الموضوع: أسى الهجران
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-2010, 12:24 PM   #95 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5131 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13852
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: أسى الهجران



بما أن الوقت كان مساء في الدوحة
فالوقت كان الصباح المبكر في واشنطن


إنه اليوم التالي لمعركة يوسف وباكينام
باكينام قضت البارحة ليلة سيئة
حينا تبكي.. وحينا تفكر
تشعر أن حياتها مشوشة تماما وهي تعقد تحالفا مع المجهول
كانت تريد الذهاب للجامعة فلديها محاضرات اليوم
ولكنها لا تستطيع الذهاب مع هذا الأثر الواضح على وجهها

اتصلت بهيا وكانت هيا وقتها أنهت اتصالها مع سلطان وتتجهز تريد الذهاب للجامعة

هيا بترحيب: هلا بالهاربة.. وينش؟؟ البارحة كلها أتصل لش ما تردين

باكينام بنبرة غامضة: ممكن تمري عليا ئبل الجامعة
وجيبي لي معاكي كريم قوي للكدمات

هيا بقلق: ليه سلامات؟؟

باكينام بذات النبرة الغامضة: لما تيجي هتعرفي؟؟

باكينام أعدت عتابا كبيرا لهيا وتريدها أن تحضر حتى تصدمها به
وهي من ناحية أخرى تحتاج فعلا لكريم الكدمات

مشعل يدخل على هيا التي أنهت لباسها قادما من غرفته بعد أنهى لباسه
وهاهو ينهي اللمسة الأخيرة بعقد حزامه الجلدي على خصره
ويهمس لها بحنان: يا الله حبيبتي أوديش عشان أروح المكتبة

هيا برجاء: ماعليه يا قلبي نمر الصيدلية ثم أنزل عند باكينام شوي؟؟؟
وعقب بأروح للجامعة مشي أنت عارف بيت باكينام قريب واجد من الجامعة

مشعل بهدوء: ماشي يا قلبي
بس ماني بمخليش تروحين مشي.. باقعد عند يوسف لين تخلصين وعقب أروح أنا وياش



***************************



بعد صلاة العشاء
باحة بيت مشعل بن محمد


كانت سيارة ناصر تتوقف في البارحة
قادما لاصطحاب مشاعل ليتعشيا خارجا
مع خروجها كان سلطان يصل ويتوقف عند السيارة ليسلم على مشاعل

مشاعل تحتضنه بحنان وتبدأ بسؤاله باهتمام عن دراسته وعن أحواله

سلطان يبتسم: توش سألتيني أمس في التلفون

مشاعل بحنان: بس فيس تو فيس تختلف

سلطان بمودة: فديت الفيس ياناس
واسمعيني تراني أبي بشارتي

مشاعل بفضول رقيق: عيوني لك..وش البشارة؟؟

سلطان بسعادة: مشعل وهله جايين عقب شهرين مهوب أربع شهور

مشاعل شهقت بسعادة وهي تحتضنه وتقبله: صدق؟؟ صدق؟؟ أبشر بأحلى بشارة فديت وجهك.. جعلني الأولة

ناصر يطل من سيارته ويهمس بمرح: مطولين يا جماعة؟؟.. تأخرنا
ثم أردف بجدية وأريحية: سلطان أمش أراحك معنا..

سلطان همس لأخته بخفوت: يا شين التميلاح.. ما يبي إلا الفكة مني

ثم ألتفت لناصر وهتف باحترام: تسلم يابو محمد.. توكلو على الله

قالها وهو يتأخر ويفتح الباب لشقيقته.. حتى ركبت ثم أغلق الباب
ثم توجه للداخل

ما أن تحركت السيارة حتى تناول ناصر يد مشاعل واحتضنها ثم همس بمرح:
ما أدري ليه أحس سليطين ما يهضمني

مشاعل تضحك بعذوبة: لأنه فعلا ما يهضمك

ناصر باستغراب مرح: ليه يعني؟؟

مشاعل برقة: يغار منك.. فأنت لا تزودها عليه

ناصر يضحك: يغار مني ليه.. بيني وبينه فرق 16 سنة مهوب شوي
قد إبيه يعني

مشاعل بعذوبة: سلطان متعلق فيني واجد.. وقبل أنا اللي مسؤولة عن كل شيء يخصه
وبعدين جيت أنت وخذيتني منه.. فلازم إنه يغار منك

ناصر بنبرة مقصودة وهو يشدد احتضانه لكفها: والله المفروض إنا اللي أغار منه
جاه في ذا الوقفة النتفة من الأحضان والبوسات اللي واحد مسكين محروم مثلي ما يحلم فيها

مشاعل شدت يدها بخجل: بس ناصر لا تحرجني

ناصر ضحك: فديت المستحيين ياناس.. خفي علي يا قلبي
تراني ما استحمل



***********************



بيت مشعل بن محمد
بعد العشاء الذي جمع من بقي من نساء آل مشعل


يرن هاتف موضي
تنظر موضي للشاشة ثم تخرج بهاتفها لناحية المغاسل
ترد باحترام رقيق: هلا راكان

راكان بهدوء فخم: هلا والله باللي طول اليوم مخليتني

موضي بخجل وهي تعتقد في قرارة نفسها أنه يجاملها: وأبي أترخصك أبيت عند لطيفة

راكان شعر بضيق حقيقي لكنه ابتسم وهمس: زين كلها كم يوم وأروح سنغافورة وباتي عندهم على كيفش

موضي برجاء لطيف: تكفى راكان لطيفة تعبانة شوي وأبي أقعد عندها

راكان بصدق شفاف: إذا اليوم عشاني ماشفتش حاس مثل طفل مضيع أمه
أشلون بقدر أنام وأنتي منتي بعندي
بس خلاص ولا يهمش
مثلش مايرد.. ومثل أم محمد تمون
وأنا بصراحة بأنام في المجلس.. ما أقدر أرجع للبيت وانتي منتي بفيه

شعرت موضي بألم شفاف.. دائما يخجلها برجولته المغلفة بحنانه المختلف
ولكن يبقى دائما إحساسها إنه يجاملها يتجذر كجرح مؤلم في قلبها

أنهت موضي اتصالها وعادت للجلوس بجوار لطيفة.. همست لها لطيفة: راكان اللي متصل؟؟

موضي بهدوء: إيه

لطيفة بحزم: زين وش مقعدش؟؟ روحي لبيتش

موضي تبتسم: وش ذا الطردة؟؟ بأنام عندش

أم مشعل قاطعت الحديث بحنانها المعتاد: لا يأمش مالش حتى أسبوعين من عرستي
تبين تخلين راكان
أنا اللي بأنام عند لطيفة.. أصلا قلبي مهوب مرتاح دامني ماأنا بعندها

لطيفة وجهت الخطاب لأمها بحنان مغلف بالاحترام: لا يمه فديتش
أبي وجدتي وسلطان وريم كلهم ماعندهم غيرش
وأنا أصلا ماني بمحتاجة حد جعل يومي قبل يومش
خداماتي عندي مالهم حاجة..بأبيت في غرفة الضيوف اللي تحت.. وبأخلي نور تبات معي لين أشد حيلي

أم مشعل بمناشدة: زين امشي عندي لبيتي

لطيفة برفض: لا يمه ما أقدر عيالي عندهم مدارس.. وما أبي أشتتهم
وخصوصا انه حن على أبواب امتحانات نص الفصل

لو كان الأمر بيد لطيفة ورغباتها لرغبت بترك البيت لمشعل
فهي عاجزة عن مجرد النظر إليه
ولكن أبنائها يكسرون ظهرها
ماعادوا صغارا.. وأصبحت لهم خصوصياتهم في غرفهم
والأسوأ أنهم باتوا يلاحظون كل شيء
ليست مستعدة للتضحية براحتهم لمجرد عقاب مشعل
فهي لا تشعر حتى برغبة لمعاقبته .. تشعر أنها تقف على الحياد
على الــــحـــــيـــــــاد
الــــحـــــيـــــــاد تماما!!!!



************************



بعد صلاة العشاء
بيت سعد بن فيصل

سعد يدخل للبيت عائدا من المسجد مع ابناءه فيصل وفهد اللذين صعدا للأعلى لينهيا حل دروسهما للغد

سعد ينادي أبا صبري الذي عاد قبلهما بدقيقة من المسجد

- جاي ياواد ياسعد
- اسمعنى بو صبري تراني خلصت كل أوراق أم صبري.. أبيها تجي في أسرع وقت.. زواجي عقب أسبوعين ونص
- إن شاء الله
- الشيء الثاني.. بكرة بيجون عمال بيسوون شوي تجديدات في غرفتي وغرف العيال بعد
- ماعلش يابني على دي الكلمة.. بس الست حرمكم هتشوف التجديدات يعني.. مالوش داعي ئلبة الدماغ دي

سعد بغضب: أبو صبري لا تزعلني منك

أبو صبري بلهجة أبوية: عارف إنك مش هتزعل مني
أنا راجل كبير وبأخطرف أحيانا.. خدني على ئد عئلي
راجل زيك.. شب وزينة الشباب.. صحة وفلوس ومركز يتجوز وحدة ما بتشوفش ليه؟؟
أنا ماسألتش ئبل كده لأني كنت فاكرك بتهزر.. بس دلوئتي اتأكدت

سعد بعتب: أنت غالي يابو صبري.. بس ما اسمح لك تقلل من مرتي
وتسمع يابو صبري قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الأرواح جنود مجندة.. فماتعارف منها ائتلف وماتناكر منها اختلف)
هذا أنا ومريم.. روحها جذبت روحي.. ومافكرت في أي شيء ثاني
ثم أكمل في نفسه: وأتمنى ما أندم في يوم



******************************



واشنطن
بيت يوسف

مشعل اتصل في يوسف ويوسف أخبره أنه ليس في البيت ولكن في مكتبة الجامعة

فمشعل أخبر هيا أن تنهي زيارتها بسرعة وهو سيعود عليها بعد نصف ساعة فقط

هيا طرقت الباب
فتحت لها ماريا وأدخلتها إلى مكتب يوسف كما أخبرتها باكينام
حين دخلت باكينام للمكتب
فُجعت هيا بمنظر الكدمة التي تحولت للون بنفسجي
لم تستطع باكينام أن تعاتبها وهي ترى نظرة الرعب في عينيها
ابتسمت وهمست بألم: مش ئلت لك ماتئوليش ليوسف
أدي النتيجة

هيا بفجيعة: جعل يده الكسر قولي آمين

باكينام همست بجزع عفوي: ما تدعيش عليه

هيا تقترب وهي تلمس خد باكينام بألم: وماتبيني أدعي عليه بعد
يعني وش يبي بعد
خيانة ودرا إنش ما خنتيه.. يقوم يكافئش كذا الجاحد

باكينام تهمس كأنها تكلم نفسها: ئال إنو بيحبني
وئال لي كلام كتير عمري ماحلمتش إنو ممكن اسمعه فيوم

هيا تبتسم بوجع: يعني يضرب بيد ويداوي بالثانية

باكينام تهمس بحزن: على ئد مابحبه على ئد ما بكرهه

هيا بتساءل مثقل بالشجن: وآخرتها زين؟؟

باكينام بحزن: عاوزة أتطلئ..

هيا بصدمة: وأنتي الطلاق علكة في ثمش.. يعني إذا تطلقتي بتكونين مبسوطة؟؟

باكينام بحزم حزين: أئله هاكون راضية عن نفسي ومحافظة على كرامتي
ازاي أعيش مع راجل وراني كل ألوان الإهانة
غصبني عليه وسلبني حئي في اختيار شريك حياتي
شك فيا وهزئني بكلام جارح
اتسلى بيا وهاني في أخص حاجة بين جوزين
وختمها بالضرب



**************************



الليل المتأخر في الدوحة
ليل وجع للبعض
وليل سعادة لآخرين



الليلة الثانية التي يقضيها فارس وحيدا
تبدو له كما لو كانت السنة الثانية
يلمس يديه بحنان
مازال يشعر بنعومة ملمس جلدها تحت قميصها الحريري الذي كان ينزلق تحت أصابعه وهو يثبت كتفيها الليلة في بيت مشعل
لِـم لم يشدها بالقوة ويأخذها لبيتها؟!!
لِـمَ يعطيها فرصة التفكير لهجره؟!!
لِـم يمنحها فرصة التنفس بعيدا عنه؟!!
هو عاجز عن التنفس بعيدا عن نسيمها وأعاصيرها
فحتى متى سيصبر؟؟ حتى متى؟؟

يريد إنهاء هذه المشكلة بأسرع شكل
ولكنه حتى الآن لا يعلم ماذا قالت لأهلها
إن لم تخبرهم عن الضرب فحل المشكلة سيكون سهلا
ولكن إن أخبرتهم عن الضرب سيطول حل المشكلة
يعلم أنها ستحل وأن عمه في النهاية سيجعلها تعود ولكنه لابد ان يأدبه على ضربه لها
وهو ماعاد به جلد احتمال على غيابها
وليس به طاقة للاعتذار.. فهو يفضل أن يموت ولا أن يقف كتلميذ مذنب أمام أعمامه وابناء عمه
فكيف يوفق بين رغباته الموجعة ووسائل التنفيذ المؤلمة؟؟!!



الطرف الآخر
العنود
هاهي تنام في حضن مريم وتبكي
بكت مطولا
وهي تتذكر موقف البارحة وموقف اليوم

يا الله كم تحبه!!
اليوم بالذات علمت أنه تغلغل في روحها أكثر مما كانت تعلم.. أكثر بكثير
ارتعشت بين يديه كعصفور مبلل
وكادت أن تضرب بكرامتها عرض الحائط وترتمي بين ذراعيه
ووجوده قربها يشتت تفكيرها ويضعفها ويضعف مقاومتها
يجب أن تحرص على ألا تراه مرة أخرى
فالمرة القادمة التي ستراه فيها ستنهار لا محالة
وهي لا تريد أن تنهار
ويجب ألا تنسى شيئين أساسيين
أنها أصبحت تخاف منه فعلا
والشيء الآخر أنه لم يعترف مطلقا بخطئه في حقها
ومادام لم يعترف بخطئه فهو سيكرره

مريم تمسح شعر العنود المتمددة في حضنها وتهمس بحنان مصفى: بس ياقلبي
خلاص.. هلكتي روحش بكا.. وشو له تبكين الحين

العنود بين شهقاتها: أحبه وأبيه

مريم تبتسم: ارجعي له.. ليه تسوينها قضية

العنود بحزن لاسع: ما أقدر.. صرت أخاف منه.. وهو نهائي مايشوف نفسه غلط علي

مريم برزانة رقيقة: صدقيني إنه عارف إنه غلطان بس يكابر شوي

العنود بيأس: تعبت مريم ما أقدر أعيش حياتي بين قسوته وغيرته وتكبره
مافيني أتحمل حتى لو أنا أحبه
خليني أطلع من ذا الزواج بأقل الخساير
أقلها مابيننا أطفال.. لو كنت حملت.. كان مستحيل أقدر أخليه
ويمكن هذي إشارة من ربي إني أخليه قبل ما يربطون بيننا الأطفال للأبد



***************************



بيت جابر بن حمد
الساعة 11 مساء
الصالة السفلية


الفتيات مازلن ساهرات
ونورة تصرخ بهن: أنتو بتقومون تنخمدون وإلا والله لأجيب عقال أبيكم وأكوفنكم فيه شوي

معالي تضحك: يمه حرام عليش.. أنتي تستخدمين عقال إبي أكثر ماهو يستخدمه

نورة بغضب: نعنبو دار عدوكم.. رحت لحجرتي أول ماجينا من بيت لطيفة
وقلت لكم كل وحدة لغرفتها.. عندكم مدارس
أجي ألاقيكم قاعدين ساهرين

عالية بخجل: وش سهرته يمه؟؟ تو الناس

نورة بغيظ: عالية ووجع.. مدارس مدارس ما تفتهمون.. قدامي فوق يالله

كن الفتيات على وشك الركض لفوق هربا من تهديدات والدتهن التي يعلمن أنها لا تقصدها بحذافيرها
رن هاتف المنزل.. علياء كانت الأقرب نظرت للرقم ثم صرخت بوالدتها: يمه مصر.. مصر

نورة كادت تتعثر وهي تركض باتجاه الهاتف بشوقها ووجعها:
هلا والله

صوته الهادئ العميق والمحمل باشتياق عميق: هلا والله بش.. ومن جدي

نورة بوجع: قدام أي شيء.. متى بتأتي؟؟

حمد بابتسامة عميقة: بأجي الأسبوع ذا اللي بياتي
خلصت دورتي
بس أبي أتشرى لش وللبنات وبأجي

نورة بلهفة مؤلمة: مانبي شيء.. تكفى.. بس تعال

حمد بمودة راسخة: مايصير يالغالية تبين بناتش يأكلون وجهي
خلاص فديتش والله العظيم.. الأسبوع الجاي بأشوف حجز وجايكم خلاص



***************************




قسم راكان
وقت متأخر من الليل


موضي عادت منذ بعض الوقت
ولكنها تعلم أن راكان سيبات في المجلس
تشعر بضيق غريب لغيابه.. وشعور أشبه باشتياق موجع
ولكنها تخجل أن تتصل وتخبره أنها عادت
ماذا سيقول؟؟ تتعمد إزعاجه.. وقد يكون نام أصلا
ولكنها في ذات الوقت لا تشعر بأي رغبة للنوم
لذا قررت أن تقلب البيت وتقوم بتنظيفه
وتتلهى عن غياب راكان وفي ذات الوقت تستغل غيابه في التنظيف مادام لن يحضر الليلة

ارتدت بيجامة من القطن.. خليط أنيق من اللونين الأحمر والأسود ببنطلون قصير و(بروتيل) (توب) بحمالتين بعد أن أغلقت باب البيت وسحبت المفتاح
حتى لو أراد راكان المجي صباحا لتغيير ملابسه يفتح بمفتاحه
ولولا أنها كانت تعلم يقينا أن راكان لن يأتي الآن
أو كان من المستحيل أن تلبس مثل هذا اللبس الذي يكشف عن إصابة كتفها كاملة
فهي رغم تبسطها في اللبس أمام راكان نوعا ما.. ولكنها أقصى ما لبست بلوزة بدون أكمام
وكانت حريصة تماما ألا تكشف أي جزء من نحرها أو كتفها
كانت تعتقد أن راكان لم يلاحظ ولكنه كان قد لاحظ..
لاحظ تماما أنها تتجنب أن يرى إصابة كتفها

كانت موضي مستغرقة تماما في التنظيف وشعرها مرفوع بفوضى للأعلى
لم تنتبه مطلقا أن هناك عينين تلتهمان مفاتنها بوجع منذ بعض الوقت
كان يقف مبهورا تماما
بل الانبهار وصف أقل بكثير من حالة الذهول اللذيذ التي صابته

(كيف من لمن كان لها كل هذا الحسن أن تخجل به؟؟ وترى في ذاتها نقصا؟
أين هذا النقص؟؟
هل هناك مخلوقة مكتملة كهذه؟؟
وموجعة كهذه؟؟
وفاتنة كهذه؟!!)

راكان يشعر بضيق ما من نفسه
فهو يرى أنها تحرك فيه الرجل بكل الوجع والعنفوان
ولكن أين العاشق؟؟
ولكن أ حقا لم يتحرك العاشق النائم في أبراجه العاجية؟!!
إن كانت لم تحرك فيه إلا الرجل.. مجرد رجل!!.. فلماذا لم يتحرك هذا الرجل أمام مئات النساء بل الآلاف اللاتي عبرن أمام عينيه؟!!
لِـمَ هي فقط من تحركه وتثيره وتذيبه؟!!

راكان شعر بالحرج وهو يتأملها.. شعر كمن يسرق شيئا هو له
لا يعلم كيف يستوي هذا الشعور
ولكن هذا هو ما شعر به
هي حق له.. ولكنه يعلم أنها لا ترضى أن يراها بهذه الصورة
فكأنه يسترق شيئا هو له!!

تنحنح راكان.. وأخيرا
موضي فُجعت وهي تسمع صوت نحنحته الفخمة
كانت تنحني على الرخام تدعكه
ألقت بالاسفنجة من يدها وهي تجذب طرف (التوب) الأمامي لتغطي به صدرها وكتفها المصابة
ولكنها كانت محاولة فاشلة وموجعة لأنها كشفت أكثر ما سترت
لذا قفزت وهي تعود أدراجها للغرفة
كان بود راكان أن يوقفها.. أن يرى إصابتها عن قرب
فمازال حتى الآن لم يستطع رؤيتها بوضوح
يشعر أنه هذه الإصابة تقف بينهما كوحش خبيث مرعب

ولكنه لم يتقدم ولم يوقفها.. خشي أن تعتقد أنه يحاول إعادة ماحدث في دبي
لذا تركها تعود للغرفة
وهو بقي جالسا في الصالة
موضي أغلقت على نفسها باب الغرفة
وبكت بكاء موجعا.. لم يكن عويلا ولا نشيجا
لكنه بكاء روح.. ويا لا قسوة بكاء الروح!!
كان بكاء موغلا في الشفافية والوجع
لأنها اكتشفت أنها كلما حاولت خداع نفسها والتناسي
صفعتها ألامها المتجذرة بصفعة جديدة وكأنها تستكثر عليها هذا الأمان والسعادة بجوار راكان
ستبقى تشعر بالنقص جواره.. ليس تشويه الجسد فقط
ولكنه تشويه أقسى للروح

لم تعلم كم مضى عليها وهي تبكي
حتى سمعت طرقات راكان على الباب وصوته الحازم يصلها: موضي بطلي الباب

همست بصوت حاولت جعله طبيعيا: الحين راكان.. دقيقة بس

استبدلت ملابسها على عجل
وهي تغسل وجهها بماء بارد في محاولة لإخفاء أثار البكاء

ثم فتحت الباب وهي تحاول ألا تنظر ناحيته وتبتسم باصطناع:
آسفة.. طولت عليك

راكان همس بحزم: تعالي موضي أنا انتظرش في الصالة


راكان حين أطالت عليه الغياب علم يقينا أنها تبكي.. ولم يحتمل مطلقا أن تبقى تعاني وحدها.. ولم يحتمل فكرة أنها تبكي
آلمته الفكرة لأبعد حد.. أبعد أبعد حد
يريدها سعيدة كما جعلته سعيدا.. حتى لوكانت سعادته مبتورة وغامضة
فهو الآن سعيد كما لم يكن طوال حياته
قربها بعث فيه روح جديدة مرفرفة.. فلماذا يعود هذا الأثر اللعين ليطل برأسه عليهما ليفسد هشاشة سعادتهما؟!!


موضي تقدمت بخطوات متوترة وجلست قريبا منه

همس بحزم: لا .. جنبي

نهضت بتوتر أكبر وهي تجلس بجواره

همس بحزم حنون: ممكن أعرف ليش البكاء؟؟

موضي تحاول أن تبتسم: من قال لك بكيت؟؟ وليش أبكي أساسا؟؟

راكان مد يده إلى وجهها ليرفعه برقة وهو ينظر لخديها المحمرين كخدي طفلة لفحتها حرارة الصيف وعينيها المحمرتين بوجع
همس بألم مثقل بالرجولة: كل هذا وما بكيتي؟!!
حرام عليش موضي تسوين كذا في نفسش

موضي بشجن: تكفى راكان لا تشغل بالك فيني

راكان بعبق رجولته الخاص: إذا ماشغلت بالي فيش.. من اللي يستحق يشغل بالي؟؟

موضي بحزن: حد يستحق يشغل بالك
ثم أردفت بحزن أشد: راكان أنا ما خدعتك.. قلت لك إن تجربة زواجي الأولى خلتني بقايا امرأة.. ماعاد فيني ثقة في نفسي

راكان باستنكار حقيقي: أنتي بقايا مرة.. موضي أنتي ما تشوفين روحش في المراية
أنتي أكثر من مرة بكثير.. وفيش من الأنوثة والجاذبية والجمال اللي لو قسموه على كل نسوان العالم كفاهم وزاد

موضي بألم: راكان بس تنفخ فيني على الفاضي

راكان بحزم صارم: أنتي وعدتيني تحاولين تنسين كل اللي سواه اللي ما ينذكر

موضي بحزن: هذا أنا أحاول

راكان بذات النبرة الحازمة: والله ماشفتش تحاولين
شايفش مستسلمة لسلبيتش

موضي صمتت.. وراكان بدأ يحس بالغضب لذا تنهد ووقف ليذهب للحمام ليستحم لأنه كان قادما أساسا ليستحم
وهاهو يحتاج للاستحمام فعلا ليبرد أعصابه الثائرة على موضي ومن أجلها




*************************



بيت مشعل بن محمد
غرفة الضيوف في الطابق السفلي التي أعدتها موضي قبل مغادرتها لاستخدام لطيفة
وأحضرت بعض أغراض لطيفة وملابسها من غرفتها.. ورتبتها في الغرفة والحمام
وموضي لم تغادر البيت حتى تأكدت من نوم أبناء شقيقتها في غرفهم
ألمها كثيرا إحساس محمد ومريم المبكر بالقلق
فالاثنان بالذات لم يكونا يريدان مغادرة والدتهما
وهما لا يفتأن يسألانها: يمه أنتي بخير؟؟ أنتي طيبة؟؟ (طيبة= بخير وليست الطيبة المقابلة للشر)

ولا تعلم موضي لِـمَ بدت لها لطيفة مثقلة بالوجع وهي تحتضنهما وتهمس: دامكم طيبين أنا طيبة

والأطفال الأربعة لم يغادروا لطيفة إلا بعد محايلة طويلة من موضي ومعها العنود لأخذهم لغرفهم لتذهب موضي مع البنات والعنود مع الأولاد
بدت المهمة للاثنتان متعبة نوعا ما.. واستغربتا
كيف تستطيع لطيفة أن تحكم سيطرتها على الأربعة في وقت واحد وفي غرفتين مختلفتين؟؟!!

وهاهي لطيفة تتمدد على السرير وتستعد للنوم ولإرخاء جسدها المنهك
وكانت الخادمة التي ستبيت معها تفرش فراشها على الأرض لتنام بقرب لطيفة
لولا أن مشعلا طرق الباب ودخل عليهما
فطوت الخادمة الفراش وخرجت حتى تعود لاحقا حين يخرج سيدها

مشعل اقترب.. ولطيفة اعتدلت جالسة حين رأته دخل
همس مشعل: لا والله ما تقومين خلش مرتاحة

مشعل يشعر بقلق عميق وتوجس متوحش
فمنذ البارحة وهو مع لطيفة في المستشفى وحتى اليوم صباحا
وهي مطلقا لم تعاتبه على ضربه لها الذي أدى إلى فقدانها جنينها
مطلقا لم تذكر الموضوع حتى
كان يتمنى أن تصرخ به تعاتبه.. حتى يتصارحان ويتصافيان.. ولكن هذا لم يحدث
وهذا الشيء بعث توترا موجعا في روحه


همس وهو يجلس جوارها وهي تتمدد نصف تمدد: أشلونش اليوم؟؟

همست بنبرة باردة.. مشبعة ببرودة طبيعية: الحمدلله على كل حال.. ودوام الحال من المحال

همس لها بحنان: مرتاحة؟؟ تبين أجيب لش شي؟؟

ذات النبرة الباردة وهي لا تنظر له مطلقا: سلامتك

همس مشعل بمصارحة أليمة: أدري صعب تسامحيني.. بس حاولي يا قلبي حاولي
لو مهوب عشاني.. عشان عيالنا

لطيفة بنبرة مشبعة بجليد متوحش: مازعلت عشان أرضى.. ولافيه شيء أسامحك عليه

تنهد مشعل بعمق وجرح ما.. جرح جديد يتعمق في قلبه
يستحيل أن تكون هذه لطيفة.. يستحيل
لطيفة شعلة متدفقة من دفء وحنان
هذه ليست أكثر من شبح جليدي

ولكنه يحاول وسيحاول
مد يده يمسح بها على ذراعها العاري الساكن جوارها
لم تكف ذراعها أو تجذبها.. ولكنه شعر كما لو كان يلمس جثة هامدة
برودة لاسعة أرعبته.. ويدها ساكنة تحت كفه بلا ارتعاش بلا اضطراب

حتى في أيام غضبها الأول منه.. وهي تدعي البرود ببراعة هائلة
كان ما أن يقترب منها حتى تبدأ بالارتعاش غصبا عنها
صدّق تمثليتها لفترة.. لكنه اكتشف ثغراتها بعد عدة أيام
وهاهو الآن يحاول إيجاد ثغرة دفء ينفذ منها لروحها
ليعاود العزف على مشاعرها كما اعتاد وبرع

ولكن.. لا ثغرة..
لا ثــــغــــرة!!
لا ثــــــغـــــــــرة!!


 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس