close أهلا بك فى منتديات بنوته
هل تريد التسجيل في منتديات بنوته ؟
نعم أريد التسجيل لا شكرا, أريد التصفح فقط

إحصائيات المنتدى: المواضيع: , المشاركات: , الأعضاء:

 

 

 

http://bnota.net/pic/uploads/images/Bnota-ad2e09bc60.gif

التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :
قريبا
قريبا

العودة   منتديات بنوته > منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ > ڪآن يآمآ ڪآن > للروايات المكتمله


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-15-2012, 09:16 AM   #51 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الواحد والاربعون
" عدت لأجلك"

تطلعت مها الى نصف القلب الذي يحتل كفها بنظرات طويلة وتحمل معاني الحب والحسرة والحزن..ومسحت دمعة خانتها وكادت ان تسيل على وجنتيها .. وتنهدت قائلة بألم: ليتك تشعر بي يا حسام وبما اعانيه.. ولا تتخلى عني وتتهمني بأني لا اهتم بك او افكر فيك.. لو تعلم اني قد تناسيت كل شيء عندما وافقت على احمد.. فيما عداك.. انت لم تغادر ذهني لحظة واحدة وجعلتني اتردد ملايين المرات قبل ان اوافق.. صورتك والحزن يطغى على ملامحك.. كانت سببا في ترددي هذا.. لم اكن اريد لك ان تحزن او ان تتألم.. اذا كان هناك من يجب ان يتألم فليكن انا فقط.. لكن انت لا.. لا احتمل رؤيتك تتعذب وتتألم.. ليتك تنساني يا حسام ..وتنسى كل لحظة حب جمعتنا.. حتى لا تتألم عندما تعرف بهذه الموافقة التي حدثت بالرغم مني..
وعادت لتتنهد.. دون ان تدرك ان في هذه اللحظة تماما كان حسام ينظر لنصف القلب الآخر وهو يقول بمرارة : بكل هذه السهولة يا مها؟.. تريدين الموافقة على هذا الحقير .. متناسية كل شيء بيننا..متناسية الحب الذي جمعنا منذ ان كنا اطفالا.. الهذه الدرجة لم اعد اعني لك أي شيء؟.. واصبح خسارة والدك لبعض المال هو الاهم عندك.. لو كان والدي يمتلك رأس مال جيد وشركة تضاهي شركة والدك.. لما ترددت في ان اطلب منه مشاركة والدك.. لكن رأس المال الذي سيقدمه والدي سيعتبره والدك مجرد قطع نقدية بسيطة.. لا تساوي شيئا في رأس المال الذي يحتاجه..احيانا اتمنى يا مها لو كنت ثريا .. لو كان المال هو ما سيجمعني بك .. والعن هذه الحياة الاقرب الى البساطة التي اعيشها والتي كانت سببا في تفريقنا عن بعضنا البعض..
واغمض عينيه لوهلة ليتخيل صورة احمد وهو يجلس بجوار مها في حفل الزفاف والابتسامة تعلو شفتيه.. وبريق الانتصار في عينيه.. وكأنه بذلك يثبت لحسام انه حصل على مها بالرغم من كل الحب الذي يجمعها بالاول..
وكور حسام قبضته بعصبية والم وهو يقول بصوت غاضب: انت من سمحت له يا مها.. انت من ترك له المجال ليفرق بيننا.. لو تمسكت بموقفك ورفضت هذا الوغد.. لما استطاع احد فعل شيء ورفض هذا الارتباط الذي سيجمع قلوبنا.. ويكون بداية للسعادة في حياتنا..لكن كل احلامنا تلاشت الآن بسبب موقفك الضعيف هذا.. وكل ما اخشاه هو ان يأتي اليوم الذي تنسي فيه من يكون حسام..
من جانب آخر.. كان كمال يطرق باب غرفة مها بطرقات سريعة وعصبية..فانتفضت مها بغتة كمن ينهض من نوم طويل .. والتفتت الى الباب بحيرة من هذا الطارق وقالت متسائلة وهي تقترب بخطواتها من الباب وتضع نصف القلب في جيبها: من؟..
جاءها صوت كمال يقول: افتحي الباب يا مها..
فتحت الباب وقالت بحيرة: ما الامر؟..
ابعدها عن الباب بخشونة ليدلف الى الداخل ويغلق الباب خلفه قائلا بحدة: اصحيح ما سمعته؟..
استغربت مها تصرفه معها وقالت متسائلة بدهشة: وما هذا الذي سمعته؟..
قال وهو يتطلع اليها بنظرات حادة وبصوت غاضب: ان عمي عادل واحمد سيأتون لزيارتنا اليوم لخطبتك بشكل رسمي.. وان والدي موافق على هذه الخطبة..
وصمت للحظات وهو يقول وقد اشتد غضبه: وانت كذلك قد اعلنت موافقتك عليها..
توقفت الكامات في حلق مها امام هذا الهجوم المباشر من كمال.. وتطلع اليها كمال بنظرات تشتعل غضبا منتظرا أي تفسير على موافقتها هذه ..ومها التي لم تجرؤ على نطق حرف واحد.. هتف فيها كمال اخيرا لعلها تتحدث: اخبريني يا مها.. احقا وافقت على احمد؟..
ازدردت مها لعابها .. ومن ثم لم تلبث ان اطرقت براسها وقالت ببطء: اجل.. وافقت..
اتسعت عينا كمال في دهشة وذهول وصرخ فيها قائلا: وافقت.. أي جنون هذا؟.. بكل سهولة تقولين انك قد وافقت .. وحسام.. ماذا عنه؟.. اذا كنت تظنين اننا جميعا لا نعرف العاطفة الكبيرة التي تجمعكما..فأنت مخطأة .. كان واضحا لنا جميعا مقدار ما يعني لك حسام.. ولهذا لم نتخيلك يوما ان تكوني لسواه وان توافقي على احمد هذا..
كادت مها ان تصرخ في وجهه قائلة : ( ولا انا اتخيل نفسي ان اكون لانسان غيره.. لكن علي ان اضحي بنفسي لاجلكم جميعا.. لا اريد ان احيا بسعادة على حسابكم) ..
ولكنها اخفت كل تلك الكلمات في اعماقها لتقول بصوت حاولت ان تجعله طبيعيا وغير مرتجف قدر الامكان: لقد رفض والدي زواجي من حسام.. واخبرني بأن احمد جاء لخطبتي اليوم.. فلم ارفضه ما دام ابن عمي؟..
التقط كمال نفسا عميقا ومن ثم قال بصوت حاد: اتريدين القول ان ما جعلك توافقين على احمد هو رفض والدي لحسام فقط؟..
اشاحت مها بنظراتها وقالت وهي تشبك انامل كفيها معا بتوتر: اجل ولأنه شاب ..جيد..
ارتفع حاجبا كمال وقال بحدة: احمد شاب جيد يا مها؟!.. على من تكذبين؟.. انت تعرفين انه شاب مستهتر لا يهمه شيء اكثر من نفسه والمال.. مها هناك شيء آخر يدعوك الى الموافقة اليس كذلك؟..
صمتت مها وهي تحاول تمالك اعصابها.. وحاولت ان تنطق بأي حرف تقنع به كمال بوجهة نظرها .. لكن هي نفسها لم تتمكن من اقناع نفسها بما فعلته.. فكيف باقناع غيرها ..وسمعت كمال يقول في تلك اللحظة بحنق وهو يتطلع اليها بنظرات اتهام: لكني سأعرفه يا مها .. حتى ان رفضت انت ان تخبريني به.. سأعرفه..
واسرع يغادر غرفتها .. تاركا مها خلفه تعيش في الم ومرارة .. وهتفت قائلة بصوت هامس: انتم.. السبب الوحيد الذي جعلني اوافق هو انتم يا كمال.. ولا شيء آخر..
في حين كان كمال يسرع بهبوط درجات السلم وهو قد قرر الحديث الى والده في هذا الشان وفي السبب الذي دفع شقيقته على الموافقة على شخص لا تكن له بأية مشاعر..
وفي طريقه الى الطابق الارضي شاهد مازن يطلق من بين شفتيه صفيرا منغوما وتبدوا على وجهه علامات الفرح والسعادة وهو يصعد الدرج للتوجه الى الطابق العلوي.. وما ان التقت عيناهما حتى قال كمال بسخرية: من منا الآن الذي لم يعد يبالي بشيء؟ ..
ارتفع حاجبا مازن لوهلة ومن ثم قال : اوضح.. ماذا تعني بقولك هذا؟..
قال كمال بحدة: اعني انك اصبحت تهتم بنفسك فقط.. متناسيا ما يحدث في هذا المنزل..
قال مازن متسائلا باهتمام: وما الذي حدث؟..
قال كمال بعصبية: شقيقتك المجنونة.. علمت اليوم من والدي ان احمد قد خطبها وهي قد وافقت..
اتسعت عينا مازن في حدة وقال بدهشة بالغة: مستحيل.. مها وافقت على احمد؟؟.. لا بد ان في الامر خطأ ما..
قال كمال وهو يبعد نظراته: لا يوجد أي خطأ .. لقد ظننت هذا في البداية.. لكني تأكدت عندما سألتها بنفسي..
قال مازن بعصبية واصابعه تتخلل شعره: يبدوا ان رفض والدي لحسام جعلها تصاب بالجنون..
قال كمال وهو يهبط بضع درجات: سأذهب للحديث مع والدي لأعرف منه سبب موافقتها.. وانت بدورك حاول ان تغير رايها وتعرف منها سبب هذه الموافقة..
صعد مازن درجات السلم وهو يقول: سأكون غبيا لو تركتها تتزوج من ذلك المدعو احمد الذي لن ننتهي منه ومن مشاكله ابدا..
ووصل مازن الى غرفتها اخيرا ليطرق الباب ويقول وهو يزفر بحدة واصابعه تتخلل شعره بين الحين والآخر: مها .. افتحي الباب من فضلك .. اود الحديث معك..
قالت مها من الداخل ببرود: ان كان يتعلق بموافقتي على احمد.. فهذا شأني وحدي.. لا داعي لأن تتدخلا في الموضوع.. لقد وافقت عليه بملئ ارادتي..
قال مازن متسائلا بحدة: والدي هو من اجبرك على الموافقة.. اليس كذلك؟..
- لا..
وصمت كلاهما بعد ردها المقتضب هذا.. لكن مازن لم يلبث ان قال محاولا تغيير رأيها: وحسام يا مها؟.. ماذا سيفعل لو انك تزوجت بغيره..
قالت مها وهي تشعر بغصة مرارة بحلقها: سينساني طال الزمن ام قصر..
قال مازن بحنق: لكنه يحبك.. وانت كذلك تبادلينه الشعور..
قالت مها وهي تغلق اذنيها بألم وكأنها ترفض سماع المزيد: لكنه الواقع الذي علينا ان نتقبله جميعا..وهو الذي فرض علينا ان نفترق انا وحسام الى الابد..
قال مازن وهو يكور قبضتيه بغضب: بهذه السهولة يا مها؟.. المجرد ان والدي قد رفض هذه الزيجة؟.. تنهارين هكذا.. وتسلمين نفسك لذلك المستهتر احمد..
صرخت مها قائلة: اذهب.. يكفي هذا.. لم اعد احتمل.. دعوني وحدي.. لا شأن لأحد بي..
ضرب مازن الباب بقبضته وهتف بها: افتحي يا مها.. واخبريني سبب ما تفعلينه بنفسك وبحسام..
صرخت مها مرة اخرى قائلة والدموع قد تفجرت من عينيها: قلت لك اذهب.. الا تفهم.. اذهب.. لا شأن لاحد بي..
ورمت بنفسها على الوسادة وهي تقول بصوت مرير لم يصل الى مسامع مازن: يكفيني ما حل بي.. فلا تزيدوا آلامي ارجوكم.. دعوني انسى حسام وانسى مشاعري ونفسي ولو لحظة.. لا داعي لأن تذكروني به في كل لحظة.. انا سأموت..فدعو موتي يكون بفائدة لكم كلكم..
ومازن الذي تنهد بحرارة .. وقف ينتظرها لمدة جاوزت الربع ساعة وهو يعيد طرق الباب.. ولما شعر باليأس.. تركها ومضى..وهو يقسم في قرارة نفسه ان لا يسمح بهذا الزواج ان يتم .. مهما كلف الامر..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
التفت عادل الى احمد وقال بهدوء: ها انت ذا قد بت قاب قوسين او ادنى من تحقيق رغبتك.. هل انت راض الآن؟..
قال احمد وهو يتطلع الى الطريق الذي امامه: ليس بعد.. لن اشعر بالرضى الا اذا تم عقد قراني على مها..
قال عادل ببرود: واليوم هو الخطوة الاولى لعقد القران هذا..
ران الصمت بينهما بعد عبارة عادل هذه.. حتى توقفت السيارة اخيرا بجوار منزل امجد.. ليهبط منهما الاثنان ويتوجها لطرق جرس الباب.. ولم يلبث ان استقبلهما امجد وهو يقول: تفضلا بالدخول..
دلف عادل ومن خلفه احمد.. وقادهما امجد الى غرفة الجلوس .. حيث اجتمع عادل واحمد وامجد.. وكمال ومازن اللذين انضما اليهما بعد دقائق..ودارت محادثات مختلفة بينهم.. قبل ان يقول عادل وهو يضع كأس العصير على الطاولة: طبعا يا امجد انت تعلم مسبقا.. اننا جئنا الى هنا.. لطلب يد ابنتك مها لابني احمد..وارجو ان اسمع منك الجواب بالموافقة..
قال مازن بسخرية وهو يتظاهر بحك ذقنه: اخبرني يا احمد ايهما تريد بالضبط؟.. قبل فترة جئت لخطبة ملاك.. واليوم جئت لتخطب مها .. يجب عليك ان تحدد مو قفك..
تطلع اليه احمد وقال بسخرية مماثلة: في الواقع عندما فوجئت بأن ملاك قد اختارتك ورفضتني.. ادركت انها لا تناسبني.. فذوقها في الاختيار كان بسيطا ولم يعجبني..
قال مازن باستفزاز: ذلك لانها اختارت الشخص الافضل ..
تدخل امجد في الحديث قائلا لينهي هذه المشادة الكلامية: في الحقيقة يا عادل .. انا موافق على مطلبك و...
قاطعه مازن في سرعة: وسنترك لمها فرصة للتفكير..
التفت له امجد وقال بحدة : مازن..
اما كمال فقد قال ببرود: وستمنحكما هي جوابها بعد ايام.. وان كنت اتمنى ان يكون كالجواب التي منحناكما اياه عند خطبتكما لملاك..
قال عادل وهو يعقد حاجبيه: لكن امجد قال انه موافق وكذلك ابنته..
قال كمال وهو يسند ذقنه لمسند المقعد: غير صحيح..
(بل صحيح)
التفت الجميع في دهشة الى مصدر الصوت الذي اخترق حديثهما بغتة.. واتسعت عينا مازن.. وشعر كمال بالغضب وهو يرى ان ناطق العبارة السابقة لم تكن الا مها..في حين تقدمت مها منهم وهي تقول بصوت اشبه بهدوء الليل؛ انا موافقة على احمد..
التفت لها احمد وتطلع اليها من رأسها حتى اخمص قدميها وارتسمت على شفتيه ابتسامة تحمل مزيجا من السخرية والانتصار.. في حين التفتت له مها لتحدجه لنظرة باردة تخفي ما تعانيه بداخلها.. ومن ثم اكملت طريقها لتجلس في المقعد المجاور لوالدها والذي كان قريبا من مازن.. وما ان فعلت حتى قال عادل بابتسامة: جيد انك اعلنت موافقتك السريعة على هذا الزواج.. فهذا يختصر علينا الكثير من الوقت..
في حين مال نحوها مازن.. وامسك بذراعها في قوة وقسوة وهو يقول: ما هذا الذي فعلته؟..
حاولت جذب ذراعها من قبضته وهي تقول ببرود: فعلت ما اراه صوابا..
قال مازن بحدة وعصبية: حمقاء.. اتظنين ان هذا سيجعلك تنسين حسام؟..وتنسين رفض والدي له؟..
اشاحت بوجهها قائلة: لست اظن أي شيء.. ومن فضلك دع ذراعي فأنت تؤلمني..
ترك مازن ذراعها وقال بعصبية وهو يضغط على حروف كلماته: فليكن يا مها.. سأدعك تفعلين ما تشائين.. وتحملي وحدك نتيجة موافقتك هذه..
قالها ونهض من مكانه قائلا بضيق واضح : بالاذن..
وغادر المكان بأكمله .. في حين تطلعت مها الى مكان قبضة يده وقالت متحدثة الى نفسها: ( انت لا تفهم يا مازن.. لا احد منكم يفهم ما افعله ابدا)..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان الصمت هو سيد الموقف في تلك السيارة التي جمعت ملاك ومازن.. وهذا الاخير ينطلق بها في صباح اليوم التالي الى المستشفى كما وعدها سابقا لرؤية والدها.. وكلما حاولت ملاك ان تسأله عن شيء كان يجيبها باجابة مقتضبة ويعود الى صمته من جديد.. وقد شعرت ملاك حينها بأن مازن يفكر في امر ما.. او انه متضايق من امر معين..
وتسائلت قائلة بعد ان ملت هذا الصمت: مازن ما بك؟..هل هناك ما يضايقك؟..
ظل مازن صامتا لبرهة ومن ثم قال مجيبا: ليس تماما.. ولكن ...
قالت ملاك متسائلة: لكن ماذا؟..
زفر مازن بحدة وقال بضيق وحنق: تصرفات مها بدأت تدهشني في الآونة الاخيرة..
- لم؟.. ما الذي حدث؟؟..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: لابد وانك تعلمين بأن والدي قد رفض حسام كزوج لها..
اومأت ملاك برأسها قائلة: بلى.. مها اخبرتني بهذا..
قالى مازن وهو يشد من قبضته على مقود السيارة: ولكنها بالتأكيد لم تخبرك بأمر خطبة احمد لها.. وموافقتها عليها..
شهقت ملاك وقالت بذهول كمن لم يتوقع خبرا كهذا: ماذا قلت؟؟.. هل هذه مزحة؟.. مها وافقت على احمد؟؟.. هذا غير معقول .. مستحيل تماما..فهي .. فهي...
بترت عبارتها دون ان تجرأ بأن تكملها قائلة بأن مها تحب حسام فكيف لها ان توافق على آخر سواه.. ولكن مازن فهم ما ترمي اليه.. فقال وهي يتطلع الى ملاك بطرف عينه: فهي تحب حسام.. اليس هذا ما تودين قوله؟..
التفتت له ملاك بحدة ودهشة ..ومن ثم لم تلبث ان عضت على شفتيها ظنا منها انها المسئولة عن معرفة مازن بهذا الامر قائلة: كيف عرفت ذلك؟؟..
هز مازن كتفيه قائلا: انها شقيقتي يا ملاك.. وامر بديهي ان اكون عالما بكل شيء يعنيها.. خصوص مشاعرها تجاه حسام.. والتي كنت اراها عليها منذ الطفولة..
صمتت ملاك وادارت وجهها عنه لتقول متسائلة بغرابة: اذا لم وافقت على احمد؟؟.. بالتأكيد هناك سبب..
اومأ مازن برأسه موافقا وقال: اظن هذا انا ايضا.. لهذا حاولت سؤالها مرارا وتكرارا .. لكنها تمسكت بالصمت.. او بعبارتها الدائمة بأن لا شأن لأحد بها..
غرقت ملاك في تفكير عميق لثواني ومن ثم قالت فجأة: انها تفعل هذا لسبب مهم وخطير جدا.. والا لما ضحت بنفسها وبحسام.. وقبلت الزواج من احمد وهي لا تحمل له اية مشاعر ..
توقف مازن بالسيارة بعد ان دخل من بوابة المشفى الخارجية .. واوقف سيارته في احد المواقف قائلا وهو يلتفت الى ملاك: يبدوا لي انك تعرفين تقريبا سبب ما تفعله هي بنفسها؟..
هزت ملاك رأسها وقالت: ليس تماما.. ولكني اظن ان هناك سببين يجعلانها توافق على احمد..
استمع لها مازن باهتمام وانصات شديدين..في حين اكملت ملاك قائلة: فاما ان تكون مها قد جُرحت من حسام جرحا عميقا دقعها لأن تنساه بأي طريقة او الانتقام منه بزواجها من احمد.. واما ان تكون مها تريد ان تتزوج من احمد لسبب يخصها او يخصكم..
وضع مازن كفه اسفل ذقنه وقال وهو يفكر: لا اظن ان حسام من النوع الذي قد يسبب لمها أي احزان.. لهذا فأنا ارجح الاحتمال الآخر.. ولكن ماهو هذا السبب الذي يجعلها تضحي تضحية كهذه؟.. انها ترفض اخبارنا حتى..
صمتت ملاك دون ان تجد جوابا تقوله.. فقال مازن وهو يبتسم ابتسامة شاحبة: دعك من كل هذا .. يجب علينا ان نسرع لتجري تدريباتك اليومية و...
قاطعته ملاك قائلة في سرعة: اريدان اذهب الى ابي اولا..
- لكن يا ملاك.. تدريباتك...
تطلعت اليه بعينين راجيتين وقالت: ارجوك اريد ان اطمئن عليه اولا..
قال مازن وهو يتنهد: فليكن..
وهبط من السيارة..ليخرج مقعد ملاك.. وتجلس عليه هذه الاخيرة.. قبل ان يتوجها الى داخل المستشفى ويستقلا المصعد الى الطابق الثاني.. وهناك غادرت ملاك في لهفة وهي تشعر بخفقات قلبها تزداد.. وهي تتوجه الى تلك الغرفة بكل ما استطاعت من سرعة بدفع عجلات مقعدها.. وابتسم مازن وهو يرى حماسها قائلا: انتظري يا ملاك.. سأدفعك ان اردت ..
قالت ملاك في سرعة وهي تمسك بمقبض الباب وتفتحه: لا داعي لذلك.. المهم ان ارى ابي و...
بترت عبارتها لينعقد حاجبيها بحيرة.. صحيح انها قد اعتادت ان تكون الغرفة هادئة.. لكن ليس الى هذا الحد.. انها حتى لا تسمع جهاز قياس ضربات القلب.. وحركت عجلات مقعدها اكثر لتصل الى داخل الغرفة قليلا.. وهنا هتفت وهي تضع كفها على شفتيها مانعة شهقة كادت ان تلفت من بينهما وتقول بخوف: اين ابي؟؟..
تطلع مازن بدوره بدهشة الى ذلك الفراش الابيض المرتب الذي بدا له وكأن لم ينام عليه احد بالامس.. واستغرب هذا الامر .. وراودته المخاوف حول هذا الامر.. فحسم امره وربت على كتف ملاك قائلا: سأسأل الطبيب عن والدك.. فربما قد نقل لغرفة اخرى..
قالها واسرع يغادر الغرفة تاركا ملاك في حيرة وخوف وقلبها ينتفض كطير ذبيح..
وتوجه مازن بخطوات سريعة وهو يحاول ان يجد أي ممرضة في الممر يسألها عن عمه خالد.. وما ان رأى احدى الممرضات اخيرا حتى قال: لو سمحت يا آنسة..
توقفت الممرضة وتسائلت قائلة: ماذا؟..
قال مازن بهدوء: اردت ان اسألك عن حالة السيد خالد الموجود بغرفة رقم (...)..
ومن جانب آخر.. كانت ملاك تحاول السيطرة على قلقها وخوفها وهي تحاول طمأنة نفسها قائلا: ربما تحسنت حالة ابي .. لهذا تم نقله الى غرفة اخرى .. اجل بالتأكيد هذا ما حدث.. لن يصيبه مكروه لانه سيعود الي ولن يتركني وحيدة..
وفاجأها دخول مازن الذي قال بهدوء وهو يتقدم منها: لقد تم نقل والدك الى غرفة اخرى.. فلنذهب..
تسائلت ملاك قائلة بقلق: لم؟.. ماذا حدث حتى يتم نقله الى غرفة اخرى؟..
ارتسمت على شفتي مازن ابتسامة غامضة لم ترها وهو يقول: ستعلمين بنفسك عندما تصلين اليه..
ودفع مقعدها ليسير في ممرات المشفى..ليصل الى تلك الغرفة.. وسمح لملاك ان تفتح الباب وهي تزدرد لعابها بقلق.. وحركت عجلات مقعدها ببطء وكأنها تخشى مما ستراه في داخل الغرفة..ولمحت بغتة جسد والدها الممدد على الفراش.. فاسرعت تدفع عجلات مقعدها في لهفة.. دون ان تنتبه الى ان الاجهزة والاسلاك التي كانت متصلة بجسده دائما لم تعد موجودة ..فيما عدا انبوب واحد يوصل اليه الفيتامينات التي فقدها جسده طوال فترة الغيبوبة..
والتقطت كفه في راحتها لتقول بهمس: كم اشتقت اليك يا ابي..
شعرت بكفه تضغط على كفها .. واتسعت عيناها بدهشة ولهفة وكادت ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان فتح خالد عينيه وقال وهو يتطلع اليها بحنان: وانا اكثر يا ملاكي الصغير..
توقفت الكلمات في حلقها وهي تظن انها قد اخطأت السمع او ربما انها تتوهم من كثرة تمنيها لأن ينهض والدها..وتطلعت الى عينيه المفتوحتين بدهشة وذهول.. فقال مبتسما: ماذا بك يا صغيرتي؟.. لم تتطلعين الي هكذا؟.. لقد افقت من الغيبوبة وعدت لأجلك وحدك يا ملاكي..
تطلعت ملاك بعدم فهم للوهلة الاولى الى والدها والتفتت الى مازن وكأنها تطلب توضيحا منه او ان يؤكد لها ان ما تراه امامها حقيقة وليس من محض خيال..فقال بابتسامة حانية: ملاك .. انه والدك.. لقد نهض اخيرا وعاد اليك كما تمنيت طويلا ..
التفتت ملاك الى والدها بعينين مرقرقتين بالدموع وشاهدته في تلك اللحظة يعتدل في جلسته .. وقالت بصوت متحشرج وهي تمد كفها لتتحسس وجنة ابيها .. وكأنها لم تصدق بعد وجوده: اهذا انت حقا يا ابي؟..
امسك بكفها بحنان وقال وهو يتطلع اليها بحب: نعم انه انا يا صغيرتي.. كم اشتقت اليك يا..
وقبل ان يتم عبارته كانت قد القت نفسها بين ذراعيه وهي تقول بصوت باكي: لماذا ذهبت وتركتني؟.. الا تعلم اني في امس الحاجة اليك؟.. اني في حاجة لوجودك معي دائما.. لماذا تركتني يا ابي؟.. لماذا؟..
ربت والدها على ظهرها وقال بحنان: ملاك يا صغيرتي.. انت تعلم ان هذا اقوى مني ومنك.. انها مشيئة الله تعالى التي يجب علينا ان نتقبلها وان نصبر عليها.. ولتحمدي الله الآن على اني قد عدت اليك من جديد..
تمسكت ملاك به اكثر وقالت: حمدلله.. حمدلله.. لا تتركني مرة اخرى يا ابي.. لقد كدت ان اموت بدونك..
مسح على شعرها بحنان ابوي ومن ثم قال: لا تقولي هذا يا صغيرتي ..
وارتفعت عيناه الى مازن الذي قال مبتسما: حمدلله على سلامتك يا عمي.. وعلى عودتك الينا من جديد..
قال خالد بهدوء: الشكر لله..
فقال مازن مبتسما بسرور: لقد كانت ملاك تزورك يوميا وتدعو الله ان تعود اليها.. وهاقد استجاب الله دعوتها اخيرا ..
واردف قائلا:سأبشر والدي بهذا النبأ السعيد .. بالاذن..
كان يريد ان بفسح المجال لهما ان بتحدثا بحرية لهذا غادر الغرفة في سرعة.. وهو يخرج الهاتف من جيبه ويتصل بوالده في سرعة.. ليبشره بهذا الخبر..
ومن جانب آخر قال خالد وهو يمسح على شعر ملاك بحنان: يكفي يا صغيرتي.. لا احب ان ارى دموعك.. دعيني ارى وجهك الجميل وابتسامتك الرائعة..
وابعدها برفق عن صدرها ليقول مبتسما: هيا ابتسمي.. ولا تدعيني اقلق عليك..
ابتسمت ملاك ابتسامة صغيرة وقالت: لو تعلم كم اشتقت اليك يا ابي.. وكم احبك..
داعب وجنتها في حنان وحب قائلا: وانا اكثر يا صغيرتي انت كل شيء بقي لي في هذه الدنيا من بعد والدتك..
واخذ يتطلع اليها بحنان ولهفة وشوق وملاك تتطلع اليه بكل حب واشتياق لصوته.. لملامحه..لكلماته.. لحنانه.. وكل ما يخصه..
ورأته بغتة يتطلع اليها فية اهتمام قائلا بتساؤل: اخبريني يا ملاك.. كيف هي احوالك في منزل عمك طوال الفترة الماضية؟..
ابتسمت ملاك قائلة: على خير ما يرام يا ابي.. الجميع هناك يعاملوني بلطف وحب كما وان...
بترت عبارتها فجأة وقد شعرت بالتردد مما كادت تقوله.. لقد كادت ان تعترف له انها قد تزوجت من مازن.. لكن.. لقد افاق والدها من الغيبوبة لتوه..وهو سعيد برؤيتها وبعودته اليها..فهل يمكنها ان تخبره بذلك وقد يضايقه هذا الامر وهو بالكاد قد رآها؟..ثم هل سيقبل والدها بهذا الزواج؟.. وخصوصا من مازن الشخص الذي كان لا يحب ان تكون لها علاقة معه.. ظنا منه انه شاب غير جيد وانه لا يتمنى لها الخير وانه سيسبب لها الآلام بكلماته الجارحة او غير المبالية بها.. وان صدقت بعض من ظنون والدها.. صدقت في ان مازن قد سبب لها جروحا وآلاما قد لا تبرئ ابدا..
وجاءها صوت والدها ليوقظها من شرودها قائلا: كما وان ماذا يا صغيرتي؟..
قالت وهي ترسم ابتسامة مصطنة على شفتيها: كما واني كنت آتي لزيارتك يوميا مع مازن او مها..
واستمرت في الحديث اليه بكل اشتياق.. وهو كان يحاول ان يطمئن عن كل شيء يعنيها عندما غرق في تلك الغيبوبة.. عن احوالها.. صحتها.. معاملة عمها لها.. وفؤاد وعادل ان كانا قد اشتركا بأي عمل قد يؤذيها.. واجابت عليه ملاك بما تعرف قائلة اخيرا: لا.. فأنا لم ارى عمي فؤاد او عادل الا مرة او اثنتين.. ولا اظن انهما قد كانا يخططان لأي شيء تجاهي..
ابتسم والدها باشفاق قائلا وهو يتحدث الى نفسه: ( بل انت يا ملاك التي لا تفهم البشر.. انت التي تظنين الخير بالجميع.. وتحاولين تجاهل الشر الذي ينبع من عيونهم تجاهك.. لكن ها انذا قد عدت اليك اخيرا..لأحميك لآخر نفس يتردد في صدري .. ولن يتمكن شخص حينها من لمس شعرة واحدة من رأسك)..
واستيقظ من افكاره على صوت مازن وهو يدلف الى الغرفة قائلا وهو يبتسم: سوف يسرع الجميع بالحضور الى هنا فورا.. فلقد فرح والدي كثيرا بعد ان نقلت اليه خبر استيقاظك اخيرا ..
اومأ خالد برأسه لحظتها بتفهم.. في حين التفت مازن الى ملاك قائلا: هه يا ملاك.. الا تريدين ان نذهب الآن لتمارسي تدريباتك؟..
قالت ملاك في سرعة وهي تهز رأسها نفيا: لا.. اريد البقاء مع ابي..
قال مازن باصرار: لكنها ساعة واحدة يا ملاك وبعدها يمكنك العودة الى والدك..
تشبثت ملاك بذراع والدها وقالت بعناد: لا.. لن اتحرك من مكاني.. انا لم اصدق انه قد عاد الي اخيرا..
اما خالد فقد قال بحيرة: أي تدريبات تلك التي يتحدث عنها مازن يا ملاك؟..
وقبل ان تجيبه ملاك بنطق أي حرف.. قال مازن وهو يحاول الشرح: لقد سألت احد اطباء المخ والاعصاب عن حالة ملاك وقال لي حينها ان هناك املا لمن هم في مثل حالتها وقد تعود للسير على قدميها من جديد.. ولكن عليها اولا ان تجري بعض التدريبات التي ستساعدها لا حقا..
ظهرت ملامح الفرح على وجه خالد.. وبرقت عيناه في سعادة ونشوة قائلا: احقا؟..
ابتسم مازن وهو يومئ برأسه قائلا: بلى.. ولكن عليها ان تواظب على التدريبات اولا.. لمدة معينة..
التفت خالد الى ملاك قائلا بابتسامة واسعة وسعيدة: اذهبي يا ملاك.. اذهبي .. الاهم عندي هو ان اراك بصحة جيدة.. واراك تسيرين على قدميك من جديد.. هيا اذهبي..
هزت ملاك رأسها نفيا وتشبثت بذراعه اكثر قائلة: اريد البقاء معك فقط يا ابي ولست اريد الذهاب الى أي مكان آخر ..
ربت والدها على كفها وقال وفي عينه نظرة رجاء: لأجلي.. لساعة واحدة فقط..
قال مازن بدوره وهو يحاول اقناعها: ملاك هيا لنذهب.. لا تضيعي تعب اليومين السابقين .. لاجل يوم واحد..
قالت ملاك بتردد: سأذهب فيما بعد..
تطلع مازن الى ساعته وقال: لا يوجد وقت يا ملاك.. لنذهب لنصف ساعة فقط.. وبعدها يمكنك العودة..
التفتت الى والدها الذي ابتسم لها موافقا.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة وتترك ذراع والدها ببطء: فليكن ولكن لنصف ساعة فقط..
اما خالد فقد قال وهو يتطلع الى مازن في امتنان: اشكرك يا مازن.. لقد ادخلت الفرحة الى قلبي من جديد..لا اعرف كيف اشكرك على معروفك هذا..
قال مازن وابتسامة واسعة تعلو شفتيه: انا لم افعل شيئا.. كل ما فعلته هو اني قد حاولت تقديم يد العون لملاك..ومنحها املا قد يرسم السعادة على شفتيها من جديد..
تطلع خالد اليه مرة اخرى بابمتنان.. في حين ابتسم له مازن بهدوء قبل ان يدفع مقعد ملاك بهدوء التي قالت بلهفة: سأعود سريعا يا ابي.. ابقى مستيقظا..
ضحك قائلا: فليكن يا صغيرتي..
ومن ثم لم يلبث ان شرد بذهنه.. وهو يتخيل ملاكه تعود للسير على قدميها من جديد.. ورقص قلبه بفرحة كبيرة وهو يتمنى ان يتحقق هذا الامل ويتحول الى واقع ذات يوم...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
( مها.. فلتجهزي بسرعة.. فسنغادر)
استغربت مها صوت كمال المتلهف الذي جاءها من خلف الباب والذي يطلب منها ان تجهز ليغادروا الى مكان مجهول.. فقالت متسائلة وهي تفتح الباب: نغادر؟.. الى اين؟..
قال في عجلة: الى المشفى.. فقد افاق عمي خالد من غيبوبته اخيرا..
خفق قلب مها في فرح وقالت بابتسامة سعيدة: اخبر ملاك بسرعة.. فسوف تفرح بذلك..
قال كمال وهو ينصرف مبتعدا: انها معه في المشفى.. هي ومازن.. فهذا الاخير هو من ابلغنا بأمر عمي..
ابتسمت مها وقالت وهي تخرج هاتفها من جيبها وتعود لتدلف الى غرفتها: اذا سأخبر حسام.. بالتأكيد سيفرح عندما يعلم بهذا الـ....
وتصلبت اناملها قبل ان تضغط رقما واحدا.. وتجمدت نظراتها على الهاتف المحمول.. تريد ان تخبر حسام؟.. بأي صفة؟.. انسيت في غمرة فرحها هذا انها مخطوبة لأحمد؟.. وانها قد وافقت على هذه الخطبة.. يالها من حمقاء.. انسيت واقعها المر الذي تحياه بهذه السرعة؟.. ونسيت ان حسام الذي تحبه بكل نبضة من نبضات قلبها لم يعد لها ابدا...
وتوجهت الى خزانتها وعلى شفتيها ابتسامة مريرة قائلة: يكفي احلاما يا مها.. احلامنا هي من تقتلنا.. هي من تحطمنا.. انت الآن مخطوبة لأحمد.. فأنسي أي شيء يتعلق بحبك الوحيد.. وتذكري ان ليس كل ما نتمناه.. يجب ان نحصل عليه.. فالواقع شيء.. والامنيات شيء آخر...
وافاقت من افكارها على صوت رنين هاتفها المحمول.. ولم تعلم لم توجهت اليه في لهفة وهي تأمل ان يكون حسام هو المتصل .. لكن نظرة الالم في عينيها وهي ترى اسم احمد يضيء على شاشة هاتفها.. جعلها تشعر بالحنق وتقول بغضب: تبا لك يا احمد.. كل ما حدث بسببك انت.. ليتك ترحل من حياتي.. ليتك لم توجد في هذه الدنيا اصلا.. انت سبب كل ما يحدث لي.. اتمنى لو تختفي من حياتنا نهائيا.. اتمنى هذا..
وتنهدت بمرارة.. وهي تغير ملابسها على عجل.. قبل ان ترسم على ثغرها ابتسامة مفتعلة.. وتغادر غرفتها.. ويدها قد تعلقت بشيء ما في جيبها.. شيء غالٍ على قلبها واغلى من أي شيء تمتلكه.. كانت يدها تقبض على نصف القلب بكل لوعة ومرارة والم....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-15-2012, 09:18 AM   #52 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثاني والاربعون
"انفصال!"

كان خالد غارقا في افكاره حول ابنته.. حين اقتحم افكاره تلك.. صوت لفتح الباب.. وصوت شقيقه امجد وهو يقول: حمدلله على سلامتك يا خالد.. لم اصدق انك قد افقت عندما نقل الي مازن الخبر..
قال خالد ببرود: لم؟.. هل كنت تتمنى لي العكس؟..
قال امجد وهو يعقد حاجبيه: خالد.. ما هذا الذي تقوله؟.. انت شقيقي واتمنى لك كل خير بكل تأكيد..
قال خالد بلامبالاة: وعادل وفؤاد شقيقاي كذلك.. ومع هذا لم يتمنيا لي الخير..ولتعلم انهما السبب في وصولي الى المشفى..
وقبل ان يتساءل امجد عن كيفية ذلك تقدم كمال من عمه وقال بابتسامة هادئة: حمدلله على سلامتك يا عمي.. سعدت كثيرا عندما علمت انك قد عدت الينا اخيرا..
ومهاالتي قالت بابتسامة واسعة: لو تعلم يا عمي كم فرحت عندما علمت بهذا الخبر.. وخصوصا وان ملاك ستحلق من السعادة عندما تراك قد عدت اليها اخيرا..
وتسائلت وهي تتلفت حولها: بالمناسبة .. اين هي؟..
قال خالد بهدوء: لقد ذهبت لاجراء تدريباتها..
قالت مها وهي تعقد حاجبيها: أي تدريبات تلك؟..
قال خالد بحيرة: الم يبلغكم مازن بشيء عن هذا الامر؟..
قال امجدوهو يعقد حاجبيه: ابدا..
قال خالد وحيرته تتضاعف: لا اعرف لم فعل..لكنه قد وجد املا لأن تقف ملاك على قدميها من جديد.. ولهذا عليها ان تمارس بعض التمرينات التأهيلية اولا..
اشرق وجه مها بالفرحة وصاحت هاتفة: احقا؟؟..
اما كمال فقد قال بدهشة: لم يبلغنا بشيء كهذا ابدا..
هز خالد كتفيه في عدم فهم من اخفاء مازن لهذا الامر .. في حين جذب امجد لنفسه مقعدا وقال بهدوء: دعنا من هذا الآن.. سأسئله فيما بعد عن هذا الامر.. اخبرني الآن .. لقد قلت ان عادل وفؤاد كانا سببا في دخولك الى المشفى .. فكيف ذلك؟..
قال خالد بضيق : ظنا اني احمق ولن الحظ السيارة التي كانت تلحق بي يوم الحادث.. والتي هدفها معرفة مقر سكني.. ولكني لاحظتها ولهذا حاولت الفرار من امامها.. لكن ما حدث هو اني اصطدمت بسيارة اخرى.. وهذا ما جاء بي الى هنا ..
قال امجد غير مصدقا: عادل وفؤاد يفعلان هذا.. لست اصدق ..
- ولماذا لا تصدق؟.. اتظنهما يتمنيان لي الخير.. على العكس انهم يتعجلون موتي.. لتكون املاكي من نصيبهم .. ولكن هذا لن يحدث ابدا.. فكل املاكي قد سجلتها باسم ملاك..
قال امجد بهدوء: خيرا فعلت .. وان كان هذا قد سبب لنا بعض المشاكل مع فؤلد وعادل.. ولكننا تمكنا من السيطرة عليهافي الوقت المناسب..
قال خالد متسائلا: وكيف ذلك؟..
تطلع اليه امجد وهو متردد من اخباره بأمر زواج ملاك من مازن دون علم منه.. لكنه في النهاية قد حسم امره وقرر ان يخبره.. لهذا فقد تطلع اليه وقال بجدية: في الحقيقة لقد...
وقبل ان ينطق بحرف واحد اضافي كان قد قاطعه دخول.. شخص ما الى الغرفة.. شخص لم يرد ان يتحدث امامه بأي شيء عن هذا الموضوع...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كانت ملاك تبذل جهدا كبيرا في محاولة جاهدة للتمسك بالقضبان الحديدية التي على كلتا جانبيها والتي ستساعدها على الوقوف.. وتجمعت قطرات العرق على جبينها لتعبر عن مدى ارهاق جسدها.. وشعرت بنبضات قلبها المتسارعة وانفاسها المضطربة .. وهي تسمع الطبيب يهتف بها قائلا: هيا حاولي..
هزت ملاك رأسها قائلة بتعب وارهاق وهي تلهث: لا استطيع ..
قال الطبيب باصرار: لا اريد سماع مثل هذه الكلمات.. هيا حاولي..
قالت ملاك بارهاق: انا فعلا لا استطيع.. واشعر بارهاق شديد.. والم في كلتا ذراعي في محاولتي لرفع جسدي..
قال الطبيب وهو يعقد حاجبيه و يتطلع اليها: لقد بدأنا التدريب منذ عشرون دقيقة فقط.. وانت لا تزالين بحاجة الى تدريب لربع ساعة اخرى على الاقل..
التفتت ملاك الى مازن الذي كان يقف بانتظارها بهدوء وتطلعت اليه بعينين راجيتين ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: لكني تعبت..
اقترب منها الطبيب وقال بهدوء: الا تريدين ان تسيري على قدميك؟..
اومأت ملاك برأسها..فقال الطبيب بابتسامة هادئة: عليك اذا الصبر واحتمال تدريباتك.. فكل علاج يكون صعبا في بدايته وان كان ينتهي في النهاية الى نتيجة مُرضية..فمثلا الدواء ذا الطعم المر الذي يضطر الانسان لتناوله لكي يشفى من مرضه.. والعمليات الجراحية التي تسبب الما كبيرا لمن يجريها.. لهذا اطلب منك يا ملاك مجرد المحاولة والاصرار.. وصدقيني لو كان لديك امل بأنك ستستطعين فعل ما تريدين وعزيمة على ذلك.. فحينها سيمكنك فعل ما تريدين حقا..
ابتسمت ملاك وقالت ببعض الارهاق: حسنا .. سأحاول من جديد..
قال الطبيب بابتسامة: هكذا اريدك.. هيا حاولي..
عاودت ملاك محاولاتها وفي كل مرة كان الم ظهرها يشتد .. لكنها كانت تتحامل على نفسها.. لترفع جسدها من جلوسه.. وتقف ولو لثانية.. لكن محاولاتها باءت بالفشل ..
ومازن الذي اشفق على حالتها اقترب منها في تلك اللحظة وقال بابتسامة مشفقة: يمكنك فعلها يا ملاك انا اعرف..
قالت ملاك وهي تحاول التقاط انفاسها: لقد بدات اشعر بالعجز .. لن استطيع الوقوف ابدا..
قال مازن بحزم: بل تستطيعين .. فقط لا تستسلمي..
لم تعلم ملاك لم في تلك اللحظة راودتها ذكرى ذلك الحلم.. ربما لان الحوار الذي تبادلاه الآن مشابه لما دار بينهما في حلمها .. ومنحتها هذه الذكرى مزيدا من الاصرار وهي تتذكر انها قد تمكنت من الوقوف في الحلم.. فعادت تحاول من جديد.. وحينها سمعت الطبيب يقول: حاولي بجهد اكبر .. بقوة اكبر.. يمكنك فعلها..
لكن ملاك توقفت عن ما تفعله وقالت بتعب وارهاق شديدين: لن يمكنني.. اشعر ان عضلات ذراعي قد تمزقت..
تطلع اليها الطبيب في اشفاق ومن ثم نظر الى ساعته ليقول بهدوء: فليكن يكفي لهذا اليوم..
اما مازن فقد عاد ادراجه ليلتقط كأس من الماء كان قد احضره معه ووضعه على احدى الطاولات جانبا.. وقدمه لملاك قائلا بابتسامة: اشربي.. فلا بد انك تشعرين بالعطش بعد هذا التدريب الطويل..
التقطت ملاك منه الكأس وقالت بامتنان : شكرا لك..
منحها مازن نظرة حانية.. ورآها تملأ جوفها بنصف ما يحتويه الكأس من الماء ومن ثم قالت بابتسامة: حمدلله..
واردفت في سرعة: والآن فلنعد الى ابي يا مازن..
اومأ مازن برأسه وهو يلتقط الكأس من كفها ومن ثم لم يلبث ان تطلع اليها قائلا: أأخبرك بشيء يا ملاك؟..
تطلعت اليه بتساؤل.. فقال وهو يغمز بعينه: تبدين مختلفة هذا اليوم .. اجمل من كل مرة رأيتك فيها..ربما هذا من تأثير سعادتك لدى رؤية والدك..
اطرقت ملاك برأسها وتوردت وجنتاها بخجل.. فقالت محاولة تغيير دفة الحديث: فلنذهب اليه بسرعة..
قال مازن مبتسما بمرح: فليكن يا ملاكي..
وسار وهو يدفع مقعدها بين ممرات المشفى حتى وصل اخيرا الى غرفة والدها ودلف اليها هو وملاك وسمع والده يقول في تلك اللحظة: في الحقيقة لقد...
ووجد والده يبتر عبارته ويتطلع الى ملاك ومن ثم يصمت وملاك التي تجاهلت الجميع وتوجهت الى والدها قائلا: كيف حالك الآن يا ابي؟.. هل تشعر انك بصحة جيدة؟.. ومتى ستخرج من المشفى؟..ام انهم لم يخبروك بعد؟..
ابتسم لها والدها وقال وهو يربت على راسها: لن تتغيري ابدا يا صغيرتي..
ومن ثم اردف قائلا: لا اعرف متى سأغادر بالضبط لكنهم يريدون اجراء بعض الفحوصات اولا..
اومأت ملاك برأسها بتفهم.. ومن ثم سالها قائلا: اخبريني انت .. كيف كانت تدريباتك؟..
ظهر الضيق على وجه ملاك وقالت: مرهقة..
ربت على كتفها بحنان وقال مشجعا: عليك ان تحتملي يا صغيرتي حتى تعودي للسير على قدميك..
اما امجد فقد التفت الى مازن وقال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: لماذا لم تخبرنا بأمر هذه التدريبات يا مازن؟..
وتسائلت مها بدورها قائلة: صحيح.. لم لم تخبرنا بأمرها؟..
التفت مازن الى والده وقال ببعض الارتباك: في البداية كان الامر مفاجئا ولم اكن متأكدا من ان هناك امل حقا.. ومن ثم عرضتها على الطبيب فقرر اجراء بعض التدريبات التأهيلية .. وكنت سأخبرك يا والدي حقا اليوم..
صمت عنه امجد ومن ثم التفت الى خالد الذي ظل يتحدث الى ابنته دون ان يلحظ خاتم الخطبة الذي يحيط باصبعها.. وتنهد وهو لا يعرف بم سيجيب خالد لو سأله عن هذا الخاتم امام ابنته.. لكنه حينها لن يجد مفر من قول الحقيفة امام ملاك.. مهما كانت ردة فعلها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
سار حسام بين ممرات ذلك النادي وهو يبحث بعينيه بين كل رواده .. بحثا عن شخصا ما والشرار يقدح من عينيه.. حتى ان زملائه في النادي قرروا تحاشيه هذا اليوم.. وهم يجدونه عصبيا.. غاضبا وغير متقبل لأية كلمة.. واستغربوا هذه الحالة التي يبدوا عليها حسام بعد ان عرف بالهدوء والمرح اغلب الاوقات ..
لكن احدهم لم يكن يعلم ان سبب هذه الحالة هو فقدانه لأغلى شخص على قلبه.. شخص مستعد لأن يضحي باي شيء لأجله.. ومستعد لأن يدفع حياته ثمنا لسعادته..وهذا الشخص بالتأكيد لن يكون الا مها.. حب حياته الوحيد وعشقه منذ الطفولة.. الذي يرفض ان تكون لسواه بهذه السهولة..
وظل يسير في كل ارجاء النادي بحثا عن شخص ما بعينه.. وما ان لمحه وهو يقف بجوار كافتيريا النادي.. حتى اسرع في خطواته وتوجه اليه ليقول بغضب وهو ينقض عليه ويمسك بسترته بقوة: ايها الوغد الحقير.. ايها الجبان المخادع..كيف تسمح لنفسك بفعل هذا بمها وبي؟..
شعر احمد بالمهانة من امساك حسام له على هذا النحو في النادي وامام الجميع وشتمه علىمرأى ومسمع من الجميع.. وقال بعصبية وهو يحاول ان يبعد ذراع حسام عنه: دعني ايها الحقير.. والا..
قال حسام مقاطعا اياه وهو يشد من قبضته على سترته وبكل غضب الدنيا متجاهلا عبارة احمد تماما وكأنه لم يسمعها: كيف سمحت لنفسك بخطبة فتاة تكرهك؟.. تبغضك.. لا تريدك.. وفوق كل هذاتستخدم هذه الطريقة القذرة في تهديدها لتقبل الزواج بك..
قال احمد وهو يزيح ذراعي حسام في قوة وخشونة: اذهب الى الجحيم.. مها لن تكون لشخص آخر غيري..
قال حسام بانفعال: اصمت.. انا من يحبها وهي تبادلني هذا الحب .. فلم تحشر نفسك بيننا وتحاول الزواج من فتاة تكرهك ولا تكن لك الا كل بغض..
رتب احمد سترته وقال وهو يتطلع الى حسام بسخرية وانتصار: لا يهم.. المهم انها وافقت على الخطبة.. وسيتم عقد قراننا الاسبوع القادم..
تضاعف الغضب في صدر حسام اضعافا مضاعفة ليجعله ينقض على احمد مرة اخرى ليمسك بياقة قميصه هذه المرة قائلا بثورة وهو يدفعه ليصطدم بجدار المبنى: انت تكذب.. لست سوى مخادع .. لن اصدق حرفا واحدا مما تقول ايها الوغد..
قال احمد وفي عينه نظرة شماتة: هذا شأنك سواء صدقت ام لا.. فسيعقد قراني على مها الاسبوع القادم .. وستكون انت اول المدعوين..
صك حسام على اسنانه بقوة وقهر.. وشعر بالغضب والانفعال يكادان يجعلانه يقتل احمد بين يديه.. وهو يزداد من شده على رقبة هذا الاخير.. ولم يلبث ان دفعه بقوة.. ليسقط ارضا وهو يقول: ستندم يا احمد.. اقسم على انك ستفعل.. سأحول حياتك الى جحيم.. ولن تهنأ مع مها ابدا.. لأنك تزوجتها مستغلا حبها لعائلتها.. ولا تنسى انك بهذا تظلمنا.. والظالم لا يهنأ بحياته طويلا.. وسترى هذا بنفسك..
قال احمد وهو يهب واقفا من سقطته ويحاول ان يتظاهر بالقوة: لا تحاول انكار انتصاري عليك مع كل هذا.. فلقد حظيت انا بمن تحب في النهاية.. وانت ستعيش في عذاب الى الابد.. يالك من مسـ...
عند هذا الحد لم يحتمل حسام ووجد نفسه يكور قبضته ليلكم احمد بكل ما ملك من قوة.. لكمة ادمت شفتيه وجعلته يتراجع ثلاث خطوات الى الخلف.. وما ان تنبه احمد لما حدث ولامست انامله شفتيه ليرى الدماء التي سالت منهما حتى قال بغضب وجنون: ايها الحقير..
وتعارك الاثنان بكل ما يملكان من قوة..احدهما يدافع عن حبه وحياته التي ستنتهي .. والآخر يحاول الانتقام ممن اهانه.. وكان ظاهر للعيان ان حسام هو المنتصر بقوامه الرياضي ..واسرع عدد من رواد النادي بمحاولة لفك هذا الاشتباك.. ولكن حسام ظل يردد في قوة وهو يفلت نفسه من بين الاشخاص الذي حاولوا الامساك به: لن تتزوج مها ولو على جثتي يا احمد.. سأحول حياتك الى جحيم لو فكرت فيها فقط .. اتفهم؟..لن تتزوجها.. ولو كلفني ذلك حياتي..
ومسح الدماء التي كانت نتيجة لعراكه مع احمد من على شفتيه.. قبل ان يقول بحقد: ليتك تموت يا احمد .. لنحيا في سلام .. كل ما يحدث لنا من مشاكل انت سببها.. ليتك تموت ليتخلص العالم منك..
اما احمد الذي اخذ يلهث في تعب قال بانفعال: فلتذهب الى الجحيم.. لن يموت الا امثالك من الضعفاء..
تطلع اليه حسام بحقد.. بثورة وبغضب..ومن ثم لم يلبث ان ابتعد عن المكان وهو لا يجد جدوى من مواصلة هذا العراك الغير مجدي مع شخص وغد مثل احمد.. لكنه كور قبضتيه في مرارة وغضب وهو يغادر النادي .. وما ان وصل سيارته حتى القى نفسه بداخله.. وقال وهو يحاول التقاط انفاسه بكل مرارة الدنيا: احقا وافقت على هذا الحقير يا مها؟.. احقا فعلت وقطعت الامل الأخير الذي بيننا؟.. لست اصدق هذا.. ولا اريد ان اصدق.. تبا لكل شيء.. وسحقا لهذا العالم الذي لا يحيا فيه بسعادة وهناء الا الاغنياء.. اما امثالي فهم يعانون الامرين من هذه الدنيا الغادرة.. التي تفرق بين الناس لمجرد قطع نقود لن تلبث ان تنتهي في يوم.. سحقا.. والف سحقا..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
قال امجد بهدوء وهو ينهض من مقعده: هيا فلنذهب يجب ان نترك خالد يستريح قليلا..
قال خالد بهدوء: اشكرك على الزيارة على اية حال..
قال امجد بابتسامة: لا مكان للشكر بين الاشقاء..
رمقه خالد بنظرة دون ان يعلق.. في حين قال مازن وهو يتحدث الى ملاك: هيا يا ملاك.. علينا ان نغادر..
تطلعت ملاك الى مازن وقالت برجاء: اريد ان ابقى مع ابي وقتا اطول..
قال مازن مبتسما: الم يكفيك كل هذا الوقت التي قضيته هنا؟..
استغرب خالد هذا التبسط في الحديث بينهما.. وكأن كلاهما يعرف الآخر جيدا ومنذ وقت طويل.. يا ترى هل تغير شيء في اثناء سقوطه في الغيبوبة؟..
وقالت مها في تلك اللحظة متحدثة الى مازن: دعها تبقى مع والدها يا مازن.. فهي لم تره الا منذ ساعتين فحسب.. لابد وانها تشعر بشوق كبير له.. ولا تقلق عليها.. فقط ارسل لنا السائق بعد ساعة او اثنتين من الآن لو كنت مشغولا..
تطلع اليها مازن وقال متسائلا: استبقين معها انت الأخرى ايضا؟..
قالت مها مبتسمة: وماذا في ذلك؟..انني سأبقى مع عمي وشقيقتي..
قال مازن باستسلام وهو يهز كتفيه ومن ثم يضع كفيه في جيبي سترته: فليكن.. فلتبقيا انتما الاثنتان مع عمي خالد وسارسل لكما السائق بعد ساعة من الآن..
قالت ملاك بلهفة ورجاء: اجعلها ساعتين..
تطلع لها مازن في استخفاف ومن ثم قال: وما رأيك ان آتي لكي آخذك غدا.. افضل صحيح؟..
ابتسمت ملاك باحراج في حين قال خالد وهو يحيط كتفي ابنته بساعده بحنان: ولم لا؟.. انا اريد ان تبقى صغيرتي بجواري اطول وقت ممكن..
قال مازن بتوتر: لكن يا عمي .. انت بحاجة الى الراحة و...
قال خالد بهدوء: ارسل من تريد لاصطحابهما بعد ساعتين كما تريد ملاك..
ابتسم مازن وقال : فليكن يا عمي.. لا يمكنني قول شيء من بعدك.. حمدلله على السلامة مرة اخرى.. ومع السلامة..
وقبل ان ينصرف مال على ملاك قليلا ليقول بصوت خافت: حاولي ان تعرفي سبب الموافقة من مها؟..
اومأت ملاك براسها فقال بصوت هامس شعرت بدفئه: سأشتاق اليك..
تضرجت وجنتي ملاك بحمرة الخجل ولكنها حاولت اخفاء ذلك حتى لا يلمح والدها هذا التغير الذي ظهر عليها.. لهذا قالت بسرعة: حسنا سأفعل..
كان يدرك مازن انها محاولة منها لعدم توضيح الامر امام والدها.. وادرك انها لا تريد لوالدها ان يعرف بهذا الزواج.. لسبب ما كامن في اعماقها..لكنه لم يحاول معرفته بل انصرف من الغرفة.. وما ان فعل.. حتى استدار خالد الى ملاك وقال وهو يعقد حاجبيه في ضيق: هل معتاد مازن على التعامل معك بكل عفوية هكذا؟..
قالت مها بحيرة وهي تجيب عن سؤاله: بكل تأكيد .. فهو ...
قاطعتها ملاك في سرعة قائلة: فهو قد اعتاد الحديث الي والتعامل معي ونحن في منزل واحد بكل عفوية طوال شهر كامل..
لم يقتع خالد كثيرا ونظر الى ابنته بتشكك التي لم تكن تخفي عنه أي شيء في الماضي.. لكنه هذه المرة شعر انها تخفي شيئا ما عنه.. ولم يلمح حركتها المتوترة في تشبيك اناملها في محاولة منها لاخفاء خاتم الخطوبة..
اما هو فقد تسائل بهدوء: حسنا ومن كان يدير الشركة في اثناء ما جرى لي؟.. اهو والدك يا مها؟..
قالت مها بعد تفكير: اظن انه مازن.. بتوكيل رسمي من ملاك..
قال خالد باستغراب: مازن؟؟.. وكيف له ان يدير شركة بأكملها..
قالت مها مبتسمة: والدي يساعده احيانا.. ولكن مازن له خبرة في هذا المجال عن طريق عمله مع والدي لعامين تقريبا..
اضافت ملاك قائلة: كما وان مازن قد تخصص في مجال السياحة الذي اظن انه سيفيده في مجال عمل الشركة الذي يختص بالاستيراد والتصدير..
التفت لها والدها ورمقها بنظرة طويلة قبل ان يقول: يبدوا انك تعلمين الكثير عن مازن..
ارتبكت ملاك وقالت : لقد قضيت في منزل عمي لاكثر من شهر تقريبا..ولهذا اعلم عنهم الكثير كما تقول يا ابي ..
التقط نفسا عميقا ومن ثم قال: كلها ايام واغادر المشفى وبعدها سيعود الوضع كالسابق.. وستعودين معي الى المنزل اخيرا يا ملاك..
ابتسمت ملاك وقالت بفرحة: نعم اخيرا يا ابي .. اخيرا..
لكن تلك الفرحة تبددت من على وجهها وهي تتذكر ارتباطها بمازن.. صحيح ان حفل زفافها لم يقم بعد.. لكن هذا لا ينفي انه زوجها.. ولا تعرف حقيقة كيف ستنقل مثل هذا الخبر الى والدها..وكيف سيكون وقع الخبر عليه.. لكنها حسمت امرها بأن تخبره بذلك بعد ان يغادر المشفى نهائيا .. وعندها ستعرف ردة فعل والدها على هذا الزواج.. وستحاول اقناعه بأن هذا الزواج قد حدث برغبتها.. لمشاعرها القوية تجاه مازن .. وحبها الكبير له...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان مازن في طريقه لمغادرة المنزل.. حين سمع صوت والده الذي كان يجلس على مقعد في ردهة المنزل الواسعة يناديه قائلا: مازن..
التفت مازن الى والده وقال متسائلا: ما الامر يا والدي؟..
قال والده بحزم وهو ينهض من مكانه ويقترب منه: اريدك في موضوع مهم.. اتبعني الى المكتب..
قال مازن بحيرة: الآن؟..
قال والده بصرامة وهو يستدير عنه ويدلف الى غرفة المكتب: اجل الآن.. فالموضوع مهم ولا يحتمل التأجيل..
شعر مازن بالقلق والفضول من هذا الموضوع الذي يستدعيه لأجله والده والذي لا يحتمل أي تأجيل كما يقول.. ودلف الى غرفة المكتب ليجد والده يقترب منه ويقول: ها قد نهض خالد اخيرا من غيبوبته .. وبذلك انزاح عن كاهلنا حملين ثقيلين.. اولهما شركته واملاكه التي سيعود لادارتها بمعرفته.. وثانيهما ...
وتوقف لحظة عن مواصلة الكلام قبل ان يلتفت الى مازن ويقول بحزم: وثانيهما ابنته ملاك ..
قال مازن بعدم فهم: لم افهم ما تعنيه يا والدي..
تطلع والده الى عينيه مباشرة وقال بصرامة: لقد كان زواجك من ملاك لأجل حماية املاكها.. ومنعها من ان تقع بين يدي فؤاد وعادل.. ولقد انتهت مهمتك الآن..
خفق قلب مازن بقلق وتوتر وقال بكلمات متوترة: لم افهمك ايضا يا والدي..
اقترب والده منه وقال وهو يعقد حاجبيه : اعني انه جاء الوقت لكي تنفصل عن ملاك كما اتفقنا سابقا..
بهت مازن.. واتسعت عيناه في قوة..وقد زلزلت الصدمة كيانه .. لتجعله يردد: انفصل عن ملاك؟؟..
اومأ والده برأسه وقال بتأكيد: اجل .. فلم يعد هناك أي حاجة من استمرار هذا الزواج.. وخصوصا بعد ان افاق خالد من غيبوبته..
هز مازن رأسه بقوة وكأنه ينفض عن راسه هذا الامر قائلا بحدة: كلا.. مستحيل.. لن انفصل عن ملاك..
شعر والده بالدهشة والذي لم يتوقع منه ردا كهذا.. وقال بحيرة: ماذا بك؟.. انسيت اتفاقنا السابق؟.. ثم الم تكن انت بنفسك رافضا لزواجك من ملاك لكونها فتاة عاجزة حسب قولك؟.. فما الذي تغير الآن؟..
قال مازن في سرعة وصدق: اشياء كثيرة يا والدي قد تغيرت في هذه الفترة.. لقد اصبحت ملاك اهم انسانة في حياتي.. لقد اصبحت كل شيء بالنسبة لي..ملاك جعلتني ابدوا انسانا مختلفا.. لقد غيرتني تماما ..
واردف قائلا وهو يشير الى قلبه: وغيرت هذا ايضا..
تطلع له والده للحظة مبهوتا مما يقول ومن ثم قال بحدة وهو يعقد حاجبيه: أي قول تقوله؟.. اتعني انك تريد اتمام زواجك على ملاك حقا؟.. تريد ان تحول الكذبة الى واقع..
عقد مازن ذراعيه امام صدره وقال بحزم: اجل.. سأتمم زواجي على ملاك..
تطلع له امجد غير مصدقا وقال بحيرة: من المستحيل ان تكون انت مازن.. الذي رفض الزواج من فتاة عاجزة بكل اصرار.. ولو اني لم اقنعه بنفسي بعد عشرات المحاولات لما رضخ لهذا الامر .. والآن تريد ان تكمل هذه المهزلة وتتزوج حقا من ملاك.. هذا مستحيل..
ولم ينتبه ايا منهما الى ذلك المقعد المتحرك الذي توقف بغتة بجوار غرفة المكتب.. وصاحبته تبدوا كتمثال جامد وعيناها متسعتان على آخرهما وهي تستمع الى هذه الحقيقة القاسية .. وقد تلقت من الصدمات والطعنات القاتلة ما يكفي.. وشعرت بخفقات قلبها تخفق بسرعة كبيرة وكأنها ستتوقف.. ووجدت دموعها تتساقط على كفيها دون ان تمتلك قدرة على مسحهم حتى مع تلك الانامل المرتجفة..ولم تلبث تلك الارتجافة ان انتقلت الى جسدها كله..
ومن جانب آخر كان الحوار لا يزال دائرا .. ومازن يقول بكل اصرار وتحدي: ولم مستحيل يا والدي؟..
قال والده وهو يلوح بكفه: كيف سنواجه المجتمع والناس بزواج ابني من فتاة عاجزة؟؟..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: لقد واجهناه بالفعل عندما عقدت قراني على ملاك..
قال والده بعصبية: كان ذلك امرا مختلفا.. وكنا مضطرين لعقد القران هذا.. لم لا تفهم؟..
قال مازن بعصبية مماثلة: بل لم لا تفهم انت يا والدي بأني من المستحيل ان انفصل عن ملاك.. من المستحيل ان اطلقها بكل سهولة واتركها..لقد غدت اغلى ما املك.. اغلى الناس على قلبي واحبهم الي.. اصبحت كالهواء الذي اتنفسه والذي لا يمكنني التخلي عنه.. اصبحت هي الروح التي تغذي هذا الجسد.. اخبرني يا والدي.. هل يمكنك ان تحيا جثة هامدة بلا روح؟.. اخبرني..
قال والده بخشونة وقسوة: يكفيك كلاما شاعريا لا نجد له مثيل الا في الروايات..ملاك لا تناسبك.. ولقد كان زواجك بها خطئا منذ البداية .. وها انذا احاول اصلاحه الآن ..
كور مازن قبضته وضرب بها الجدار بكل قوة ليقول بعصبية وانفعال شديدين: لا يهمني احد.. لا تهمني المظاهر او الناس.. لن اطلق ملاك مهما يحدث..
قال والده بخشونة: مازن انظر الى من تتحدث.. انا والدك.. من واجبك اطاعتي..
قال مازن بحدة: ومن واجبك انت ايضا مراعاة مشاعر ابنك.. كيف تفكر بكل هذه القسوة ان تحرم ابنك ممن يحب؟.. وملاك الم تفكر ما الذي سيحدث بها وانت تعلم يقينا انها متعلقة بي بكل كيانها..
قال والده وهو يشير الى رأسه: لم لا تفكر بمنطقية؟.. ستصبح انت المسئول عن ملاك بعد زواجك منها.. وبدلا من ان ترى هي حاجياتك .. سترى انت حاجياتها.. ستساعدها في كل شيء.. ستكون كالحمل الثقيل الذي لن يمكنك ان تتحمله..
حزت كلماته نفس مازن.. فهذا التفكير كان يدور في عقله حقا قبل ان يرتبط بملاك .. وشعر بالخجل من نفسه.. وهو يرى ان افكاره وافكار والده متشابهة.. لكنه قال وهو يحاول ان يجد سبيل لاقناع والده: لكني المسئول عنها الآن ..وارى كل حاجياتها.. وهذا لا يسبب لي أي تعب على العكس اشعر اني سعيد عندما اقوم به.. لاني افعل ذلك لمن احب..
اشاح امجد بوجهه وقال ببرود: هذا الموضوع يجب ان ينتهي عاجلا ام آجلا..وملاك ستنفصل عنها شئت ام ابيت.. لن اوافق ابدا على اتمام زواجك منها..
قال مازن بتحدي واصرار: افعل ما شئت يا والدي.. لكني لن اطلق ملاك..ويكفيك ما فعلته بمها وقتلها ببطء على ذلك النحو .. فلا تتسبب في قتل ابنا آخر من ابناءك بكل تلك القسوة وبدون أي رحمة او شفقة منك..
شعر امجد بقلبه يرق في تلك اللحظة على ذكر مها.. تذكر الحزن الذي تعانيه هذه الايام.. وشحوب وجهها.. وذبولها على ذلك النحو.. ووجد نفسه يتنهد بألم.. وهو يرى مازن يغادر غرفة المكتب.. ومن ثم يقول بكل حزم ما ان اصبح خارجها: لن يفرقني شيء عنك ابدا يا ملاك.. مهما كان الثمن..
وبحث بعينيه عنها في الردهة ..ولما لم يجدها ادرك انها في غرفتها..فتوجه بخطوات سريعة الى غرفة ملاك ليطرق الباب ..لكن لم يأتيه الجواب على ذلك الطرق.. وعاود الطرق مرات عديدة وهو يهتف بصوت عالي: ملاك .. هل يمكنني الدخول؟.. هل انت نائمة؟.. ملاك..
لم يأتيه الجواب كذلك.. ووجد نفسه مضطرا لادارة مقبض الباب.. والدخول الى الغرفة.. وحينها وجد ملاك جالسة بكل هدوء أو هذا ما هيىء له لحظتها..وهو يراها تتطلع الى طائرها بصمت .. واقترب منها ليقول بتساؤل وعلى شفتيه ابتسامة باهتة: ملاك.. لم لم تجيبي على طرقات الباب؟..
لم تستدر له ملاك.. ولم تكلف نفسها حتى عناء النظر اليه.. بل ظلت جامدة في مكانها.. تطلع الى ذلك الطائر بسكون .. فقال مازن بحيرة مستغربا هذا الصمت: ملاك لم لا تجيبين؟ .. تحدثي الي..
ظل الصمت على حاله .. وملاك كالصورة الجامدة التي لا تتحرك فيما عدا صوت انفاسها المنتظمة.. وقد ظهرت على وجهها علامات البرود التي تخفي البركان الذي يعتمرفي اعماقها..
وللمرة الثالثة عاد مازن ليتساؤل بدهشة وقد ارتفع صوته: ملاك.. تحدثي الي.. لم انت صامتة هكذا؟.. ما الذي حدث لك فجأة؟.. اخبريني..
التفتت له ملاك هذه المرة وتطلعت له بنظرة باردة اقشعر لها بدنه .. فقال مازن وقد ارتفع حاجباه بدهشة: ما بك يا ملاك؟.. لم تتطلعين الي هكذا؟..
تطلعت اليه ملاك مرة اخرى بنظرة قاسية.. جعلته يشعر بالقلق من نظرتها هذه ومما ستقوله..ومن ثم انفرجت شفتاها لتنطقان بكلمة.. تمنى مازن بعد ان سمعها لو لم يطلب من ملاك التحدث او حتى يسألها عما بها.. تمنى لو كان اصما لا يسمع او يكون هذا مجرد كابوس وسيستيقظ منه بعد قليل..
لقد قالت وبكل قسوة وثورة في صدرها : طلقني...
،،،،،،،،،،،،،،،،

ملاك يا من تحملين قلبا عكس قوانين البشر
يا من أحببت شخصا بك قد غدر
تمنيت الحب والحنان فغرقت في لعبة القدر
وباتت حياتك كالبحر.. بين مد وجزر
فامضي في طريقك مع أول إطلالة للفجر
لتعرفي كيف يحيا البشر؟

ملاك يا حبا رفرف على أجنحة الطيور
يا زهرة كادت أن تذبل بين الزهور
حلقي بأحلامك.. فستعوضين يوما عما حرمتك منه الشرور
وابتسمي للحياة يا ملاكا تنشرين الخير والنور

فربما يقترب ذلك اليوم الموعود
وتتحقق أحلامك بعد كل هذا الصمود..

ليقترب منك فارس الأحلام بعد أن تبرئ الجروح
ويهتف بكل حب أنت "ملاك حبي" يا مهجة القلب والروح
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 07:26 AM   #53 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الثالث والاربعون
"ملاك حبي"

ايمكنكم ان تتخيلوا شعور الانسان الذي انقطع عنه الهواء فجأة ولم يعد يستطيع التنفس؟.. او بشعور الشخص الذي شلت اطرافه ولم يعد يستطيع التحرك او النطق بأي حرف؟ .. هذا كان شعور مازن بالضبط وهو يتطلع الى ملاك مصعوقا بما قالته..مصدوما بنظرتها التي تحمل حقد الدنيا كله..توقع ان تنطق بأي كلمة ما عدا هذه.. ووجد نفسه يتطلع الى ملاك ببلاهة وكانه لم يسمع ما قالته .. وقال محاولا ان يثبت لنفسه ان ما قالته منذ قليل كان وهما ليس الا: ماذا قلت يا ملاك؟.. لم اسمعك..
وشعور الغضب والقهر الذي لم يفارق ملاك بل تزايد وتضاعف جعلها تقول بكل قسوة: بل سمعتني.. لقد قلت لك .. طلقني يا مازن.. لا اريد ان اكون زوجتك.. طلقني..
اتسعت عينا مازن بدهشة .. ليس هي ايضا.. يكفيه جداله الطويل مع والده.. فلم هي ايضا تطلب منه هذا الطلب المستحيل؟ .. وامسك كتفيها بغتة ليقول بتساؤل ودهشة: لكن لم؟.. ما الذي حدث؟.. ما الذي فعلته حتى تطلبي الانفصال يا ملاك؟..
صمتت ملاك لوهلة ومن ثم لم يلبث ان غص حلقها بالمرارة وهي تقول وعينيها تترقرقان بالدموع بكل حزن والم: يكفي يا مازن .. لقد علمت كل شيء.. لا داعي للتمثيل اكثر من هذا ..
بهت مازن وتطلع اليها بارتباك ليقول بصوت متلعثم: عرفت؟ .. عرفت ماذا بالضبط؟..
ابعدت كفيه عن كتفيها وصرخت قائلة والدموع تتفجر من عينيها: عرفت انك كاذب.. مخادع.. حقير.. تزوجتني واوهمتني بأن هذا الزواج قد تم برغبتك.. لكن الحقيقة انك لم ترد الزواج بعاجزة مثلي.. قلها ولا تخجل.. قل انك قد ارغمت على هذا الزواج.. وها انذا الآن اعطيك الفرصة لتحرر نفسك من هذا الرباط.. طلقني يا مازن.. وحرر نفسك من عاجزة مثلي..
ومالبثت ان ضربت بقبضتيها على ساقيها وهي تردف بانفعال: طلقني وتزوج من فتاة سليمة وصحيحة الجسد.. فما الذي يرغمك على ان تتزوج من عاجزة؟..
اسرع مازن يقول وهو يهز رأسه نفيا وقد ظهر في عينيه بريق التأثر والحنان: ابدا يا ملاك..لا تنطقي بأي كلمة اضافية.. كل ما قلته كان ماض وانتهى.. اما الآن فقد تغيرت.. وانت السبب في هذا التغيير يا ملاك.. لقد تغيرت لأنك معي.. لم اعد ارى عجزك..بل اراك انت فقط.. اتعرفين لم؟..
قالت ملاك وانفعالها يزداد: لا اريد ان اعرف.. اريد شيئا واحدا.. ورقة الطلاق.. طلقني لأعود للحياة بهدوء مع ابي ..بعيدا عنك وعن كل شيء.. لا اريد ان اكون زوجة شخص مخادع قد تزوجني رأفة بي وشفقة بحالي.. وحماية لأملاك ابي ليس الا..
قال مازن وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بين الحين والآخر في محاولة للسيطرة على اعصابه:ملاك توقفي .. لقد اخبرتك ان هذا كان في السابق.. وكل شيء قد اختلف الآن..
اشاحت ملاك بوجهها وقالت والدموع تنهمر على وجنتيها كالسيل: لم يتغير شيء.. انت مخادع كاذب.. وستظل كذلك..
قال مازن بعصبية هذه المرة: ملاك لقد تغير كل شيء.. اقسم لك..
قالت ملاك وهي تتلتقط نفسا عميقا: طلقني يا مازن.. ارجوك طلقني.. هذا افضل لي ولك..
قال مازن بحدة: انت تطلبين المستحيل.. محال ان اطلقك.. محال ..فأنت.. فأنت...
ووجدته ملاك بغتة يميل نحوها ليتطلع اليها بحنان ودفء.. ومن ثم يهبط الى مستواها..ويضمها الى صدره ويحتويها بين ذراعيه بكل حب وحنان وهو يهمس بكل دفء وبصوت متهدج: فأنت ملاك حبي.. ملاك حبي انا.. وانا وحدي..
شعرت ملاك بقلبها يرتجف بين ضلوعها..هذه الكلمة التي انتظرتها طويلا.. تسمعها في وقت كهذا.. لم لا يشعر الانسان بحقيقة مشاعره ولا يظهرها الا في اصعب المواقف؟ .. وحاولت مقاومة كل هذه المشاعر التي سيطرت عليها.. وارتجافة قلبها بين ضلوعها.. وهي تقول بصوت حاولت جعله طبيعي قدر الامكان: دعنا نفترق بهدوء يا مازن.. واعود الى منزل ابي وكأن شيئا لم يكن..فعمي غير قابل لهذه الزيجة .. وابي كذلك لن يقبل بها..
ابتعد مازن عنها قليلا ليتطلع الى عينيها مباشرة ويقول متسائلا بألم: احقا ترغبين في الانفصال عني يا ملاك؟.. الا اعني لك أي شيء ابدا؟..
قالت ملاك وحلقها يغص بالمرارة وقبضة باردة تعتصر قلبها : اجل..اريد الانفصال..
احتوى مازن وجهها بين كفيه وقال بحنان وهو مصر على ان تجيبه على سؤاله: ملاك.. اخبريني الحقيقة.. انت تحبيني .. اليس كذلك؟..
ترقرقت عينا ملاك بالدموع مرة اخرى وهي تتطلع اليه بالم وقالت بصوت متحشرج: انت قتلت كل ما احمله لك من مشاعربعد ان علمت بالحقيقة القاسية..
قال مازن برجاء: اخبرتك ان كل هذا كان مجرد ماضي.. لم لا تمنحيني فرصة؟..فرصة لاثبت لك حقيقة حبي لك..
قالت ملاك وهي تتنهد وبصوت باكي: انسيت؟.. لقد منحتك فرصة.. لتثبت لي انك قد تغيرت بعد ان علمت بخيانتك لي .. لكن ها انذا اليوم اكتشف انك قد تغيرت حقا من خائن الى مخادع وشخص يهوى اللعب بمشاعر الناس..
تطلع لها مازن وقال وعيناه تتطلع الى ملاك بعتاب والم وهو يبعد كفيه الى جواره: اهذه فكرتك عني يا ملاك؟..مجرد شخص مخادع وخائن؟..
ولما لم يجد جوابا من ملاك قال مردفا: الم تسألي نفسك ان كنت حقا قد تزوجت بك شفقة بك او لاجل حماية املاك والدك.. فلم اتقرب اليك اذا؟.. لم اهتم بك كل هذا الاهتمام؟ .. لم احاول جاهدا ان اكون في نظرك الانسان الذي يصلح لأن يكون زوجا لك؟.. كان بامكاني ان استمر في علاقاتي ولا اقطع أي صلة منها بعد ان علمت بهذا الامر لو كان ما قلته صحيح بشأن امر الشفقة عليك.. لكن لأجلك يا ملاك .. قررت ان اغير من نفسي.. لاني اردتك ان تشعريني ولو لمرة واحدة انك تبادليني هذا الحب الذي احمله لك في قلبي..
اشاحت ملاك بوجهها قائلة بمرارة: كل هذا لا ينفي انك كنت تخدعني منذ البداية.. وانك لا تريد الزواج بفتاة عاجزة ..
قال مازن وهو يكور قبضته في غضب: لم اذا فكرت في البحث عن علاج لك؟.. ان كنت لا اريد الزواج بك لما اتعبت نفسي.. وانفصلت عنك بكل هدوء بعد ان ينهض والدك ..
هزت ملاك راسها وقالت بصوت منهار: لا اعلم .. لا اعلم .. لم اعد اعلم شيئا الا اني اريدك ان تطلقني.. اريد الانفصال عنك .. لقدسأمت كل هذا.. سامت..
قال مازن بحدة: لا تكوني انت ووالدي علي يا ملاك.. يكفيني ما انا به.. والانفصال لن يحدث مهما كلف الامر..
صرخت ملاك قائلة بكل انفعال: لكني لم اعد اريدك.. انا اكرهك .. ابغضك..اتقبل على نفسك الزواج بفتاة تكرهك ولا تريدك؟..
عقد مازن حاجبيه ومن ثم نهض من مكانه ليقول بغضب وعصبية: نعم اقبل.. اقبل ذلك على ان اطلقها.. واعيش بدونها ..
صاحت ملاك هاتفة: ليتني لم آتي الى هنا.. ليتني لم افكر في هذا ..ليتني سمعت نصيحة ابي ولم آتي الى هنا.. لو لم افعل.. لما حدث كل هذا بي.. انت يا مازن سبب كل ما انا به.. لقد قتلتني مرتين.. وها انتذا تتلذذ بقتلي للمرة الثالثة وانت ترفض الانفصال عني..
صرخ مازن قائلا بكل ما اورثته اياه مشاعره: لاني احبك.. لم لا تفهمين؟.. لا اريد ان اتركك لاني سأكون بلا قلب .. بلا روح.. بلا حياة.. انت اصبحت في حياتي كل شيء يا ملاك.. اقسم لك.. اني لم احب فتاة قبلك.. انك اول فتاة تحتل هذا القلب .. وبعد كل هذا تريدين مني ان اتركك لترحلين عني بعد ان وجدت الحب الحقيقي في حياتي .. لا.. سأكون احمقا ومجنونا لو فعلت..
التقطت ملاك نفسا عميقا لعلها تمنع دموعها من السقوط وتمنع ارتجافة جسدها : وانا اكرهك يا مازن..ولا اتمنى شيءفي هذا العالم قدر الانفصال عنك..
اشتعلت عينا مازن غضبا وثورة ووجد نفسه يقول بعصبية: فليكن يا ملاك .. قولي ما ستقولينه.. ورددي ما يعجبك.. اكرهيني .. ابغضيني.. لكني لن اطلقك.. سيكون هذا الطلاق ابعد من النجوم بالنسبة لك.. لن تكوني لسواي.. اتفهمين؟.. فأنت ملاك حبي انا وحدي..
قالها واستدار لينصرف.. تاركا تلك الدموع تعود لتسيل على الخد وصوت ملاك وهي تهتف بعذاب: خائن.. كاذب .. مخادع.. اكرهك.. اكرهك..
وسقطت عيناها بغتة على ذلك الخاتم.. تلك الحلقة اللامتناهية والتي تحمل اسمه.. ووجدت نفسها تخلعها بكل قسوة وترمي ذلك الرابط بينهما الى آخر الغرفة وهي تهتف بانهيار: اكرهك.. لم فعلت كل هذا بي؟.. لم؟.. اكرهك يا مازن.. اكرهك ..
وسالت قطرات الدموع على وجنتيها وتساقطت على كفها بكل مرارة والم.. لتغرق في احزانها وآلامها من جديد والتي تأبى ان تفارقها.. وكأن القدر لا يسمح لها بأن تهنأ للحظات بالسعادة.. ويفاجأها بصدمة اشد قسوة من سابقتها في كل مرة.. ليجعلها تحيا في هذا العذاب واالاحزان.. الى ان تنتهي تلك الاحزان.. او يتوقف قلبها عن النبض...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع حسام بوجوم الى سقف غرفته وقد استلقى على فراشه وهو يفكر في كل ما جرى له بالامس.. وفي كل ما دار بينه وبين احمد.. وفي كل كلمة نطقها هذا الحقير.. وتوقف بغتة عند كلمة بعينها..لقد قال له بالامس عندما التقى به ان مها قد وافقت وان عقد قرانهما سيكون نهاية الاسبوع.. فهل كان صادقا فيما قاله؟.. ام قال ذلك ليغيظه فقط؟..
ونهض معتدلا على فراشه وهو يقول بحزم: علي ان اتأكد من ذلك.. لكن كيف؟..
وتطلع الى هاتفه الذي قد وضعه على طاولة مجاورة لفراشه .. وعقد حاجبيه قائلا: ااتصل لمها حتى اسألها؟؟.. لكن.. حتى لو سألتها واخبرتني انها لم توافق بعد..ففي النهاية قد قررت الموافقة عليه.. لهذا علي ان اجد شخصا ما يساعدني.. ويمنعها من الموافقة.. ويقنعها ان ترفض احمد..
واردف وهو يشعر بغضب في اعماقه: فقط لو كانت مها رافضة لهذا الارتباط هي ايضا.. لكان الامر اسهل بكثير ..لتحديت العالم كله من اجلها.. ولحاولت ان اقنع عمي او على الاقل كان بأمكاننا ان نضعهم تحت الامر الواقع كحل أخير..
وتنهد وهو يفكر في طريقة لايجاد حل لهذه المشكلة .. ومنع مها من الموافقة.. عليه ان يفعل شيء ما.. لا ان يظل صامت هكذا ومستسلم لهذا الامر بكل سهولة.. و...
وجد نفسه يلتقط هاتفه ويتجه قائمة الرسائل ليتذكر كل رسالة تبادلها مع مها .. وفي تلك اللحظة فقط.. وقعت عيناه على رسالة ارسلها له مازن منذ فترة بسيطة..وهتف قائلا بلهفة: هو.. هو وحده من يمكنه اقناعها او اجبارها على رفض هذا الزواج..
واسرع يتصل بمازن وكله امل ولهفة على ان يستطيع مازن من مد يد العون له .. وانقاذ مها من الجحيم التي تريد القاء نفسها فيه..
ومازن الذي كان في عالم آخر تماما.. يفكر في ملاك وفي رغبة والده الملحة بالانفصال عنها.. هذا غير طلب ملاك واصرارها على الانفصال بكل قوة.. وغير ردة فعل والدها التي لم يعرفها بعد تجاه هذا الزواج.. يا الهي.. لم الجميع قد اتفقوا فجأة على قرار انفصالي عن ملاك؟.. لم لا يفهمون اني احبها وانها اصبحت كالدماء التي تجري في عروقي؟.. واني لم اعد استطيع الابتعاد عنها ولو لساعة.. فكيف بالعمر كله؟.. لم لا يفهمون اني لا اختمل رؤيتها تبتسم لشاب آخر سواي؟.. ويريدوني بعد هذا ان اطلقها واتركها لتتزوج من شخص آخر .. محال.. هذا لن يحدث ما دام في صدري نفس يتردد.. لو رحلت عن هذه الدنيا.. فعندها فليفعلوا ما يشاؤون..
والتقط هاتفه.. ليتطلع الى صورة ملاك بهيام وشرود.. والتي جعلها خلفية لشاشة هاتفه.. وقال بكل حب: ليتك تفهميني فقط يا ملاك.. وتفهمين ان رفضي للانفصال هو لحبي الكبير تجاهك.. وعدم قدرتي على الابتعاد عنك بعد الآن..
وجاء رنين هاتفه ليجعله يفيق من افكاره.. لم يكن يريد الحديث الي أي شخص كان..ولكنه قرر الاجابة بعد ان رأى اسم حسام يضيء الشاشة..وشعر ان هذا الاخير يريد ان يتحدث اليه بشأن مها..فأجاب قائلا وصوته يحمل ما تخفيه اعماقه من توتر وفضول: اهلا حسام..
قال حسام بصوت يغلب عليه الحزن والالم: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال مازن وهو يشعر ببعض الاسى والاشفاق تجاه حسام: بل كيف حالك انت؟..
زفر حسام بحرارة زفرة حاول فيها ان يخرج كل ما يعانيه من آلام قائلا: لا ازال على قيد الحياة..
واردف قائلا باهتمام: لكن اخبرني يا مازن.. ما بك؟.. صوتك يبدوا مختلفا..وكأنك متضايق من شيء ما..
اسرع مازن يقول ليخفي اثار الحزن الذي يمزق قلبه: ابدا.. والآن اخبرني.. ما الذي دفعك للاتصال بي؟.. انها مها.. اليس كذلك؟..
قال حسام وهو يشعر ببعض التردد من اقدامه على هذا الاتصال: بلى.. واريد ان اطلب منك طلبا ارجو ان تلبيه لي..
- اامرني..
قال حسام بعد ان ازدرد لعابه في محاولة للسيطرة على توتره : في الحقيقة يا مازن.. اريدك ان تقنع مها بالعدول عن رأيها ورفض هذا الزواج..
قال مازن وقد اكتسى صوته برنة خيبة الامل: ومن قال اني لم احاول؟.. لقد تحدثنا اليها انا وكمال لكنها مصرة على الموافقة.. وحتى عندما حاولنا الرفض من دون علمها .. جاءت لتعلن موافقتها امام عمي عادل واحمد.. وبالتالي لم يعد بامكاننا فعل شيء بعد ان اسقط في يدنا..
شعر حسام بقبضة باردة تعتصر قلبه وصدره وروحه لتجعله يردد بحزن ومرارة بالغين: اذا فقد اعلنت موافقتها الرسمية على هذه الزيجة..تبا.. لقد قطعت كل بارقة امل كنت اتمسك بها ..
قال مازن وهو يكور قبضته في غضب: فقط لو اعلم السبب الذي يجعلها تفعل هذا بنفسها.. لربما استطعت مناقشتها فيه واقناعها بـ...
قاطعه حسام وهو يردد مندهشا:تريد ان تعرف السبب؟؟ .. الا تعرف السبب الذي دفع مها للموافقة حقا؟..
اجابه مازن وقد انتقلت اليه دهشة حسام: ابدا .. رفضت البوح به لي او لكمال.. هل تعرفه انت يا حسام؟..
قال حسام وقد شعر ببعض الاضطراب : بلى اعلمتني به.. ولكني لا اراه سبب يدفعها للموافقة على هذا الزواج بكل هذا الاصرار.. والتضحية بنفسها وبكل ....
قاطعه مازن منفعلا: لا يهمني كل هذا.. اريد ان اعرف السبب الذي دفع شقيقتي لارتكاب تلك الحماقة في حق نفسها..
اخبره حسام بكل ما قالته لها مها.. وعن تضحيتها لاجلهم جميعا.. وانها بذلك تتخلى عن انانيتها وتحافظ على كل ما بناه والدها كل تلك الفترة – حسب قولها- وتحفظ لشقيقيها الحياة الكريمة التي اعتادا عليها..
واستمع اليه مازن باهتمام في البداية ومن ثم لم يلبث ان تحول اهتمامه الى ضيق والى غضب وحنق شديد من تصرف مها وطريقة تفكيرها.. فقال وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره ويتنهد: لا تشغل بالك بهذا الامر يا حسام.. سينتهي قريبا ومها لن تتزوج الا من يستحقها..
قال حسام وقد ارتسمت ابتسامة امل على شفتيه وفي لهفة واضحة: اجل يا مازن.. اقنعها .. ارجوك ان تفعل.. انت الوحيد الذي يمكنه التأثير عليها.. ارجوك دعها تغير رأيها وترفض ذلك الحقير..
ابتسم مازن ابتسامة شاحبة قائلا: حسنا سأحاول ذلك.. فلا داعي لكل هذا الصراخ .. فقد ثقبت اذني يا ايها العاشق..
ابتسم حسام باضطراب وقال: انا قلق بشأن مها وحسب و ...
قال مازن لمسايرته وقد اكتسبت لهجته بعض السخرية: اجل .. اجل.. اعرف كل هذا.. انك قلق بشأن مها.. وابدا لست تشعر بالغيرة لو انها وافقت على احمد.. ولن تكترث بذلك.. ولن تتألم حتى لو تزوجت منه..صحيح؟..
ابتسم حسام ابتسامة باهتة ومن ثم قال بلهجة مرحة بعض الشيء: بلى صحيح.. فأنت اكثر من يفهمني..
- والآن انهي المكالمة واغلق الهاتف.. لكي اذهب واتحدث الى مها.. واجعلها تدرك حماقة تصرفها..
قال حسام بامتنان: اشكرك يا مازن.. لا اعرف كيف سأرد لك هذا الجميل لو تمكنت من اقناع مها..
قال مازن باستنكار: نعم.. ما الذي تقوله؟.. أي جميل هذا؟.. اوتظنني ساقدم لك خدمة ما؟.. انني سأنقذ شقيقتي من الهاوية التي ترمي نفسها فيها.. وهذا اقل ما يمكنني عمله لاجلها ..
قال حسام مرة اخرى بامتنان: فليكن.. ابلغني بكل ما يحدث معك بعد ان تحدثها.. وشكرا لك مرة اخرى..الى اللقاء..
قال مازن بهدوء: الى اللقاء..
ومن ثم لم يلبث ان القى الهاتف على فراشه وقال بحدة وعصبية: يالك من حمقاء يا مها.. وكأن هذا ما ينفصني.. انت بتفكيرك الاخرق هذا.. وتفكير ملاك الاخرى التي نست كل ما بيننا في لحظة غضب وطلبت مني الانفصال.. يالكن من حمقاوات.. لن ارتاح قبل ان ازيل هذا التفكير من رأسك يا مها.. وانت كذلك يا ملاك.. لن تحظي بالطلاق ما حييت..
والتقط نفسا عميقا وهو يرسم على وجهه قناع الصرامة لعله يمنع ذلك الحزن الذي يفطر قلبه من الظهور في عينيه.. وتوجه بخطوات هادئة نحو غرفة مها.. ومالبث ان طرق الباب فاجابه صوت مها من الداخل وهي تقول: لا اريد ان اتناول شيئا.. دعوني وحدي..
حاول مازن فتح الباب والذي كان مقفلا لسوء حظه ومن ثم قال بخشونة: ومن لديه الشهية لتناول شيء بعد ما فعلته؟..
قالت له مها بجمود من خلف الباب: ان كان بسبب موافقتي على احمد.. فقد انتهى الامر لهذا دعوني وشأني..
قال مازن وهو يضغط على حروف كلماته لعله يشد انتباهها له: لقد اتصل بي حسام اليوم..
انتفض جسد مها باكمله.. وسرت فيه قشعريرة جعلت قلبها يرتجف بين ظلوعها ورددت بصوت هامس: حسام..
ومن ثم رفعت صوتها لتقول بصوت مرتبك بعض الشيء: وما الذي كان يريده منك؟..
- افتحي الباب اولا .. وبعدها سأبلغك بكل شيء..
اسرعت مها باتجاه الباب لتفتح القفل .. وقالت وهي تتطلع اليه بلهفة: ما الذي قاله لك حسام؟.. اخبرني بالله عليك..
دلف الى الغرفة وسار بضع خطوات مبتعدا عنها قبل ان يلتفت لها ويقول ببرود: لقد اخبرني بكل شيء.. وبالحماقة التي من اجلها تريدين قتل نفسك..
توترت اطراف مها وقالت وهي تزدرد لعابها: ماذا تعني؟..
وبدلا من ان يجيبها مازن.. قبض على كتفيها بكلتا ذراعيه وقال بعصبية: اتتحامقين يا مها ام ماذا؟.. لماذا تريدين التضحية بنفسك وبحسام وبحبكما من اجلنا؟.. اتريننا اطفال امامك لا يمكننا الاعتماد على نفسنا؟.. انا وكمال رجلين لا نريد تضحية منك يا ايتها البلهاء.. ووالدي ان كان قد طلب منك تلك التضحية فمن اجل شركته.. التي بامكانه ان يعدل وضعها قليل بقرض من البنك او بمشاركة لاي احد ..
هزت مها رأسها نفيا وقالت بصوت مبحوح: لن يستطيع لان.. لان عمي فؤاد وعمي عادل لن يسمحا لاي شخص من معارفهما بأن يشاركه ..
قال مازن بغضب: يالك من حمقاء.. مادمت لا تعرفين شيئا عن رجال الاعمال .. فاصمتي.. لا تظني ان عمي فؤاد او عمي عدل قد سيطروا على الدولة كلها حتى يسمحوا او لا يسمحوا.. والدي لديه الكثير من المعارف وبالتأكيد سيجد شخصا يساعده في محنته.. وحتى وان لم يجد.. نحن سنعمل معه وسنستطيع ان نجعل الشركة تعود الى سابق عهدها من جديد..
قالت مها مترددة: ولكن.. ولكن...
وضع مازن كفه على شفتيها وقال بحدة: لا يوجد لكن.. لا اريد أي كلمة اخرى في هذا الموضوع.. واحمد لن تتزوجيه ولو انطبقت السماء على الارض.. ووفري تضحياتك لنفسك مرة اخرى..
تطلعت له مها بعينين مغرورقتان بالدموع فصمت قليلا.. ومن ثم قال وهو يحاول ان يغير من دفة الحديث ويعيد البسمة الى شفتي مها: لم البكاء الآن؟.. لا تقولي لي انك تحبين احمد وترغبين في الزواج منه..
هتفت قائلة بسرعة: ابدا .. ابدا.. انا اكرهه.. اكرهه.. ابغضه بعد كل ما فعله بي.. لقد قتلني.. دمر حياتي .. دمرني انا وحسام بما فعله..
قال مازن بحنان وهو يمسح على شعرها: هذا يعني انك قد تراجعت في قرارك بشأن الارتباط به..
قالت مها بقلق: لكن والدي لن يقبل بهذا الرفض بعد ان قبلت بأحمد امام عمي عادل..
قال مازن مبتسما : دعي كل هذا لي..سأتمكن من اقناعه .. ثم عليك ان تشكري حسام لانه اخبرني بسببك الاحمق هذا فلولاه لما استطعت اقناعك على تغيير موقفك ايتها الحمقاء..
قالت مها باستنكار وهي تضع كفها عند خصرها: لا تقل حمقاء..انت الاحمق..
ارتفع حاجباه لوهلة ومن ثم ربت على وجنتيها قائلا بابتسامة: هذه هي شقيقتي التي اعرفها..
وكاد ان يلتفت عنها لكنها هتفت به قائلة : مازن..
التفت لها متسائلا.. فمسحت الدموع المغرورقة في عينيها وقالت بابتسامة: اشكرك..
قال مازن وهو يهز رأسه: ما بالك انت وحسام اليوم؟.. تشكراني على ماذا؟.. على مساعدتي لمها.. شقيقتي الحمقاء..
قالت مها باستنكار: مازن..
قال مبتسما وهو يلوح بكفه: اعرف .. اعرف لست حمقاء وانما...
قاطعته وهي ترمي بنفسها بين ذراعيه لتهمس قائلة: كم احبك يا شقيقي العزيز..
تطلع لها مازن مبهوتا في البداية.. من ثم لم يلبث ان تطلع اليها بحنان دافق وهو يمسح على شعرها.. وهو يشعر انه بذلك قد تخطى اولى العقبات.. ورسم الابتسامة على شفتي مها من جديد.. وبقيت ملاك برأسها الصلب والتي لا تستمع الى احد .. لكن لابد لي ان اجد وسيلة للحديث اليها.. وان افهمها الموضوع على حقيقته.. واوضح لها انها اصبحت اغلى من حياتي ..وربما عندها تسامحني وترمي بالماضي خلف ظهرها لنبدأ حياة جديدة تغلفها الحب والسعادة ..حياة جديدة مع ملاك حبي ..ربما...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اندفع عادل ليدلف الى مكتب فؤاد بكل قوة متجاهلا هتافات السكرتيرة والتي كانت تقول محاولة منعه من الدخول: ارجوك يا سيد عادل.. لا يمكنك الدخول هكذا .. يجب علي ان ابلغ السيد اولا.. ارجوك يا سيد عادل..
لكن عادل لم يأبه لكل هتافاتها وهو يدلف الى غرفة المكتب هاتفا بحدة: اريد التحدث اليك في موضوع مهم يا فؤاد..
وصوت هتاف السكرتيرة التي تقول: ان السيد فؤاد مشغول الآن يا سيد عادل.. معذرة فهو...
لكن قاطعها صوت فؤاد وهو يلتفت اليهما بمقعده الدوار قائلا: دعيه يدخل وغادري انت المكتب..
اومأت السكرتيرة برأسها وقالت وهي تغادر المكان : امرك يا سيد فؤاد..
قالتها واغلقت الباب خلفها.. في حين التقط فؤاد سيجارة من علبته الفاخرة ليدسها بين شفتيه ويشعلها بكل هدوء.. في حين تقدم منه عادل قائلا بعصبية:الا تعرف ما الذي حدث مؤخرا؟.. لقد افاق خالد من غيبوبته..
نفث فؤاد دخان سيجارته بهدوء شديدومن ثم قال وكأنما الامر لا يعنيه: اعرف..
عقد عادل حاجبيه وقال بعصبية اكبر: تعرف؟؟.. تعرف بهذا الامر ومع هذا تبقى محتفظ بكل هذا الهدوء الذي اراه عليك..وكأن شيئا لم يحدث..
قال فؤاد وهو ينفث دخان سيجارته مرة اخرى: وما الذي حدث؟..
قال عادل وهو يلوح بكفه بغضب: لا تتحدث بكل هذا البرود يا فؤاد.. في البداية قلت انك ستفعل شيئا ما لتجعل مازن ينفصل عن ملاك.. ولكني اراك الآن لم تفعل أي شي حتى استيقاظ خالد من غيبوبته..
اطفأ فؤاد سيجارته ومن ثم قال وهو يستند الى مسند المقعد: انفصال ملاك عن مازن.. لن يتم بيدي انا.. بل بيد والد ملاك نفسه.. خالد..
قال عادل وقد شدت العبارة حواسه: ما الذي تعنيه بالضبط؟ ..
اشار له فؤاد لأن يجلس وما ان فعل حتى قال وهو يميل نحوه قليلا: اخبرني رأيك اولا.. لو كان لديك ابنة وحيدة .. وتخشى عليها من جميع الناس.. وتزوجت من شخص انت لا تثق به من دون علمك.. فكيف سيكون موقفك عندها؟..
ظل عادل صامتا للحظات وهو يفكر في هذا الامر ومن ثم قال: بالتأكيد لن اقبل بهذا الزواج وسأرفضه .. وسأجبر من تزوجته على ان يطلقها..
ابتسم فؤاد ابتسامة انتصار وقال: وهذا هو بيت القصيد.. خالد لو علم بزواج ابنته من مازن.. فهو سيرفض هذه الزيجة بكل قوة.. وسيعمل على ان ينفصل مازن عن ملاك بأية وسيلة ..
قال عادل متسائلا بحيرة: ولكن حتى لو انفصلت ملاك عن مازن .. فنحن لن نستفيد شيئا حينها.. فلن يمكننا الضغط على خالد ليقبل بزواجها من احمد.. وانت تعرف هذا الامر جيدا..
ابتسم فؤاد بسخرية وتطلع الى عادل قائلا: اهذا ما تظنه؟..
قال عادل وقد احنقته الابتسامة الساخرة على شفتي فؤاد: اخبرني انت اذا ما الحل؟..
قال فؤاد بغرور وفخر : اتظن اني بقيت ساكنا لم اقم بأي شيء طوال الفترة السابقة؟..لقد اخذت اتحرى واتقصى عن موقع منزل خالد.. واخيرا وجدته..
قال عادل بلهفة: حقا.. وكيف ذلك؟..
- اتذكر السائق الذي كان يقود سيارة خالد؟.. لقد اصيب اصابة بالغة وظل بالمشفى طوال تلك المدة للعلاج من كسور مختلفة.. وعندها سألت احد الممرضين عن محل اقامته وتمكنت من الاطلاع على ملفه بعد ان ادرك من اكون.. عندها عرفت انه يسكن في غرفة صغيرة في منزل خالد..
- لكن.. الم يكن من الاجدر بك ان تسأل عن عنوان خالد من الطبيب المشرف على علاجه بصفتك شقيقه؟..
قال فؤاد وهو يشبك اصابعه امام وجهه: اوتظن اني لم افكر في هذا الامر؟.. لكن اتضح لي حينها ان خالد اشد ذكاءا وخبثا مما نظن.. فعنوان منزله مسجل على عنوان المنزل القديم.. قبل ان ينتقل الى هذا المنزل الذي يختبئ فيه الآن ..
قال عادل بهدوء: كل هذا جيد.. ولكن فيم سيفيدنا؟ .. هل سنحاول الضغط على خالد بواسطتها كما فكرنا سابقا؟..
اشار فؤاد بكفه نفيا ومن ثم قال بابتسامة خبيثة: لا.. ولم نفعل وشركته الآن لم تعد باسمه؟..بل حولها باسم مالك جديد.. ان وقع في يدنا وقعت الشركة كلها معه..
قال عادل متسائلا بغرابة: مالك جديد؟.. ومن هذا المالك الذي سيثق فيه خالد الى هذه الدرجة وسيسجل الشركة باسمه؟ ..
اتسعت ابتسامة فؤاد وحملت عيناه كل مكر الدنيا وهو يقول: ابنته.. ابنته ملاك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الحلم ذاته يتكرر.. بكل تفاصيله..بكل حذافيره.. تلك الحديقة.. وهي الجالسة وسطها.. وتلك الوردة الحمراء التي تجرح اصابعها.. ومازن الذي يقترب منها ويجعلها تقف على قدميها من جديد.. ومن ثم يتطلع اليها بنظرة غامضة ويبتعد.. وعندما تهتف به ان يتوقف.. يقول ونظرة حزينة في عينيه: انت من تريدين هذا يا ملاك..
يقولها ويبتعد تاركا ملاك تهتف به بكل لهفة ولوعة في اعماقها.. تاركا اياها بعد ان منحها الامل في الوقوف على قدميها من جديد ..تاركا اياها وقلبها يهتف به ان يتوقف ويعود اليها ..
انتفض جسد ملاك بغتة وهي تستيقظ من نومها.. وشعرت بالبرد يحيطها و يرجف جسدها .. وسرعان ما انتبهت انها قد نامت على فراشها بدون غطاء حتى..بعد ما حدث بينها وبين مازن بالامس.. كانت تريد الهرب من واقعها بأية وسيلة كانت .. ووجدت النوم هو المهرب الوحيد لها.. لا يهم أي شيء آخر سوى ان تنام وتنسى .. تنسى انها كانت مخدوعة طوال الوقت وانها كانت ساذجة عندما اعتقدت انه من الممكن ان يقبل بها شخص ما على الرغم من عجزها.. وتذكرت كلمات مازن الاخيرة لها.. واعترافه لها بحبه وهو يبثها كل الحنان والدفء من نظرات عينيه ولمسة كفيه..لكن كل ما حدث مجرد خدعة اخرى.. شخص مثله ابن رجل اعمال معروف وثري ولديه من العلاقات مع مختلف الفتيات ما يكفي ويزيد.. سيفكر في فتاة مثلي.. يبدوا انني اجمح بخيالي كثيرا.. ومازن ان اعترف بشيء.. فهو ليكمل خدعته وليمثل علي لسبب ما بالتأكيد.. ولن يحلم هو بأن اظل تلك الساذجة التي يظنها.. لقد ادركت من هو حقا الآن.. واي كذب وخداع وحقارة يقبع بداخله..
وسمعت بغتة صوت طرقات على باب غرفتها.. جعلتها تقول بصوت خافت: من؟..
ولم يبدُ على صاحبة الطرقات انها قد سمعتها .. فقالت متسائلة: آنسة ملاك.. الغداء جاهز.. الن تأتي لتتناوليه؟..
ولما لم تسمع جوابا.. دلفت نادين الغرفة وقالت وهي تتطلع الى ملاك بحيرة: الا زلت نائمة آنستي؟.. اتشعرين بأي تعب؟..
قالت ملاك ببرود وهي تفتح عينيها: انا بحاجة للنوم ليس الا.. دعيني وحدي..
قالت نادين بهدوء: كما تشائين..
واتجهت خارجة من غرفة ملاك.. لكن استوقفها بريق الاضواء الذي انعكست على شيء ما على الارض ..ودققت النظر لتجد انه خاتم .. فانحنت لتلتقطه ومن ثم قالت وهي تلتفت الى ملاك في سرعة: آنستي انه خاتم الخطوبة.. وقد وجدته مرمي على الارض باهمال و...
قاطعتها ملاك لتقول بعصبية: ارميه في سلة المهملات..
قالت نادين بدهشة: ماذا؟..
قالت ملاك بغضب: قلت ارميه في سلة المهملات.. الا تسمعين؟..
استغربت نادين غضب ملاك المفاجئ.. ولكنها لم تنصاع لامرها كما اعتادت بل قالت متظاهرة بذلك: حسنا .. حسنا..
واقتربت من احد الادراج المجاورة لها لتضعه داخله دون ان تنتبه لها ملاك..والتي كانت تشعر بالارهاق الذي يدفعها لاغماض عينيها ومواصلة النوم من جديد..وتركتها نادين لتغلق الباب خلفها بهدوء وهي في حيرة من امرها من سبب كل تلك العصبية والغضب اللذان تملكا ملاك فجأة..
وتوجهت بعدها الى طاولة الطعام لتقول بهدوء وهي تتطلع الى امجد: لقد رفضت القدوم.. وتقول انها متعبة وبحاجة لأن تنام..
- فليكن.. لتفعل ما يريحها..
اما مازن فقد كورقبضتيه بغضب .. وتوقف عن مواصلة تناوله للطعام الذي لم يمس منه الا القليل..وحاول التحكم باعصابه وهو يلتفت الى مها قائلا: مها.. اريدك ان تقنعي ملاك بالذهاب الى المشفى معك بعد ساعة لتمارس تمريناتها التأهيلية ..
رفعت مها رأسها اليه وقالت متسائلة بحيرة: لم؟. الن تذهب معها انت كعادتك؟..
تنهد مازن وقال: لا اظنها توافق..
قالت مها ببعض التوتر: لكني لا اعرف كيف اتصرف معها.. فلنذهب ثلاثتنا الى هناك..
قال مازن وهو يتطلع الى نقطة وهمية على الطاولة: لو ذهبت انا.. فلن تقبل هي بالذهاب..
قالت مها متسائلة بفضول وحيرة: هل.. تشاجرتما؟..
حدجها مازن بنظرة غاضبة ومن ثم قال: اذهبي معها انت.. وان لم تقبل بالذهاب معك.. فاخبريني.. فلن اسمح لها بأن تتهاون في تدريباتها تلك مهما كانت الاسباب..
قالت مهابارتباك: لكن لا اعرف كيف اتصرف هناك.. انا بحاجة لأن يكون احدهم معي..
(سأذهب انا معك)
التفتت مها الى صاحب العبارة ومن ثم لم تلبث ان شعرت ان الوضع سيتأزم .. وهي تسمع كمال يعرض ذهابه معهم هي وملاك امام مازن.. وعادت لتلتفت الى مازن لتعرف ردة فعله.. لكنه كان يبدوا هادئا واشد هدوءا من ان يلمح عليه ما يخفيه بداخله..
اما كمال فقد قال مردفا وهو يلتفت الى مازن: بعد اذنك يا مازن بكل تأكيد..
قالت مها وهي تحاول انقاذ الموقف: لا داعي لذلك يا كمال.. سأحاول ان اتصرف انا و...
قاطعها صوت مازن وهو يقول: لا بأس.. اذهب معهما..
اتسعت عينا مها بدهشة.. اهذا هو مازن حقا؟.. مازن الذي تشاجر مع ملاك ذلك اليوم من اجل قلادة ظن انها مهداة لها من كمال..
لكن امر آخر شغل تفكيرها اكثر من هذا جعلها تتحدث قائلة: لكن لم تخبرني يا مازن.. لقد قلت ان ملاك لن تقبل الذهاب معك.. فلماذا؟..
التفت مازن الى والده وقال وهو يحاول ان يخفي بركان الغضب الذي يتأجج في اعماقه: يمكنك سؤال والدي..
التفت له امجد وقال بعد ان شرب القليل من كأس الماء: وكيف لي ان اعلم ..
ظهر الغضب جليا في عيني مازن وهو يهتف: لم اذا في رأيك لم تشاركنا طعام العشاء بالامس او طعام الغداء اليوم؟ ..اتظن انها تريد النوم كما تدعي؟.. كلا يا والدي.. بل هي لا تريد رؤية وجهي بعد ان علمت بالحقيقة..
التفت له والده بحدة وقال باستغراب: علمت.. وكيف علمت؟.. هل اخبرتها انت بشيء؟..
جاءت تنهيدة مازن هذه المرة مرتجفة وهو يقول: لا.. لم اقل أي شيء.. لكن يبدوا انها قد سمعتنا اثناء حديثنا.. لقد ظنت اني كنت مجبرا على الزواج بها.. وان هذه الزيجة كلها من اجل حماية املاك والدها ليس الا..
قال امجد ببرود: وهذه هي الحقيقة..
هز مازن رأسه نفيا وقال بعصبية: لا.. ليست الحقيقة.. ربما انت كنت من يفكر في هذا الامر لكن انا لا..
قال امجد بحدة: وانسيت موقفك تجاهها يوم ان...
قاطعه مازن قائلا بصوت اختنقت فيه حروف كلماته: انها تطلب الانفصال يا والدي..
شهقت مها بقوة وهي تتطلع الى مازن ووالدها.. لم تتوقع ابدا ان تصل الامور الى هذا الحد .. ورددت قائلة بذهول: الانفصال؟؟.. لم ؟.. ما الذي حدث لكل هذا؟.. اوصلت الامور الى هذا الحد من السوء؟..
اما كمال فلم يكن باقل دهشة من دهشة مها.. وقد سمع باذنيه ان ملاك تطلب الانفصال من مازن الذي منحته كل مشاعرها.. وبخلت عليه هو بها..
واخيرا قال امجد وهو يهز كتفيه: جيد ان الامر قد جاء منها هي.. فهذا هو ما نريده..
ضرب مازن الطاولة بقبضته وقال بغضب: بل ما تريده انت وحدك يا والدي.. ملاك لم تطلب الانفصال الا بعد ان علمت انك لست موافق على زواجي منها ..وانك تريديني ان انفصل عنها ..
لم تكن مها تريد لهذا ان يحدث وهي تعلم جيدا حب ملاك لمازن.. وحب هذا الاخير لملاك.. لم ترد لهما ان يفترقا وهي التي ذاقت عذاب الفراق بما يكفي.. وملاك تلك الفتاة البريئة كيف لها ان تحتمل كل هذه الصدمات؟.. وقالت مها في محاولة للتدخل: والدي.. لا يمكن لمازن ان ينفصل عن ملاك.. ان الامر اصعب مما تتخيل.. انك ستسبب بهذا بالعذاب والشقاء لكليهما..فملاك ...
قاطعها والدها قائلا بحدة: اصمتي يا مها.. ولا شأن لك بما يحدث .. ملاك فتاة عاجزة ولا يتناسب وضعها هذا لان تكون زوجة لابني البكر..
قالت مها برجاء: لكنها كذلك الآن بالفعل..
- لقد اجبرتني الظروف على ذلك ليس الا..
اما مازن فقد نهض من مكانه بغتة حتى ان الكرسي الذي كان يجلس عليه كاد ان يسقط ارضا.. وقال بغضب: المظاهر.. الناس.. المال.. الاملاك.. هذا كل ما يهمك يا والدي.. تفكر في الناس دائما .. وانا.. الا تهمك سعادتي؟ .. الا يهمك ان تراني احيا مرتاحا مع الانسانة التي اخترتها؟.. ام انك تريد ان تفرض علي كل شيء؟.. في البداية كان العمل والآن الزوجة..
قال امجد بغضب وانفعال: كفى.. لا اريد ان اسمع صوتك او اراك امامي.. غادر الآن..قبل ان اتصرف بشكل لا يعجبك ..
قال مازن ببرود يغلف براكين من الغضب: ساغادر يا والدي.. لكن مهما حدث او سيحدث.. لن انفصل عن ملاك.. الا لو انفصلت روحي عن جسدي..
قالها وانصرف مغادرا المنزل بأكمله بعد ان اغلق الباب خلفه بقوة.. وهو يتمنى في اعماقه ان لا يعود اليه ابدا.. حتى لا ينفرض عليه اسلوب حياته تحت وطأة تلك التقاليد البالية..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 07:56 AM   #54 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الرابع والاربعون
" لأجلك"

توقفت سيارة مازن في احد مواقف ذلك المبنى الكبير الذي يخص مشفى العاصمة.. واغلق محركها ليغادرها بهدوء .. ويسير بين المواقف متوجها نحو المبنى..لا يعلم لم جاء الى هنا؟.. لا يعرف كيف قادته قدماه الى هذا المكان بالذات بعد ان كان يهيم على وجهه في الشوارع والطرقات وهو يقود سيارته من غير هدى.. ربما لان شخص ما بداخل هذا المكان هو اقرب الناس الى ملاك.. وربما لحاجته الى الحديث عن ما يكنه بداخله الى شخص ما يفهم ملاك جيدا وينصحه بما عليه ان يفعله ..
صحيح انه متخوف من ردة الفعل التي سيواجهها من عمه عندما يعلم بالامر كله وبما جرى في فترة غيابه عنهم.. لكن عليه ان يواجهها طال الزمان او قصر.. ولو اخبره هو ربما يكون الامر افضل.. او ربما .. ينقلب الامر عليه برمته وينضم شخص آخر الى قائمة الراغبين منه ان يترك ملاك وينفصل عنها..
وابعد كل تلك الافكار عن رأسه وهو يسير بين ممرات المشفى وفد وضع كفيه في جيبي بنطاله.. وما ان وصل الى المصعد حتى استقله الى الطابق الثالث.. ومن ثم غادره ليتوجه الى غرفة عمه..وتوقف امامها وهو يرفع كفه ببطء ليطرق بابها بهدوء..وجاءه صوت خالد من الداخل وهو يقول: ادخل..
توقف مازن امام الباب دون ان يجرأ على الدخول.. شعر بتردد كبير وهو يجد ان يداه لا تقوى على فتح الباب و الدخول الى الغرفة..فكيف يمكنه ان سيفسر مجيئه الى هنا؟.. وكيف يمكنه ان يوضح كل ما حدث لعمه دون خوف من ردة فعله؟.. وهو في النهاية والد ملاك وبالتأكيد سيكون في صفها و...
قاطعه فتح الباب فجأة وصوت خالد من خلفه وهو يقول بحيرة: مازن..ما الذي جاء بك الآن؟.. لا يزال الوقت ظهرا.. ثم لم تقف هكذا ولم تدخل؟..هيا ادخل..
دلف مازن الى الغرفة وقد شعر بتردده يزداد مع كل خفقة من خفقات قلبه..في حين تطلع له خالد وهو يجلس على فراشه متسائلا في حيرة: لم تقل لي بعد ..ما الذي جاء بك الى هنا؟..
التقط مازن نفسا عميقا وقال:في الحقيقة.. اردت الحديث معك..
اشار له خالد بأن يجلس قائلا: حسنا اجلس.. لم تقف هكذا؟ ..
جلس مازن وهو يشعر بتردد كبير يرغمه على عدم النطق بأي حرف.. ما الذي يريد ان يقوله لعمه؟.. تزوجت من ابنتك دون علمك حتى احمي املاكها وكنت قد اتفقت مع والدي على طلاقها بعد ان تنهض انت.. لكني الآن غيرت رأيي بعد ان احببتها..
ولما طال تردده وصمته .. اراد خالد ان يفتح موضوع للحديث بينهما لعل مازن يرتاح اليه ويتحدث فيما جاء لأجله.. فقال بابتسامة: علمت بأنك تدير الشركة التي املكها..
لومأ مازن برأسه وقال بهدوء: بلى..
تسائل خالد ببعض الاهتمام:و كيف وجدت العمل فيها؟..
ابتسم مازن هذه المرة وهو يقول: اكثر متعة من العمل مع والدي في شركته.. فعلى الاقل شركتك تدخل في مجال التخصص التي كنت ادرسه..
- لقد اخبرتني ملاك شيئا كهذا..
قال مازن بدهشة: حقا؟..
قال خالد وهو يتطلع اليه بحيرة: اجل ..وماذا في هذا؟..لقد اخبرتني بأن العمل في شركتي يدخل في مجال دراستك..
صمت مازن قليلا وهو يطرق برأسه ويتطلع الى خاتم الخطبة الذي يحتل اصبعه بتردد.. ومن ثم قال وهو يرفع راسه فجأة وقد حسم موقفه: عمي لقد جئت اليوم اتحدث اليك فيه عن امر.. ربما ستعرفه فيما بعد.. لكني فضلت ان اتحدث اليك فيه اليوم بنفسي.. حتى اطلب منك المشورة..وكذلك لكي تساعدني.. لان.. ملاك ابنتك..
ارتفع حاجبا خالد وقال بدهشة: وما دخل ملاك في الموضوع؟ ..
ومن ثم اردف بتوتر: هل اصاب ابنتي شيء ؟.. هل حدث لها امر ما؟.. اخبرني هل هي بخير؟..
قال مازن في سرعة مهدئا: انها بخير .. لا تقلق عليها.. ولكن الموضوع لا يعنيها وحدها.. بل يتعلق بي انا ايضا..
عقد خلد حاجبيه وقال وقد شعر بالقلق من هذا الموضوع: اخبرني به ولا داعي لكل هذه المقدمات..
قال مازن وهو يتحاشى النظر الى عيني عمه: في الحقيقة يا عمي .. اثناء اصابتك بالغيبوبة.. حدثت الكثير من الامور.. وكثير من مخططات عمي عادل وفؤاد تجاه ملاك.. ولهذا لم نجد امامنا حل الا ان نحميها منهم بطريقة واحدة اقترحها علي والدي ..
قال خالد وقد ازداد انعقاد حاجبيه: وما هي تلك الطريقة؟..
خلع مازن الخاتم من اصبعه ورفعه امام ناظري عمه ليقول بتوتر واضطراب: ان اتزوج ملاك...
اتسعت عينا خالد بصدمة وهو يتطلع الى مازن والى ذلك الخاتم الذي يمسك به هذا الاخير.. وهتف قائلا بانفعال: ماذا قلت؟ ..
وقبل ان يجيبه مازن اختطف خالد الخاتم من بين اصابعه في قسوة .. وتطلع الى تاريخ عقد الزواج الذي حفر عليها.. والى اسم ملاك المجاور للتاريخ..
وضغط على الخاتم بكل ما يملك من قوة وهو يشعر بغضب اخذ يتملك كيانه جعله يقول : اهذه مزحة سخيفة ام ماذا؟..
هز مازن رأسه نفيا وقال بحذر وبطء: لا.. ليست مزحة.. بل حقيقة.. وهذا ما جئت احادثك بشأنه و...
قاطعه خالد وهو يصرخ في وجهه قائلا: اهذه هي الامانة التي تركتها في عنق والدك؟..
واردف بثورة وهو يقف منقضا على مازن وهو يمسك به من ياقة قميصه ويجبره على الوقوف: اهذا جزائي عندما طلبت منك حمايتها يا مازن؟ .. استغليتها لكي تتزوج منها..
قال مازن بارتباك وهو يحاول ان يخلص نفسه من قبضة عمه: اهدئ يا عمي.. الامر لم يتجاوز عقد قران.. ثم .. لم يستغلها احد .. لقد وافقت بمحض ارادتها.. ويمكنك ان تسألها بنفسك ..
قال خالد وهو يشد من قبضته وبانفعال: وهل انتهت جميع الحلول التي في العالم ؟؟!.. حتى يكون الحل الوحيد هو ان تتزوج ابنتي منك!!..
قال مازن برجاء وقلق من غضب عمه الذي قد ينقلب ضده :لقد كان الحل الوحيد.. اهدئ فقط يا عمي حتى اخبرك بكل شيء.. وبعدها افعل بي ما تشاء..
ارخى خالد قبضتيه وحدجه بنظرة غاضبة.. قبل ان يقول بعصبية وصرامة: تحدث..
عدل مازن من هندامه .. وظل صامتا وهو يتطلع الى عمه بنظرات متوترة.. وتمنى من كل قلبه لو لم يأتي الى هنا.. فهو والدها وبالتأكيد لن يهتم بأمره ولن يفكر الا في ابنته.. وهو بذلك يقطع امله الاخير في ان يقف بجواره ويساعده في استعادة ملاك..
وصرخ خالد قائلا بانفعال: لم تصمت هكذا؟.. تحدث..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: اجلس اولا يا عمي..
جلس خالد على طرف فراشه وقال بحدة: ها قد جلست.. ولنرى نهاية لهذا الامر ..
جلس مازن بدوره.. والتقط خاتم الخطبة الذي اسقطه خالد في اثناء ثورته.. واعاده الى اصبعه.. قبل ان يقول وهو يشبك اصابع كفيه ويتطلع اليهما: بعد اسبوع من اصابتك بالغيبوبة.. جاء عمي عادل وابنه احمد لخطبة ابنتك ملاك.. وعلمنا انهما يفكران بهذا لاجل املاكها وليس لسبب آخر.. لهذا فكر والدي في وسيلة للتخلص من سيطرتهما .. وفي الوقت ذاته عدم مقدرتهما من الضغط عليه حتى يقبل بزواج احمد من ملاك ..وعندها لم نجد حلا سوى ان تكون ملاك زوجة لرجل آخر .. ومجرد عقد قران.. حتى لا يستطيع عادل فعل شيء بععد ان اصبحت ملاك في عصمة رجل والولي على كل املاكها واملاك والدها..
تجهم وجه خالد وقال بغضب: سحقا لهم.. اوصلت افكارهم الى هذه الدرجة من الدناءة ؟..يريدون تزويجها من احمد ليسرقوا اموالها ومن ثم يرمون بها بلا شفقة او رحمة..
قال مازن وهو يتطلع الى عمه بهدوء: ولهذا لم يكن بامكاننا ان نقبل بهذا الامر .. وكان علينا ايجاد حل سريع لايقاف مخططاتهم .. ولهذا سألنا ملاك رأيها دون ان نعلمها اننا نفعل هذا لاجل حماية املاكها .. لاننا كنا نعلم يقينا انها سترفض حينها.. وقد وافقت علي دون ان يضغط عليها احدهم.. اصدقك القول يا عمي اني كنت مترددا في البداية .. لان ملاك .. اعني انها...
واعفاه خالد من الاجابة وهو يقول بحدة: لانها عاجزة.. اليس كذلك؟.. لم اذا وافقت على الارتباط بها منذ البداية ما كنت تراها بهذه النظرة؟..
قال مازن وهو يهز رأسه: لست اعلم.. ربما لاني خشيت ان تبتعد عني و ان تكون لشخص ما..او ربما لاني خشيت عليها من المصير المرعب الذي ينتظرها مع احمد.. او ربما لان شيء ما بداخلي كان يدفعني لأن اقوم بهذه الخطوة لكي احمي ملاك واكون قريبا منها في الوقت ذاته..
تطلع له خالد بتشكك وارتياب.. فقال مازن مردفا بصدق : فقد كنت معجبا بها منذ البداية.. وازداد هذا الاعجاب مع كل يوم تقضيه في منزلنا..وبدأت اهتم بكل ما يخصها دون ان اشعر.. واصبحت افعل كل ما يفرحها.. واشعر بحزن لا اعرف مصدره عندما اراها حزينة.. ولا اعرف متى حقا ثد بدأت مشاعري نحوها تتحرك.. ووجدت نفسي اقع اسيرا لحبها..
توقف مازن عن مواصلة الحديث وهو يريد ان يرى تأثير عبارته على عمه.. ولكن خالد اكتفى بأن يقول: اكمل..
واشاح مازن بوجهه قليلا وهو يقول: ومؤخرا فقط علمت السبب الذي دفعني للزواج بها.. ولهذا فقد طلبت مني الانفصال.. لكن لا استطيع ان انفصل عنها.. صدقني يا عمي.. لقد اصبحت ملاك هي كل شيء في حياتي.. لم اعد استطيع الاستغناء عنها..وكل ما اريده يا عمي هو ان تنصحني بأن افعل ما اراه مناسبا.. وان كنت اعلم بأنك رافض لهذا الزواج مسبقا.. لكني خاطرت وجئت الى هنا لانك الوحيد التي تعرف ملاك اكثر من أي شخص آخر.. وستنصحني بفعل ما يريحها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت مها بتأثر واشفاق الى ملاك التي كانت تحاول جاهدة بذل كل ما تستطيع من قوة لكي ترفع جسدها عن مستوى ذلك المقعد .. وكل ما امكنها فعله هو رفعه بضع سنتيمترات.. ومن ثم يعود جسدها ليسقط على المقعد بكل انهاك وتعب..
انها تحاول بذل اقصى ما تستطيع من طاقة منذ ساعة.. دون نتيجة حتى الآن.. وذلك الحزن الذي لمحته مها يطغى على ملامحها.. ربما يكون له يد في كل التعب الذي اعتراها حتى الآن ..لكن ما سبب كل ذلك الحزن؟..الامر لا يبدوا شجارا عاديا مع مازن ابدا.. ما الذي اصابها؟.. حتى انها لم تعلق على عباراتها الا فيما ندر.. وتلك النظرة الملازمة لعينيها.. تكاد تلمح مها فيهما .. الحزن وشعور الغضب..
وتوقفت ملاك عن مواصلة محاولاتها قائلة وهي تحاول التقاط انفاسها: لا استطيع..
اقترب منها الطبيب وقال بهدوء: ما الذي اتفقنا عليه في المرة الماضية يا ملاك؟.. الم تعديني بأن تحاولي ما دمت ترغبين في السير على قدميك من جديد؟..
قالت ملاك بضيق: لا ارى أي نتيجة لكل ما افعله.. اولنقل ليس هناك امل بأن اقف على قدمي من جديد..
قال الطبيب كمن اعتاد مثل هذه العبارات: لو انك انت من فقد الامل.. فعندها يمكنني القول بأن ليس هناك أي امل فعلا.. فالامل ينبع من عزيمتك ورغبتك في الشفاء.. فواصلي في محاولتك هيا..
قالت ملاك بحنق: انني احاول منذ ساعة.. لقد تعبت..
قال الطبيب وهو يهز رأسه نفيا: لا احب ان اسمع هذه الكلمة .. ان التعب الحقيقي في ان تستسلمي.. اريدك ان تحاولي من جديد.. حتى تستطيعين رفع جسدك عن المقعد..
هتفت ملاك بصوت حاد: لكني لا استطيع.. لقد تعبت..
اقترب كمال في تلك اللحظة من المكان وقال وهو يتطلع الى ملاك: يمكنك ان تحاولي من جديد يا ملاك .. لا تيأسي..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: من السهل قول الكلمات دائما..
زفر كمال ومن ثم قال: ومن الصعب تنفيذها.. لكن.. بما ان هناك امل في العلاج.. فلم لا تواصلين المحاولة وتتمسكين بهذا الامل؟..
قالت ملاك بعناد: لا اريد.. اريد مغادرة هذا المكان..
قالت مها باستنكار وهي تقترب منهما: ما الذي تقولينه يا ملاك؟..
اما الطبيب فقد قال: لا بأس.. فما دام ليس لديها أي رغبة في المواصلة اليوم.. فلا يمكننا اجبارها..يمكنك المغادرة ..
قالها وتطلع الى ملفها الطبي ومن ثم تحدث الى احدى الممرضات قبل ان ينصرف.. في حين اقتربت منها ممرضتين.. ليحملاها ويعيداها الى مقعدها المتحرك ..
اما مها فقد قالت وهي تقترب منها بتسائل وعتاب: ملاك.. لم توقفت عن مواصلة تدريباتك؟..
قالت ملاك وهي تطرق برأسها وتقبض على عجلات مقعدها: مللت هذه التدريبات.. مللت هذا الامل الكاذب.. مللت هذه الحياة.. مللت كل شيء..
قالت مها وهي تتطلع اليها: لا زلت في مقتبل العمر يا ملاك.. والطريق ممتد امامك..
رفعت ملاك عينيها لها وقالت بحدة: هل جربت ان يخدعك اقرب الناس اليك؟..او ان تكتشفي بأنك تعيشين معه في كذبة طوال الوقت.. ان كنت قد احسست بهذا يوما.. فعندها فقط ستتمنين الموت على الحياة..
كادت مها ان تهم بقول شيء ما .. لكن كمال قال في تلك اللحظة وهو يميل نحوها قليلا: ما الذي حدث بينك وبين مازن؟ ..
اشاحت ملاك بوجهها بعيدا.. وكأنها تعلن بذلك عدم رغبتها بالاجابة.. وحركت عجلات مقعدها مبتعدة.. في حين اسرعت مها تلحق بها قائلة: انتظري قليلا يا ملاك..
قالت ملاك وهي تتوقف في مكانها: اريد ان اذهب الى ابي..
ابتسمت لها مها وقالت: سنأخذك اليه.. لا تخشي شيئا..
ودفعت مها مقعدها لتسير بين ممرات المشفى حتى استقلت المصعد مع كمال الى الطابق الذي تقبع فيه غرفة خالد..وتوجهوا جميعهم الى هناك.. وكانت ملاك اقربهم اليه.. ففتحت الباب ودلفت الى االداخل والابتسامة قد اعتلت شفتيها لمرأى ابيها لكن...
لم يكن ابيها وحده هذه المرة.. وعقدت حاجبيها وهي تتطلع الى ذلك الجالس بجواره.. واستغربت وجوده مع والدها واستنكرته في الوقت ذاته.. ربما جاء ليخدع ابيها هو الآخر ...
والتفت خالد في تلك اللحظة عن مازن وتوقف عن مواصلة الحديث معه.. ليلتفت الى ملاك التي لم تقترب من الفراش بسبب وجود مازن وقال بابتسامة: اهلا يا ملاكي.. اشتقت اليك..
التفت مازن بكل لهفة عندما نطق خالد اسم ملاك.. وتطلع الى هذه الاخيرة بحب وحنان ورجاء على ان تسامحه.. في حين رمقته ملاك بنظرة غاضبة حاقدة.. ومن ثم التفتت الى والدها وقالت بهدوء: وانا كذلك يا ابي..
اقتربت مها بدورها مع كمال لتقول الاولى مبتسمة: كيف حالك اليوم يا عمي؟..
قال خالد وهو يرفع رأسه اليها: افضل من السابق..
اما كمال فقد قال: ومتى اخبرك الاطباء بأنك ستخرج من المشفى؟..
قال خالد بابتسامة باهتة: بعد ان استعيد لياقتي البدنية.. ويتأكدوا من مقدرتي على العودة الى حياتي الطبيعية..
قالت ملاك في لهفة: ومتى سيكون ذلك؟..
هز خالد كتفيه وقال بابتسامة حانية وهو يتطلع الى ابنته: ربما بعد ايام..
اما مازن الذي كان يراقب كل حركة تقوم بها ملاك.. يراقب تلك الابتسامة العذبة التي كانت على شفتيها منذ ان دخلت الى الغرفة.. يتابع نظرات عينيها.. والتي كانت تصف له بكل وضوح الغضب والحقد التي تحمله له ملاك.. وتمنى لو يستطيع التحدث اليها كالسابق..يمزح معها و يستطيع أن يتقرب منها ويحظى على احدى ابتسامتها الخجلة.. وشعر بغصة مرارة في حلقه جعلته يلتفت الى عمه ويقول في تلك اللحظة: بالاذن الآن ياعمي.. فعلي الانصراف..
قال خالد بهدوء: صاحبتك السلامة.. وفكر جيدا فيما قلته لك..
تنهد مازن ومن ثم قال: سافكر.. بالاذن..
والقى نظرة اخيرة على ملاك قبل ان يتحرك مبتعدا.. وباتجاه باب الغرفة وفي تلك اللحظة تعالى رنين هاتفه المحمول.. فالتقطه بهدوء بعد ان توقف عن مواصلة سيره ..وما ان تطلع الى الاسم .. حتى عاد الى داخل الغرفة وقال وهو يتحدث الى مها: تعالي معي للحظة ..
اشارت مها الى نفسها وقالت : من ؟.. انا؟..
قال مازن مبتسما: ومن سيكون غيرك؟.. تعالي معي..
قالت مها وهي تقترب منه: حسنا .. حسنا..
وغادرا الغرفة معا.. وما ان اصبحا خارجها حتى قال مازن وهو يرفع الهاتف في وجهها: انظري..
تطلعت مها الى الهاتف في لهفة وكادت ان تجذبه من يده.. لكن مازن اسرع بابعاده عنها وهو يمسك باذنها قائلا بمرح: اخبريه ان هذه ستكون المرة الاخيرة التي يتحدث اليك فيها عبر الهاتف.. وبعدها فليأتي وليخطبك..
قالت مها بابتسامة شاحبة: فليقتنع والدي برفضي لاحمد اولا..
ابعد كفه عن اذنها ليضعها على كتفها ويقول بهدوء: سأحاول اقناعه يا مها..
قالت مبتسمة : اشكرك و...
وهنا انقطع الرنين بغتة.. فقالت مها بضيق: ارأيت .. جعلتني انشغل بالحديث معك.. حتى اغلق حسام الخط..
غمز مازن بعينه وقال مبتسما: سيتصل بعد لحظات ..وسترين بنفسك..
وما ان انهى عبارته حتى عاود حسام الاتصال فقال مازن مبتسما: الم اقل لك؟..
قالت مها في سرعة: اعطني الهاتف.. اريد ان اتحدث اليه..
قال بمكر: ما رأيك ان العب في اعصابه قليلا؟..
قالت مها باستنكار: لا .. دع حسام وشأنه..
لم يأبه لها مازن واجاب على الهاتف قائلا بهدوء: اهلا حسام..
قال حسام متسائلا: اهلا بك.. ما بالك لا تجيب على الهاتف؟ ..
قال مازن مجيبا: لقد كنت منشغلا للحظات..
قال حسام متسائلا بقلق ولهفة: وماذا عن مها؟..هل اقتنعت؟ ..
قال مازن وهو يصطنع خيبة الامل: للاسف كلا..
شعر حسام بالضيق يجثم على صدره وقال بحنق: ارجوك اقنعها.. اقنع تلك الحمقاء برفضه..
ابعد مازن الهاتف عن اذنه قليلا وقال متحدثا الى مها التي عقدت ذراعيها امام صدرها بضيق من تصرفه: يقول عنك حمقاء..
اسرع حسام يقول بعد ان سمع عبارة مازن: ماذا؟.. هل مها معك؟..
قال مازن مبتسما: اجل انها تقف الى جواري..
- اعطني لاحادثها اذا.. ربما استطيع اقناعها..
- لسنا بحاجة لخدماتك فقد اقنعتها وانتهى الامر..
صمت حسام وقد الجمت المفاجأة لسانها.. هل قال اقنعها ام ان اذنيه اصيبت بخلل ما جعلته يسمع اشياءا لم تقال؟..في حين قال مازن وهو يسلم الهاتف الى مها ويبتسم: لقد صمت من المفاجأة .. خذي واخبريه الحقيقة.. ولا تنسي ان تخبريه ان لي الفضل في كل ما حدث..
رمقته مها بطرف عينها.. ومن ثم التقطت الهاتف من يده وهي تبتسم قائلة: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قال حسام وكأنه لم يسمع حرفا مما قالته: اخبريني يا مها.. هل ما سمعته صحيح ام اني كنت اتخيل؟..
برقت عينا مها بفرحة وهي تقول: بل حقيقة يا حسام.. لقد قررت رفض احمد..
خفق قلب حسام بفرح وقال في سرعة وسعادة: وما الذي جعلك تغيرين رأيك على الرغم من كل محاولاتي معك؟..
قالت مها وهي تداعب خصلات شعرها وتبتسم ابتسامة واسعة: لقد اقنعني مازن..
قال حسام باستنكار مصطنع: هكذا اذا..لقد حاولت اقناعك لاكثر من مرة.. لكن مازن منذ المرة الاولى استطاع اقناعك..
قالت مها مبتسمة وهي تستند الى الجدار: اولا هو شقيقي ويعرف كيف يمكنه اقناعي.. وثانيا انها ليست المرة الاولى التي تحدث فيها الي وحاول اقناعي برفض هذا الزواج..
قال حسام بابتسامة وهو يتنهد براحة: اذا فقد انتهى الكابوس اخيرا ..
قالت مها بتردد: ليس بعد..
اختفت الابتسامة من على شفتي حسام وقال بقلق وتوتر: كيف؟؟..ماذا تعنين بـ(ليس بعد) يا مها؟..
ازدردت مها لعابها قبل ان تقول ببعض الارتباك: مازن.. لم يقنع والدي برفضي هذا بعد.. وخصوصا واني قد وافقت على احمد امامه وامام عمي..
قال حسام بجدية وحزم: انا سأقف بجوارك يا مها وسنتحدى المستحيل لنتوج حبنا بالزواج..
قالت مها وهي تتذكر كلمات ملاك في تلك اللحظة: ليت الامر كان بهذه السهولة.. الكلام امر سهل.. لكن تنفيذه صعب..
قال حسام وهو يزفر بحدة: الا تثقين بي يا مها؟..
اسرعت مها تقول: بلى.. ولكنها الظروف.. الظروف التي تفرض علينا امورا لا نريدها..
قال حسام بحنان: ونحن سنتحدى تلك الظروف وسنعمل على جعلها في صالحنا..
ابتسمت مها بهدوء .. ومن ثم قالت: انا اتحدث اليك من المشفى يا حسام.. لهذا اعذرني فأنا مضطرة لانهي المكالمة الآن.. سأتصل بك عندما اعود الى المنزل..
قال حسام متسائلا ورنة صوته تحمل حنان الدنيا كله: اهذا وعد؟..
اومأت مها برأسها وكأنما سيراها حسام وقالت برقة: وعد..
- حسنا اذا اراك فيما بعد..احبك..
ارتجف جسد مها كله لسماع تلك الكلمة.. منذ متى لم تسمعها من حسام.. منذ متى لم يقلها لها؟.. لقد مرت بظروف صعبة جعلتها تكاد تنسى اللحظات الرائعة التي قضتها بجوار حسام وكل كلمة كان يبثها بشوقه وحبه فيها..
وتوردت وجنتيها بخجل لتقول بصوت متلعثم: وانا ايضا.. الى اللقاء..
قالتها واسرعت تغلق الهاتف دون ان تسمع اجابته حتى ..وحسام الذي اندهش من تصرفها في البداية لم يلبث ان ابتسم ابتسامة مسرورة وواسعة تبعها بضحكة سعيدة وهو يلفي بنفسه على الفراش.. غير مصدق ان هذا الكابوس سينتهي قريبا.. وهتف قائلا بسعادة: احبك يا مها.. احبك.. احبك يا ايتها الحمقاء التي عذبتني طويلا بحماقتها.. احبك يا من عذبتني في الماضي بشقاوتها .. احبك..
وتنهد وهو يغمض عينيه.. ولاول مرة منذ مدة طويلة شعر بأنه قد ارتاح.. ارتاح اخيرا وهو يشعر انه قد انقذ حب الطفولة .. ودافع عنه حتى استطاع استرداده..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت مها من حولها بحثا عن مازن بعد ان انهت المكالمة.. واخذت تتفحص المكان بعينيها لتجده وتعيد اليه هاتفه.. لكن المكان كان خاليا تماما منه..ولم تجد امامها الا ان تعود الى داخل الغرفة لكن هذه المرة بابتسامة مسرورة وسعيدة .. وجلست على مقعد يجاور مقعد ملاك..وتطلعت الى كمال الذي كان يجلس بهدوء على مقعد في الطرف الآخر للفراش.. وسمعت عمها يقول في تلك اللحظة وهو يدفع جبين ملاك بلطف: لا اريد تقاعسا في تدريباتك.. افهمت.. تمارسينها يوميا.. والا اخبرت مازن عنك..
شعرت ملاك بالضيق لذكرى مازن وقالت بحنق: وما شأن مازن بالموضوع؟..
قال خالد وهو يتطلع اليها بنظرة ماكرة: اليس هو .. من عثر على امل في علاجك؟.. فبالتأكيد سيتضايق لو عرف بأنك تقاعست عن مواصلة التدريبات..
ابتسمت مها وقالت: اجل .. حاول معها يا عمي.. فاليوم قد توقفت عن مواصلة التدريبات..
قالت ملاك مبررة وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: لأنني تعبت ..
اما كمال فقد نهض من مكانه وقال بهدوء: استأذن انا الآن يا عمي ..
التفت له خالد وقال: لا يزال الوقت مبكرا..
قال كمال بهدوء: لدي موعد مع احد الاصدقاء الآن.. سأغادر انا ومها.. ومن ثم سآتي انا او مازن لاصطحاب ملاك ..
ومن ثم تساءل وهو يتطلع الى مها: ستأتين؟..
شعرت مها بالحيرة.. فمن جهة تريد العودة ومحادثة حسام.. ومن جهة اخرى تريد البقاء الى جوار ملاك لتعرف سبب الحزن الذي يسيطر عليها وتلك النظرة في عينيها.. وحسم خالد موقفها ليقول : اترك مها هنا.. فأنا اريد ان اتحدث اليها قليلا..
شعرت مها بالغرابة من هذا الموضوع الذي يريد عمها خالد الحديث اليها بشأنه.. لكنها شعرت في قرارة نفسها انه يخص ملاك من بعيد او قريب.. وانصرف كمال مغادرا المكان .. ومرت لحظات قبل ان تقول ملاك متسائلة ببعض الضيق: ماذا جاء يفعل عندك ذلك الشخص عندما دخلنا الى غرفتك يا ابي؟ ..
استغربت مها استخدامها للفظ (ذلك الشخص).. في حين فهم والدها انها تعني مازن .. فقال مؤنبا: من العيب ان تقولي ذلك الشخص على ابن عمك.. يجب عليك احترامه..
اشاحت ملاك بوجهها وقالت: طوال عمري وانا احترمه.. وماذا جنيت في النهاية سوى الحزن..
تطلع لها والدها في خبث.. في حين ارتبكت ملاك من زلة لسانها وعلى اخبار والدها بحالة الحزن الذي يسببها لها مازن في الوقت الحالي.. واسرعت تقول بارتباك محاولة تغيير ما فهمه والدها من عبارتها: اعني .. انه..يسخر مني احيانا و...
بترت ملاك عبارتها واطرقت برأسها بألم.. فهي لم تقوى على الكذب اكثر من ذلك.. فهذا هو والدها اغلى الناس على قلبها واكثر من يفهمها.. فكيف يمكنها ان تكذب عليه؟ ..
وقال خالد بهدوء وهو يمسك بذقنها ويرفع رأسها اليه: ملاك.. هل هناك شيء تودين قوله؟..
صمتت ولم تجب.. فقال والدها وهو يتطلع الى عينيها: هل هناك امر تخفينه عني؟..
شعر بارتباك ملاك واضطرابها وهي تتحاشى النظر اليه.. فترك ذقنها وقال بحزم: هل هناك شيء؟..
قالت ملاك بتردد بعد ان ازدردت لعابها بصعوبة: شيء؟؟.. مثل ماذا؟..
صمت والدها للحظات ومن ثم رمقها بنظرة باردة قبل ان يقول وهو يلتفت عنها: شيء مثل.. ان تكوني قد تزوجت مازن اثناء اصابتي بالغيبوبة ..
تطلعت له ملاك بذهول وصدمة .. وذهنها لا يستوعب انه قد علم بالحقيقة.. وعلم الآن انها قد اخفت عنه هذا الامر.. واكثر ما تخشاه الآن هي ردة فعله على هذا الموضوع..
حتى مها كانت تشعر بالدهشة من معرفة عمها بهذا الزواج وخصوصا وان ملاك تعمدت اخفاء امر الزواج عن والدها.. وقالت متسائلة بدهشة: وكيف عرفت بأن ملاك هي زوجة مازن يا عمي؟..
وقال خالد اخيرا منهيا حيرتهم: لقد جاء مازن قبلكم بساعة ونصف وقد اخذ يتحدث معي في كل شيء..ويحاول شرح وتوضيح كل الامور.. واخبرني كذلك بالدوافع التي جعلته يتزوجك يا ملاك.. كما اخبرني بأمر طلبك للانفصال ..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بغيظ: بالتأكيد قد اخبرك بأشياء تجعله يبدوا في نظرك مظلوما وانه لم يفعل أي شيء ..
قال خالد وهو يلتفت لها ويتطلع اليها: لقد اخبرني بكل شيء يا ملاك .. وكانت شجاعة منه ان يأتي الى هنا ويواجهني بهذا الامر .. وهو يعلم جيدا اني تقريبا لن اقبل به كزوج لابنتي ..
شعرت مها بالغرابة من تصرف مازن..فهو يجب ان يكون اكثر المتخوفين من ردة فعل عمه تجاه هذا الزواج .. ومع هذا جاء اليه ليبلغه من انه قد تزوج ابنته.. الم يخشى ان يفقد ملاك حينها حقا وان يرفضه عمه ويطلب منه هو الآخر ان ينفصل عن ملاك؟؟..
اما ملاك فقد قالت وقلبها يخفق بقلق: وما موقفك من هذا الزواج يا والدي؟..
لمح والدها في عينيها القلق لكنه لم يشير اليه و قال وهو يضع كفه على كتفها: قبل ان اخبرك بموقفي من زواجك .. اخبريني انت بسبب طلبك الانفصال من مازن..
حاولت ملاك ان تتماسك وهي تقول بصوت مرتجف: الم يخبرك بذلك ايضا يا ابي؟.. الم يخبرك بأنه طعن قلبي في الصميم.. الم يخبرك بأنه كان يمثل علي دائما دور المحب والحنون ؟..وفي النهاية ادرك ان كل هذا كان مجرد تمثيل ليس الا.. وانه قد اجبر على الزواج بي منذ البداية لاني .. لاني...
واختنق صوتها اكثر ولم تقوى على مواصلة الكلام ..وتلألأت تلك الدموع في عينيها كنجوم في سماء الالم.. في حين ضغط والدها على كتفها بحنان ليقول: ملاك لقد كنت دائما ارفض ان تكون لك اية علاقة بعمك او ابناءه.. فكيف عندما اعرف ان ابنتي قد تزوجت مازن احد ابناء عمك؟.. لا اخفي عليك في البداية اني ثرت وانفعلت على مازن عندما جاء يخبرني بالحقيقة..وكدت ان اجبره على ان ينفصل عنك ولو بالقوة.. لكني حاولت ان اهدئ نفسي عندما طلب ان استمع اليه.. وبصراحة شعرت بالاعجاب للحظة تجاه ذلك الشاب لكونه قدجاء الي ليخبرني بأمر الزواج الذي كان متأكد تقريبا من اني سأرفضه .. لكني استمعت اليه بكل اهتمام.. وادركت حينها انه قد تغير لأجلك.. فليس العيب في ان نخطئ.. بل العيب في ان نواصل في فعل ذلك الخطأ دون رغبة في اصلاحه.. ومازن قد حاول ان يتغير مرارا لأجلك.. ونجح في ذلك.. ولا يمكنك انكار انه قد قد ابدا اهتماما صادقا تجاهك..
تنهدت ملاك وقالت بعينان قد امتلأتا بالدموع وبصوت راجف: هل انت معي ام معه يا ابي؟..
التفت والدها الى مها التي كانت تراقب بقلق لكل ما يجري ..وتستمع الى مصير تلك العلاقة التي عبرت عن اسمى المشاعر والتي ربطت بين مازن وملاك يوما..وقال خالد في تلك اللحظة: لقد ابقيت مها هنا.. حتى تخبرك وتخبرني بالحقيقة.. وانا اعلم انك ستصدقينها لانك تعتبرينها كاخت لك.. اليس كذلك؟ ..
اومأت ملاك برأسها ومسحت دموعها بصمت.. في حين ربت والدها على رأسها ومن ثم التفت الى مها قائلا: اخبريني يا مها .. كيف كان مازن قبل ان يعرف ملاك؟.. وكيف اصبح بعد ان ارتبط بها؟..
شعرت مها بالحرج من هذا الموقف التي توضع فيه.. وقالت وهي تزدرد لعابها في توتر:في الحقيقة .. لا اعرف ماذا اقول.. غير ان مازن قد تغير حقا.. لقد كان في الماضي.. لا يفكر في شيء اكثر من نفسه.. لا تهمه أي فتاة.. يتحدث الى هذه وتلك دون ان يكترث بشيء.. ولكن والحق يقال انه لم يحاول يوما ان يعدهن بوعود كاذبة.. لقد كان الامر في حدود الصداقة او لنقل زمالة..
واستطردت وهي تلتفت الى ملاك وابتسامة تعلو شفتيها: ومنذ ان جاءت ملاك الى منزلنا.. شعرت ان مازن قد اعجب بها منذ ان رآها.. حتى ان تصرفاته كانت تثير حيرتي.. فأحيانا اراه يحاول ان يساعد ملاك بشتى الطرق.. واحيانا اخرى اراه يتحدث اليها ويمازحها.. يهتم بها ويحاول التخفيف عنها لو تضايقت .. ولقد كنت اظن ان كل ذلك في البداية مجرد علاقة كعلاقاته بالعديد من الفتيات.. لكن وجدت فيما بعد ان اهتمامه بملاك حقيقي.. ووجدته رويدا رويدا ينسحب من حياته السابقة ليشمل ملاك بعطفه واهتمامه وحنانه..
والتقطت نفسا عميقا وهي تقول مستطردة ببطء: ولست انكر انه عندما عرض عليه والدي زواجه من ملاك.. رفض وعارض هذا الزواج.. ولكنه فيما بعد قرر الموافقة لكي يحمي ملاك واملاكك يا عمي .. وصدقني يا عمي.. وانت كذلك يا ملاك.. لقد تغير مازن بعد ان عقد قرانه عليك.. لقد بت ارى في عينيه الخوف الصادق تجاه شخص ما..اصبح يخشى عليك من كل شيء واي شيء.. بت ارى الحنان الحقيقي والاهتمام في تصرفاته تجاهك.. انه حتى قد ترك كل رفيقاته السابقات لاجل ان يبدأ معك صفحة جديدة.. لهذا يا ملاك ارجوك ان تفكري جيدا قبل ان تطلبي الانفصال.. لقد بدأت اشعر بحب مازن الكبير تجاهك وانه لم يعد يستطيع الابتعاد عنك بعد الآن.. فكري جيدا يا ملاك قبل ان تنهي هذه العلاقة ومشاعر الحب التي ربطت بين قلبيكما في يوم..
كانت ملاك تستمع بملامح جامدة وبنظرات خاوية.. كانت تستمع لكن بذهن مشوش.. وبنصف تركيز.. كان جرحها اعمق بعد ان ادركت قسوة هذه الدنيا والتي طعنتهافي اول شاب خفق له قلبها ..ولم تنطق ببنت شفة واكتفت بالصمت ..
وسمعت والدها يقول لها في تلك اللحظة: كلنا معرضون للخطأ يا ملاكي.. حتى انا كنت اعرف عدد من الفتيات قبل ان التقي بوالدتك.. واترك كل الفتيات لاجلها.. اسمعيني يا صغيرتي بقدر ما كنت اعارض زواجك من مازن سابقا.. بقدر ما انا اباركه الآن..وانا اراه يحمل لك في قلبه كل هذا الحب.. فلا يهمني شيء سوى ان اراك سعيدة يا ابنتي..وانا شعرت بالمشاعر التي تحملينها لمازن منذ ان رأيتك تتحدثين عنه وتطلقين على طائرك اسمه.. واعلم انك ستسعدين معه مادام الحب هو اساس علاقتكما..
التفتت ملاك الى والدها وقالت وشفتاها ترتجفان: انت تقول هذا با ابي.. انت تقول هذا بعد ان اهانني وطعن فلبي بخيانته وخداعه .. انت تقول هذا بعد ان جرح كرامتي و...
قاطعها صوت رنين الهاتف.. كان هاتف مازن الذي تركه عند مها الذي اخذ يرن تلك اللحظة..حتى اجابت عليه مها قائلة وهي ترى انه اتصال من منزلها: اهلا..
جاءها صوت مازن ليقول: لقد اتصلت بك لابلغك اني عدت للمنزل .. واريد منك ايضا ان تعرفي قرار ملاك النهائي.. وان كانت ستتراجع عن قرار الانفصال ام لا..
قالت مها وهي تقول بصوت خافت بعض الشيء: انت تعرف كم هي عنيدة.. ثم ان من حقها طلب الانفصال..بعدما عرفته عنك..
قال مازن بعصبية: مها.. يكفيني ما انا به ..كل ما اريده منك ان تحاولي مع ملاك انت الاخرى.. ارجوك.. اخبريها اني لا استطيع الابتعاد عنها .. اخبريها اني احبها بحق ولا اتخيل فتاة تشاركني حياتي سواها..اخبريها اني سأفعل أي شيء لأجلها ..فقط فلتسامحني على ما اقترفته يداي..
قالت مها بهدوء: سأبلغها يا مازن.. وسأحاول معها.. وعمي خالد ايضا لا يزال يحاول ردعها عن قرار الانفصال الذي اتخذته لكن من دون فائدة..
تنهد مازن وقال: كم هو عظيم عمي .. لو تعلمين ان بعد كل ما اخبرته عني وكل ما فعلته بابنته.. الا انه قال لي اني ما دمت قد اصلحت خطأي وتغيرت لأجل ابنته .. ومادمت احمل لملاك كل هذا الحب.. فهو سيقف معي وسيحاول مساعدتي .. على ان لا ارضخ لمطلب ملاك ابدا..
تطلعت مها الى عمها باعجاب الذي انشغل بالحديث الى ملاك في محاولة لاقناعها وقالت: اني افخر لكونه عمي حقا..
تنهد مازن قائلا: لقد ظلمناه لوقت طويل وانظري ماذا فعل مع ابن من ظلمه..لقد وقف الى جواري وفكر في مساعدتي.. حقا انه رجل عظيم بكل ما للكلمة من معنى..
واردف قائلا: اراك عند عودتك للمنزل.. واتمنى ان تخبريني حينها بأن ملاك قد سامحتني اخيرا.. الى اللقاء الآن يا مها..
قالت مها بابتسامة شاحبة: اتمنى ذلك انا الاخرى.. الى اللقاء ..
وما ان انهت المكالمة حتى لمحت تلك الصورة التي كانت على خلفية شاشة الهاتف.. وابتسمت وهي تتطلع اليها.. دون ان تنتبه لخالد الذي كان يقول لملاك في تلك اللحظة: قد يكون مازن قد خدعك كما تقولين.. لكنه شاب شهم.. فعلى الرغم من رفضه على ان يتزوجك.. الا انه وافق في النهاية لاجلك ولاجل ان يحمي املاكك.. ولو كان شابا آخر غيره لما اكترث وتركك فريسة سهلة لقؤاد وعادل.. كما وانه – كما قلت لك سابقا- قد تغير وتخلى عن جميع الفتيات لاجلك.. وأنا موقن انه كان يتصرف نحوك بحنان وحب صادق ويهتم بك لأنه يريد ذلك.. ملاك.. مازن الآن بين يديه كل املاكك ولقد قام بادارتها عن طيب نية.. مع انه يكره العمل كما علمت منه الا انه قد قبل بالعمل في الشركة لانها تخصك.. واراد ان يحافظ عليها.. واخيرا بحثه عن علاج لك.. ماذا يعني في رأيك؟.. اليس رغبة في علاجك واهتماما كبيرا بك؟..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: بل مجرد مصادفة عثر فيها على امل في علاجي.. فأراد ان يقدم معروفا لتلك الفتاة العاجزة..
اسرعت مها تقول وهي ترفع رأسها لملاك: ملاك..انت مخطأة .. مازن حقا يحبك..
ورفعت الهاتف في مستوى ناظريها لتقول مبتسمة بحنان: الا توافقيني الرأي؟.. في ان من يضع صورة فتاة على خلفية شاشة هاتفه.. لا يحمل لها أي اشفاق.. بل كل حب وحنان..
وصمتت ملاك دون ان تجد ما تقوله.. وقد تأملت تلك الصورة بشرود.. وهي تتذكر ذلك اليوم الذي قضته مع مازن.. الذي بثها فيه مشاعره .. ورأت في عينيه يومها الحنان والخوف الصادق.. عندما رآها تسقط على الارض...
وعاد قلبها يخفق لمازن .. لكن بخوف هذه المرة من المستقبل المجهول الذي ينتظرهما...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 08:04 AM   #55 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الخامس والاربعون
" لا ترحل"

سار مازن في الردهة جيئة وذهابا.. وهو يحاول ان يفكر في حديث يقنع به والده.. وعبارات قد تجعله يرضخ للامر.. كان يعلم جيدا ان ما يهم والده هو املاكه اولا.. لهذا اراد ان يستخدم الاسلوب ذاته معه..ان يتحدث اليه بطريقة عملية دبلوماسية تقنعه على رفض احمد زوجا لمها..
وعقد حاجبيه وهو غارق في التفكير.. ويحاول ان يفي بوعده لمها وان يقنع والده حقا بأن يرفض احمد ويقبل بحسام..
وتوقف اخيرا عن مواصلة التفكير وهو يتوجه الى الطابق الاعلى .. والى غرفة والده بالتحديد.. وشعر بصعوبة ما وعد مها به في تلك اللحظة.. فهو اكثر الناس علما بوالده.. ويعلم انه سيرفض كل ما يمس ثروته سواء كان هذا على حساب نفسه او حساب ابناءه..
وزفر بحدة وهو يجد نفسه مرغما على ان يفعل أي شيء لشقيقته وليرى الفرحة على وجهها من جديد مادام لم يستطع رسم الفرحة على وجهه هو.. وطرق الباب اخيرا منتظرا سماع اجابة والده..ومن داخل الغرفة.. جاءه صوت والده وهو يقول: ادخل ..
امتدت يد مازن لمقبض الباب.. ليديره ويدلف الى الداخل.. وتطلع اليه والده الذي كان جالسا على طرف فراشه وقد تغضن جبينه وقال بحدة: اجئت لتكمل ما كنت تقوله هذا الصباح؟.. لديك صفة سيئة اخرى لم تنعتني بها حتى الآن..
اقترب مازن من والده وابتسم ابتسامة شاحبة وهو يقول: بل جئت لاعتذر عما قلته هذا الصباح.. فقد كنت منفعلا وقلت ما قلته في لحظة غضب.. ولاتحدث اليك في موضوع ما ايضا..
قال والده ببرود: اخبرني الموضوع الذي جئت من اجله وانصرف ..
ادرك مازن ان والده لن يهتم لو اعتذر له او لم يفعل.. واكتفى بأن جذب له مقعدا وجلس عليه وهو يقول: الموضوع الذي جئت لأحدثك فيه يا والدي يعني مها..
قال والده بحيرة: وماذا بها مها؟..
قال مازن وهو يحاول انتقاء عباراته للحديث: قبل كل شيء .. اخبرني يا والدي.. هل انت مقتنع بتزويجها من احمد؟ ..
تطلع له والده بنظرة صامتة ومن ثم قال: ما دام فيه مصلحة العائلة فأنا مقتنع به..
قال مازن وهو يحاول ان يحرك مشاعر والده تجاه مها: ولكن قد يتسبب في حزن دائم لاحد ابناءك.. فانت تعلم جيدا ان احمد انسان مستهتر لا يهتم سوى بنفسه وليس حمل مسئولية او منزل وزوجة .. فكيف ستطمئن على ابنتك وهي زوجة له؟ .. الا تخشى ان لا يهتم بها.. ان يقسوا عليها.. ان يجرحها في الكلام او حتى يتطاول عليها بالضرب..
قال امجد بضيق: لن يستطيع ان يمس ابنتي بسوء وانا على قيد الحياة ..
قال مازن وهو يميل نحو والده: ولكن ها انتذا تقدمها له كزوجة .. فحينها من سيستطيع منعه من ان يؤذي ابنتك.. فهو زوجها .. وحتى لو تدخلت انت .. فسيتدخل عمي هو الآخر ويحاول ان يمنعك من تأنيب ابنه على تصرفه وقد يعاود تهديدك بنصيبه في رأس المال.. وعندها لن تجد امامك من حل سوى الصبر والصمت..
قال امجد وقد ادرك مغزى مازن من حديثه: مازن الى ماذا تلمح؟.. لقد وافقت شقيقتك امامكم وانتهى الامر.. وهذا يعني انها موافقة على زواجها من احمد..
قال مازن في سرعة: عندما اقنعتها انت ان ما تفعله هو لاجل العائلة .. لكننا لسنا اطفال يا والدي.. انا وكمال يمكننا العمل .. وان نصرف على انفسنا.. وشركتك يمكن ان تقترض لاجل سداد الخسائر او بيع عماراتك.. او حتى بيع منزلنا وشراء منزل اصغر منه.. فنحن لا نقبل ان نعيش في بذخ على حساب سعادة مها..
تطلع له امجد وقال بحدة: لكن في هذه الحالة سنضطر للتخلي عن كل شيء.. للعيش في مستوى العائلات المتوسطة..وبعد ان كنت رجل اعمال شهير في عالم رجال الاعمال.. اصبح مجرد رجل اعمال يقترب من الافلاس..ثم ان الامر قد انتهى وانا حددت كل شيء مع عمك بعدموافقة مها..
قال مازن وهو يتطلع الى والده برجاء: لكن مها لا تفكر في احمد حتى.. انت رأيت بنفسك الحزن الذي اصابها عندما رفضت حسام.. وهذا يعني انها ترغب بهذا الاخير زوجا لها .. كما ولابد انك لاحظت انطوائها وحزنها بعد ان وافقت على احمد وهذا يثبت عدم رغبتها في الزواج به .. والدي .. ارجوك فكر بمها قبل كل شيء.. فليكن ابناءك ولو مرة واحدة في حياتك هم اهم اولوياتك..تذكر انك بزواج مها من احمد.. قد تقتل ابنتك بزواجها من شخص تكرهه وشخص ثد يتسبب في شقاءها وتعاستها مستقبلا .. كما ...
قاطعه والده قائلا بخشونة: قلت لك ان الامر قد انتهى..
هز مازن رأسه نفيا وقال: كلا لم ينتهي.. لان مها قد تراجعت في قرارها ورفضت ان تقترن بأحمد..
تطلع له والده بشك .. ولكن عندما لمح الجدية في وجه مازن قال بغضب: لو كان ما تقوله صحيحا..وان مها قد رفضت احمد .. فاعلم ان هذا الامر لن يمضي على خير.. فأنا على يقين بأنك انت و شقيقك قد ملأتما رأسها بتلك الافكار السخيفة ..
قال مازن وهو يشبك اصابعه ويتنهد: والدي انها ابنتك الوحيدة بين شابين والمدللة .. وكان يجب ان تكون انت اول من يفكر في اقناعها بالرفض لا نحن.. لان هذا الزواج لن يتسبب الا في قتلها ببطء..يجب ان تكون انت اكثرنا خوفا على مصلحتها ..
هز امجد ساقه بعصبية ومن ثم قال: لم لا تفهم.. زواجها من احمد فيه مصلحتها.. فهي ستعيش في رفاهية ونعيم طوال حياتها بدلا من ان ترفض هذه الزيجة وتتسبب بخسارة للشركة ولكم ..
كان مازن يدرك جيدا ان لوالده نقطة ضعف او انه يحمل بداخل قلبه نقطة بيضاء ..حاول ان يستغلها قدر الامكان وهو يقول: تذكر جيدا يا والدي.. ا ن زواج مها من احمد.. سيتسبب في تعاسة ابنتك المدللة..ولهذا لديك الآن الفرصة لكي تمنع الما وحزنا قد تعيشه في المستقبل لو اجبرتها على الزواج بأحمد من اجل مال واملاك.. قد تخسرها جميعا في صفقة خاسرة او في حادث.. وبعدها ستخسر كل شيء.. املاكك وابناءك..
وشعر مازن انه قد اصاب الهدف عندما رأى التردد في عيني والده.. وتلك الحيرة التي ظهرت على ملامحه وجعلته يقول بعد تفكير: فرضا لو انني رفضت احمد كما قلت ولم اوافق ان يتزوج ابنتي.. فكيف يمكنني ان اتكفل بحجم الخسارة التي ستصيب الشركة وهذا المنزل ككل؟..
اسرع مازن يقول وقد اسعده تردد والده: يمكنك ان تشارك احد رجال اعمال يا والدي.. يمكنك بيع حتى سياراتنا.. لكن لا تتسبب في تعاسة مها.. ارجوك.. انها شقيقتي الوحيدة ..
تطلع له امجد بهدوء ومن ثم قال: من الغريب انك انت من يقول هذا الحديث وقد كنت دائم الشجار مع مها..
ابتسم مازن وقال وهو يحك ذقنه: شجاري معها لا يعني اني لا احبها .. بل تستطيع القول ان هذه هي طريقتي في التعبير عن حبي لها ..
تطلع له والده بصمت.. في حين قال مازن وهو يريد ان يجعل والده يتراجع عن قراره نهائيا: فكر جيدا يا والدي.. فهي ابنتك الوحيدة.. المال يذهب ويأتي.. لكن مها قد تذهب ولا تعود ..ستتحطم وتنهار ولن تعود مها التي نعرفها .. فكر في مصلحتها اولا.. وانها لو تزوجت احمد ووافقت عليه فذلك لاجلك وحدك.. فها انت ذا تراها تريد ان تضحي لاجلك بحياتها وسعادتها ..افلا تستطيع انت التضحية بمالك فقط من اجلها؟ ..
تنهد امجد ولم يعلق.. في حين تطلع مازن الى والده بنظرة عميقة قبل ان يقول مؤكدا: فكر جيدا يا والدي في تضحية ابنتك .. وحاول ان تقدم لها ما يضاهي تلك التضحية التي كانت ستحول حياتها الى شقاء وحزن دائم لأجلك يا والدي..
صمت امجد ولم يجد ما يقوله.. واكتفى مازن بأن القى نظرة على والده محاولا معرفة ردة فعله.. ثم لم يلبث ان نهض من مكانه وقال بهدوء: هذا ما جئت لاقوله لك يا والدي.. بالاذن الآن ..
قالها ونهض من مكانه .. ليتوجه نحو الباب.. وقبل ان تمتد يده لتدير مقبضه سمع والده يقول : انتظر..
التفت مازن الى والده متسائلا.. فاردف والده بابتسامة شاحبة: سأفكر بجدية في الموضوع.. وسأفعل ما اجده في مصلحتنا جميعا..
ابتسم مازن بسرور.. فمجرد تفكير والده في الامر يعني انه قد رق قلبه تجاه ابنته التي عانت الامرين من موضوع الزواج هذا .. وقال وهو محتفظ بابتسامته: بل افعل ما تراه في مصلحة مها وحدها يا والدي..
ومن ثم لم يلبث ان غادر الغرفة.. وكاد ان يتوجه الى غرفته ..لولا ان سمع اصواتا من الطابق الاسفل.. فغير وجهته الى الدرج ليهبط درجاته.. وبينما هو كذلك استطاع ان يلمح ملاك التي كانت تدفع عجلات مقعدها بهدوء متوجهة الى غرفتها .. وتابعها بنظراته حتى دلفت اليها واغلقت الباب خلفها ..
ووجد نفسه يزفر بحدة وهو يلتفت الى مها التي اقتربت منه لتصعد الدرج.. ولكنه توقف في طريقها قائلا: ماذا حدث؟..
رفعت مها ناظريها الى مازن وقالت: ماذا حدث في ماذا ؟..
تطلع اليها مازن بنظرات حادة وقال: مها .. لا تصطنعي الغباء .. اخبريني.. هل استطاع عمي اقناعها على ان تتراجع عن طلبها في الانفصال؟..
هزت مها رأسها نفيا وقالت: لست اعلم..
ارتفع حاجبا مازن بدهشة وقال: كيف لا تعلمين؟؟..
قالت مها وهي تعتدل في وقفتها قليلا : بصراحة لقد كانت متمسكة برغبتها في الانفصال حتى آخر لحظة.. لكن ...
ومن ثم لم تلبث أن وضعت كفها على درابزين السلم وهي تكمل: لكن ما ان اريتها تلك الصورة التي على خلفية شاشة هاتفك.. حتى صمتت لفترة.. وبعدها رفضت ان نتحدث اليها في هذا الموضوع.. فقد اتخذت قرارها وهي وحدها من ستتحمل نتائجه ..
شعر مازن بقلبه يخفق بقوة خوفا وقلقا من هذا القرار الذي اتخذته.. وقال وهو يتمنى لو تجيبه مها بالنفي: هل تعنين قرارها بالانفصال؟؟..
قالت مها وهي تهز كتفيها بقلة حيلة: صدقني يا مازن لست اعلم .. لقد رفضت الاستماع حتى لوالدها.. فهل ستقبل الاستماع لي انا؟..
قال مازن وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره الاسود: والعمل الآن؟؟..
التفتت مها الى حيث غرفة ملاك وقالت : يمكنك الحديث الى ملاك ان شئت .. لكي تعلم بقرارها النهائي الذي عنته..
قال مازن وهو يعقد حاجبيه: وهذا ما سافعله..
واسرع يهبط الدرجة الاخيرة من درجات السلم ويتجه نحو غرفة ملاك.. وقد اخذ شعوره بالخوف والقلق يتضاعفان في اعماقه كلما اقترب اكثر من باب غرفتها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
امسكت ندى بمضرب التنس وهي تقف استعدادا لصد الكره به.. وتحركت برشاقة وهي ترى الكرة تتجه نحو اليمين..لتصدها بمضربها بمهارة.. وتجعلها تنطلق نحو الاتجاه الآخر..
وسمعت بغتة صوتا يناديها جعلها تلتفت لصاحبته.. دون ان تنتبه الى تلك الكرة التي صدتها زميلتها بدورها واعادتها اليها ..وما ان تعدت الكرو الخط الابيض .. حتى قالت زميلتها بمرح: واخيرا .. سجلت نقطة..
شعرت ندى بالحنق في تلك اللحظة وقالت وهي تصب غضبها على الفتاة التي قامت بنادئها: اكان يجب ان تناديني في هذه اللحظة بالذات يا رشا؟.. الم يكن بأمكانك ان تصبري لدقائق فقط؟ ..
قالت رشا باسلوب اثار استفزاز ندى: في الحقيقة.. كلا ..
اقتربت منها ندى وقالت باسلوب حاد: وما الذي حدث في الكون حتى لا يمكنك الصبر الى هذه الدرجة ؟..
قالت رشا وهي ترمق ندى بنظرة ذات معنى: بل هناك ما لم يحدث ..
قالت ندى ببرود وهي تعقد ساعديها امام صدرها: لا تتحدثي بالالغاز.. ان كان هناك امر تودين قوله .. فقوليه او انصرفي ..
تطلعت رشا الى زميلة ندى التي لا تزال تنتظر وقد شعرت بالملل من توقف المباراة بينها وبين ندى.. ومن ثم عادت لتلتفت الى هذه الاخيرة وهي تقول: اريد ان اتحدث معك وحدك..
التفتت ندى الى زميلتها وقالت وهي تعيد المضرب الى مكانه: مضطرة للانصراف الآن يا رنا ..نلتقي في وقت لاحق..
وانصرفت من قسم التنس لتسير الى جوار رشا التي قالت فجأة: اين مازن؟؟..
التفتت لها ندى بحدة وقد استغربت سؤالها.. فاكملت رشا قائلة:انه لم يأتي الى النادي منذ عشرة ايام تقريبا .. فأين هو؟..
قالت ندى بحدة: وكيف لي ان اعلم.. اتصلي به واسأليه عن مكانه ..
قالت رشا وقد عقدت حاجبيها بحنق: واتظنين انني لم افعل؟.. لكن رقمه لم يعد في الخدمة.. فما الذي حدث؟..
تذكرت ندى في هذه اللحظة ان مازن قد غير رقم هاتفه .. ووجدت نفسها تبتسم بخبث وهي تقول: لقد غير رقم هاتفه ..
تسائلت رشا بدهشة: ولم فعل؟..
قالت ندى وهي راغبة في اغاظتها: لان هناك من يزعجه باتصالاته المتكررة..
قالت رشا بعصبية: من تعنين بكلامك؟..
قالت ندى وهي تتطلع اليها من رأسها حتى اخمص قدميها باسلوب مستفز: اظن ان كلامي واضح جدا..
شعرت رشا بغضب بدأ يتملك كيانها لكنها ارتدت قناع البرود امام ندى وقالت وهي تفكر في قلب اللعبة وان تغيظ ندى بدلا من ان تغيظها هذه الاخيرة: لقد فهمت الآن.. فهو بالتأكيد لا يريد لاحد ان يحدثه بعد ان تزوج من ابنة عمه واستقر معها بهدوء.. بعيدا عن ازعاج الاقارب المتطفلين..
شعرت ندى بالدم يغلي في عروقها وقالت بغضب: اقرباءه افضل منك بألف مرة .. ثمني كلماتك والا قطعت لسانك..
قالت رشا وهي مستمرة في نشر سمومها: كما وان كذبك الآن قد انكشف .. فقد قلت ان مازن يفكر بالارتباط بك .. لكن ها هو ذا قد هرب مبتعدا عنك.. وفضل عاجزة عليك ..
صرخت ندى قائلة: تبا لك.. اصمتي.. سأثبت لك الآن انه يحبني.. ويريدني انا لا تلك العاجزة..
واخرجت هاتفها باصابع ترتجف من شدة العصبية.. واخذت تبحث في قائمة الاسماء عن اسم مازن.. حتى وجدته اخيرا .. وقالت بصوت منفعل وهي تضع الهاتف في مواجهة رشا: انظري بنفسك .. انظري .. لقد منحني رقمه.. انا الوحيدة التي منحها رقمه.. لكي احدثه دائما..
ضحكت رشا ضحكة ساخرة ومن ثم قالت: وربما تكونين قد حصلت على رقمه من مها مثلا..
شعرت ندى بالحنق وازدادت من شدة قبضتها على هاتفها المحمول .. في حين اردفت رشا قائلة وهي تميل نحوها وبنظرات ماكرة: تجدين ابن عمك الآن غارق في السعادة مع زوجته .. وقد نسي كل ما يعنيك.. حتى اسمك ..
اشتعلت نار الغضب في صدر ندى.. جعلتها تدفع رشا عنها في قسوة.. وتسير بخطوات عصبية اقرب الى العدو.. متجهة الى خارج النادي..وهناك اتصلت في السائق حتى يأتي الى النادي على عجل..وتوقفت لعشر دقائق تنتظر حتى مرت سيارة السائق بجوارها.. واستقلت المقعد الخلفي وهي تقول للسائق بعصبية: لم تأخرت هكذا؟..
قال السائق وهو يواصل طريقه وكمن اعتاد اسلوب ندى الحاد: المعذرة آنستي.. ولكن الشوارع كانت مزدحمة..
لم ترد ندى الاستمرار في هذه المناقشة العقيمة..فآثرت الصمت وهي تتطلع من النافذة.. وفي تلك اللحظة سألها السائق قائلا: لم تخبريني يا آنستي.. الى اين تريدين ان اوصلك؟..
قالت ندى وهي تتطلع من نافذة السيارة: منزل عمي امجد..
من جانب آخر كان مازن يطرق باب غرفة ملاك بطرقات متتابعة وهو يأمل ان لا تكون قد اقفلت الباب خلفها والا فلن يتمكن من الدخول الى الغرفة..
وجاءه صوت ملاك وهي تقول متسائلة: من؟..
لم يجب مازن .. بل ادار مقبض الباب .. وعندها تنهد بارتياح عندما وجده مفتوحا.. واطل بجسده من الباب وهو يقول بابتسامة: انا ..
التفتت له ملاك بسرعة وحدة.. ومن ثم لم تلبث ان قالت وعلامات الضيق قد ظهرت على وجهها: ما الذي جئت تفعله هنا؟..
انقبض قلب مازن امام الضيق الذي بدا على وجهها عندما رأته .. لكنه قرر المضي في ما جاء لأجله.. وان يناقشها في قرارها.. ويجبرها على ان تغير رأيها وقرارها ان تطلب الامر ..
وابتسم بمرح مفتعل وهو يدلف الى الغرفة ويقول:جئت لكي اسأل عن زوجتي.. اخبريني.. كيف كانت تدريباتك اليوم؟..
تطلعت له ملاك بنظرات حادة ومن ثم قالت بعصبية: لم اعد زوجتك.. سأنفصل عنك في القريب العاجل..
حاول مازن الا يبدي غضبه تجاه هذا الامر وان يستخدم اسلوب آخر قد يجعل قلب ملاك يرق تجاهه.. ويجعلها تسامحه.. وقال وهو يتقدم منها بابتسامة: وتتركين زوجك وحيدا بدونك؟.. كيف سيمضي يومه دون ان تكون ملاك بجواره؟..
كورت ملاك قبضتيها في غضب وقالت بحدة: لا يهمني أي شيء يعنيك.. المهم ان تخرج من حياتي..يكفي الالم والحزن الذي تجرعته بسببك..
تقدم مازن منها اكثر ومن ثم قال وهو يتأمل ملامح وجهها: لا تكوني قاسية هكذا.. والدك الذي لم يعرفني بشكل جيد غفر لي خطأي وسامحني على ما فعلته عندما استمع الي.. وانت التي اعتبرك اقرب الناس الي.. ترفضين ان تصفحي عني..
اشاحت ملاك بوجهها عنه وقالت بقهر: ابي لم تنهن كرامته بسببك..لم يجرح بسبب خيانتك.. لقد فكر في حججك واعذارك.. ونسي ان لي كرامة ومن حقي ان اتخذ القرار الذي اراه مناسبا..
هبط مازن الى مستواها وقال برحاء: قرارك ليس مناسبا ابدا يا ملاك .. ان كان بالنسبة لك.. فبالنسبة لي لا.. لقد احببتك ..عشقت ملامحك.. عشقت صوتك.. اصبحت مصدر السعادة لي في هذه الدنيا.. لا استطيع يا ملاك ان اتركك ترحلين عني .. ارجوك.. تذكري كل ما كان بيننا من لحظات سعيدة.. وانسي ماض ولى ولن يعود..
تسائلت ملاك بعينين دامعتين وهي تلتفت له: اتحبني حقا؟..
اسرع يمسك كفيها ويقول بابتسامة واسعة: الحب كلمة بسيطة على ما اشعر به تجاهك.. لقد اصبحت جزءا من كياني يا ملاك ..
هتفت ملاك قائلة بصوت باكي: اذا طلقني..
ترك مازن كفيها كردة فعل من ما قالته.. توقع عندما سألته عن مشاعره تجاهها.. انها قد بدأت تسامحه.. لكن يبدوا ان الصدمة قد انستها كل شيء.. ولم تعد ترى الا اخطاءه.. والعذاب النفسي الذي عاشته بسببه..
وقال مازن في تلك اللحظة وهو يحاول ان يستحثها على تغيير رأيها: ملاك لا تتسرعي.. انا متمسك بك حتى آخر يوم في عمري .. فكري جيدا قبل ان تتخذي قرارا كهذا.. لو انفصلنا فلن اراك ولن ترينني بعد الآن..
ومع ان قلب ملاك كان يرفض هذا الامر ويستنكره بشدة.. ومع ان قلبها كان يهتف بها ان تسامح مازن وتغفر له.. لتعيش بقربه الى الابد.. الا ان عقلها رفض تخاذلها هذا .. وجعلها تقول ببرود: افضل..
اتسعت عينا مازن بذهول .. الى هذه الدرجة اصبحت تكرهني .. الى هذه الدرجة لم اعد اعني لها أي شيء.. هل من الممكن ان يتحول الحب والمشاعر الجميلة التي كانت تربطهما يوما الى كره؟..
ووجد مفسه يتطلع الى ملاك بغير تصديق وكأنه ينتظر منها ان تخبره بشيء آخر غير الذي سمعه.. وقالت ملاك في تلك اللحظة وهي تشير باتجاه الباب: والآن غادر الغرفة.. لم اعد اريد ان اراك ..
في هذه اللحظة فقط انتبه مازن الى كفها.. والى ان خاتم الخطوبة لم يعد يحتل اصبعها.. ووجد نفسه يمسك معصمها بغتة.. ويقول بعصبية: اين خاتم الخطوبة؟؟..
ارتبكت ملاك امام عصبيته المفاجأة .. لكنها لم تلبث ان تمالكت نفسها وهي تقول بصوت حاولت ان تجعله لامبالي قدر الامكان: لم اعد بحاجة اليه..
هتف مازن بانفعال وقد شعر بالغضب لكل ما تفعله ملاك: ماذا؟؟..
خفق قلب ملاك بخوف وقالت وهي تحاول التظاهر بالقوة على الرغم من ارتباكها: اجل لا احتاجه.. فكل ما بيننا انتهى ..
ترك مازن معصمها بخشونة وقال بحدة: ذلك ابعد من النجوم عنك .. لم ينتهي شيء ولن ينتهي ابدا..
قالت ملاك بعد ان استجمعت شجاعتها: ليس من حقك فرض نفسك على فتاة لا تريدك..
قال مازن بغضب وهو ينهض واقفا: بل انا احاول ان اقف صامدا امام حماقتك التي لا تنتهي..
ومن ثم اردف قائلا بصرامة: ولقد قلتها ذات مرة وسأعيدها على مسامعك.. انت ستكونين لي وحدي.. لن انفصل عنك مهما فعلت..
واستدار عنها مغادرا الغرفة قبل ان تطول المشادة بينه وبين ملاك لأكثر من ذلك..وما ان وصل خارجها حتى كور قبضته بغضب.. وقد شعر بالامل الذي كان يتمسك به يتلاشى.. ملاك لن تسامحه.. وحتى والدها الذي كان يتأمل منه ان يقنعها .. لم يستطع ان يأثر على قرارها.. فماذا عساه ان يفعل الآن؟ .. وقد يأتي اليوم الذي يقف خالد بجوار ابنته.. ويطلب منه ان يفصل عنها ...
تنهد بألم ومن ثم سار باتجاه الدرج بخطوات بطيئة و...
(مازن)
التفت مازن الى صاحبة الصوت ومن ثم ارتفع حاجباه باستغراب وهو يقول: ندى..
اقتربت منه ندى وقالت بعصبية: اجل ندى.. لم انت مستغرب هكذا؟..هل وجودي غير مرحب فيه ؟..
قال مازن بابتسامة: ولم تقولين هذا؟.. اجلسي.. سأنادي مها لك.. لــ...
قاطعته ندى قائلة بحنق: لم آتي لأجل مها.. بل جئت من اجلك انت ..
استغرب مازن من عبارتها وقال وهو يشير الى نفسه: لاجلي انا؟؟ ..ما الذي تعنينه بقولك هذا يا ندى؟..
قالت ندى بحدة وهي تتجاهل الاجابة على سؤاله: ما الذي اصابك يا مازن؟.. كيف تمكنك تلك العاجزة من تغييرك على هذا النحو؟.. لم يعد احد يراك..ولم تعد تهتم بأحد.. وانا التي كنت انتظر اليوم التي تلتفت فيه الي.. في النهاية اجدك تتجاهل حتى مكالماتي.. لم تفعل هذا بي يا مازن؟.. لم؟.. الا تعرف اني رفضت العديد ممن جاؤوا لخطبتي من اجلك وحدك؟ .. لقد كنت انتظرك انت.. وفي النهاية تزوجت تلك العاجزة ولم تعد تلتفت لي انا.. انا التي احبك اكثر من أي فتاة اخرى..
تطلع لها مازن باستنكار.. استنكر كلماتها التي تهين فيها ملاك.. استنكر ملاحقتها لرجل متزوج.. استنكر تصرفها هذا وكأنها هي من تعرض نفسها عليه وتطلب منه ان يتزوجها..
وتطلع اليها باحتقار ليقول بصوت صارم: الا تخجلين من نفسك يا ندى؟.. انا رجل متزوج الآن ..هذا اولا.. وثانيا لو كنت اريدك لجئت لطلب يدك من تلقاء نفسي .. لا ان تأتي انت الى هنا وتعرضي علي نفسك كالسلعة الزهيدة الثمن..
قالت ندى وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: كل هذا لاجلها .. لاجل تلك العاجزة.. تركتنا جميعا لأجلها..
ومن ثم اردفت بانفعال: انت لست مازن.. كيف تقبل على نفسك ان تتزوج عاجزة مثلها؟.. كيف ستعيش مع فتاة لا تسير على قدميها كباقي البشر؟.. اتقبل على نفسك ان تقدمها للناس وتقول انها...
اتعرفون ماذا يمكن ان يحدث ان ازداد الضغط على انسان ما؟..وهو يستمع الى شخص امامه يقلل من شأن احب الناس على قلبه.. قد يحاول ان يمسك اعصابه مرة واثنتين وثلاث.. لكن بعدها سيحدث الانفجار الذي لا يمكن لاحد ردعه..
وهذا ما فعله مازن.. عندما وجد نفسه يريد اصمات ندى بأي وسيلة ومحاولة ايقاف سيل الكلمات السامة التي تنطق بها.. ولهذا فقد وجد نفسه يرفع كفه ليهوي بها بصفعة قاسية على وجه ندى.. ندى التي تطلعت له بصدمة وبعينان متسعتان على آخرهما وقد كان تصرفه هذا آخر تصرف توقعته من مازن الذي تحب..
اما مازن فقد قال وهو يتطلع الى ندى بغضب: كفى.. لا اريد سماع المزيد.. ملاك افضل من عشرة من امثالك.. ان كان الله قد حرمها نعمة السير.. فقد حرمك انت نعمة التفكير.. ملاك التي تتحدثين عنها اطهر وانقى مخلوقة يمكن ان تقع عيناك عليها..قلبها المحب للناس الذي لا يعرفه امثالك.. وبراءتها التي تسحر أي شخص يقف امامها.. ملاك تستحوذ على أي شخص برقتها وبراءتها وبنقاء قلبها.. وانت.. وانت يا من تتحدثين عن الحب.. اتعرفين ما هو الحب من الاساس؟.. اتعرفين معنى ان تحبي شخصا ما؟.. وكيف لك ان تعرفيه وانت لا تتطلعين الى الناس الا بأنانية..تفكرين بنفسك فقط وبمظهرك امام الناس .. تريدين ان تحصلي على كل شيء وغيرك لا شيء.. اخبريني يا من تقولين انك تحبيني.. هل شعرت يوما بالغيرة علي؟.. لقد كنت ترينني مع عشرات الفتيات.. ولم تهتمي لذلك ابدا .. كنت تظنين انني في النهاية سأتقدم لخطبتك وسأكون لك..ولهذا لا يهمك ان سرت مع هذه او ضحكت مع تلك .. هل هذا هو ما تسمينه حب يا ندى؟..
الذهول كان يطغى على ملامح ندى وتلك الكلمات تخترق اذنها كطلقات الرصاص جعلها لا تقوى على نطق أي حرف.. ولم تعد تعرف ان كان مازن من يقف امامها ام انه شخص آخر ..
ومازن الذي واصل مكملا وهو يلتقط انفاسه: وملاك.. تلك التي كل ذنبها في الحياة هي انها عاجزة.. تقللين من شأنها لأنها لا تسير.. تظنين انها ليست بشر ومن حقها ان تعيش ..كل ما يهمك هو نفسك.. وان تحصلي على كل شيء حتى وان كان على حساب غيرك..
تلاشى الذهول من على ملامح ندى ليحل محله الغضب والشعور بالاهانة.. ورفعت كفها الى وجنتها لتقول بانفعال: كيف تسمح لنفسك بقول مثل هذا الكلام لي؟.. بل كيف تتجرأ وتضربني؟.. انا ندى ابنة عادل..تفعل هذا بي!.. لقد ظننتك انسان متفتح لكن في النهاية وجدتك انسان متوحش.. يظهر قوته على الفتيات..
شعر مازن انه قد اخطأ حقا عندما ضربها.. لكن ذلك قد حدث بالرغم منه وهو يراها تسخر من ملاك وتهزأ بها..وقال وهو يحاول تمالك اعصابه: لم اقصد ان اضربك.. ولكن سخريتك من ملاك جعلني افعل ذلك بالرغم مني..
تطلعت ندى له بنظرات غاضبة .. ثائرة.. وقالت بغضب وعصبية: انت من سيخسر.. انت من ستندم.. لانك فضلت علي فتاة مثل ملاك..سيأتي يوم وتنفصل عنها لانها لا تناسبك .. وعندها ستعود الي.. لكني لن اقبل بك.. ولن اهتم..
ابتسم مازن ابتسامة ساخرة وقال: اعود الى من؟.. من تظنين نفسك؟.. اخشى انك زوجتي ولا اعلم..
شعرت ندى بغضبها يتضاعف مع سخريته.. ورمقته بنظرة باردة قبل ان تنصرف من المكان.. ومازن يتابعها بنظرات استهزاء.. ومن ثم لم يلبث ان التفت الى غرفة ملاك وقال وهو يتنهد: فقط لو تفهمين يا ملاك.. ان لا احد يشغل ذهني وقلبي سواك ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هناك في ذلك المنزل الكبير والفخم.. والذي يتكون من ثلاث طوابق..وخلف احد ابواب تلك الغرف.. كان يجلس احمد على احد المقاعد الموجودة بغرفته.. وافكاره تتجه الى مها..لقد ارسل لها العديد من الرسائل لكنها لم تجب على أي منها.. واتصل لها مرات عديدة.. وفي كل مرة كانت ترفض المكالمة.. لكنها حتما ستجيب عليه عندما تشعر بالملل..
والتقط هاتفه وهو يبتسم بسخرية قائلا: فلنرى الى متى يمكنك الصمود يا خطيبتي العزيزة..
وعاد ليتصل بها.. واستمع الى الرنين المتواصل.. وكاد ان يفقد امله في ان تجيبه.. لكنه سمع صوت رجولي يقول بغتة: من؟..
استغرب احمد في البداية.. لكنه كان متأكد من انه لم يخطأ في الرقم .. فهل غيرت مها رقم هاتفها يا ترى؟.. وقال متسائلا: هل مها موجودة يا سيد؟..
قال الشاب بسخرية: اجل.. ولكنها لا ترغب في الحديث اليك.. لهذا لا تتصل مرة اخرى واحفظ ما تبقى من ماء وجهك ..
عرف احمد هذه المرة صاحب الصوت وقال بحدة: لا شأن لك انت لتتدخل يا حسام.. اريد ان اتحدث الى خطيبتي..
قال حسام باستهزاء: وقريبا ستكون خطيبتك سابقا.. لهذا اخبرك ان تبتعد عنها منذ الآن.. لأن الفتاة لم تعد تريدك ..وانصحك ان تبحث عن غيرها لتلعب معها لعبة التهديد تلك..
قال احمد بغضب وهو يشد من قبضته على هاتفه:قلت.. اعطي الهاتف لمها..
قال حسام ببرود: سأعطيه لها.. ليس خضوع لاوامرك التافهة .. بل لكي تتأكد بنفسك انها لم تعد تريد شاب حقير مثلك ..
من ثم رفع حسام رأسه الى مها التي تجلس في مواجهته في كفتيريا النادي.. وقال وهو يسلمها الهاتف: اخبريه انك لم تعودِ تريدينه ومن ثم انهي المكالمة.. لا تضيفي أي حرف آخر..
ابتسمت مها وقالت بمرح: امرك سيدي..
ومن ثم اجابت على احمد لتقول ببرود: اهلا..
اندفع احمد يقول بعصبية: اياك وان تمنحي هاتفك لابن خالك ذاك مرة اخرى..
قالت مها بدهشة مصطنعة: حقا؟.. ومن تكون انت حتى تأمرني ؟..
قال احمد بعصبية اكبر: خطيبك.. ام انك نسيتِ بهذه السرعة؟ ..
قالت مها بابتسامة ماكرة: انه موضوع يستحق النسيان حقا..
قال احمد بغضب متجاهلا عبارتها: ثم ماذا يفعل ذاك الشاب عندك؟ ..
قالت مها ببرود: هذا ليس من شأنك.. واظن ان حسام قد اخبرك اني رافضة لأن اتزوج بك.. وهذا يعني ان الخطبة كلها قد انتهت عند هذا الحد..
قال احمد بانفعال وهو يهب من مقعده واقفا: ماذا تقولين؟.. اتظنين ان الامر لعب اطفال؟.. الم توافقي امامي وامام والدي؟.. كيف تغيرين رأيك الآن.. وتقولين بكل بساطة انك رافضة لهذا الزواج..
قالت مها بحدة: لاني كنت مرغمة على الزواج بك وقتها.. من اجل والدي.. اما الآن.. فقد تفتح بصري على اشياء جديدة ..
- لن يمكنك الرفض يامها.. لن يمكنك.. والدك بنفسه لن يقبل بهذا الامر.. وستتزوجيني بالرغم منك..
شعرت مها بالحنق من كلماته وقالت بعصبية: في احلامك..
وانهت المكالمة بلا مبالاة بأحمد الذي على الطرف الآخر ..وقد شعر هذا الاخير بالغضب يسيطر عليه وقال بعصبية: ستندمين يا مها.. وسترين اني سأتزوجك بالرغم منك.. فوالدك لن يستطيع التخلي عن شركته لاجلك.. وسيأتي اليوم الذي تتروجيني فيه..وقريبا جدا..
وعاد ليجلس على مقعده وافكاره تأخذه يمنة ويسرة.. فماذا يفعل الآن؟.. لو اخبر والده برفض مها.. سيقول له انها وافقت امامنا جميعا.. ولن يمكن لعمه امجد ان يتراجع عن هذا الزواج وهو يتعلق بمصير شركته واملاكه..
اجل بالتأكيد لن يمكنها فعل شيء بعد ان وافقت.. وستتزوجني بالرغم منها.. ان آجلا او عاجلا.. فقط انتظري يا مها..
وعلى الطرف الآخر.. وفي كفتيريا النادي بالتحديد قال حسام وهو يتطلع الى مها بطرف عينه: لقد طلبت منك ان توضحي له بانك رافضة لهذا الزواج فحسب.. لا ان تطيلي في الكلام معه وتروي له قصة حياتك..
ابتسمت مها بمرح وقالت: لا تسئ الظن بي.. لم اتبادل معه سوى عبارتين ..
قال حسام وهو يصطنع الغضب: كانت عبارة واحدة تكفي ..
ضحكت مها على اسلوبه في قول العبارة..في حين تطلع حسام اليها بحنان ومن ثم همس قائلا: اشتقت اليك بأكثر مما تتصورين يا مها..
خفضت مها عينيها بخجل وقالت: لقد كان افظع كابوس عشته في حياتي في الايام التي مضت وانا بعيدة عنك..
اخرج حسام نصف القلب من جيبه وقال وهو يتذكر لحظات معاناته السابقة: لقد كنت اظن ان الحلم الذي حلمناه سويا لن يتحقق ابدا..وان الحب لم يعد يكفي لتحقيق المستحيل هذه الايام ..
قالها ووضع نصف القلب على الطاولة التي بينهما..فقالت له بابتسامة: لكننا كنا مخطئين .. فالحب وحده من يمكنه تحقيق المعجزات..
قالتها واخرجت نصف القلب الآخر من حقيبتها.. ووضعته على الطاولة.. لتدفعه قليلا ليلتصق بالنصف الاول.. وقالت مبتسمة وهي تتطلع الى حسام: هكذا هو حبنا يا حسام.. فمهما افترقناوابتعدنا .. ومهما حدثت من مشاكل .. مصيرنا ان نلتقي من جديد.. ليجمع الحب بين قلبينا الى الابد..
تطلع حسام الى عيني مها بحب وقال وهو يتمسك بكفها: لن اتركك بعد الآن ابدا يا مها.. سأحارب الدنيا من اجلك.. ومن اجل حبنا .. وسنثبت للعالم كله ان الحب يستطيع تحقيق مالم تحققه الاموال والاملاك..يستطيع تحقيق السعادة لاثنين.. ليكونا معا الى ابد الدهر ..
ارتجفت كف مها بين انامل حسام التي تحتضن كفها .. وتطلعت اليه بحب.. وبادلها هو بنظرات هيام وعشق ووله.. وتمنيا لحظتها ان لا يلعب القدر لعبته معهما من جديد..وان لا يحاول التفريق بينهما بعد ان اجتمعا اخيرا.. فقد اكتفيا آلاما وحزنا .. ويريدان ان يشعرا بطعم السعادة منذ هذه اللحظة والى الابد..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اغمض مازن عينيه بارهاق وهو يجلس خلف ذلك المكتب في شركة عمه خالد.. كان ارهاقه نفسي اكثر من كونه جسدي.. لقد تعب من موقف ملاك تجاهه..تعب من صدها له.. تعب من نظرات الكره التي توجهها له.. انه معترف بأنه قد اخطأ ولكنه حاول ان يغير من نفسه لاجلها.. حاول ان يصلح اخطاءه.. لقد احبها بكل مشاعره.. وكل نبضة من نبضات قلبه تشهد على ذلك..فلم تتخلى عنه الآن بعد ان احبها واصبحت جزء من حياته؟.. لم تريد ان تبتعد عنه بعد ان امتلكت قلبه وروحه وكيانه؟..
كان يأمل حقا في ان يتغير موقفها تجاهه.. يا الهي.. يكفي عذابا.. يكفي الما وحزنا وشقاءا.. لقد عرفت خطاي .. عرفت ان الناس ليسوا باموالهم او صحتهم او جمال ملامحهم .. الناس بجوهرهم ونقاء نفوسهم..ليس من حقه ان ينتقص انسانا مادام الله قد ابتلاه في صحته او ماله.. بل عليه ان يقدم له يد العون وقبل كل هذا الاهتمام الصادق الذي يشعره انك حقا راغبا في ...
(سيد مازن)
فتح مازن عينيه فجأة على صوت السكرتيرة وقال وهو يتنهد ويعتدل في جلسته: اجل .. ما الامر؟..
وضعت الملف على مكتبه وقالت بقلق: عميلنا في فرنسا.. يرفض اتمام الصفقة بعد ان اتفقنا معه وارسلنا له البضاعة.. وهذا قد يتسبب في خسارة الشركة لعشرة في المائة من ميزانيتها..
ظهر القلق والاهتمام على وجه مازن وقال بتوتر:وما الذي يمكنني عمله؟..
- السيد خالد كان في هذه الحالة يسافر الى شركة العميل ويحاول ان يتفق معها بشتى الطرق.. محاولا تخفيض سعر ارسال البضائع.. او تقديم عروضا مغرية..
تنهد مازن وقال: اذا فالحل الوحيد هو ان اغادر البلاد واتجه الى شركة عميلنا لكي اقنعه بقبول الصفقة..
اومأت السكرتيرة برأسها وقالت: وستجد عنوان الشركة وكل ما يخصها في هذا الملف..
قال مازن وهو يلتقط الملف: حسنا اذا سأغادر الشركة الآن.. والغي جميع المواعيد لظروف طارئة..
- كما تريد يا سيد مازن.. هل تريد شيئا آخر؟..
- لا.. يمكنك الانصراف..
انصرفت السكرتيرة من مكتبه.. وما ان فعلت حتى نهض مازن من خلف مكتبه.. والتقط سترته المعلقة على المقعد.. ..اسرع يرتديها ويلتقط مفاتيحه ليضعها في جيب سترته.. ومن ثم التقط حقيبته السوداء.. ليضع فيها ملف الصفقة.. واهم الاوراق اللازمة التي سيحتاجها لاتمام الصفقة..
واسرع يغلق الحقيبة..ومن ثم يغادر مكتبه بخطوات سريعة.. وقال متحدثا للسكرتيرة على عجل: اتصلي بأحد شركات الطيران.. وحاولي ان تعثري على أي رحلة مغادرة الى فرنسا اليوم ..
اومأت السكرتيرة برأسها.. في حين اسرع مازن يغادر المكان.. ومن ثم يستقل المصعد الى الطابق الارضي.. ليغادر الشركة بأكملها..
وسار بين مواقف السيارات حتى وصل اخيرا الى حيث سيارته .. ليستقلها وينطلق بها بين شوارع المدينة..
كان يدرك جيدا ان عليه ان يغادر البلاد.. لمدة غير معروفة .. من اجل اتمام صفقة تعني شركة عمه خالد.. وعليه ان يتمها .. ليس من اجل ان هذه الشركة هي شركة عمه خالد والد ملاك.. بل لانه احب العمل في هذه الشركة حقا.. ولا يريد لها ان تخسر ولو قطعة نفدية واحدة..
وتوقف اخيرا بسيارته بجوار منزله.. ليهبط منها ويدلف الى المنزل الذي كانت ردهته خالية من أي شخص..ولم يشغل هذا الامر باله وهو يصعد الى غرفته.. ومن ثم يخرج حقيبة السفر من اسفل فراشه.. ليضعها على هذا الاخير.. وهو يفكر في هذه الرحلة المفاجأة التي ستأخذه الى مكان لا يعرف عنه الا اقل القليل.. وهناك هدف واحد يتوجب عليه تحقيقه.. وعليه ان يكون اهلا لادارته لتلك الشركة..
ودس اصابعه بين خصلات شعره وهو يرمي بنفسه ليجلس على طرف الفراش.. لا تزال لديه هنا العديد من المشاكل التي لم يجد لها حلا بعد.. مها.. ملاك.. والده.. لا يريد ان يسافر ويترك الاوضاع على ماهي عليه..يريد ان يغادر البلاد وهو مطمئن لكل ما سيحدث.. لكنه في هذه الحالة.. قلبه لن يطئن على مصير مها.. او مصيره هو مع ملاك..
وفتح باب غرفته فجأة لتطل منه مها وهي تقول باستغراب: لقد ظننت في البداية اني كنت اتخيل عندما سمعت صوت باب غرفتك يفتح.. فالوقت لا يزال مبكرا على عودتك من الشركة ..
وبدلا من ان يجيبها مازن.. ارتفع صوت رنين هاتفه.. فالتقطه وهو يجيبه قائلا: اهلا.. اخبريني ماذا حدث بشأن الحجز؟... بعد اربع ساعات فقط!... لا بأس... الا يوجد حجز آخر؟ ... فليكن ما باليد حيلة... شكرا لك.. الى اللقاء ..
ارتفع حاجبا مها بدهشة ودلفت الى الغرفة وهي تقول: عن أي حجز تتحدث يا مازن؟..
رمى مازن بالهاتف الى جواره وقال وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره بتوتر: سأسافر قريبا..
قالت مها باستنكار: ولماذا؟..
ابتسم مازن وقال: لا تظني ان الامر سياحة او من هذا القبيل .. سأسافر في عمل.. لاتمام صفقة تخص شركة عمي خالد..
قالت مها بقلق: والى اين ستسافر؟.. ومتى؟.. وكم من الوقت ستقضيه هناك؟..
قال مازن بهدوء: الى فرنسا.. بعد اربع ساعات من الآن.. ولا اعرف كم من الوقت سأبقى هناك.. فالامر يعتمد على العميل الذي يرفض اتمام الصفقة.. وسأحاول معه قدر الامكان حتى يقبل بها..
ظهر الضيق على وجه مها وقالت : سنفتقد وجودك بالمنزل.. لم نعتد ان تتركنا يوما ابدا..
قال مازن الذي اراد ان يغير من هذا الموضوع الذي يسبب له الضيق هو ذاته: بل اظنك سوف تشعرين بالسعادة بعد ان تتخلصي من مضايقاتي وسخريتي الدائمة..
قالت مها التي لا تزال تشعر بالضيق على فراق مازن القريب: لكن بعد اربع ساعات وحسب.. لن نجد الوقت لنودعك حتى ..
نهض مازن من مجلسه وقال بابتسامة: تودعوني؟.. لم ؟..هل سأغيب عنكم لسنين؟.. الامر لن يتجاوز يومين او ثلاثة على الاكثر..
قالت مها بابتسامة باهتة: اتمنى ذلك..
قال مازن وهو يسير باتجاه خزانته ويفتح بابها: اذا ..هل لي بمطلب اخير قبل ان اذهب؟..
اسرعت مها تقول: بكل تأكيد..
التفت لها وقال بابتسامة: ساعديني على انتقاء ملابس للرحلة..
قالت مها بمرح مفتعل: هذا ما تريده فقط؟.. حسنا.. سترى الآن ذوقي في اختيار الملابس..
قالتها واتجهت الى خزانته بدورها لتنتقي له ملابسه.. وكلما كانت تضع قميصا او بنطالا في الحقيبة .. كانت تشعر بحزن على سفر مازن المفاجئ.. لم تعتد ان تتناول طعام الغداء او العشاء دون ان يكون هو موجودا.. ويسخر من طريقة تناولها للطعام.. او من ملابسها او حتى من طريقة كلامها.. وعلى الرغم من شعورها بالغيظ لكل ما يفعله بها.. الا انها لا تستطيع ان تنكر بأنه قد فعل الكثير لاجلها.. لقد وقف بجوارها دائما وساعدها في كل مشكلة تقع فيها.. وها هوذا مؤخرا قد انقذها من ان تتزوج احمد..
وتنهدت بحزن وهي تراه يغلق الحقيبة ..وقالت بألم: ستغادر الآن.. لا يزال الوقت مبكرا ..
تطلع مازن الى ساعته ومن ثم قال: سأسلم عليكم ومن ثم سأغادر من هنا الى شركة الطيران لتأكيد الحجز.. وهذا كله سيستغرق وقتا طويلا..
قالت مها وهي تشعر بغصة في حلقها: سأشتاق لك..
ابتسم لها وقال وهو يدفع جبينها باصبعه: وانا ايضا سأشتاق لك يا ايتها المزعجة..
قالها وحمل حقيبته ليسير بخطوات هادئة وهو يغادر الغرفة.. واسرعت مها تسير الى جواره وهي تقول برجاء: اتصل بي عندما تصل..
قال مازن وهو يومئ برأسه: حسنا..
اردفت مها قائلة: وحاول ان تتصل بنا يوميا لنطمئن عليك..
قال مازن وهو يهبط درجات السلم: حسنا..
قالت مها وهي تهبط بجواره درجات السلم: واهتم بنفسك جيدا..
قال مازن وهو يلتفت لها وبابتسامة واسعة: حسنا..
وهبط الدرجة الاخيرة ليقول: سأذهب لكي اسلم على والدي قبل ان انــ...
(مازن.. هل ستسافر؟)
التفت مازن الى شقيقه كمال ناطق العبارة السابقة واومأ برأسه قائلا: اجل.. انه امر يتعلق بالشركة.. وجيد اني قد رأيتك قبل ان اغادر..
قال كمال متسائلا: شركة عمي خالد؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم التفت الى مها ليقول: لقد نسيت ان اخبرك يا مها.. لقد حدثت والدي في موضوع رفضك لأحمد .. ورغبتك في ان ترتبطي بحسام.. ووعدني ان يفكر في الموضوع..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي مها وهي تقول بلهفة: حقا؟ ..
عاد ليومئ برأسه ايجابيا وعلى شفتيه ابتسامة جذابة.. ومن ثم التفت الى شقيقه كمال الذي اقترب منهم وقال : وانت يا كمال .. اترك مها وملاك امانة في عنقك.. حاول ان تقنع والدي برفض احمد نهائيا.. فعندما اعود من فرنسا.. اريد ان احضر حفل خطوبتها على حسام..
ابتسم له كمال وقال بهدوء: ثق بي..
ابتسم مازن بدوره.. ومن ثم قال وهو يتطلع الى مها بعنين راجيتين: لم اكن اريد ان انصرف والعلاقة بيني وبين ملاك متوترة الى هذه الدرجة.. اعرف ان ليس بيدك فعل شيء.. ولكن حاولي معها.. حاولي ان تجعليها تتراجع عن قرار الانفصال.. ارجوك يا مها..
قالت مها بصوت مختنق وقد ترقرقت الدموع في عينها بالرغم منها: سأحاول..
التفت مازن الى غرفة ملاك في تلك اللحظة وقال: سأذهب لكي اسلم عليها هي الاخرى..
لم تعلق مها او كمال بشيء.. واكتفيا بالصمت وهما يرون مازن يتجه بخطوات سريعة الى غرفة ملاك.. في حين طرق مازن الباب في تلك اللحظة ومن ثم فتح الباب على الفور ليدلف الى داخل الغرفة..
وملاك التي كانت تقرأ احد الكتب.. التفت الى من فتح الباب .. وعندما وجدت انه مازن.. عادت لتلتفت عنه وتواصل قراءة الكتاب الذي بين يديها.. وتقدم منها مازن وقال بهدوء: جئت لكي اراك قبل ان اسافر..
تجمدت نظرات ملاك على السطور التي امام عينيها.. يسافر؟ .. الى اين؟.. ولماذا؟.. ومتى؟..وكم سيغيب هناك؟ .. كانت كل تلك التساؤلات تشغل ذهنها.. لكن احدها لم يقفز على شفتيها واكتفت بالصمت.. في حين قال مازن مردفا وهو يضع كفيه في جيبي سترته: اعلم انك لا تزالين تشعرين بالغضب مما حدث.. واعلم انك تشعرين ان هذا يعد اهانة لكرامتك.. لهذا لم ارد ان اسافر في مثل هذه الظروف .. ولو لم تكن هذه الرحلة تتعلق بالعمل لما ذهبت وتركتك ..
رفعت ملاك عينيها اليه.. كانت تريد ان تقول له " لا تتركني وترحل ارجوك.. ابقى معي..انا احتاجك.. احتاجك يا مازن والآن بالذات.. مشاعري متخبطة.. ولم اعد اعرف ما اريده.. قلبي يهتف بحبك.. ولكن عقلي لا زال يرفض فكرة ان اسامحك على ما فعلته بي..لهذا لا تتركني ارجوك.. اريد ان اراك اطول فترة ممكنة.. فربما بعدها سيتم الانفصال بيننا ولن اراك ابدا"..
اما مازن فقد اقترب منها اكثر و مد كفه اليها ليقول بابتسامة شاحبة: الن تسلمي علي حتى؟..
كانت نظرات ملاك جامدة.. لا تعرف ماذا تفعل حقا تلك اللحظة.. لا تعرف ان كانت تريد ان تصرخ في وجهه وان تهتف به ان لا يرحل.. او ان تودعه بمشاعر دافئة.. او ان تكتفي بسلام بارد ..
وتوترت نظراتها امام نظرات مازن الحانية التي يوجهها.. لكن يدها ابدا لم ترتفع لتسلم عليه.. فقال مازن بابتسامة مريرة وهو يعيد كفه الى جواره: حتى السلام استكثرته علي يا ملاك؟؟..
ومن ثم اردف قائلا وهو يميل نحوها ويطبع قبلة دافئة على جبينها: سا محيني يا ملاكي.. ارجوك سامحيني على ما سببته لك.. لم ارد ان اكون سببا في تعاستك او حتى ضيقك.. وصدقيني كان سبب رفضي لهذا الزواج في البداية هو اني لم ارد ان اخدعك .. كنت اعلم أي حزن ستشعرين به لو علمت بالحقيقة.. لكني تزوجتك في النهاية من اجل حمايتك من احمد وحماية املاكك واملاك والدك ..وبعدها عرفت معك اجمل ايام حياتي.. وعرفت معنى الحب.. ومعنى ان احمل الحب لشخصا ما.. سأشعر حينها بشعور من يولد من جديد.. وبدأ حياة جديدة.. مع فتاة احلامه..
تمنى مازن لحظتها لو تجيبه ملاك بعد كل ما قاله.. لكن ملاك قد اطرقت برأسها واكتفت بالصمت المتواصل.. فتنهد بحرارة.. وقال بصوت حاني: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. سأشتاق اليك كثيرا..
واردف بهمس يحمل الكثير من المرارة وهو يتطلع بكل حواسه الى هذا الملاك الصامت الذي يجلس امامه .. كأنما يريد حفر صورتها في ذهنه قبل ان يغادر: الوداع..
قالها مازن وسار بخطوات بطيئة وهو يهم بمغادرة المكان.. وكأنه يجر قدميه جرا ليغادر غرفة ملاك.. اما ملاك فقد رفعت رأسها في تلك اللحظة فقط.. رفعته بعد ان امتلأت عينيها بالدموع وسالت على وجنتيها لتتساقط على كفها بكل الم وحزن ومرارة.. وهي تشعر ان حلمها قد تحقق بحذافيره امام ناظريها في هذه اللحظة.. فها هو مازن يغادر الآن ويتركها بعد ان منحها املا بأنها ستسير على قدميها من جديد.. وقلبها الذي يريده ان يبقى بجوارها يهتف به " لا ترحل" ..اما عقلها الذي يتمنى رحيل من اهان كرامتها وطعن قلبها بخيانته .. فلم يكن يريد الا رحيله ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 08:12 AM   #56 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الجزء الأخير
"...."

تصفح خالد الصحيفة للمرة الثانية لهذا اليوم.. وهو يشعر بالملل من وجوده بالمشفى كل هذا الوقت..لقد اجروا له اغلب الفحوصات التي يتأكدون منها انه سليم معافى.. فلم عليه البقاء لوقت اطول؟.. وكلما سال ممرضة.. قالت له انها تعليمات الطبيب المشرف على حالته.. وخصوصا وانه قد كان في غيبوبة دامت الشهر تقريبا..
ووضع الصحيفة جانبا.. عندما سمع صوت فتح باب الغرفة.. والتفت ليرى ملاك تحرك عجلات مقعدها لتتقدم منه وتقول بابتسامة: كيف حالك اليوم يا ابي؟..
قال مبتسما: بخير حال مادمت قد شاهدت ملاكي الصغير قد أتى لزيارتي..
سألته ملاك قائلة: الم يكتب لك الطبيب تصريحا بالخروج بعد يا ابي؟ ..
قال بضجر: لا.. ولكن سأنتظر ليومين فقط.. واذا لم يكتب لي الطبيب هذا التصريح.. فسأخرج على مسئوليتي ..
ابتسمت ملاك قائلة: واخيرا ستعود الامور كما كانت في السابق.. واعود لاعيش معك في منزلنا من جديد..
رمقها والدها بنظرة ذات معنى قائلا: ومازن؟..
ظهر الاضطراب على ملامح ملاك وقالت بارتباك: مازن..
اومأ خالد برأسه وقال: اجل.. مازن.. زوجك.. الم تفكري به؟.. ربما لا يقبل ان تعودي معي الى المنزل.. ويقيم حفل زفاف لك وله.. لكي تكوني معه الى الابد..
قالت ملاك برجاء: لا اريد سوى ان انفصل عنه واعود معك.. ارجوك يا ابي.. ساعدني على ذلك..
تطلع لها والدها بجدية وقال: ولو انفصلت عنه.. تظنين ان ذلك سيسعدك.. او سيصلح ما انكسر.. ابدا يا ملاك.. انت وحدك مع مازن.. يمكنكما ان تصلحا ما فات.. بأن تعوضا بعضكما عن كل ايام الحزن والالم والمعاناة..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها : ابي .. لا اريد ان اتحدث في هذا الموضوع.. ارجوك..
ادار والدها وجهها اليه وقال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: لا تكابري يا ملاك.. انت لا تزالين تحبينه.. والا لما كانت هذه القلادة تحتل عنقك حتى الآن..
رددت ملاك بدهشة : القلادة؟..
ومن ثم نقلت نظراتها الى القلادتين التي تحتلان عنقها.. في حين واصل والدها قائلا: اتعرفين ما الشيء المشترك بين هاتين القلادتين يا صغيرتي؟..
واردف وهو يضع كفه على كتفها و يميل نحوها.. وبصوت اقرب الى الهمس: انهما لأغلى الناس على قلبك..
رفعت ملاك رأسها له وقالت وهي تتسائل بارتباك: وكيف عرفت ان هذه القلادة من مازن؟..


ابتسم والدها وقال : مجرد تخمين.. فأولا هي من الماس .. أي باهضة الثمن.. والشيء الآخر انها تحمل حرف "m

".. الحرف الاول من اسم مازن..

قالت ملاك وهي تتطلع الى والدها بابتسامة باهتة: وربما كانت من مها..
هز والدها كتفيه وقال: ربما.. لكني خمنت انها من مازن.. وقد كنت على حق..
واستطرد قائلا بتساؤل: لكن مع من جئت الى هنا؟.. لا ارى احدا معك..
قالت ملاك مجيبة: جئت مع مها.. لكنها ذهبت لشراء العصير وستعود بعد قليل..
قال والدها مواصلا في تساؤلاته: واين مازن؟.. لم اره منذ يومين..
توترت ملاك لذكرى الامس.. وقالت وهي تزدرد لعابها: لقد سافر..
قال والدها وهو يعقد حاجبيه متسائلا باهتمام: والى اين ذهب؟ ..
زفرت ملاك بحرارة ومن ثم قالت: لقد قالت لي مها.. انه قد سافر الى فرنسا .. من اجل عمل يتعلق بشركتك..
ارتسمت ابتسامة على شفتي خالد وهو يقول: ارأيت بنفسك يا ملاك؟.. لقد سافر وتغرب عن اهله.. في مكان يجهل مناطقه وشوارعه تقريبا.. من اجل امر يعني شركتي.. الم اقل لك ان هذا الشاب يستحق الاعجاب حقا؟..
قالت ملاك وكأنها تريد ان تبرر لنفسها: بالتأكيد قد فعل ذلك من اجل وظيفته وراتبه ..فهو بالتأكيد لا يريد ان يخسر أي ...
قاطعها والدها قائلا: انسيت انه قد استلم مكاني بشكل مؤقت في الشركة؟.. وسيتركه بعد ان اغادر انا المشفى .. ثم انه لم يستلم أي راتب.. فمنصبه يخوله للحصول على ارباح الشركة التي يحولها هو الى حسابك يا ملاك.. فأنت مالكة الشركة الحقيقية..
قالت ملاك بحيرة: اتعني انه كان يعمل كل تلك المدة في الشركة دون أي مقابل؟..
اومأ والدها برأسه .. فقالت وحيرتها تشتد: اذا لم كان يعمل فيها من الاساس؟؟.. لم اتعب نفسه مقابل لا شيء؟..
قال والدها وهو يتطلع اليها وبلهجة ذات مغزى: ربما كان في البداية اهتماما بابنة عمه.. وبعدها .. تحول ذلك الى حب بزوجته التي تطلب منه الانفصال بعدكل ما فعله لاجلها..
قالت ملاك وهي تتطلع الى والدها بنظرات حائرة ومستغربة: لم اذا لم يخبرني أي شيء عن هذا الامر؟.. لو كان اخبرني لمنحته راتب شهري على الاقل..
- لقد كان يملك توكيل شامل على املاكك.. ومع هذا كان اهلا للمسئولية.. كل جهده الذي بذله في نهوض الشركة.. كان لأجلك وحدك يا ملاك..دون أي مقابل او حتى كلمة شكر.. وبعد كل هذا لا تريدينني ان اقف في صف مازن.. وارفض مطلبك بالانفصال عنه..
قالت ملاك بعينين راجيتين: لكن يا ابي.. انا لم اكن اعلم بكل هذا.. لم اكن اريده ان يتفضل علي بجميله او...
قاطعها صوت فتح باب الغرفة.. ومها التي دلفت منه وهي تقول بابتسامة: صباح الخير..
التفت لها خالد وقال بابتسامة: صباح الخير.. كيف حالك يا مها؟..
جلست مها على مقعد مجاور لفراش عمها وقالت : في خير حال.. كيف حالك انت يا عمي؟.. ومتى ستغادر المشفى؟..
قال خالد بضجر: لو كان الامر بيدي لغادرت الآن..
قالت مها بمرح: االى هذه الدرجة مللت؟..
اجابتها ملاك هذه المرة وهي تلتفت لمها قائلة: لقد طالت فترة بقاء ابي هنا حقا..
- بالتأكيد يريدون اجراء فحوصات شاملة قبل ان يغادر المشفى..
قال حالد في تلك اللحظة: دعينا من هذا الامر الآن .. واخبريني يا مها.. لو طلبت منك طلبا ستنفذينه..
قالت مها باستغراب: بالتأكيد.. تفضل..
قال خالد وهو يلتفت الى ملاك: اعلم ان ملاك تعتبرك كشقيقة لها.. لهذا اريد ان تنزعي من رأسها فكرة الانفصال هذه ..
قالت ملاك باستنكار: ابي.. لا شأن لمها بهذا الامر..
التفت خالد الى مها مرة اخرى دون ان يهتم بما قالته ملاك وقال: اتفعلين يا مها؟..
ابتسمت مها وقالت : بكل تأكيد.. فأمنيتي ان ارى مازن وملاك معا الى الابد..
قالت ملاك في تلك اللحظة في حنق: الم تكوني انت من يحذرني منه دائما في الماضي؟..
اومأت مها برأسها وقالت وابتسامتها تتسع: بلى ولكن هذا كان في الماضي.. وقد تغير كل شيء الآن..
واردفت قائلة: ااخبرك ماذا قال لي مازن في آخر محادثة؟.. وطلب مني توصيله اليك..
ودون ان تنتظر جوابا من ملاك استطردت قائلة وهي تحاول ان تتذكر ما قاله مازن: لقد قال .. اخبري ملاك اني لا استطيع الابتعاد عنها ..و اني احبها ولا اتخيل فتاة تشاركني حياتي سواها..اخبريها اني سأفعل أي شيء لأجلها ..فقط فلتسامحني على ما اقترفته يداي..
وعلى الرغم من ان الكلمات التي قالتها مها قد لاقت صدى في نفس ملاك.. الا انها قالت مكابرة: لا يهمني ما يقوله..
قال خالد في تلك اللحظة بصوت حاد: دعيها يا مها.. دعيها فهي عنيدة ولن تفعل الا ما تريده.. ولكن بعدها ستندم على قرارها هذا.. وستتمنى لو يعود الزمن الى الوراء ولو دقيقة.. لتصلح ما افسدته بعنادها ومكابرتها..
التفتت ملاك الى والدها وقالت بصوت مختنق: اليس من حقي طلب الانفصال يا ابي بعد كل ما فعله بي.. لقد طعن قلبي بكل قسوة .. جعلني ابكي ليال بكل حرقة والم.. لقد داس على كرامتي.. ورفضني لاني عاجزة.. عاجزة يا ابي.. اتريدني بعد كل هذا ان اقبل ان اواصل معه حياتي الى الابد..
تنهد والدها وقال: الا تفهمين يا ملاك؟.. كان ذلك ماض وانتهى .. ومن يحب يغفر لحبيبه.. وان كنت ستضعين حواجز الكرامة بينكما.. فصدقيني لن تهنئا ابدا بعدها..
صمتت ملاك ولم تجد ما تقوله.. وآثرت الصمت وقد استغربت تبدل الادوار بهذا الشكل.. فبعد ان كانت هي التي تدافع عن مازن بكل قوة.. وتحاول تحسين صورته امام الجميع الذين يحذرونها منه..اصبحت هي الآن.. ترفضه وتبتعد عنه ..والجميع من حولها يحاولون تحسين صورته لها.. لكن.. ربما كان لابتعاد مازن المفاجئ.. تأثير على قرارها.. ستفكر جيدا في فترة غيابه.. وبعدها ستتخذ قرارها الاخير والنهائي..والذي لن تتراجع عنه ابدا..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ارتقت مها درجات السلم بعد ان عادت مع ملاك من المشفى ..والتقطت هاتفها المحمول من حقيبتها والذي اصدر ضجيجا في المكان من رنينه المتواصل.. وقبل ان ترى من هو المتصل .. سمعت صوتا يهتف باسمها.. فالتفتت الى صاحبه ومن ثم قالت : كمال.. ماذا تريد؟..
قال كمال وهو يتقدم منها : الحديث معك..
عادت لتهبط درجات السلم وقالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ها انذا اسمعك..
جذبها من كفها وقال وهو يسير معهاباتجاه الردهة: لنجلس اولا..
لكنها جذبت كفها منه وقالت وهي تتوقف في مكانها وقد ظهر القلق جليا على ملامحها: ما الذي حدث؟..
لوح كمال بكفيه مهدئا ومن ثم قال: سأخبرك.. لقد حدثت والدي بشأن الموضوع الذي بدأه مازن معه.. وحاولت اقناعه بأن يرفض احمد كزوج لك قدر الامكان.. لكن ...
خفق قلب مها بتوتر وخوف وقالت بكلمات مرتجفة: لكن .. ماذا؟..
قال كمال وهو يهرب بنظراته بعيدا: لقد قال لي ان الامر هذا في صالح العائلة وقد يتسبب بخسارة كبيرة لشركته.. ومع هذا قرر التفكير جيدا فيه عندما عرض عليه مازن الامر .. وفي النهاية اتخذ قراره الذي لن يتراجع عنه مهما حدث..
صمت كمال فجأة.. فقالت مها وقد بدأ قلبها يختلج بين ضلوعها: كمال لا تصمت هكذا.. اكمل ارجوك..
اطرق كمال براسه ومن ثم قال: وقد كان قراره ..هو ..
بتر عبارته ومن ثم قال وهو يرفع رأسه لها.. وبابتسامة: هو رفض هذه الزيجة مهما كانت العواقب..
تطلعت له مها بعدم فهم او استيعاب.. وقالت وهي تتطلع اليه بنظرات حائرة: ماذا قلت؟.. لم اسمعك يا كمال..
امسك كمال بكتفيها وقال بفرحة: لقد رفض والدي احمد .. رفضه الى الابد.. لقد تخطيت كل العواقب يا مها.. وستتزوجين ممن تحبين قريبا.. فهنيئا لك..
قالت مها بغير تصديق ..وهي تشعر انها تتوهم ما سمعته: انت تمزح يا كمال .. اليس كذلك؟.. فوالدي قد كان مصرا على زواجي من احمد بشدة و...
قاطعها كمال وهو يضغط على كتفيها بحنان: وقد تراجع عن قراره الآن يا مها.. فقد قال لي عندما تحدثيت اليه في الامر ..(لقد كادت مها ان تضحي بنفسها وسعادتها من اجلي ومن اجل الشركة.. فكيف لا اقابل تضحيتها هذه بالشيء البسيط؟ .. واحاول ان ارسم طريق سعادتها..مع الشخص الذي اختاره قلبها)..
قالت مها وهي غير قادرة على التصديق: انت تكذب.. بالتأكيد هذا مجرد حلم.. بالتأكيد هو كذلك.. لا اصدق .. ان والدي يقول شيء كهذا.. اقسم .. اقسم على ذلك يا كمال..
ابتسم كمال وقال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: اقسم على ان هذا ما حدث.. وهذا ما قاله والدي..
ترقرقت الدموع في عيني مها وقالت بصوت قلق ممزوج بالفرح: لا اريد ان استيقظ من هذا الحلم الجميل ابدا يا كمال.. لا اريد ..
لم يعلق كمال على عبارتها واكتفى بالصمت.. في حين قالت هي وهي تتطلع اليه بامتنان: اشكرك يا كمال.. لا اعرف ماذا اقول.. او ماذا افعل.. لكنك قد قدمت لي جميلا لن انساه لك طوال عمري..
قال كمال بهدوء وهو يبعد كفيه عن كتفيها: ليس انا من اقنع والدي.. او حاول تغيير رأيه.. لقد كنت مجرد شخص اراد اكمال ما فعله شقيقه.. لكنه وجد في النهاية ان دوره قد انتهى.. لهذا لا توجهي الشكر لي.. بل وجهيه لمازن.. انه يستحقه اكثر مني.. على الاقل هو من استطاع تغيير افكار والدي اخيرا تجاه هذه الزيجة..
تطلعت مها الى كمال لفترة من الوقت.. ومن ثم قالت بابتسامة وهي تمسح دموع الفرج: لا تقل هذا يا كمال.. على العكس .. لقد حاولت مع والدي كثيرا.. وقد وقفت في وجه عمي .. فلولا الله تعالى..ومن ثم انت ومازن.. لكنت تزوجت احمد الآن ..
قال كمال وهو يتطلع الى ابتسامة الفرح التي تضيء وجهها: اهم شيء عندي الآن هو ان تكوني سعيدة يا مها..
قالت مها في سرعة وكأنها لم تسمع عبارة كمال: سأبلغ حسام بهذا الامر.. ومن ثم سأذهب لشكر والدي على موقفه تجاهي.. لكن يجب علي شكر والدي اولا.. اليس كذلك؟..
ابتسم لها كمال وقال وهو يهز كتفيه: كلا الامر سيان لدي..
اسرعت مها تقول وهي تتجه نحو غرفة مكتب والدها: سأذهب اليه اولا واشكره..
وتابعها كمال بنظراته وهو يراها تدلف الى غرفة المكتب .. ومن ثم تهتف قائلة : والدي..
ارتفعت انظار والدها عن الصحيفة التي كان يقرأها .. وقال متسائلا: اجل يا مها..
اقتربت منه مها وقالت وابتسامة تتراقص على شفتيها: هل هو صحيح ما اخبرني به كمال؟.. ارفضت زواجي من احمد حقا؟!..
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي والدها وقال: اجل.. رفضته ..
شعر امجد بالدهشة عندما شاهد مها تندفع نحوه وتعانقه وهي تقول بلهفة وامتنان: لو تعلم كم انا شاكرة لك يا والدي.. لقد ارحتني من افظع كابوس عشته في حياتي..
لم تعلم مها ان بكلماتها هذه قد ضايقت والدها .. واشعرته بحجم المعاناة التي كان سببا فيها لها.. كما شعر بتأنيب الضمير الذي ابى ان يفارقه منذ ان تحدث اليه مازن قبل يومين..
وقال وهو يتطلع الى مها التي ابتعدت عنه قليلا: وانا يكفيني ان اراك سعيدة في حياتك يا مها..
تطلعت مها الى والدها بامتنان وحب .. في حين اردف هو قائلا بابتسامة:واخبري حسام.. ان يأتي الى منزلي في أي وقت.. فسأجيبه بالموافقة هذه المرة..
هتفت مها بفرح: احبك يا والدي..
واسرعت تقبل وجنته قبل ان تقول في سرعة وفرح: سأذهب لاخبار حسام في الحال..
تطلع والدها الى الفرحة التي كانت تشرق على وجهها..وهي تسرع مغادرة المكتب.. وامتدت كفه لتلمس وجنته التي قبلتها مها منذ قليل.. منذ متى لم يشعر بحب ابناءه له؟.. منذ متى لم يشعر هو ابناءه بحبه لهم؟.. لأول مرة يشعر ان احد ابناءه يحبه بحق.. يبدوا ان خالد كان افضلنا .. فقد حصل على كل شيء.. الشركة التي استطاع ان ينقذها من الافلاس بذكاءه بعد ان تخلينا عنه جميعا.. وحب ملاك.. ابنته الوحيدة له.. اما نحن فلم نحضى الا على المال والاملاك.. وخسرنا اروع شيء في هذه الدنيا.. أبنائنا..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
لننتقل الى تلك الغرفة التي تحتل احد زوايا منزل امجد بالطابق الارضي.. ولنتوقف عند تلك الفتاة التي كانت تتطلع الى شاشة هاتفها المحمول.. والى تلك الرسالة التي كانت تقرأها لعدة مرات دون أن تبدي أي ردة فعل..كانت كلمات تلك الرسالة تقول ( لا اعلم ان كان الامر سيهمك ام لا.. لكني احببت ان اخبرك اني قد وصلت الى مطار فرنسا بالسلامة) ..
هذه الرسالة ارسلها لها مازن قبل ساعة فقط.. لا تعلم لم شعرت براحة عندما قرأتها.. ربما لان مكانة مازن في قلبها لا تزال كما هي.. وانها وان كانت تريد الانفصال منه.. بالتأكيد فهي لا تتمنى له الا كل خير..
وخفق قلبها وهي تتمنى لو كانت لديها الجرأة او الشجاعة لتعيد ارسال رساله له .. او تتصل به لتطمئن عليه.. لكن شجاعتها خانتها وهي تجد نفسها تضع الهاتف على الطاولة المستديرة والصغيرة الحجم الموجودة في وسط الغرفة ..وحركت عجلات مقعدها لتتجه الى طائرها وتقول وهي تتنهد: اخبرني انت يا مازن.. هل ما افعله صحيحا ام لا؟.. احيانا اجد نفسي اسامح مازن على كل ما فعله.. واحيانا اخرى.. ارى نفسي اقسو عليه كما لم اعتد ان اقسو على احد..لقد قال ابي .. ان مازن قد تغير من اجلي.. لهذا يستحق ان اسامحه وابدأ معه صفحة جديدة.. لكن لا تزال كرامتي حاجزا بيني وبينه.. صدقني يا مازن.. لقد جرحني .. طعني في الصميم.. اتمنى لو كنت استطيع ان اسامحه ..وانسى كل ما فعله بي.. لاختفى الحزن من حياتي الى الابد ..
ولم تمض دقائق حتى افاقت من افكارها على صوت رنين هاتفها المحمول.. لم ترد الاجابة على احد في الوقت الحاضر لهذا تجاهلته ولم تلتفت له حتى ..وتوقف الرنين بعتة ليسود الهدوء اركان الغرفة.. لكنه عاود من جديد بعد دقائق.. وخطر على ذهنها بغتة شيئا غاب عنها طويلا.. هذا الهاتف لا احد يعلم برقمه غير مازن ومها..وبما ان مها موجودة معها في المنزل ذاته.. فان الشخص الذي يتصل الآن.. هو مازن..
ووجدت يداها تدفعان مقعدها و تقودانها الى هاتفها.. وكأن هناك شيء يجذبها اليه.. وسرت في جسدها قشعريرة وهي تتطلع الى اسم مازن الذي يضيء على شاشة هاتفها...
كانت تود ان تجيب.. كانت تود ان تفعل حقا.. لكن كرامتها عادت لتقف حاجزا بينهما.. وخانتها شجاعتها للمرة الثانية.. لتجعلها تعيد هاتفها على الطاولة دون ان تكترث له .. وتتطلع من نافذة غرفتها.. وهي تصم اذنها عن ذلك الرنين المتواصل للهاتف ..
وعلى الجانب الآخر كانت مها تتحدث الى حسام عبر الهاتف .. وتقول بصوت متلهف: اقسم لك.. هذا ما حدث.. انا نفسي لم استطع التصديق عندما اخبرني كمال بالامر..
قال حسام وهو غير مصدق لما يسمع: ان كانت هذه مزحة يا مها.. فأخبريني الآن.. فقلبي لم يعد يتحمل الصدمات ..
ضحكت مها وقالت:من قال انها مزحة؟.. ثم لقد اقسمت لك للتو.. وشيء آخر ايضا.. لقد قال والدي ان اخبرك بأن تأتي في أي وقت تريده.. فاجابته ستكون الموافقة هذه المرة..
قال حسام في سرعة ولهفة: اذا .. مع السلامة..
قالت مها باستغراب: الى اين؟.. لم انهي حديثي بعد..
قال حسام بجزم مصطنع: سآتي لخطبتك الآن..
قالت مها بمرح: لا تكن مجنونا هكذا..
قال حسام بحنان: مجنون بك فقط..
واردف قائلا وقلبه يخفق في سعادة ونشوة: وسأحاول ان آتي في اقرب وقت لطلب يدك.. اريد ان اعوض ما فاتنا من ايام.. وان اعوض كل ما شعرنا به من حزن وحرمان..
قالت مها بخجل: تفضل في أي وقت.. المنزل منزلك..
قال حسام في سعادة: سأذهب لاخبر والدي واناقشه في الموضوع.. ومن ثم سأعود واتصل بك..
قالت مها وقد ابتسمت بسعادة: حسنا .. سأنتظرك..
قال حسام بحب ويصوت متهدج: احبك يا ايتها الحمقاء.. وسأعد الايام والليالي حتى تكوني لي وحدي..
توردت وجنتي مها بخجل.. واطرقت برأسها لتقول بصوت مرتبك: ولم تشتمني اذا؟..
ضحك حسام قائلا: لان اكثر ما يجذبني اليك هو حماقتك..
عقدت مها حاجبيها وقالت بضيق: ظريف جدا..
ابتسم حسام وقال في سرعة: اعلم.. والآن لا تأخريني لأكثر من هذا.. سأذهب لاتحدث مع والدي.. الى اللقاء ..
تنهدت براحة وقالت: الى اللقاء..
وانهت المكالمة.. ولم تعلم لحظتها كيف تعبر عن السعادة التي تشعر بها.. لقد وجدت نفسها تسير في الغرفة جيئة وذهابا .. وتتطلع الى نصف القلب الذي اهداه لها حسام.. ومن ثم تسرع في خطواتها لتتجه الى خارج الغرفة.. كانت تريد ان يعلم العالم بأسره ان الكابوس قد انتهى.. وانها سترتبط بالانسان الذي احبته اخيرا..
وهبطت على الدرجات السلم على عجل.. حتى انها كادت ان تتعثر لمرة او اثنتين.. لكنها ضحكت على تصرفها الطفولي.. وهي تسير في خطوات اقرب الى العدو في الردهة.. ومن ثم دارت حول نفسها وهي تقول بابتسامة سعيدة: لم اكن اعلم ان العالم بهذا الجمال من قبل..
والقت بنفسها اخيرا على الاريكة..وهي تبتسم بسعادة.. وخفقات قلبها تنبض في سرعة وفرح..واغمضت عينيها وهي تتمنى ان لا تستيقظ من هذا الحلم ابدا..لكن رنين الهاتف المزعج ارغمها على فتح عينيها.. والنهوض من مجلسها.. لتتوجه اليه.. وهي تقول بملل: من هذا المزعج الذي يتصل في مثل هذا الوقت؟..
ورفعت سماعته لتقول: اهلا..
جاءها صوت شاب يقول: كيف حالك ايتها المزعجة؟..
صرخت مها قائلة بلهفة: مازن!...
ضحك مازن وهو يقول: اجل اعرف اني مازن.. لا داعي لأن تسمع المنطقة بأكملها اسمي..
سألته مها بلهفة: كيف حالك؟.. ومتى وصلت الى فرنسا؟ ..
قال مازن بابتسامة باهتة: بخير.. لكني متعب من الطائرة.. ولقد وصلت قبل ساعة.. لكني استقريت في الفندق للتو..
قالت مها متسائلة بمرح: وكيف هي فرنسا؟..
قال مازن وهو يجلس على طرف الفراش في الغرفة التي استأجرها بالفندق.. ويفتح اول زرين من ازرار قميصه: لم ار غير شوارعها حتى الآن..اخبريني انت ما هي احوالكم؟ ..
قالت مها مبتسمة بمرح: جميعنا بخير .. ولدي خبر سيسعدك بكل تأكيد..
تمنى مازن لو كان هذا الخبر يعني ملاك.. وقال متسائلا باهتمام: اخبريني اياه على الفور..
ابتسمت مها بفرح: والدي قد اقتنع اخيرا وقرر رفض احمد..
ومع ان مازن قد شعر بخيبة امل لانه كان يظن ان ما ستقوله مها يخص ملاك او تراجعها عن قرارها في الانفصال.. لكنه قال بابتسامة واسعة: مبارك.. انا سعيد لأجلك.. جيد ان والدي قد اقتنع اخيرا.. لقد كنت اخشى عليك من احمد.. ولا تنسي .. عندما اعود اريد ان احضر حفل خطبتك على حسام ..
ابتسمت مها بخجل وقالت: الفضل في اقتناع والدي.. يعود اليك بعد الله ..
قال مازن بمزاح ساخر: كل ما فعلته هو اني اردت ان اتخلص من شقيقتي المزعجة باسرع طريقة.. ولم يكن هناك طريقة اسرع من تزويجها من حسام.. لكي تصمتها الفرحة الى الابد ..
قالت مها بحنق: سخيف.. ودمك ثقيل..
تجاهل مازن عبارتها وقال باهتمام: وكيف حال ملاك؟.. وحال تدريباتها؟..
قالت مها بخبث: كل شيء بخير.. اتريد ان اخبرها بأي شيء.. او اوصل لها أي رسائل..
قال مازن متجاهلا ما قالته للمرة الثانية: والم تعرفي قرارها النهائي بشأن ارتباطنا بعد؟..
تنهدت مها وقالت: لقد حاول معها عمي مرارا.. لكنها لا تزال متمسكة بقرارها..
دس مازن اصابعه بين خصلات شعره كعادته كلما شعر بالضيق او التوتر ومن ثم قال: حاولي معها يا مها.. وانا الآخر سأحاول ايضا.. سأظل متمسكا بها.. حتى.. حتى لو لم تعد تحمل لي أي ذرة مشاعر..
قالت مها مواسية: مازن.. ارجوك ان تحتمل.. قرار ملاك الآن هو نتيجة لجرح عميق تعرضت له.. لكن بعد ان تعلم بحقيقة حبك تجاهها.. ستعرف بقيمتك.. وستقرر ان تنسى الماضي وتسامحك..لهذا يا مازن.. ارجوك ان تصمد امام قرارها هذا..
قال مازن وهو يلتقط نفسا عميقا: وهذا ما افعله الآن.. ارسلي تحياتي وسلامي.. الى كمال ووالدي.. اراك بخير..
- يصل..الى اللقاء..
قالتها مها واغلقت السماعة.. ومن ثم زفرت بحرارة وهي تقول: قلبك الذي لا يعرف للقسوة مكان يا ملاك.. اراه اليوم يقسو على احب الناس عليه.. على مازن.. الذي كنت ارى في نظراتك له كل شوق ولهفة وحب..لكن.. لن اسمح لك بأن تقتلي نفسك وتقتلي مازن معك بقرارك هذا..
واسرعت تتوجه نحو غرفة ملاك.. وطرقت الباب عدة مرات .. حتى جاءها صوت ملاك يدعوها للدخول..فدلفت الى الداخل وقالت بابتسامة: ما الذي تفعلينه؟..
التفتت لها ملاك التي كانت تقرأ رواية ما وقالت ببرود: ما ترينه ..
قالت مها وهي تحاول جذب انتباهها: لقد اتصل مازن قبل قليل.. وقال انه وصل الى فرنسا..
قالت ملاك ببرود اكبر: اعلم..
ارتفع حاجبا مها ورددت بحيرة: تعلمين؟.. وكيف ذلك؟..
لم تجب ملاك.. ولم تهتم بالاجابة.. واقتربت مها منها في تلك اللحظة وهي تقول: ولقد سالني عنك وعن احوالك ايضا..
حاولت ملاك التحكم في مشاعرها وهي تشيح بوجهها لتقول بلامبالاة: لا يهمني..
تطلعت لها مها بنظرات ثاقبة ومن ثم قالت: احقا؟؟..
التفتت لها ملاك وهتفت قائلة: يكفي.. قلت لك انه لا يهمني.. ولا اريد ان استمع الى أي شيء يعنيه..
التفتت مها في تلك اللحظة ولمحت الهاتف المرمي على الطاولة.. فقالت متسائلة: هاتف من هذا؟..
اجابت ملاك بعد لحظة صمت: هاتفي..
- ومن اين لك به؟..
قالت ملاك بضيق: لقد اشتراه لي مازن قبل مدة..
التقطته مها وتطلعت اليه ومن ثم قالت مبتسمة: يعرف الاختيار ..
وتطلعت اليه ومن ثم لم تلبث ان اتسعت عيناها بدهشة وهي تقول: ثمان مكالمات وجميعها من مازن.. منذ متى وهو يتصل بك؟..
اجابت ملاك في اقتضاب وهي تصطنع الانشغال بقراءة الرواية: لست ادري..
قالت مها وهي تفتح الرسالة التي ارسلها لها مازن بعد ان يأس من ان تجيبه: هناك رسالة لك منه.. انه يقول فيها.. ( لا اريد الا ان اعلم قرارك النهائي.. لقد تعبت يا ملاك.. لم اعد احتمل)..
شعرت مها بالشفقة على مازن وهي تقرأ كلماته.. لقد ساعدها مازن في ان تبتسم من جديد.. فلم لا تحاول هي الاخرى تحدي عناد وكبرياء ملاك؟.. لتجعل هذه الاخيرة تسامحه.. ويعود كل شيءكما كان..
والتفتت الى ملاك التي شعرت بدورها بالألم بعد سماع كلمات مازن.. فقالت مها برجاء: سامحيه يا ملاك..
اطرقت ملاك برأسها وتنهدت قائلة: ليت الامر بهذه السهولة..
قالت مها وهي تقترب منها: لقد تغير كل شيء.. لقد اصبحت انت الآن حبه الوحيد.. وسيفعل أي شيء لأجلك .. لقد وقف في وجه والدي من اجل اتمام هذا الزواج.. فهل تكافئينه بطلب الانفصال؟..
قالت ملاك وهي ترفع رأسها بعصبية: بعد ماذا؟.. بعد كل ما سببه لي.. بعد ان...
قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول..وتطلعت مها الى شاشته لتقول وهي تتطلع الى ملامح ملاك رغبة في معرفة ردة فعلها: انه مازن..
قالت ملاك بضيق: لا اريد ان اتحدث اليه..
هزت مها رأسها في قلة حيلة .. ومن ثم اجابت على الهاتف قائلة : اهلا مـــ...
ولم تكمل عبارتها.. بل بالاحرى لم تستطع وهي تسمع سيل الكلمات التي كان يهتف بها مازن في لهفة وهو يقول: واخيرا اجبت يا ملاك.. استمعي الي .. سأخبرك بكل شيء.. وبعدها افعلي ما تشائين و...
قاطعته مها وهي تقول في سرعة: لست ملاك.. انا مها..
عقد مازن حاجبيه وقال: ولم اجبت على الهاتف اذا؟..
قالت مها بخبث وهي تداعب خصلات شعرها: ان كنت تريد توصيل أي رسالة لملاك بواسطتي فلن ارفض.. فهي الآن تجلس امامي..
قال مازن بحزم: سأطلب منك طلباواحدا..
قالت مها متسائلة: اطلب ما تشاء..
قال مازن بهدوء: حاولي اقناعها بالحديث معي.. حاولي حتى ان تجبريها على التحدث الي..
قالت مها بعد برهة من التفكير: فليكن..
ومن ثم اصطنعت الخوف وهي تقول: مازن ماذا جرى بك؟..
قال مازن قائلا بغرابة: ايتها الحمقاء .. ما الذي جرى لك فجأة؟ ..
قالت مها وقد تعمدت اظهار الخوف على وجهها: انتظر.. سأذهب لأتحدث مع والدي.. ونحاول ان نلحق بك الى فرنسا في اسرع وقت..
وملاك التي خفق قلبها في خوف لكل ما يحدث امام ناظريها .. هتفت قائلة بتردد: ما الذي جرى؟!..
اسرعت مها تناولها الهاتف وتقول وهي تهم بالخروج من الغرفة: لا وقت لدي.. سأذهب الى والدي حتى ابلغه ان يحجز لنا على اول طائرة لنلحق بمازن..
ارتجفت انامل ملاك والهاتف بين يديها.. ترى ما الذي حدث؟ .. هل اصاب مازن مكروها ما؟.. هل هو بخير؟.. ما الذي جعل مها تسرع مغادرة على هذا النحو.. لابد وان هناك امر قد حدث..
وتطلعت الى الهاتف بنظرة طويلة.. ليس امامها من حل الا ان تسأل مازن.. ربما كان يعرف سبب خوف مازن.. او ربما تطمئن على انه بخير فحسب..
واجابت عليه اخيرا وهي تقول بصوت خافت اقرب الى الهمس: مازن..
جاءها صوت مازن وهو يقول بحنان: كم اشتقت اليك يا ملاكي..
قالت ملاك والخوف لا يزال مسيطر عليها : ما الذي حدث؟؟ .. وما الذي جعل مها تسرع مغادرة الغرفة هكذا؟..
قال مازن بابتسامة: هل هذا يعني انك تشعرين بالخوف علي؟..
قالت ملاك في سرعة: هذا ليس وقت مثل هذا الحديث ..اخبرني ما الذي جرى؟..
قال مازن وهو لايزال محتفظا بابتسامته: سأخبرك .. لكن عديني اولا ان لا تتضايقي..
قالت ملاك وقد بدأت كلماتها ترتجف بسبب الخوف الذي قد سيطر على كيانها: اخبرني.. ولن اتضايق..
قال مازن وهو يتنهد: طلبت منها ان اتحدث معك بأي وسيلة.. ولم تجد امامها سوى التمثيل بأنها خائفة من امر قد حدث لي.. فهي تعلم جيدا انه مهما قد بلغت قسوتك.. فان قلبك لا يزال نقيا صافيا ..
قالت ملاك بحدة: اذا فقد كذبت علي.. كانت تخدعني كما فعلت بي انت و...
قاطعها مازن قائلا: استمعي الي فقط.. فأنا اليوم على قيد الحياة .. وغدا لا تعلمين ما قد يحدث لي.. اريدك ان تسامحيني.. حتى اشعر بالراحة والسعادة .. فمن يدري ما الذي سيحدث غدا؟..
قالت ملاك بقلق: مازن.. لم تقول مثل هذا الكلام؟..
زفر مازن بحرارة وقال : لاني تعبت.. اقسم اني لم اعد احتمل ابتعادك عني اكثر من هذا..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: من فينا الذي تعب؟ .. انا ام انت؟.. اخبرني هل ذقت يوما طعم الخيانة من احب الناس على قلبك؟.. هل عرفت يوما شعور الانسان الذي ينخدع في اقرب الناس اليه؟.. انا التي تعبت يا مازن.. وبت اتمنى الموت على الحياة..
قال مازن في سرعة: بيدنا ان ننهي كل هذا التعب.. ونبدأ من جديد.. حياة عنوانها السعادة والحب والامل..
قالت ملاك وهي تتنهد: دع الزمن وحده من يقرر لنا أي طريق سنختاره..
- نحن من يختار يا ملاك.. لا الزمن..
- احيانا نجد انفسنا مجبرين على اختيار ما يفرضه علينا الزمن..
قال مازن وهو يتنهد: وما هو قرارك النهائي؟..تريدننا ان ننفصل؟ ..
قالت ملاك وهي تلتقط نفسا عميقا: سأخبرك بقراري النهائي بعد ان تعود من فرنسا..
قال مازن برجاء: لا تتسرعي يا ملاك.. فكري في كل شيء كان بيننا في يوم.. لا تتسرعي وتقتلي قلبا احبك..
صمتت ملاك ولم تعلق.. فقال مازن متسائلا: هل لي بطلب اخير؟ ..
تطلعت ملاك الى الرواية التي بين يديها ومن ثم قالت: قل ما لديك ..
قال مازن بصوت امتزج فيه الحنان بالرجاء: اجيبي على مكالماتي عندما اتصل..او على رسائلي على الاقل..
قلبت ملاك صفحات الرواية وقالت بصوت تصطنع فيه اللامبالاة: سأحاول.. أي طلب آخر؟..
قال مازن بحنان وحب: اهتمي بنفسك جيدا.. ومارسي تدريباتك يوميا.. لاجلي..او لأجل والدك..اياك ان تهمليها ..
- سأنهي المكالمة الآن.. اتريد أي شيء؟..
قال مازن بصوت هامس: سلامتك.. واعلمي انك ستظلين ملاك حبي الى الابد.. ولن تحتل مكانك فتاة اخرى ابدا..
قالت ملاك في سرعة قبل ان تضعف تحت تأثير كلماته: الى اللقاء ..
قالتها وانهت المكالمة في سرعة..وهي تشعر بقلبها يخفق في قوة..واناملها ترتجف في خوف.. وظلت على وضعها لبرهة حتى التقطت انفاسها..ومن ثم لم تلبث ان تصفحت الرواية.. لتقع عيناها على الوردتين ..وعادت بها الذكرى الى الوراء .. الى شهر مضى.. والذي كان يبدوا كالامس بالنسبة لها .. .
لقد قدم لها مازن الوردة البيضاء وقال انها تشبهها .. في طيبتها وقلبها الابيض والنقي.. وقدم لها الحمراء وقال انها هدية منه لابنة عمه ..وهذه الرواية التي تقرأها الآن عندما رآها لاول مرة وهي تقرأ سطورها.. قال يومها انه لا وجود للحب في هذا العالم.. لا وجود له الا في الروايات والافلام.. وها هوذا قبل قليل قد اعترف لها بحبه.. لقد تغير لانه احبها.. وحاول اصلاح اخطاءه لانه احبها..ومستعد لفعل أي شيء لاجلها لانه احبها .. ومتمسك بها ويرفض الانفصال عنها لانه احبها.. انه لن يستطيع الآن ان يرفض وجود الحب في عالمنا هذا.. بعد ان خفق قلبه له وسقط اسيره..
واغلقت الرواية .. لتتطلع الى هاتفها.. ووجدت اصابعها تضغط على ازراره.. حتى اتجهت الى صورته التي التقطتها له.. وارتسمت ابتسامة بالرغم منها على شفتيها.. تذكرت ذلك اليوم الجميل الذي قضته معه.. تشعر انه كان يوم لا يمكن ان يعود ابدا.. وشعرت بقلبها ينقبض وذكرى الانفصال تخطر على ذهنها في تلك اللحظة.. قد تحرم من مازن الى الابد لو انفصلت عنه.. ستعود الى نقطة البداية وقتها.. ستعود الى وحدتها.. الى عزلتها .. الصمت انيسها والطبيعة صديقتها .. لا اصدقاء او رفاق.. الا تلك الاشياء الجامدة .. ستعود كما كانت فتاة انطوائية لا تحب الحديث الى أي احد سوى والدها.. ومازن الوحيد الذي استطاع ان يخرجها من وحدتها.. ويجعلها تتحدث الى من حولها بمرح وابتسامة.. سيبتعد هو الآخر.. سيتركها وحيدة بطلب منها.. تريده ان يبقى الى جوارها.. وتريده ان يذهب في الآن ذاته!.. لم تعد تعرف ما تريد بالضبط.. كل ما تريده في هذه اللحظة ان تنسى كل اللحظات المريرة التي مرت بها.. وان تبدأ يوم جديد من حياتها.. بتفاؤل وامل ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛



مشادة كلامية حدثت بين عادل وامجد اللذين كان يتحدثان عبر اسلاك الهاتف.. وقد لفتت انتباه كل من في المنزل تقريبا .. واسرع احمد الى والده وقال متسائلا: ما الامر يا والدي؟..
لكن والده لم يجبه بل قال بعصبية: هل تظن ان الامر لعبة اطفال؟ .. لقد وافقت ..ومها ايضا وافقت.. فكيف تتراجعان الآن عن موافقتكما؟.. وتقول لي بكل برود.. ان مها ترفض ابنك.. ولا تريد الزواج به..
اتسعت عينا احمد لما يسمع.. وانصت باهتمام وبكل حواسه للحديث الدائر بينهما.. في حين قال امجد في تلك اللحظة: لقد اخبرتك اني قد اضطررت للموافقة.. بعد ان علمت ان الشركة ستكون في خطر.. لكن الآن لم اعد اهتم .. مايهمني حقا هي مصلحة ابنتي..
قال عادل بانفعال: يبدوا ان جنون خالد قد انتقل اليك.. تريد ان تخسر شركتك من اجل ابنتك..
قال امجد بهدوء: انها تستحق ان اضحي من اجلها بأي شيء..
قال عادل بعصبية: احمق.. انت وشقيقك احمقين.. وستظلان كذلك دائما..
قال امجد بهدوء: ربما سأخسر اموالي.. لكني لن اخسر ابنائي ..
- هذه ليست افكارك.. بالتأكيد خالد هو الذي...
قاطعه امجد بحدة قائلا: لا شأن لخالد بالموضوع.. كل ما في الامر انني اقتنعت بأن سعادة ابنتي اهم من كل شيء.. لهذا لن ازوجها شخص تحيا معه تعيسة طوال عمرها..
قال عادل بخشونة: اظن ان الحياة مع ابني ستجعلها في ارقى المستويات.. وترتدي اجمل الثياب والمجوهرات..
قال امجد ببرود: السعادة ليست بالمال.. واخبرك للمرة الاخيرة .. ان طلبك مرفوض.. وابحث لابنك عن زوجة غير مها..
قال عادل بحدة: اقسم على ان تندم.. فلست اهلا لان تتحداني يا امجد..
قالها عادل واغلق سماعة الهاتف في غضب.. في حين قال احمد متسائلا بذهول: احقا ما سمعته يا والدي؟.. ارفضت مها الزواج بي؟..
قال عادل وهو يكور قبضته بعصبية: فقط لو اعرف من غير افكار عمك نجاه هذه الزيجة..
اما احمد فقد قال بحدة: اذا ما قالته ذلك اليوم كان صحيحا .. لقد رفضتني حقا.. لكن انا من سيجعلها تندم..
قال عادل بصرامة: لا داعي لان تتصرف أي تصرف احمق ..يكفي ما سأفعله بهم انا.. ليعيد لهم صوابهم.. ويجعل امجد يترجاني لأن اقبل بزواج ابنته منك..
تسائل احمد قائلا باهتمام: وما الذي ستفعله يا والدي؟..
التقط عادل سماعة الهاتف وقال بمكر: سأنفذ تهديدي..
وضغط ازرار الهاتف وما ان اجابه الطرف الآخر حتى قال: اهلا فؤاد.. كيف حالك؟.. استمع الي.. سأطلب منك طلبا... قم بسحب رأس المال الخاص بك من شركة امجد.. . لقد رفض ارتباط مها واحمد.. يقول ان الاهم لديه هو سعادة ابنته.. سأقوم بسحب رأس المال الخاص بي انا الآخر.. وريما بعدها يعود عقله الى راسه.. فليكن.. الى اللقاء..
قالها والتفت الى احمد وهو يقول بخبث: ما رأيك؟..
ابتسم احمد بخبث مماثل قائلا: فكرة لا بأس بها.. واظن ان عمي امجد بعدها سيأتي الى منزلنا طلبا للرضى..
قال عادل بسخرية: هذا ما سيحدث بكل تأكيد..
والتفت عن ابنه ليسير مغادرا المكان .. بعد ان قرر ان يتجبر ويظلم عائلة هي اقرب العائلات له.. عائلة شقيقه وابناءه ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اصوات الحان عذبة انتشرت في ذلك المنزل بأكمله تقريبا.. لتتسلل الى النفوس.. وترغم أي شخص على ان ينجذب لها ويستمع اليها..ووسط كل هذا.. توجه كمال الى تلك الغرفة التي صدرت منها تلك الالحان.. وتطلع الى ملاك التي كانت اناملها تتقافز على مفاتيح البيانو بكل رقة..
وطال تطلعه لها حتى ان ملاك قد شعرت بشخص ما يتطلع اليها .. فتوقفت عن العزف والتفتت الى كمال الذي كان يراقبها بعينين غامضتين وهو يعقد ذراعيه امام صدره ويستند الى جدار الغرفة..وقال متسائلا : لم توقفت عن العزف؟..
قالت ملاك متسائلة: ما الذي تفعله هنا؟..
قال كمال وهو يتقدم منها وبابتسامة: جئت لاستمع الى هذه الالحان الجميلة.. وفي الوقت ذاته.. كنت ابحث عنك لاتحدث معك ..
قالت ملاك في حيرة: تفضل.. انا اسمعك..
جلس كمال على مقعد مجاور لها وقال متسائلا: كيف هي احوالك مع مازن؟..
تطلعت له ملاك بشك وقالت: ولم تسأل؟..
قال كمال بهدوء: اسأل عن احوال شقيقي وابنة عمي.. فهل اخطأت؟ ..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا.. لكنها المرة الاولى التي تسألني فيها عن احوالنا..
- لاني قد سمعت قبل سفر مازن بفترة.. انك قد طلبت الانفصال منه.. صحيح؟..
انقبض قلب ملاك وقالت بضيق: اجل..
قال كمال متسائلا باهتمام: ولم؟..
قالت ملاك بحنق: الم تسمع سبب طلبي للانفصال ايضا؟..
عقد كمال حاجبيه وقال: لو كنت عرفت به.. لما سألتك ..
قالت ملاك مجيبه بقهر: لانه خدعني.. كذب علي.. اهان كرامتي.. تزوجني بالرغم منه وهو لا يريديني لاني فتاة عاجزة.. هل ارتحت الآن؟..
قال كمال وهو يسند ذقنه الى كفه: وبعد؟..
قالت ملاك بعد ان شعرت بالغضب من تذكرها لاحداث ذلك اليوم: كما وانه قد اتفق مع عمي .. على ان ينفصل عني بعد ان ينهض ابي من غيبوبته.. ايظنون اني مجرد لعبة في ايديهم؟.. فتاة بلا مشاعر واحاسيس ليفعلوا بي هذا دون ان يخبروني حتى ..
قال كمال فجأة: ولو اخبروك وقتها.. هل كنت ستوافقين على زواجك من مازن؟.. وانت تجدينه يريد الزواج بك لأجل حماية املاكك ليس الا..
ترددت ملاك قليلا قبل ان تجيب بصوت خافت: لا..
حدجها كمال بنظرة ثاقبة ومن ثم قال: ارأيت؟.. ها قد قلتها بنفسك.. كان مازن يفكر في طريقة لحمايتك وحماية املاكك دون ان تشعري بالامر ..
واردف قائلا بابتسامة باهتة: لقد خشى عليك حتى مني..
ارتفع حاجبا ملاك بدهشة وقالت: لم افهم..
قال كمال بابتسامة شاحبة: انت لا تعرفين شيئا عن هذا الامر.. لكن اردت ان اخبرك به.. لعلك تنسين الماضي وتسامحين مازن..
واردف وهو يزفر بحدة: عندما علمت بقرار والدي.. وانه يريد ان يزوجك من مازن.. حتى يحمي املاكك.. عندها.. طلبت من والدي ان اكون انا .. اعني اني انا من اردت ان اخطبك بدلا من مازن..
هتفت ملاك بصدمة: ماذا؟..
قال كمال في سرعة: لاني قد اعجبت بأخلاقك وشخصيتك .. اردت ان اخطبك من والدي.. ولكن.. مازن اعترض على هذا الامر.. وقال اني قد كنت سببا في ان اجرحك مرات عديدة في هذا المنزل.. وهو يخشى ان اسبب لك الحزن بسبب تصرفاتي اللامبالية..
تسائلت ملاك قائلة بذهول وعدم تصديق: انت خطبتني؟.. ومازن اعترض؟؟..و لماذا لم يخبرني احدكم بهذا الامر؟ ..
- لم يكن هناك أي داع.. فأنت وافقت على مازن وانتهى الامر .. ما اردت قوله ان مازن قد اراد حمايتك بالطريقة التي رآها مناسبة في رأيه.. لقد اراد ان تكوني ملكه منذ البداية دون ان يشعر بتصرفاته.. منذ اول يوم دخلت فيه الى هنا وهو يلاحقك بنظراته.. كما وانه قد عاتبني مرات عديدة.. لكلماتي اللامبالية التي القيها على مسامعك .. هذا غير انه قد كان احن شخص فينا عليك .. وانا اعترف له بذلك..لقد استطاع ان يخرجك من انطوائيتك.. جعلك تبتسمين للحياة من جديد.. وحتى عندما كنت منهارة لما اصاب والدك.. هو الوحيد الذي استطاع ان يهدأك..مازن هو الاحق بك من أي شخص آخر .. لقد كان لك الاخ والصديق في وقت لم يكن والدك بجوارك.. لأجلي يا ملاك.. فكري في الامر جيدا.. وفكري في مازن الذي اصبحت بالنسبة له كالدم الذي يجري في عروقه..
تطلعت له ملاك وقالت وهي تتنهد: لم تتطلب مني ان اسامحه؟.. وانت كنت تريد ان ترتبط بي في البداية.. اظن انه الاجدر بك ان تحاول ابعادي عنه.. كما يفعل جميع الناس في هذا العالم..
قال كمال بابتسامة: ليس جميع الناس متشابهون.. فكما توجد هناك ملاك بقلبها الابيض.. ويوجد عمي خالد بتفانيه وتضحيته .. يوجد ايضا.. بشر يحاولون اسعاد غيرهم حتى وان كان هذا على حساب نفسهم..
ونهض من مجلسه ليقول قبل ان ينصرف: ولا تنسي يا ملاك.. مازن هو اكثر شخص يستحقك.. ويستحق ان تسامحيه.. لأجل نفسك.. ومن اجله.. لا تتعلقي بشبح الماضي المرعب .. وتطلعي الى المستقبل المشرق الذي ينتظركما معا..
قالها وانصرف عنها.. وهو يعلم بداخله .. انه كان يقتل نفسه مع كل كلمة ينطق بها.. من كان يظن انه هو من سيحاول اقناع ملاك بأن تسامح مازن وان تعود اليه؟.. وقلبه الذي ارادها من البداية وتمناها كزوجة له.. يتخلى عنها الآن.. لأجل سعادتها.. وسعادة شقيقه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(كاذب!)
كلمة نطقتها مها وهي تتحدث الى حسام عن طريق هاتفها المحمول وقالت مردفة بعدم تصديق: انت تمزح بكل تأكيد يا حسام..
قال حسام بنفي: كلا .. وانظري من النافذة لتتأكدي بنفسك ..
اسرعت مها تتوجه الى نافذة غرفتها التي تطل على مدخل المنزل.. وتطلعت الى السيارة التي بدات تقترب من سور (الفيلا)..وقالت وهي تزدرد لعابها: اذا فالامر حقيقي.. ولماذا لم تخبرني بالامس؟..
قال حسام مبتسما: اردتها ان تكون مفاجأة.. ثم الم تقولي بنفسك بأن والدك يرحب بنا في أي وقت؟.. وها انذا قد جئت اليوم لطلب يد الآنسة مها للمرة الثانية.. واتمنى ان ينتهي الامر هذه المرة بسلام.. دون طرد..
ضحكت مها على تعليقه وقالت بمرح: انا من سيطردك هذه المرة .. لأنك لم تخبرني بمجيئك.. ولن اجد الوقت الكافي للاستعداد.. اتعلم شيئا؟.. لن آتي للجلوس معكم.. هذا افضل حل..
قال حسام الذي غادر سيارته للتو : جربي فقط.. وستجدينني انتظر عند باب غرفتك..
قالت مها وهي تتطلع اليه من النافذة وابتسامة على شفتيها: حسنا .. حسنا.. دعني استعد الآن.. ولا تأخرني اكثر من هذا ..الى اللقاء..
قالتها في سرعة.. وانهت المكالمة.. لتسرع نحو خزانتها .. وتفتح احد ابوابها.. وتتطلع الى الفساتين المنتشرة على مساحة كبيرة من الخزانة.. وقضت وقتا طويلا حتى استقر اختيارها على فستان هادئ الالوان..
وما ان انتهت من تصفيف شعرها وزينتها.. حتى اسرعت تنتعل حذائها.. وكادت ان تخرج من الغرفة بعدها .. لكنها عادت لتلقي نظرة اخيرة على شكلها وزينتها في المرآة.. وما لبثت ان ابتسمت برضا وهي تغادر الغرفة اخيرا متوجهة الى الطابق الارضي..
وهناك وصلت الى غرفة الجلوس بكامل اناقتها وجمالها.. والتفت لها الجميع وهم يتطلعون اليها بنظرات اعجاب وانبهار..وسمعت لحظتها خالها وهو يقول بابتسامة: هاقد وصلت العروس..
خفق قلب مها بقوة وتقدمت من المكان لتقول بصوت خافت: اهلا بك يا خالي.. كيف حالك؟..
تطلع اليها خالها وقال بحنان: بل كيف حالك انت يا ابنتي؟..
ازدردت مها لعابها وقالت بعد ان جلست الى جوار والدها: بخير..
ابتسم لها والد حسام.. في حين تطلع لها حسام بنظرات طويلة ذات معنى.. وقال الاول وهو يلتفت الى امجد: كما اخبرتك يا امجد.. فعلى الرغم من كل ما حدث.. فلازلنا نتشرف بطلب يد ابنتك مها لابني حسام للمرة الثانية.. وارجو ان تجيب مطلبنا بالموافقة..
ازدادت سرعة خفقات قلب مها .. واطرقت رأسها في حياء.. في حين قال امجد مبتسما: بالنسبة لي ليس لدي أي مانع .. فحسام قد تربى بيننا ووسطنا.. فهو ابني كما هو ابنك تماما يا سامي..
قال سامي بهدوء: لقد كنت واثقا من هذا.. ولولا الظروف التي اجبرتك على الرفض في المرة السابقة ..لما جئت الى هنا مرة اخرى..
تساءل امجد بقلق: الظروف؟.. هل اخبرك احدهم بسبب رفضي في المرة السابقة..
ربت سامي على ساق حسام وقال بابتسامة هادئة: اجل حسام اخبرني بكل شيء.. واقنعني انه ليس ذنبك ان كنت قد وافقت على احمد لابنتك قبل ان نخطبها لحسام.. ولم ترد وضع نفسك في موقف محرج مع عادل..
تساءل امجد وهو يعقد حاجبيه بتوتر: اهذا ما اخبرك به حسام .. فقط؟..
التفت له سامي وقال وهو يعتدل في جلسته: اجل.. والآن اخبرني متى تريد ان نحدد موعد عقد القران.. فابني مستعجل بأكثر مما تتصور..
رفعت مها في تلك اللحظة عينيها الى حسام الذي كان يتطلع اليها باعجاب.. وما ان تلاقت نظراتهما حتى ابتسم لها ابتسامة تعبر عن كل ما يجيش في صدره من سعادة.. وبادلته هي بابتسامة خجلة.. تحمل فرحتها بالارتباط به اخيرا ..
قال امجد وهو يلتفت الى مها: الرأي رأي مها وحسام.. فليتفقا على موعد يناسبهما.. وسنعد نحن لهذا اليوم..
قال حسام وهو يتطلع الى مها: اذا.. هل يناسبك ان يكون موعدها بعد اسبوعين يا مها؟..
اسرعت مها تقول: لا.. على الاقل انا بحاجة لشهر او اثنين..
قال حسام باستنكار: شهر او اثنين؟..لابد وانك تمزحين..
قال امجد مبتسما: الفتيات دائما هكذا.. يردن اطول فترة ممكنة ..ليستعدن لأي حفل..
قال حسام بمرح: يبدوا واني سأجعل عقد القران غدا.. انتقاما من جميع الفتيات..
وضع امجد كفه على كتف مها وقال :ما رأيك يا مها؟.. متى تريدين عقد القران؟..
واسرع حسام يقول: لا تقولي بعد شهر.. والا جعلته غدا..
ابتسمت مها بخجل وقالت: فليكن بعد ثلاثة اسابيع ..
ومع ان هذا لم يرضي حسام ابدا.. الا انه اضطر لأن يوافق قائلا باستسلام: ما بليد حيلة.. انا موافق..
اما سامي فقد قال مازحا: منذ الآن قد بدأت مها تفرض رأيها عليك يا حسام..
قال حسام بمرح: وماذا عساني ان افعل؟.. علي ان ارضخ لأوامرها في الوقت الحالي..
قال امجد وهو يتطلع الى مها بنظرات حنان ابوية: هذه مها.. لقد دللتها طوال حياتها.. واريدك ان تضعها في عينيك يا حسام ..
قال حسام في حزم: مها في عيني الاثنتين دون ان تقول يا عمي ..
قال امجد مبتسما: انا واثق من هذا يا بني.. فأنت من كان يحمي مها ويدافع عنها.. منذ ان كنت في السابعة من عمرك ..
التفت حسام الى مها ومن ثم قال بحب: لقد كانت مشاعري تتحرك تجاهها منذ ان كانت في المهد..
توردت وجنتي مها بخجل واحراج شديدين ولم تقوى على النطق بأي حرف..في حين التفت لها والدها وقال بابتسامة: اذا فلا يسعني سوى ان اقول الآن.. مبارك يا مها..
وارتسمت على الشفاه ابتسامة.. عبرت عن كل الفرح الذي يرفرف حولهم.. وعن انتهاء ايام العذاب والشقاء الى الابد ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
شعرت ملاك بارهاق شديد وهي تتوقف عن مواصلة التدريب وقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: اظن انه يكفي لهذا اليوم..
ابتسم لها الطبيب قال: من الغريب انك اليوم لم تطلبي ان تتوقفي عن التدريب بعد ساعة.. لقد واصلتي حتى الساعتين..
قالت ملاك بارهاق وهي تمسح جبينها: لقد اردت ان افعل المستحيل .. حتى اقف على قدمي من جديد..
قال الطبيب بهدوء: جيد.. هكذا اريدك في كل مرة..
ومن ثم التفت الى الممرضة .. وسألها عن التقرير الطبي الخاص بها.. فمنحته اياه.. فقرأه على عجل ومن ثم قال وهو يستدير عنها ويغادر المكان: يمكنك المغادرة الآن..
ساعدت الممرضات ملاك في ان تعود الى مقعدها المتحرك.. في حين اقتربت منها مها في تلك اللحظة وقالت متسائلة: لقد استغربت انا الاخرى نشاطك في اداء تدريباتك..
ابتسمت ملاك ابتسامة عذبة وقالت : ااخبرك بشيء؟..
اومأت مها برأسها وهي تستمع الى ملاك التي قالت بعد ان ازدردت لعابها: لقد حلمت حلما بالامس..
قالت مها بفضول: اخبريني بما حلمت اذا..
ترددت ملاك قليلا ومن ثم قالت بابتسامة سعيدة: حلمت اني سرت على قدمي و...
قالت مها بلهفة: اكملي..
قالت ملاك ببعض الخجل: وان مازن قد قال لي وهو يراني اسير "ستظلين ملاك حبي يا ملاك.. حتى لو ظللت عاجزة الى الابد" ..
شعرت مها بدهشة ومن ثم قالت بخبث: وهل صدقت الحلم ورفضت تصديق شقيقي؟..
قالت ملاك في سرعة: ليس الامر هكذا.. وانما .. لقد قالها بطريقة مختلفة في الحلم.. لقد شعرت انه يقولها بصدق وحنان..
قالت مها متسائلة بلهفة: وماذا قررت اذا؟.. لقد قال لي مازن انه سيعود اليوم..ويريد ان يعرف قرارك ..
رفعت ملاك كفها امام مها وقالت وهي تزدرد لعابها بارتباك وخجل: ما ترينه..
شعرت مها بمزيج من الفرحة والدهشة وعيناها تسقط على ذلك الخاتم الماسي الذي اعادت ملاك ارتداءه ..وقالت هذه الاخيرة وهي تتطلع الى الخاتم بدورها: لقد طلبت من نادين ان ترميه.. لكن يبدوا انها غافلتني ووضعته في الدرج.. ووجدته بالامس فقط عن طريق المصادفة ..
قالت مها بلهفة : اهذا يعني انك سامحت شقيقي اخيرا؟..
قالت ملاك بغرور مصطنع: لا تزال لدي شروطي..
ضحكت مها وقالت وهي تخرج هاتفها من حقيبتها: سأتصل به.. واخبره بهذا.. فبالتأكيد سيحلق من السعادة..
قالت ملاك في سرعة: لا.. دعيه.. اريدها ان تكون مفاجأة له..
توقفت مها عن ضغط باقي الارقام وقالت مبتسمة: معك حق .. ستكون مفاجأة رائعة له حقا..
خفق قلب ملاك وقالت بابتسامة: اتمنى هذا.. لقد افتقدته كثيرا في الايام السابقة..
قالت مها وهي تتعمد احراج ملاك: ليت مازن هنا ليسمع هذا الكلام..
قالت ملاك بخجل: توقفي عن قول هذا الكلام يا مها..
دارت مها حول مقعد ملاك وقالت وهي تدفعه: لهذا كنت تمارسين تدريباتك بكل نشاط وجد هذا اليوم.. من اجل مازن اذا..
التفتت ملاك الى مها وقالت هاتفة باحراج: ارجوك يكفي يا مها..
وضعت مها كفها على شفتيها وقالت بمرح: حسنا ها قد صمت ..
ولم يليثوا ان وصلوا الى السيارة التي اقلتهم الى المنزل..وما ان دلفت مها وملاك الى المنزل والاولى تدفع ملاك الى حيث غرفتها.. حتى ارتفع صوت رنين هاتف ما بالمنزل .. فقالت مها متسائلة: هل هو هاتفك؟..
شهقت ملاك وقالت: يا الهي لقد تركته في الغرفة.. سيقلق مازن الآن..
واسرعت تحرك عجلات مقعدها نحو الغرفة لتفتح بابها وتدلف الى الداخل ومها من خلفها تقول بمرح: واصبحت تهتمين لقلقه ايضا .. سبحان مغير الاحوال..
شعرت ملاك بالخجل وهي تستمع اليها وتحرك عجلات مقعدها في سرعة حتى وصلت الى حيث هاتفها .. ووجدته حينها قد توقف عن الرنين.. فالتقطته لتتطلع الى ان هناك عشر مكالمات تقريبا لم تجب عليها.. وشعرت بالتردد من الاتصال بمازن من عدمه..لقد طلب منها ان تجيب على اتصالاته على الاقل.. ولكنه الآن سيظنها تتعمد تجاهله.. لهذا بعد تفكير قررت ان تتصل به .. فيجب عليها في النهاية ان تقدم بعض التنازلات له .. فمهما يكن مازن هو ابن عمها وزوجها..
وحسمت امرها لتتصل به.. واستمعت الى الرنين المتواصل لكن دون اجابة.. استغربت هذا للوهلة الاولى.. وعاودت الاتصال مرة اخرى لكن دون اجابة ايضا.. وارتفع حاجباها باستغراب وهي تراه لا يجيب على اتصالاتها.. لكن.. ربما كان مشغولا او ربما.. لا يود الاجابة عليها..
والقت الهاتف بحنق دون ان تهتم بأي شيء آخر.. فبعد ان قررت ان تنسى الماضي وتتصل به .. وجدته يتجاهل اتصالها .. انه لا يستحق ان تبدي اهتماما به حتى...
ومن جانب آخر.. او لنقل في ذلك المبنى البعيد عن منزل امجد .. وفي تلك الشركة بالذات.. قال عادل بخبث وهو يتحدث الى فؤاد عبر اسلاك الهاتف: اجل اليوم.. قد سحبت راس مالي من شركته.. ولنرى ما سيفعله..
قال فؤاد بهدوء شديد كمن يثق بالامر ثقة عمياء: سيأتي اليك ويطلب منك ان تعيد رأس مالك الى شركته.. لانها تتعرض للافلاس..
قال عادل مبتسما: هذا ما اتمناه.. وبعدها نستطيع ان نتفرغ لملاك ونحصل على نصيبها هي الاخرى في الشركة.. بمجرد الضغط عليها و...
ردد فؤاد فجأة: الضغط عليها؟؟..
قال عادل بحيرة: اجل هذا ما اقترحته انت ذلك اليوم ..لكون الشركة ملكا لها.. اليس كذلك؟..
قال فؤاد متسائلا ومتجاهلا عبارة عادل: لقد غادر مازن البلاد ..ولم يعد حتى الآن.. صحيح؟..
اجابه عادل بحيرة اشد: اجل.. لم تسأل؟..
وللمرة الثانية تجاهل فؤاد سؤال عادل وقال بحماس: هذا افضل وقت اذا.. وخصوصا عند ابتعاد اكثر شخصين كانا يدافعان عنها ويحاولان حمايتها.. خالد ومازن..
قال عادل وهو يعقد حاجبيه: ما الذي تفكر فيه بالضبط؟..
قال فؤاد بابتسامة ماكرة مجيبا: سأجعل ملاك تتنازل عن الشركة .. برغبتها الكاملة..
- وكيف ذلك؟..
- ستعلم كل شيء في حينه.. المهم الآن هو ان امجد في الشركة في هذا الوقت.. وكمال ليس له اية كلمة مسموعة.. وخالد ومازن ليسا هنا.. لا يوجد وقت افضل من هذا لكي نحصل فيه على الشركة بكل يسر وسهولة..
واردف قائلا في سرعة: الى اللقاء الآن.. وسأخبرك بكل شيء بعد ان يتحقق ما اريده..
واسرع يغلق هاتفه.. ومن ثم يلتقط ورقة ليخط عليها كلمات ما.. وما ان انتهى حتى اسرع يضعها في جيب سترته.. ويسير بخطوات سريعة مغادرا المكتب.. واستوقفته السكرتيرة قائلة وهي تراه يهم بالخروج من مكتبها: سيد فؤاد.. هناك اجتماع بعد نصف ساعة .. الن...
قاطعها فؤاد في سرعة: اجلي كل المواعيد او الاجتماعات لبعد ساعتين من الآن.. لدي عمل ضروري وسأعود فيما بعد ..
اومأت السكرتيرة برأسها وقالت : امرك سيد فؤاد..
ولم يلبث ان غادر فؤاد المكتب.. ليغادر من بعده مبنى الشركة بأكمله..ويستقل سيارته لينطلق بها الى منزل امجد في الحال..
وما ان وصل حتى تعالى صوت بوق سيارته.. حتى فتح له الحارس اخيرا باب المنزل الخارجي بعد ان تعرف عليه.. ودخل بسيارته الى الحديقة.. ولم يلبث ان هبط منها وهو يتجه نحو مدخل المنزل ويدلف اليه.. وبحثت عيناه في ارجاء المكان عن ملاك.. لكنه لم يجد لها اثرا.. فاستدعى احدى الخادمات وطلب منها ان تستدعي ملاك الى غرفة الجلوس حيث سيكون هو..
ومر الوقت بطيئا ومملا عليه حتى شاهد ملاك تقترب منه اخيرا وهي تدفع عجلات مقعدها بهدوء شديد.. وتقول: اهلا عمي ..
تطلع لها فؤاد بنظرات ماكرة وقال: اهلا بك.. كيف حالك؟ ..
اجابته ملاك بابتسامة مصطنعة: بخير..
لم تعلم ملاك لم لم تشعر بالراحة منذ ان قالت لها الخادمة بأن عمها فؤاد يطلب رؤيتها.. وازداد شعورها هذا عندما وقعت عيناها عليه ..ربما لان عمها هو السبب في كل ما حدث لوالدها وقد حذرها هذا الاخير منه مرارا.. او ربما لان عمها لم يتمنى لها الخير في حياته.. وكان يسعى دائما لاقتناص أي فرصة تمكنه من سلب حقوقها..
وقال عمها في تلك اللحظة وهو يشير لهابأن تقترب منه: اقتربي يا ملاك..
ازدردت ملاك لعابها بتوتر واقتربت من المكان الذي يجلس فيه عمها.. فمال نحوها هذا الاخير وقال بمكر: لا بد وان مصلحة كل من حولك تهمك.. اليس كذلك؟..
اومأت ملاك براسها دون ان تعلق.. وان بدأ قلبها بالخفقان وهي تشعر ان قدوم عمها هذا اليوم لن يمر على خير..في حين اردف عمها قائلا بلهجة ذات مغزى:جيد.. وكيف حال والدك الآن؟ ..
شعرت ملاك بالقلق على والدها وقالت بخوف: انه بخير.. لماذا السؤال؟..
تسائل عمها بابتسامة خبيبثة: واتعرفين سبب بقاءه حتى الآن بالمشفى على الرغم من انه قد شفي مما به؟..
شعرت بالحيرة مما يقوله وقبل ان تعلق بأي حرف.. قال بخبث اكبر: انها اوامري.. فقد طلبت من الطبيب ان يتركه تحت اشرافه اطول فترة ممكنة.. حتى يتسنى لي الحديث معك بهدوء ..
خفق قلب ملاك بخوف وقالت بارتباك: ماذا تعني يا عمي؟..
اخرج فؤاد ورقة من جيب سترته..ووضعها امام وجهها قائلا : هذه الورقة بحاجة لتوقيعك فقط.. وبعدها سينتهي كل شيء بهدوء..
ارتجف قلب ملاك بين ضلوعها وتطلعت له بنظرات متوترة ومرتبكة وهي تقول: وماذا تحمل هذه الورقة؟..
ابتسم فؤاد وقال بابتسامة وحشية: ورقة تنازل عن الشركة .. شركتك انت..
اتسعت عينا ملاك بدهشة.. ولكنها قالت في سرعة: مستحيل .. لن اوقع عليها.. لن اتنازل عن شركة ابي لأي مخلوق كان..
قال عمها ببرود: لقد سمعت ان والدك يستطيع ان يخرج بعد يومين .. ما رأيك ان نطيل المدة اذا الى شهرين؟..
هتفت ملاك قائلة بكلمات مرتجفة: ما الذي تعنيه؟.. ابي لا شأن له.. انا مالكة الشركة .. وانا من لها الحق في التصرف فيها ..
قال فؤاد بخبث: الم تقولي للتو ان مصلحة الجميع تهمك.. وهذا هو والدك واقرب الناس اليك.. يجب عليك ان تتنازلي بالشيء القليل لاجله ..
قالت ملاك بتردد: لكن ابي هو من تعب في انشاء هذه الشركة واستمرارها.. فكيف اضيع تعبه بهذه السهولة؟..
- انت ستفعلين هذا من اجله يا...
قاطعها صوت شاب وهو يدلف الى الغرفة قائلا بحزم: لا تصدقيه ..فهو لا يهتم الا بالمال .. حتى وان كان هذا على حساب شقيقه ..
التفتت ملاك الى صاحب الصوت وقالت بقلق وخوف: لكني اخشى على ابي..اخشى ان يصاب بمكروه يا كمال..
قال كمال وهو يقترب من عمه: لن يستطيع فعل شيء.. ثقي بهذا..
اما فؤاد فقد سلم ملاك ورقة التنازل .. وقلم حبر جاف وقال بصرامة: وقعي الآن.. هيا .. والا ستفقدين والدك حقا هذه المرة ..
صاح فيه كمال بغضب: يوجد قانون في هذه البلاد.. لسنا نعيش في غابة حتى يلتهم القوي حق الضعيف..
قال فؤاد وهو ينهض من مكانه ويواجه كمال: الاموال تصمت الجميع يا عزيزي.. وهذه ليست المرة الاولى التي استخدمها فيها ..لعلمك فقط..
واردف قائلا وهو يهتف في ملاك: وقعي اذا كنت تريدين ان تري والدك من جديد..
اما كمال فقد قال بعصبية وغضب: يكفي يا عمي.. انه شقيقك .. وملاك هي ابنته.. لم تفعل هذا بها؟..
قال فؤاد ببرود: لانها لا تستحق ان تمتلك شركة وهي مجرد عاجزة .. هذه الشركة بحاجة لمن يديرها ولمن يكون خبيرا بها..
قال كمال وهو يحاول ان يتجاوز عمه ويتجه الى ملاك التي ترقرقت الدموع في عينيها وهي تتطلع الى الورقة بتردد.. وهتفت قائلة بحروف مختنقة: لو وقعت على هذه الورقة.. ستخرج من حياتنا الى الابد.. ستتركني انا وابي نعيش بسلام ..
قال فؤاد بسخرية: وسأنسى وجودكما ايضا.. فقط وقعي..
امسكت ملاك القلم بأنامل مرتجفة وهي تهم بالتوقيع في المكان المخصص لذلك.. في حين هتف فيها كمال وهو يحاول ابعاد عمه الذي يمنعه من تجاوزه والتوجه الى ملاك: ملاك لا توقعي.. انه يكذب عليك.. لن يستطيع فعل شيء.. صدقيني ..
قالت ملاك بصوت باكي: انه ابي.. وسأفعل أي شيء من اجله .. حتى وان كان التنازل عن الشركة بأكملها..
قالتها واناملها الحاملة للقلم تتجه للورقة .. وتهم بالتوقيع مرة اخرى .. لولا ان قاطعتها صرخة هذه المرة جعلت الجميع يلتفت لها وصاحبها يقول بصرامة وانفعال: اياك ...
تطلع الجميع الى صاحب الصوت بغرابة.. واطالو ا النظر اليه وهم يريدون التأكد من انه نفسه ناطق الكلمة السابقة.. وواصل هو قائلا بصرامة: اياك يا ملاك.. اياك ان تفعليها..
ران الصمت لدقائق على المكان..الا من صوت انفاسهم..واخيرا نطق كمال قائلا بدهشة وحيرة: مازن!! .. متى وصلت؟!..
قال مازن وهو يرمق عمه بنظرة حانقة: منذ قليل.. وعندما سألت الخادمة عن مكان وجودكم.. قالت ان عمي وملاك في غرفة الجلوس.. وجئت لارى الامر بنفسي..وما يدعو عمي لزيارة ملاك في مثل هذا الوقت..
وتقدم من ملاك بخطوات سريعة..متجاوزا عمه الذي لم يستطع منعه من التقدم وهو يقف في مواجهة كمال..و قال بصوت غاضب: اياك ان توقعي وتنفذي له ما يريده.. والدك حارب طويلا من اجل هذه الشركة واستمرارها فلا تضيعي تعبه كله في لحظة ضعف منك..
هتفت ملاك وهي تعض على شفتيها بمرارة: سافعل أي شيء من اجل حماية ابي..
قال كمال في تلك اللحظة: ملاك لا تفعلي.. انها شركتك انت فقط.. لا تسلميها له بكل هذه السهولة..
اما فؤاد فقد قال بابتسامة ساخرة وخبيثة: وقعي يا ملاك.. ولا تهتمي لأحد.. والدك اولا..
وقبل ان تفعل ملاك أي شيء.. جذب مازن القلم من بين اناملها ورماه بعيدا وهو يهتف قائلا: سأمنعك يا ملاك ولو بالقوة..
قال فؤاد وهو يتقدم منه بغضب: كيف تسمح لنفسك بفعل هذا؟..
تطلع له مازن بتحدي.. وتحت وطأة نظرات الذهول والدهشة التي رمقت بها ملاك مازن.. وجدته يأخذ الورقة من كفها ويمزقها الى عشرات القطع وهو يقول بانتصار وحزم: ارني الآن ما الذي ستفعله؟..
تطلع له عمه بحقد وغضب قائلا: ساريك حقا ما سافعله.. ولا تظن انك سترى عمك خالد قبل مرور اشهر.. بكلمة واحدة مني استطيع ان انهيه من الوجود.. وبطريقة لا يشك فيها أي شخص ..
قال مازن بعصبية وغضب: انه شقيقك.. اتفكر في التخلص منه من اجل اموال لن تستفيد منها؟..
قال فؤاد ببرود: انا لم اقل اني سأتخلص منه.. كل ما هنالك ان فترة اقامته ستطول بالمشفى.. ولتنفعه تلك العاجزة وقتها..
قال مازن بحدة: هذه العاجزة التي تتحدث عنها هي زوجتي.. ولا اسمح لك بأن تتطاول عليها لاكثر من هذا.. وانظر الى عقاب الله تعالى لك وانت تحاول ان تظلم ملاك وتستولي على نصيبها في الشركة.. لقد حرمك الابناء الذين من صلبك.. واموالك هذه لن يرثها احد من بعدك.. وستنتقل لاشقائك في النهاية..
قال فؤاد وهو يشير له باصبعه بتهديد: لاشأن لك.. انا افعل كل هذا لأجل نفسي.. لست بحاجة لابناء يشاركوني في شيء .. ستندمون جميعا.. وستندمين انت ايضا يا ايتها العاجزة..
قالها واستدار مغادرا غرفة الجلوس بغضب.. وعقله يفكر في طريقة لينتقم منهم جميعا..اما مازن فما ان لمحه قد غادر المنزل حتى زفر بحرارة وقال : واخيرا..
اما كمال فقد قال بابتسامة باهتة وهو يقترب منه ويضع كفه على كتفه: حمدلله على سلامتك يا اخي..
ابتسم له مازن وقال بهدوء: اشكرك.. لقد اخبرتني مها ما فعلته لاجلها.. وها انذا الآن رأيت بعيني ما تفعله لاجل ملاك.. لقد كنت اهلا للثقة ولتحمل المسئولية حقا..
قال كمال بهدوء: لا تقل هذا.. مها هي شقيقتي..وملاك هي ..شقيقتي الاخرى..
في هذه اللحظة فقط التفت مازن الى ملاك بعد ان شعر انها ربما تكون في موقف عصيب بعد كل ما جرى لها.. وبعد كل ما سمعته.. وابتعد عن كمال ليقترب منها ويقول بهدوء: ملاك.. لا تصدقيه.. ثقي بي انه يكذب..انها مجرد كلمات يهدد بها.. لن يستطيع فعل شيء..
رفعت ملاك عينيها المترقرقتان بالدموع وقالت بصوت مختنق: لماذا ذهبت وتركتني؟.. لماذا؟..
لم يعرف مازن ما تعنيه كلماتها بالضبط.. فهبط الى مستواها وقال بابتسامة وهو يمسح على شعرها: لقد سافرت بالرغم مني يا ملاك.. انت تعلمين اني لم اسافر الا من اجل ان احافظ على شركتك وشركة والدك..
وكمال الذي رأى نفسه دخيلا عليهما قرر الانسحاب من الغرفة بهدوء..دون ان يشعر به احدهما.. وهو يتنهد بألم.. ويتمنى من كل قلبه.. ان يسعد شقيقه وملاك في حياتها القادمة ...
اما ملاك فقد قالت في تلك اللحظة مرددة وكلماتها تقطر مرارة والم: لماذا تركتني؟.. الم تعلم اني احتاجك؟.. احتاجك اكثر من أي وقت مضى يا مازن..
تطلع لها مازن بحيرة وقال متسائلا بقلق: ملاك .. ماذا بك؟.. هل حدث شيء ما؟..
همست ملاك قائلة بكلمات متقطعة: لقد افتقدتك.. وعمي.. جاء اليوم ليستولي على شركة ابي.. الذي انهضها بجده.. لم اكن اريد ان اوقع.. لكنه قد يؤذي ابي..لقد خشيت عليه ..
امسك مازن بكتفي ملاك وقال بصوت حاني: اهدئي الآن يا ملاك .. وانسي أي شيء مضى.. فقط اهدئي..
تنهدت ملاك وقالت وهي تلقي برأسها على صدره : اريد ان ارتاح..ان انسى.. اريد ان احيا في سعادة كباقي البشر .. تعبت من البكاء.. تعبت من الشعور بالالم والمرارة.. اريد ان انسى وارتاح.. ساعدني على ذلك يا مازن.. ارجوك ..
ومازن الذي شعر بالدهشة من موقف ملاك تجاهه.. لكنه لم يلبث ان احاط جسدها بذراعيه وقال بهمس وحب: انا لك يا ملاك.. سأجعلك تنسين كل لحظات المرارة التي عشتيها سابقا .. وتبدئين حياتك بكل سعادة وفرح.. سأجعلك تنسين معنى الدموع.. وتتذكرين الابتسامة التي ستشرق على وجهك دائما.. فقط اهدئي الآن.. ولا تفكري في شيء ابدا .. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(حمقى.. اغبياء..بلهاء.. )
كانت كلمات يرددها فؤاد بانفعال وهو يسرع بسيارته المنطلقة من منزل امجد.. متجها بها الى المشفى الذي به خالد الآن ..وتطلع الى ساعة السيارة التي كانت تشير الى انه لم يبقى الا ساعة على الوقت الذي حدده للاجتماع التالي.. فشد من قبضته على مقود السيارة وقال بغضب: تبا لك يا مازن.. ما الذي اعادك في هذا الوقت؟.. كان كل شيء يسير على ما يرام حتى حئت انت وقلبت الامور راسا على عقب.. تبا لك.. ستنال ما تستحقه قريبا.. انت وتلك العاجزة..
واستطرد بقسوة: وستنال جزائك انت كذلك يا خالد.. فأنت لا تستحق ان يفضلك والدي – رحمه الله – علينا.. منذ ان كنا صغارا وانت المدلل.. لمجرد انك اصغرنا.. وفي النهاية اختارك انت ليسجل اكبر شركاته باسمك.. لهذا والآن سآخذ حقي منك ولو بالقوة..
وعاد لينطلق بسرعة اكبر وهو يرى ان الوقت يمضي والمشفى لا يزال بعيدا..ولم يجد امامه سوى ان يتجاوز تلك السيارة التي امامه .. متجاهلا أي شيء آخر.. متجاهلا ان الطريق الذي على يساره هو طريق عكسي للسير..
وادار مقود السيارة لينطلق باقصى سرعة .. وهنا.. وهنا فقط رأى تلك الشاحنة التي تنطلق نحوه في طريقها العكسي .. وكرد فعل غريزي ادار مقود نحو خارج الطريق.. واثر سرعته لم تحتمل السيارة كل هذه السرعة وادراة المقود فجأة لهذا انقلبت رأسا على عقب عدة مرات قبل ان تستقر بشكل مقلوب.. واشتعلت فيها النيران بعد عدة دقائق لتلتهم كل شيء واي شيء مما حولها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ابتسم مازن لملاك التي رفعت رأسها عن صدره وقال بحنان: هل هدأت الآن؟..
اومأت ملاك برأسها .. فمسح مازن دموعها برفق وقال مازحا وهو يريد التخفيف عنها: لكنك بللت قميصي بدموعك ..
ابتسمت ملاك بالرغم منها وان كانت ابتسامة شاحبة وهي تقول: حقا؟..
تطلع لها مازن بحب ومن ثم قال بابتسامة وفرح: لا اعلم ما الذي جرى في هذه الدنيا .. لكن يبدوا ان من اراها الآن هي فتاة اخرى غير ملاك .. التي امامي تبتسم لي ويبدوا انها قد نست الماضي اخيرا..
قالت ملاك متجاهلة ما قاله وبتساؤل: لكن متى عدت؟.. ولماذا لم تجب على اتصالاتي عندما اتصلت بك؟..
قال مازن وهو يتطلع الى ملاك بنظرة طويلة وكأنه يريد ان يملأ عيناه من صورتها لأطول وقت وقال : منذ ساعة فقط.. ولقد اتصلت بك لابلغك اني قد وصلت الى البلاد.. لكنك لم تجيبي على اتصالي .. فظننت انك تتعمدين ذلك.. ولا اخفيك انه عندما رأيت اتصالك بي.. شعرت بالسعادة وان قلبك قد حن علي اخيرا ..وكدت اجيبك.. لولا ان خطرت بذهني فكرة ان اترك قدومي الى هنا مفاجأة لك..
هتفت ملاك بحدة: غبي.. لقد اقلقتني عليك بما فعلته..
استغرب مازن من عبارتهاللوهلة الاولى لكنه لم يلبث ان قال بسرور: احقا يا ملاك؟..
اشاحت بوجهها عنه وقالت بضيق: لا تفعل هذا بي مرة اخرى ..
امسك مازن بذقنها برقة وادار وجهها اليه ليقول بصوت هامس حنون: اشتقت اليك يا ملاكي..
منحته ملاك ابتسامة باهتة قبل ان تقول مغيرة دفة الحديث: ماذا سيفعل عمي فؤاد بأبي يا مازن؟..
قال مازن بهدوء وهو يضع كفه الاخرى على كتفها: لا تقلقي .. لن يستطيع فعل أي شيء..
قالت ملاك بقلق : اانت واثق؟..
هو مازن كتفيه وقال: مجرد تهديد ليخيفك وتوقعي على التنازل .. اتظنين انه سيستطيع فعل ما يريد بكل هذه السهولة ..
وضعت ملاك كفها على صدرها بخوف وقالت : لكني قلقة وخائفة.. اخشى ان يحدث لأبي مكروه..
تسائل مازن قائلا وهو يريد ان يعرف جوابا لذلك السؤال الذي يدور في راسه: ملاك.. لم تخبريني بعد.. لقد عدت من فرنسا الآن.. فهما هو قرارك؟..
قالت ملاك وهي تلتقط نفسا عميقا: الم تعرفه بعد؟..
اسرع مازن يقول: كلا.. لكن ان كان اصرارك على الانفصال فأرجوك للمرة الاخيرة ان تفكري و...
قاطعته ملاك بابتسامة وهي تهز رأسها نفيا قائلة: الم تلحظ الخاتم بعد يا مازن؟..
توجهت انظار مازن الى الخاتم الماسي الذي عاد ليحتل اناملها مرة اخرى..وشعر بسعادة الدنيا بأكملها وقتها.. شعر ان روحه قد عادت الى جسده..وانه اصبح كالطيور يحلق في السماء بكل حرية.. وهتف قائلا بفرح : لست اصدق.. لست اصدق .. اخيرا يا ملاك.. اخيرا..
لم تعلق ملاك بحرف واحد واكتفت بأن تطلعت اليه وتلك الابتسامة لا تزال تحتل شفتيها.. في حين قال مازن وهو يمسك بكلتا كتفيها : لقد اتعبتني يا ملاك.. اتعبتني يا ايتها الطفلة ..اتعبتني بعنادك.. بكبريائك.. اتعبتني بقسوتك ..
قالت ملاك بتهديد : لكن اعلم اني لن اسامحك في كل مرة على أي ...
قاطعها مازن قائلا بحب وهو يضع انامله على شفتيها: لا تكملي .. لن تكون هناك مشاكل بعد الآن.. سننسى الماضي والمشاكل وكل ساعات الالم والحزن.. ونبدأ من جديد.. حياة سعيدة يتخللها الحب والتفاهم والاحترام.. انا وملاك حبي فقط ..
سرت في جسد ملاك قشعريرة وهي تستمع الى كلماته.. وخفق قلبها له بحب اخيرا.. لقد ادركت ان مازن انسان لا يعوض حقا .. وانه احبها بصدق .. سواء كانت عاجزة اولم تكن .. لقد كان حلمها هذه المرة صادقا .. لقد اراد ان يوضح لها مالم تره بعينيها .. ويريها مازن على حقيقته الحالية ..الحقيقة التي حجبتها عيناها عنها عندما تمسكت بالكرامة .. وهاقد زالت الغشاوة الآن لترى مازن الذي كانت تحلم به منذ زمن .. مازن الذي يحنو عليها ويهتم بكل شيء يعنيها.. ومازن الذي من اجلها قرر تغيير نفسه نحو الافضل.. ومازن الذي كان اول شخص خفق له قلبها...



 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 08:22 AM   #57 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


ارتسمت ابتسامة على شفتي امجد وهو يتحدث الى خالد الذي كان يستمع له بانصات واهتمام.. شعر امجد حينها انه قد اضاع عليه شقيق مثل خالد.. مثلما اضاع عليه حب ابناءه.. الآن فقط وبعد فوات الاوان تقريبا.. انتبه الى ان لديه ابناء من صلبه .. عليه ان يشعرهم بحبه وحنانه.. وانتبه الى شقيقه الذي يتمنى له كل الخير..
وقال امجد في تلك اللحظة : وقريبا ستكون خطبة مها وحسام ..
قال خالد بابتسامة واسعة: مبارك.. وهنيئا لهما..
في حين تساءل امجد قائلا: اين مازن وملاك؟.. اظن انهما قد جاءا قبلي لزيارتك..
اومأ خالد برأسه وقال: بلى.. لكنهما قد غادرا لتقوم ملاك بممارسة تدريباتها اليومية..
تردد امجد قليلا قبل ان يقول: في الحقيقة يا خالد.. بودي ان اعتذر منك..
تسائل خالد بدهشة: على ماذا؟..
وقبل ان ينطق امجد بأي حرف.. تعالى صوت رنين هاتفه المحمول فالتقطه واجابه قائلا : اهلا..
ولم تمض لحظات حتى عقد حاجبيه وقال بحدة: ماذا تقول؟.. هل انت متأكد؟.. اسمح حاول السيطرة على الوضع.. ريثما اصل اليكم..
وانهى المكالمة وهو يردد بعصبية: لماذا يحدث لي هذا الآن؟..وكأن هذا ما كان ينقصني..
قال خالد مستفسرا: ما الذي حدث بالضبط؟..
التفت له امجد وقال وهو يلتقط نفسا عميقا محاولا تهدئة نفسه: عادل وفؤاد قد قاما بسحب رأس المال الخاص بهما من الشركة .. ستنهار شركتي.. وسأتدمر يا خالد..
قال خالد باستغراب وحيرة شديدتين: ولم يفعلان؟.. الم تنفذ لهما كل ما يطلبانه؟.. الم توافقهما على كل شيء؟..فلم يسحبان رأس مالهما الآن من شركتك؟..
قال امجد وهو يزفر بحدة ويشيح بوجهه بضيق قائلا: ليس كل شيء.. فقد ارادا تزويج ابنتي بالرغم منها من احمد ابن عادل .. لكني رفضت.. ولهذا ارادا عقابي الآن او ربما الانتقام مني ..
قال خالد بجدية: انتظرني ريثما استبدل ملابسي وآتي معك..
قال امجد بعد ان التفت لخالد بدهشة: الى اين ستأتي معي؟..
قال خالد وهو يضغط على زر استدعاء الممرضة: لنجد حلا لهذه المشكلة..
ولم تمض دقائق حتى جاءت الممرضة وقالت متسائلة: ماذا هناك؟..
اشار خالد الى انبوب التغذية المتصل بكفه وقال: انزعي هذا من يدي..
قالت الممرضة بتردد: لا استطيع.. انها اوامر الطبيب و...
هتف فيها خالد قائلا بخشونة: قلت انزعيه.. او سأنزعه بنفسي ..
تقدمت منه الممرضة وقالت : حسنا.. لكن لست مسئولة عما سيحدث ..
ونزعت الانبوب المغذي من كفه.. فنهض خالد من فراشه.. وفتح الخزانة ليلتقط من حقيبته ملابس له ويقول في سرعة تحت نظرات امجد المندهشة مما يفعله: سأستبدل ملابسي واتبعك..
اومأ امجد برأسه دون ان يعلق بكلمة.. وقد شعر بالدهشة بل بالذهول لما يفعله خالد من اجله.. وهو الذي تخلى عنه فيما مضى .. وتركه ضحية لفؤاد وعادل..
ورآه في تلك اللحظة وهو يغادر دورة المياه بعد ان ارتدى ملابسه قائلا: هيا..
نهض امجد من مكانه واقترب من خالد ليقول متسائلا بحيرة: لماذا تفعل كل هذا لي وانا الذي تخليت عنك فيما مضى؟..
صمت خالد للحظات ومن ثم قال بابتسامة هادئة: يكفيني انك قد قمت بحماية ابنتي في اثناء ما حصل لي.. ويكفيني انك لأول مرة قد قررت الوقوف في وجه عادل وفؤاد من اجل ابناءك.. لهذا سأقف الى جانبك.. واساعدك.. بدلا من ان تعود اليهم من جديد وتوافق على كل مطالبهم من اجل ان يعيدوا رؤوس اموالهم الى الشركة..
قال امجد بحزم: هذا مستحيل.. سعادة مها اهم عندي من اموال العالم بأسره..
ابتسم له خالد وقال وهو يغادر الغرفة: هيا .. فلنذهب .. فلدينا من العمل الكثير..
قالها وغادرا المكان على عجل.. فابتسم امجد وهو يلحق به.. وسارا جنبا الى جنب بين ممرات المشفى.. لكن توقف خالد فجأة وهو يلمح رجل شرطة يتحدث الى احد الاطباء بالمشفى وتسائل بصوت مسموع وهو يفكر: ما الذي حدث يا ترى؟ ..
قال امجد وهو يلتفت الى حيث ينظر خالد: لا شأن لنا.. فبالتأكيد هو مجرد حادث مروري..
عقد خالد حاجبيه وقال وهو يتقدم حيث يقف الشرطي والطبيب: ساستطلع الامر بنفسي..
وسار بخطوات واثقة الى حيث الطبيب وقال متسائلا: لو سمحت ايها الطبيب.. معذرة على التطفل.. لكن من المصاب في الغرفة المجاورة؟..
قال الطبيب بهدوء: رجل في الخمسين من عمره على ما اظن.. اصيب في حادث مروري.. وهذا الشرطي يتكفل بالبحث عن اهله في الوقت الحالي..
قال خالد متسائلا: الم تجدوا ما يدل على هويته؟..
- للاسف هاتفه تحطم في الحادث.. كل ما وجدناه معه هو بطاقة لشركة يبدوا انه يعمل بها.. وسنتصل بهم في الحال..
لم يعلم خالد السبب الذي جعله يقول وهو يلتفت الى الشرطي: هل لي ان اراها؟..
ربما كان الفضول.. او ربما رغبة في معرفة من هو هذا الرجل الذي اصيب في هذا الحادث.. ومن جانب آخر استغرب الشرطي مطلبه .. لكنه ناوله اياها وقال ببرود: تفضل ..
تطلع خالد الى البطاقة بصدمة ودهشة وردد قائلا: انها شركة فؤاد ..
والتفت الى امجد وهو يريه البطاقة: ام اكون مخطئا يا امجد؟..
اسرع امجد يقول: لا لست مخطئا.. وربما احد موظفي الشركة قد اصيب بهذا الحادث او...
قال خالد وقد بدأ القلق يدب في اوصاله: لا اشعر بالراحة يا امجد .. الطبيب يقول انه في الخمسين من عمره.. وفي هذا السن يتقاعد اغلب الموظفين..
انتقل قلق خالد الى امجد وقال متسائلا: وكيف يمكننا التأكد؟..
التفت خالد الى الطبيب وسأله قائلا: هل يمكننا ان نرى المصاب.. فربما اكون اعرفه..
اشار له الطبيب نحو نافذة زجاجية وقال بهدوء: يمكنك ان تراه من هناك..
اقترب خالد من النافذة الزجاجية بخطوات بطيئة مترددة..ورفع انظاره بقلق وخوف ممن سيكون خلف تلك النافذة الزجاجية.. وما ان وقعت عيناه على الجسد الممدد على الفراش.. حتى اتسعت عيناه بصدمة وقال بذهول: فؤاد !!..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع مازن الى ملاك بنظرات حالمة وهو يراها تحاول الوقوف بشتى السبل دونما فائدة.. فقد مضى اكثر من ساعة ولا زالت محاولاتها يائسة ودون ان تشعر بأي بارقة امل على وقوفها.. وعادت لتحاول مرارا وتكرارا.. لعل قدماها تطاوعانها هذه المرة..لكن كان نصيبها هو الفشل حتى شعرت باعياء شديد بدء يسيطر على جسدها..فاخذت تلتقط انفاسها وتوقفت عن مواصلة محاولاتها.. وفي هذه اللحظة فقط لمحت مازن الذي كان يراقبها باهتمام شديد وقال متسائلا: هل تعبت؟..
اومأت برأسها ايجابيا وهي تلتقط انفاسها بصعوبة.. فقال مبتسما: اتودين مني ان اساعدك؟..
تطلعت له ملاك بغرابة وقالت: كيف ستساعدني؟..
اقترب منها مازن بخطوات هادئة..وتجاوز الحاجز المعدني وهو يخفض جسده ليعبر من اسفله.. ومن ثم اعتدل في وقفته وهو يقف في مواجهتها ويمد كفيه لملاك قائلا: هكذا..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها بتوتر: لا.. لن يمكنك ان تتحملني .. انا اضع كل ثقلي على هذه القضبان.. فكيف اضعها على ذراعيك؟..
اما الطبيب الذي رآه يتجه نحو ملاك تقدم منه وتسائل قائلا: ما الامر؟..
قال مازن بهدوء: سأساعدها فقط على الوقوف..
- لن تستطيع.. لن تحتمل ثقل جسدها..
قال مازن بحزم وهو يلتفت له: لن يمكنك معرفة ذلك او التأكد منه دون ان ترى بعينك..
وعاد ليلتفت الى ملاك : هيا يا ملاك.. سأساعدك..
قالت ملاك بتردد: مازن دعني اكمل تدريباتي وحدي..لا احتاج أي مساعدة منك..
عقد مازن حاجبيه وقال ببرود: وانا لن اتحرك من مكاني..
قالت ملاك بعناد: لن اواصل تدريباتي اذا..
قال مازن وهو يتطلع لها بنظرة هادئة: حسنا سأذهب .. لكن اكملي تدريباتك ولا تيأسي..
اومأت ملاك برأسها .. وما ان كادت ان تضع كفيها على القضبان حتى تلقفتها كفي مازن الذي شد على كفيها وقال بابتسامة واسعة: هيا قفي الآن..حاولي وابذلي قصار جهدك..
توردت وجنتي ملاك بحمرة الخجل وقالت وهي تحاول جذب كفها دونما فائدة: مازن ارجوك..
قال مازن برجاء: بل ارجوك انت.. حاولي لأجلي.. لأجلي يا ملاك..
قالت ملاك بحروف متقطعة: لن استطيع..
واكملت وهي تقول متحدثة الى نفسها: ( لن استطيع وانت تقف بهذا القرب مني)..
لكن مازن شد من قبضتها بكل قوة وقال: حاولي فقط..
حاولت ملاك ان تتناسى ان مازن قريبا منها.. وهي تحاول ان ترفع جسدها معتمدة على ذراعي مازن.. لكن توترها من قربه الكبير لها جعل ارادتها تخونها لمرات عديدة..
ولاحظ الطبيب ذلك فقال : من فضلك يا سيد.. دعها تكمل وحدها..
لكن بدى وكأن مازن لم يسمعه وهو يهتف بها: هيا يا ملاك حاولي.. اكملي..
شدت ملاك على ذراع مازن اكبر.. حتى انها كادت ان تغرس اصابعها في ذراعه.. وهي تحاول الوقوف في استماتة .. ومازن الذي لم يكن يهتم بشيء عدى ان تستطيع ملاك الوقوف.. كان يهتف بها ان تقف.. ويحاول تشجيعها في كل مرة.. يحاول قدر الاستطاع ان يمنحها املا يمدها بالاصرار والعزيمة على اكمال ما تفعله..ومع كل كلمة كانت ملاك تسمعها منه كانت تزداد اصرار على تحقيق المستحيل.. والوقوف على قدميها .. لا تريد ان تكون مختلفة عن غيرها من الفتيات.. تريد ان تري مازن انها كسائر فتيات جنسها.. لا ينقصها شيء ابدا..
ومع محاولاتها .. كان مازن يتطلع لها بكل اهتمام يرغب في ان ترفع جسدها فقط وبعدها يهون كل شيء.. تطلع لها وهي تحاول للمرة العاشرة رفع جسدها وهي تطلق من بين شفتيها تنهيدة تعب.. وفي هذه المرة قالت وهي تحاول رفع جسدها: مازن .. ذراعك..
تطلع مازن الى ذراعه التي اصبحت في لون الدم من شدة الضغط عليها وقال بلامبالاة: لا تهتمي.. اكملي تدريباتك فقط..
شعرت ملاك بالشفقة عليه.. وازداد اصرارها على الوقوف.. و...
وارتفع جسدها عن المقعد... ارتفع لبضع سنتيمترات فقط ... ارتفع دون ان تنتبه ملاك الى ان جسدها بات يرتفع وانه قد بدأ يعتدل تقريبا..
ومازن.. مازن الذي اتسعت عيناه بذهول.. لم يعرف كيف يعبر عن ما يشعر به في تلك اللحظة وهو يرى ملاك ترتفع عن مقعده بضع سنتيمترات.. واصابع قدميها قد بدأتا تستجيبان لها وتحاولان ان تحتملا ثقل جسدها..
ووجد مازن نفسه يصرخ بالطبيب قائلا: ايها الطبيب.. ايها الطبيب..
اندفع الطبيب نحوهم ولمح اصابع قدم ملاك التي بدأت تستجيب لها.. والى جسدها الذي ارتفع عن المقعد.. وابتسم قائلا بدهشة: رائع يا ملاك.. رائع .. لقد تحققت المعجزة اخيرا..
توقفت ملاك عن رفع جسدها وكأنها تنبهت الآن فقط الى ان اصابع قدمها هي من استقرت على ارض الغرفة واصبحت ترفع جسدها.. وكرد فعل منها توقفت عن محاولاتها وهتفت قائلة بغير تصديق وبحروف متقطعة ومرتبكة: فعلتها.. انا .. وقفت على قدمي ..
هتف فيها مازن الذي اعاد جسدها برفق على المقعد قائلا بفرح: اجل يا ملاك.. لقد حطمت المستحيل اخيرا..لقد وقفت وان كان الامر لثانية.. لكنك وقفت يا ملاك..
قالت ملاك وقد خفق قلبها في سرعة وملامحها لا تزال تعبر على عدم التصديق: لا اصدق.. هل وقفت حقا؟.. لقد كنت احيا حلما لأعوام طويلة.. حلم ان اقف على قدمي كما يقف كل من حولي.. لقد كنت احلم بأن اكون فتاة كباقي الفتيات.. فتاة صحيحة الجسد.. لا ترى نظرات الشفقة في عيون الناس وهم يرونها على مقعد متحرك..
هتف مازن فيها بسعادة وهو يمسك كتفيها: سأقيم حفلة بمناسبة وقوفك.. سأدعو اليها الجميع و...
قاطعته ملاك ودموعها تترقرق في عينيها وقلبها يرقص طربا: اريد ان اذهب الى ابي .. اريد ان اخبره بأن الله تعالى قد استجاب دعائه اخيرا.. واني قد وقفت على قدمي..
تطلع لها بفرح ومن ثم قال بابتسامة واسعة: كما تشائين..
واستدار الى الطبيب قائلا وقلبه يخفق بقوة معبرا عن فرحته: هل يمكننا المغادرة الآن؟..
اومأ له الطبيب برأسه وقال بهدوء وهو يسجل بعض الملاحظات في ملف ملاك الطبي: اجل..
اما مازن فقد عاد ليلتفت الى ملاك وهو يهمس لها قائلا: سعيد لأجلك يا ملاكي..
ارتسمت ابتسامة اقل ما توصف عنها بالسعادة على شفتي ملاك وقالت وقلبها يخفق فرحا وبكلمات مرتجفة: لا زلت لا اصدق يا مازن.. الامر اصعب من ان يتحقق.. لقد كنت ارى الامر مستحيلا.. واليوم.. اليوم فقط تمكنت من .. من .. الـ..وقـو..ف..
حملها مازن بين ذراعيه دون ان ينتظر من الممرضات حملها كما في كل مرة.. وقال بهمس محب: لو تعلمين كما انا سعيد لاجلك يا ملاك حبي..
اطرقت ملاك راسها في حياء.. حتى استقرت على مقعدها .. وقالت وهي تدفع عجلات مقعدها : سأذهب الى ابي..
قال مازن وهو يرفع حاجبيه: دائما والدك.. لم اسمعك يوم تقولين سأذهب لزوجي البائس..
توقفت ملاك عن دفع عجلات مقعدها.. وقد شعرت حقا بأنها مقصرة في حقه .. لقد كانت اولوياتها دائما هو ابيها.. والتفتت له لتقول بصوت خافت: لقد اردت اخبار ابي بالامر فقط.. و...
مال نحوها قائلا: وماذا؟..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها : اعذرني ان كنت قد قصرت في حقك..
ابتسم لها مازن وقال واصابعه تتخلل خصلات شعرها الاسود: لا عليك يا ملاكي..
واخذ يدفع مقعدها بين ممرات المشفى.. ويتجه الى حيث غرفة عمه.. لكنه توقف فجأة وهو يقول عاقدا حاجبيه: هذا والدي ووالدك يا ملاك.. اليس كذلك؟..
رفعت ملاك رأسها الى الرجلين اللذان يقفان يتطلعان من النافذة الزجاجية التي تطل على احد الغرف وقالت بحيرة: بلى.. لكن .. كيف نهض ابي من فراشه؟..
دفع مازن مقعدها بسرعة اكبر من ذي قبل وقال بتوتر: سأرى الامر بنفسي..
واقترب من عمه خالد قائلا: عمي .. ما الذي حدث؟..
لم يجبه خالد بل قال وهو يلتفت ويسأل الطبيب: كيف حاله الآن؟.. وما مقدار اصابته؟..
التقط الطبيب نفسا عميقا وقال: يؤسفني ان اخبرك.. ان هناك حروقا قد شوهت بعض مواضع من جسده.. كما وان انقلاب السيارة قد سببت له بكسر بعض فقرات الظهر..
تطلع له خالد بعدم استيعاب وقال بصدمة: ماذا تقول؟.. اصيب بماذا؟..
قال الطبيب مستطردا: ونتيجة لذلك.. فقد يصاب بالشلل.. لمدى الحياة..
دعونا نفكر قليلا فيما حدث.. ملاك منذ دقائق فقط.. استطاعت ان تقهر المستحيل وتحقق المعجزة بوقوفها على اصابع قدميها .. وهاهوذا فؤاد الذي يسخر منها وينتقصها بسبب عجزها دائما.. ورآها لا تستحق أي شيء لكونها فتاة عاجزة.. طريح الفراش ومعرض هو هذه المرة للاصابة بالشلل ..
يمكننا القول ان هذا هو عقاب الله تعالى على كل ما سببه لشقيقه وابنة اخيه.. على كل قطعة نقود سرقهم منهم ..على كل رغبة منه في الحصول على كل شيء لمجرد ان ملاك فتاة عاجزة.. وها هي الايام تدور.. وبدلا من ان يسخر من ملاك .. اصبح هو موضع سخرية للناس بعد ان اصيب في هذا الحادث بالعجز الابدي...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
عقد احمد ذراعيه امام صدره وقال ببرود: اريد العمل في الشركة يا والدي.. الى متى سأظل اعيش هكذا؟.. دون ان اعرف حتى نصيب الارباح التي لي بالشركة..
عقد والده حاجبيه وقال بحدة: أي نصيب تتحدث عنه.. انا لا ازال على قيد الحياة.. ولن تحصل على شيء مادامت الشركة ملكا لي ..
قال احمد بضجر: اعلم..
في حين قال والده ببرود: اسمع ان كنت تريد العمل حقا.. فيمكنك ان تأتي الى الشركة عند الثامنة بعد يومين.. واستلم عملك..
قال احمد بمكر: اريد ان اكون مديرا للشركة..
رمقه والده بنظرة حادة ومن ثم قال ببرود: ستصبح مديرا للشركة لو وجدت فيك الكفاءة..
اقترب احمد من والده وقال باسلوب حاول ان يستعطف به والده: والدي.. انا ابنك.. فهل ستعاملني انا والموظفين سواء؟..
قال عادل بخشونة: قلت لك..اذا اردت ان تكون مديرا حقا.. فأثبت لي اخلاصك في العمل..
قال احمد وهو يكور قبضته ببرود: فليكن.. سأثبت لك ما تريد ..
واردف وهو يتحدث الى نفسه: ( واحصل بعدها انا على ما اريد)..
وارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة ماكرة.. خبيثة.. وهو يفكر في السيارة الفارهة.. وفي الرصيد الضخم .. وفي رحلات حول العالم يقضيها في أي بلاد يريد..
واتسعت ابتسامته اكثر وهو يرسم خطة ما في ذهنه.. خطة سيقترب من تنفيذها.. لو بدأ بالعمل في شركة والده ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع حسام الى مها وقال بحدة: لابد وانك تمزحين يا مها..
ضحكت مها وقالت: ولم كل هذه الحدة؟.. لم اقل شيئا بعد ..
قال حسام وهو يزفر بحدة: الم نتفق على ان يكون عقد القران نهاية هذا الاسبوع.. فما الذي حدث؟..
قالت مها بابتسامة واسعة: صدقني الوقت لا يكفيني..
قال حسام وهو يلوح بكفه: لا يهمني..
واسرع يلتفت عنها مغادرا النادي.. فأسرعت مها تتبعه وتقول منادية اياه: حسام انتظر.. هل ستذهب وتتركني؟..
توقف حسام والتفت لها ليقول ببرود وهو يشير الى راسه: اذا نزعت هذه الافكار من رأسك يمكننا ان نتفاهم..
قالت مها بمرح: فليكن.. انا استسلم.. لكن لو بدوت بشعة في حفل عقد القران .. فأنت المسئول..
تطلع لها حسام بهيام وقال بصوت دافئ حنون: كيف يمكن ان يصف كل هذا الجمال بالبشاعة؟..
ارتجف قلب مها بين ضلوعها وقالت محاولة التغلب على الخجل الذي سيطر عليها: سأصعد الى سيارتك الآن.. واوصلني الى المنزل على الفور..
قال حسام بسخرية مازحا وهو يتجه الى حيث سيارته: حسنا.. لكن تذكري اني لست سائقك الخاص..
ومن ثم لم يلبث ان ضغط على جهاز التحكم عن بعد ليفتح اقفال السيارة .. فاسرعت مها تفتح الباب وتستقر على المقعد .. ودار حسام حول مقدمة السيارة ليصعد بدوره الى مقعد السائق ويقول بمرح: الى اين؟..
قالت مها وهي تصطنع التفكير: الى عالم لا يوجد فيه احد..
ضحك حسام وقال: لم يوجد هذا العالم بعد..
قالت مها برقة: بل وجد.. انه العالم الذي يكون فيه حسام لمها ومها لحسام..
ابتسم حسام لكلماتها والتفت لها قائلا بصوت متهدج: اتعرفين انك بكلماتك هذه.. تزيديني جنونا؟..
قالت مها مازحة: اعلم انك مجنون منذ وقت طويل..
قال حسام بحب وهو يدير محرك السيارة : بحبك ايتها الحمقاء.. اثرت جنوني بشقاوتك.. برقتك.. بدلالك.. بعفويتك ..وجعلتي قلبي يخفق بالرغم منه باسمك ..
ابتسمت مها بخجل وقالت مداعبة: لم اكن اعلم اني لي تأثير السحر عليك.. والا لما تعبت ليال طوال من كثرة التفكير في حقيقة مشاعرك تجاهي..
قال حسام بابتسامة : لو كنت ذكية لعرفت بحقيقة حبي لك ..
مطت مها شفتيها وقالت وهي ترفع احد حاجبيها باستهزاء: ولو كنت ذكيا لعرفت بحقيقة حبي لك..
ارتفع حاجبا حسام للحظة ومن ثم قال بابتسامة: معك حق.. لقد كنت غبيا عندما لم ار مشاعرك بوضوح..
عثدت مها ذراعيها امام صدرها وقالت بابتسامة: جيد انك اعترفت..
ومن جانب آخر.. وفي النادي على وجه التحديد..تقدمت احدى الفتيات من ندى التي كانت تجلس خلف احد طاولات كافتيريا النادي وقالت في سرعة : ندى.. انضم شاب جديد الى النادي .. لقد رأيته منذ قليل .. كان وسيما جدا و...
قاطعتها ندى قائلة وهي تلتفت لها بحدة: أأنت متأكدة؟..
جذبتها الفتاة من كفها وقالت مبتسمة: تعالي لتريه بنفسك..
سارت ندى الى جوارها وقالت بلهفة: اهو وسيم حقا كما تقولين؟..
قالت الفتاة بحماس: بل اكثر مما تتصورين.. وسمعت انه ابن لتاجر معروف..
هتفت ندى بحماس مماثل ولهفة: ايضا.. انني متشوقة لرؤيته حقا ..
توقفت زميلتها فجأة عن السير لتقول وهي تشير نحو شاب طويل القامة .. كان يقف متحدثا الى شاب ما ويضع كفه على جبينه في وسيلة لحماية عينيه من اشعة الشمس: ها هو ذاك..
تطلعت اليه ندى بنظرة متفحصة.. كان وسيما حقا كما قالت زميلتها.. بوجهه الحليق وابتسامته الجذابة.. وبشعره البني الذي تمردت بضع خصلات منه لتسقط على جبينه..
وقالت ندى باعجاب: وسيم حقا..
وخفق قلبها وهي تفكر في هذا الشاب الذي يقف امامها.. لقد رفضها مازن وفضل عليها فتاة عاجزة.. فليهنأ هو مع ملاك ..وستريه هي –ندى- انها تستطيع الارتباط بمن هو افضل منه بمائة مرة.. ستجعله يندم انه قد تركها وتزوج بغيرها..
كانت افكارها سطحية جدا.. وتظن ان بزواجها من هو افضل من مازن.. تستطيع الانتقام لنفسها ولكبريائها.. واسرعت تتجه نحو الشاب الذي انهى حديثه مع زميله .. وقالت وهي تناديه: لحظة من فضلك..
استدار لها الشاب وقال بحيرة: هل تنادينني؟..
ابتسمت له ندى وقالت بدلال: اجل.. اردت ان اعرفك نفسي فنحن زملاء في هذا النادي.. وان احتجت الى أي شيءلا تتردد في طلب المساعدة مني..
ابتسم لها الشاب وقال : بالتأكيد..
مدت يدها مصافحة وقالت بغرور: معك ندى عادل..
قال الشاب وهو يصافحها بهدوء: معك وائل وسعدت بلقاءك يا آنسة ندى..
منحته ندى ابتسامة رقيقة.. فهاقد ذهب مازن.. لكن جاء من هوافضل منه.. لم اعد بحاجة لك يا مازن.. فوائل يكفيني في الوقت الحالي..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تنهد امجد بتعب وهو يجلس على الاريكة التي بوسط ردهته ..وقال وهو يشير على المقعد المجاور للاريكة: تفضل يا خالد بالجلوس..
جلس خالد على المقعد وقال بهدوء: اظن اننا بما فعلناه الآن نستطيع تفادي خسارة كبيرة كادت ان تخسرها شركتك ..
قال امجد بامتنان: اشكرك على ما فعلت يا خالد..
قال خالد بهدوء وهو يشبك اصابع كفه ويزفر بحدة: لا داعي للشكر فما قمت به كان واجبا ليس الا..
تساءل امجد كمن تذكر امرا ما: وماذا عن فؤاد؟.. ماذا اخبرك الطبيب بشأنه..
التقط خالد نفسا عميقا ومن ثم قال: يقول انه في حالة من الاكتئاب منذ ان علم بما اصابه.. ولا يريد رؤية احد.. وليس هناك أي امل في ان يتعدى مرحلة الشلل..
قال امجد بحزن: لقد كان قويا صلبا دائما.. من الصعب عليه الآن ان يرى نفسه عاجزا غير قادر على الحركة..
زفر خالد بحدة ومن ثم قال: ليس علينا الا الامتثال لقضاء الله وقدره..
صمت امجد للحظات .. لكنه تحدث الى مازن عندما رآه يقبل عليهما قائلا: اسمع يا مازن.. اتفق مع عمك الآن.. على تحديد يوم لزفافك انت وملاك..
تطلع مازن له بدهشة وكأنه يرى شخصا آخر .. غير والده الذي رفض زواجه من ملاك رفضا قاطعا واصر على ان ينفصل عنها..وقال متسائلا ليتأكد مما سمعه: ماذا قلت يا والدي؟..
قال امجد بجدية: ما سمعته..
قال مازن بعدم استيعاب: لكن يا والدي.. الست انت من...
قاطعه والده قائلا: كان ذلك فيما مضى قبل ان اعرف ان اهم شيء في هذه الدنيا هي سعادة ابنائي..
ابتسم مازن وتنهد براحة قبل ان يقترب من عمه ويقول وهو يجلس على الاريكة بجوار والده: حمدلله على سلامتك يا عمي..
ابتسم له خالد وقال: اظن انه يتوجب علي شكرك بعد كل ما فعلته لأجل الشركة..
قال مازن بابتسامة: لم اقم الا بواجبي تجاه شركة عمي.. وكذلك...
قال عمه مستحثا اياه على المواصلة بعد ان قطع عبارته: وكذلك ماذا؟..
قال مازن بتردد: وكذلك احببت العمل في شركتك.. ولهذا لم ارد لها ان تتعرض لأي خسارة وفي يدي انقاذها..
ربت خالد على كتفه وقال بابتسامة: هكذا اريدك يا مازن..تدافع عن كل ما هو غالي لديك.. وتتمسك به بيديك واسنانك..وان كنت تريد العمل معي في الشركة .. فيمكنك ان تتفق مع والدك وتأتي للعمل معي في الوقت الذي يناسبك..
ابتسم مازن بهدوء وقال: اتمنى ان اكون عند حسن ظنك دائما يا عمي..
- اخبرني الآن.. متى تريد ان يتم زفافك انت وملاك؟..
قال مازن وهو يهز كتفيه: متى ما ارادت هي؟..
قال خالد وهو ينهض من مكانه: سأذهب لأتحدث معها في هذا الموضوع وارى الوقت الذي يناسبها..
اومأ مازن براسه ونهض من مكانه بدوره.. وقال مبتسما وهو يتطلع الى والده بامتنان: بالاذن يا والدي..واشكرك على موافقتك ..
اجابه امجد بهدوء: اذنك معك..ولا داعي للشكر..
سار مازن بعد ان القى نظرة امتنان وحب على والده.. متجاوزا الردهة ليتجه نحو السلم ليرتقي درجاته ..وما ان وصل الى الطابق الاعلى حتى سار بهدوء بين الممرات وهو يطلق من بين شفتيه صفيرا منغوما.. لكنه توقف بغتة في مكانه وعقد حاجبيه وهو يلمح كمال يتجه نحو غرفته.. وشعر بضيق في صدره بالرغم منه وهو يتذكر اعتراف كمال بحبه لملاك.. ملاك زوجته هو.. ولم يعلم ما يفعل.. يريد ان يتأكد ان كان كمال لا يزال يفكر في ملاك ام انه تناساها ..
ووجد قدماه تقودانه الى حيث كمال.. ونطق بعد تردد قائلا: كمال.. كيف حالك؟..
التفت له كمال الذي هم بالدخول الى غرفته وقال بهدوء: بخير.. كيف حالك انت وملاك؟..
اسرع مازن يقول: على ما يرام..
واردف وهو يحاول ان يبدوا طبيعيا: في الحقيقة اردت ان اسألك عن امر ما..
استدار له كمال وقال وهو يعقد ذراعيه امام صدره: ها انذا اسمعك.. تحدث..
التقط مازن نفسا عميقا ومن ثم ضج رأسه بالاسئلة حتى قال اخيرا بعد تردد: كمال.. ماذا تعني ملاك لك؟..
تطلع له كمال بدهشة وقال : ما الذي تقوله؟.. هل جننت؟..
تطلع له مازن بعصبية وقال: لا.. ولكني تعبت من كثر التفكير.. وانا اعرف.. انك.. انك...
لم يقوى مازن على مواصلة كلماته.. فقال كمال ببرود: اطمئن من هذه الناحية.. فأنا قد قررت اخراج ملاك من حياتي .. والارتباط بفتاة اخرى..
قال مازن بشك: فتاة؟.. ومن تكون هذه الفتاة؟..
قال كمال وهو يتطلع الى مازن بنظرة ثاقبة: اعلم انك لن تصدقني .. لكن..هذا ما حدث فعلا.. انها زميلة لي في الجامعة .. وقد اعجبت باخلاقها وبراءتها ورقة قلبها تماما كمــ...
كاد كمال ان يزل بلسانه وينطق باسم ملاك.. كاد ان يقول ان الفتاة التي اعجب بها كانت كملاك تماما.. لكنه استدرك نفسه وقال : كما تمنيتها..
قال مازن بابتسامة باهتة: اتمنى لك السعادة من كل قلبي يا كمال..
قال كمال وهو يتطلع الى مازن بنظرة ذات معنى: وانا اتمنى لك السعادة مع ملاك.. ولو ضايقتها بكلمة.. سأكون لك بالمرصاد دائما ..
ابتسم مازن وقال بثقة: لن تجد مني الا ما يسرها..
قال كمال بهدوء: اتمنى هذا..
وعاد ليستدير الى غرفته.. لكن عاد صوت مازن ليناديه قائلا: كمال..
التفت له كمال بغرابة وقال: ماذا بك؟..
قال مازن بابتسامة واسعة: اشكرك.. فلولاك لما عرفت قيمة ملاك حقا..
شعر كمال بانقباض في صدره.. يقولها بكل سهولة.. يقول انني السبب في تقريبه من ملاك.. رحماك يا الهي..
وابتسم ابتسامة بلا حياة قائلا ببرود: جيد..
ودخل غرفته ليغلق الباب خلفه بقوة.. مخلفا وراءه حبا صامتا .. دفن في المهد دون ان يرى النور يوما...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
سقط عادل على مقعده الوثير بصدمة.. بذهول .. بعدم استيعاب .. قدماه لم تعد قادرتان على حمله.. وذهنه قد توقف عن التفكير.. كيف لا بعد كل ما سمعه..لقد ترك ابنه يعمل في شركته ومنحه كل ثقته.. جعله يمسك ادارة الشركة كلها.. منذ شهر كامل واحمد يعمل بكل تفاني فيها .. والآن بعد ان اصبح مديرا على الشركة يفعل ما فعله ويغادر البلاد بلا عودة..
تبا انه خطأي.. انا الاحمق الذي وثقت به.. وجعلته يمسك مركزا حساسا كهذا في الشركة.. ليختلس بعدها ما يقارب نصف ميزانية الشركة ويهرب بها مغادرا البلاد.. تاركا الشركة تتدمر وتنهار.. تاركا اياها تضيع بعد كل ما فعلته من اجل هذه الشركة.. سحقا لك يا احمد.. سحقا لك.. لقد دمرتني.. قضيت علي وعلى مستقبل الشركة .. اصبحت شركتنا عرضة للافلاس وكل هذا بسببك انت.. فلتذهب الى الجحيم.. لن اعترف بابن مثلك بعد الآن .. اذهب الى الجحيم ايها الحقير الوغد..
تريث يا عادل.. تريث للحظات.. انسيت انك تترجع من الكأس نفسه؟.. انسيت ان ابنك لم يفعل الا ما فعلته انت مع غيره؟.. انسيت انك قد عرضت شركة خالد للافلاس من قبل؟.. وشركة امجد الآن.. وها هي الايام تدور.. لتقع انت ضحية لشر اعمالك.. ويكون ابنك نسخة طبق الاصل منك.. لكنه لم يخن ثقة اخوته.. بل خان ثقة والده.. فلتتجرع الآن ما كان يتجرعه غيرك بسببك.. ولتعلم ان الله يمهل ولا يهمل...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
هاهو فصل الشتاء ينقضي بعد كل الاحداث التي تخللته والتي عاشها ابطالنا لحظة بلحظة.. واليوم بعد ان مرت ثلاث شهور وبعد ان اطل الصيف بشمسه التي اشرقت في سماء الحب.. تغيرت احوال ملاك .. لم تعد تلك الفتاة التي نعرف.. وسترونها الآن بانفسكم..
وارتفعت انظارها لذلك الشاب الذي يقترب منها ويقول وهو يمد لها كفه: كفاك دلالا.. الى متى ستظلين معتمدة على مقعدك هذا؟.. يبدوا انني سارميه حتى تعتادي السير..
ابتسمت له ملاك وقالت وهي تمد كفها لتمسك بكفه: دع مقعدي وشأنه يا مازن.. فهو الذي تحملني لسنين طوال..
رفعها مازن بخفة لتقف على قدميها.. وساعدها على السير الى جواره وهو يقول: لماذا تهملين تدريباتك اليومية؟.. الم يطلب منك الطبيب ان تسيري على قدميك يوميا حتى تعتادين الامر بسرعة؟ ..
قالت ملاك بابتسامة شاحبة: بلى.. لكن السير يتعبني ..
عاونها مازن على مواصلة سيرها في المنزل.. وقال وهو يهمس لها: لن تتعبي وانا الى جوارك يا ملاكي..
توردت وجنتي ملاك بخجل واكتفت بالصمت.. فقال مازن باستنكار وهو يراها تجيبه بالصمت: ما هذا؟.. الن تشففي علي يوما.. وتنطقي بكلمة حب واحدة..
قالت ملاك باحراج: مازن..
قال مازن بخبث: قلبه وروحه..
توردت وجنتي ملاك بحمرة قانية.. وارتجف جسدها تحت وطأة كلماته.. لكنها قالت وهي تتوقف عن السير: اقترب للحظة .. سأخبرك بشيء ما..
ارتفع حاجبا مازن لوهلة..ومن ثم مال برأسه تجاهها وقال متسائلا: ماذا؟..
ترددت ملاك طويلا وشعرت بخفقات قلبها تنبض بقوة وبتقلصات في معدتها وهي تهمس له قائلة: احبك..
ظن مازن انه اخطأ في سماع الكلمة .. انه توهمها من كثرة تخيله لها.. وقال بدهشة: ماذا قلت؟..
توردت وجنتي ملاك ولم تنبس ببنت شفة.. لكن مازن تطلع اليها وقال بلهفة وشوق: اعيدي ما قلتيه يا ملاك.. اعيديه لأجلي ..
ازدردت ملاك لعابها بتوتر وهمست قائلة وقلبها يرتجف بين ضلوعها: احبك يا مازن..
اطلق مازن آهة من صدره ومن ثم قال وهو يصرخ في حماس: اخيرا يا ملاك.. اخيرا نطقتها..
ودون ان يهتم بأي احد.. حملها بكفيه من خصرها واخذ يدور بها وهو يبتسم في سعادة.. وملاك التي شعرت بنفسها تحلق في الهواء في تلك اللحظة قالت بخجل: مازن... توقف.. مها وحسام هنا..
توقف مازن وانزلها على الارض ليقول لها بحب : واخيرا يا ملاك نطقتها.. منذ زمن وانا انتظر هذه الكلمة لتخرج من بين شفتيك ..
قالت ملاك بخجل: لقد احببتك منذ اول ايامي التي قضيتها في منزلكم.. لكن اخفيت كل مشاعري في قلبي وقتها ..
تنهد مازن ومن ثم مال نحوها وامسك بانفها بحركة طفولية وقال مداعبا: اثرت جنوني بصمتك هذا..
واستطرد وهو يهمس لها بحب وبصوت دافئ حنون: يا ملاك حبي ..
وعلى مقربة منهما.. كانت مها تتأبط ذراع حسام وتقول بمرح: انظر فقط كيف يعامل شقيقي زوجته.. وتعلم منه..
التفت لها حسام وقال بابتسامة: اصمتي ايتها الجشعة.. الم ادعوك قبل قليل لنتناول طعام الغداء معا؟..
قالت مها بمرح: قبل قليل.. وليس الآن..
قال حسام وهو يغمز بعينه: فقط وافقي على تقريب موعد زفافنا وبعدها لك ما تريدين..
قالت مها باصرار: لا .. لم يبقى على انتهاء الفصل الدراسي سوى اسبوعين.. انتظر حتى انهيه..
قال حسام بحنق: ايتها الظالمة.. منذ شهرين كان عقد القران.. يكفي كل هذا الوقت لابتعادنا..
قالت مها بدلال: اعلم انك لا تستطيع الابتعاد عني..
هتف حسام فجأة: مازن.. تعال خذ شقيقتك لم اعد بحاجة لها ..
ضحك مازن وترك ملاك لترتاح على احد المقاعد وقال بمرح: من قوانين عائلتنا.. اننا لا نقبل باعادة ما اخذته او استبداله..
قالت مها بحنق: يبدوا ان التجارة قد اثرت على دماغه..
ضحك حسام وقال: وماذا افعل الآن اذا يا مازن؟.. هل وقعت الفأس في الرأس؟..
قال مازن وهو يشير لمها: انت من اخترت هذه الحمقاء وعليك ان تتحملها..
عقدت مها ذراعيها امام صدرها بضيق في حين قال حسام بحنان مفاجئ: واروع حمقاء رأيتها..
قال مازن وهو يهز رأسه: لقد قلت منذ الزمن.. ان كلاً منكما يصلح للآخر..فحماقة مها لا يمكن ان تتوافق الا مع حماقة حسام..
وعاد الحب لينبض في القلوب.. لتنتعش به الارواح..وتتغذى به الاجساد.. وليرسم ابتسامة على الثغور..وينشر فرحا في الصدور..وينير طرقا لم تعرف الا عنوانا للسعادة...


 

رد مع اقتباس
قديم 08-16-2012, 08:34 AM   #58 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


وبسس خلصت الروايه ..Smile4

اتمنى انهـــآ تعجبككم ..bb 308lb3

بإنتظـار ردودكم ..wardah2wardah2Smile6


 

رد مع اقتباس
قديم 09-10-2012, 11:53 AM   #59 (permalink)
قمرهم كلهم
مستشار المؤسس ~

 
الصورة الرمزية قمرهم كلهم

 آلحـآله ~ : قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 9952
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 فترة الأقامة : 5070 يوم
 أخر زيارة : 10-19-2014 (08:38 PM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 8,755 [ + ]
 التقييم :  40
  معدل التقييم ~ : قمرهم كلهم is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 13827
 الدولهـ
Qatar
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Cadetblue
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : قمرهم كلهم


يسلمو عبير على الرواية ... وان شاء الله بكمل قرائتها


 
 توقيع : قمرهم كلهم




رد مع اقتباس
قديم 10-21-2012, 04:23 PM   #60 (permalink)
عبير
آلرقآبۃ آلعامہ ~

 
الصورة الرمزية عبير

 آلحـآله ~ : عبير غير متواجد حالياً
 رقم العضوية : 10760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 فترة الأقامة : 5012 يوم
 أخر زيارة : 09-11-2016 (08:04 AM)
 النادي المفضل :
 الإقامة : 
 المشاركات : 2,573 [ + ]
 التقييم :  24
  معدل التقييم ~ : عبير is on a distinguished road
 زيارات الملف الشخصي : 754
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female

  مشـروبيُ ~

  كآكآوي ~

  قنـآتيُ ~

 MMS ~
MMS ~

  مدونتيُ ~

لوني المفضل : Black
 
 

افتراضي رد: مـــلآك حــبـــي ..



انا : عبير


الله يسسلمك..

نورتي الموضوع..icon40


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:15 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.0 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق والطبع محفوظه لدى موقع بنوتة نت ©2007 - 2009

a.d - i.s.s.w

المنتديات العامـﮧ - لڪل طريق بدآيـﮧ ۈهنآ بدآيتنآ - الاسلام والشريعه - زآۈيـﮧ حرهـﮧ - طآۈلـﮧ آلنقآش - أقســآم حــواء - مآئدهـﮧ بنوته - ڪل مآيشمل حۈآء العامه - منتديات ادبيـﮧ و شعريـﮧ - الشعر والخواطر والقصائد - ڪآن يآمآ ڪآن -منتديات ترفيهيـﮧ - آلسفر - آلسيآحـﮧ - فسحـﮧ بنوته - وسـعُ صدرڪ - نجۈم آلملآعب - منتديات التقنيـﮧ - صۈر - ڪآريڪآتير - آلڪمبيۈتر - آلآنترنت - سلـﮧ مصمم - Baѕket Designer - منتديات اداريـﮧ -  قسم الصوتيات والمرئيات للهواتف  - عآلم آلسيآرآت - الحياة الأسريه -  قسم الطلبه وحقيبه الطالب  -  قسم للفـن العـامــ  -  قسم للسينما  -  قسم الانمي والدرامه الاسيويه  - المنتديات الرمضانيه - فـَنْ الـدِيَكْـوورَ, -  قڛم ديـڕتي  - مقآطع آليۈتيۈب YouTube -  قسم تجهيز العرائس  - آلطب ۈآلصحــﮧ - مآسنجر - تۈبيڪآت -  قسم الهواتف العامه  -  قسم العاب الهاتف  - قسم الرسائل sms و mms - منتديات الفنون -  قسم المقابلات  - المنتديات الفنيه -  قسم الافلام العربيه  -  قسم المسلسلات والمسرحيات  -  قسم الافلام الاجنبيه  -  قسم افلام الكرتون  -  قسم sports TV  -  قسم لأرواحنآ هذيـآن  - المواضيع المميـــزة - المســـابقــات - [ ڪـُـرســِي آلإعـتـرآف ] - تصويت كرسي الإعتراف - منتديات الاعضاء - [ جِـسـرُ ـآلتوآصـُـل ] - عدسـة الأعضـــاء - ڪل مآيشمل آدم - عالم الطفل -  قسم iPhone  -  قسم Blackberry  -  اقســام ادم  -  قسم نجوم بوليوود وهوليوود  - للروايات المكتمله -  قسم صور الانمي -  قسم فديو الانمي  - N E W S ~ حدث الساعه - قصص الانبياء و الصحابه - صوتيات ومرئيات اسلاميه - مَسسَآاحـﮧ لِ خِدمَـة ﯘ تَـڸـبِيَة طَلبَآات الْأعضَاء - أدَواتْ ۈ مُلحًقاآت ۈ دُروس تَصمٍيم - تصاميم جاهزه-رمزيات جاهزه-تواقيع جاهزه -اكشِن-ايطارَات-بَاترن-خطُوط-خامَات-فرًش-سكِرابٍزْ لِ التَصمِيم - درُوس فوتوشوب-درُوس تَصاآمِيم - شرح خصاآئص المنتدى - خاآص بِ الترقيـﮧ والتهنئـﮧ - أفڪآر من ذهب - موآضيع ما تظهر فيها الصُصُصُور - عُذوبَهہ متًجدِدهہ - المڪتَب الإدآري -مطبخ بنوته الرمضاني-اكلات رمضانيه 2011-وصفات رمضانيه-حلويات رمضانيه2011 - حلويات-دروس تحضير حلويات-حلويات مطبخ بنوته - قسم تفسير الاحلام - صُـور لِلتًصمِيمْ - بنوتة ask me - عصيرات-مشروبات ساخنة-عصيرات مثلجـه-آيــس كــريم - منتديات متخصصة iphone - منتدى شروحات الجيلبريك - منتدى برامج السيديا ( Cydia ) - منتدى برامج الايفون والايباد 


d3am - by kious99 : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0