عرض مشاركة واحدة
قديم 08-16-2012, 08:04 AM   #55 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5044 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



الجزء الخامس والاربعون
" لا ترحل"

سار مازن في الردهة جيئة وذهابا.. وهو يحاول ان يفكر في حديث يقنع به والده.. وعبارات قد تجعله يرضخ للامر.. كان يعلم جيدا ان ما يهم والده هو املاكه اولا.. لهذا اراد ان يستخدم الاسلوب ذاته معه..ان يتحدث اليه بطريقة عملية دبلوماسية تقنعه على رفض احمد زوجا لمها..
وعقد حاجبيه وهو غارق في التفكير.. ويحاول ان يفي بوعده لمها وان يقنع والده حقا بأن يرفض احمد ويقبل بحسام..
وتوقف اخيرا عن مواصلة التفكير وهو يتوجه الى الطابق الاعلى .. والى غرفة والده بالتحديد.. وشعر بصعوبة ما وعد مها به في تلك اللحظة.. فهو اكثر الناس علما بوالده.. ويعلم انه سيرفض كل ما يمس ثروته سواء كان هذا على حساب نفسه او حساب ابناءه..
وزفر بحدة وهو يجد نفسه مرغما على ان يفعل أي شيء لشقيقته وليرى الفرحة على وجهها من جديد مادام لم يستطع رسم الفرحة على وجهه هو.. وطرق الباب اخيرا منتظرا سماع اجابة والده..ومن داخل الغرفة.. جاءه صوت والده وهو يقول: ادخل ..
امتدت يد مازن لمقبض الباب.. ليديره ويدلف الى الداخل.. وتطلع اليه والده الذي كان جالسا على طرف فراشه وقد تغضن جبينه وقال بحدة: اجئت لتكمل ما كنت تقوله هذا الصباح؟.. لديك صفة سيئة اخرى لم تنعتني بها حتى الآن..
اقترب مازن من والده وابتسم ابتسامة شاحبة وهو يقول: بل جئت لاعتذر عما قلته هذا الصباح.. فقد كنت منفعلا وقلت ما قلته في لحظة غضب.. ولاتحدث اليك في موضوع ما ايضا..
قال والده ببرود: اخبرني الموضوع الذي جئت من اجله وانصرف ..
ادرك مازن ان والده لن يهتم لو اعتذر له او لم يفعل.. واكتفى بأن جذب له مقعدا وجلس عليه وهو يقول: الموضوع الذي جئت لأحدثك فيه يا والدي يعني مها..
قال والده بحيرة: وماذا بها مها؟..
قال مازن وهو يحاول انتقاء عباراته للحديث: قبل كل شيء .. اخبرني يا والدي.. هل انت مقتنع بتزويجها من احمد؟ ..
تطلع له والده بنظرة صامتة ومن ثم قال: ما دام فيه مصلحة العائلة فأنا مقتنع به..
قال مازن وهو يحاول ان يحرك مشاعر والده تجاه مها: ولكن قد يتسبب في حزن دائم لاحد ابناءك.. فانت تعلم جيدا ان احمد انسان مستهتر لا يهتم سوى بنفسه وليس حمل مسئولية او منزل وزوجة .. فكيف ستطمئن على ابنتك وهي زوجة له؟ .. الا تخشى ان لا يهتم بها.. ان يقسوا عليها.. ان يجرحها في الكلام او حتى يتطاول عليها بالضرب..
قال امجد بضيق: لن يستطيع ان يمس ابنتي بسوء وانا على قيد الحياة ..
قال مازن وهو يميل نحو والده: ولكن ها انتذا تقدمها له كزوجة .. فحينها من سيستطيع منعه من ان يؤذي ابنتك.. فهو زوجها .. وحتى لو تدخلت انت .. فسيتدخل عمي هو الآخر ويحاول ان يمنعك من تأنيب ابنه على تصرفه وقد يعاود تهديدك بنصيبه في رأس المال.. وعندها لن تجد امامك من حل سوى الصبر والصمت..
قال امجد وقد ادرك مغزى مازن من حديثه: مازن الى ماذا تلمح؟.. لقد وافقت شقيقتك امامكم وانتهى الامر.. وهذا يعني انها موافقة على زواجها من احمد..
قال مازن في سرعة: عندما اقنعتها انت ان ما تفعله هو لاجل العائلة .. لكننا لسنا اطفال يا والدي.. انا وكمال يمكننا العمل .. وان نصرف على انفسنا.. وشركتك يمكن ان تقترض لاجل سداد الخسائر او بيع عماراتك.. او حتى بيع منزلنا وشراء منزل اصغر منه.. فنحن لا نقبل ان نعيش في بذخ على حساب سعادة مها..
تطلع له امجد وقال بحدة: لكن في هذه الحالة سنضطر للتخلي عن كل شيء.. للعيش في مستوى العائلات المتوسطة..وبعد ان كنت رجل اعمال شهير في عالم رجال الاعمال.. اصبح مجرد رجل اعمال يقترب من الافلاس..ثم ان الامر قد انتهى وانا حددت كل شيء مع عمك بعدموافقة مها..
قال مازن وهو يتطلع الى والده برجاء: لكن مها لا تفكر في احمد حتى.. انت رأيت بنفسك الحزن الذي اصابها عندما رفضت حسام.. وهذا يعني انها ترغب بهذا الاخير زوجا لها .. كما ولابد انك لاحظت انطوائها وحزنها بعد ان وافقت على احمد وهذا يثبت عدم رغبتها في الزواج به .. والدي .. ارجوك فكر بمها قبل كل شيء.. فليكن ابناءك ولو مرة واحدة في حياتك هم اهم اولوياتك..تذكر انك بزواج مها من احمد.. قد تقتل ابنتك بزواجها من شخص تكرهه وشخص ثد يتسبب في شقاءها وتعاستها مستقبلا .. كما ...
قاطعه والده قائلا بخشونة: قلت لك ان الامر قد انتهى..
هز مازن رأسه نفيا وقال: كلا لم ينتهي.. لان مها قد تراجعت في قرارها ورفضت ان تقترن بأحمد..
تطلع له والده بشك .. ولكن عندما لمح الجدية في وجه مازن قال بغضب: لو كان ما تقوله صحيحا..وان مها قد رفضت احمد .. فاعلم ان هذا الامر لن يمضي على خير.. فأنا على يقين بأنك انت و شقيقك قد ملأتما رأسها بتلك الافكار السخيفة ..
قال مازن وهو يشبك اصابعه ويتنهد: والدي انها ابنتك الوحيدة بين شابين والمدللة .. وكان يجب ان تكون انت اول من يفكر في اقناعها بالرفض لا نحن.. لان هذا الزواج لن يتسبب الا في قتلها ببطء..يجب ان تكون انت اكثرنا خوفا على مصلحتها ..
هز امجد ساقه بعصبية ومن ثم قال: لم لا تفهم.. زواجها من احمد فيه مصلحتها.. فهي ستعيش في رفاهية ونعيم طوال حياتها بدلا من ان ترفض هذه الزيجة وتتسبب بخسارة للشركة ولكم ..
كان مازن يدرك جيدا ان لوالده نقطة ضعف او انه يحمل بداخل قلبه نقطة بيضاء ..حاول ان يستغلها قدر الامكان وهو يقول: تذكر جيدا يا والدي.. ا ن زواج مها من احمد.. سيتسبب في تعاسة ابنتك المدللة..ولهذا لديك الآن الفرصة لكي تمنع الما وحزنا قد تعيشه في المستقبل لو اجبرتها على الزواج بأحمد من اجل مال واملاك.. قد تخسرها جميعا في صفقة خاسرة او في حادث.. وبعدها ستخسر كل شيء.. املاكك وابناءك..
وشعر مازن انه قد اصاب الهدف عندما رأى التردد في عيني والده.. وتلك الحيرة التي ظهرت على ملامحه وجعلته يقول بعد تفكير: فرضا لو انني رفضت احمد كما قلت ولم اوافق ان يتزوج ابنتي.. فكيف يمكنني ان اتكفل بحجم الخسارة التي ستصيب الشركة وهذا المنزل ككل؟..
اسرع مازن يقول وقد اسعده تردد والده: يمكنك ان تشارك احد رجال اعمال يا والدي.. يمكنك بيع حتى سياراتنا.. لكن لا تتسبب في تعاسة مها.. ارجوك.. انها شقيقتي الوحيدة ..
تطلع له امجد بهدوء ومن ثم قال: من الغريب انك انت من يقول هذا الحديث وقد كنت دائم الشجار مع مها..
ابتسم مازن وقال وهو يحك ذقنه: شجاري معها لا يعني اني لا احبها .. بل تستطيع القول ان هذه هي طريقتي في التعبير عن حبي لها ..
تطلع له والده بصمت.. في حين قال مازن وهو يريد ان يجعل والده يتراجع عن قراره نهائيا: فكر جيدا يا والدي.. فهي ابنتك الوحيدة.. المال يذهب ويأتي.. لكن مها قد تذهب ولا تعود ..ستتحطم وتنهار ولن تعود مها التي نعرفها .. فكر في مصلحتها اولا.. وانها لو تزوجت احمد ووافقت عليه فذلك لاجلك وحدك.. فها انت ذا تراها تريد ان تضحي لاجلك بحياتها وسعادتها ..افلا تستطيع انت التضحية بمالك فقط من اجلها؟ ..
تنهد امجد ولم يعلق.. في حين تطلع مازن الى والده بنظرة عميقة قبل ان يقول مؤكدا: فكر جيدا يا والدي في تضحية ابنتك .. وحاول ان تقدم لها ما يضاهي تلك التضحية التي كانت ستحول حياتها الى شقاء وحزن دائم لأجلك يا والدي..
صمت امجد ولم يجد ما يقوله.. واكتفى مازن بأن القى نظرة على والده محاولا معرفة ردة فعله.. ثم لم يلبث ان نهض من مكانه وقال بهدوء: هذا ما جئت لاقوله لك يا والدي.. بالاذن الآن ..
قالها ونهض من مكانه .. ليتوجه نحو الباب.. وقبل ان تمتد يده لتدير مقبضه سمع والده يقول : انتظر..
التفت مازن الى والده متسائلا.. فاردف والده بابتسامة شاحبة: سأفكر بجدية في الموضوع.. وسأفعل ما اجده في مصلحتنا جميعا..
ابتسم مازن بسرور.. فمجرد تفكير والده في الامر يعني انه قد رق قلبه تجاه ابنته التي عانت الامرين من موضوع الزواج هذا .. وقال وهو محتفظ بابتسامته: بل افعل ما تراه في مصلحة مها وحدها يا والدي..
ومن ثم لم يلبث ان غادر الغرفة.. وكاد ان يتوجه الى غرفته ..لولا ان سمع اصواتا من الطابق الاسفل.. فغير وجهته الى الدرج ليهبط درجاته.. وبينما هو كذلك استطاع ان يلمح ملاك التي كانت تدفع عجلات مقعدها بهدوء متوجهة الى غرفتها .. وتابعها بنظراته حتى دلفت اليها واغلقت الباب خلفها ..
ووجد نفسه يزفر بحدة وهو يلتفت الى مها التي اقتربت منه لتصعد الدرج.. ولكنه توقف في طريقها قائلا: ماذا حدث؟..
رفعت مها ناظريها الى مازن وقالت: ماذا حدث في ماذا ؟..
تطلع اليها مازن بنظرات حادة وقال: مها .. لا تصطنعي الغباء .. اخبريني.. هل استطاع عمي اقناعها على ان تتراجع عن طلبها في الانفصال؟..
هزت مها رأسها نفيا وقالت: لست اعلم..
ارتفع حاجبا مازن بدهشة وقال: كيف لا تعلمين؟؟..
قالت مها وهي تعتدل في وقفتها قليلا : بصراحة لقد كانت متمسكة برغبتها في الانفصال حتى آخر لحظة.. لكن ...
ومن ثم لم تلبث أن وضعت كفها على درابزين السلم وهي تكمل: لكن ما ان اريتها تلك الصورة التي على خلفية شاشة هاتفك.. حتى صمتت لفترة.. وبعدها رفضت ان نتحدث اليها في هذا الموضوع.. فقد اتخذت قرارها وهي وحدها من ستتحمل نتائجه ..
شعر مازن بقلبه يخفق بقوة خوفا وقلقا من هذا القرار الذي اتخذته.. وقال وهو يتمنى لو تجيبه مها بالنفي: هل تعنين قرارها بالانفصال؟؟..
قالت مها وهي تهز كتفيها بقلة حيلة: صدقني يا مازن لست اعلم .. لقد رفضت الاستماع حتى لوالدها.. فهل ستقبل الاستماع لي انا؟..
قال مازن وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره الاسود: والعمل الآن؟؟..
التفتت مها الى حيث غرفة ملاك وقالت : يمكنك الحديث الى ملاك ان شئت .. لكي تعلم بقرارها النهائي الذي عنته..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: وهذا ما سافعله..
واسرع يهبط الدرجة الاخيرة من درجات السلم ويتجه نحو غرفة ملاك.. وقد اخذ شعوره بالخوف والقلق يتضاعفان في اعماقه كلما اقترب اكثر من باب غرفتها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
امسكت ندى بمضرب التنس وهي تقف استعدادا لصد الكره به.. وتحركت برشاقة وهي ترى الكرة تتجه نحو اليمين..لتصدها بمضربها بمهارة.. وتجعلها تنطلق نحو الاتجاه الآخر..
وسمعت بغتة صوتا يناديها جعلها تلتفت لصاحبته.. دون ان تنتبه الى تلك الكرة التي صدتها زميلتها بدورها واعادتها اليها ..وما ان تعدت الكرو الخط الابيض .. حتى قالت زميلتها بمرح: واخيرا .. سجلت نقطة..
شعرت ندى بالحنق في تلك اللحظة وقالت وهي تصب غضبها على الفتاة التي قامت بنادئها: اكان يجب ان تناديني في هذه اللحظة بالذات يا رشا؟.. الم يكن بأمكانك ان تصبري لدقائق فقط؟ ..
قالت رشا باسلوب اثار استفزاز ندى: في الحقيقة.. كلا ..
اقتربت منها ندى وقالت باسلوب حاد: وما الذي حدث في الكون حتى لا يمكنك الصبر الى هذه الدرجة ؟..
قالت رشا وهي ترمق ندى بنظرة ذات معنى: بل هناك ما لم يحدث ..
قالت ندى ببرود وهي تعقد ساعديها امام صدرها: لا تتحدثي بالالغاز.. ان كان هناك امر تودين قوله .. فقوليه او انصرفي ..
تطلعت رشا الى زميلة ندى التي لا تزال تنتظر وقد شعرت بالملل من توقف المباراة بينها وبين ندى.. ومن ثم عادت لتلتفت الى هذه الاخيرة وهي تقول: اريد ان اتحدث معك وحدك..
التفتت ندى الى زميلتها وقالت وهي تعيد المضرب الى مكانه: مضطرة للانصراف الآن يا رنا ..نلتقي في وقت لاحق..
وانصرفت من قسم التنس لتسير الى جوار رشا التي قالت فجأة: اين مازن؟؟..
التفتت لها ندى بحدة وقد استغربت سؤالها.. فاكملت رشا قائلة:انه لم يأتي الى النادي منذ عشرة ايام تقريبا .. فأين هو؟..
قالت ندى بحدة: وكيف لي ان اعلم.. اتصلي به واسأليه عن مكانه ..
قالت رشا وقد عقدت حاجبيها بحنق: واتظنين انني لم افعل؟.. لكن رقمه لم يعد في الخدمة.. فما الذي حدث؟..
تذكرت ندى في هذه اللحظة ان مازن قد غير رقم هاتفه .. ووجدت نفسها تبتسم بخبث وهي تقول: لقد غير رقم هاتفه ..
تسائلت رشا بدهشة: ولم فعل؟..
قالت ندى وهي راغبة في اغاظتها: لان هناك من يزعجه باتصالاته المتكررة..
قالت رشا بعصبية: من تعنين بكلامك؟..
قالت ندى وهي تتطلع اليها من رأسها حتى اخمص قدميها باسلوب مستفز: اظن ان كلامي واضح جدا..
شعرت رشا بغضب بدأ يتملك كيانها لكنها ارتدت قناع البرود امام ندى وقالت وهي تفكر في قلب اللعبة وان تغيظ ندى بدلا من ان تغيظها هذه الاخيرة: لقد فهمت الآن.. فهو بالتأكيد لا يريد لاحد ان يحدثه بعد ان تزوج من ابنة عمه واستقر معها بهدوء.. بعيدا عن ازعاج الاقارب المتطفلين..
شعرت ندى بالدم يغلي في عروقها وقالت بغضب: اقرباءه افضل منك بألف مرة .. ثمني كلماتك والا قطعت لسانك..
قالت رشا وهي مستمرة في نشر سمومها: كما وان كذبك الآن قد انكشف .. فقد قلت ان مازن يفكر بالارتباط بك .. لكن ها هو ذا قد هرب مبتعدا عنك.. وفضل عاجزة عليك ..
صرخت ندى قائلة: تبا لك.. اصمتي.. سأثبت لك الآن انه يحبني.. ويريدني انا لا تلك العاجزة..
واخرجت هاتفها باصابع ترتجف من شدة العصبية.. واخذت تبحث في قائمة الاسماء عن اسم مازن.. حتى وجدته اخيرا .. وقالت بصوت منفعل وهي تضع الهاتف في مواجهة رشا: انظري بنفسك .. انظري .. لقد منحني رقمه.. انا الوحيدة التي منحها رقمه.. لكي احدثه دائما..
ضحكت رشا ضحكة ساخرة ومن ثم قالت: وربما تكونين قد حصلت على رقمه من مها مثلا..
شعرت ندى بالحنق وازدادت من شدة قبضتها على هاتفها المحمول .. في حين اردفت رشا قائلة وهي تميل نحوها وبنظرات ماكرة: تجدين ابن عمك الآن غارق في السعادة مع زوجته .. وقد نسي كل ما يعنيك.. حتى اسمك ..
اشتعلت نار الغضب في صدر ندى.. جعلتها تدفع رشا عنها في قسوة.. وتسير بخطوات عصبية اقرب الى العدو.. متجهة الى خارج النادي..وهناك اتصلت في السائق حتى يأتي الى النادي على عجل..وتوقفت لعشر دقائق تنتظر حتى مرت سيارة السائق بجوارها.. واستقلت المقعد الخلفي وهي تقول للسائق بعصبية: لم تأخرت هكذا؟..
قال السائق وهو يواصل طريقه وكمن اعتاد اسلوب ندى الحاد: المعذرة آنستي.. ولكن الشوارع كانت مزدحمة..
لم ترد ندى الاستمرار في هذه المناقشة العقيمة..فآثرت الصمت وهي تتطلع من النافذة.. وفي تلك اللحظة سألها السائق قائلا: لم تخبريني يا آنستي.. الى اين تريدين ان اوصلك؟..
قالت ندى وهي تتطلع من نافذة السيارة: منزل عمي امجد..
من جانب آخر كان مازن يطرق باب غرفة ملاك بطرقات متتابعة وهو يأمل ان لا تكون قد اقفلت الباب خلفها والا فلن يتمكن من الدخول الى الغرفة..
وجاءه صوت ملاك وهي تقول متسائلة: من؟..
لم يجب مازن .. بل ادار مقبض الباب .. وعندها تنهد بارتياح عندما وجده مفتوحا.. واطل بجسده من الباب وهو يقول بابتسامة: انا ..
التفتت له ملاك بسرعة وحدة.. ومن ثم لم تلبث ان قالت وعلامات الضيق قد ظهرت على وجهها: ما الذي جئت تفعله هنا؟..
انقبض قلب مازن امام الضيق الذي بدا على وجهها عندما رأته .. لكنه قرر المضي في ما جاء لأجله.. وان يناقشها في قرارها.. ويجبرها على ان تغير رأيها وقرارها ان تطلب الامر ..
وابتسم بمرح مفتعل وهو يدلف الى الغرفة ويقول:جئت لكي اسأل عن زوجتي.. اخبريني.. كيف كانت تدريباتك اليوم؟..
تطلعت له ملاك بنظرات حادة ومن ثم قالت بعصبية: لم اعد زوجتك.. سأنفصل عنك في القريب العاجل..
حاول مازن الا يبدي غضبه تجاه هذا الامر وان يستخدم اسلوب آخر قد يجعل قلب ملاك يرق تجاهه.. ويجعلها تسامحه.. وقال وهو يتقدم منها بابتسامة: وتتركين زوجك وحيدا بدونك؟.. كيف سيمضي يومه دون ان تكون ملاك بجواره؟..
كورت ملاك قبضتيها في غضب وقالت بحدة: لا يهمني أي شيء يعنيك.. المهم ان تخرج من حياتي..يكفي الالم والحزن الذي تجرعته بسببك..
تقدم مازن منها اكثر ومن ثم قال وهو يتأمل ملامح وجهها: لا تكوني قاسية هكذا.. والدك الذي لم يعرفني بشكل جيد غفر لي خطأي وسامحني على ما فعلته عندما استمع الي.. وانت التي اعتبرك اقرب الناس الي.. ترفضين ان تصفحي عني..
اشاحت ملاك بوجهها عنه وقالت بقهر: ابي لم تنهن كرامته بسببك..لم يجرح بسبب خيانتك.. لقد فكر في حججك واعذارك.. ونسي ان لي كرامة ومن حقي ان اتخذ القرار الذي اراه مناسبا..
هبط مازن الى مستواها وقال برحاء: قرارك ليس مناسبا ابدا يا ملاك .. ان كان بالنسبة لك.. فبالنسبة لي لا.. لقد احببتك ..عشقت ملامحك.. عشقت صوتك.. اصبحت مصدر السعادة لي في هذه الدنيا.. لا استطيع يا ملاك ان اتركك ترحلين عني .. ارجوك.. تذكري كل ما كان بيننا من لحظات سعيدة.. وانسي ماض ولى ولن يعود..
تسائلت ملاك بعينين دامعتين وهي تلتفت له: اتحبني حقا؟..
اسرع يمسك كفيها ويقول بابتسامة واسعة: الحب كلمة بسيطة على ما اشعر به تجاهك.. لقد اصبحت جزءا من كياني يا ملاك ..
هتفت ملاك قائلة بصوت باكي: اذا طلقني..
ترك مازن كفيها كردة فعل من ما قالته.. توقع عندما سألته عن مشاعره تجاهها.. انها قد بدأت تسامحه.. لكن يبدوا ان الصدمة قد انستها كل شيء.. ولم تعد ترى الا اخطاءه.. والعذاب النفسي الذي عاشته بسببه..
وقال مازن في تلك اللحظة وهو يحاول ان يستحثها على تغيير رأيها: ملاك لا تتسرعي.. انا متمسك بك حتى آخر يوم في عمري .. فكري جيدا قبل ان تتخذي قرارا كهذا.. لو انفصلنا فلن اراك ولن ترينني بعد الآن..
ومع ان قلب ملاك كان يرفض هذا الامر ويستنكره بشدة.. ومع ان قلبها كان يهتف بها ان تسامح مازن وتغفر له.. لتعيش بقربه الى الابد.. الا ان عقلها رفض تخاذلها هذا .. وجعلها تقول ببرود: افضل..
اتسعت عينا مازن بذهول .. الى هذه الدرجة اصبحت تكرهني .. الى هذه الدرجة لم اعد اعني لها أي شيء.. هل من الممكن ان يتحول الحب والمشاعر الجميلة التي كانت تربطهما يوما الى كره؟..
ووجد مفسه يتطلع الى ملاك بغير تصديق وكأنه ينتظر منها ان تخبره بشيء آخر غير الذي سمعه.. وقالت ملاك في تلك اللحظة وهي تشير باتجاه الباب: والآن غادر الغرفة.. لم اعد اريد ان اراك ..
في هذه اللحظة فقط انتبه مازن الى كفها.. والى ان خاتم الخطوبة لم يعد يحتل اصبعها.. ووجد نفسه يمسك معصمها بغتة.. ويقول بعصبية: اين خاتم الخطوبة؟؟..
ارتبكت ملاك امام عصبيته المفاجأة .. لكنها لم تلبث ان تمالكت نفسها وهي تقول بصوت حاولت ان تجعله لامبالي قدر الامكان: لم اعد بحاجة اليه..
هتف مازن بانفعال وقد شعر بالغضب لكل ما تفعله ملاك: ماذا؟؟..
خفق قلب ملاك بخوف وقالت وهي تحاول التظاهر بالقوة على الرغم من ارتباكها: اجل لا احتاجه.. فكل ما بيننا انتهى ..
ترك مازن معصمها بخشونة وقال بحدة: ذلك ابعد من النجوم عنك .. لم ينتهي شيء ولن ينتهي ابدا..
قالت ملاك بعد ان استجمعت شجاعتها: ليس من حقك فرض نفسك على فتاة لا تريدك..
قال مازن بغضب وهو ينهض واقفا: بل انا احاول ان اقف صامدا امام حماقتك التي لا تنتهي..
ومن ثم اردف قائلا بصرامة: ولقد قلتها ذات مرة وسأعيدها على مسامعك.. انت ستكونين لي وحدي.. لن انفصل عنك مهما فعلت..
واستدار عنها مغادرا الغرفة قبل ان تطول المشادة بينه وبين ملاك لأكثر من ذلك..وما ان وصل خارجها حتى كور قبضته بغضب.. وقد شعر بالامل الذي كان يتمسك به يتلاشى.. ملاك لن تسامحه.. وحتى والدها الذي كان يتأمل منه ان يقنعها .. لم يستطع ان يأثر على قرارها.. فماذا عساه ان يفعل الآن؟ .. وقد يأتي اليوم الذي يقف خالد بجوار ابنته.. ويطلب منه ان يفصل عنها ...
تنهد بألم ومن ثم سار باتجاه الدرج بخطوات بطيئة و...
(مازن)
التفت مازن الى صاحبة الصوت ومن ثم ارتفع حاجباه باستغراب وهو يقول: ندى..
اقتربت منه ندى وقالت بعصبية: اجل ندى.. لم انت مستغرب هكذا؟..هل وجودي غير مرحب فيه ؟..
قال مازن بابتسامة: ولم تقولين هذا؟.. اجلسي.. سأنادي مها لك.. لــ...
قاطعته ندى قائلة بحنق: لم آتي لأجل مها.. بل جئت من اجلك انت ..
استغرب مازن من عبارتها وقال وهو يشير الى نفسه: لاجلي انا؟؟ ..ما الذي تعنينه بقولك هذا يا ندى؟..
قالت ندى بحدة وهي تتجاهل الاجابة على سؤاله: ما الذي اصابك يا مازن؟.. كيف تمكنك تلك العاجزة من تغييرك على هذا النحو؟.. لم يعد احد يراك..ولم تعد تهتم بأحد.. وانا التي كنت انتظر اليوم التي تلتفت فيه الي.. في النهاية اجدك تتجاهل حتى مكالماتي.. لم تفعل هذا بي يا مازن؟.. لم؟.. الا تعرف اني رفضت العديد ممن جاؤوا لخطبتي من اجلك وحدك؟ .. لقد كنت انتظرك انت.. وفي النهاية تزوجت تلك العاجزة ولم تعد تلتفت لي انا.. انا التي احبك اكثر من أي فتاة اخرى..
تطلع لها مازن باستنكار.. استنكر كلماتها التي تهين فيها ملاك.. استنكر ملاحقتها لرجل متزوج.. استنكر تصرفها هذا وكأنها هي من تعرض نفسها عليه وتطلب منه ان يتزوجها..
وتطلع اليها باحتقار ليقول بصوت صارم: الا تخجلين من نفسك يا ندى؟.. انا رجل متزوج الآن ..هذا اولا.. وثانيا لو كنت اريدك لجئت لطلب يدك من تلقاء نفسي .. لا ان تأتي انت الى هنا وتعرضي علي نفسك كالسلعة الزهيدة الثمن..
قالت ندى وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: كل هذا لاجلها .. لاجل تلك العاجزة.. تركتنا جميعا لأجلها..
ومن ثم اردفت بانفعال: انت لست مازن.. كيف تقبل على نفسك ان تتزوج عاجزة مثلها؟.. كيف ستعيش مع فتاة لا تسير على قدميها كباقي البشر؟.. اتقبل على نفسك ان تقدمها للناس وتقول انها...
اتعرفون ماذا يمكن ان يحدث ان ازداد الضغط على انسان ما؟..وهو يستمع الى شخص امامه يقلل من شأن احب الناس على قلبه.. قد يحاول ان يمسك اعصابه مرة واثنتين وثلاث.. لكن بعدها سيحدث الانفجار الذي لا يمكن لاحد ردعه..
وهذا ما فعله مازن.. عندما وجد نفسه يريد اصمات ندى بأي وسيلة ومحاولة ايقاف سيل الكلمات السامة التي تنطق بها.. ولهذا فقد وجد نفسه يرفع كفه ليهوي بها بصفعة قاسية على وجه ندى.. ندى التي تطلعت له بصدمة وبعينان متسعتان على آخرهما وقد كان تصرفه هذا آخر تصرف توقعته من مازن الذي تحب..
اما مازن فقد قال وهو يتطلع الى ندى بغضب: كفى.. لا اريد سماع المزيد.. ملاك افضل من عشرة من امثالك.. ان كان الله قد حرمها نعمة السير.. فقد حرمك انت نعمة التفكير.. ملاك التي تتحدثين عنها اطهر وانقى مخلوقة يمكن ان تقع عيناك عليها..قلبها المحب للناس الذي لا يعرفه امثالك.. وبراءتها التي تسحر أي شخص يقف امامها.. ملاك تستحوذ على أي شخص برقتها وبراءتها وبنقاء قلبها.. وانت.. وانت يا من تتحدثين عن الحب.. اتعرفين ما هو الحب من الاساس؟.. اتعرفين معنى ان تحبي شخصا ما؟.. وكيف لك ان تعرفيه وانت لا تتطلعين الى الناس الا بأنانية..تفكرين بنفسك فقط وبمظهرك امام الناس .. تريدين ان تحصلي على كل شيء وغيرك لا شيء.. اخبريني يا من تقولين انك تحبيني.. هل شعرت يوما بالغيرة علي؟.. لقد كنت ترينني مع عشرات الفتيات.. ولم تهتمي لذلك ابدا .. كنت تظنين انني في النهاية سأتقدم لخطبتك وسأكون لك..ولهذا لا يهمك ان سرت مع هذه او ضحكت مع تلك .. هل هذا هو ما تسمينه حب يا ندى؟..
الذهول كان يطغى على ملامح ندى وتلك الكلمات تخترق اذنها كطلقات الرصاص جعلها لا تقوى على نطق أي حرف.. ولم تعد تعرف ان كان مازن من يقف امامها ام انه شخص آخر ..
ومازن الذي واصل مكملا وهو يلتقط انفاسه: وملاك.. تلك التي كل ذنبها في الحياة هي انها عاجزة.. تقللين من شأنها لأنها لا تسير.. تظنين انها ليست بشر ومن حقها ان تعيش ..كل ما يهمك هو نفسك.. وان تحصلي على كل شيء حتى وان كان على حساب غيرك..
تلاشى الذهول من على ملامح ندى ليحل محله الغضب والشعور بالاهانة.. ورفعت كفها الى وجنتها لتقول بانفعال: كيف تسمح لنفسك بقول مثل هذا الكلام لي؟.. بل كيف تتجرأ وتضربني؟.. انا ندى ابنة عادل..تفعل هذا بي!.. لقد ظننتك انسان متفتح لكن في النهاية وجدتك انسان متوحش.. يظهر قوته على الفتيات..
شعر مازن انه قد اخطأ حقا عندما ضربها.. لكن ذلك قد حدث بالرغم منه وهو يراها تسخر من ملاك وتهزأ بها..وقال وهو يحاول تمالك اعصابه: لم اقصد ان اضربك.. ولكن سخريتك من ملاك جعلني افعل ذلك بالرغم مني..
تطلعت ندى له بنظرات غاضبة .. ثائرة.. وقالت بغضب وعصبية: انت من سيخسر.. انت من ستندم.. لانك فضلت علي فتاة مثل ملاك..سيأتي يوم وتنفصل عنها لانها لا تناسبك .. وعندها ستعود الي.. لكني لن اقبل بك.. ولن اهتم..
ابتسم مازن ابتسامة ساخرة وقال: اعود الى من؟.. من تظنين نفسك؟.. اخشى انك زوجتي ولا اعلم..
شعرت ندى بغضبها يتضاعف مع سخريته.. ورمقته بنظرة باردة قبل ان تنصرف من المكان.. ومازن يتابعها بنظرات استهزاء.. ومن ثم لم يلبث ان التفت الى غرفة ملاك وقال وهو يتنهد: فقط لو تفهمين يا ملاك.. ان لا احد يشغل ذهني وقلبي سواك ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هناك في ذلك المنزل الكبير والفخم.. والذي يتكون من ثلاث طوابق..وخلف احد ابواب تلك الغرف.. كان يجلس احمد على احد المقاعد الموجودة بغرفته.. وافكاره تتجه الى مها..لقد ارسل لها العديد من الرسائل لكنها لم تجب على أي منها.. واتصل لها مرات عديدة.. وفي كل مرة كانت ترفض المكالمة.. لكنها حتما ستجيب عليه عندما تشعر بالملل..
والتقط هاتفه وهو يبتسم بسخرية قائلا: فلنرى الى متى يمكنك الصمود يا خطيبتي العزيزة..
وعاد ليتصل بها.. واستمع الى الرنين المتواصل.. وكاد ان يفقد امله في ان تجيبه.. لكنه سمع صوت رجولي يقول بغتة: من؟..
استغرب احمد في البداية.. لكنه كان متأكد من انه لم يخطأ في الرقم .. فهل غيرت مها رقم هاتفها يا ترى؟.. وقال متسائلا: هل مها موجودة يا سيد؟..
قال الشاب بسخرية: اجل.. ولكنها لا ترغب في الحديث اليك.. لهذا لا تتصل مرة اخرى واحفظ ما تبقى من ماء وجهك ..
عرف احمد هذه المرة صاحب الصوت وقال بحدة: لا شأن لك انت لتتدخل يا حسام.. اريد ان اتحدث الى خطيبتي..
قال حسام باستهزاء: وقريبا ستكون خطيبتك سابقا.. لهذا اخبرك ان تبتعد عنها منذ الآن.. لأن الفتاة لم تعد تريدك ..وانصحك ان تبحث عن غيرها لتلعب معها لعبة التهديد تلك..
قال احمد بغضب وهو يشد من قبضته على هاتفه:قلت.. اعطي الهاتف لمها..
قال حسام ببرود: سأعطيه لها.. ليس خضوع لاوامرك التافهة .. بل لكي تتأكد بنفسك انها لم تعد تريد شاب حقير مثلك ..
من ثم رفع حسام رأسه الى مها التي تجلس في مواجهته في كفتيريا النادي.. وقال وهو يسلمها الهاتف: اخبريه انك لم تعودِ تريدينه ومن ثم انهي المكالمة.. لا تضيفي أي حرف آخر..
ابتسمت مها وقالت بمرح: امرك سيدي..
ومن ثم اجابت على احمد لتقول ببرود: اهلا..
اندفع احمد يقول بعصبية: اياك وان تمنحي هاتفك لابن خالك ذاك مرة اخرى..
قالت مها بدهشة مصطنعة: حقا؟.. ومن تكون انت حتى تأمرني ؟..
قال احمد بعصبية اكبر: خطيبك.. ام انك نسيتِ بهذه السرعة؟ ..
قالت مها بابتسامة ماكرة: انه موضوع يستحق النسيان حقا..
قال احمد بغضب متجاهلا عبارتها: ثم ماذا يفعل ذاك الشاب عندك؟ ..
قالت مها ببرود: هذا ليس من شأنك.. واظن ان حسام قد اخبرك اني رافضة لأن اتزوج بك.. وهذا يعني ان الخطبة كلها قد انتهت عند هذا الحد..
قال احمد بانفعال وهو يهب من مقعده واقفا: ماذا تقولين؟.. اتظنين ان الامر لعب اطفال؟.. الم توافقي امامي وامام والدي؟.. كيف تغيرين رأيك الآن.. وتقولين بكل بساطة انك رافضة لهذا الزواج..
قالت مها بحدة: لاني كنت مرغمة على الزواج بك وقتها.. من اجل والدي.. اما الآن.. فقد تفتح بصري على اشياء جديدة ..
- لن يمكنك الرفض يامها.. لن يمكنك.. والدك بنفسه لن يقبل بهذا الامر.. وستتزوجيني بالرغم منك..
شعرت مها بالحنق من كلماته وقالت بعصبية: في احلامك..
وانهت المكالمة بلا مبالاة بأحمد الذي على الطرف الآخر ..وقد شعر هذا الاخير بالغضب يسيطر عليه وقال بعصبية: ستندمين يا مها.. وسترين اني سأتزوجك بالرغم منك.. فوالدك لن يستطيع التخلي عن شركته لاجلك.. وسيأتي اليوم الذي تتروجيني فيه..وقريبا جدا..
وعاد ليجلس على مقعده وافكاره تأخذه يمنة ويسرة.. فماذا يفعل الآن؟.. لو اخبر والده برفض مها.. سيقول له انها وافقت امامنا جميعا.. ولن يمكن لعمه امجد ان يتراجع عن هذا الزواج وهو يتعلق بمصير شركته واملاكه..
اجل بالتأكيد لن يمكنها فعل شيء بعد ان وافقت.. وستتزوجني بالرغم منها.. ان آجلا او عاجلا.. فقط انتظري يا مها..
وعلى الطرف الآخر.. وفي كفتيريا النادي بالتحديد قال حسام وهو يتطلع الى مها بطرف عينه: لقد طلبت منك ان توضحي له بانك رافضة لهذا الزواج فحسب.. لا ان تطيلي في الكلام معه وتروي له قصة حياتك..
ابتسمت مها بمرح وقالت: لا تسئ الظن بي.. لم اتبادل معه سوى عبارتين ..
قال حسام وهو يصطنع الغضب: كانت عبارة واحدة تكفي ..
ضحكت مها على اسلوبه في قول العبارة..في حين تطلع حسام اليها بحنان ومن ثم همس قائلا: اشتقت اليك بأكثر مما تتصورين يا مها..
خفضت مها عينيها بخجل وقالت: لقد كان افظع كابوس عشته في حياتي في الايام التي مضت وانا بعيدة عنك..
اخرج حسام نصف القلب من جيبه وقال وهو يتذكر لحظات معاناته السابقة: لقد كنت اظن ان الحلم الذي حلمناه سويا لن يتحقق ابدا..وان الحب لم يعد يكفي لتحقيق المستحيل هذه الايام ..
قالها ووضع نصف القلب على الطاولة التي بينهما..فقالت له بابتسامة: لكننا كنا مخطئين .. فالحب وحده من يمكنه تحقيق المعجزات..
قالتها واخرجت نصف القلب الآخر من حقيبتها.. ووضعته على الطاولة.. لتدفعه قليلا ليلتصق بالنصف الاول.. وقالت مبتسمة وهي تتطلع الى حسام: هكذا هو حبنا يا حسام.. فمهما افترقناوابتعدنا .. ومهما حدثت من مشاكل .. مصيرنا ان نلتقي من جديد.. ليجمع الحب بين قلبينا الى الابد..
تطلع حسام الى عيني مها بحب وقال وهو يتمسك بكفها: لن اتركك بعد الآن ابدا يا مها.. سأحارب الدنيا من اجلك.. ومن اجل حبنا .. وسنثبت للعالم كله ان الحب يستطيع تحقيق مالم تحققه الاموال والاملاك..يستطيع تحقيق السعادة لاثنين.. ليكونا معا الى ابد الدهر ..
ارتجفت كف مها بين انامل حسام التي تحتضن كفها .. وتطلعت اليه بحب.. وبادلها هو بنظرات هيام وعشق ووله.. وتمنيا لحظتها ان لا يلعب القدر لعبته معهما من جديد..وان لا يحاول التفريق بينهما بعد ان اجتمعا اخيرا.. فقد اكتفيا آلاما وحزنا .. ويريدان ان يشعرا بطعم السعادة منذ هذه اللحظة والى الابد..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اغمض مازن عينيه بارهاق وهو يجلس خلف ذلك المكتب في شركة عمه خالد.. كان ارهاقه نفسي اكثر من كونه جسدي.. لقد تعب من موقف ملاك تجاهه..تعب من صدها له.. تعب من نظرات الكره التي توجهها له.. انه معترف بأنه قد اخطأ ولكنه حاول ان يغير من نفسه لاجلها.. حاول ان يصلح اخطاءه.. لقد احبها بكل مشاعره.. وكل نبضة من نبضات قلبه تشهد على ذلك..فلم تتخلى عنه الآن بعد ان احبها واصبحت جزء من حياته؟.. لم تريد ان تبتعد عنه بعد ان امتلكت قلبه وروحه وكيانه؟..
كان يأمل حقا في ان يتغير موقفها تجاهه.. يا الهي.. يكفي عذابا.. يكفي الما وحزنا وشقاءا.. لقد عرفت خطاي .. عرفت ان الناس ليسوا باموالهم او صحتهم او جمال ملامحهم .. الناس بجوهرهم ونقاء نفوسهم..ليس من حقه ان ينتقص انسانا مادام الله قد ابتلاه في صحته او ماله.. بل عليه ان يقدم له يد العون وقبل كل هذا الاهتمام الصادق الذي يشعره انك حقا راغبا في ...
(سيد مازن)
فتح مازن عينيه فجأة على صوت السكرتيرة وقال وهو يتنهد ويعتدل في جلسته: اجل .. ما الامر؟..
وضعت الملف على مكتبه وقالت بقلق: عميلنا في فرنسا.. يرفض اتمام الصفقة بعد ان اتفقنا معه وارسلنا له البضاعة.. وهذا قد يتسبب في خسارة الشركة لعشرة في المائة من ميزانيتها..
ظهر القلق والاهتمام على وجه مازن وقال بتوتر:وما الذي يمكنني عمله؟..
- السيد خالد كان في هذه الحالة يسافر الى شركة العميل ويحاول ان يتفق معها بشتى الطرق.. محاولا تخفيض سعر ارسال البضائع.. او تقديم عروضا مغرية..
تنهد مازن وقال: اذا فالحل الوحيد هو ان اغادر البلاد واتجه الى شركة عميلنا لكي اقنعه بقبول الصفقة..
اومأت السكرتيرة برأسها وقالت: وستجد عنوان الشركة وكل ما يخصها في هذا الملف..
قال مازن وهو يلتقط الملف: حسنا اذا سأغادر الشركة الآن.. والغي جميع المواعيد لظروف طارئة..
- كما تريد يا سيد مازن.. هل تريد شيئا آخر؟..
- لا.. يمكنك الانصراف..
انصرفت السكرتيرة من مكتبه.. وما ان فعلت حتى نهض مازن من خلف مكتبه.. والتقط سترته المعلقة على المقعد.. ..اسرع يرتديها ويلتقط مفاتيحه ليضعها في جيب سترته.. ومن ثم التقط حقيبته السوداء.. ليضع فيها ملف الصفقة.. واهم الاوراق اللازمة التي سيحتاجها لاتمام الصفقة..
واسرع يغلق الحقيبة..ومن ثم يغادر مكتبه بخطوات سريعة.. وقال متحدثا للسكرتيرة على عجل: اتصلي بأحد شركات الطيران.. وحاولي ان تعثري على أي رحلة مغادرة الى فرنسا اليوم ..
اومأت السكرتيرة برأسها.. في حين اسرع مازن يغادر المكان.. ومن ثم يستقل المصعد الى الطابق الارضي.. ليغادر الشركة بأكملها..
وسار بين مواقف السيارات حتى وصل اخيرا الى حيث سيارته .. ليستقلها وينطلق بها بين شوارع المدينة..
كان يدرك جيدا ان عليه ان يغادر البلاد.. لمدة غير معروفة .. من اجل اتمام صفقة تعني شركة عمه خالد.. وعليه ان يتمها .. ليس من اجل ان هذه الشركة هي شركة عمه خالد والد ملاك.. بل لانه احب العمل في هذه الشركة حقا.. ولا يريد لها ان تخسر ولو قطعة نفدية واحدة..
وتوقف اخيرا بسيارته بجوار منزله.. ليهبط منها ويدلف الى المنزل الذي كانت ردهته خالية من أي شخص..ولم يشغل هذا الامر باله وهو يصعد الى غرفته.. ومن ثم يخرج حقيبة السفر من اسفل فراشه.. ليضعها على هذا الاخير.. وهو يفكر في هذه الرحلة المفاجأة التي ستأخذه الى مكان لا يعرف عنه الا اقل القليل.. وهناك هدف واحد يتوجب عليه تحقيقه.. وعليه ان يكون اهلا لادارته لتلك الشركة..
ودس اصابعه بين خصلات شعره وهو يرمي بنفسه ليجلس على طرف الفراش.. لا تزال لديه هنا العديد من المشاكل التي لم يجد لها حلا بعد.. مها.. ملاك.. والده.. لا يريد ان يسافر ويترك الاوضاع على ماهي عليه..يريد ان يغادر البلاد وهو مطمئن لكل ما سيحدث.. لكنه في هذه الحالة.. قلبه لن يطئن على مصير مها.. او مصيره هو مع ملاك..
وفتح باب غرفته فجأة لتطل منه مها وهي تقول باستغراب: لقد ظننت في البداية اني كنت اتخيل عندما سمعت صوت باب غرفتك يفتح.. فالوقت لا يزال مبكرا على عودتك من الشركة ..
وبدلا من ان يجيبها مازن.. ارتفع صوت رنين هاتفه.. فالتقطه وهو يجيبه قائلا: اهلا.. اخبريني ماذا حدث بشأن الحجز؟... بعد اربع ساعات فقط!... لا بأس... الا يوجد حجز آخر؟ ... فليكن ما باليد حيلة... شكرا لك.. الى اللقاء ..
ارتفع حاجبا مها بدهشة ودلفت الى الغرفة وهي تقول: عن أي حجز تتحدث يا مازن؟..
رمى مازن بالهاتف الى جواره وقال وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بتوتر: سأسافر قريبا..
قالت مها باستنكار: ولماذا؟..
ابتسم مازن وقال: لا تظني ان الامر سياحة او من هذا القبيل .. سأسافر في عمل.. لاتمام صفقة تخص شركة عمي خالد..
قالت مها بقلق: والى اين ستسافر؟.. ومتى؟.. وكم من الوقت ستقضيه هناك؟..
قال مازن بهدوء: الى فرنسا.. بعد اربع ساعات من الآن.. ولا اعرف كم من الوقت سأبقى هناك.. فالامر يعتمد على العميل الذي يرفض اتمام الصفقة.. وسأحاول معه قدر الامكان حتى يقبل بها..
ظهر الضيق على وجه مها وقالت : سنفتقد وجودك بالمنزل.. لم نعتد ان تتركنا يوما ابدا..
قال مازن الذي اراد ان يغير من هذا الموضوع الذي يسبب له الضيق هو ذاته: بل اظنك سوف تشعرين بالسعادة بعد ان تتخلصي من مضايقاتي وسخريتي الدائمة..
قالت مها التي لا تزال تشعر بالضيق على فراق مازن القريب: لكن بعد اربع ساعات وحسب.. لن نجد الوقت لنودعك حتى ..
نهض مازن من مجلسه وقال بابتسامة: تودعوني؟.. لم ؟..هل سأغيب عنكم لسنين؟.. الامر لن يتجاوز يومين او ثلاثة على الاكثر..
قالت مها بابتسامة باهتة: اتمنى ذلك..
قال مازن وهو يسير باتجاه خزانته ويفتح بابها: اذا ..هل لي بمطلب اخير قبل ان اذهب؟..
اسرعت مها تقول: بكل تأكيد..
التفت لها وقال بابتسامة: ساعديني على انتقاء ملابس للرحلة..
قالت مها بمرح مفتعل: هذا ما تريده فقط؟.. حسنا.. سترى الآن ذوقي في اختيار الملابس..
قالتها واتجهت الى خزانته بدورها لتنتقي له ملابسه.. وكلما كانت تضع قميصا او بنطالا في الحقيبة .. كانت تشعر بحزن على سفر مازن المفاجئ.. لم تعتد ان تتناول طعام الغداء او العشاء دون ان يكون هو موجودا.. ويسخر من طريقة تناولها للطعام.. او من ملابسها او حتى من طريقة كلامها.. وعلى الرغم من شعورها بالغيظ لكل ما يفعله بها.. الا انها لا تستطيع ان تنكر بأنه قد فعل الكثير لاجلها.. لقد وقف بجوارها دائما وساعدها في كل مشكلة تقع فيها.. وها هوذا مؤخرا قد انقذها من ان تتزوج احمد..
وتنهدت بحزن وهي تراه يغلق الحقيبة ..وقالت بألم: ستغادر الآن.. لا يزال الوقت مبكرا ..
تطلع مازن الى ساعته ومن ثم قال: سأسلم عليكم ومن ثم سأغادر من هنا الى شركة الطيران لتأكيد الحجز.. وهذا كله سيستغرق وقتا طويلا..
قالت مها وهي تشعر بغصة في حلقها: سأشتاق لك..
ابتسم لها وقال وهو يدفع جبينها باصبعه: وانا ايضا سأشتاق لك يا ايتها المزعجة..
قالها وحمل حقيبته ليسير بخطوات هادئة وهو يغادر الغرفة.. واسرعت مها تسير الى جواره وهي تقول برجاء: اتصل بي عندما تصل..
قال مازن وهو يومئ برأسه: حسنا..
اردفت مها قائلة: وحاول ان تتصل بنا يوميا لنطمئن عليك..
قال مازن وهو يهبط درجات السلم: حسنا..
قالت مها وهي تهبط بجواره درجات السلم: واهتم بنفسك جيدا..
قال مازن وهو يلتفت لها وبابتسامة واسعة: حسنا..
وهبط الدرجة الاخيرة ليقول: سأذهب لكي اسلم على والدي قبل ان انــ...
(مازن.. هل ستسافر؟)
التفت مازن الى شقيقه كمال ناطق العبارة السابقة واومأ برأسه قائلا: اجل.. انه امر يتعلق بالشركة.. وجيد اني قد رأيتك قبل ان اغادر..
قال كمال متسائلا: شركة عمي خالد؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم التفت الى مها ليقول: لقد نسيت ان اخبرك يا مها.. لقد حدثت والدي في موضوع رفضك لأحمد .. ورغبتك في ان ترتبطي بحسام.. ووعدني ان يفكر في الموضوع..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي مها وهي تقول بلهفة: حقا؟ ..
عاد ليومئ برأسه ايجابيا وعلى شفتيه ابتسامة جذابة.. ومن ثم التفت الى شقيقه كمال الذي اقترب منهم وقال : وانت يا كمال .. اترك مها وملاك امانة في عنقك.. حاول ان تقنع والدي برفض احمد نهائيا.. فعندما اعود من فرنسا.. اريد ان احضر حفل خطوبتها على حسام..
ابتسم له كمال وقال بهدوء: ثق بي..
ابتسم مازن بدوره.. ومن ثم قال وهو يتطلع الى مها بعنين راجيتين: لم اكن اريد ان انصرف والعلاقة بيني وبين ملاك متوترة الى هذه الدرجة.. اعرف ان ليس بيدك فعل شيء.. ولكن حاولي معها.. حاولي ان تجعليها تتراجع عن قرار الانفصال.. ارجوك يا مها..
قالت مها بصوت مختنق وقد ترقرقت الدموع في عينها بالرغم منها: سأحاول..
التفت مازن الى غرفة ملاك في تلك اللحظة وقال: سأذهب لكي اسلم عليها هي الاخرى..
لم تعلق مها او كمال بشيء.. واكتفيا بالصمت وهما يرون مازن يتجه بخطوات سريعة الى غرفة ملاك.. في حين طرق مازن الباب في تلك اللحظة ومن ثم فتح الباب على الفور ليدلف الى داخل الغرفة..
وملاك التي كانت تقرأ احد الكتب.. التفت الى من فتح الباب .. وعندما وجدت انه مازن.. عادت لتلتفت عنه وتواصل قراءة الكتاب الذي بين يديها.. وتقدم منها مازن وقال بهدوء: جئت لكي اراك قبل ان اسافر..
تجمدت نظرات ملاك على السطور التي امام عينيها.. يسافر؟ .. الى اين؟.. ولماذا؟.. ومتى؟..وكم سيغيب هناك؟ .. كانت كل تلك التساؤلات تشغل ذهنها.. لكن احدها لم يقفز على شفتيها واكتفت بالصمت.. في حين قال مازن مردفا وهو يضع كفيه في جيبي سترته: اعلم انك لا تزالين تشعرين بالغضب مما حدث.. واعلم انك تشعرين ان هذا يعد اهانة لكرامتك.. لهذا لم ارد ان اسافر في مثل هذه الظروف .. ولو لم تكن هذه الرحلة تتعلق بالعمل لما ذهبت وتركتك ..
رفعت ملاك عينيها اليه.. كانت تريد ان تقول له " لا تتركني وترحل ارجوك.. ابقى معي..انا احتاجك.. احتاجك يا مازن والآن بالذات.. مشاعري متخبطة.. ولم اعد اعرف ما اريده.. قلبي يهتف بحبك.. ولكن عقلي لا زال يرفض فكرة ان اسامحك على ما فعلته بي..لهذا لا تتركني ارجوك.. اريد ان اراك اطول فترة ممكنة.. فربما بعدها سيتم الانفصال بيننا ولن اراك ابدا"..
اما مازن فقد اقترب منها اكثر و مد كفه اليها ليقول بابتسامة شاحبة: الن تسلمي علي حتى؟..
كانت نظرات ملاك جامدة.. لا تعرف ماذا تفعل حقا تلك اللحظة.. لا تعرف ان كانت تريد ان تصرخ في وجهه وان تهتف به ان لا يرحل.. او ان تودعه بمشاعر دافئة.. او ان تكتفي بسلام بارد ..
وتوترت نظراتها امام نظرات مازن الحانية التي يوجهها.. لكن يدها ابدا لم ترتفع لتسلم عليه.. فقال مازن بابتسامة مريرة وهو يعيد كفه الى جواره: حتى السلام استكثرته علي يا ملاك؟؟..
ومن ثم اردف قائلا وهو يميل نحوها ويطبع قبلة دافئة على جبينها: سا محيني يا ملاكي.. ارجوك سامحيني على ما سببته لك.. لم ارد ان اكون سببا في تعاستك او حتى ضيقك.. وصدقيني كان سبب رفضي لهذا الزواج في البداية هو اني لم ارد ان اخدعك .. كنت اعلم أي حزن ستشعرين به لو علمت بالحقيقة.. لكني تزوجتك في النهاية من اجل حمايتك من احمد وحماية املاكك واملاك والدك ..وبعدها عرفت معك اجمل ايام حياتي.. وعرفت معنى الحب.. ومعنى ان احمل الحب لشخصا ما.. سأشعر حينها بشعور من يولد من جديد.. وبدأ حياة جديدة.. مع فتاة احلامه..
تمنى مازن لحظتها لو تجيبه ملاك بعد كل ما قاله.. لكن ملاك قد اطرقت برأسها واكتفت بالصمت المتواصل.. فتنهد بحرارة.. وقال بصوت حاني: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. سأشتاق اليك كثيرا..
واردف بهمس يحمل الكثير من المرارة وهو يتطلع بكل حواسه الى هذا الملاك الصامت الذي يجلس امامه .. كأنما يريد حفر صورتها في ذهنه قبل ان يغادر: الوداع..
قالها مازن وسار بخطوات بطيئة وهو يهم بمغادرة المكان.. وكأنه يجر قدميه جرا ليغادر غرفة ملاك.. اما ملاك فقد رفعت رأسها في تلك اللحظة فقط.. رفعته بعد ان امتلأت عينيها بالدموع وسالت على وجنتيها لتتساقط على كفها بكل الم وحزن ومرارة.. وهي تشعر ان حلمها قد تحقق بحذافيره امام ناظريها في هذه اللحظة.. فها هو مازن يغادر الآن ويتركها بعد ان منحها املا بأنها ستسير على قدميها من جديد.. وقلبها الذي يريده ان يبقى بجوارها يهتف به " لا ترحل" ..اما عقلها الذي يتمنى رحيل من اهان كرامتها وطعن قلبها بخيانته .. فلم يكن يريد الا رحيله ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس