عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2009, 01:40 PM   #1 (permalink)
baderfahad
شخصيه هامہ ~

 
الصورة الرمزية baderfahad

 آلحـآله ~ : baderfahad غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 6151
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 فترة الأقامة : 6008 يوم
 أخر زيارة : 07-18-2011 (09:27 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 3,109 [ + ]
 التقييم :  29
  معدل التقييم ~ : baderfahad is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 7969

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم



(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)





1- ما قاله الإمام الطبري في تفسيره:






"القول في تأويل قوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)


يعني بقوله جل ثناؤه: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم، ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم؛ لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهوديًّا نصرانيًّا، وذلك مما لا يكون منك أبدًا، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة، وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل، وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجمع الخلق إلى الألفة عليه سبيل".

لاحظ أخي معي قول الإمام الطبري: "ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهوديًّا نصرانيًّا، وذلك مما لا يكون منك أبدًا، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة"
فالإمام الطبري فهم سبب عدم الرضا أنه كان لاستحالة أن يجتمع دينان متضادان في شخص واحد، لا لأي سببٍ آخر.

2- ما قاله الإمام السرخسي في المبسوط:

"قال الله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ومعلوم أن اليهود لا ترضى إلا بأن يتبع اليهودية معهم، والنصارى كذلك، فعرفنا أن لكل واحد من الفريقين ملة على حدة.
ولأن النصارى يقرون بنبوة عيسى -عليه السلام- والإنجيل، واليهود يجحدون ذلك، فكان ملة كل واحد منهما غير ملة الآخر، كالمسلمين مع النصارى، فإن المسلمين يقرون برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- وبالقرآن، فكانت ملتهم غير ملة النصارى".

نخلص مما سبق أن القول بأن سبب عدم الرضا هو العداوة المطلقة المتوهمة بيننا وبين الملل الأخرى هو قول خاطئ، وإن وجدت عداوة -وهي موجودة بالفعل- فهي ليست عداوة مطلقة، وإنما عداوة شخصية أو حتى بين كيانات، وهذه العداوة لها أسباب كثيرة، لكنها ليست مطلقة عامة.
وأبرز دليل على عدم العموم هذا أن القرآن الكريم الذي وصف النصارى بأنهم لن يرضوا عنا أبدًا هو نفسه القرآن الكريم الذي قال في النصارى في سورة المائدة: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانًا وأنهم لا يستكبرون).
فالإطلاق والتعميم إذن خطآن كبيران.


الباب الثاني: آية سورة البقرة في سياقها:
هذه نقطة أرى أنها في غاية الأهمية، تعال معي أخي ماجد نقرأ آية الرضا هذه والآية التي بعدها:
قال الله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير * الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون).
قال الإمام الطبري: "قال ابن زيد في قوله: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون) قال: "من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من يهود فأولئك هم الخاسرون"، وهذا القول أولى بالصواب".
وفي هذا دليلٌ آخر على نفي العداوة المطلقة، وعندما نربط الآيتين معًا نفهم معنى "الرضا" بأنه ليس عداوة، وإنما اختلاف ملة.
ومما سبق يتضح خطأ ما تعارف عليه بعض الناس اليوم بتفسير الآية على أنها عداوة.
وعمومًا فإن القرآن الكريم حافلٌ بالآيات التي تأمرنا بالإحسان إلى العالَمين، ويمكن الاستفادة في فهم

موقف الإسلام من اليهود والنصارى عبر الاطلاع على الفتوى التالية:


الباب الثالث: وقفات مع آية سورة المائدة:

لنكمل قراءة الآية أولاً، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرُّوا في أنفسهم نادمين * إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتولَّ اللهَ ورسولَه والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).
لنقرأ الآن ما قاله الإمام القرطبي في تفسيره للآية: "قيل: المراد به المنافقون؛ المعنى يا أيها الذين آمنوا بظاهرهم، وكانوا يوالون المشركين ويخبرونهم بأسرار المسلمين، وقيل: نزلت في أبي لبابة، عن عكرمة، قال السدي: نزلت في قصة يوم أحد حين خاف المسلمون حتى همَّ قومٌ منهم أن يوالوا اليهود والنصارى".

فعند النظر في الآية نجد التالي:

1- سياق الآية كله في حالة الحرب، وليس في حالة السلم.
2- المقصود من الآية المنافقون الذين يتخذون الكافرين أولياء كمنهج حياة.
3- كان سبب تحريم موالاتهم هو أنهم "كانوا يوالون المشركين ويخبرونهم بأسرار المسلمين" كما قال الإمام القرطبي، فليست القضية في عمومها.
4- ويؤكد هذا كله إكمال القراءة بقراءة الآيات التي تلت آية الموالاة هذه، فيتضح المقصود من تحريم الموالاة هنا على الوجه الذي تحدثت عنه آنفًا.
تأكيدٌ جديدٌ يأتينا من الإمام الطبري حين قال في تفسير آية سورة آل عمران: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة): "وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانًا وأنصارًا وظهورًا، ولذلك كسر "يتخذ" لأنه في موضع جزم بالنهي، ولكنه كسر الذال منه للساكن الذي لقيه وهي ساكنة، ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرًا وأنصارًا، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء؛ يعني بذلك، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر، إلا أن تتقوا منهم تقاة، إلا أن تكونوا في سلطانهم، فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلمٍ بفعل".
فالمعنى واضحٌ بأن النهي منصبٌّ على موالاة الكفار ضد المسلمين عبر موالاتهم ضد دين المسلمين، ومظاهرتهم على المسلمين، ودلِّهم على عورات المسلمين، وأخيرًا -كما ختم الإمام الطبري كلامه- إعانتهم على مسلمٍ بفعل؛ أيِّ فعل.
أظن معنى الآية واضحٌ جليٌّ.:


الباب الرابع: بين الرضا والعدل:

قلت من قبل وأعيد تكراره تأكيدًا عليه:
"ما كان الله تعالى يومًا بظالم، حاشاه جلَّ شأنه، ولم يكن يومًا ليقبل بالظلم، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّما، فلا تظالموا" رواه مسلم.
إنَّ ما علَّمنا إيَّاه ديننا، وأمرنا به ربُّنا هو: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون"، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، وحتى مَنْ آذونا فقد نهانا الله عن التعدِّي عليهم: "ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ أن صدُّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا"، وفي القصاص والعقاب أمرنا ربُّنا سبحانه بالعدل: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين".
يقول الإمام القرطبيُّ في "ولا يجرمنَّكم شنآن قوم.. "الآية: "ودلَّت الآية أيضًا على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه، وأن يقتصر بهم على المستحقِّ من القتال والاسترقاق، وأن المثلة بهم غير جائزة وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وغمُّونا بذلك؛ فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصدًا لإيصال الغم والحزن إليهم".
العدل هو منطق ديننا وأساسه، ولا يقوم ديننا بغيره، ولا نكون مسلمين إن لم نعدل".

وأزيد الحديث في هذا بأن أتساءل: ما علاقة "الرضا" بـ"العدل"؟؟


حين يخبرنا الله تعالى أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم، فهل هذا يجيز لنا أن نظلمهم ونتعدى عليهم؟؟؟

أي منطق دينٍ هذا الذي يجيز لأتباعه ظلم البشر لمجرد أننا لا نعجبهم ولا يرضوا عنا.
نعم نحن ضد من ظلمنا حتى وإن كان مسلمًا، وعلينا أن ندفع ذلك بكل قوة وفي كل حين، لأن ديننا أمرنا بذلك، لكن من لم يفعل، ما بالنا نجور عليه ونظلمه؟ من لم يظلمنا لماذا نقاتله ونتعدى عليه؟؟
العدل أساس الإسلام وستاره الواقي، ولما فقدت امتنا عدلها فقدت وجودها وريادتها، فدعونا من هذا الربط "الانتهازي" حين نجعل عدم رضاء اليهود والنصارى عنا مبررًا لبث الكراهية والحقد والعداوة ضد عمومهم دون تفريقٍ بين ظالمٍ وغير ظالم.

الباب الخامس: وقفات مع واقعنا المعاصر:

تكاثرت الأفهام التي تتعامل مع سطحيات النصوص الشرعية وتناثرت، وانتشر بين عدد من المسلمين فقه "العداوة والبغضاء" المطلق دون تمييز أو تفريق، ونتج عن ذلك تبريرات خاطئة لمفاهيم وردت في كتب علمائنا السابقين، واستُخدِمت هذه المفاهيم لتحقيق نتائج ليست من الإسلام في شيء.
فهم هؤلاء عدم رضا اليهود والنصارى عنا بأنه إيذان بعداوتهم وقتالهم وقتلهم.
وفهم هؤلاء "الولاء والبراء" على غير وجهه تمامًا، فاستغلوه لتحقيق نتائج لا توصل إليها مقدماتها بحال، وكنا ناقشنا هذا المفهوم "الولاء والبراء" في استشارة سابقة أذكرها في آخر هذه الاستشارة.
وفهم هؤلاء أوامر الجهاد في الإسلام بأنها إعلان الحرب على كل الناس في كل مكان، دون فقه لمفهوم الجهاد، ولا لمعناه، ولا لغايته والمراد منه كما ذكرها علماؤنا السابقون.
وظهرت فتاوى التكفير، وفقه التفجير، ليقودا مسيرة هؤلاء في ما يقومون به من أفعال.
فجرى ما جرى.. وكان ما كان.

إن احتياجنا اليوم لأن نفقه ديننا من جهة، وأن نعي واقع أمتنا من جهة أخرى، لهو أشد الاحتياج حتى تتجاوز أمتنا ما تمر به هذه الأيام، فما بين صلف آلة الحرب الإسرائيلية في فلسطين، ودموية أحداث العراق، واحتلال أفغانستان، وتفجيرات بالي والرياض والخبر، وممارسات حكومات بلاد المسلمين ضد شعوبها، وتحالفات أمريكا للعبث في خيرات بلاد الإسلام، ما بين هذا كله تعيش أمتنا اليوم، وإذا لم نفقه ديننا حقًّا، ولم نعِ واقعنا المتشابك هذا جيدًا، فإننا سنبقى في تخبطنا وتراجعنا، وستبقى نتيجتنا دومًا: راسب، فاشل، متهاوٍ.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص والفهم، وأن يفتح عيوننا وقلوبنا لما فيه الخير لنا ولأمتنا في الدنيا والآخرة.. أمِّنوا معي يرحمكم الله تعالى


 
 توقيع : baderfahad






رد مع اقتباس