عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2012, 01:16 PM   #5 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5103 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13847
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: "بين الأمس واليوم"... للكاتبة انفاس قطر



إنه مساء الدوحة...نقرات ناعمة خافتة على الباب.. ثم تنهدت وضحى بألم وهي تتذكر وتضغط زرا بجوار الباب..
حينها فتح الباب لها شاب طويل قوي البنية وعلى وجهه الوسيم ترتسم ابتسامة دافئة حنونة وأشار لها أن تدخل بعلامة ترحيبية
فهذا الزر عند بابه يشيع ضوءا في غرفته ليعلمه أن هناك من يطرق بابه
أشارت له وهي تبتسم: ليش ماتعشيت؟؟

ابتسم وهو يشير لجسده القوي: لازمني حمية شوي.. زايد وزني

حينها ضحكت وهي تشير وتهمس بصوت مسموع: إذا أنت زايد وزنك ..وش نقول على امهاب؟؟

حينها قاطعهما صوت قوي ومرح يدلف مع الباب المفتوح: سامع اسمي الله لا يبيح منكم

حينها دخل ليغمر المكان بإشعاع حضوره المختلف
كان أطول من تميم وأعرض ورغم أنه لم يكن وسيما بالمعنى المتعارف عليه
ولكن له حضورا استثنائيا يوحي بالرهبة والحنان في ذات الوقت ..
هاهو أصبح في الثلاثين: مسؤولياته تشغله عن كل شيء.. مسافر دائما
ولكن أسرته ترتحل معه وفي ذاكرته منذ أن تحمل مسؤوليتها بعد وفاة زوج أمه قبل أكثر من خمسة عشر عاما
وكانت حينها وضحى في عمر السابعة وتميم في التاسعة وكاسرة في الحادية عشرة

ابتسمت وضحى: ماقلنا شيء غلط نقول تبي لك شوي ريجيم..
همست بالجملة وهي تشير بها في ذات الوقت
هكذا اعتادت أن تتكلم في وجود تميم حتى لو لم تكن توجه الحديث له
كانت تهتم كثيرا لإشراكه معهم.. لذا كانت من أصرت منذ بلغت الرابعة عشرة على تعلم لغة الإشارة على أصولها
قد يكون جميع أهل البيت لديهم القدرة على التفاهم الجيد مع تميم.. لكن هي لديها قدرة على التحادث معه مطولا بلغته الخاصة
فهي كانت من لاحظت أن تميما بدأ بالتباعد في عوالمه الخاصة لأنه لا يجد من يتحدث معه بعيدا عن المدرسة
حينها أحبت أن تصنع شيئا لا تستطيع كاسرة التغلب عليها فيه وفي ذات الوقت تحتفظ بقرب تميم منها
لذا تعلمت لغة الإشارة على يد معلمة خاصة وتعبت كثيرا وهي تتعلمها لتتفاهم مع تميم
رغم أن تميما رفض بداية أن تتعلم هذه اللغة من أجله..
ولكنه فيما بعد قدّر كثيرا جميلها هذه وهو يجد من يستطيع أن يتحاور معه بطلاقة..
وبدأت وضحى تفكر جديا حين تنهي دراستها أن تعمل في مجال تعليم الصم والبكم..

"وضحى وتميم عالمان زاخران مثقلان بالعمق والغموض.. "


تميم العالم المجهول المغلق على أفكاره.. أنهى الثانوية في مدرسة التربية السمعية بمجموع كبير ولكنه لم يستطع دخول الجامعة
لأنه لا توجد هنا جامعة لمن هم في مثل حالته..
شكّل هذا الأمر له احباطا كبيرا وحزنا أكبر..
أن تعلم أنك قد تكون أفضل من مئات ممن دخلوا الجامعات
ولكن لأنهم يمتلكون حاسة لا تمتلكها تكون فرصهم في الحياة والدراسة أفضل
ولكن هذا الاحباط لم يوقفه..فبعد عدة أشهر بدأ تميم يعلم نفسه ذاتيا على تفكيك أجهزة الحاسوب مستعينا ببرامج للتعليم الذاتي على الانترنت

هذا العالم جذبه وسحره.. مع هذه الحواسيب والبرمجيات لم يكن يحتاج للحديث أو لمن يسمعه
تكفيه هذه العلاقة التي صنعها بأنامله الذهبية.. علاقة حساسة ثرية ومفعمة بالتفاهم والود
وكأن هذه الأجهزة تستجيب لرقة أنامله.. لتفكك ماهو عصي منها وتصلح ما استعصى على الإصلاح

وقبل عامين أنشأ محله الخاص.. وأصبحت له سمعته الرائعة في السوق
ولأن هذا العصر هو عصر الحواسيب بالفعل.. فعمله كان مزدهرا حقا
ومدخوله الشهري يتجاوز راتب وزيرين معا

ولكن...
هذه الروح الوثابة المسجونة بين أضلاع صدره كانت تتوق للانعتاق
يشعر أن علاقته بالحواسيب باتت أقوى من علاقته بالبشر
فهذه الآلات صامتة وحساسة.. مثله تماما
ولكنه يتوق لروح إنسانية تحاوره وتتمازج معه.. تعايش معه همومه وأفكاره وآماله وطموحاته

لـــــذا
قرر أن يتزوج رغم صِغر سنه!!

ليصتدم بمشكلة أخرى:
"والـــدته!!"

فهو يريد أن يتزوج من فتاة تكون بنفس حالته
يريد شريكة يتفاهم معها بلغته التي يستطيع التعبير بها
يريدها أن تكون لغتها أيضا حتى يكون تعبيرهما على ذات المستوى من العمق والإحساس
لم يرد للمرأة التي تشاركه الحياة أن تشعره بالنقص وأنها تتفوق عليه
وأنها حين تحادثه بالإشارة فهي تتنازل من عليائها لكي تصل لمستوى فكره
كانت هذه الفكرة تؤذيه وتؤذي كرامته واعتزازه بذكائه وقدراته
ولكن مزنة كانت ترفض فكرة بشكل قاطع أن يتزوج من بكماء صماء مثله!!
فهي تفكر بالمرحلة الأبعد:
"أحفادها!!"

الأطفال حين ينشأون يتعلمون من أبويهم
وتميم وزوجته المفترضة قد تحكم ظروفهما مستقبلا أن يعيشا في بيت مستقل
فلو بكى الطفل من الذي سيسمعه
ثم حين ينشأ.. كيف سيتعلم اللغة ؟؟ من أبوين أبكمين؟!!
عدا أنها تخشى أن يكون للوراثة دورا فيؤدي ذلك إلى أطفال يعانون ذات الإعاقة
وكانت تعلم يقينا أن ابنها مع إعاقته سيجد من هي صحيحة الحواس لتوافق عليه
فهو شاب بكامل فتوته وصحته ووسامته ومقتدر جدا.. وتعلم أن نقطة الاقتدار وحدها تشكل إغراء يحسن فرصه في الزواج
فلماذا يتزوج من بكماء صماء؟!!!





بيت آخر في الدوحة
بيت فاضل بن عبدالرحمن زوج أم عبدالرحمن عمة أبناء مزنة
الطابق العلوي
غرفة شُعاع



وجه ودود حنون يطل مع الباب: بنات تبون شيء قدام أرقد؟؟

الصوتان معا: لا يمه فديتش..
ثم أردفت شعاع باحترام: حن أصلا يمه بعد شوي بنصلي قيامنا وبنام بعد

ثم أردفت الأخرى بمرح: شفتي يمه الطردة المحترمة.. تبي تعلمني إني طولت السهرة عندها وأقوم أفارق أحسن

ابتسمت أم عبدالرحمن: روحي لولدش يأمش لا يتوعا ويتروع وهو بروحه

رفعت جوزاء جهازا في يدها أشبه بشاشة صغيرة وهمست برقة: الجهاز شغال عنده يمه

حينها ضحكت شعاع: شيبه عمره ثلاث سنين وعادش حاطه جهاز البزارين عنده..
يا بنت الحلال غرفتش جنب غرفتي.. خلي الباب مفتوح وبنسمع صوته

جوزاء باستنكار: يا سلام عليش عقب ما يقوم ويتروع بروحه.. لا أنا أحب أكون عنده أول ما يقوم

شعاع بحنان: فديت روحه.. الدلوع حبيب خالته

جوزاء همست بحنان مصفى: الله يخليه لي.. ماطلعت من الدنيا إلا بذا الولد

شعاع باستفسار مُلح: جوزا أنتي توش صغيرة.. حرام عمرش 25 سنة بس..
بتقعدين على ذا الولد بس؟؟.. منتي بمتزوجه؟؟.. المرحوم له أكثر من ثلاث سنين من يوم توفى

جوزاء باستنكار: لا إن شاء الله.. تبين عمام ولدي وجده يلاقون سبب يأخذونه مني..

شعاع بمنطقية مستنكرة: لا تصيرين غبية.. أنتي عارفة إنه الولد في حضانتش.. وحتى لو تزوجتي.. وأعمامه وجده رفضوا حضانتش له.. الحضانة بتكون لأمي مهوب لهم..
ثم غمزت بعينها: وإلا تزوجي عم ولدش اللي خطبش أكثر من مرة.. وحلي المسألة كلها

جوزاء بغضب: تدرين.. أنتي الليلة مستخفة!!
تبين أتزوج رجال متزوج وعنده عيال؟؟!!

شعاع هزت كتفيها: بس أنا سامعة إنه مرته لها شهور زعلانة عند أهلها
لو بترجع كانت رجعت من زمان

جوزاء بنفاذ صبر: تكفين شعاع لا تدخلينا في ذا المواويل
أنا أعرف صالح يحب مرته.. مهوب بس يحبها إلا يموت فيها
وش صاير بينهم ما أدري.. بس أكيد بترجع...وأنا خلاص ما أبي أتزوج عقب عبدالله الله يرحمه..
ثم أردفت بوجع عميق كأنها تنتزع ذكرى أليمة من بئر وجع لا تنضب: كفاية اللي صار لي.. والله كفاية!!
وانا خلاص مابي من ذا الدنيا شيء إلا أني أتفرغ لولدي

ثم أردفت لتغيير الموضوع: وينه الدكتور عبدالرحمن.. وش فيه تأخر الليلة؟؟
ماعنده محاضرات بكرة؟؟

شعاع تبتسم: حلوة قلبت الموضوع ذي.. دكتور دحومي عند كابتن امهاب..

جوزاء بسخرية: أخيش هذا ما يمل.. يبي يكون قريب من ريحة حبيبة القلب يعني؟!!

شعاع باستنكار: جوزا عيب عليش ذا الكلام.. أنتي عارفة إنه عبدالرحمن وامهاب ربع من يومهم بزارين
وبعدي كاسرة عن الموضوع.. ترا شكلش يصير سخيف وأنتي يبين عليش غيرانة منها

جوزاء باستنكار مشابه: أنا غيرانة منها؟!!

شعاع بتأكيد مستفز: إيه غيرانة.. وإلا شتسمين الحركات البايخة اللي تسوينها كل ما تشوفينها

جوزاء بغضب: أنا لا غيرانة يا شعاع هانم ولا شيء.. السبب الوحيد إن بنت خالش هذي تستفز الواحد وتطلعه من طوره بغرورها وبرودها

شعاع تتنتهد: زين هي مغرورة وباردة.. أنتي كبري عقلش عليها
الحين الناس صايرين يقولون إنها هي اللي مكبرة رأسها عليش

جوزاء باستنكار أشد: أنا؟؟ أنا؟؟

شعاع بثقة حنونة: إيه أنتي.. أنا أدري إنه أطيب من قلبش مافيه.. بس لو تمسكين ذا اللسان شوي
تكفين خلي كاسرة في حالها.. ومافيه داعي تخلين حزازيات بيننا وبين بيت خالي

جوزاء وقفت وهي تقول بغضب هادر تنقلب فيه من النقيض للنقيض:
إيه.. إيه!!!
أنتي تبين الشيخ امهاب أخ عيال خالش وأخيش يبي الشيخة كاسرة.. وزيتنا في طحينا
وأنا اللي صرت العزول اللي مخرب عليكم الجو ومسوي حزازيات

شعاع وضعت يديها على رأسها استنكارا.. في الوقت الذي خرجت فيه جوزاء تنتفض غضبا وصفقت الباب خلفها بصوت مسموع



تأخر الوقت لم يتبق جالسا سواهما في مجلس مُهاب..
رفيقا الطفولة والصبا والشباب.. وحتى الغربة لم تستطع مطلقا قطع تواصلهما
حينما سافر عبدالرحمن للدراسة في بريطانيا.. حوّل مُهاب ما أستطاع من جدول رحلاته إلى مطارات لندن بين مطار هيثرو ومطار غاتويك
لذا كان يراه بشكل شبه أسبوعي..فالصلة الروحية بينهما استعصت على كل شيء
حتى حينما أراد عبدالرحمن كاسرة.. كان مُهاب هو أحد الأسباب الجوهرية للخطبة..
عبدالرحمن يعلم أن كاسرة رغم جمالها الموجع هي غير قابلة للاحتواء
ويعلم أنها حين تتزوج ستعاني ليعاني معها مُهاب وربما كل أسرتها
أراد أن يجنبهم جميعا هذا المصير..ولكن كاسرة أمعنت في رفضته ولعدة مرات
لا ينكر أن ذكرى جمالها الفتي المراهق قبل أن تتغطى عنه مازال يسكن ويسكر ذاكرته
ليبعث رعشة عميقة في أوصاله
ولكنها سلطة الجمال فقط!! فلم يكن عبدالرحمن من يشغله مظهر المرأة عن جوهرها
ولكن كاسرة كانت كاسرة بالفعل!!

همس بهدوء حذر: ها امهاب وافقت كاسرة على الخطيب الجديد؟؟

مُهاب يقلب شفتيه: لا.. مثله مثل اللي قبله

عبدالرحمن بذات الهدوء: وبما إنه خلاص الخطيب ورفضته كاسرة.. فهل لو رجعت وتقدمت بعد مرة... بترفضني؟؟

مُهاب بامتعاض: عبدالرحمن وش لك بذا السالفة كلها؟؟ ترا كاسرة هي الخسرانة.. المره اللي ما ترضى فيك، حظها مهوب حولها

عبدالرحمن بهدوء عذب: أبي قربك ياسنايدي

مُهاب بهدوء مدروس: تبي قربي؟؟ أظني عندي أخت غير كاسرة وأحسن منها



 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس