عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2010, 02:55 AM   #6 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5116 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13851
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: روايه ""بكاء تحت المطر""



ما أن نهضت من النوم صباحاً حتى فوجئت بهاتف من أم خالد.. جاءني صوتها المضطرب:
ــ أسرعي يا دكتورة.. خالد.. لقد عاودته النوبة.. إنه يحاول قتل نفسه..
ارتديت ثيابي على عجل وعشرات الأفكار تدور في رأسي.. وعرفت الدموع طريقها في عيني، وأنا أفكر ترى هل نجحت محاولته هذه المرة وقتل نفسه.. قتل نفسه قبل قبل أن أنقذه..
تمتمت بدعواتي إلى الله أن يحميه..
استقبلتني أم خالد على الباب جازعة.. سألتها بقلق.. :
ــ أين خالد؟
أشارت إلى أحد الأبواب في صالة الاستقبال الفسيحة.. كان الباب موارباً.. دخلت وأنا أرتعش..
فوجئت بهيئته العامة.. فقدت عيناه بريقهما المحبب، واتسعت حدقتهما خوفاً ورعباً.. كان وجهه أحمراً ملتهباً والعرق الغزير يغرق وجهه ويبلل صدره.. كلا.. إنه ليس عرقاً..إنها دموع.. دموع خوف ورجاء وتوسل.. إنه يبكي ولا يدري علام يبكي.. إنه في قمة معاناته النفسية.. في قمة عقدته ومأساته..
رأيت شقيقته إلى جانبه تبكي وقد مسكت بزجاجة دواء أخفتها بين طيات ثيابها..
أشارت إلى الزجاجة بحزن قائلة:
ــ إنه يحاول الانتحار..
التفت بغتة لي.. والتقت عيناه الخائفتان المهزوزتان بعيني الثابتة القوية.. ركزت نظراتي في عينيه وكأنني أثبت له بأنني رأيته في هذه الحالة..
وهذا شيء معروف في الطب النفسي.. فكثير من الأخصائيين يحاولون الوقوف على نقطة الضعف التي تمر بمرضاهم.. يحرصون أن يروهم في تلك الحالة وأن يتأكد المريض بأن الطبيب قد رآه في حالته تلك، وهذا هو الأهم كي يستسلم المريض تماماً لطبيبه، ويساعده ذلك على دفع العقدة التي تحتل عقله الباطن إلى التحرر، فتطفو على السطح ليعيها العقل ويشعر بتفاهتها وبساطتها فيحل السلام الداخلي ويشفى المريض..
وقد حققت هدفي رآني خالد وقد رأيته وهو في قمة عجزه وضعفه ومرضه..
اكتفيت بهذا وقلت له بصوت آمر:
ــ اليوم الساعة الخامسة عصراً..
أشار برأسه علامة الموافقة دون أن يتكلم.. خرجت إلى الصالة واجهتني الأم حزينة ملتاعة.. قالت لي ودموعها تلهب خديها:
ــ أرأيت يا دكتورة.. لا فائدة.. أنه يحاول الانتحار مجدداً، ولكن حمداً لله أنني أنقذته قبل أن يقتل نفسه بتلك الأقراص..
سألتها بهدوء:
ــ ولكن ماذا حدث؟.. لماذا حاول قتل نفسه هذه المرة؟
نكست رأسها بخجل وهي تقول:
ــ أعذريني يا دكتورة فبعد حديثنا مساء أمس.. خفت أن تفاجئيه بحقيقة حالته كما أخبرتيني، فيحدث له شيء لا قدر الله.. فحاولت التمهيد له بنفسي..
وحينما رأت علامات الاستياء على وجهي أردفت بسرعة:
ــ ولكن صدقيني يا دكتورة.. لم أتطرق لتلك الحادثة لا من قريب ولا من بعيد.. فقط اجتمعت به وبأخته وحاولت الحديث معهما عن الذكريات القديمة لحياتنا في منزل أبيه ولم ألحظ عليه سوى الانزعاج فقط لا غير..
دكتورة أرجوك ألا تحكي له شيئاً عن تلك الحادثة فربما يقتل نفسه بالفعل.. إنه لا يحتمل شيئاً.. صدقيني.. إنه لا يحتمل..
امتدت يدي لتربت على كتفها بحرارة وأنا أهمس:
ــ اطمئني يا أم خالد.. لن أفعل شيئاً يؤذي "خالد" على الإطلاق.. أرجوك أن تطمئني لكن لا تحاولي نبش الذكريات معه من جديد.. أرجوك..
وخرجت بسرعة.. لكنني لم أستطع إغماض عيني كعادتي في القيلولة.. مئات الأفكار تجول برأسي لم تكن تحيرني مقارنة بزوجي الراحل حسن، فقد محوت كل هذا من عقلي وقلبي ولم أعد أفكر بهذا الموضوع على الإطلاق..
كان ما يحيرني ويشتت تفكيري هو هذه العقدة التي تمكنت من خالد ومضت كالسوس تنخر في نفسه حتى لتكاد تقضي على حياته..
هل سيتحمل مواجهتي له بالحقيقة أم سيجزع ويهرب؟ ولكن أين؟ لينتحر مرة أخرى.. لا.. لن أسمح بهذا.. سأدعه هو ينطق بها.. هو من سيحكها لي لا أنا.. هو من سيتعذب بالحروف قبل أن ينطقها.. وعندها إن شاء الله سيشفى..


 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس