعل بينما هو واقف كتمثال حجري
وخجلها يمنعها من الحركة
(هذا شفيه كذا
يبي يحرجني يعني
يضطرني أنا أتكلم أول
لمتى وحنا واقفين
أنا أبي أصلي)

العنود همست بخفوت معذب: أبي أصلي.. ممكن؟

انتفض فارس بعنف ولكن انتفاضته لم تظهر مطلقا على محياه
فلطالما اعتاد على التحكم في انفعالاته

فارس بهدوء وثقة: بنصلي كلنا الحين ركعتين
وعقب صلي

جناح ناصر ومشاعل

ناصر اقترب منها بدت له كطفلة خائفة مذعورة بوجهها المحمر الصافي الخالي من المساحيق
ودموعها التي تسيل بغزارة
شعر بحنان غامر ناحيتها
سألها بحنان: وش فيش؟؟

مشاعل بخجل عميق من بين دموعها المنهمرة بصمت:
ماعرفت افتح الفستان.. ممكن تساعدني

ناصر ابتسم
(والله ربي يحبني)
أجابها بابتسامة: لفي

مشاعل أعطته ظهرها
ناصر بدأ يفتح السحاب ببطء شديد وكأنه يريد إطالة المهمة قدر يستطيع
وهو يفتح كان يمرر أصبعه بطريقة مقصودة على سلسلة ظهرها
مشاعل كادت تجن وهي تشعر أن إعصارا صاعقا ضرب سلسلة ظهرها
همست بخجل واختناق: ناصر بسرعة لو سمحت

ناصر يبتسم: خلاص خلصت

مشاعل لم تصدق أنه انتهى
قفزت للحمام وهي تبكي بشكل أشد
وتناشد الله في أعماقها
(يا ربي الطف فيني ياربي الطف فيني
شكله مهوب عاتقني الليلة
وش ذا الوقاحة اللي عنده
ياربي ارحمني
ارحمني
يارب الطف فيني .. الطف فيني
ليتني قعدت في الحمام ولا قلت له يساعدني)


جناح فارس والعنود

العنود دخلت الحمام لتستحم وتستعد للصلاة
ووجدت أن لطيفة كانت قد أعدت لها كل شيء في الحمام وفي دواليب الجناح بتنظيم شديد

بينما فارس خرج خارج الجناح
شعر أنه بالفعل عاجز عن احتمال ضغط وجودها بهذا القرب
العنود خرجت لم تجده
ارتدت ثوب الصلاة فوق قميصها
انتظرته
تأخر
بدأت تصلي قيامها
دخل وهي تصلي
انتظرها حتى انتهت ثم همس لها بهدوء دون أن ينظر ناحيتها: يالله نصلي

صليا سويا
حين انتهوا من صلاة الركعتين
فارس بدأ يصلي قيامه

والعنود انسحبت وخلعت ثوب الصلاة
وعادت للحمام للتأكد من شكلها
نشفت شعرها جيدا
ثم فردته
لم تعرف هل تترك وجهها خاليا من المساحيق
أو تضع شيئا خفيفا

لكنها قررت ختاما أن تتركه بدون مساحيق
فوجهها اكتفى اليوم من أطنان المساحيق
تعطرت بكثافة وعطرت شعرها

ثم نظرت لشكلها النهائي في المرآة
وأن شكلها يبدو فعلا أنيقا ومحتشما
في رداء نوم أبيض ملكي عليه روبه السميك المطرز بفخامة
يتناثر عليه شعرها المدرج المسدل بعذوبة على كتفيها

حين خرجت
كان فارس يجلس على الأريكة وقد أرتدى بيجامة سوداء
شعرت العنود بالخجل بالكثير من الخجل
(هل أبدو بشعة أمامه؟!)
ففارس بدا لها وسيما حد الوجع
ومذهلا في بيجامته التي انسابت على عضلات جسده البارزة من تحتها بتناسق رائع

بدأ خجلها يتحول لتوتر
(عشان كذا ما عبرني
أكيد ماشاف فيني شيء يعجبه)

لم يرَ شيء يعجبه؟؟
عن ماذا تتحدثين؟؟
هذا الشاب متيم حتى أقصى عروقه وخلاياه
لو كنتي بشعة حتى، فهو يراكِ المخلوق الأروع في كل الكون؟!!
فكيف وأنتي تقفين أمامه بحسنكِ الموجع؟!!


ظلت واقفة
وفارس يتأملها بعمق
يتأمل وجهها الصافي العذب المشبع أنوثة كاسحة وبراءة عذبة
لباسها الذي أصفى عليها مزيدا من الأنوثة والبراءة معا
كل مافيها موجع.. موجع
ويحز في روحه حتى أقصى أعماقه

طالت وقفة العنود.. وانتبه فارس
وأخيرا تكلم وهو يقول بهدوء: ليش واقفة؟؟
اقعدي

(تعّب روحه صراحة
أخيرا تذكرني)

جلست العنود بعيدا عنه ومقابلا له
حرب من النظرات استعرت بينهما
العنود تنظر له بخجل نظرات متوترة منقطعة تتراوح بينه وبين حضنها حيث كفيها المتشابكتين
وفارس ينظر لها بشكل مباشر وعيناه تلتهمها التهاما وتلتهم كل تفاصيلها

(أوف اشفيه يطالعني كذا
لا يكون فيني شيء غلط)
العنود توقفت تماما عن رفع عينيها ونظراتها تثبت على يديها وتطريزات روبها

(لا تصدين
تكفين ارفعي عينش ولدي صوبي

لاتصد هناك ياعمري دقيقه .......... العمر محسوب بحساب الدقايق
في بحر عينك تبينت الحقيقه........... كل موجه تنقل لعيني حقايق
الهوى دلتني عيونك طريقه ...........ثم سوت وسط قلبي لك طرايق
إلتفت يمي ترى عمري دقيقة..........ليتني احيا في سما عينك دقايق

لا تصدين
حتى نظرة عينش تبين تحرميني منها
حرام عليش اللي سويتيه وتسوينه فيني)


غرفة ناصر ومشاعل

بعد حوالي نصف ساعة خرجت مشاعل من الحمام
بعد أن نشفت شعرها بالمجفف
ولبست بيجامتها

بدت لناصر أشبه بدمية حقيقية
أشبه ما تكون بلعبة قد يكسرها أقل شيء
شعر برغبة عارمة أن يحتضنها.. يستنشق عطر هذا الشعر الطفولي الناعم

لكنه تنهد وهو يقول لنفسه
(كل شيء في وقته حلو)

همس لها: يالله نصلي

مشاعل رفعت عينيها له لأول مرة
بدا لها وسيما ومهابا حتى في نحافته التي لم تخفِ عضلاته
النحافة التي ميزته عن عرض أجساد آل مشعل

أنزلت عينيها بسرعة وهي تقول: بس أجيب سجادتي

أحضرت سجادتها ووقفت خلفه وصليا معا ركعتين
ثم صلى كل منهما قيامه

ناصر أنهى صلاته قبلها
وهي أطالت كثيرا في الصلاة
ناصر كان يبتسم وهو يجلس للكرسي الأقرب لها
انتهز الفرصة أنها سلمت بين ركعتين فهمس بمرح شفاف عميق:
ترى أكثر القيام 8 ركعات ..والشفع والوتر صاروا 11
شكلش صليتي 30 أو 40 ركعة
وترى عادي.. صلي 70، 80 قاعد انتظرش للصبح ماوراي شي ترا
لا جمعة شباب ولا تدريب ولا شغل
أنتي وبس

مشاعل بخجل: بأوتر بس

صلت مشاعل ركعتها المتبقية
ثم قامت لتعيد سجادتها للدولاب
لا تعرف لماذا تعيدها كان من الممكن أن تتركها على الكرسي
ولكنها تريد أن تبتعد عن مدى وجوده
أطالت وهي تقف أمام الدولاب المفتوح وأفكارها تسرح
لم ينتزعها من أفكارها سوى أنفاس دافئة تلفح عنقها
وناصر يميل عليها ويهمس بالقرب من أذنها: مطولة؟؟


جناح فارس والعنود

الجلسة طالت كثيرا
العنود زاد خجلها كثيرا وهي تراه يراقبها بهذه الطريقة

وفارس العاشق لم يكن أصلا في وعيه فهو كان يحلق في عوالمه الخاصة
فهو مازال غير مستوعب أن معشوقته تجلس أمامه
بدون حواجز
وأنها أصبحت له يتمتع بالنظر إليها كيف يشاء
ويستمتع بهمساتها كيف شاء
تذكر أنه لم يسمع صوتها تقريبا منذ وصلا
وكم هو مشتاق لانسكابه في أذنه

همس بطريقته الواثقة الاعتيادية: العنود تعالي اجلسي جنبي

العنود لم تتحرك
(صدق ماعنده ذوق
يامرني أجي عنده)

فارس طلب ذلك بعفوية لأنه هو من يجلس على الأريكة
بينما هي تجلس على كرسي منفرد

فارس بذات الهدوء: العنود تعودي من أولها إني ما أعيد الطلب مرتين
إذا طلبت منش شيء تنفذينه من أول مرة
قلت لش تعالي جنبي
تقومين تجين جنبي
وهذي بتكون أخر مرة أكرر طلب مرتين

العنود شعرت بضيق عميق
أسلوبه مستفز وقاس وخالٍ تماما من الذوق
ولكنها وجدت نفسها مجبرة للقيام والجلوس جواره
فنصائح مريم الكثيرة ترن في رأسها
وعصيانه عصيان لربها

العنود جلست على الطرف الآخر من الأريكة وهي تترك مسافة فاصلة بينهما

ولكن قربها كان كافيا لتخترقه رائحتها العذبة
لم يكن عطرها فقط
بل رائحتها هي.. اختلاط عطرها برائحتها الطبيعية كان ناتجه فتاكا على مشاعره
مازال يتجلد.. فتنكيس الرايات السريع ليس من شيم كبرياءه
وخصوصا أنه يحاول جاهدا أن يستعيد إهانتها الوقحة لها حتى يقسو عليها قليلا
فيجد أن هذه الاهانة تتضاءل ذكراها أمام ذكرى أعظم وأجمل
هي العنود ذاتها
ولكن كبرياءه .. كبرياءه أين يفرمنه؟؟؟

سألها بهدوء: ناصر قال لي إنش أنتي رفضتي نسافر.. ليش؟؟

العنود تتذكر أنها قالت لناصر السبب.. أيعقل أنه لم يقله لفارس
وفارس كان يعلم السبب
لكنه يريد فتح حوار ما

العنود بخفوت وعذوبة: امتحاناتي بعد أسبوع وماعندي وقت

أن يسمعها توجه الحوار له مباشرة بصوتها الساحر وطريقتها الآسرة في الكلام
كان إحساسا فوق كل خيال روعة وآلما ومتعة

سألها بهدوء: كم ساعة مسجلة؟؟

العنود بذات النبرة الخافتة: 16

فارس : مهوب واجد عليش؟؟

العنود ترفع عينها.. وتكمل بخجل: لا بالعكس أصلا كنت أبي 18 بس ماحصلت
إن شاء الله الفصل الجاي أسجل 18 ساعة

فارس بهدوء: أكثر من 14 لا تسجلين.. أنتي الحين مرة متزوجة
لبيتش حق

العنود صمتت لا تريد أن تثير معركة منذ ليلتهما الأولى همست برقة: يصير خير

فارس ماعاد يحتمل
(ماكل هذه العذوبة!!
تبدو الكلمات كما لو كانت تختلط بالعسل والسكر
وهي تتدفق من بين شفتيها)
يريد أن يلمس وجهها فقط
يريد أن يلمس تفاصيل ملامحها
يلمس شفتيها النديتين النابضتين بالهمس المعذب
هل هما فعلا حقيقة أم خيال؟؟

هذه المرة لم يأمرها أن تقترب
بل هو من اقترب منها

العنود توترت وهي تتراجع أكثر للطرف الذي حجزها
وهو يقترب أكثر
حتى أصبح شديد القرب منها

همس لها بحنان تلقائي: ارفعي وجهش
وطالعيني

نبرة الحنان اللذيذة غير المعتادة في صوته أجبرتها على التنفيذ بدون وعي

مد سبابته لوجهها
انتفضت بعنف
وهو يمرر سبابته على حاجبها
خدها
شفتيها
ذقنها
عنقها
ثم يضع كفه على خدها بحنان ووله مصفى
وهو يقرب وجهه أكثر منها

العنود رأت كيف تلمع عيناه ويزفر أنفاسه بعمق
والجو يُشحن بشرارات كهربائية بينهما
همست بخجل شفاف وهي تحاول الابتعاد: تكفى فارس خلني لين أتعود عليك

رغم صعوبة الابتعاد على فارس بعد أن أصبح على هذا القرب منها
ورائحتها التي أسكرته تماما وهي تخترق أقصى حويصلاته الهوائية
لكنه ليس من يفرض نفسه
أو يتعامل بهمجية مع نصفه الآخر
فعلاقته بها يريدها أن تكون برضاها وتجاوبها

ابتعد وهو يتنحنح وكأن هذه النحنحنة صادرة من أعمق أعماقه:
بس إن شاء الله مرحلة التعود ذي ما تطول

صمتت العنود بخجل

استمر الصمت وفارس يعود لتأملها بوله
(أي سحرٌ تتسربلين به؟!
أي روعة يضمها جنبيكِ؟!
متى ترحمين قلبي المتيم؟؟
أو متى أرحم نفسي من جنوني المتكبر
آه يا صغيرتي
وألف آه)

بقيا على جلستهما المشحونة بالمشاعر العصية على التفسير
حتى أذن الفجر
وصليا فرضهما

حين أنهيا الصلاة قال فارس بطريقته الواثقة المعتادة في الكلام:
زين نبي ننام وإلا ذي بعد تبي لها تعود

(صدق ماعنده أسلوب!!)
لكنها ردت بخجل: نام.. تصبح على خير

فارس يتنهد وهو يعرف أنه لم يكن لطيفا رغم أنه يتمنى لو يذوب لها لطفا
ويقول بهدوء: العنود مافيه داعي لسوالف الأفلام وواحد منا ينام على الكنبة والثاني على السرير
تعالي نامي جنبي.. تراني مخلوق متحضر لو عندش شك في هذا..وأعرف أتحكم بنفسي


العنود نهضت معه
لم ترد أن تبدو قليلة التهذيب معه
فهي ثتق به وبكلامه
ومادام قال لها شيئا فلن يخلف بكلامه لها
تمدد فارس على طرف
وتمددت هي الآخر دون أن تخلع روبها

فارس يتنهد بعمق
(لو أنها بس تسولف لي
ما أبي شيء ثاني
صوتها بيصبرني
بس الحين شوف وحر جوف)


جناح ناصر ومشاعل

مشاعل أطالت وهي تقف أمام الدولاب المفتوح وأفكارها تسرح
لم ينتزعها من أفكارها سوى أنفاس دافئة تلفح عنقها
وناصر يميل عليها ويهمس بالقرب من أذنها: مطولة؟؟

شعرت مشاعل أنه سيغمى عليها
صمتت
ناصر فسر صمتها وأنها لم تتحرك أنه نوع من التجاوب معه
وتوقع أنهم بالغوا في تصوير خجلها له
لذا تجرأ أكثر وهو يقترب من ظهرها ويضع يديه على عضديها
ويطبع قبلة على شعرها
وناصر بالفعل كان لديه استعداد للتوقف فورا لو أنها طلبت منه ذلك
فهو وعدها أن يصبر عليها
وليس هو من يخلف وعدا
ولكنها لم تطلب
بل تصرفت
وهي تنخرط في بكاء هستيري
ابتعد ناصر عنها وهو يقول بتأثر: مشاعل أنا آسف
خلاص ماني مقرب منش والله العظيم
لا تخافين حبيبتي

لكنها لم تستمع له وهي تركض للحمام وتغلق على نفسها فيه

ناصر قرر تركها حتى تهدأ
مضت أكثر من ساعة وهي لم تخرج
طرق عليها الباب
لم ترد عليها
همس لها بحنان: مشاعل حبيبتي والله العظيم آسف
خلاص والله ما أعيدها ولا أقرب منش إلا برضاش
هذا أنا حلفت
اطلعي مايصير.. بتقضين الليل في الحمام؟؟

لكنها لم ترد عليه

ناصر أصبحت حالته مزرية من القلق والندم
عاد لها بعد نصف ساعة
وهو يقول بنبرة فيها بعض حدة: لو مارديتي علي بأكسر الباب

مشاعل بصوت باكي ضعيف: تكفى ناصر خلني

(لا حول ولاقوة إلا بالله
وش ذا البلشة
بأخليها شوي)

وبقيت مشاعل في الحمام
وناصر بين باب الحمام يحايلها ويطمئنها ويحلف لها ألا يقترب منها
وبين الأريكة التي يجلس عليها
حتى أذن الفجر

حينها بدأ ناصر يغضب فعلا
وتتحول مشاعره من الشفقة عليها للغضب منها
(هذي وش شايفتني؟؟
تحسبني بأغتصبها ذا الخبلة مسكرة على روحها 5 ساعات)

اقترب من الباب وهو يهمس بغضب مكتوم:
مشاعل اطلعي أبي أتوضأ وأصلي

مشاعل بخوف: ماني بفاتحة
أكيد تبي تضربني الحين

ناصر بغضب شفاف: يابنت الحلال
أنا ماأستاهل منش اللي انتي تسوينه فيني
حلفت لش ألف مرة ما أسوي لش شيء
يعني بأكذب على ربي عشانش
اتقي الله
مايصير اللي تسوينه
اقعدي وين ما تبين.. في الغرفة.. في الصالة
لو تبين أخلي لش الجناح كله خليته
بس اطلعي

مشاعل بذات الخوف: قلت لك ماني بفاتحة

ناصر خرج من الجناح وتوضأ في حمامات البهو الرئيسي (اللوبي) وصلى الفجر
ثم عاد لها يعتقد أنها قد تكون فكرت في كلامه وخرجت
لكنه وجدها مازالت تغلق عى نفسها

عاد لها يحايلها بدون فائدة
حتى أشرقت الشمس وناصر منهك ويريد النوم
اقترب من الباب وهو يقال برجاء عميق:
مشاعل الله يهداش الشمس شرقت
والله العظيم أنا ما أستاهل منش كذا
أنا شاريش ومحترمش وعازش
تسوين فيني كذاّّ

مشاعل بخوف صميمي: ماني بفاتحة لين يجي أخي مشعل
أبي مشعل

طلبها لمشعل ذبح ناصر
ذبحه تماما
يفترض أن يكون هو من يحميها
فكيف تريد أن تحتمي بغيره ومنه

ناصر بغضب مر: أنتي صاحية؟؟
تبين تفضحين روحش
وش يقولون الناس وانتي مقضية ليلة عرسش في الحمام
مستحيل اتصل في مشعل
خلش في الحمام لين تشبعين

ثم أردف بمرارة:
وترا النفس طابت منش
هذا مهوب سحا يا بنت عمي
هذا عياف
ومن عافنا عفناه لو كان غالي



 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 11:16 AM   #66 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


جناح فارس والعنود

العنود تتشجع وتمد يدها لتلمس وجه فارس الذي كانت تظنه نائما
لمست أولا القطع في طرف حاجبه اليمين بطرف سبابتها
كان غائرا نوعا ما
ولكنه منحه طله رجولية موجعة بعمق
فارس شعر بثوران مشاعر كاسح منذ أحس بملمس أصبعها الناعم على وجهه
لكنه قرر أن يستمر في تمثيل النوم
حتى لا يحرجها.. وحتى يرى ما تود فعله
انتقالها التالي مباشرة كان للطرف الأيسر من شفته السفلية
حيث القطع الثاني
حينها

ثار غضبه فعلا

فأكثر شيء يكرهه في حياته
والشيء الذي لم يستطع تجاوزه أبدا
أن يكون اهتمام الآخرين هو بشكله
هي لم تلمس وجهه تعبيرا عن مشاعر كما فعل
ولكنها تريد أن تتأكد من مواصفات شكلية لذا اقتصرت على لمس موقعين محددين فقط
وهذا الشيء أثار غضبه لأبعد حد

فتح عينيه وهو يصرخ بها: شتسوين؟؟

العنود انتفضت وهي تتراجع للخلف وتهمس بوجل: آسفة .. آسفة

فارس صرخ فيها: إياني وإياش تعيدينها

العنود صمتت وهي تبتلع عبراتها ومرارتها وإحراجها

فارس قصد بجملته والذي يجب إلا تعيده أن يكون اهتمامها هو بشكله
بينما العنود فهمت أن الذي يجب إلا تعيده هو الاقتراب منه أو لمسه
وهذا الأمر جرحها
جرحها بعمق
كما لو أنه هو فقط من يحق له لمسها في الوقت الذي يشاء
بينما هي لا يحق لها ذلك.. وكأن علاقتهما يجب أن تكون من طرف واحد
يكون هو المرسل وتكون هي المستقبلة
المستقبلة لكل شيء لمساته.. قسوته.. حدته.. كلامه الجارح
أ يريدها أن تتحول لمخلوق بلا مشاعر مهمته فقط أن يكون حاوية لاستقبال جنونه؟!!!


*************************



قبل صلاة الظهر بقليل
مشعل يعود للبيت ليتوضأ ويذهب للصلاة

وجد هيا تجلس على جهازها المحمول

سلم وهو يميل عليها ليقبلها ويسألها بحنان: شتسوين؟؟

هيا تحتضن وجهه بكفها وتهمس: أشوف إيميلي صار لي كم يوم ماشفته
ثم أردفت: وين رحت من صبح؟؟

ابتسم مشعل وهو يبتعد ليخلع ثوبه ليدخل الحمام:
شغل تحريات وإلا غيرة نسوان وإلا مجرد فضول؟؟

هيا تبتسم: اللي هو

مشعل وهو على باب الحمام: رحت أجيب مشاعل
استدعوا ناصر يشارك بسباق ضروري في الأردن

مشعل دخل الحمام وهيا مستغربة
(يروح يشارك في سباق صباحية عرسه!!!!)

هيا تقلب بريدها الإلكتروني.. تجد رسالة مهمة.. تقرأها باهتمام
حين خرج مشعل تقول له باهتمام:
حبيبي البعثات طالبيني يقولون فيه أوراق ناقصة يبونها

مشعل بهدوء: خلاص حبيبتي الأسبوع الجاي بأروح لهم وأشوف وش يبون

هيا بهدوء: عادي حبيبي أنا باروح

مشعل باستنكار غاضب لطيف: لا يا قلبي هذاك أول
الحين عندش رجّال يتعب لش
وأنتي اقعدي مرتاحة



الدوحة
طريق المطار

راكان يقود بناصر المتوجه للمطار

راكان بهدوء: ناصر الله يهداك ماقدرت تعتذر من السباق
عرسك البارحة وش تبي الناس يقولون

ناصر بغموض: مهوب قايلين شيء.. السباق لازم أشارك فيه
لو مالقوا فارس يكمل الفريق بتلغى مشاركة فريق قطر بالكامل

راكان باستفسار شفاف: ومرتك؟؟

ناصر بذات الغموض: تنتظرني لين أرجع
هي مقدرة ظرفي وسامحة لي بنفسها

(أصلا هي ما تبي إلا الفكة مني
يا الله يا مشاعل
ليه كل ذا؟!
تقضين الليل كله في الحمام قرفانة مني
وش سويت عشان استحق منش ذا الجفا والكراهية؟!)

راكان يسأله: السباق متى؟؟

ناصر بهدوء: الليلة الساعة 8

راكان بقلق: بذا السرعة أنت مالحقت تتدرب مع الحصان اللي بتركبه
وخصوصا أنك أول مرة تركبه

ناصر بتطمين: عادي.. ثندر يعرفني عدل

راكان: ومتى بترجع؟؟

ناصر: السباق بيخلص بكرة على الظهر
بأرجع بكرة في الليل إن شاء الله

راكان بهدوء: خلاص بكرة الليل بأنتظرك في المطار

ناصر برجاء أخوي: زين راكان تكفى لازم تزورون حسن
حسن في المستشفى يده منكسرة

راكان بنبرة رجولية: أفا عليك بدون ما تقول.. هذا واجب

ناصر يتذكرشيئا: راكان هاك التذاكر وحجز الأوتيل.. أبيك تروح للسفريات تلغيها

راكان باستغراب: وليه ألغيها؟؟ باجله يومين ثلاثة..

ناصر بسكون: أنا ما أدري متى بنقدر نروح.. ألغ الحجز..
وإذا جينا بنسافر مرة ثانية.. سويت حجز ثاني إن شاء الله..
ثم ابتسم ناصر ابتسامة باهتة: أو أخذ الحجز لك أنت وموضي على خير

راكان بهدوء غامض: أنا وموضي إذا رحنا.. رحنا مكان ماحد راح له قبلنا

ناصر بتفكير وهو يتذكر حواره مع راكان عن موضي قبل فترة وجيزة:
إلا تعال قل لي يا أبو قلب ميت.. وش غير رأيك ونططك تبيها؟؟
وإلا عشان شفت خلاص إنها بتخلص العدة.. صحصح القلب الميت

راكان بذات الهدوء الغامض: على قولتك



************************



بعد صلاة الظهر
جناح فارس والعنود

فارس ذهب للصلاة ولم يعد بعد
العنود صلت وهاتفت أمها وشقيقتها
وهاهي أمام المرآة تتأنق
لا تريده أن يظن أنها تأنقت من أجله بعد صراخه اليوم عليها
ولكنها فعليا تفعل
جزء من أجل نفسها وإحساسها أنها عروس لابد أن تتأنق
من ناحية أخرى تتمنى أن تذهب لأهلها ..وإذا وافق تريد أن تكون جاهزة
ومن ناحية ثالثة: لِـمَ لا؟؟ فليراها جميلة ومتأنقة

وهاهي متألقة بل ومتألقة جدا
وهي ترتدي تنورة حرير طويلة مشجرة ضيقة وتتسع من أعلى الركبتين
مع كعب عالي وتوب (هاي نك) أسود سادة ملتصق بكم طويل
مع عدد من السلاسل الفضية النحيفة المختلفة الأطوال
وشعرها رفعته بشكل عشوائي وثبتت بعض خصلها الأمامية بمشابك فضية
ووضعت القليل من الزينة بشكل محترف

كانت تضع لمساتها الأخيرة على أحمر شفاهها حين دخل
اهتزت يدها
وكادت تلون ذقنها مع شفتيها

سلّم
ردت السلام بهدوء

جلس قريب منها
وهاهي انتهت وتريد القيام
ولكنها عاجزة عن القيام وهي تعلم أنه يراقبها بتفحص
(نفسي بس أفهمه
ليش يطالعني كذا؟؟
ليش غامض كذا؟!)

(ولِـمَ أنتِ جميلة هكذا؟!
وتتسلقين الروح بهذه الطريقة
لتنغرسي في أعمق أعماقها
لِـمَ يبدو كل شيء بجواركِ باهتا وكأنكِ احتكرتِ كل ألق العالم؟
ولماذا يؤلمني النظر إليك إلى هذا الحد؟!
لم أعلم مطلقا أن مجرد النظر قد يمزق الروح حتى عرفتكِ
ها أنتِ تجلسين كملكة متباعدة
تحكم ولا تعلم كم هو جائر حكمها
وكم هي ظالمة
وأنا أحد رعاياكِ ينتظر منك أن تنظري له بعين الرأفة والرحمة
انظري إلى
انظري إلي)

العنود مازالت تجلس في مكانها
وهو في مكانه
قرر أخيرا النهوض
اقترب منها

ينظر لوجهها في المرآة يعرف أنها ارتبكت من اقترابه
أنزلت عينيها وهو يقترب أكثر
وضع يديه على كتفيها
ارتعشت
همس لها: خايفة وإلا بردانة؟؟

العنود بخجل: لا هذي ولا هذي

فارس بعمق: زين ليش ترتعشين؟؟

العنود لم تجبه لكنها سألته بذكاء، بخجل ممزوج بالحزن:
وأنت ليش تعطي لنفسك حق حرمتني منه؟؟

فارس باستفسار: أي حق؟؟

العنود بذات النبرة الحجولة الحزينة: ليش حاط يدك على كتوفي؟؟
ليش تلمسني وأنت اليوم مصرخ علي عشان لمست وجهك

فارس صمت وهو يبتعد عنها ويعود للجلوس مكانه
ممزق هذا الشاب بين ضغط مشاعره العنيف
وعجزه عن التعبير عنه
واحتواء هذه الصبية التي فتنته حتى الثمالة

تنهدت العنود
(أبو الهول شكله ممكن يصير مشاعر وهذا ولا عمره بيحس)

وقفت العنود وهي تقول له بأدب رقيق: فارس ممكن أروح أشوف أهلي؟؟

فارس بهدوء واثق: خلاص العصر باسوي شيك آوت ونرجع للبيت
وأنا قلت لراكان يفتح خلاص الباب اللي بيننا وبين بيت عمي
روحي وتعالي على كيفش


الأردن
مدينة البتراء الأثرية التي أصبحت مؤخرا أحد عجائب الدنيا السبع
حيث سينطلق سباق التحمل الذي سيكون 120 كيلومترا على أربع مراحل
30 كيلو بين كل مرحلة ومرحلة
ينطلق من البتراء ليعود لها

الساعة السابعة مساء
تبقى ساعة على السباق
وهاهو ناصر يتفحص ثيندر بدقة فارس محترف
وهو يلبس جاكيتا ثقيلا فوق لبس الفرسان المعتاد
فالجو كان شديد البرودة
ولكنه مع بدء السباق لابد أن يخلع الجاكيت

كان المدرب يقف مع ناصر ويجاوب على أسئلته السريعة المحترفة بلغتهما المشتركة

ناصر: أشلون وزنه؟؟
المدرب: ممتاز
ناصر: وأكله؟؟
المدرب: المعتاد
ناصر باهتمام: ونبضات قلبه؟؟
المدرب: ماتعدت 58
ناصر بارتياح: ممتاز.. والتشغيل؟؟
المدرب: كالعادة.. وكان تمام
ناصر: والتفحيم؟؟
المدرب: 10، 30، 60، والأسبوع اللي فات 90
ناصر بذات نبرة الارتياح: ممتاز.. ممتاز جدا...وحوافره؟؟
المدرب: شحمناها خلاص


في سباقات التحمل.. قوة التحمل هي قوة تحمل الجواد لا الفارس
لذا في كل مرحلة تقاس نبضات قلب الجواد ويجب ألا تتجاوز 64 نبضة
وإلا أُخرج من السباق إلا في مراحل معينة وحسب نتائج المراحل السابقة
وقبل السباق لابد من تشحيم حوافره بزيت محترق حتى تحتمل حوافره الركض طوال هذه المسافة
وجواد سباقات التحمل يجب أن يكون وزنه متوسطا
أي لا يكون هزيلا ولا سمينا
ويجب أن يتم فحصه بدقة وأن يتناول طعاما صحيا ممتلئا بالأملاح التي تعوضه عن ما يفقده في السباقات الطويلة
وتدريبات سباق التحمل طويلة جدا وتستغرق أشهرا
أولها ما يسمى التشغيل وهو عادة 2 كيلومتر متنوعة ركض وحواجز وغيرها
ثم تليها التفحيم وهي إزدياد مسافات الركض قبل السباق المقرر

ناصر يربت على عنق ثيندر: ثيندر لا تخذلني أنا وحسن
نبي نرجع للدوحة بمركز متقدم

لكن ثيندر تراجع بعنقه وهو يصهل
ناصر عاد واحتضن عنقه وهو يقول: أدري إنك مشتاق لحسن
وكلها يومين ويرجعونك للدوحة وتشوف حسن

ثيندر اطمئن قليلا وكأن اسم حسن يطمئنه


بيت محمد بن مشعل

بعد صلاة العشاء

عشاء نسائي أسري بمناسبة اجتماع العرائس

العروسان كانتا متألقتين ورائعتين
كل واحدة منهما بطريقتها الخاصة

وكل واحدة منهما كان لها أسبابها للتأنق
التي ليس من ضمنها إحساسها بالسعادة
مشاعل جعلت الزينة قناعا يغطي إحساسها بالحزن العميق
وإحساس آخر أعمق بدأ يكتم على روحها
القلق على ناصر
ولا تعرف لِـمَ هي قلقة هكذا!!
(لو كنت عارفة أنه بيسافر
كان سمّحت خاطره عشان مايروح وهو زعلان علي
ياويلي من عقوبة ربي.. ليه سويت كذا؟؟
لو كنت فهمته بالكلام إني خجولة واستحي
أكيد ما كان جبرني على شيء)

العنود أكثر تألقا لأنها ليست حزينة كمشاعل
ولكنها بالتأكيد ليست سعيدة
فهذا الفارس يبدو لها عصيا على الفهم
لا تعرف ماذا يريد أو كيف تتعامل معه
جاف جدا في التعامل
والأكثر غرابة هو كيف ينظر إليها
تشعر بحرج فعلي من نظراته المتفحصة غير المفهومة
التي تشعرها بقشعريرة باردة


العروسان كانتا تجلسان متجاورتين
كل منهما سارحة في أفكارها
فوجئتا بمن يفرقهما ويجلس بينهما:
البقية في حياتكم..ويجعلها آخر الآحزان
عسى ماشر ليش محزنين؟؟
صدق ماعندكم سالفة...لو أنا اللي ماخذه عيال خالي
فويرس المزيون الموت الحمر..وإلا نويصر فارس آل مشعل
كان ابتسامتي شاقة من هنا لين ماله مدى..بس صدق يدي الحلق للي بلا ودان

غصبا عنهما ارتسمت ابتسامة على شفتي كل منهما
ومعالي تهتف بمرح: وأخيرا ابتسامة.. أحمدك يارب
يالله مع أني قطعت ركبكم تقبيص البارحة بس أبي أقبص بعد مرة
بس بدون ما تشوفني عمتكم المعقدة تغسل شراعي


ولكن عمتهما كانت في وادٍ آخر
فنورة كانت على غير عادتها بها حزن ظاهر تحاول إخفاءه وهي تجلس في زاوية بعيدة لوحدها

هيا قامت وجلست جوارها: يمه وش فيش فديتش؟؟

نورة احتضنت كفها وردت بحنان: مافيني شيء يأمش؟؟

هيا بتفهم: يمه أنتي متضايقة عشان موضي خلاص بتخلص عدتها وتاخذ راكان؟؟

نورة بحزن: يمكن يكون سبب.. بس مهوب هو الأساس

هيا بحنان: قولي لي جعلني الأولة

نورة بحنان: إلا أنا الأولة جعل عمرش أنتي ومشعل طويل
ثم أكملت بحزن عميق وبهمس لا يسمعه سوى هيا فهي محتاجة للبوح:
موضي وراكان عيالي
وغلاهم كبير والله الشاهد
صحيح ما أقدر إني ما أحزن.. لكن موضي تستاهل اللي يعوضها في سوايا حمد فيها
الناس يشوفوني ساكتة.. يحسبون ما أدري بشيء
أنا دارية إن موضي صبرت على حمد واجد.. وغيرها مايصبر عليه حتى شهر وهي صبرت سنين
كل ماشفت أهلها يسألون عنها إذا تاخرت عليهم
دريت إنه مسوي فيها شوي
أروح لها ألاقيها تدسس وجهها مني عشان ما أشوف فعايله الشينة فيها
وياكثر مالاغيته وربي شاهد
وياكثر مازعلت عليه
لكنه كان يبكي عندي مثل بزر.. كان يموت فيها وروحه معلقة فيها
ويترجاني ما أقول لأحد شيء عشان مايجبرونه يطلقها
أدري إني غلطت.. بس هو كان يوعدني إن كل مرة هي أخر مرة
والأم ما تكذب عيالها ودايم كنت متاملة ينصلح حاله
لين طلقها.. حتى جابر دس علي السبب
بس أنا ماني بغبية.. وش طيحة الدرج اللي جات مع طلاقهم وسفره
الله يواجر موضي على صبرها
خلها تأخذ راكان يغسل كبدها من حمد وسواياه فيها


هيا كانت مصدومة تماما من سيل الأسرار الذي سكبته عمتها المكلومة أمامها
(معقولة هذا كله كان يضربها؟!
وش ذا الحيوان المتوحش؟!
يا قلبي يا موضي
يا كثر صبرش!!)

عمتها بهمس مؤلم: الحين أنا أحاتي حمد أحاتيه واجد
قلبي ماكلني عليه
ما كان يكلمني إلا مرة كل أسبوعين.. والحين صار له ثلاثة أسابيع ما كلم
والتلفون اللي هو يكلم منه بناتي طلعوه من الكاشف وندق عليه بدون فايدة
وش ذا الدورة اللي حتى جوال ماعنده؟؟

هيا بحنان: يمه عطيني الرقم... صديقتي مصرية وأبوها رجال واصل
بأخليها تطلع الرقم من وين طالع؟؟؟



**************************



بيت فارس بن سعود
جناح فارس الذي أعاد تجديده بالكامل

الساعة 11 ونصف مساء

العنود عادت مع أم فارس للبيت.. عبر الباب الواصل

صعدت لغرفتها
كانت تظن أن فارس لم يعد بعد..
خلعت عباءتها وعلقتها

(أنتي أشلون تلبسين كذا قدام الناس؟؟)
صوت غاضب اقتحم هدوءها

العنود بخجل وارتباك وهي تنظر لنفسها:
ليه وش فيه؟؟

كانت العنود ترتدي بنطلونا بنيا واسعا بقصة مستقيمة
مع بلوزة شيفون مشجرة باللونين الذهبي والبني مزمومة عند الخصر والكمين
وتحتها بروتيل باللون البني
مع حزام عبارة عن سلاسل ذهبية تنزل على الردفين بشكل مائل

فارس يقترب منها ويهمس بغضب مكتوم:
إلا وش اللي مهوب فيه
شفاف وبنطلون بعد

العنود ابتلعت ريقها وهي ترى وجهه الوسيم الغاضب من هذا القرب:
مافيه حد غريب بس هلي
ووالله لبسي مافيه شيء.. عادي
لا هو عاري ولا ضيق

فارس يتنهد ويقول بحزم: اسمعيني العنود
لبس مثل هذا ما تلبسينه عند ناس
لا هلش ولا غيرهم
وبنطلون نهائي ما تلبسين

العنود باستفسار ناعم بريء خبيث: ولا حتى عندك؟؟

صمت فارس
كيف أصبحت تحاصره ثم تنقض بشكل خاطف شفاف
(تمهلي يا صغيرة
تمهلي)

فارس لم يرد عليها وهو يعود أدراجه ليجلس في الصالة الملحقة بغرفتهما
العنود هزت كتفيها وهي تفهم رده من صمته
(يعني مايهون عليه يبرد خاطري بكلمة)

العنود تجاوزته لتذهب لغرفة النوم
ثم للحمام استحمت وصلت قيامها
وهو مازال معتصما بجلسته في الخارج

كانت العنود لبست ثوب الصلاة فوق روبها
الآن تريد أن تلبس
وقفت أمام دولابها
لم تعرف ماذا تختار
في الختام استقرت على ارتداء بيجامة ناعمة
فهذا الفارس العصي التفسير لاشيء يعجبه
لذا قررت أن ترتدي ما ترتاح له هي
بيجامة زهرية حريرية بتطريزات فضية ناعمة

بعدها أصابتها حيرة جديدة
تبقى في الغرفة أو تخرج لتجلس معه
ولكن حيرتها لم تطل
لأن صوت فارس ناداها من الخارج: العنود إذا خلصتي تعالي
فارس الذي كان يترقب حركاتها بدقة.. وكان يعلم أنها صلت وارتدت ملابسها

خرجت له بخطوات مترددة
ألقها يسبقها
وإحساسه العميق بها يغلف خطواتها التي تخطوها
(لِـمَ أنا معقد هكذا؟؟
وعاجز عن التعبير عن مشاعري بهذه الصورة)

وقفت
همس لها بهدوء: تعالي إجلسي
وهو يشير للمكان الخالي جواره

اقتربت بتردد وجلست

لم يعرف ماذا يقول..
( كل الكلمات باهتة بحضرتها
أ أقول لها أنتِ جميلة وهي فوق الجمال؟!!
أ أقول لها رائعة وهي فوق الروعة؟!!
أ أقول لها أحبها وما بقلبي لها هو شيء فوق الحب وأبجديات الغرام؟!
أ أقول لها اطلقي إساري وأنا أريد أن أبقى سجينها عمري كله؟!!
أ أقول لها لا تنظري لي لأن نظرة عينيك تذيبني؟!!
وفي ذات الوقت أ أقول لا تحرميني نعمة النظر إلى عينيكِ فعينيكِ مرسى روحي الهائمة؟!!
أي جنون يكتنفك يا فارس؟؟ أي جنون؟؟)

العنود بخجل: فيه شيء مضايقك؟؟

فارس باستغراب: لا

العنود بخجل أكبر وخداها يتوردان: أنا مضايقتك؟؟

انتفض قلبه بعنف وسؤالها الخجول يلسع قلبه وخداها المتوردان ينحرانه
لكنه رد بهدوء: لا.. ليش تقولين كذا؟؟

العنود تفرك أناملها وعيناها في حضنها.. تهمس بخجل رقيق:
من البارحة وأنت تطالعني وتسرح.. قلت يمكن شوفتي تذكرك بشيء يضايقك

فارس مد يده لذقنها
ارتعش فكها
وشعر هو بارتعاشتها وهو يرفع وجهها لأعلى
وعيناه تغرق في بحر عينيها

همس لها بعمق: ليه أنتي حلوة كذا؟؟

العنود بارتباك: نعم؟؟

لم يرد عليها لكنه اقترب منها أكثر
وهو يدخل كفه في شعرها من الخلف
ويقرب وجهها منه
حتى أصبح يتنفس أنفاسها العذبة من قرب
شفتاها ترتعشان
وهو عيناه تطوف بتفاصيلها
يقترب أكثر

رنين هاتف يقطع اللحظة الأخيرة
والعنود تنتفض وترجع للوراء
وفارس يسب ويلعن في داخله
(الله يأخذه من اللي بيتصل الساعة وحدة في الليل)

ألتقط الهاتف
شعر بالقلق وهو يرى اسم راكان يلمع على الشاشة
لو كان ناصر المتصل.. لما قلق.. فناصر اعتاد على مقالبه
لكن راكان لن يتصل في هذا الوقت إلا لأمر جلل
نهض وابتعد خطوتين..ورد بقلق: هلا
دون أن يقول الاسم حتى لا يقلق العنود

رد بقلق أكبر: الحين جايك جايك

العنود برعب: وش فيه فارس؟؟

فارس ربت على خدها وهو يقول بتطمين: مافيه شيء
الشغل طالبيني نص ساعة وبأرجع
لو بغيتي تنامين نامي

العنود بقلق: وش أنام؟؟ بأنتظرك لين ترجع



**************************


مجلس آل مشعل

حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل

ذات الاتصال الذي تلقاه فارس
تلقاه كلا المشعلين
وهاهم الثلاثة يقفون أمام راكان
وأنفاسهم تصعد وتهبط
كان مشعل بن محمد أول من تكلم: راكان وش اللي صاير؟؟

ثلاثتهم يعلمون أن جمع راكان لهم بهذه الطريقة وفي هذا الوقت
ليس إلا لأمر كبير
أو مصيبة بمعنى أصح

راكان ابتلع ريقه وداخله يذوي وينهار بكل معنى الكلمة
ولكنه يتمسك ببقايا قوته التي تكاد تخونه.. فالألم بداخله أكبر من كل احتمال:

رئيس فريق ناصر توه كلمني من الأردن


 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 11:18 AM   #67 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


مجلس آل مشعل

حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل

ذات الاتصال الذي تلقاه فارس
تلقاه كلا المشعلين
وهاهم الثلاثة يقفون أمام راكان
وأنفاسهم تصعد وتهبط
كان مشعل بن محمد أول من تكلم: راكان وش اللي صاير؟؟

ثلاثتهم يعلمون أن جمع راكان لهم بهذه الطريقة وفي هذا الوقت
ليس إلا لأمر كبير
أو مصيبة بمعنى أصح

راكان ابتلع ريقه وداخله يذوي وينهار بكل معنى الكلمة
ولكنه يتمسك ببقايا قوته التي تكاد تخونه.. فالألم بداخله أكبر من كل احتمال:

رئيس فريق ناصر توه كلمني من الأردن

مشعل بن محمد جلس.. يشعر أن قدميه تميدان تحته
لا يريد أن يسمع شيئا.. لا يريد أن يسمع
(ناصر..
لا يا ناصر.. لا)

كان هو أول من حمل ناصر بعد ولادته
حمله قبل أن تحمله أمه
كان هو ابن العشر سنوات من أخذه من يد الممرضة طبع قبلته على جبينه
ثم أعطاه لأمه
لم ينسَ يوما أن ذراعيه كانتا أول ذراعين احتضنتا ناصر
ابنا قبل أن يكون أخا
يريد أن يصم أذنيه.. لا يريد أن يسمع خبرا عن ناصر قد يمزق روحه


فارس شعر بيد هائلة تعتصر قلبه وهو يمسك بكتفي راكان ويهزه بعنف :
ناصر وش فيه؟؟

راكان بهدوء ساكن أشبه بسكون الموت: لحد الحين مايدرون

مشعل بن عبدالله باختناق: راكان الله يهداك قل لنا الرجّال وش قال لك عن ناصر

راكان جلس يشعر أنه عاجز عن الكلام.. عاجز عن التعبير.. عاجز عن الألم:
يقول إن ناصر تجاوز المرحلة الأولى في السباق
بس على نهاية المرحلة الثانية الحصان وصل بدون ناصر



*************************



قسم ناصر

مشاعل عادت من وقت من بيت عمها
استحمت وصلت
لكنها عاجزة عن النوم

قلق كاسح يلتهم روحها ويفتفتها
تشعر بضيق غير طبيعي
تشعر أنها عاجزة عن التنفس.. لا تستطيع سحب أنفاسها وزفرها إلا بجهد
تفتح نوافذ غرفتها
يدخل هواء شديد البرودة.. برودة يناير الصقيعية
يبدو كما لو أن كل نسمات الدنيا لا تكفيها
وكأن الأكسجين سُحب من كل العالم وتركوها تختنق

تضع يدها على قلبها وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم

تدور في الغرفة دون أن تستطيع التوقف
ترى نفسها في مرآة الدولاب الضخمة
تقف لتأمل نفسها
تهمس:
(قال أني أحلى من كل أحلامه
ليش أنا ما أقدر أشوف قدامي إلا الكوابيس؟!!)



******************


مجلس آل مشعل
الاجتماع المآساوي


راكان جلس يشعر أنه عاجز عن الكلام.. عاجز عن التعبير.. عاجز عن الألم:
يقول إن ناصر تجاوز المرحلة الأولى في السباق
بس على نهاية المرحلة الثانية الحصان وصل بدون ناصر

حينها قفز مشعل بن محمد وهو يقول بألم صارخ عميق:
أشلون الحصان وصل بدون ناصر؟؟ أشلون؟؟
وناصر وينه؟؟ وش صار عليه؟؟

راكان يحاول أن يكون أكثر الثلاثة تماسكا.. والثلاثة يمطرونه بأسئلتهم الغاضبة المشبعة قلقا وحزنا:

رئيس فريقه يقول إن المنطقة اللي ناصر انفقد فيها دائرة قطرها 30 كيلو
وعلى الفجر بالكثير بيلاقونه وخصوصا أنه وزير داخليتنا صار عنده خبر
واتصل بوزير الداخلية الأردني وطوافات الجيش الأردني بدت بمسح المنطقة
يعني كلها كم ساعة إن شاء الله ويلاقونه.. بس فيه شيء أخطر..
ولازم أحطكم في الصورة

صمت راكان لحظات مؤلمة أشبه بشفرات حادة تمزق جسده وروحه:
يسار الحصان من ناحية الرِكاب غرقان الدم

ثم تنهد وهو يزفر حسرته وينظر للوجوه الثلاثة المرتاعة المفجوعة من الخبر:
الظاهر إن ناصر طاح ورجله اليسار متعلقة في الركاب.. والحصان سحبه لمسافة قبل يطيح

فارس بفجيعة: أشلون أشلون.. ناصر طول عمره فارس

راكان بحزن موجع: الحصان مهوب حصانه.. ومابعد يدرون شالي صار
أنا طلبت من مندوب السفريات في الديوان يحاولون يدورون لي حجز مستعجل.. وبأطلع لعمّان الفجر
وعشان كذا دعيتكم أبي أحط عندكم خبر قبل أروح..

(وأنا معك)
الجملة ذاتها صدرت من الثلاثة المستمعين بوجع في ذات الوقت
وجع مشترك وقلق مشترك
وكلاهما لا امتداد لهما ولا نهاية

راكان بهدوء مر: مايصير نروح كلنا..خلاص يروح معي واحد منكم
واثنين يقعدون في الدوحة

الثلاثة بدأوا في الجدال من منهم سيذهب
ولم يستطع أحدا منهم مجاراة إصرار فارس وتصميمه:
شوفوا أنا ماعلي منكم ..اثنين يروحون.. اثنين يقعدون.. بكيفكم
لأني رايح رايح... مستحيل أقدر أقعد وأنا ما أدري ناصر وش فيه


بعد نصف ساعة
غرفة لطيفة

لطيفة منذ خروج مشعل بعد الاتصال المفاجئ
وهي تدور في الغرفة قلقا وارتياعا حتى عاد

لطيفة بقلق مر: مشعل عسى ماشر؟؟

مشعل ألقى بنفسه على الأريكة وهو يرمي غترته جواره ويقول بحزن عميق:
لطيفة تكفين لا تسأليني عن شيء

لطيفة جلست جواره وهي تقول بقلق أكبر:
مشعل أنت اللي تكفى.. عمري ما شفتك كذا
إلا .. إلا...
صمتت بمرارة وهي تكمل في داخلها
(عقب وفاة جدي)

مشعل لم يرد عليها وهو يدفن رأسه في صدرها ويهمس بألم حاد:
الله لا يجيب إلا كل خير
الله لا يفجعنا
يا الله لا تفجعنا
لا تفجعنا



************************


غرفة مشعل وهيا

ذات الاستقبال القلق من هيا
ذات الوجع المستشري في وجه وقلب مشعل

هيا بقلق: حبيبي شاللي صار؟؟

مشعل يلف غترته على وجهه (يتلطم) ويتمدد على سريره
آخذا بمقولة عجائزنا الأثيرة :" إذا كثرت همومك يا عبدي فانسدح"
وهو يهمس لهيا بمرارة: الله يستر من اللي بيصير


غرفة فارس والعنود

فارس دخل وهو مستعجل
العنود قفزت وهي تقول برعب: فارس وش فيه؟؟

فارس باستعجال: مافيه شيء حبيبتي

قال (حبيبتي) بعفوية
لم ينتبه لها
ولكنها انتبهت لها تماما وكلمة حبيبتي تخترق روحها كسهم ناري
كانت تقف مصدومة مبهوتة
حتى رأته يمد قامته الطويلة وينزل حقيبة صغيرة من أعلى الدولاب
حينها انتفضت: وش تسوي؟؟

وضع الحقيبة على السرير.. فتحها.. وبدأ يضع فيها بعض الملابس بسرعة

العنود برعب: بتسافر؟؟

فارس باستعجال: جات لي سفرة مفاجئة من الشغل ولازم أسافر

العنود بتأثر كبير: وش سفرته؟؟ من جدك؟؟

فارس أكمل وضع ثيابه في الحقيبة.. وأغلقها
ثم ألتفت لها وهو يقول بهدوء واثق: خلي بالج من نفسش ومن أمي
وأنا ماني بمبطي عليكم
شغلة يومين وراجع

العنود شعرت بإهانة مرة:
لذا الدرجة فارس.. شغلك أهم مني
تسافر ثاني يوم لعرسنا

فارس نظر لها بعمق
لم يرد عليها
وهو يفتح أحد الأدراج ويستخرج جواز سفره ويضعه في جيبه
ويحمل حقيبته ويغادر




***********************



غرفة مريم
بعد صلاة الفجر

لم يعلموا بعد بسفر راكان الذي لم يخبر أحدا به

صلت وجلست تقرأ وردها
كانت قد نهضت من نومها قبل الفجر بكثير
أنهضها من نومها هواجيس ضيق غير طبيعي
استعاذت بالله من الشيطان الرجيم
وحاولت العودة للنوم لكنها لم تستطع
فالهواجس تزداد.. هواجس لا تستطيع توجيهها لجهة محددة
ولكنها تزداد وتتكاثف وهي تخنق روحها بالقلق

(يا الله سترك
ليه قلبي ناغزني كذا
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)


ثم وضعت يدها على قلبها الذي بدأ يؤلمها بالفعل وهي تهتف بعمق:
أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر
أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر
أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر


مطار الدوحة الدولي
بعد صلاة الفجر

الطائرة تقلع براكان وفارس الصامتين
لأن قلقهما أكبر من كل كلام.. أي فائدة للكلام؟!
بل أي كلام يُقال وهما لم يعرفا بعد ماهو وضع ناصر
ناصر الأخ
السند
الروح الشفافة
الرجولة العميقة
القلب الذي لم عرف التلون أو الحقد

عريس جديد مازال لم يتهنأ بزواجه
شاب متدفق الشباب مازالت كل الحياة أمامه
ابن لأم ولأبين اثنين ينتظرونه.. وشقيق لأختين تعشقانه
وأخ لأربعة شباب ماعرفوا اكتمال البهجة من غيره

حطت الطائرة في مطار الملكة علياء الدولي في عمّان مع شروق الشمس
وفور نزول راكان وفارس وفتحهما لتلفوناتهما المغلقة
انهالت عشرات الرسائل من مشعل ومشعل المستنزفين قلقا
يطلبان منهما اطمئنانهما فور وصولهما

بعد انهائهما لإجرائاتهما وخروجهما للخارج
صدمهما برودة الجو اللاسعة غير الطبيعية
وتواجد زخات خفيفة من الثلج
بالتأكيد لم يهمهما مطلقا إحساسهما بالبرد ولكن ماكان يشغل بالهما ويثقل أرواحهما ويمزقهما
هو التفكير بمن قضى ليله كله مرميا في مكان ما مصابا ينزف في هذا الجو الجليدي

أشارا لسيارة أجرة وطلبا منه التوجه للسفارة القطرية
واتصل راكان برئيس فريق ناصر ليطمئن

راكان يصرخ بانفعال: أشلون مالقوه للحين
أنت قايل لي قبل الفجر إن شاء بيلاقونه
خلاص خلاص أنا جايكم الحين

فارس بغضب مشابه: ما لقوه؟؟

راكان بمراره: لا
ثم توجه للسائق بالكلام: ممكن تاخذنا للبتراء لو سمحت..
خلاص غيرنا رأينا مانبي السفارة

سائق التكسي بتهذيب مهني: آسف يا أخوان
أنا بقدرش أطلع برات عمان
لكن ممكن أخدكم لمكان تاخدوا منه سيارة للبترا

راكان كأنه يحادث نفسه: توكل على الله



**************************



الدوحة
الساعة 8 صباحا

لطيفة تعود لغرفتها بعد أن ذهب أولادها لمدارسهم
ولامتحاناتهم
لتطمئن على مشعل الذي تعلم أن وراءه مصيبة
فهو لم ينم مطلقا منذ البارحة
ذهب لصلاة الفجر وعاد.. ولم يذهب لشركته
ولا يتكلم إلا في أضيق الحدود
يحتضن هاتفه الذي يتصل منه كل خمس دقائق وليس على لسانه سوى كلمة واحدة:
ليتني رحت معهم

لطيفة أعصابها شبه منهارة
تعلم أن هناك مصيبة ما وأن أحد ما حصل له أمر مرعب
لكنها لا تجرؤ على السؤال
الذي تخاف حتى الموت من جوابه


الساعة الثامنة والنصف صباحا

مشاعل تتلقى اتصالا من مشعل الذي لم ينم أيضا مطلقا
شعر مشعل أن من واجبه أن يبلغ أخته مبدئيا
حتى لا تُصدم بحدوث أي شيء
أو قبل أن يبلغها غيره ويفجعها بطريقة مفاجئة

اتصل بها.. كانت هي أيضا تعاني أرقا مريعا
نامت على أثره نوما متقطعا مليئا بالكوابيس
وقامت مرعوبة على صوت هاتفها
وطلب مشعل أثار قلقها لأبعد حد

قامت ولبست وصلت ركعتي الضحى وهاهي تنتظره
وهاهو يطرق باب بيتها عليها
مشاعل فتحت بقلق: عسى ماشر يا مشعل؟؟

مشعل بابتسامة باهتة لا معنى لها: الواحد مايصير يسير على أخته يتقهوى معها الصبح

مشاعل نظرت لوجهه الذي يبدو عليه الارهاق والألم
ليس وجه من جاء للتسامر والقهوة ولكنها ابتلعت ريقها وهي تقول:
دقايق والقهوة جاهزة

مشعل أوقفها وأمسك بيدها: اقعدي مشاعل أبي أقول لك شيء

مشاعل شعرت أن دقات قلبها تصم أذنيها.. وعروق رأسها بدأت تألمها من شدة النبض وهي تهمس بألم: ناصر وش فيه يا مشعل؟؟

مشعل باستغراب وألم: وش دراش إني أبي أكلمش عن ناصر؟؟

مشاعل بألم أكبر: من يوم سافر وقلبي ناغزني عليه

مشعل بذات النبرة المستغربة المتألمة: غريبة إحساسش فيه وأنتي رافضته!!

مشاعل بألم: أرجوك مشعل لا تذر ملح على جروحي أنا ماني بناقصة

مشعل يتنهد: اسمعيني مشاعل.. إن شاء الله إنه ناصر مافيه شيء

مشاعل بدأت أعصابها تخونها: مشعل أنت جايني ذا الحزة ووجهك باين عليه إن النوم ماطب عينك.. عشان تقول لي إنه مافيه شيء؟؟
أرجوك مشعل بلاه ذا التعذيب البطيء.. كنك تقطعني بسكين مصدية

مشعل تنهد بعمق أكبر: يمكن إنه متعور عوار بسيط

مشاعل قفزت وهي تقول برعب: متعور؟؟
ثم أكملت وهي تحاول التجلد ودموعها بدأت تسيل بصمت وهي تقول بمرارة:
كله مني.. كله مني.. أنا عارفة إنه السالفة كايدة
كله مني.. ومن وجهي النحس عليه
ليته ماخذني.. ليته ماخذني

مشعل شدها وأجلسها وهو يقول لها بحنان:
الله يهداش مشاعل
قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا
وناصر لو صار له شيء مكتوب له من قبل يولد

مشاعل ماعادت تحتمل انهارت على الأرض جوار مشعل انكبت على فخذه تخفي وجهها فيه و تنتحب:
بس الله سبحانه يسبب الأسباب.. وأنا السبب
أنا السبب


القاهرة
الساعة 10 صباحا

باكينام تصحو من نومها.. تتذكر مكالمة هيا المتأخرة البارحة وطلبها منه
تلتقط هاتفها وتتصل برقم: صباح الخير أنكل أحمد
................
كويسين.. أنته أزيك؟؟
................
بابا في نيويورك وهيرجع بكرة بالليل إن شاء الله
................
ممكن أطلب من حضرتك خدمة
................
فيه نمرة أرضي.. هاديها لك.. عاوزة أعرف النمرة دي من فين بالزبط
................
نص ساعة وتطلع لي صاحب النمرة... متشكرة أوي يا أنكل
خذ النمرة ..............
....................
مستنياك

باكينام نهضت واستحمت ولبست ملابسها لتخرج مع جدتيها كما اعتدن كل يوم..
وهي تدعو أن يكون يوسف مصابا بأنفولونزا حادة أو أن ينشغل بشيء يمنعه من مرافقتهن..
مع إنتهاءها.. كان هاتفها يرن..

التقطته: أهلا انكل
..................
مصحة نفسية ؟؟؟ (باستغراب)
..................
نمرة تتصل بس ما تستئبلش؟؟ (استغراب أكبر)
.....................
طيب ممكن تديني اسم المصحة؟؟
......................
متشكرة أوي يا أنكل.. مش عارفة أشكرك إزاي..

باكينام أغلقت الاتصال لتتصل بهيا
وقتها هيا كانت تعاني قلقا مرعبا من خروج مشعل المبكر
دون أن يخبرها إلى أين سيذهب مع حالته الغريبة المتوترة منذ البارحة

ردت بصوت متعب: أهلا باكي..

باكينام بمرح: مالك يا بنت..

هيا بنبرة متعبة: مافيه شيء تعبانة شوية

باكينام بهدوء: يبئى خلاص مش هاطول عليكي
النمرة اللي اديتيها لي امبارح.. نمرة مصحة نفسية اسمها......

هيا باستغراب كبير: مصحة؟؟؟
لكنها فكرت للحظات.. مؤكد أن ضربه لموضي لم يكن طبيعيبا
ربما كان مريضا.. وكان ذهابة لمصر للعلاج
لم تعرف كيف تتصرف لا تريد إبلاغ عمتها أنه يعالج
ولكنها تريد أن تطمئنها عليه

هتفت لباكي: باكي حبيبتي ممكن تروحين هناك وتسألين عن واحد قطري
اسمه حمد جابر... وتطمنيني عنه..
هذا ولد عمتي... وعمتي كثير قلقانه عليه..

رغم إحساس باكينام بالحرج وخصوصا مع وضعها المفروض عليها غصبا عنها كسيدة متزوجة
ويوسف يطالبها بتقرير مبطن مهذب عن كل تحركاتها
لكنها أجابت: ومالو...هاروح أول ما لائي فرصة..

وأكملت في نفسها (وخلي يوسف يتفلئ)


البتراء الأردنية
الساعة العاشرة صباحا

راكان وفارس يصلان إلى فندق الموفنبيك حيث ينزل الفريق القطري
الذي رفض بكامل أفراده إكمال السباق
أو التحرك حتى يجدوا ناصر

كان الفريق بكامله يجلس في اللوبي يعانون قلقا مرا ينتظرون أي خبر
ومع دخول راكان وفارس كان الفريق كاملا يركض للخارج

رئيس الفريق الذي يعرف راكان وفارس جيدا
أمسك بيد راكان بدون سلام وهو يسحبه معهم للخارج ركضا:

يالله...لقوا ناصر.. بنروح الحين مع هيلكوبتر للجيش بتتبع الطوافة الطبية





 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 12:19 PM   #68 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


على متن طائرة مروحية تابعة للجيش الأردني
تطير بالقرب من مدينة البتراء الأثرية
الساعة 11 صباحا

تطير المروحية في الجو.. تحمل قلوبا مرتاعة ينهشها القلق المسعور بوحشية
تتضخم مساحات القلق وتتضاعف لتلتهم ما بقي من الصبر والتجلد

ذلك الأثير الغالي المتخم برائحتهم وعبقهم.. فارسهم الثمين الموغل بهاءً ورجولةً
على أي حال هو؟؟
كيف قضى ليلته في هذا البرد القارص الجليدي؟!
ما مدى سوء إصابته؟!
هل هي قابلة للعلاج؟!!
مئات الأسئلة الموجعة دارت في أذهان أتعبها السهر والسهد والقلق
أسئلة تنتهك الروح بشراستها وهي تمزق كل الأغلفة لتغوص في العمق

راكان بقلق: زين ليش تأخروا ذا كله مالقوه؟؟

رئيس الفريق بتأثر: يظهر إنه سحب نفسه داخل غار من البرد
عشان كذا الطوافات ماقدرت تشوفه
اللي لقوه الطواقم البرية التابعة للصاعقة لأنهم تتبعوا الأثر على الأرض

فارس بقلق مر: زين أشلون وضعه؟؟

رئيس الفريق بحزن فيه إحساس متعاظم بالندم:
يقولون لقوه واعي.. بس الظاهر عنده إصابة خطيرة

ألم حاد اجتاح روحي فارس وراكان كطوفان مرارة هادر.. ودعوات عميقة تتصاعد في قلب كل منهما أن يكون الأمر بسيطا
أو على أسوأ الاحوال قابل للعلاج.. حتى وإن طالت فترة المعالجة هذه..

لم تستغرق الرحلة عشر دقائق ولكنها بدت عشر سنوات لكل منهما
حرقة وألما ولهفة وقلقا

نزلت الحوامتين العسكرية والطبية معا
والعشرات ينزلون من كل طوافة في مكان صحراوي جبلي كان يتجمهر به الكثير من لابسي لباس الصاعقة الأردنية
الذين لم يحركوه من مكانه خوفا من أي مضاعفات صحية..انتظارا لحضور المساعدة الطبية

راكان وفارس بجسديهما الفارعين استطاعا اختراق الحشود المتجمهرة
حتى وصلا إلى ناصر

كان كل منهما يمني نفسه أن مابه شيئا بسيطا يستطيع ناصر بصلابته وقوة بنيته تجاوزه
ولكن رؤيتهما لوضع ناصر حطمت هذه الآمال بقسوة سادية
وبعثت قشعريرة متوحشة في خلايا كل منهما

كانت ملابسه ممزقة وبه إصابات مختلفة في نواحي جسده
ولكن كل هذا لا يهم.. لا يهم أمام إصابة ساقه اليسار
تمزق اللحم تماما والعظم محطم ومفتت من عدة نواحي ومابقي من الجلد حولها مزرق تماما

كان ناصر يفتح عينا ويغلق الأخرى.. والألم لا يمكن احتماله
لكنه حين رأى راكان وفارس بوجيهما المرتاعين المأساويين
ابتسم ابتسامة باهتة وهو يقول: عريس جديد وخاطب جديد وش جابهم..
الله يهداكم مافيني شيء.. جايين عانين من الدوحة
الشباب يكفون ويوفون

فارس وراكان لم يستطيعا التكلم بشيء والكلمات تصبح باهتة وتافهة وحقيرة
وأي مواساة أو تشجيع يتسربلان بالضآلة أمام عظم الموقف
ابتعدا مجبرين بصدمتهما الهائلة في وجعها وألمها
والمسعفون يبعدونهما ليبدأوا بإعداد ناصر لنقله


عمّان/ الأردن
مدينة الحسين الطبية
الساعة 3 عصرا


ناصر في غرفة العمليات
فارس وراكان وفريق ناصر بجميع أفراده كلهم ينتظرون في الخارج

خرج الطبيب وهو يسأل إن كان يوجد أحد من أقاربه
قفز راكان وفارس بقلق
وتوجه الطبيب لهما وهو يقول بهدوء: اتبعوني

الطبيب أخذهما لمكتب قريب ودخل وأغلق الباب وطلب منهما الجلوس
توتر راكان وفارس تصاعد للذروة
الطبيب أنزل كمامه وهو يقول بنبرة مهنية تماما:
أنا حابب أحطكم بالصورة
المصاب خليتو وراي صاحي و أعطى موافقته النهائية

راكان بهدوء متوتر: موافقته على ويش؟؟

الدكتور بهدوء: بتر الساق Transtibial

منذ أن دخل راكان وفارس لمكتب الدكتور وهما يعلمان أن وراءه خبرا مفجعا
ولكن ليس هذا الخبر.. ليس هذا!!!
لـــيــــس هــــــــذا!!!!
لـــــــــــيـــــــس هـــــــــــــــذا؟؟!!!!

كان الاثنان كما لو كانا يقفان بصدريهما العاريين في مواجهة إعصار قادم
يعلمان أن الإعصار قد يقذفهما بعيدا
قد يحملهما ويلقيهما أرضا بكل قسوة
ولكنه لم يخطر ببالهما أن يكون الإعصار محملا بشهبا نارية تخترقهما بكل وحشية
وخبر البتر ينزل على رأسيهما ليخترق الجلد والعظم ثم يذيب اللحم

فارس قفز وهو يقول بحدة وغضب موجعين: مستحيل مستحيل

راكان أشار بيده لفارس أجلس وهو يقول للدكتور وهو يبتلع ريقه وألمه ووجعه وصدمته: مافيه حل ثاني؟؟

الدكتور بنبرة هادئة منطقية: هذا الحل الوحيد وللعلم المصاب وراي هادئ تماما ومتقبل العملية
ولعلمكم أنتو مكان البتر الآن مثالي تماما لأنه في منتصف الساق وأقرب للكاحل
لو تُرك قد تتصاعد الغرغرينا أكثر .. ومادام البتر لم يصل للركبة فالبتر بسيط
أعرف أنو صعب عليكم تقبل الأمر وأنا أقول كلمة بسيط
لأنو ثقافتنا القاصرة ووعينا المحدود تصور أنو فاقد أحد الأطراف بمثابة المعاق
وخصوصا إنو الأخ ناصر بطل سباقات خيل.. لكن أنا أأكد لكم وبمهنية كاملة
وأنا أصلا تخصصي الدقيق في الأطراف الصناعية
أنه ناصر بعد أسبوع واحد من تعوده على الساق الصناعية يستطيع العودة لركوب الخيل بنفس المهارة إن شاء الله... وخصوصا أنه أيمن وليس أيسر
بل يستطيع إن أراد أنو يغير لرياضة أصعب كالسباحة أو حتى تسلق الجبال
ومستحيل حدا لو شافه يمشي أو حتى يركض يعرف إنو عنده ساق صناعية

فارس وراكان صامتان.. فهناك ألم مر متوحش يتصاعد في أرواحهما.. ولكنها روح آل مشعل المقاتلة..
يعلمان تماما أن ناصر يستطيع تجاوز كل هذا ..وإذا كان هو يستطيع فليحاولا هما رغم صعوبة المحاولة..

الدكتور يستكمل حديثه: الأطراف الصناعية الآن تعيش ثورة تطور حقيقية
فالأطراف تصنع من الجبس البلاستيكي المعالج بالألياف البلورية، خفيف جدا ومرن وقادر على التحمل
واحنا هلا بناخذ قياس ساق الأخ ناصر وبنبعثها بالإيميل لأفضل معمل لصنع الأطراف الصناعية اللي بيصنع الأطراف للاعبين الرياضيين
وخلال ثلاثة أيام بتكون واصلة.. وبعد التئام الجراحة يقدر يبدأ يستخدمها
وفيه تعليمات محددة بدي قولها لكم في وقتها

ثم ابتسم الدكتور وهو ينظر لوجهي راكان وفارس المرتاعة:
يا أخوان أكيد أنكم بتعرفوا خالد حسن السباح المصري المعروف
هذا حالته نفس حالة ناصر بتر في الساق اليسرى... بساقه الصناعية عمل إنجاز عالمي ولا قدر عليه حتى أصح الأصحاء
عبر بحر المانش الواصل بين فرنسا وبريطانيا 52 كيلو سباحة في 12 ساعة... تخيلوا معي هذا الانجاز المعجز...
وما بعرف لو كنتو بتعرفو إيمي مولي.. هذي بطلة جري أمريكية.. سيقانها الاثنتين صناعية..
لا وكانت تشتغل عارضة أزياء كمان.. تخيلوا.. بطلة جري وعارضة أزياء برجلين صناعية..
ريان مارتن كان من أفضل لاعبي التنس في العالم وهو بأطراف صناعية..

هادي مجرد نماذج.. ولو بدي أحكي أكتر بأتعب... أنا شايف أنو الاخ ناصر ماشاء الله عليه كثير متقبل..
عنده إيمان وعزم وتصميم.. فلازم أنتو كمان تساعدوه.. هاه شو بتقولو؟؟

فارس صمت وهو يخفض عينيه للأسفل.. فمازال غير قادر على التخيل
عاجز عن تخيل رؤية ناصر بعد العملية بدون ساقه
أي ألم هذا؟!!
أي ألم؟؟
أ يعقل أن هناك ألم كهذا؟!!

راكان بحزم: دام ناصر موافق... توكل على الله
وناصر رجّال طول عمره... وعمر المرجلة ماكانت في يد وإلا رجل
مرجلة الرجّال في رأسه... وأنا أشهد إن أبو محمد رجّال


بعد صلاة العصر

مجلس آل مشعل
مشعل ومشعل أصبح عندهما خبر بما حدث لناصر
وبأن ساقه ستبتر
وأصبحت المهمة الصعبة إبلاغ والديهما
والمهمة الأكثر صعوبة في إبلاغ أم ناصر وشقيقاته وزوجته


كان مشعل بن محمد من اضطلع بالمهمة العسيرة ولكنه قرر أن يقوم بتمهيد مبدئي وألا يخبرهما بخبر البتر بشكل صادم

تنهد بعمق ثم قال: يبه.. يبه عبدالله
عندي شي بأقوله لكم

محمد ألتفت له بهدوء: عسى ماشر؟؟

مشعل بهدوء رغم ألمه العميق: ناصر انصاب في السباق اللي في الأردن
وإن شاء الله إنها بسيطة

عبدالله برعب: وشو؟؟

محمد بذات الهدوء: أشلون بسيطة؟؟ كسر وإلا جروح وإلا أشلون؟؟

مشعل ابتلع ريقه ليقول بذات هدوء الده وطريقته في الكلام: إذا جاء إن شاء الله شفت بروحك

محمد وقف بحدة وهو يقول بغضب: إذا جا؟؟ والله إن وراك علم يا مشيعل
قم روح احجز لي الحين للأردن أول طيارة بتطلع.. أبي أروح الليلة

مشعل بألم: يبه الله يهداك.. أنا أصلا بأروح مافيه داعي تروح... راكان وفارس هناك من فجر
وبأروح أنا ومشعل

عبدالله كان من رد بغضب مضاعف: يعني راكان وفارس هناك من فجر.. وتبي تقول لنا إنها بسيطة
احجز لي مع أبيك الليلة

مشعل بن عبدالله كان من رد على والده وهو يقول بعمق: يبه
مايصير كلنا نروح.. ونخلي البيوت فاضية

عبدالله بغضب: انطق أنت وسميك.. وأنا ومحمد بنروح
بتحجزون لنا.. وإلا أنا بأروح أحجز لنا بروحي ذا الحين

مشعل ومشعل وجدا أنهما الخاسران في هذا الجدال
وأنهما مضطران للبقاء رغم النار التي تستعر في جوف كل منهما
ووجدا أنهما مضطران للانتقال للمرحلة الثانية الأصعب
مشعل بن محمد يبلغ والدته وشقيقتيه
ومشعل بن عبدالله يبلغ مشاعل

مشعل بن محمد باحترام: خلاص ولا يهمكم باروح أحجز لكم
بس خلني أروح لأمي أول وعقب بأطلع السفريات

وتوجها كلاهما لداخل بيت محمد بن مشعل
مشعل بن محمد لداخل البيت
ومشعل بن عبدالله لقسم أخته


بيت محمد بن مشعل
الصالة الرئيسية
مشعل اتصل بالعنود وطلب منها الحضور
فليس لديه استعداد لتقبل صدماتهن متفرقة

وهاهن الثلاث ينتظرنه وهن قلقات متوجسات من طلبه لهن بهذه الطريقة

العنود تهمس لمريم: مشعل ماقال لش وش يبي؟؟

مريم بذات الهمس: لا والله.. يا الله سترك أنا قلبي ناغزني من البارحة
أمي أشلونها؟؟

العنود تهمس: وجهها معتفس.. يالله سترك

وهما في حوارهما دخل مشعل يحاول التجلد.. أكثر من يهمه والدته
عاجز عن صدمها.. يتمنى لو كان بإمكانه حمل الحزن.. كل الحزن عن قلبها
هو قادر على تحمل الحزن.. ولكن هي أم.. قلبها قلب أم
وآه من قلب الأم!! وألف آه !!

مشعل سلّم ثم جلس جوار أمه .. احتضن يدها وقبلها طويلا
ثم أبقاها بين يديه وهمس بإيمان عميق: يمه.. صح المؤمن مبتلى؟؟

أم مشعل منذ طلب مشعل أن يراها وهي وبناتها وهي تشعر بتوجس مريع
والآن بعد جملته المموهة بدأ رأسها يدور ويدور وقلبها بدأ تمزق حقيقي يحرث خلاياه طولا وعرضا
نزفت كلماتها الموجعة:
من هو منهم؟؟
راكان وإلا ناصر؟؟؟
ثم صمتت للحظة وهمست بألم أكبر: حي يرجى وإلاَّ ميت يبكى؟؟

مشعل باستنكار رقيق: إلا إن شاء الله حي.. حي.. والثنين جايينا قريب ومافيهم إلا العافية
بس ناصر فيه عوار.. بسيطن إن شاء الله

أم مشعل بألم متوحش ودموعها بدأت تسيل بصمت لتغرق برقعها: وجهك ما يقول بسيط يأمك
الحمدلله على كل حال.. لا سلم لي رأسه ما أبغي شيء...
ما أبغي إلا شوفت وجهه

مشعل بهدوء حذر: وإن شاء الله إنش بتشوفين وجهه
وأي شيء ثاني هو ابتلاء من رب العالمين.. والمؤمن الصابر عند الله خير

العنود ومريم كانتا مفجوعتان تماما.. فهما كانتا متأكدتان أن ما بناصر أمرا جللا
وإلا ما كان مشعل جمعهن بهذه الطريقة.. والعنود تنقل لمريم أن وجهه يبدو عليه الكثير من الألم والأسى
ولكنهما صمتتا.. بما أن والدتهما تقبلت مبدئيا الخبر وتصبرت
فهما لا تريدان فجعها بالاستفسارات من مشعل أمامها

مشعل وقف.. حين وصل للباب نادى العنود
العنود باحترام مغلف بالحزن: لبيه فديتك

مشعل بهدوء: العنود دام فارس عند ناصر.. أبيش ترخصين من أم فارس
وتجين تقعدين عند أمي لين يرجعون الشباب من الأردن

العنود بصدمة: فارس عند ناصر؟؟

مشعل هز رأسه وخرج
وشعوران يتصاعدان في روح العنود
قلق مرعب على ناصر لأنها تعلم أن ذهاب فارس إليه بهذه الصورة المفاجئة ليس إلا لأن إصابته خطيرة
وغضب كاسح على فارس لأنه أخفى عليها سبب سفره الفعلي وإصابة ناصر

ولكنها عادت للجلوس بجوار والدتها
التي وقفت وقالت بجمود: أنا بأروح لحجرتي
ما أبي حد منكم يجيني

العنود برجاء: بس يمه....

لم تسمح لها أم مشعل بإكمال جملتها وهي تنسحب.. تنسحب لتهرب بأحزانها
لتدعو ربها ألا يفجعها.. ويعيده لها ولأحضانها
قد يقولون عندها ثلاثة أبناء.. لو مهما حدث لواحد
تبقى اثنان يعوضانها الوجع والألم
ويا جهل من يقول ذلك!! يا جهله!!
قد يكونون عشرة.. وكأنهم واحد
كل واحد منهم لفراقه ألم يمزق نياط القلب
ولألمه وجعا لا يشعر به أحدا مثلها
ولوجعه في روحها امتدادات السماء ورحابة الأرض



ذات الوقت
بيت ناصر
بيت الزوجية الـمُفترض

مشعل يصل لمشاعل
مشاعل لم تغادر بيتها مطلقا منذ مجيء مشعل لها صباحا
وهاهو يعود لها بعد ساعات
فأي خبر جديد يحمل؟؟
بل أي خبر مفجع؟؟

كان وجهها متورما من البكاء.. وعيناها ذابلتان
منذ غادرها مشعل وهي تبكي

مشعل جلس جوارها واحتضنها
عادت للبكاء على صدره.. بكاء خافتا موجعا ..مشعل احتضنها وهو يقول بحنان: مشاعل يا قلبي أنتي إنسانة مؤمنة ومصلية
واللي تسوينه في روحش غلط...ليش ذا البكاء كله؟؟؟

مشاعل همست بألم ورأسها مختبئ في صدر شقيقها:
تكفى مشعل قل لي أنه حي بس..
ما أبي شيء ثاني.. والله ما أبي شيء ثاني
تكفى لا تفجعني

مشعل بنبرة خاصة مشبعة بالحزن: أكيد إنش ما تبين شيء ثاني وحياته تكفيش؟؟

مشاعل رفعت رأسها وهي تقول بثقة رقيقة:
والله ما أبي شيء.. أبيه حي وبس

مشعل ابتسم ابتسامة باهتة: وهو إن شاء الله حي.. وجعل عمره طويل

مشاعل ابتسمت وهي تمسح دموعها بطريقة طفولية وتقول بفرح مؤلم:
صدق؟؟ صدق؟؟

مشعل أمسك يدها وهو يقول بحزم رقيق: بس أنتي ماسمعتي باقي كلامي
أنا باقول لش شيء أبيه بيننا
وما أبيش تقولينه لأحد... وأنا اقوله لش.. عشان أدري إن الموضوع بيوجعش
و أبيش تأقلمين مع الفكرة لين يجي ناصر
وما أبيش تفشلينا في ناصر.. ناصر رجّال وطول عمره رجّال
واللي بيصير له ما ينقص من مرجلته.. لكنه يزيدها
لأن المحن والاختبارات هي اللي تحك الرجّال.. وتظهر عزمه
وأنا أشهد إنه رجّال.. موقفه يحتاج شجاعة أنا أشهد إن غيره عاجز عنها
لكنه تقبلها واحتسب أجره عند رب العالمين

مشاعل قاطعت سيل كلام مشعل وهي تهمس بحزم غريب عليها وعلى شخصيتها:
مشعل ليش ذا المقدمات كلها؟؟
وش اللي صار لناصر؟؟... صار عاجز؟؟ مقعد؟؟
أنا قلت لك أبيه حي
أي شيء ثاني ما يهمني

مشعل بحزن عميق: ولا حتى بتر ساقه؟؟

مشاعل شهقت بعمق وبرعب صميميين
والفكرة تتجسد أمامها بأكثر صورها بشاعة وألما
ولكنها حاولت التماسك وهي تهمس.. ودموعها تسيل بصمت موجع:
ولا حتى بتر ساقه.. الحمدلله على سلامة رأسه..
اللهم لك ألف حمد وشكر

مدينة الحسين الطبية
عمّان/ الأردن
ذات اليوم ليلا

غرفة ناصر

عبدالله ومحمد وصلا من الدوحة وطلبا من سيارة الأجرة أن تأخذهما للمستشفى فورا
وهاهم أربعة من عمالقة آل مشعل يجلسون في انتظار إفاقة العملاق الخامس من أثار التخدير..

محمد كان أقربهم لسريره.. وهو يلصق مقعده بقرب رأس ناصر.. بداخله ألم لا حدود له
فمهما كبر ناصر وطال.. فهو يبقى في نظره ابنه الصغير
هاهي عيناه تجولان بكل الوجع بوجهه المليء بالخدوش واللصقات الصغيرة
بيديه الملفوفتان بالشاش.. فهو كان يحاول تخليص ساقه من الركاب
ورفع جسده عن الأرض حتى لا يتمزق ظهره وثيندر يسحبه
لذا احتملت يداه الكثير من الألم

(أي ألم تحملت يا بني؟!!
أي ألم؟!!
ليتني استطعت أن أحمل بعضا من ألمك
ليتني أنا من بُترت ساقه
أنا شيخ عجوز.. عشت حياتي طولا وعرضا
ماعاد لي بهذه الحياة حاجة
ولكن أنت للتو تتذوق هذه الحياة
للتو تفتح لك أبوابها!!
ماكان همني والله أن أهبك ساقاي ويداي جميعها وتبقى ساقك لك
إلهي لا تؤاخذني
ليس اعتراضا على حكمك.. اللهم لك الحمد والشكر على كل حال
ولكني أب مفجوع.. أفرغ بعضا من حزني وألمي وفجيعتي
فلا تؤاخذني بحديثي مع نفسي
لا تؤاخذني على وجعي وبثي)

عبدالله وراكان وفارس يجلسان على ثلاثة كراسي متجاورة قريبا من محمد
وعبدالله يستفسر منهما كيف حدث ماحدث؟؟
ومتى وصلا؟؟ ومتى وجدا ناصر؟؟


بعد دقائق.. حشرجة خافتة صدرت من ناصر
الأربعة كلهم وقفوا معا وهو يحيطون بسرير ناصر
محمد بحنان مصفى مختلط بنبرته الحازمة الطبيعية: الحمدلله على سلامتك يأبيك
تبي شي؟؟؟

ناصر بصوت متقطع ناتج عن جفاف ريقه: ماي..

فارس يمد يده لزجاجة ماء ويفتحها
وراكان يهمس له: لا تسقيه واجد.. بِل ريقه بس..

فارس يدخل يده تحت كتفي ناصر ويقعده ويسقيه القليل
ناصر يهمس: بعد أبي ماي..

راكان همس له بأخوية: بعد شوي.. مايصير تشرب ماي ورا بعض

ناصر عاد لإغلاق عينيه وهو يغيب عن الوعي مرة أخرى

محمد بقلق: وش فيه رجع يرقد؟؟

راكان باحترام: يبه لا تحاتي.. من تاثير البنج.. بعد شوي بنصحيه ونسقيه

القاهرة
حوالي الساعة العاشرة مساء

باكينام تعود للبيت
ومعها جدتاها صفية وفيكتوريا

يدخلن جميعا وضحكاتهن تتعالى

صفية بمرح: أمّا أنتي بت باكينام أنا مبسوطة منك كتير
عرق تركي عندك تمام.. كنتي هتعملي الواد كفتة

باكينام تضحك: عرق تركي ثم تكمل بالانجليزية: وعرق إيرلندي
كيف يجرؤ ذلك التافه أن يعاكس أجمل أميرتين تركية وإيرلندية وهما في ضيافة مصرية
ثم قالت بالعربية: أكيد كان بيعاكسك يا أنّا.. أنتي أحلى وحدة فينا

الحوار كان يدور عند المدخل دون أن تنتبهن إن كان أحد موجودا

أنا صفية تضحك: خشى في عبي زي ما بتئولوا يا مصريين.. ئال يعاكسني ئال
الواد كان بائي يعيط عاوزك تاخدي نمرته وأنتي نازلة فيه شتيمة وهو لا همو
فين واد يوسف عنو؟؟

(يوسف ئاعد هنا بيستناكم)
صوت عميق ممتلئ بغضب مكتوم

كان يوسف يجلس في الصالة المفتوحة على المدخل مع سوزان
باديا على محياه غضب كبير يحاول كتمانه

باكينام شعرت بتوتر غير مفهوم
فهي أغلقت هاتفها بعد أن أتصل بها يوسف أكثر من مرة ولكنها لم ترد عليه
ولكن هذا لم يمنعها من الوقوف بثقة وهي ترسل له نظرات تحدي

سوزان نهضت وهمست بكلمة في أذن والدتها ثم في أذن حماتها
وسحبت الاثنتين معها
فهي تعلم أن يوسف غاضب لإغلاق باكينام هاتفها
وتعلم أنه لابد سيعاتبها.. لذا تريد تركهما لوحدهما

يوسف مازال جالسا
وباكينام مازالت واقفة بين المدخل والصالة
تحركت بإتجاه الدرج وهي تقول ليوسف بثقة:
تصبح على خير أستاذ يوسف
سلّم على تانت منال

(باكينام ..تعالي هنا)
وصلها صوته واثقا غاضبا لينشر قشعريرة باردة في كل خلاياها
ولكنها لم تتوقف وهي تصل للدرج لتتفاجأ بيد قوية تمسك عضدها
وتوقفها وتلفها لتجد نفسها وجها لوجه أمامه
باكينام من بين أسنانها: سيب إيدي يوسف

أفلت عضدها ولكنه أمسك بذارعها بقوة وهو يشدها ويثبت ذراعها على صدره وهو يعتصرها بقوة ويقول بغضب:
ئافلة تلفونك ليه؟؟ وأزاي تخرجي بدون ازني؟؟
وليه لما فيه حد ضايقكم ما اتصلتيش ليا؟؟

باكينام بألم: يوسف سيب إيدي.. هتكسرها

يوسف أفلت يدها وباكينام تنفض يدها وتمسك المكان الذي ألمها بالفعل من اعتصاره لذراعها وهي تقول بسخرية:
أنا عاوزة أعرف أستاز جامعة إيه اللي بيتعامل بالأسلوب الهمجي ده؟؟
سبت إيه للجهلة اللي عايشين في القرون الوسطى؟؟

يوسف بذات سخريتها: كل واحد يتعامل زي مايفهم
أنتي وحدة ما ينفعش معاكي الزوء... لازم الواحد يكون عنيف معاكي عشان تفهمي

باكينام بغضب: أنا مش حيوان عشان تعاملني بالعنف أو غيرو
ثم تنهدت وهي تقول: وعلى العموم.. الحكاية النكتة دي طالت أوي
ولازم ننهيها... على الأقل يوسف احترم أنو فيه صحوبية بين أهلنا
بلاش نستمر في المهزلة دي أكتر من كده
وخصوصا إنك مصدء الحكاية... وعامل فيها سيد السيد
رايحة فين وجايه منين؟؟
طلئني يا يوسف.. متجبرنيش أعمل فضيحة..

يوسف يبتسم بسخرية: فضيحة من أي نوع؟؟

باكينام بتحدي: هأخلعك

يوسف ضحك ضحكة مصطنعة: زريفة أوي يا بت
ثم أكمل بتحدي: لو أنتي ئدها اعمليها.. ليه لأ.. خلينا نتسلى شوي
ونضيع دراستنا علينا وخصوصا أنه لازم ننزل واشنطن بعد تلات أسابيع
لكن بدل ما نكون في واشنطن ندرس
نكون هنا بين المحاكم... والمحاكم حبالها طويلة... وأنا ما يهمنيش بدل السنة أتنين..
ومن ناحية تانية الراجل متهموش الفضيحة.. لكن بنت الدبلوماسي ابن العمدة... ياحرام
هيئولوا عليها إيه؟؟... اتجوزته عرفي في واشنطن..وخلعته لما اتجوزتو رسمي!!!!

باكينام شعرت بألم حاد.. فهو يعرف تماما كيف يمسكها من يدها اللي تؤلمها
ولكنها قالت بهدوء: يوسف أنا عارفة أنك مش طايئني.. والجوازة كلها مش على بالك..
عاوز مني إيه؟؟.. سيبني.. أنا مستحيل أرجع واشنطن وأنا على زمتك
أنت تسليت كفاية... خلاص سيبني..

يوسف بنبرة غامضة وهو يبتعد باتجاه الباب: آه تسليت كفاية صح؟؟
عمو طه راجع بكرة بالليل
خليه يحكي لك حكاية هتعجبك أوي

كان يوسف يصل الباب ويفتحه وباكينام تقول بصوت واثق:
لو ايه ما ئال بابا مش هيغير رأيي

يوسف يغلق الباب وهو يقول لها بتحدي واثق: هتشوفي



ذات الليلة
في وقت متأخر
الدوحة

غرفة مشاعل /// و............. ناصر

مشاعل تشعر أنها توشك على الانهيار من التعب
فهي تقريبا لم تنم من قبل ليلة زفافها للآن
ولكنها عاجزة عن النوم والأرق يحيط بأجفانها
والأسى يخنق روحها
شقيقاتها وبنات عمها وعمتها عرفوا بخبر إصابة ناصر
لكنهن لم يعرفن بعد نوع الإصابة.. هي وحدها تعرف
وكم ألمتها هذه المعرفة!!
ذبحتها ونسفت روحها أشلاء متناثرة
جميعهن اتصلن بها.. يريدن زيارتها
لكنها لأول مرة في حياتها تكون غير مهذبة
وترفض أن يزورها أحد
كانت تريد أن تختلي بنفسها
وبـــ
ذكرى ناصر

أي ألم حاد تشعر به!!
هل هو الإحساس بالذنب؟؟!!
بمدى قسوة الحياة؟!!

منذ خروج مشعل من عندها وهي تدور بين الغرف
تشعر بوجود ناصر في كل مكان
قد لا يكون ناصر سكن هنا فعليا
ولكن وجوده في كل زاوية طاغ.. طاغ جدا
فتحت كل شيء.. وفتشت في كل شيء
ملابسه.. أوراقه.. صوره
كانت تعيد إكتشافه من جديد
تكتشف ناصر كما هو
كرجل حقيقي له شخصيته المستقلة
ليس ظلا لمشعل.. ولا مسخا مستنسخا من حمد

كان لديه الكثير من ألبومات الصور
حملتها جميعها وضعتها على السرير
وغرقت بينها!!

صوره في البطولات.. في التدريبات.. في الرحلات البرية..
في المؤتمرات.. في السفرات.. في دول عديدة
كان مبتسما في كل الصور

(إبتسامته رائعة وشفافة
هل سأرى إبتسامته مرة أخرى؟!
أدفع حياتي كلها ثمنا لإبتسامته
كم قسوت عليه!!
وكم قست الحياة عليه!!
أ هذا عقابه في الدنيا؟؟ أن يبتليه ربي بي..لأكون عليه مصدر شؤم؟!
أستغفر الله.. أستغفر الله
متعبة أنا يارب.. متعبة.. متعبة
كيف أستطيع مواجهته إذا عاد..؟؟ كيف أضع عيني في عينه..وأنا مثقلة بأغلال هذا الذنب..
سيرفضني.. أعلم أنه سيفعل
سيرفضني كما رفضته.. عنيد آخر من آل مشعل
لكن رفضه سينحرني.. سينحرني)

مثقلة هذه الصبية بالحزن.. حزن عميق وشفاف وموجع كعمقها وشفافيتها ووجعها
لا تعرف كيف تتصرف.. وخائفة.. خائفة
لطالما كتمت مخاوفها وألمها.. لم تسمح لأحد بكسر صدفتها
اقتحام روحها .. مشاركتها أفكارها
ولكنها الآن تحتاج لمن يمسك بيدها.. يدلها

التقطت هاتفها وأرسلت منه رسالة لهاتفين
ذات الرسالة لجهتين مختلفتين..

ثم تناولت صورة مؤطرة لناصر كانت موضوعة بجانب السرير
واحتضنتها وتمددت

لتبكي

لا لتنام.....


اليوم التالي

بيت سعد بن فيصل
الصباح الباكر

أم فارس تجلس عند دلالها تنتظر نزول سعد
نزل سعد بلباسه العسكري وتاج مع نجمتين تلمع على كتفيه
قبل رأس أم فارس وجلس
بعد تحيات الصباح المعتادة سألها باهتمام: فارس كلمش؟؟

أم فارس بتأثر: اليوم مابعد.. والبارحة أنا وياك مكلمينه

سعد بتأثر عميق: الله يفك عوق ناصر.. والله إن ناصر نادر ومثله في الرياجيل شوي

أم فارس بحزن: توه حتى عرسه ما تهنى فيه..

سعد ينهي فنجانه على عجالة وينهض: يالله فديتش أترخص عندنا اليوم طابور عرض

أم فارس تتذكر: ترا سعد فيه شيء أبي أقوله لك وأنسى

سعد باحترام: أمريني فديتش

أم فارس بهدوء: الحين أنت عندك أبو صبري وصبيان هنود.. أنا إذا جيتك طردناهم للمجلس
بس بكرة مريم بتجي بيتك
يبي لها خدامات يا أختك.. فأنا أبيك تقدم على ثنتين من الحين عشان أعلمهم لين يجي وقت عرسك.. وأنت تدري الخدامات يبطون لين يجون ويتعلمون

سعد بهدوء: زين ذكرتيني.. بأقدم على ثنتين.. وترا يمكن أجيب أم صبري بعد
أفكر الحوطة اللي ورا البيت ابني لهم فيها ملحق
مرت ولدهم صبري مضيقة على العجوز.. وأبو صبري متضايق
وأنا أفكر أجيبها على الأقل تسولف مع مريم وتساعدها على العيال لو الله رزقنا عيال..

أم فارس: بكيفك فديتك.. المهم الحين قدم على الخدامات وأم صبري بكيفك أنت وأبو صبري



القاهرة
الساعة العاشرة صباحا
أمام مصحة نفسية غاية في الرقي.. في منطقة هادئة في ضواحي القاهرة

باكينام توقف سيارتها وتنزل
تشد جاكيتها الطويل على جسدها.. فالجو كان باردا بعض الشيء
تعدل وضع نظارتها الشمسية على عينيها وتدخل

كانت متوترة نوعا ما.. فهي لا تعرف من هي قادمة للسؤال عنه
ماذا لو كان مجنونا خطرا
ماذا لو عرف المجنون الأخطر المسمى (يوسف) بزيارتها هذه لرجل غريب؟!!

تنهدت وهي تتوجه للاستقبال وتسأل عنه
خرجت بها إحدى الممرضات للحديقة الخلفية وأشارت لشخص معين
كان يجلس في الشمس تماما

تقدمت بخطوات مترددة..
كان مستغرقا في قراءة كتاب
وغير منتبه لما حوله مطلقا.. مما أتاح لبيكنام أن تتفحصه جيدا لتطمئن قبل محادثته
استغربت..كيف يكون هذا مريضا؟!!
بدا لها مسالما جدا.. ووسيما جدا... ونظيفا جدا جدا
نظيفا بالمعنى الفعلي للنظافة..
مثلما ترى شخصا وتعلم أنه استحم للتو..
وبدا لها كما لو أن حمد استحم عشر مرات متتابعة.. فكانت تفوح منه رائحة صابون عطرة مركزة وقوية

اقتربت منه.. همست بهدوء: السلام عليكم

حمد رفع عينيه وهو ينزل نظارته الطبية ويضعها على الطاولة ويبتسم: وعليكم السلام

تشجعت باكينام وهي ترى رده اللطيف للسلام فابتسمت وهمست:
عندك استعداد تستئبل زوار..

ابتسم حمد وهو يقول بلباقة: إذا زوار حلوين كذا.. ماعندي مانع

ابتسمت باكينام.. كانت تعرف أنه لم يقصد بعبارته سوى أن يكون مجاملا
لكنها رفعت يدها اليسار لتريه الخاتم وهي تقول بمرح شفاف:
أنا ست متجوزة بلاش شغل الغزل ده

ابتسم حمد وهو يقول بمرح أكثر شفافية: وأنا ما أعتقد مطلقا
إنه صدر مني مشروع خطبة

باكينام باحترام: أنا باكينام الرشيدي

حمد بلباقة: تشرفنا باكينام.. أقدر أخدمش بشيء؟؟
ثم استدرك: تفضلي اجلسي.. ليش واقفة

باكينام جلست على كرسي خال وهي تكمل حديثها:
أنا صاحبت هيا بنت خالك سلطان

حمد يقطب حاجبيه: مهوب هذي اللي لقاها مشعل ولد خالي عبدالله في أمريكا وتزوجها؟!!

باكينام هوت رأسها إيجابا.. ثم حكت لحمد سبب زيارتها واتصال هيا باختصار

أجابها حمد بقلق: أنا ما أبي حد في الدوحة يعرف إني أعالج.. خصوصا أمي

باكينام بثقة مطمئنة: حط في بطنك بطيخة صيفي.. ولا يهمك... وعد أنو ما حدش يعرف
وتاكد إن هيا مستحيل تئول ولا حتى لجوزها... هي بس عاوزاك تكلم الست مامتك.. عشان هي مشتائة لك

حمد بحنين عميق: وأنا مشتاق لها... بس الاتصال لازم يتم بأذن الدكتور
وأحيانا الدكتور يأجله أو يقدمه حسب حالتي
بس اليوم بأقول له وبأحاول أكلمها

باكينام وقفت وهي تقول بأدب: وأنا خلاص مهمتي انتهت.. وأستاذن

حمد بخيبة أمل: منتي براجعة تزوريني؟!!

باكينام شعرت بالحزن من طريقته في السؤال.. بدا لها وحيدا وحزينا مشبعا بالوحشة والحنين

همست بمرح: هأزورك ئريب

حمد بابتسامة: تعالي المرة الجاية أنتي وزوجش.. خلني أتعرف عليه.. لازم
وعشان أنا ما أحس بالحرج.. ولا أنتي تنحرجين
أنا بس أبي حد أسولف معه.. ويكون عارف عن أخبار هلي في الدوحة
لازم المرة الجاية تجيبينه..

باكينام بتوتر: إن شاء الله


الدوحة
ذات الوقت ولكن توقيت مختلف فرق ساعة
الساعة 11 صباحا

لطيفة اليوم كان أول يوم لها امتحاناتها
ولكن بالها لم يكن مع الاختبار.. لكن مع ظروفهم المعكوسة
وخصوصا أنه وصلها قبل الفجر رسالة من مشاعل
تطلب حضورها حينما تستطيع صباحا
وذات الرسالة وصلت موضي
لذا اتفقت الاثنتان على الذهاب معا
لطيفة تمر بموضي ثم الاثنتان تذهبان لبيت عمهما محمد

الاثنتان تعبران الباب الواصل بين بيت عبدالله ومحمد
(ترتيب بيوت آل مشعل للتذكر:
بيت مشعل بن محمد بجواره بيت عمه عبدالله ثم بيت محمد ثم بيت فارس ملاصق لبيت عمه محمد
بيوت الكبار في الصدر.. ثم بيوت الشباب على الأطراف)

موضي تهمس للطيفة: زين إنها رضت تخلينا نجيها
من يوم دريت وأنا أحاتيها.. أدق عليها مهي براضية تخليني أجيها

لطيفة بحزن: أنا جيتها البارحة ودقيت عليها.. مارضت تفتح لي
والله إني خفت عليها..
تصدقين بغيت أدعي مشعل يكسر الباب.. بس هي ردت علي
وقالت ماتبي تشوف حد..
تخيلي مشاعل تقول لي كذا!!!!

موضي بمساندة: نعنبو لايمها.. قلبها احترق..

الاثنتان وصلتا.. طرقتا الباب
بعد لحظات فُتح الباب..
ليصعقا بمنظر شقيقتهما.. إحمرار عينيها.. انتفاخ أجفانها بشكل مرعب
يبدو كما لو كانت شبحا يوشك على التداعي والانهيار

لطيفة برعب: بسم الله عليش مشاعل.. وش فيش؟؟ مريضة؟؟

مشاعل لم ترد عليهما.. تركتهما وعادت للداخل
خطوات ثقيلة مجهدة نقلتها
خطوات كروحها المثقلة وجسدها المجهد

موضي أغلقت الباب..
والاثنتان دخلتا خلفها..حتى وصلت لغرفة النوم وألقت بنفسها على السرير
لتدخل في موجة جديدة من البكاء العويلي
الاثنتان مصدومتان.. صامتتان...
كون ناصر مصاباً لا يستدعي هذا البكاء الجنائزي..
إلا إن كان......
الفكرة انتقلت لرأسي الاثنتين في نفس الوقت
هل يعقل أن ناصرا توفي؟؟!
صدمة متوحشة اكتسحتهما
ولطيفة تجلس جوارها من ناحية طرف السرير
وموضي تقفز لتركب معها على السرير وتجلس جوارها من الناحية الأخرى

لطيفة همست بحنان أمومي: ميشو يا قلبي.. وش فيش؟؟

مشاعل لم ترد على أسئلة أي منهما حتى تعبت من البكاء
حينها نهضت.. همست بصوت مبحوح:
ما أدري أقول الذنب ذنبكم وإلا ذنبي؟؟

موضي بحنان وهي تحتضن كفها وتمسدها بحنان:
وش ذنبه يا قلبي؟؟

مشاعل بصوت ميت مخنوق: ذنب ناصر

لطيفة اقتربت أكثر وهي تحتضن كتف مشاعل التي أراحت رأسها على كتف لطيفة وهي تفرك أنفها المتفجر احمرارا
وتهمس بصوت عاد للاختناق بعبراتها وكأنها تحدث روحها:
ليلة عرسي أنا ماشفت ناصر
أنا شفت حمد وهو يضرب موضي بكل وحشية
شفت مشعل وهو يستخدم لطيفة أداة لتفريغ رغباته دون اعتبار لمشاعرها
ما أقول إني أنا خجولة بزيادة وهذا كان له دور.. لكن حياتكم خربت حياتي

لطيفة وموضي توترتا بشدة.. لكن لطيفة همست:
ميشو حبيبي قولي لنا وش اللي صار ليلة عرسش؟؟

مشاعل حكت لهما كل شيء.. تعلم أنهما كتومتان.. وهي بحاجة لمساحة شاسعة للبوح علها تفتح أفقا ما.. حتى لو كان ضئيلا لروحها المتأزمة المخنوقة

موضي بغضب عاتب: أنتي مجنونة؟؟ فيه وحدة عاقلة تسوي اللي سويتيه؟؟

مشاعل بنبرة غريبة خليط من القسوة والحنان والألم واللامبالاة:
تدرين موضي أنتي بالذات مالش لسان..
ثم أكملت بنبرة تهكم مرة حزينة موجعة: موضي قولي لي.. ليش ما ترضين تبدلين ملابسش قدامنا
تصدقين أول مرة أدري إن البنت تصير تستحي من خواتها عقب ما تتزوج!!

موضي بحركة تلقائية غير مقصودة غطت مكانا ما بين كتفها وصدرها
كأنها تغطي حزنها ويأسها وألمها عن الأعين ووجع المواساة
وهي تتراجع للخلف
(عن أي مواساة تتحدثين عن موضي؟!!
تحتاجين إلى من يواسيكِ
تحيطين نفسكِ بقشرة رقيقة سرعان ما تنهار مع النقرة الأولى!!)

موضي صمتت وهي تبتلع ريقها وألمها ولكن لطيفة أكملت:
اسمعيني مشاعل.. صحيح أنا وموضي كان عندنا مشاكل في حياتنا
لكن أنا كل مشاكلي مع مشعل انحلت.. ومشعل ماعاد باقي إلا يحطني على رأسه من اهتمامه فيني
وموضي تطلقت وهذا هي بتاخذ راكان خيرة شباب آل مشعل
يعني إذا حن اللي عانينا سنين تجاوزنا مشاكلنا.. أنتي ما تقدرين؟!!

مشاعل انتفضت بعنف وهي تقول بألم مر: ناصر مستحيل يسامحني.. مستحيل
وخصوصا إنه فيه شيء صار له.. ما أقدر أقوله الحين
صدقيني مستحيل يسامحني.. أنا ماني بقادرة أسامح نفسي

لطيفة مسحت على نعومة شعر مشاعل وهي تهمس بحنان:
لو مهما صار ناصر قلبه طيب.. صدقيني بيسامحش.. ليه ما يسامح؟؟
أنتي حاولي تكسبينه.. ولازم أنتي اللي تكونين مستعدة للمبادرة لين الآخر
حتى لو رفضش مرة ومرتين وعشر.. لا تيأسين.. لحد ما تجيبين رأسه
ولو على الوسائل.. اسمعي مني.. واستعيني بتفكيرش..

ثم غمزت بعينها وهي تمسح دموع شقيقتها الصغرى بحنان:
إن كيدهن عظيم


ذات اليوم عصرا
عمّان
غرفة ناصر
مازال ناصر لم يفق.. وتغذيته تتم عبر الوريد

قلق والده وعمه وشقيقه وابن عمه يتصاعد من عدم إفاقته..
وطلبوا مقابلة الطبيب.. الذي وعدهم بالحضور بعد أن ينهي عملا ما في يده

وهاهو يحضر وهو يرسم ابتسامة مهنية اعتاد على رسمها حتى أصبحت ترتسم بطريقة رتيبة تلقائية: بيقولوا أهل ناصر مشعل بدهم ياني.. أنا حاضر

كان محمد من تكلم وهو يقول بهدوء: ناصر ليش مافاق لذا الحين..
البارحة وعا شوي وطلب ماي وعقب رجع ينام

الطبيب بهدوء: أنا طالب من الممرضات يحقنونه بالمهدئات.. مابدي إياه يصحى هلا

راكان باستفسار: وممكن أعرف السبب..

الطبيب بمهنية: هم سبيين ومش واحد
الأول أني حابب إن ساق ناصر توصل.. مع أنو ماراح يقدر يستخدمها هلا
بس أنا حابب إنه يشوفها وقت ما يصحى.. عشان تكون تخفيف لوضعه وفي نفس الوقت شرح صريح لحالته
أما السبب الثاني فهو إنو من تعرض لبتر أحد أطرافه.. يتعرض لظاهرة اسمها ظاهرة فانتون..
الظاهرة هذي تعني إن المخ يظل يرسل إشارات لمكان البتر..كأن العضو لساته موجود ولازم يتحرك..
يعني اللي انبتر عنده عضو ما يحس إنه فقد عضو ويحتاج وقت للتأقلم جسديا وفكريا..
والأخ ناصر رغم الرضوض والخدوش إلا أنو صحته تمام الحمدلله
يعني ممكن لو وعي هلا ينزل عن السرير ويمشي.. وهالشيء أنا ما بدي إياه

أنا استعجلت في طلب الساق.. وممكن توصل بكرة.. وراح أعطيكم قياساتها
عشان لو حب يطلب مرة ثانية.. يقدر يطلب..

فارس بإهتمام: يعني بكرة ممكن يحس فينا؟؟

الدكتور بابتسامة: إذا وصلت الساق.. ماراح نعطيه مهدئات.. وبيوعى إن شاء الله

محمد برجاء هادئ: ومتى ممكن نرجع الدوحة ونرجعه معنا؟؟

الطبيب بلباقة: الخيار لكم عمي وللمريض.. لو عنده استعداد يستخدم العكازات
ممكن ترجعون بعد كم يوم..
وأنا بأتصل مع صديق لي في مستشفى حمد عندكم.. وهو ممكن يتابع الحالة
لأنه مايقدر يستخدم الساق الصناعية إلا لما تلتئم الجراحة تماما
ولأنه هذي مش جراحة بمعنى جراحة لكن هو كي لمكان البتر، فالإلتئام بيكون أسرع.. ممكن يستخدم الساق الصناعية بعد أسبوعين ثلاثة.. والخيار لكم

الجميع صمتوا ينتظرون قرار محمد الذي أجاب بهدوء:
الشور شور ناصر.. لكن أنا أعرف ولدي.. مهوب اللي يهاب شيء
الظن ظنتي راجعين الدوحة قريب



الدوحة مساء
بيت فارس..
العنود في البيت للسلام على أم فارس ورؤية إذا كانت تحتاج لشيء

وهاهي تستعد للمغادرة..

أم فارس بحزن: سامحيني يا بنتي.. والله إن قدرش عندي كبير
ماقدرت أسوي عشاش وحن على ذا الحال.. الله يفك عوق ناصر

العنود بحزن مصفى: وش عشاه يمه؟؟ هذي أمي ماسوت عشاء مشاعل
وش عشياته وحن ماندري بحال ناصر..

أم فارس بمساندة: يأمش امتحاناتش قريب.. لازم تدرسين
إهمالش لدروسش لا يقدم ولا يؤخر

العنود بهمس: الله يجيب اللي فيه خير..
ثم أردفت بخجل: يمه أنتي أكيد منتي بمتضايقة إني أمسي عند أمي؟؟

أم فارس باستنكار: لا والله وحشا.. أم مشعل ذا الحين في حاجتش
وأمش أبدى من خلق الله
وعلى كل حال أنا البارحة أمسيت في بيت سعد..
وهو بعد شوي بيمر يأخذني.. أتسلى معه ومع عياله

العنود تنزل جلالها على وجهها استعدادا للخروج
لكنها استدركت وهي عند الباب بسؤال مؤلم:
يمه فارس كلمش؟؟

أم فارس بتلقائية: توه كلمني قبل تدخلين..

العنود شعرت بألم شفاف يغزو روحها.. فهو لم يتصل بها منذ مغادرته
هل يعاقبها على ذنب لم ترتبكه؟!!
أم أن الجفاء وجفاف المشاعر سيكون شعارا إبديا لحياتهما معا؟!!
هي الآن غاضبة منه.. بل غاضبة جدا
حرمها من أبسط حقوقها.. حقها في المعرفة منه شخصيا!!
لِـمَ لم يخبرها بإصابة ناصر؟!!
لِـم فضل أن يهرب من أمامها وكأنها كائن فاقد للأهلية يعيش مهجورا على أطراف حياته؟!!
لا تستحق أن يأخذ من وقته الثمين لحظات ليخبرها.. يعلم جيدا ولعها بأشقائها
وتعلق روحها بهم..
ولكن لا يهم.. هي لا تهم.. هي لا تستحق..
( "لماذا تعلم.. ولماذا أخبرها؟؟
سياتي أحدهم يوما ويخبرها.. ولكن ليس أنا
ليس فارس العظيم المتجبر المتباعد"
أهكذا فكرت يا فارس؟!!
متعبة منك ومن غرورك وتجبرك وقسوتك
ليتك تتصل بي
ليتك تفعلها
أريد أن اصفعك بكل آلامي.. أريد أن أخنقك بها
حتى لو كنت لا تشعر
وحتى لو كانت تماثيل الحجارة لا تبالي ولا تحس حتى لو ألقيت عليها عشرات الحصيات الصغيرة
على الأقل سأفرغ أنا بعضا من غضبي بإلقاء الحجارة عليك
بما أنك لا تتألم.. لا تشعر.. لا تحس
اسمح لي أن أفرغ أنا بعضا من ألمي.. شعوري.. وأحاسيسي)

العنود كانت تفكر بكل هذا وهي تسير خارجة من بيتها إلى بيت والدها
وصلت وصعدت غرفتها واستحمت والأفكار تعصف بها
خرجت لرؤية والدتها المعتكفة في غرفتها
مازالت على حالها.. مكتئبة تتصبر.. تكثر من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء له.. لناصر..

العنود عادت لغرفتها وصلت قيامها.. ثم قررت التمدد أخيرا.. هاجمتها أفكارها المؤلمة مجددا.. حاولت الهرب منها..
ولكن لا فكاك.. لا فكاك..
أفزعها رنين هاتفها..
التقطته
كان هو..
هو..
اسمه يتلألأ على الشاشة محدثا ضجيجا في قلبها بدقاته الطارقة بعنف على جدران قلبها..
خائفة منه.. وغاضبة عليه..

ردت بصوت هامس وكل تهديداتها بقذفه بحصى أحزانها تتبخر: هلا فارس

كما كل مرة.. وكما أول مرة
عاجز عن تفهم الثورة العاتية التي يحدثها صوتها في أوتار قلبه
أي كيمياء يحتويها هذا الصوت؟!! أي كيمياء؟!!
شرايينه تتهاوى.. قشعريرة باردة تجتاح جسده.. نار محرقة تذيب قلبه
يعدل جلسته على مقعده في لوبي الفندق
فهو هارب من غرفته المشتركة مع راكان حتى يحادثها
أي جنون بات يصيبه؟؟
لم يقضِ معها سوي صباحا واحدا.. بدا ذاك الصباح كما لو كان كل صباحاته
يأسره شوقه لبريق عينيها.. وابتسامتها العذبة الشقية
اليوم كاد أن يتهور ويحتضن راكان حين نهض من نومه صباحا
كاد يحتضن ذلك الحائط المسمى راكان لأنه يعلم أن جسده الضخم لابد احتوى يوما جسدها الغض بين أحضانه
الجسد الذي لم يسكن بين ذراعيه هو بعد..
كان يريد أن يشتم رائحتها التي تغلغت في روحه.. مازال ملمس خدها يغفو في كفه.. خصلات شعرها تلتف على أنامله
مشتاق لها.. مشتاق.. مشتاق لها قبل أن يتزوجا..
فكيف بعدما رأها أمامه أسطورة تتجسد تتحرك تتحدث.. تنفث سحرها الخلاب في كل شيء تمر به أو تلمسه؟!!

فارس رد بهدوء: هلا بش.. أنتي وين؟؟

العنود ابتلعت ريقها.. خائفة من ردة فعله.. فهي لم تستأذنه في العودة لبيت أهلها..ولكنها استأذنت والدته وأذنت لها..
همست بخفوت: في بيت هلي

فارس كان يعلم أنها في بيت أهلها.. والدته أخبرته أنها من أذنت لها بالذهاب حتى تبقى مع والدتها.. وهو فعليا ليس لديه أي مانع
ولكنها طباعه الغليظة السيئة وتحكمه الأرعن.. رد بهدوء: طيب مهوب المفروض تستأذنيني أول؟؟ وإلا أنا طوفة.. منتي بشايفتني رجّال؟؟

العنود كعادتها الذكية.. لا تجيب.. لكن تناور:
وأنت مهوب المفروض تقول لي وين مسافر وسبب سفرك؟؟ وإلا أنت شايفني كرسي وماني بمرتك وأخت ناصر؟؟

يالقوتها وشراستها المغلفة بالحرير!!
من أين تعلمت استراتيجية المناورة بهذه الطريقة؟!!
كيف تنقض وتلسع بنعومة..
ولكن هو لا يحتاج للمناورة.. فهو يستخدم المنجنيقات فورا
أقذف ولا تبالِ بالخسائر!!

همس لها بهدوء بارد: العنود ترا أمي اللي هي أمي.. عمرها ما سألتني وين رايح ومن وين جاي... أنا اللي أقول لها من كيفي..
وأنتي تعودي اللي أقوله تأخذينه... لا تراديني.. ولا تسألين..

رغم إحساسها الكبير بالألم لكنها أجابت بهدوء ناعم:
تدري فارس كان المفروض إنك كتبت في عقد زواجنا.. زواج من طرف واحد
يعني أنت وبس.. لأني أنا ماني بشريكة لك في ذا العقد دامك تبي تمشي حياتنا بذا الطريقة

فارس شعر بألمها يحز في روحه.. يعجز عن فهم سبب تصرفه معها بهذه الطريقة
رد عليها بهدوءه المعتاد: يعني أنتي زعلانة؟؟

العنود بتهكم رقيق: زعلانة؟؟ يعني إنك مهتم!!
ثم أردفت بحزن: تدري فارس.. خلنا على جنب... ناصر أشلونه؟؟

فارس ببرود مقصود: توش كلمتي أبيش وراكان أكيد قالوا لش..

العنود فهمت نغزته لكنها تجاوزتها وهي تقول بهدوء: أحب اسمع منك

فارس تنهد: بخير.. كلها كم يوم ونرجع للدوحة.. وذا الكلام أظني سمعتيه اليوم مرتين إذا مهوب أكثر

العنود بحزن ومرارة: زين دامك منت بطايقني.. ليش مكلف على روحك تتصل؟؟

فارس شعر بصدمة كاسحة تخترق روحه
(أنا ماني بطايقش؟؟ أنا؟؟
يعني بدل ما أوصل لها إحساس هيامي فيها
خليتها تحس إني ماني بطايقها
أي مخلوق غريب أنت يا فارس؟؟ أي مخلوق؟؟)

فارس تنهد: العنود ليش تقولين كذا؟؟

العنود ماعادت تحتمل كل هذا.. ماعادت تحتمل.. اختنقت بعبراتها وتريد أن تختلي بنفسها لتبكي
همست بصوتها المختنق: فارس تصبح على خير

فارس كاد يجن (وتبكي بعد؟؟ تكفين العنود كله ولا دموعش)
همس لها بأمر قوي: لا تسكرين

نبرة الأمر الحادة في صوته أنهت الباقي من تجلدها وهي تنخرط في نشيج خافت مؤلم وتلقي الهاتف جوارها
فارس جن فعلا وهو يسمع صوت نشيجها يخترق روحه كأسياخ محمية
كره نفسه ألف ألف مرة.. كره غروره وقسوته عليها في الوقت الذي كان يتمنى أن يشبعها حنانا وحبا وهياما وغراما

كان يعتصر هاتفه في كفه وهو يصر بين أسنانه: العنود.. العنود ردي علي
كان يود أن يصرخ عاليا.. عل صوته يصلها
ولكن مكان تواجده منعه وهو يشعر بالقهر وهو يسمع صوتها تبكي بهذه الطريقة الموجعة وهو لا يستطيع التصرف
مضت خمس دقائق والعنود الباكية نست هاتفها تماما
كانت الخمس دقائق الاسوأ في حياة فارس
شعر أنها خمس سنوات.. خمس قرون من الألم والقهر والحسرة
العنود تذكرت الهاتف المفتوح
التقطته رغم أنها كانت متأكدة أن فارس لابد أغلقه
لذا صُدمت أنه مازال على الخط ويناديها
ردت بصوت متعب: آسفة ماظنيت إنك على الخط ذا كله

فارس بنبرة حنان غير معتادة ولكنها تبدو لذيذة جدا بصوته:
تبين أسكر وأنا داري إنش تبكين؟!! مستحيل

انتفض قلب العنود بعنف.. عنف كاسح

وفارس يكمل بذات النبرة: أدري إني غريب واجد مهوب شوي
استحمليني شوي.. ولا تصيرين تاخذين كل كلمة أقولها بحساسية

صمتت العنود

فارس بهدوء: هاه العنود؟؟

العنود بصوتها المبحوح: يصير خير إن شاء الله

ابتسم فارس ..تمنى أن يقول لها لحظتها كم يحبها!! كم يعشقها!! كم يذوب بهواها!!
لكنه أكتفى عن كل هذا بأن قال لها بهدوء: زين تصبحين على خير
ولا تهملين دراستش



ذات الوقت
توقيت آخر
وبلد آخر

كانت باكينام في غرفتها تتمدد على سريرها استعدادا للنوم
والدها وصل من نيويورك قبل حوالي ساعتين.. جلست معه قليلا
ثم صعدت لغرفتها لتصلي قيامها وتنهي بعض أعمالها قبل النوم

قاطع رغبتها في النوم طرقات هادئة على الباب
عرفت أنها طرقات والدها
همست باحترام: تفضل بابا
دون أن تعلم أن سماحها بدخول صاحب الطرقات سيسلب كل أمانيها بالنوم
ليحيلها لمخلوق محطم مبعثر المشاعر

والدها دخل وهو يبتسم وهمس لها: ممكن خمس دئايئ من وئت حبيبت باباها

باكينام اعتدلت جالسة وهي تقول: ئول خمس ساعات.. تعالى أنته واحشني خالص

والدها جلس جوارها وهو يقول بهدوء: أخبارك أنتي ويوسف إيه؟؟

باكينام توترت لأقصى حد.. ذكر يوسف كفيل بضخ كل الأدرنالين في جسمها ليرتفع تحفزها للحد الأعلى
همست لوالدها بتصنع: تمام يابابا كلو تمام

والدها أمسك بيدها واحتضنها وهو يقول بحنان:
حبيبي باكي.. أنتي فاكرة أنو أنتي اللي وافئتي على يوسف
ووافئتي على خطبة وكتب كتاب في يوم واحد

باكينام ابتلعت ريقها وهزت رأسها بأسى (وكأني من وافقت باقتناعي؟!!)

والدها يكمل بنبرة منطقية: وأنتي عارفة إنك هترجعي واشنطن بعد تلات أسابيع

هزت رأسها
ووالدها يكمل: ويوسف كمان هيرجع

ابتلعت ريقها للمرة الألف.. لِـمَ تشعر أن ريقها جاف هكذا؟؟
هزت رأسها أيضا

والدها يكمل بهدوء رغم أنه بدأ يشعر بالحرج:
وأكيد باكي حبيبي أنتي شايفه أنو مش منطق أنو واحد ومراته ساكنين في بلد لوحديهم وكل واحد في مكان

شعرت باكينام بمطارق متوحشة تهرس قلبها.. ومطارق أكثر توحشا تهصر مخها
باكينام بحذر: بابا أنت عاوز تئول إيه؟؟

والدها بهدوء يلقي قنبلته: أنتي ويوسف لازم تعملو فرحكم ئبل سفركم لواشنطن

باكينام قفزت واقفة وهي تهتف باستنكار مر: مستحيل بابا.. مستحيل

والدها بغضب: إيه هو اللي مستحيل.. هو لعب عيال
عاوزة تتخطبي وما تتجوزيش.. هي دي أخلاء بنات الناس المتربيين

باكينام بضعف: بابا ربنا يخليك ما تزعلش مني
بس أنا ويوسف مش متفاهمين.. أنا عاوزاه يطلئني.. مش نتمم جوازنا

والدها بصدمة: طلاء إيه.. دا أنتي موعد فرحك اتحدد بعد حوالي تلات أسابيع بالزبط
في نفس يوم سفرك اللي أجلناه شوية عشان السبب ده

باكينام بصدمة أكبر.. صدمة نحرتها تماما: إيه؟؟ فرح؟؟ لا يا بابا.. لأ.. ربنا يخليك.. ما ترمنيش الرمية دي

والدها بغضب: رمية؟؟ يوسف عزت اللي ألف وحدة تتمناه رمية؟؟
حتى لو كان رمية.. أنتي اللي رميتي نفسك مش أنا
خطوبتك حصلت ئدام كبرات مصر.. وفرحك بطاقاته توزعت
وكلام عيال مش عاوز.. أنتي اللي تجوزتيه برضاكي وهتممي الجوزاة
لأنو لا أنا ولا طاهر حمل فضايح.. والجواز مش لعب عيال
توافئي وبعدين تئولي مش عاوزاه..

ثم أردف بحزم: عندك حساب مفتوح.. اصرفي زي منتي عاوزة.. واتجهزي لفرحك جهاز يليء بيكي وبأبوكي.. وكلام تاني مش عاوز أسمع

ثم خرج
خرج ليتركها خلفه ممزقة.. مثقلة بالأسى والحزن
(أتزوج يوسف فعليا بعد ثلاثة أسابيع
أنا لا أطيق وجوده لساعتين.. فكيف لو أصبحنا سكان بيت واحد؟!!)

(بت يا باكينام.. بلاش عبط
أنتي عارفة كويس أنك بتحبيه
وماحبتيش ئبله حد.. ولا هتحبي بعدو
يعني لو ماتجوزتيهوش.. مش هتتجوزي خالص)

(لكن الحب شيء والعشرة شيء آخر
أحببته وأحبه بل وأعشقه.. نعم..
لكنه مخلوق غير قابل للتعاشر
متسلط.. ومغرور.. وكريه
حياتي معه ستهدم كل شعور حب أحمله له)




ذات الوقت
توقيت آخر
وبلد آخر

غرفة مشعل ولطيفة

يتمددان على سريرهما ويعبق في الجو روح أسى عميقة
مشعل يضع رأسه على ذراع لطيفة
ويحتضن كف ذراعها الأخرى بالقرب من قلبه

لطيفة تهمس بحنان: حبيبي هونها وتهون.. إن شاء الله إن ناصر مافيه إلا العافية

مشعل صمت.. الحزن في قلبه أكبر من التعبير بأي كلمات
لطيفة لا تعلم بعد بحالة ناصر.. وهو لا يريد إخبار أحد قبل والدته
المهمة التي تخنق روحه لأقصى حد
ولكنه يريد إخبارها قبل عودة ناصر بيوم حتى تتهيأ للخبر من ناحية ولا تصدم به
وحتى لا يطول قلقها عليه من ناحية ثانية

مشعل يتذكر شيئا أشعره بالألم لإهماله.. همس بهدوء وهو يشدد احتضان كف لطيفة: حبيبتي امتحاناتش شأخبارها؟؟
سامحيني أنسى أسأل.. سالفة ناصر ماعاد خلت فيني مخ

لطيفة تضع خدها على جبينه وهي تهمس بنعومة:
إن شاء الله خير.. صحيح مالي نفس أذاكر
بس أنا ختمت المواد كم مرة خلال الشهور اللي فاتت

همس لها برقة: زين حبيبتي.. أدري إنه اللي يعينش مع امتحاناتش
بس عشان خاطري كل مالقيتي وقت اخذي البنات وروحو لأمي.. أبيكم تلهونوها عن التفكير

لطيفة بحنان: حبيبي بدون ما تقول.. أمك أمي
لاتحاتي.. اليوم رحت لمشاعل شوي.. وعقب مريتها
والعصر رحت لها أنا والبنات

مشعل بقلق: مشاعل شأخبارها؟؟

لطيفة بحزن: تعبانة.. تعبانة واجد
ثم أردفت باهتمام: تكفى مشعل إذا جا ناصر وصه فيها

مشعل باستغراب: أشلون أوصيه يعني؟؟

لطيفة بحرج: خبرك أنتو يارياجيل آل مشعل
تطري عليكم الجفاسة.. ومشاعل رقيقة بزيادة

مشعل ابتسم: كنش تلبخيني؟!! (التلبيخ له عدة معان عريقة!! والمقصود هنا التعريض المبطن)
ثم أردف بهدوء: لا تحاتين أختش.. ناصر عاد أبعد واحد عن جفاستنا اللي تقولين

صمتت لطيفة.. لم تعرف ماذا تقول
اكتفت أن تدعو الله في سرها وبعمق
أن يحنن قلب ناصر المجروح على شقيقتها




 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-06-2010, 12:37 PM   #69 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


بيت عبدالله بن مشعل
غرفة موضي
منتصف الليل

(حينما كنت مشبعة بالحياة ومقبلة عليها
كان نصيبي رجل هو أقل من أقل أحلامي
امتهنني حتى ألغى إنسانيتي وكينونتي وأنوثي
وحينما زهدت في كل شيء وماعاد بي ما يغري أي رجل بي
أجدني تورطت مع رجل هو فوق كل ما أكون قد حلمت من معجزات عصية التحقيق
لا تلاقي مطلقا بيننا.. ولا بأي صورة)

موضي متوترة.. مثقلة بالتفكير.. وعشرات الأفكار تعصف بها
ثم استقرت في الختام على قرار
فطلبها من راكان أن يتزوجها كان متهورا لأبعد حد
وربما لأنها في وقتها كانت مرتبكة من قرار والدتها
ووجدت راكان يرد عليها وهي في قمة يأسها فاتخذته طوقا للنجاة
دون أن تفكر فيه هو شخصيا
رجل مثله في اكتماله الموجع يستحق من هي مثله
وليس بقايا امرأة.. حتى وإن كان في إطار زواج صوري
فهي أمام الناس زوجته.. كيف ستحتمل عقد المقارنة بينهما؟!!

لذا قررت التوجه لغرفة شقيقها سلطان
كان مستغرقا في النوم.. تناولت هاتفه المحمول
وأخذت رقم هاتف راكان منه

وكتبت له الرسالة التالية:

" راكان
أنا أحلك من طلب الزواج المخزي اللي أنا أجبرتك عليه
بأقول لأبي إني أنا اللي ما أبي الزواج
عشان ما تنحرج معه
ورايتك بيضا يابو محمد"

أرسلتها
ثم تناولت مصحفها لتقرأ وردها قبل أن تنام
وتطمئن روحها القلقة

بعد عدة دقائق
كان هاتفها يرن
تناولته وهي تظن أنها لابد لطيفة فلن يتصل أحد في هذا الوقت سواها
بما أنها تسهر للدراسة

ولكنها صُدمت وهي ترى أنه ذات الرقم الذي أرسلت له الرسالة قبل قليل
ابتلعت ريقها بصعوبة
كانت تتمنى ألا ترد عليه ولكنها مجبرة أن تفعل..
تناولت هاتفها لترد بصوت متردد: ألو

ليفاجئها صراخة المكتوم على الجهة الأخرى: أنتي شايفتني بزر تلعبين فيه؟؟

موضي ابتلعت ريقها وهي تهمس بخفوت: محشوم يابو محمد

راكان بنفس النبرة الغاضبة التي لم يعتدها: ليه أنتي خليتي فيها محشوم

موضي بذات الهدوء الخافت: الله يهداك راكان مافيه داعي تعصب
أنا قلت لك الموضوع من صوبي أنا اللي بأقول أني ما أبي أتزوج

راكان من بين أسنانه: ياسلام عليش.. وفي ظنش أنا رأيي ماله قيمة أول وتالي
الظاهر إنش ماتعرفين راكان من هو
ومهوب أنا اللي أمشي على شور النسوان..
أنا يوم وافقت وافقت بكيفي.. لا تظنين للحظة إنش أنتي اللي جبرتيني
والحين بعد مهوب على كيفش تقولين هون خلاص
كني لعبة عندش.. شوي تلعبين بها.. وعقبه مليتي منها

موضي بألم: راكان مافيه داعي للتجريح.. أنا مستخسرتك فيني
أنت تستحق اللي تساويك مهوب وحدة مثلي

راكان بصدمة: مستخسرتني فيش؟؟!!
موضي عيب عليش ذا الكلام.. عيب
ثم تنهد وأكمل: إذا أنتي خايفة إني ممكن يوم أسوي فيش مثل حمد
فأقول لش تنقص يدي ولا أمد عليش أصبع

موضي باستنكار: لا والله ماطرا علي
أنت وين وحمد وين
لكن.......

راكان قاطعها وهو يقول بثقة ثابتة: خلاص لا تقولين شيء
سالفتنا منتهية.. والناس كلهم منتظرين الملكة
فلا تحرجين نفسش وتحرجيني
وملكتنا بتكون قبل سفر مشعل

موضي بتردد: زين عندي شرط

راكان بثبات: ما تشوفين إنش مسختيها بالشروط.. بس ولا يهمش تدللي

موضي برجاء حقيقي: آخر شرط.. تكفى

راكان بهدوء: زين قولي

موضي بخفوت: إنك تزوج عقب وحدة تليق فيك

راكان غضب فعلا.. غضب لأبعد حد
(هذي لذا الدرجة مسترخصة فيني
المره لو هي تكره رجالها كره العمى ما تبيه يتزوج عليها
لكن هذي باقي تدلل علي)

رد عليها بغضب حقيقي: تدرين موضي أنتي ما ينرد عليش
أنا إذا بغيت أتزوج أنتي وإلا غيرش
أنا اللي أقرر مهوب انتي
وياويلش يا موضي.. لو سمعتش تعيدين ذا السالفة عقب
فاهمتني؟!!

موضي بحرج: خلاص راكان.. آسفة.. آسفة


بيت فارس بن سعود
غرفة فارس

فارس يدخل غرفته
يلفه توتره وشوقه
(هل سأجدها أم مازالت في بيت أهلها؟!)

صدم حين دخل بصوت نحيب خافت
ثم صُدم أكثر بالمنظر الموجع الذي رأه أمامه
المنظر الذي مزق روحه أشلاء متناثرة
كانت كطفلة باكية وهي تحتضن مخدة صغيرة تنثر أساها وحزنها ودموعها فيها

اقترب منها
لم تنتبه لاقترابه
حتى جلس جوارها
انتفضت وهي تشعر بالثقل الذي جلس جوارها
ثم انتفضت أكثر وهو يضع يده على رأسها
رفعت وجهها إليه
أذابت عيناها الدامعتان شرايين قلبه
في كل مرة كان يسمع صوت بكاءها عبر الهاتف ويكاد يجن
فكيف وهو يراها تبكي أمامه
كان الأمر فوق احتماله.. فوق احتماله بكثير
أخذ المخدة من بين يديها
لف ذراعه على كتفيها وهو يقربها منه
ليدفن رأسها في عرض صدره
ثم يشدد احتضانه لها وهو يحكم ذراعيه حولها
كأنه يريد إخفائها بين أضلاعه
(يا الله كم هو موجع ورائع إحساسي بها بين أحضاني
كأن قلبي المهاجر يعود ليستكين بين أضلاعي
كأن روحي الهائمة ترجع لتستقر في حناياي
أي سحر تحتوينه يا صغيرة أي سحر؟؟
تعبت وأنا أسأل هذا السؤال
وأنتِ لا تجيبين
فقط تمعنين في تعذيبي وربطي بحبال هواكِ
كم أحبكِ يا صغيرتي!!
حبكِ أذاب عظامي.. نفض روحي..تغلغل في كل خلية من خلاياي)

كانت العنود تستكين بين أحضانه وهي تدفن رأسها في صدره
وتمسك بجيب ثوبه بكلتا يديها كأنها طفلة تخشى الضياع
وهي تنخرط في بكاء حاد مؤلم
شعر أنه فعلا يتمزق وهو يشعر بدموعها تبلل ثوبه لتصل إلى جلده
همس لها بحنان عميق:
بسش بكاء.. تكفين

العنود رفعت وجهها الغارق بالدموع إليه وهي تهمس بألم:
ليش ماقلت لي عن حالة ناصر قبل؟؟
ليش تخلي مشعل هو اللي يقول لي؟؟
ليش خبيت علي؟؟
لهالدرجة أنا مالي قيمة عندك؟؟
إذا من أولها تعامل معي كذا أشلون عقب؟؟

فارس وقف وهو يزيح كل انفعالاته جانبا وسؤالها الأخير يصفع غروره وتكبره
ليقول لها ببرود: العنود أنا ما أسمح لش تحاسبيني أو تعلميني أشلون أعامل مرتي

العنود وقفت وهي تنظر له نظرة مشبعة بالألم
نظرتها نحرته..
ولكن انفعالاته لم تظهر على ملامح وجهه التي احتفظت ببرودها
والعنود تنسحب لتدخل الحمام
تريد أن تتوضأ
وتريد أن تهرب من سطوة قسوته..
أي رجل هذا الذي ينقلب من النقيض إلى النقيض في لحظة؟!!
من النار إلى الجليد
من الحنان إلى القسوة
من حبيب تتمناه إلى فارس الذي تعرفه!!


بيت محمد بن مشعل
قسم ناصر

مشاعل كانت تطوف في البيت كالمخبولة تماما
غاية في التوتر.. عاجزة عن كبح جماح توترها وخوفها وخجلها

تأنقت تماما بناء على نصيحة لطيفة
وهاهي ترتدي بنطلونا حريريا أسود فوقه قميص طويل من الشيفون يصل للركبة
ألوانه خليط من الزهر والأسود
مزموم من عند الصدر حيث تربط شريطة زهرية ..وأكمامه جابونيز مزمومة عند عضدها
وشعرها الحريري القصير صنعت من خصلاته أمواجا قصيرة ملتوية
مما جعله أقصر وأكثر إثارة

وهي في دورانها في البيت طُرق الباب
قفز توترها للذروة وهي تشعر أنه لابد سيغمى عليها
فتحت الباب بتردد
لتصاب بصدمة خجل كاسحة وهي ترى شقيقها مشعل أمامها
كان بودها أن تهرب لتبدل ملابسها
لولا أن مشعل دخل ليتيح للمتعكز خلفه الدخول

المتعكز الذي نحرت رؤيته روحها
كان يحاول التقدم بخطواته بشكل واثق
لم تنتبه مطلقا لعكازاته كان تركيزها على وجهها
كانت تريد أن ترى فيه طيف أمل لها
ولكنها لاحظت تماما أنه لا ينظر إليها ولم ينظر لها حتى
شعرت بفراغ موجع يجتاح روحها
وهي تتأخر لتسمح له بالتقدم
مشعل تقدم منها.. احتضنها وقبل رأسها وهو يهمس لها بخفوت:
سلمي على ناصر

لكنها لم تتحرك من جوار شقيقها وناصر يصل بعكازيه إلى منتصف الصالة
شعر مشعل أن مهمته أكثر صعوبة
لذا قال بصوت مسموع: مشاعل روحي سلمي على رجّالش

في العرف المعتاد من غير اللائق أن تسلم المرأة على زوجها أمام أحد
ولكن وضع ناصر ومشاعل كان وضعا غير معتاد
مشاعل تقدمت خطوة
لكن ناصر أشار بيده وهو يعطيهما ظهره: مافيه داعي

مشعل شعر بالإهانة.. ومشاعل شعرت بالألم
وناصر أدرك أن جملته جارحة لمشعل.. فمن الاثنين المتواجدين معه لم يكن يهمه إلا مشعلا!!
لذا تدارك الوضع بذكاء وهو يكمل جملته و يقول بهدوء: لا تحرجها يا مشعل.. أدري إنها مستحية

مشعل ابتسم وهو يقول: لا مهيب مستحية
مشاعل روحي سلمي على ناصر

كان مشعل مازال واقفا على الباب يستعد للمغادرة ولا يرى وجه ناصر

مشاعل اقتربت أكثر.. أحرجها كثيرا أنه مازال يعطيها ظهره
لذا اضطرت أن تلف لتقف أمامه مباشرة
مرت لحظات متوترة.. هي تنظر له وتمعن النظر واللصقات الصغيرة المنتشرة في وجهه تنحر روحها بالألم
وهو ينظر لما فوق رأسها بحكم طوله أولا.. وأنه يتحاشى النظر لها ثانيا

مشاعل همست له بصوت لا يسمعه سواهما: نزل رأسك شوي
لا تحرجني مع مشعل

ناصر أمال رأسه للأسفل قليلا ليصل لمستواها
مشاعل تعلم أن مشعل لا يراها لأن جسد ناصر يحجب الرؤية عن مشعل

ناصر همس لها ببرود: ترا ماصار سلام.. خلاص اعتبري إنش سلمتي

مشاعل لم ترد عليه وهي تضع كفها اليمين على خده اليسار وتطبع قبلة رقيقة شديدة العذوبة على طرف شفته من ناحيتها اليمنى
ناصر انتفض داخله بعنف.. لم يتوقع أن تقبله بهذه الطريقة الحميمة
توقع أن السلام لن يتجاوز تقبيل جبينه أو وضع خدها على خده مجاملة لوجود مشعل ليس إلا..

مشاعل همست له برقة وخجل: الحمدلله على سلامتك

رد عليها بصوت هادئ مسموع رغم إضطرابه الداخلي من حركتها الجريئة غير المتوقعة:
الله يسلمش

ومشعل يبتسم عند الباب: يالله يا جماعة تصبحون على خير

لم ينتظر ردا وهو يخرج ويغلق الباب خلفه

مشاعل كانت تذوب داخليا.. لا تستطيع رفع عينيها في ناصر بعد الذي فعلته
ولكنها شعرت أن هذا ما يجب أن تفعله حتى لا يشعر أنها مجبرة على السلام عليه

ناصر تجاوزها وجلس على الأريكة وهو يضع عكازيه بجواره
مشاعل اقتربت منه وهي تمسك عضدها اليسار بيدها اليمين كحركة للتماسك وهي تهمس: تعشيت؟؟

ناصر يلقي غترته جواره ويقول لها ببرود: تعشيت.. ولو ما تعشيت.. تطمني.. ماني بطالب منش عشا

مشاعل شعرت بألم حاد يخترق روحها.. همست له بمرارة: ناصر ليش تقول كذا؟؟

ناصر بذات البرود: اسمعيني يا بنت الناس.. أنا داري إنش عايفتني
لا تجين تقولين ذا الحين إني حليت في عينش..
لأني مستحيل أصدقش لو مهما سويتي من الحركات البايخة مثل الحركة اللي سويتيها قبل شوي

مشاعل بألم: حرام عليك ناصر تظلمني..أنا بس كنت مستحية منك
وصدقني اللي صار لك ماغير من نظرتي لك شيء.. أنت عندي شيخ الرياجيل أول و تالي..

ناصر نظر لها بغضب كاسح وهو يقول بنبرة غضب حادة:
أنتي لا تحسبين إنه عشان رجلي انقصت غديت ضعيف لش وإلا لغيرش
أدري إني شيخ الرياجيل برجلين وإلا وبوحدة.. وما أنا باللي بينقص مرجلتي قص رجلي.. هذاك الرجّال الناقص مهوب أنا
وأنا مستعد ذا الساعة أطلع من عندش وأرجع عقب ساعة متزوج شيختش اللي تسواش واللي هي وأهلها يعرفون يقيمون الرياجيل..
وهذا هو اللي بيصير.. بس مهوب ذا الحين.. بعدين ..
وانتي لين ذاك الوقت مالش شغل فيني..
اعتبرني نفسش ضيفة هنا.. حشمة لعمي عبدالله ومشعل.. وعقب شهر شهرين توكلي على الله وارجعي لهلش

مشاعل بهتت.. بهتت تماما.. توقعت الكثير.. ولكن ليس هذا
وليس بهذه القسوة والتجريح..
لم تعد تستطيع الوقوف.. قداماها تذوبان.. وجسدها يتهاوى
جلست بعيدا عنه
وهي تراقبه يتناول عكازيه ويقف عليهما
ويبتعد عنها لداخل الغرفة

مشاعل شعرت برغبة ملحة في البكاء
توجهت للغرفة الأخرى
كانت غرفة خالية لم تفرش بعد
أغلقت الباب
وجلست في الزاوية على الرخام البارد
وانخرطت في بكاء حاد


بيت مشعل بن محمد
غرفة مشعل ولطيفة

مشعل يدخل وعيناه تبحث فورا عن لطيفة
كانت على مكتبها تدرس
اقترب منها وسلمّ
ثم وقف خلفها ووضع يديه على كتفيها وهو يلصق خده بخدها ويهمس:
شأخبار طالبتنا النجيبة؟؟

لطيفة تحتضن خده بكفها وهي تهمس بتوتر: متوترة شوي.. بس هذا أنا أدرس

مشعل ابتعد قليلا ليبدل ملابسه ويصلي قيامه همس لها وهو يبتعد: ما ينخاف عليش يا قلبي

كان مشعل على وشك دخول الحمام حين تذكرت لطيفة شيئا:
مشعل

مشعل توقف: هلا حبيبتي

لطيفة برقة: فديتك حمودي يبي يعيد اشتراكه في نادي الكاراتيه.. تدري اشتراكه انتهى قبل الامتحانات.. وانت قلت منت براجع تجدده لين يخلص الامتحانات
وهذا هو خلص

مشعل بثبات: وليش هو ما قال لي؟؟؟.. لطيفة يا قلبي.. ثاني مرة يطلب منش شيء تقولينه لي
قولي له هو يطلبه مني.. ما أحب إنه يخليش واسطة بيننا.. أو يصير يستحي مني أو يحط بيني وبينه حاجز
سواء حمود أو عبود أو حتى البنات

لطيفة بابتسامة شاسعة: إن شاء الله يا قلبي

بيت فارس بن سعود
غرفة فارس


مازال جو التوتر يشيع في الأجواء
فارس أنهى صلاة قيامه في الصالة
وهي كانت تصلي في الغرفة

مر وقت ما وكلاهما معتصم بمكانه
فارس يتمنى بالفعل لو كان يستطيع أن يصارحها بعمق مشاعره ناحيته
أن يتوقف عن معاملتها بهذه القسوة التي لا يقصدها
ولكنها طباعه السيئة التي هو عاجز عن تغييرها بين ليلة وضحاها

قرر أن ينهض أخيرا.. دخل عليها
كانت تجلس على التسريحة تمشط شعرها..

فارس جلس على طرف السرير
كان يراقبها بتمعن
كانت تبدو سارحة في عوالم أخرى
لم تنتبه لدخوله حتى
ونظرة حزن عميق ترتسم على محياها الوضيء

فارس تنهد بعمق
كم يؤلمه آلمها..
والمؤلم حقا أنه لا سبب حقيقي لكل هذا سوى قسوته وكبريائه التعيسان

فارس همس: العنود

العنود انتفضت وهي تهمس بتلقائية: لبيه

فارس بحنان: لبيتي في مكة.. تعالي هنا أبي أقول لش شيء



مر وقت ما
طويل ربما.. قصير ربما
ومشاعل تبكي.. لم يخرجها من صومعة بكاءها سوى إحساسها الشديد بالبرد
فالغرفة كانت شديدة البرودة وملابسها خفيفة
قررت أن تخرج أخيرا
تحتاج أن تستحم وتصلي
مرت بالصالة نظرت لنفسها في المرآة الضخمة التي تتوسط الصالة
شكلها يبدو مرعبا من ذوبان كحلها على خديها

لا تريده أن يراها على هذه الحال
أي عروس هذه التي لم تجف دموعها من ليلة عرسها؟!!

دخلت تتسحب بهدوء
توقعت أن يكون نائما..
ولكنه كان يقرأ في المصحف.. ولم يرفع رأسه ناحيتها
تناولت روبها وفوطتها ودخلت للحمام
بعد خروجها تناولت سجادتها وثوب صلاتها وخرجت من عنده
وصلت في الصالة

أنهت صلاتها
ثم جلست تفكر.. كان بودها أن تتصل بلطيفة لتستشيرها
ولكن الوقت كان متأخرا جدا
وهي تشعر بالخجل أن تزعجها.. فقد تكون نائمة..
لم تعرف كيف تتصرف معه.. يستحيل أن توافق على سخافاته
"ضيفة.. وشهرين.. ثم يتزوج"
تعلم أنه مجروح منها
لا تلومه.. وتلومه في آن
فهو كان يعلم أنها خجولة.. ولكنه أساء تفهم خجلها
ولكن لم يعد هذا وقت العتب
فزواجها على المحك.. وهي تعلم أنها لو خسرته..فيستحيل أن تجد رجلا مثله
أين تستطيع أن تجد رجلا بإيمانه وقوته وصبره وعبق رجولته الحقيقي
لابد أن تخوض معركتها وحيدة لاستعادته
ويستحيل أن تخسر
يستحيل

تنهدت بعمق وهي تعود للداخل
كان قد تمدد على السرير وهو ينام على جنبه اليمين ووجهه لطرف السرير الآخر
وكان اختار هذا الطرف لأنه الاقرب للحمام
أخذت لها بيجامة من الدولاب
أرتدتها.. ثم عادت للتنهد للمرة الألف وهي تحاول بث عزم جديد في عروقها
كانت تخشى أن يطردها وهي بذاتها تكاد تذوب من الخجل

توجهت للناحية الأخرى من السرير واندست فيه وهي تنام على جنبها اليمين
وتعطيه ظهرها وهي تضم كفيها لصدرها وتدعو الله بعمق
تفاجأ ناصر منها بل صُدم.. ولكنه صمت
كان بوده أن يطردها... أو يقوم هو لينام في مكان آخر
ولكنه شعر أن الأولى نقص في المروءة والثانية نقص في الشجاعة
وليس هو بقليل المروءة أو قليل الشجاعة
بل لديه حظ وافر منهما كلاهما
لذا أكمل تمتمته بأذكاره وهو ينظر لظهرها الضئيل وعظمتي كتفيها الرقيقين الباديتين من تحت حرير بيجامتها الزرقاء


 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-07-2010, 08:43 AM   #70 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5500 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 14061
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



انا : قمرهم كلهم


بيت فارس بن سعود
غرفة فارس والعنود


العنود تقدمت بضع خطوات استجابة لنداء فارس لها

فارس بعمق وهو يشير جواره للناحية الأخرى من السرير: تعالي جنبي

اقتربت بتردد وخجل وجلست

فارس أمسك بكفها واحتضنها وهمس لها بعمق هادر:
حبيبتي أنا مهوب قلت لش إني غريب.. واستحمليني شوي.. أنا مايهون علي زعلش

العنود بحزن شفاف: وأنا جد حبيبتك يافارس؟؟.. وإلا كلمة ومقيولة؟؟

فارس بنبره وله حقيقي لأول يستطيع التعبير بها: إلا حبيبتي وحبيبتي..وحبيبتي

العنود بذات نبرة الحزن الرقيق: زين واللي يحب حد يعامله بذا القسوة.. لو كنت تكرهني وش سويت فيني؟؟

فارس ترك يدها ليضع كفه على خدها ويهمس لها: أنا أطباعي شينة.. أدري
وصعب أتغير بين يوم وليلة.. لكني عشانش مستعد أقط روحي في النار
انتي منتي بمستعدة تحملين شوي عشاني؟!!
ثم أكمل بنبرة مقصودة: وإلا عشان أنا مالي قيمة في قلبك منتي بقادرة تستحمليني؟؟

العنود انتفضت بجزع وهي تضع إصبعها الناعم على شفتيه لتقول برقة: ما أسمح لك تقول كذا

فارس قبل طرف إصبعها بعمق وعيناه تغرق في بحر عينيها
البحر الذي يتمنى أن يعيش عمره غريقا بين أمواجه
لا يريد أن ينقذه أحد.. بل يريد أن يغرق أكثر.. وأكثر
أن يسكن بحر هاتين العينين وقلب صاحبتها
أن تكون له..
له وحده


غرفة ناصر ومشاعل

ناصر يصحو لصلاة الفجر.. يشعل النور المجاور لسريره ليتناول عكازيه
ينظر ناحية ضيفته.. ضيفته كما يقول
تبدو مرتاعة حتى وهي نائمة
كما لو أنها عانت الكوابيس حتى نامت..
شعرها الحريري القصير تتناثر خصلاته على وجهها
وعلى طرف عينها تغفو دمعة يابسة فرت من حساب الزمن

تنهد ناصر..
لِـمَ تستفزه لإخراج مساوئه؟؟
لم يكن يوما قاسيا هكذا على أحد
لا يشعر ناحيتها سوى بنفور شديد
يتمنى أن ينهي صفحتها من حياته بأسرع وقت
أن تكون صفحة وتنقضي
ليبدأ حياة جديدة مع امرأة أخرى تكون راضية به منذ البداية
لولا أنها ابنة عمه أو ماكان ليتحمل وجودها لدقيقة واحدة

تنهد مرة أخرى وهو يقرب عكازيه منه
وينهض
ويتجه للحمام ليتوضأ
شعر بدوار شديد نتيجة للأدوية التي مازال يتناولها
سقط والعكازان يحدثان وقعا مدويا
قفزت مشاعل من السرير مرعوبة
لتصدم برؤيته على الأرض وهو مقطب الجبين من الدوار..و يحاول التماسك وتقريب عكازيه منه

مشاعل اقتربت منه بتلقائية يحركها رعبها عليه لتدخل يديها تحت إبطيه لتساعده على الوقوف
رغم أنها أساسا محاولة فاشلة فمن هي في حجمها الضئيل يستحيل أن تُنهض من هو في طوله الفارع
ولكنها كانت أبعد من تكون عن التفكير بالتحليلات المنطقية

ناصر نهرها بقسوة حقيقية: وخري.. أنا مهوب قايل لش مالش شغل فيني

قالها وهو يقرب عكازيه ويتجلد للوقوف
ليقف فعلا ويكمل طريقه للحمام

ويتركها تحتضن نفسها ألما وحرجا وفراغا مرا
وكالعادة تشعر برغبة ملحة للبكاء
غادرت الغرفة وتوجهت للغرفة الأخرى وهي تحتضن هاتفها
أغلقت على نفسها الباب واتصلت
حين رد عليها الطرف الآخر بدأت بالبكاء وهي تشهق وتقول:
مهوب طايقني.. مهوب طايقني

لطيفة وقتها كانت تنتظر خروج مشعل من الحمام لتتوضأ
حين رأت هاتفها يرن ويلمع باسم مشاعل في هذا الوقت علمت أن وراءها أمرا
لذا خرجت بهاتفها لغرفة بناتها وردت عليها وهي تخرج:
يا بنت الحلال استهدي بالله.. الرجّال توه واصل البارحة
"قال قوه قال توه"
أنتي تبينه على طول يطيح اللي في رأسه.. مايكون مشعلي أصيل

مشاعل بين شهقاتها: بس أنا ماسويت له شيء عشان يعاملني كذا

لطيفة تتنهد: ياقلبي يا مشاعل.. توش ما شفتي شيء
وإذا أنتي من أولها كذا فأنتي الخسرانة

مشاعل تتماسك: خلاص بأقعد عنده بس بأقعد في الغرفة الثانية بأفرشها وأقعد فيها

لطيفة بتحذير: إياني وإياش تسوينها.. حتى لو أنتي شايفة إنه مهوب طايقش على قولتش خليه يتعود عليش.. التعود أحيانا أقوى من الحب
خليه يحس إنه ما يقدر يقعد من غير حركتش حوله ووجودش جنبه.. حتى لو كان ما يكلمش
إسأليني... مشعل حتى أيام كنت أظن إنه مهوب حاس فيني.. ماكان يرضى أنام عند هلي.. وانتي بروحش تذكرين
تدرين الحين وش يقول لي... يقول كان مستحيل أدخل البيت وأنتي منتي بفيه
يقول ما كنت أعرف أفسر ليه.. بس البيت من غيرش يضيق الصدر كنه قبر
حسسي ناصر إن المكان من غيرش قبر.. لا تصيرين مدمغة.. وعند أول موقف تستسلمين



مشاعل مسحت دموعها وكلام شقيقتها يهدي كثيرا من روحها المرتاعة
عادت له في الغرفة
كان يلبس ثوبه على فنيلته وسرواله الأبيضين اللذين نام بهما
تجاوزته ودخلت الحمام دون أن تنظر له حتى لا يرى وجهها المحمر
همست وهي عند باب الحمام: أنت بالعادة تحب تفطر عقب الصلاة أو عقب؟؟

ناصر ببرود: إذا بغيت أفطر.. أفطرت عند أمي وإلا في المجلس.. قلت لش ما أبي منش شيء

مشاعل بسكون: والله أنا بأسوي مثل ما تعلمت في بيت هلي لين أرجع عليهم ريوقك بأسويه.. بغيت تأكل وإلا براحتك


غرفة فارس والعنود
الساعة 8 صباحا

العنود تتحرك بهدوء حتى لا تزعج فارس المستغرق في النوم
تلبس ملابسها استعدادا للذهاب للجامعة
فاليوم أول اختباراتها

فارس صحا من نومه
قبل أن يفتح عينيه مد يده جواره.. وجد مكانها خاليا
فتح عينيه بكسل وهو يتلفت بحثا عن طيفها الأثير
طيف فاتنته
وجدها أمام المرآة تضع واقي الشمس
اعتدل من نومه وهو يعدل المخدة خلف ظهره ويتسند.. ينظر لها ويبتسم
همس: صباح الخير ياقلبي أحلى صباح على عيونش

العنود ألتفتت له.. نهضت.. نظرت له مليا وهي تبادله الابتسام.. نهضت اقتربت منه وطبعت قبلة على خده وهي تهمس:
صباحك أحلى.. أول مرة أشوف واحد صاحي من النوم ويكون حلو موت كذا

فارس يشدها ليجلسها جواره: بلاها سالفة حلو ذي.. لا تطلع سكوني عليش

العنود تبعثر شعره بشقاوة وتهمس: أما أنك غريب.. حد يزعل من سالفة إنه حلو

فارس يشدها لصدره ويطبع قبلة على شعرها وهو يقول: أنا أزعل.. أنتي بنت وقمر ينقال لش ياحلوة
بس أنا اللي يقول لي حلو.. أقص لسانه
أنتي أول حد أعديها له.. وترا مهوب كل مرة أعديها

العنود احتضنت خصره بشدة ثم أفلتته وهي تقول: يا الله هدني لا تأخرني

فارس أفلتها وهو يقول باستغراب: وين بتروحين؟؟

العنود نهضت وهي تعود للمرآة وتقول بتلقائية: الجامعة.. اليوم أول اختبار عندي

فارس بغضب مفاجئ: وبدون ما تصحيني أو حتى تقولين لي.. ومن اللي كان بيوديش؟؟

العنود توترت وهي تهمس: سواقة مريم

فارس نهض وهو يرمي الغطاء بغضب: ليه ماوراش رجّال كنتي بتخلينه مكبر المخدة بدون حتى ما تعطينه خبر

(يامسرع ما يقلب ذا الرجّال.. قبل شوي يهبل)
همست العنود بخجل: محشوم فارس.. أنا حنيتك بس

فارس بنبرة حادة: لا.. لا تحشميني إذا هذي الحشمة عندش
متى امتحانش؟؟

العنود بخفوت: الساعة 10

فارس يتوجه للحمام: خلاص ربع ساعة بس أغسل وأتوضأ وأصلي الضحى وأوديش

حين خرج من الحمام كانت العنود تضع بعض الكحل داخل عينيها
فارس بغضب: وش تسوين؟؟

العنود بهمس: نقزتني.. وش فيك؟؟

فارس من بين أسنانه: امسحي الكحل اللي حطيتيه

العنود برجاء: فارس حبيبي.. ربعي دارين إني عروس من أسبوع بس..
أشلون تبيهم يشوفوني مغبرة.. وبعدين أنا ما أحط نقابي في الجامعة
والسالفة كلها شوي كحل داخل العين

فارس بذات نبرة الغضب المكتوم: العنود أظني قلت لش قبل إني ما أعيد الطلب مرتين

(يعني معقولة هي مهيب دارية إن عيونها تذبح بدون كحل
تبي تكحل بعد؟!!
تبي تجلطني ذي!!)

العنود شعرت بالمرارة من طريقته الحادة في الأمر.. مسحت الكحل تماما
وهو يصلي ركعتي الضحى
فور انتهائه كانت قد انتهت من لبس عباءتها
توجه للبس ملابسه.. كان يحكم إغلاق زر كمه حين اقتربت منه ووقفت على أطراف أقدامها.. وهمست عند أذنه برقة:
ترى فيه أسلوب ثاني للطلب ويؤدي لنفس النتيجة بس بدون ما يجرح
أو أنت ما تعرف إلا الأسلوب الجارح وبس

فارس مازال يعطيها ظهره وهو يقول بهدوء: والمعنى؟؟

العنود ابتعدت لتتناول كتابها وحقيبتها وهي تقول بنعومة رغم مرارتها الداخلية:
يعني لو قلت لي بهدوء: ياحبيبتي أنا أغار عليش.. وابي حلاتش لي بروحي
كنت قصيت علي.. وأنا سويت كل اللي أنت تبيه وأنا مبسوطة


بيت ناصر بعد صلاة الفجر

ناصر عاد ومشاعل في المطبخ
لم يقل لها شيء ولكنه عاد للنوم
حين انتهت من إعداد الإفطار كأفضل ما يكون وجدته نائما
عادت ووضعت الفطور في حافظات ليبقى ساخنا وغطت العصير
وأعدت القهوة والشاي والكرك والحليب الطازج في حافظاتها
فهي لا تعلم بعد ذوقه في الإفطار وماذا يحب أن يشرب
ولا تريد أن يكون يريد شيئا ولا يجده جاهزا
رتبت كل شيء على طاولة الطعام التي تأخذ لها زاوية في الصالة
ثم استحمت وتمددت جواره

نهضت حوالي الساعة التاسعة والنصف
لم تجده جوارها
توقعت أن يكون جالسا في الصالة.. توضئت وصلت ضحاها
خرجت ولم تجده.. ووجدت الفطور على حاله لم يلمس
المشكلة أنها لا تعرف رقم هاتفه حتى تتصل به
حتى وإن كانت تعرف.. هل ستتجرأ وتفعلها؟!!

قضت الوقت في الترتيب.. ثم في التأنق
تأنقت لأقصى حد.. رغم أنها بعادتها ليست من هواة تلوين الوجه
أرتدت لها جلابية خليط من الحرير والدانتيل التركواز وأوراق الشجر المصنوعة من قماش الكريب البرتقالي
لأنها تريد التوجه لبيت عمها ولابد أن تلبس شيئا واسعا
بعد أن صلت الظهر قررت الذهاب لأم مشعل لتتغدى معها ومع مريم
لأنها تعلم أن ناصر لابد سيتغدى في المجلس كعادة كل رجال آل مشعل
ارتدت جلالا كبيرا على رأسها وأغلقت باب بيتها وتوجهت لهم
فتحت باب بيتهم.. كان هناك رجلا يجلس بجوار أم مشعل
لم تستطع تبينه بسبب كثافة قماش الجلال
تراجعت وهي تقول بخفوت: بأرجع بعدين يمه

أم مشعل نادتها: تعالي يأمش.. هذا ناصر
توترت..بل توترت بشدة.. خافت أن يحرجها أمام والدته
ولكنها مضطرة للدخول.. دخلت وهي تتمتم بسلام مرتبك
وتنزل جلالها وتطويه وهي تعيد شعرها خلف أذنها
ولكنه لا يلبث أن يعود للانسدال على وجهها خصوصا عندما مالت للسلام على أم مشعل وينحدر شعرها كاملا للأمام
كانت تسرق نظراتها للجالس جوار والدته.. لم ينظر إليها.. أو هكذا بدا لها
وإن كانت رائحة عطره التي بدأت تألفها اخترقتها تماما
همس من قرب: موب أحسن لو تلمين شعرش ضايقتي أمي فيه

مشاعل شعرت بحرج شديد وهي تحاول بكلتا يديها إرجاع خصلاتها القصيرة للوراء وتلمها بكلتا يديها وهي تهمس بخجل: المرة الجاية بأربطه

أم مشعل تبتسم: من اللي بيتضايق من غزل ذا الأرينب المعطر ماشاء الله تبارك الله

مشاعل جلست بعيدا عنهما وهي تحاول ابتلاع حرجها الشفاف
أم مشعل وقفت وهي تقول بمودة: مشاعل تعالي اقعدي جنب رجّالش
أنا بأروح أشوف الخدامات وش سوو في غداء الرياجيل

مشاعل وقفت وهي تقول باستنكار: والله ما تروحين وأنا قاعدة.. أنا بأروح أشوف الغداء

أم مشعل باستنكار وحزم أكبر: استغفري ربش.. أنتي اللي والله ماتروحين
تبين تحوسين ريحتش الحلوة من ريحة المطبخ
اقعدي يأمش.. ياما جاي لش من المطابخ وغثاها.. اقعدي

مشاعل جلست وهي تشعر بالضيق وتكثر الاستغفار لاستعجالها بالحلف
وتقرر أن ترسل السائق العصر لدفع إطعام عشرة مساكين في مقر الجمعية القريب منهم

(ياشين الذرابة عليش.. صدق ممثلة درجة أولى)
كان صوته الساخر يرتفع بعد خروج والدته

مشاعل انتفضت بعنف: تكلمني؟؟

ناصر ينظر لها بنصف عين: ليه فيه حد غيرش هنا
لا أكون أكلم الطوفة بس..

مشاعل ترد بهدوء مثير: والله أنت قايل لي مالي شغل فيك
حسبت الكلام يدخل ضمن الاتفاق.. ودام أنا وحدة مالي شغل فيك
المفروض أي شيء أسويه ما يهمك.. أمثل ما أمثل شيء راجع لي

ناصر بسخرية حادة: والله طلعتي تعرفين تصفين حكي.. تصدقين.. كنت أحسب إنش ماتعرفين تقولين غير كلمة ورد غطاها
بس يظهر كله تمثيل في تمثيل وأنتي ما ينعرف اللي وراش

مشاعل وقفت واتجهت نحوه لتلتقط علبة المحارم الورقية من أمامه
وتميل عليه وتهمس بنبرة مدروسة: زين.. تحذر من اللي ما ينعرف وش اللي وراها
لا تباغتك بحركة أنت منت بمتوقعها

مرت دقيقة متوترة بين الاثنين وهما يتبادلان النظرات الغامضة
خليط من الكراهية والأمل والغضب والتحدي

مشاعل أخذت لها محرمتين وعادت مكانها وداخلها يذوي ويذوب خجلا وارتباكا
لا تعرف أي جرأة واتتها لتقول له هذا الكلام.. وتتصرف هذه التصرفات
أي جنون بات يحركها ويسير تصرفاتها؟!!

ناصر مازال مصدوما منها.. كل تصرف منها يفاجئه تماما
حين ترك لها الفطور صباحا دون أن يلمسه
توقع أنها ستقضي طول اليوم مغلقة الباب على نفسها وتبكي
فهو قصد أن يظهر لها عدم اهتمامه بها وبأي شيء تفعله
ولكنها فاجأته بالحضور هنا
وحين أحرجها بشكل مقصود.. توقع أن تنسحب وتجرجر أذيال خيبتها وأشتات حزنها ولكنها فاجأته للمرة الثانية

وليس مستعدا للمفاجأة الثالثة.. لذا وقف وهو يتعكز على عكازيه ويقول لها بحدة:
قولي لأمي تعطي الخدامة العود تعطيه لواحد من الصبيان يعطينا إياه في المجلس

مشاعل وقفت وهي تقول بسرعة: زين بأجيب لك بسرعة عود من عندي

ناصر بحدة أكبر: يا حبش للقافة.. عاجزة تقولين لأمي اللي أنا قلته لش؟؟
قعدت أنا لين تجي

مشاعل أمسكت عضدها اليسار بكفها اليمين.. حركتها التي تلجأ إليها حين تشعر أنها تحتاج للتماسك.. الحركة التي بات يلاحظها
وهي تنزل رأسها في الأرض وتهمس بمرارة محرجة: خلاص إن شاء الله


مواقف جامعة قطر
الساعة الواحدة إلا ربع ظهرا

فارس يصل لأخذ العنود بعد إنهاءها لامتحانها
وهاهي تركب جواره وهي صامتة رغم أن غضب صاخب يتعالى في روحها
لأن صديقاتها اللاتي لم يرين زوجها في ليلة زواجهما
أصررن جميعا أن يبقين معها حتى يرينه حين يحضر ليقلها
أطلقن عشرات التعليقات المرحة ولكنها آذتها وأشعلت نار غيرتها للحد الأقصى

"نعنبو.. هذا سكري عليه في البيت.. خطر يتحرك في الشوارع.. يسبب أزمة سير"

" ما تسلفيني إياه شوي.. بس أصور جنبه تكفين"

"مايصير توصلينا ؟؟"

"آه ياقلبي.. فيه رجّال حلو كذا؟!!"

" ترا احنا كل يوم نبي نسير عليكم لا وسيارتنا تعطل.. ونبي أبو الشباب يوصلنا
مايصير تخلونا نتلته في الليول"

لم تسلّم حين ركبت.. فارس التقط كفها واحتضنها بقوة بين أنامله وهو يهمس:
الحلو عاده زعلان حتى سلام ماسلم

العنود بنبرة غضب حقيقية غير معتادة: إيه زعلانة.. وما أبيك تجي تأخذني من الجامعة عقب اليوم ولا حتى توديني

فارس نفض يده من يدها وهو يقول من بين أسنانه: اقصري حسش تراني ماني بأصغر بزرانش..
وأما عاد إنش تبين تمشين شورش علي.. فهذا مابعد جابته أمه

العنود توترت.. تعلم أنها ليست حملا لغضبه.. ولا تستطيع أن تخبره أنه لا تريده أن يحضرها من الجامعة لأن صديقاتها أشبعنه تغزلا

شبكت يديها في حضنها وصمتت وألم عميق يخترم روحها.. وهو صمت وألم مشابه يغزو قلبه المثقل بحبها
يتمنى أن يستطيع احتواءها لمرة دون أن يغضب
أن يسمح لها أن تعبر أن ضيقها أو غضبها دون أن يكبتها بهذه الطريقة الموجعة

ظل الصمت هو شعارهما طوال الطريق
حتى وصلا للبيت وهو يقول لها بهدوء: انزلي.. بأروح للمجلس أتغدى
وترا ماني براجع إلا في الليل.. مشغول شوي
ادرسي امتحانش عدل

لم يكن لدى فارس أي مشاغل.. ولكنه بات يشعر أنه ربما ينشر طاقة سلبية تؤثر على استذكار العنود
لذا يريد أن يتركها طوال النهار لتدرس بعيدا عن تأثيره السلبي

القاهرة
مصحة حمد النفسية
قبل المغرب بقليل

باكينام تنهي زيارتها لحمد
الذي زارته خلال الأيام الماضية مرتين
رغم سعادة حمد بزيارتها إلا أنه يشعر بالحرج من عدم إحضارها لزوجها
رغم طلبه الحقيقي المتكرر أن تكون الزيارة القادمة لابد معه
وباكينام تتحجج أن يوسف مشغول بالتجهيز لحفل زواجهما القريب

والحقيقة أن تغيرا شاملا انتاب يوسف
فهو ماعاد يهاتفها أو يزورها
والكل انتبه لهذا وخصوصا جداتها
وعذرها الدائم هو إنشغاله في الترتيب لحفل زواجهما

ولكن وصلها بالأمس اتصال متأخر غريب منه
كان صوته مرهقا.. وشعرت أن أوتار قلبها تتهاوى مع نبرات صوته المتعبة
وهو يهمس لها: باكينام إحنا خلاص مش بائي على فرحنا حاجة
عندك حاجة حابة تئوليها لي.. لأنو دي هتكون فرصتك الأخيرة

باكينام باستغراب: بصراحة أنته غريب أوي
تغيب تغيب.. عشان تتصل وتئول لي الكلام الغريب ده
لو عندي حاجة عاوزة أئولها.. هأئولها.. مش هأطلب إزن للكلام

يوسف بذات النبرة المتعبة ولكن تخللها بعض الغضب هذه المرة:
طيب باكي.. تصبحي على خير


وهاهي تخرج من المصحة وتركب سيارتها وبالها مشغول مع كلام يوسف
بعد أن اعتذرت كثيرا من حمد أن هذه ستكون زيارتها الأخيرة
لأنها مشغولة كثيرا في تجهيز فرحها
وحمد هنأها بعمق وصدق.. ووعدها أن يرسل لها وردا يوم زواجها
كانت على وشك تشغيل السيارة حين فوجئت بالباب الجانبي يفتح
وجسد ضخم ينسل للمقعد المجاور
وصوته الغاضب.. الغاضب بصورة لم يسبق مطلقا أن سمعتها يصل لأذنها هادرا متوحشا وهو يعتصر بقوة معصمها الممتد لمكان مفتاح السيارة:
لحد هنا وكفاية.. كان ممكن أسامحك على أي حاجة إلا أنك تخبي علي حاجة زي دي

ئولي لي إيه اللي بينك وبين الراجل اللي اسمو حمد جابر



 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:22 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0