عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2012, 12:58 PM   #2 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5103 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13847
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: "بين الأمس واليوم"... للكاتبة انفاس قطر



" قهرتني ياخليفة.. قهرتني"





خليفة بشبح ابتسامة: أبي أدري بس وش عايبك فيها..لسانها طويل





يبتسم زايد وهو ينظر للأفق خلف البحر الرائق: مهرة ياخليفة مهرة.. مهرة محدن عسفها





يبتسم خليفة: وانتي اللي تبّي تعسفها مع هالويه..؟؟!!





زايد يلتفت له بحدة.. ويهمس بغضب خفيض: وش فيه وجهي يابو وجه أنت؟!!





خليفة يهمس بنبرة حذر: تبي الصج وإلا ولد عمه؟!!





زايد بغضب مكتوم: خليفوه خلصني قدام أعصب





خليفة يبتسم وهو يلمس قفاه بحركة مقصودة: لا يأخوك كله ولا تعصب.. توني ماسلمت من تعصبيتك المرة اللي فاتت





زايد بذات الغضب المكتوم: تبي تقعد تغزل فيها وأسكت لك





خليفة يضحك ضحكته المجللة المغلفة بصفاء روح ما لوثتها المدنية: وأنا شعرفني إنها حبيبة القلب





زايد بغضب أكبر: هي أو غيرها.. احشم الناس اللي أنت جايهم





خليفة مازال يضحك ذات ضحكته التي تمنى زايد ألا تنطفئ من حياته يوما:





وهي ليه ماتغطي ويهها مثل باقي حريمكم.. أعرفكم تغطونهم من 12 سنة..



هذي صارت بقرة وهي كاشفة ويهها وتدور ببخنقها




زايد يلتفت ناحيته بحدة مهددة.. وخليفة يقفز ويبتعد عنه وهو يهمس بمرح: خلاص السموحة السموحة



هدي هدي خل نتفاهم



أنت الحين من جدك تبي تتزوج هالشمحوطة المزيونة اللي أطول منك يالقرد؟؟





زايد يحاول أن يهدأ: إيه.. وش فيها؟!! ولاعاد تقول المزيونة فقعت عيونك الثنتين



وقرد في عينك.. الرجال مخابر مهوب مناظر



وإلا يمكن بتقول لي مثل ماهي قالت لي.. إنه إبي كان راعي إبل عندهم قبل سنين.. وهي ماتزوج ولد الراعي





خليفة يبتسم بخبث : يمكن.. ليش لأ؟!!





زايد يعود للغضب الممزوج بكرامته المهانة هذه المرة: خليفة لا تقهرني مثلها..



أنت أكثر واحد عارف إنه إبي كان ضام حلالهم مع حلالنا.. يعني حن اللي متفضلين عليهم



لأنه إبيها جابها على كبر..وماعنده غيرها ولا يقدر على الأبل.. فأبي مساعدة منه كان مخلي حلالهم مع حلالنا



يعني سالفة الراعي ذي ما أدري من وين جابتها اللي ما تستحي؟؟




خليفة يهمس بهدوء يحاول به امتصاص غضب زايد: هذا أنت قلتها بنفسك.. يعني زود على أنها أنكرت فضلكم عليهم



تسبك وتقول ياولد الراعي.. يعني خلتكم إنكم جنتو ترعون عندهم وجنها هي بنت الشيخ



مع إن هذا موب صحيح والناس كلهم عارفين.. وش تبي فيها؟؟ هذي ناكرة يميل





زايد بألم شفاف.. شفاف.. شفاف.. مغرق في الشفافية وكأنه يحدث نفسه المتيمة في هواها:



كبرت قدام عيني.. وكل يوم يزيد غلاها.. لين ماعاد لغلاها محل



أحبها ياخليفة.. أحـــبــهــا




خليفة ببعض غضب: حبتك قرادة.. قول آمين.. خلها تولي





زايد بذات الألم الشفاف: تدري ياخليفة: لو أنا أخطبها من إبيها.. صدقني بيوافق علي على طول.. إبيها شايل همها عدا أنه يعزني واجد



تخيل إني تيك المرة يوم أنت شفتها ضربتها قدامه.. وهو ماقال شيء لأنه يدري إنها غلطانة



بس أنا كنت أبي أشوف رأيها قبل.. هذي بنية يتيمة.. وماعندها أم ترد لها الشكيا



ويمكن أحلامي صورت لي إنه يمكن في قلبها نفس اللي في قلبي



صدمتني بقسوتها.. ما تخيلتها كذا





خليفة يحاول أن يتكلم بمنطقية: زين خلنا من إنها تبيك أو ما تبيك



أنت واحد طفران.. ماعندكم إلا ذا الابل اللي أصلا كلت اللي وراكم وجدامكم







زايد بهدوء: جماعتنا كثير منهم مثلنا.. وش حن عايشين عليه إلا على ذا الابل؟!!





خليفة ينظر للبعيد: والله يازايد أنت والابل.. مثلي أنا والبحر والسمج



مالقينا فايدة.. لا تعليم تعلمنا ولا فلوس حصلنا



ثم همس بما يفكر به منذ وقت وكان ينتظر الوقت المناسب لمصارحة زايد به: زايد امش معاي للدوحة



الشباب هناك يقولون خير ربي.. الشغل وايد.. وفيه مدارس العصر



الناس كلهم راحوا للدوحة ماعاد باقي الا احنا اللي ساكنين في مناطق برع (برا) الدوحة.. وش ناطرين؟؟



خل نشتغل الصبح وندرس العصر.. وبعدين احنا درسنا عند الكتاتيب ونعرف نقرأ ونكتب زين.. يعني بنطوف لنا كم صف




زايد يهمس بخفوت كأنه يخاطب نفسه والفكرة تدخل إلى رأسه وتسيطر.. فلطالما كان ينفذ ما يقتنع به دون تردد: ليش لا..؟؟





بعد ذلك بشهرين







بيت قديم مُستأجر فيما يعرف اليوم بمنطقة الأسواق



بالقرب من سوق واقف







يدخل بتثاقل كأن أقدامه مغروسة في الأرض ..يعاني نزعها.. ليعاود غرسها مرة أخرى..



يلقي غترته على السرير الحديدي المفرد



ليلقي فوقه بأشلاء جسده الممزق ذهولا وألما



أي هم هذا؟!!



أي ألم يمزق روحه الشابة بمناجله المسمومة الصدئة؟!!




خليفة الذي كان يكتب واجبه أزاح الدفتر جانبا وهمس لزايد بقلق: زايد أشفيك؟؟





زايد يــنـــزف.. يـــنـــزف..



يشعر أنه لابد أغرق الأرض بنزيف روحه



همس وكأنه يتقيأ الوجع:






مـزنـة...... تــزوجـت





" آه يامزنة.. آآآآآآآه



أما آن لك أن تقتربي



مزنة ياحلمي الذي حلمت به حتى ملَّ الحلم مني



يا أبجديات الحلم التي ماعرفتُ يوما سواها



كيف استطعتِ أن تكوني قاسية هكذا.. ومتوحشة هكذا؟!!



أ هان عليكِ قلب زايد المتيم؟!!



أ هان عليكِ دمه المسفوح تحت قدميكِ؟!!



أ هان عليكِ أن تبعثري ما بقي من روحه المعلقة بأهداب عينيك؟!!



هل سيحبك هو كما أحبك أنا؟!!




هل ستشرق شمسه مع ابتسامتكِ؟!!



هل سيهذي باسمكِ كما أفعل؟!!


هل ستغرد روحه إن وصلت همساتكِ إلى أطراف سمعه حتى لو من بعيد؟؟


تعبت من الآهات.. تعبت


ماعادت آهات.. بل سهام تنغرز في روحي الثكلى لتبكي على مابقي من أطلالكِ


وداعا يا حلمي.. وداعا



وداعا يا مزنة !! "



بعد أقل من عام






زايد يأخذ خليفة من عمله على سيارته الجديدة gmc موديل 1980





خليفة يلتفت له وهو يهمس بحماس حقيقي: ها بشر؟؟.. وافقت عليك ؟؟





زايد يقلب شفتيه وهو يثبت يديه على المقود ويهمس بحياد: لا





خليفة يهمس بغضب عميق: إش عندها ذي.. أرملة وعندها ولد.. لا وويه نحس بعد.. ريلها مات وهي حامل



على شنو شايفه حالها؟؟!! أنت بس اللي معطيها ويه!!



أنت الحين ماشاء الله وضعك صار زين واستأجرت بيت في الدوحة



تزوج زايد.. تزوج شيختها اللي تسواها وانساها.. هي الخسرانة





زايد يهمس بثبات وعيناه تبحران.. تبحران: ماحد عندي يسوى أم امهاب





خليفة باستغراب: نعم؟؟ شنو اسم ولدها؟؟





زايد بهدوء موجوع: امهاب اللي المفروض يكون ولدي أنا..



مُهاب على قولت مدرسين العربي.. هي اللي اختارت ذا الاسم لولدها.. من يومها وهي غير وتفكيرها غير







خليفة يبتسم: بصراحة اسم غريب وايد.. بس حلو



ثم يردف في محاولة لإبعاد زايد عن أفكاره المرة: و على طاري مدرسين العربي.. ترا المدير يقول مستوانا متقدم وايد على مستوى اللي معنا



نقدر ندرس سادس هالصيف ونطلع أول إعدادي مع فتح المدارس



وندرس ثاني اعدادي الصيف الياي





بعد عدة أشهر






صفوف مدرسة قديمة.. كانت جديدة في حينه.. شباب صغار مثقلين بالحلم يجاورهم شيوخ مثقلين بالأمل..



وشتان بين حلم باللحاق بمستقبل قبل أن يمضي



وأمل في تصحيح ماض مضى!!




خليفة وزايد يجلسان متجاورين في انتظار المدرس..زايد يتنهد ويهمس بنبرة محايدة جافة كأرض بور: خليفة أنا خلاص بأتزوج





خليفة يبتسم بسعادة حقيقية وهو يشعر بصدمة حقيقية "أ يعقل أن هذا المجنون قد شُفي من هوسه المستعصي المسمى مزنة؟!! " : وأخيرا خلصنا من خبال مزنة





زايد بابتسامة هازئة مرة.. ابتسامة أشبه بالبكاء: ماخلصنا.. هي اللي خلصت



مزنة تزوجت مرة ثانية..عيّت مني وخذت واحد مثل الأولي والله مايستاهلون ظفرها



بس شأسوي.. مالي إلا القهر!!



أنا خلاص ياخليفة بأعرس وأجيب لي بنت وأسميها مزنة.. أبي على الأقل أدعي اسمها في بيتي





" هل هذا ما أردته يا مزنة؟!!



هل هذا ما أردته؟!!



تنتقلين من أحضان رجل لأحضان آخر



لتتركي أحضاني تحتضن خيالا مرا شاردا يبعث برودة أشبه بصقيع الموت في أوصالي



ثم لتسكن هذه الأحضان المنبوذة امرأة أخرى سواكِ



يصبح أقصى أمنياتي أن تنجب هي لي مزنة..



صغيرة أهمس باسمكِ حين أناديها.. وأرى في أطيافها بعضا من أطيافكِ الهاربة"










بعد ذلك بـ 8 سنوات وقبل 22 سنة من اليوم






خليفة بابتسامة أخوية صافية: مبروك جاتك مزنة أخيرا عقب كسّاب وعلي





زايد بفرحة حقيقية وروحه تغرد.. تغرد: الله يبارك فيك



والله يافرحتي بذا البنت مثل فرحتي بعشر عيال



بس تراني ما سميتها مزنة.. سميتها مُـزُون



مابغيت أجرح مرتي إني أسمي بنتها على اسم اللي كنت أحبها حتى لو ماكانت تعرف



ومن ناحية ثانية قلت إذا دلعتها بيكون نفس دلع مزنة



أبرد قلبي شوي.. ولو أن قلبي عمره مابرد



عــمـــره مــــابـــــرد













قبل أربع سنوات من اليوم






الدوحة



منطقة رأس أبو عبود



كلية قطر لعلوم الطيران



مكتب رئيس الكلية تحديدا












يجلس خلف مكتبه العريض بطلته المهيبة وهو يرتدي لباس الطيارين المعتاد رغم أنه توقف عن قيادة الطائرات منذ سنوات



ولكنه تقليد برتوكول الطيران العتيد







يقلب الأوراق أمامه ويعيد النظر للشابة الواقفة أمامه والتي لا يظهر أي شيء منها بتاتا وهي مغطاة بشكل كامل بالسواد



وبالكاد تظهر رفات رموشها من خلف فتحات النقاب الضيقة



يهمس باحترام ممزوج بالتهذيب والحنان الأبوي: يابنتي هالتخصص ما يناسبج



أنا أقولها لج مثل بنتي











الشابة بصوت خافت فيه رنة الحياء الطبيعية ولكن يصدر معه روح ثقتها الواثقة:



هل معدلي ما يسمح؟؟







القائد يتنهد ويهتف وهو يعرف سبب سؤالها: لا.. وأنتي عارفة إنه معدلج أكثر مما يسمح بعد.. أعلى معدل بين كل الطلاب المتقدمين





بنفس الثقة الخجولة: هل فشلت في أي من اختبارات القبول التحريرية أو العملية أو حتى اختبار قمرة القيادة؟؟





يبتسم القائد: يابنتي ليش تسألين أسئلة أنتي عارفة إجابتها؟؟





الشابة بثقة: وأنت ليش تبي تثنيني عن شيء أنا قررته خلاص؟؟





القائد بابتسامة أبوية: يا بنتي أنا في مجال الطيران لي أكثر من 25 سنة وأقول لج بكل صراحة وموضوعية إنه ما ينفع لمرة اطلاقا



وخصوصا لما تكون وحدة مثلج







الشابة تتنهد: أنا أعرف إنه فيه بنات قطريات في التخصص سابقيني.. وش معنى أنا؟؟





القائد تعب من الجدال معها ولكنه هتف بثقة: هم موب مثلج.. هم وضعهم غير.. حتى أشكالهم غير.. تسمح لهم بحرية حركة أكثر





الشابة ببعض عتب: يعني عشان أنا منقبة؟؟





القائد بصراحة: ممكن يكون هذا أحد الأسباب.. الشيء الثاني أنتي معدلج عالي وايد.. وأنتي بنت زايد بن علي آل كسّاب الـ



يعني يا بنتي ماشاء الله تبارك الله أبوج ريال معروف وخيره وايد يقدر يوديج أي ديرة تدرسين اللي تبين



عدا إن معدلج إييب لج أحسن بعثة لو بغيتي





مزون بثقة: وأنا ما أبي إلا ذا التخصص




بعدها بساعة



في أروقة الكلية




مزون مع أخت صديقتها التي هي في السنة الثالثة من تخصص المراقبة الجوية



والتي ساعدت مزون على انهاء إجراءاتها



تهمس لمزون بحذر: مزون ترا للمرة الأخيرة أقول لج الفرصة قدامج تراجعين



صدقيني ماراح يمشي حالج مع شروطج



ما تبين تركبين مع الطيّار في القُمرة بروحج



ولازم المساعد الثاني يكون مرة بعد



وما تبين تسافرين لديرة غير الخليج ولا رحلة تضطرين تباتين فيها



يعني من أساسها شروط كلها ما تنفع لوحدة تبي تصير كابتن طيران



والكلية لولا واسطة أبوج الكبيرة ماكان قبلوج أساسا مع شروطج




مزون تنظر للبعيد: أبي أسوق طيارة لو مرة وحدة في عمري.. بس مرة



وعقبها أنا بأطلب العمل مع الطواقم الأرضية أو في عمل مكتبي



لأني عارفة إنه مجال الطيران ما ينفع لوحدة مثلي لا شرعيا ولا اجتماعيا



أبي بس أحقق أمنيتي بدون ما أرتكب أي ذنب




أخت صديقتها بدهشة عميقة: تضيعين عمرج عشان أمنية غريبة مثل هذي؟!!





مزون بشبح ابتسامة: مثل قصة البنفسجة الطموح لجبران خليل جبران.. تكفيني ساعة وحدة أحقق فيها طموحي



غير بعيد منهما



شابان يقفان يهمس احدهما للآخر بخفوت: أنت عارف البنت المنقبة بنت من؟؟




الشاب الآخر بعدم اهتمام: بصراحة هيئتها مهيب هيئة بنات الكلية بالمرة



هي وش جايبها؟؟




الشاب الأول بهمس خافت: بنت زايد آل كسّاب



لا وجايبة أعلى نسبة بين المتقدمين الجدد.. وتبي تخصص قائد جوي




الشاب الآخر يلتفت للفتاة بحدة محرقة وهو ينظر لها نظرة تقيمية: من جدك؟؟



بنت زايد آل كسّاب ماغيره؟!!



ثم أردف بغضب حقيقي: اللي ضاعت علوم العرب ومراجلهم؟!!



الشاب الأول بشبح ابتسامة: يعني عشانها من جماعتك؟!!



الشاب الآخر بغضب مكتوم: على شحم ومهوب شغلك





ثم مشى باتجاهما وهو يجره معه ويهتف بصوت مسموع جمع فيه كل الاستهزاء والبرود رغم أنه كان يغلي كمرجل مشتعل تستعر ناره:



اللي رخصوا الرياجيل



إذا زايد آل كسّاب مخلي بنته تدرس مع الرياجيل عشان تدور عقبها من ديرة لديرة



وش خلو لمضيعين أصلهم؟!!



ياخسارة النقاب والأصل اللي ماعاد لهم معنى ولا حشمة!!




حينها شهقت مزون بعنف وهي تلتصق بالحائط



بينما أنعم عليها صاحب الكلمات المسمومة بنظرة احتقار



تكاد تقسم أنها شعرت أنها شطرتها شطرين.. من صدرها حتى آخر سلسلة ظهرها.. شطران متهاويان وجعا وإهانة



تجاوزها ..وهو يعلم أنها أصاب كرامتها في مقتل دون أن يهتم أو يرف له جفن



ما يهمه أنه أشفى بعضا من غضبه وغيظه حين علم أن واحدة من بنات جماعته دخلت معه إلى ذات تخصصه المرفوض بشكل قاطع لأي امرأة



همست أخت صديقتها بمساندة: ماعليج منه مزون.. هذا مُهاب معروف إنه مستحيل يخلي كلمة تقرقع ببلعومه





مزون بصوت مختنق: بس هو ما يعرفني عشان يهيني كذا



أشلون باستحمل منه كلمة ثانية يقطها علي





الشابة الأخرى بذات المساندة: إن شاء الله ما تصدفينه مرة ثانية



هذا الفصل آخر فصل له أصلا



هو ترا كبير عن كل طلبة الكلية حتى طلاب سنة رابعة هو أكبر منهم بوايد



لأنه تأخر ثلاث سنين قضاهم نقاهة من حادث



تكسّر فيه تكسير



وتوه رجع السنة اللي فاتت وخلاص هذا هو بيخلص ويروح





ولكنها لم تكن المرة الوحيدة التي تخترق مسامعها كلماته المسنونة



لم يتحادثا مطلقا وجها لوجه



ولكنه لم يترك فرصة واحدة طوال فصله الدراسي الأخير لإسماعها كلمات مغموسة بالتحقير والاستهانة وأبشع أنواع الأهانة



هكذا أراد الله أن يبتليها به



أن تُجبر على سماعه



وتجد نفسها عاجزة عن الرد أو حتى مجرد الشكوى



ابتلعت الإهانة على مضض وروحها تذوي وجعا مرا



فتجرع الإهانة دون القدرة أو الرغبة على الرد هو أشبه ما يكون بسم بطيء المفعول..



يقتلك شيئا شيئا




وفي رحلة القتل هذه لابد أن تعاني أبشع الآلالم بصمت متوحش حتى تذهب روحك إلى الفناء....




الـــفــنـــاء!!





كانت تلك الشهور هي الأسوأ في حياتها ضمن السنوات الأسوأ التي بدأت منذ ذاك الحين



تمنت أن تقيم احتفالا حين تخرج مُهاب وغادر الكلية بعد أشهر قليلة



ولكن الاحتفال يعني فرحا من نوع ما..



وهي فقدت الإحساس بطعم الفرح الحقيقي أصلا.. فلِـمَ الاحتفال؟!!






اليوم....






ضحى يوم سبت



الجو مشبع برطوبة خانقة شعرت بها وهي تخرج من باب المطبخ الخلفي وتنزل جلالها على وجهها رغم أنها تعلم يقينا أنه يستحيل أن تصل عين متلصصة إلى عمق منزلهم ولكنها اعتادت على هذا



ومن ناحية أخرى لا تريد أن تسمع كلمة ما من والدها أو شقيقيها





"آآآآآآه " تنهدت بوجع



أي شقيقين؟؟!!



قبل أربع سنوات كان لها أبوان وشقيق واحد..



ولكن الآن هناك أب وشقيق.. وثالث ماعادت تعرف له تسمية





وصلت بعد عدة خطوات لمبتغاها



فيلا صغيرة أنيقة تقبع خلف القصر الضخم ومعه في ذات السور



دخلت دون أن تطرق الباب



ألقت بجلالها على المقعد الأقرب للباب



وهي تدلف للبهو البالغ الأناقة المؤثث بذوق أنثوي شديد الرقي



عدلت من هيئتها في مرآة المدخل



وملامحها الحزينة تنعكس على صفحة المرآة لتعكس ماهو أعمق وأكثف من جمال شديد التواضع يبدو لثقة صاحبته معدوما تماما



تنهدت.. ثم رفعت صوتها وهي تنادي بحماس رقيق: خالتي



خالتي عفرا




خالتي وينش؟؟






خرجت عفراء من المطبخ وهي تجفف يديها وتهمس بحنان: تريقتي وإلا تريقين معي؟؟





مزون تحتضن خالتها بحب كبير وتهمس لها وهي تقبل أذنها:



أنتي عارفة إنه ريوق السبت ماله حلا إلا معش







ابتعدت مزون وهي تنظر لخالتها باستحسان: حلوة القصة عليش خالتو





عفراء تعيد شعرها خلف أذنيها وتهمس بمرح حنون: أدري





مزون تقلب شفتيها: عشتو.. صدقت أبلة عفرا العجوز





عفراء بابتسامة: عجوز في عينش.. توني 37 سنة يا كابتن مزون





مزون تضحك: ويعني 37 منتي بعجوز؟!! وبنتش اللي صار عمرها 19 نعطيها للجيران عشان ندس عمرش؟!!





عفراء تدلف إلى المطبخ ومزنة خلفها وهي تبتسم وتجيب (بعيارة): لو أني عجوز ماكان يجيني خطّاب أصغر مني





مزنة غمزت بعينها وهمست بخبث رقيق: وليش ما وافقتي على الخطيب اللي أصغر منش؟!!





عفراء تصف أواني الفطور على الطاولة الصغيرة في زواية المطبخ وهي تهمس بذات المرح: لا تستعبطين



شاب عمره 32 سنة يتزوج وحدة في عمري!!!



هذا على فرق العمر اللي يبان على المرة ومايبان على الرجّال.. بعد عشر سنين عاده في عز شبابه وأنا بأكون خلاص أقول يا الله حسن الخاتمة



هذا المسكين شيسوي.. يبي يتقرب من كسّاب ومالقى قدامه حد غير خالة كسّاب




تنهدت مزون في داخلها بحسرة وأمران موجعان يتبادران لخاطرها



أولهما كسّاب ذاته



وثانيهما أنه صديق كسّاب سيخطب خالة كسّاب ولكن هي لم ولن يخطبها أحد



فمن سيريد فتاة دميمة مثلها؟!!



بل وعلى وشك استلام عملها في مجال قيادة الطائرات!!






ولكن مزون حاولت تجاوز كل هذا.. فهذا الحزن وخصوصا مع ذكرى كسّاب ذاته شيء بات يتغلغل في روحها واُجبرت على التعايش معه



لذا همست بمرح خبيث: زين ويوم إنش ما تبين اللي أصغر منش



كان خذتي اللي أكبر منش





عفراء أنزلت الصحن الأخير على الطاولة وجلست وهي تهمس بحرج:



مزونتي قلبي.. كم مرة قلت لش لا عاد تفتحين ذا الموضوع




مزون تمد يدها لكأس الكرك الذي صبته لها خالتها وترتشف منه وتهمس بهدوء:



ولا عمرش اقنعتيني بأسبابش



أنا بصراحة ما أشوف السبب اللي خلاش ترفضين إبي عقب ماتوفت أمي




عفراء تقضم طرف قطعة الخبز وتهمس بمودة: خلاص هذا موضوع انتهى من سنين



وأنا خلاص خلصت من العرس كله.. ما تزوجت وبنتي صغيرة



أتزوج الحين عقب ماصارت هي عروس




ثم أردفت بحزن عميق وكلمة عروس تقلب الكثير من المواجع:



أنتي عارفة إنها كانت قبل مرضها ذا تخطب مني.. لكن الحين ؟!!



الله يشفيها لي بس




مزون أنزلت اللقمة التي كانت على وشك تناولها لأنها خشيت أن تغص بها وهي تهمس بحزن مختنق:



خالتي والله حرام تخلين جميلة على ذا الحال



سافري فيها مع كسّاب وإلا علي



هذا هم اثنينتهم يحنون عليش




عفراء تنهدت بحزن: يا قلبي يا مزون.. جميلة ما عاد هي بصغيرة.. صارت مرة



ولا علي ولا كسّاب حلال عليها يكشفونها



لو كان مرضها غير ذا المرض كان قلت عادي أنا معها



لكن هي الحين حتى ما تقدر تغطي وجهها ولا حتى فيها حيل تغطي أي جزء ينكشف من جسمها



الشيء الثاني.. أنا أملي بالله كبير إنها تتحسن إن شاء الله







مزون تعلم أن هذه الأسباب وإن كانت من ضمن الأسباب إلا أنها ليست كلها!!..



لذا صمتت وهي تقف ثم تهمس بحنين: زين أنا بأروح أطل عليها.. بتوعى فيني؟!!







عفراء وقفت معها: أصلا هي واعية.. أنا طليت عليها قبل شوي..



عصبت علي وعصبت عليها عشان الريوق







الاثنتان تتجهان للأعلى ومزون تهمس: زين والجامعة بترجع الفصل الجاي وإلا لأ؟!!





عفراء بألم عميق: قولي إن شاء الله..





مزون تحاول تغيير دفة الحديث من أجل الحزن الذي فاض من عيني خالتها: والمدرسة وش أخبارها؟؟





عفراء بسخرية مرة: لا تسألين لأنه هذي ماعادت دراسة ولا مدارس.. هذي مأساة من مآسي ذا الزمان



خلينا من ذا الموضوع الغثيث الحين.. وصلنا غرفة جميلة




 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس