عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2010, 03:08 AM   #1 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5110 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13850
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

الحياة والنور أصل صحة القلب



الحياة والنور أصل صحة القلب




قال الشيخ: القلب السليم إذاً هو قلب يجمع بين المعرفة والمحبة والعزيمة، والمعرفة تقتضي إدراكاً صحيحاً، والمحبة تقتضي الحياة أولاً ثم التعلق بما وصل إليه الإدراك بأنه نافع أو لذيذ أو حسن، والعزيمة تقتضي الصحة من كل ما يعيق العمل الصالح، من هنا يقول الحق سبحانه وتعالى: (أَوَمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به بين الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) الأنعام 122، فالحق سبحانه وتعالى يذكر هنا في الآية الكريمة الحياة والنور، فالحياة صحة القلب التي تبنى عليها صحة ادراكاته وتذوقاته وأحكامه ثم شدة تعلقه ثم عزيمته وحفزه على العمل، والنور هو الهداية الربانية التي يوفق إليها أصحاب القلوب الحية السليمة.

والحياة بما تعنيه من صحة الإدراك والتذوق هي أصل الاستقامة والحياء والعفة والشجاعة واستحسان الحسن والنفور من القبيح، ومنه قول عبدالله بن مسعود (هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف وينكر به المنكر)، والنور الذي هو الهداية التي أكرمنا الله بها بالقرآن العظيم والرسول الرحيم محمد صلى الله عليه وسلم، والذي هو من توفيق الله لمن شاء، إذا أشرق في القلب بانت له الحقائق وتعلق بأصل كل خير وحق وجمال.

فالكفر أو الفسوق أشبه بالموت إذ لا يبقى إلا الجسد وهو يرمح في ظلمات حيرته أو لا مبالاته وشهواته، في حين أن الاستقامة على شرعة الله هي عين الحياة الطيبة، حيث إدراك سر الحياة ومالها وقيمتها في عمر الوجود، فتنقلب الحياة الى مزرعة للآخرة دون أي حرمان من طيبات الدنيا ولكن دون ظلم أو عدوان.

إذاً فلكي يكون القلب سليماً يجب أن يكون صحيحاً وحياً ومناراً، إذ بهذا وحده ينفر من القبيح ويميل إلى الحسن، والقلب في الأصل مفطور على الحياة والنور إلا ان طرأ طارئ فجعله سقيماً مظلماً، ونحن في زمن اليوم ما أكثر ممرضات القلب فيه وما أكثر الظلمات التي يمكن أن تعشش فيه، من هنا وجب البحث عن أسباب صحة القلب وسقمه.

والحق سبحانه وتعالى جمع بين الحياة والنور كأصلين للحياة الطيبة والنجاة في الآخرة في أكثر من موقع فقال في كتابه الكريم (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي الى صراط مستقيم) الشورى 52.

فالوحي هنا يأخذ اسم الروح لأن فيه حياة القلوب، وهو نور يملأ القلب ويفيض على البصيرة والوعي وحسن التصرف الحكيم مع أحداث الحياة وبما ينجي في الاخرة.

ومثله قوله تعالى (أَوَمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) الأنعام 122، فالكفر موت وظلمات من حيث انعدام أسباب الحياة الطيبة والصراع مع الحياة دون سند أو مدد، فما هي إلا لذات سرابية وأهداف ان استطاع المرء تحقيقها تركها لغيره وغادر إلى قبره، وان لم يستطع بقيت في نفسه حسرات الى أن يغادر الحياة فيخسر الدنيا والآخرة، أما الهداية فهي النور الذي يمشي به بين الناس فيزيده شرفاً وقبولاً بينهم، ثم ان هو غادر الحياة رافقته هذه الانوار الى قبره فيأنس بها في عالم البرزخ ثم يحشر بها كما ذكر الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم ليتعرف عليه من بين الخلائق وهي من أثر الوضوء.

قد يقول قائل ما هذا إلا نوع من البيان أو الإنشاء التعبيري فكيف يكون المرء حياً وقلبه ميت؟ وما الفرق بين قلب منار وقلب مظلم ونحن نرى كثيرين من أصحاب القلوب المظلمة ؟حسب تعبيركم- سعداء في حياتهم، نقول: إننا هنا أمام حقائق يؤكدها القرآن الكريم وهي حقائق تربط الحياة والنور بالقلب المؤمن وتربط الموت والظلمات بالكفر والعصيان، إذ يكفي الكافر موتاً انه كما قال ابن القيم (لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها من مكروه).

أما ما يتوهم من سعادة الكفار في الدنيا فذلك لأنهم لم يذوقوا طعم السعادة الحقيقية، سعادة الأنس بالله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك التي قال عنها بعضهم: لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها.


 

رد مع اقتباس